( ستيفن كينغ ) يتحدث عن الرعب ..

الببر

كاتب جيد
[imgr] [/imgr]

ترجمة دكتور أحمد خالد توفيق
- ( مقدمة بقلم ستيفن كينغ لمجموعته القصصية : وردية الليل ):
دعنا نتكلم أنا وأنت .. دعنا نتكلم عن الخوف .. البيت خاو وأنا أكتب هذا ،ومطر فبراير يهطل بالخارج .. انه الليل .. دعنا نتكلم عن الخوف بأمانة .. نتكلم عن الاقتراب من حافة الجنون .. ولربما ما بعدها ..
اسمي هو (ستيفن كينغ) .. وأنا رجل بالغ لي زوجة وثلاث أطفال ، وأنا أحبهم وأؤمن أن الشعور متبادل .. عملي هو الكتابة وهي مهنة أحبها جدا .. ان قصصي (كاري) و(ارض سيلم) و(اشراق) قد نجحت جدا الى حد انها أتاحت لي أن أتفرغ تماما للكتابة ..
في هذه اللحظة من حياتي أشعر بأنني بكامل صحتي ،وقد خفضت من استهلاكي للتبغ .. كما اعيش مع اسرتي قرب بحيرة غير ملوثة نسبيا في (مين) .. ذات مرة صحوت مبكرا .. فرأيت غزالآ يقف في الزقاق الخلفي للدار .. ان حياتنا جميلة ..
لكن- برغم هذا – دعنا نتكلم عن الخوف .. لن نصرخ بل سنتكلم بعقلانية .. في الليل لابد ان أتأكد أن ساقي تحت الغطاء عندما يسود الظلام .. لست طفلآ لكني أكره أن أنام واحدى ساقي عارية ..لأنه لو لمست يد باردة ساقي من تحت الفراش فلسوف أصرخ حتى أوقظ الموتى ..حسن .. هذا لايحدث عادة ..
ان الشيء الذي ينتظر تحت فراشي ليس حقيقيا .. أعرف هذا .. و أعرف أيضا أنني لو أبقيت ساقي تحت الغطاء فلن يتمكن هذا الشيء من لمسها ..
دائما في المحاضرات التي ألقيها ، ينهض أحد المستمعين ليسألني : لماذا تكتب في هذه المواضيع الشنيعة ؟
ودائما ما أرد عليه بسؤال اخر : لماذا تفترض أن لي الخيار ؟
يبدو أن كلآ منا يحمل مرشحات في عقله .. وهذه المرشحات لها مقاسات مختلفة .. ماتصفيه مرشحاتي قد يمر بسهولة عبرمرشحاتك .. والعكس صحيح ..والبقايا التي تتخلف في الذهن هي التي تتحول الىوسواس كل منا .. وفي المجتمعات المتحضرة يكون علينا أن نطلق على وساوسنا اسم (هوايات) ..
أحيانا تتحول الهواية الى مهنة بدوام كامل .. قد يكتشف المحاسب أنه يمكن أن يعول أسرته بالتقاط الصور .. لكننا نكره استعمال كلمة بسيطة هينة مثل (هوايات) لذا نطلق على هواياتنا اسم (الفنون) .. ونحنمتفقون على أن من يمارس هذه الفنون انما يمارسها حتى لو لم يجن مالآ .. حتى لومزقه النقاد .. وحتى لو تعرض للألم وربما الموت ..
أنا أجد هذا نموذجا للوسواس القهري .. فالبقايا التي تظل في مرشحي الخاص هي كل ما يتعلق بالخوف ،وهي بقايا ترفض أن تنزل في البالوعة الى اللاوعي .. ووسواسي القهري هو الفزع والرهبة ..
أنا لم أكتب أيا من قصصي من أجل المال .. لقد كسبت كثيرا من قصصي ، ولم أكف عن المطالبة بكل مليم من أجري ،لأنني أعاني الوسواس القهري لكني لست مجنونا .. الا أنني أكرر : لم تكتب قصة واحدة بغرض الكسبكهدف أول .. لقد كتبت القصص لأنني أردت أن أكتبها .. وأنا في هذا محظوظ .. لأن وسواسي القهري من نوع قابل للبيع ، بينما هناك رجال ونساء يملئون المصحات العقلية ليسوا بهذا الحظ الحسن .
