الأخلاق هل هي نسبية أم مطلقة؟

الحل
شكرًا للصّدفة الالكترونيّة وتدبيرات الله ثمّ الخوارزميّات ومُخترع الحاسوب والكيبلات وكل من ساهم بشوفتي لهذا السّؤال، أنت ستشكر هذه الصّدفة كثيرًا أيضًا بعد أن تعرف ما سأُجيب، سيكون شيئًا بسيطًا لكنّه سيظلّ في ذهنك ما ذكر موضوع الأخلاق أمامك.

النّاس عادةً لا تميّز بين الMorality وهي المنظومة الأخلاقيّة الذّاتيّة وبين الEthics وهي الأخلاق، ويجهلون تمامًا أنّه يوجد عدّة نظريّات أخلاقيّة (Ethical theories) مجموعة منها workable ويمكن أن تُعمّم، ومجموعة non workable وهي مجموعة النّظريّات الأخلاقيّة النّسبيّة التي قد يحكمها اختلاف المجتمع أو حتّى اختلافات فرديّة، وهذا الخلط في المفاهيم جعل النّاس يحكمون على أخلاق النّاس من وجهة نظر نسبيّة لا وجهة نظر أخلاقيّة حقيقيّة.

أمّا عن الnon workable theories وهي النّظريّات الفاشلة في إطلاق الأحكام...

أسيل

كاتب جيد جدا
شكرًا للصّدفة الالكترونيّة وتدبيرات الله ثمّ الخوارزميّات ومُخترع الحاسوب والكيبلات وكل من ساهم بشوفتي لهذا السّؤال، أنت ستشكر هذه الصّدفة كثيرًا أيضًا بعد أن تعرف ما سأُجيب، سيكون شيئًا بسيطًا لكنّه سيظلّ في ذهنك ما ذكر موضوع الأخلاق أمامك.

النّاس عادةً لا تميّز بين الMorality وهي المنظومة الأخلاقيّة الذّاتيّة وبين الEthics وهي الأخلاق، ويجهلون تمامًا أنّه يوجد عدّة نظريّات أخلاقيّة (Ethical theories) مجموعة منها workable ويمكن أن تُعمّم، ومجموعة non workable وهي مجموعة النّظريّات الأخلاقيّة النّسبيّة التي قد يحكمها اختلاف المجتمع أو حتّى اختلافات فرديّة، وهذا الخلط في المفاهيم جعل النّاس يحكمون على أخلاق النّاس من وجهة نظر نسبيّة لا وجهة نظر أخلاقيّة حقيقيّة.

أمّا عن الnon workable theories وهي النّظريّات الفاشلة في إطلاق الأحكام الأخلاقيّة ف:

أوّلها النّظرية الأخلاقيّة الدّينيّة (God command)

أوف يا ليلى أنت تقولين لي أنّني لا أستطيع الحكم أخلاقيًّا على أحد بناءً على معتقدي الدّيني وديني هو الصّح المُطلق ?؟
نعم هذا ما أقوله بالضّبط، إذا كُنت مسلمًا؛ فكما ترى أنت دينك صحًّا مُطلقًا فالمسيحيّون والهندوس واليهود والبوذيّون يرون دياناتهم صحًّا مُطلقًا كذلك، ولو اعتمدنا النّظريّة الدّينيّة فسنقع في فخّ التحيّز، فبالدّين الواحد هناك طوائف يقع بينها نزاعات في الحكم على القضايا الأخلاقيّة فما بالك لو تركنا القوانين ليتحكّم بها هؤلاء! هذا كارثيّ، هذه النّظريّة نسبيّة تمامًا ويمكنك الحكم بها على نفسك فقط، فلو أصحاب الديانات حكموا على بعض بنطلع كلنا كفّار وعلى غلط وبنذبّح بعض.

