معاقبة رجلي أعمال بلبنان.. رسالة أميركية “كلن يعني كلن”

[ad_1]

لعل ما يُميّز حزمة العقوبات الأخيرة التي أعلنتها وزارة الخزانة الأميركية قبل يومين، أنها شملت للمرّة الأولى رجلَي أعمال مُلقّبان بـ”متعهدي الجمهورية هما جهاد العرب وداني خوري، وذلك نسبةً لعلاقتهما بأهل السلطة في لبنان والخدمات التي قدّماها لهم مقابل الحصول على تلزيمات وصفقات بملايين الدولارات.

فقد فرض مكتب مراقبة الأصول الأجنبية في وزارة الخزانة الأميركية عقوبات على رجلي الأعمال اللبنانيين جهاد العرب وداني خوري، لأن أفعالهما ساهمت في انهيار نظام الحكم الرشيد وسيادة القانون في لبنان. واستفادا من تفشّي الفساد والمحسوبية فأغنيا أنفسهما على حساب اللبنانيين ومؤسسات دولتهم.

واللافت أن مكتب مراقبة الأصول الأجنبية أرفق بيانه بتفاصيل وأرقام تبرز حجم أنشطة هذين الرجلين، جهاد العرب المعروف بأنه مقرّب من رئيس الحكومة السابق سعد الحريري، وداني خوري الذي أشار البيان نفسه إلى أنه “واجهة” للأنشطة المالية لرئيس “التيار الوطني الحرّ” النائب جبران باسيل.

توقيت العقوبات

فما هي الرسائل السياسية خلف استهداف “الأذرع المالية” لأركان السلطة في لبنان؟ وهل هي مرتبطة بمطالب المجتمع الدولي للطبقة السياسية بضرورة إجراء إصلاحات أساسية لانتشال لبنان من أزمته الاقتصادية والمالية؟

للإجابة على تلك الأسئلة، أوضحت الباحثة في معهد واشنطن حنين غدّار لـ”العربية.نت” “أن صدور العقوبات بهذا التوقيت يحمل رسائل عديدة أوّلها في اتّجاه الحكومة اللبنانية برئاسة نجيب ميقاتي. فهناك فترة سماح اُعطيت لها للمباشرة بالإصلاحات، لكن يبدو أنها أهدرتها”.

كما أضافت أن “الرسالة الثانية من العقوبات مزدوجة، فهي موجهة أولاً للطبقة السياسية بأن الإدارة الأميركية “تراقب” أفعالكم، وثانياً إلى الشعب اللبناني بأن الفاسد سيُعاقب مهما كان، وهذه رسالة مهمة قبل الانتخابات ولا أستبعد صدور مزيد من العقوبات قبل الانتخابات المقرّرة نهاية مارس المقبل”.

“كلن يعني كلن”

أما الرسالة “الأهم” برأي غدّار فهي عبر رجل الأعمال جهاد العرب. فهي تؤكد تأييد الإدارة الأميركية لشعار “كلّن يعني كلّن” الذي رفعته انتفاضة 17 أكتوبر 2019 ضد الطبقة السياسية واتّهمتها بالفساد.

والعقوبات على العرب هي الأولى ضد شخص غير مرتبط بـ”حزب الله” المُصنّف إرهابياً أميركيا، وهذا يُعطي مصداقية للعقوبات، ما يعني أن الإدارة الأميركية لا تستهدف فقط الإرهابيين وإنما أيضاً الفاسدين”.

بالإضافة إلى الرسائل السياسية باتّجاه الداخل اللبناني، تحمل العقوبات الأخيرة رسالة عابرة للحدود اللبنانية تصل إلى عمق القارة الأوروبية.

جهاد العرب وداني خوري

جهاد العرب وداني خوري

رسالة إلى الأوروبيين

فبحسب غدّار، فإن الخطوة الأميركية رسالة “ضغط” إلى الأوروبيين، وتحديداً الفرنسيين من أجل تنفيذ ما وعدوا به من عقوبات ستصدر عنهم ضد سياسيين لبنانيين متّهمين بالفساد. فحتى الآن لا تزال التهديدات الأوروبية بفرض عقوبات حبراً على ورق”.

كما شددت على “ضرورة “أن يتحرّك القضاء اللبناني ويعتبر الأرقام والمستندات التي تضمّنها تقرير مكتب الأصول الأجنبية بمثابة إخبار ضد المعاقبين”.

 (فرانس برس)

(فرانس برس)

شريكان بالتكافل والتضامن

وبالعودة إلى “إمبراطورية المال” التي بناها الثنائي عرب-خوري على حساب المال العام، قال الناشط الحقوقي هاني الأحمدية لـ”العربية.نت” “إن الثنائي العرب وخوري استحوذا بالتكافل والتضامن على أكبر صفقات في البلد، وهما شريكان في صفقة مطمر برج حمّود بقيمة 77 مليون دولار، حيث رست المناقصة في البداية على شركة جهاد العرب إلا أنه تمت إعادتها لترسو على شركة داني خوري. لكن المفارقة كانت أن الأخير استعان بمعدات (شاحنات وآليات) من شركة جهاد العرب، لأنه لم يكن يملك ما يكفي منها، ما يعني أنهما متّفقان على الصفقة”.

وأوضح “أن مطمر برج حمّود تسبب بتلوث الثروة السمكية على ساحل المتن، ووثّقنا ذلك بالمستندات والفيديوهات، إلا أن الضغوط السياسية حالت دون المحاسبة بسبب “نفوذ” العرب وخوري”.

شركتان فقط

كما لفت إلى “أن مجلس الإنماء والإعمار وضع مواصفات محددة للشركات من أجل الحصول على تلزيمات كبرى تفوق 20 مليون دولار. والمفارقة كانت أن شركتين فقط في البلد تتطابق عليهما هذه المواصفات، شركة “جهاد للتجارة والمقاولات” التي يملكها جهاد العرب وشركة “خوري للمقاولات” التي يملكها داني خوري”.

يشار إلى أن الأحمدية هو من ضمن مجموعة ناشطين ممن رفعوا دعاوى ضد العرب وخوري في ملفات فساد عديدة منها مطمر الكوستابرافا الذي ظهر فيه اسم جهاد العرب.

بلديات الضاحية الجنوبية

وفي الإطار، أسف الأحمدية “لأن القضاء اللبناني وبعدما اتّخذ قراراً بوقف الأعمال في مطمر الكوستابرافا القريب من مطار بيروت عاد عن قراره بضغط سياسي، لاسيما من قبل اتحاد بلديات الضاحية الجنوبية (محسوب على حزب الله) الذي وقف إلى جانب شركة جهاد العرب”.

كما أوضح “أن الأرقام والمستندات الواردة في تقرير مكتب مكافحة الأصول الأجنبية تستند إلى دعاوى تقدّمنا بها ضد العرب وخوري أمام القضاء اللبناني، وهذا إن دلّ على شيء فإلى اهتمام الإدارة الأميركية بمحاسبة الفاسدين في لبنان”.

[ad_2]