ان الفن نوع من الجنون الخطر .. نوع من المرض الحميد الذي قد يصير خبيثا .. والمهم هو أن تكون حذراوأنت تمسك بالسكين كي لاتجرحك ..
بعد هذا يأتي السؤال التالي من مستمعي : لماذا يقرأ الناس هذه الأ شياء؟لماذا هي رائجة ؟ وهذا السؤال يحمل في طياته فرضية تقول أن القصة المخيفة هي ذوق غير صحي ..والناس الذين يكتبون لي يكتبون أشياء مثل : “ربما تعتقد أنني شخصية مريضة لكنني بالفعل أحببت (ارض سيلم) .. أو ربما تعتبرني غير طبيعي لكني شغفت ب (اشراق) ..”أعتقد أن الرد يكمن في عبارة نقدية قرأتها في احدى الصحف عن فيلم رعب رديء : “فيلم مناسب للذينيحبون أن يبطئوا سياراتهم ليشاهدوا بوضوح حادث تصادم “هذا سطر صغير لكنه بالفعل ينطبق على كل أدب وأفلام الرعب .. فيلم (ليلة الموتى الأحياء) بكل مافيه من أكل لحم بشر وجثث مشوهة ، قد صنع بالتأكيد
لهؤلاء الذين يحبوا أن يبطئوا سياراتهم ليشاهدو بوضوح حادث تصادم ..وماذا عن الفتاة التي تقيء مزيجاأخضر على الناس في قصة (طارد الأرواح الشريرة) ؟ مازا عن (دراكيولا) قصة (برام ستوكر) بما فيها منغرس أوتاد في الصدور والتهام أطفال رضع ؟ أليس هذا كله نوعا من – ” دعنا نبطىء العربة لنرى بوضوححادث التصادم هذا؟ “
وحتى الكتاب الذين يقدمون لنا التلميح بالرعب لا الرعب نفسه مثل (ناتانييل هوثورن) ، هم أيضا يروننا حادثالسيارة لكن بعدما جاءت الأسعاف ونقلت الجثث .. لكن أثر الحادث واضح ..بقع الدم مازالت موجودة على فرش السيارة..
المسنون يبدءون تصفح الجرائد من صفحة الوفيات ، بحثا عن أسماء من عاشوا هم بعدهم.. لاتنكر اهتمامكبالنشرة الأخبارية التي تحكي عن امرأة ابتلعها محرك طائرة .. ان الرعب يثير اهتمامنا ولكن يثير نفورنا بالقدر ذاته ..
هناك قصة قديمة عن سبعة عميان امسكوا بسبعة أجزاء من فيل .. أحدهم حسب أن الفيل افعى وأحدهم حسبأن الفيل ورقة شجر عملاقة ، وأحدهم حسب أن الفيل عمودا من الصخر .. حين اجتمعوا جميعا عرفوا كيفيبدو الفيل .
ان الخوف يجعلنا نصاب بالعمى .. كم من شيء نخشاه ؟ نحن نخشى اطفاء النور بأيد مبتلة .. نخشى ماسيقول الطبيب بعد انتهاء الفحص .. نخشى حين تنحدر الطائرة فجأة في الهواء.. نخشى أن ينفد الهواء.. ان يتفد البترول ..حين تعدك ابنتك أنها ستعود للدار في العاشرة ، والساعة الآن الثانية عشرة والربع وحبات البرد تضرب زجاج النافذة كأنها الرمل .. تجلس وتتظاهر بأنك تشاهد المسلسل في التلفزيون ، وتنظر الى الهاتف شاعرابأن عواطفك تجعلك مكفوفا .. العواطف التي تدمر قدرتنا على التفكير ..
الأطفال يتعلمن الخوف بسرعة بعد اول مرة لا تكون الأم موجودة فيها لتلقمهم ثديا .. يتعلمون الخوف سريعامن الأب الذي يدخل الحمام ليجد الطفل ممسكا بعلبة أقراص فارغة ..
في كل تجربة لنا نتعلم عن الخوف وجها واحدا .. ونحاول أن نجمع الصورة في النهاية كما فعل العميان بأجزاء الفيل .. والصورة النهائية للخوف تتضح لنا فيما بعد .. انها جسد مسجى تحت الملاءة ..