ثاني نظريّة هي النّسبيّة وتنقسم إلى قسمين؛ نسبيّة فرديّة ونسبيّة مجتمعيّة، وكلاهما غير قابلات للتطبيق وإطلاق الأحكام أو يوصفوا كشروط وأساسيّات للعمل في مكان ما، لأنّ النسبيّة الفرديّة تختلف بحسب الMorality عند الفرد نفسه وتختلف كليًّا بين الأفراد، والنّسبيّة المجتمعيّة فبديهيًّا تختلف من مجتمع الآخر.
قصدك أنّه عاداتنا وتقاليدنا مش نافعة ?؟
نعم مش نافعة؛ ما يجب عليك أن تعرفه فإنّ أعراف مجتمعك وتقاليده وعاداته ليست بالشّيء المنطقيّ الذي يمكنه أن يُعمّم لأنه نسبي تمامًا وأصلًا داخل المجتمع الواحد لكل منطقة منظومة أخلاقيّة مختلفة قليلًا عن الأخرى، ففعلًا هي نظريّة فاشلة.
والثّالثة هي الإيغويزم، وهي نظريّة الأنا الأخلاقيّة وتعني الموقف الأخلاقي المعياري الذي يجب أن يتصرّف فيه مُتبّعي هذه النّظريّة لمصلحتهم الذّاتيّة.
قصدك منفعتي الشّخصيّة مش معيار أخلاقي ?؟ نعم، وهذه النّظريّة بديهيًا فاشلة فكيف يمكن أن تكون المصلحة الذّاتيّة معيارًا أخلاقيًا للحكم على أيّ شي؟

هذا كلّه في الأعلى أخلاق نسبيّة.
أمّا عن ما يمكن أن نُسميه أخلاقًا مُطلقة أو بمعنى أدق نظريّات أخلاقيّة يصحّ أن تُعمّم وهي الWorkable ethical theories وتنقسم إلى خمسة نظريّات، ولكلّ نظريّة مساوئها لكنّها يمكن أن تتفّق علينا شرائح ضخمة من المجتمعات في خطوطها الحمراء ومسموحاتها، فهي منطقيّة وتستند للعقل لا للعاطفة.

الأولى هي الكانتيّة الاخلاقيّة (الكانتيينزم) ويتم الحكم على الأمور بالكانتيّة بناءً على النيّة، فالنّيّة الحسنة أساس الخلق الحسن، ويجب أن يرافقها تصرّفات واعية غير مؤذية.

الثّانية والثّالثة معًا والتي لا أؤيّدها كثيرًا هي الفائديّة أو الutilitarianism وهي حساب حجم المنافع إلى حجم الأضرار النّاجم عن فعل ما ثمّ الحكم عليه أخلاقيًّا ولها أقسام وتفصيلات كثيرة وقسمت مؤخرًا إلى نظريّتين، إذا حبيت تتوسّع فيهم مليان مصادر لأنّ شرحها يحتاج صفحات لا يُختصر في إجابة.

الثّالثة وهي نظريّة العقد الاجتماعي، وهي تتلخّص بالآتي "إذا كان الأشخاص العقلانيّون سيوافقون على قبول القاعدة، من أجل المنفعة المتبادلة للجميع، بشرط أن يوافق الجميع على اتّباع القاعدة أيضًا"
أعتقد مفهومة وهي بعيدة قليلًا عن التّحقيق ولكنّها صحيحة.

الرّابعة والأخيرة هي نظريّة الفضيلة (Virtue Ethics) وهي نظريّات أخلاقيّة معياريّة تؤكد على فضائل العقل والشخصيّة. ويناقش علماء هذه النّظريّة تعريف الفضائل والمشكلات مع التّركيز على عواقب الأفعال.

بإمكانك القراءة عن كلّ نظريّة بالتّفصيل، ولكن هذا ملخّص عام وأظن أنّه مهم للجميع خصوصًا في مجتمعاتنا ذات الازدواجيّة الأخلاقيّة المُدمّرة وذات المنظومات الأخلاقيّة المُتهتّكة.
 

مواضيع مماثلة

أعلى