ان أدب الرعب عبر التاريخ ليس سوى تسميع لبروفة موتنا .. وقد مات (بو) العظيم و(لافكرافت )-وكلاهماأمريكي- مفلسين .. والسبب هو أن الأمريكيين كانوا مشغولين ببناء بلادهم ولا وقت لديهم لبروفات الموت.
ان كاتب الرعب دائما يجلب لك أخبارا سيئة : أنت ستموت ..انه يطمئنك أنه لا أمل لك .. يقتادك الى الغرفة المظلمة ويمسك بيدك ويضعها تحت الملاءة لتتحسس بنفسكالجسد المسجى هناك ..
وكل كاتب رعب يجيد عمله يعرف جيدا أن كتاباته هي نفق سفلي مابين الوعي واللاوعي .. بين مايمكننا أن نتذكره وما نريد أن ننساه ..
حين تقرأ الرعب فأنت لا تصدق حرفا .. لاتصدق بوجود مصاصي الدماء ولا المذءوبين .. أنت تصدق الرعبالذي تقرؤه لدى(دستوفيسكي) و (ألبي) : الشيخوخة .. الكراهية .. الاغتراب ..لكن هؤلاء الكتاب يتكلمون عن الرعب الذي (يمكن أن يحدث) ، أي هم يتكلمون عن رعب العالم الحقيقي .. بينما كتاب أخرون مثل (جيمس جويس) يتكلمون فقط عن رعب اللاوعي .. كاتب الرعب الناجح يلعب بالضبط بين الخط الفاصل بين الوعيواللاوعي .. وهو يحمل سلة مفعمة با لمخاوف وأنت تأخذ في كل مرة شيئا من سلته ، وتضع بدلآ منه رعبا خاصا بك أنت ..
حين بدأت ثورة الشباب في الخمسينات ، انتشرت أفلام رعب المراهقين .. وكنت تدخل الفيلم لترى بطل الفيلم المراهق يتحول الىمذءوب ، فتدرك أنك كنت على حق حين قلقت بصدد الولد (الصايع) ذي السترة الجلدية والسلسلة الذي تميل له ابتك .. أما المراهقون أنفسهم فكانت الأفلام ترضيهم ، لأنها تريهم مراهقين أسوأ وأخطر مما يظنون في أنفسهم .. ما خطر بعض حب الشباب على الوجه أمام مراهق الفيلم الذي يتحول الى مذءوب .
هذه أمور لم يتعمدها صناع الفيلم .. لكن الرعب كما قلنا يعمل بالضبط في المنطقة الفاصلة بين الوعي واللاوعي وهناك يضرب .. يكلمك عن الصوت الذي يتحرك خلف الجدران .. عن المرأة الجالسة في غرفة تقرأ جريدة مصفرة .. عن الشيء تحت الملاءة ..
لكن هناك شيء أهم من كل هذا لكاتب الرعب الجيد .. عليه أن يعلي قيمة القصة على أي شيء آخر .. على رسم الشخصيات والتقنية و الأسلوب و كل شيء .. أذكر هنا عبارة وردت في قصة ل (ادغار رايس بوروز)وهو ليس بالكاتب العظيم . وردت العبارة في قصة (الأرض التي غفل عنها الزمن) .. لقد وجد بطل القصة رسالة داخل زجاجة . هذه الرسالة ستكون الرواية ذاتها فيمابعد .. وتقول في آخر سطر منها : فقط اقرأ صفحة واحدة ولسوف تنساني تماما ..
هذه عبارة تعني كل شيء .. وللأسف لم يفهمها كتاب هم أعظم و أعمق من (رايس) بمراحل ..يجب على الحدث أن يغطي على الكاتب .. يجب أن ينسى القارىء الكاتب تماما ..
أعرف أن أكثر القرا ء لا يطيقون مقدمات الكتب .. انهم جاءوا ليروا العرض لا ليقابلو ا المخرج واقفاعلى خشبة المسرح يتكلم عن نفسه .. لهذا أيها القارىء العزيز .. أنا ذاهب الآن .. سيبدأ العرض ..
سندخل الغرفة لنتحسس الجسد المسجى تحت الملاءة ..
أحببت نشر هذا الموضوع للتعريف ب( ستيفن كينغ ) و أدب الرعب أكثر ..

[imgr] [/imgr]
 

نجمة الصباح

كاتب جديد
رد: ( ستيفن كينغ ) يتحدث عن الرعب ..

خطوة منيح منك البير
بس دخيلك
مين بحب الرعب؟
اي الصرصور بيخوفني اناااااااا
شكرآ الك عالتعريف بهالكاتب المرعب
 

آنفآس آلمطر

كبار الشخصيات
رد: ( ستيفن كينغ ) يتحدث عن الرعب ..

ان الخوف يجعلنا نصاب بالعمى .. كم من شيء نخشاه ؟ نحن نخشى اطفاء النور بأيد مبتلة .. نخشى ماسيقول الطبيب بعد انتهاء الفحص .. نخشى حين تنحدر الطائرة فجأة في الهواء.. نخشى أن ينفد الهواء.. ان يتفد البترول ..حين تعدك ابنتك أنها ستعود للدار في العاشرة ، والساعة الآن الثانية عشرة والربع وحبات البرد تضرب زجاج النافذة كأنها الرمل .. تجلس وتتظاهر بأنك تشاهد المسلسل في التلفزيون ، وتنظر الى الهاتف شاعرابأن عواطفك تجعلك مكفوفا .. العواطف التي تدمر قدرتنا على التفكير ..
الأطفال يتعلمن الخوف بسرعة بعد اول مرة لا تكون الأم موجودة فيها لتلقمهم ثديا .. يتعلمون الخوف سريعامن الأب الذي يدخل الحمام ليجد الطفل ممسكا بعلبة أقراص فارغة ..



اجل صحيح هذا القول
نحن نخاف من اي شيء مجهول لمجرد الخوف
وعدم معرفة ماوراء السطور
ومابينها
لكن الرعب هو اشد درجات الخوف على الاطلاق
سلمت الايادي البير
كن بخير واكثر
 

الببر

كاتب جيد
رد: ( ستيفن كينغ ) يتحدث عن الرعب ..

ان الخوف يجعلنا نصاب بالعمى .. كم من شيء نخشاه ؟ نحن نخشى اطفاء النور بأيد مبتلة .. نخشى ماسيقول الطبيب بعد انتهاء الفحص .. نخشى حين تنحدر الطائرة فجأة في الهواء.. نخشى أن ينفد الهواء.. ان يتفد البترول ..حين تعدك ابنتك أنها ستعود للدار في العاشرة ، والساعة الآن الثانية عشرة والربع وحبات البرد تضرب زجاج النافذة كأنها الرمل .. تجلس وتتظاهر بأنك تشاهد المسلسل في التلفزيون ، وتنظر الى الهاتف شاعرابأن عواطفك تجعلك مكفوفا .. العواطف التي تدمر قدرتنا على التفكير ..
الأطفال يتعلمن الخوف بسرعة بعد اول مرة لا تكون الأم موجودة فيها لتلقمهم ثديا .. يتعلمون الخوف سريعامن الأب الذي يدخل الحمام ليجد الطفل ممسكا بعلبة أقراص فارغة ..


اجل صحيح هذا القول
نحن نخاف من اي شيء مجهول لمجرد الخوف
وعدم معرفة ماوراء السطور
ومابينها
لكن الرعب هو اشد درجات الخوف على الاطلاق
سلمت الايادي البير
كن بخير واكثر


الله يسلمك أختي الكريمة ..

لا تحرمينا من ردودك القيمة ..

دمت بألف خير ..
 

الببر

كاتب جيد
رد: ( ستيفن كينغ ) يتحدث عن الرعب ..

موضوع في قمة الابداع مقدمة جميله جدا...موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .

شكرا على الكلام الجميل ..

على فكرة أنا نشرت هذه الواضيع باسم الوشق أيضا ..
 

مواضيع مماثلة

أعلى