الحجاج بن عمرو بن غزية الأنصاري

مالك محمد

كاتب محترف
الحجاج بن عمرو بن غزية الأنصاري






  1. الحجاج بن عمرو بن غزية الأنصاري رضي الله عنه، من بيت سبق وإسلام، له صحبة ورواية عن النبي صلى الله عليه وسلم، وأخذ العلم عنه جمع من ثقات التابعين، وكان مع الخليفة علي بن أبي طالب رضي الله عنه في موقعتي الجمل وصفين.

    الحجاج بن عمرو اسمه ونسبه
    الحجاج بن عمرو بن غَزِيَّة بن عمرو بن ثعلبة بن خنساء بن مبذول بن عمرو بن غَنْم بن مازن بن النجار تيم الله بن ثعلبة بن عمرو بن الخزرج بن حارثة بن ثعلبة بن عمرو مزيقياء بن عامر ماء السماء بن حارثة الغطريف ابن امرئ القيس بن ثعلبة بن مازن بن الأزد بن الغوث بن نبت بن مالك بن زيد بن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان، من بني مازن من الخزرج، المازني النجاري الخزرجي الأنصاري [1]. وعند ابن عبد البر والموفق ابن قدامة ومغلطاي أن الحافظ علي بن المديني قال: ويقال الحجاج بن أبي الحجاج، وهو الحجاج بن عمرو المازني الأنصاري [2]. وورد عند السخاوي بلفظ "الحجاج بن الحجاج ..، وأظنه الحجاج بن عمرو بن غزية ..، فقد قيل فيه الحجاج بن أبي الحجاج" [3].

    أسرة الحجاج بن عمرو
    والده الصحابي الجليل عمرو بن غَزِيَّةَ بن عمرو الخزرجي الأنصاري رضي الله عنه، شهد بيعة العقبة الثانية وغزوة بدر ويوم أحد [4]، وأمه: أم الحجاج بنت قيس بن رافع بن أذينة من أسلم [5].

    وكان لأبيه عمرو بن غزية عدد من الأبناء، وهم: الحارث، وعبد الرحمن، والحجاج، وزيد، وسعيد، وأوس، وأكبرهم الحارث [6]، قال أبو علي ابن السكن: وكان لعمرو بن غزية وهو ممن شهد العقبة من الولد: الحارث، وعبد الرحمن، وزيد، وسعيد، كلهم صحب النبي صلى الله عليه وسلم، وعقب ابن حجر العسقلاني على قول ابن السكن بقوله: وقد تقدم الحجاج بن عمرو بن غزية، فيحتمل أن يكون ابن السكن ذهل عن ذكره فيهم. ويحتمل أن يكون ليس أخاهم، بل وافق اسم أبيه وجده اسم أبيهم وجدِّهم [7]. والثابت المشهور أنه الحجاج بن عمرو بن غزية رضي الله عنه وأنه أخوهم.

    وأما عن إخوته الأشقاء من أبيه وأمه، فأوس بن عمرو بن غزية، ولبابة، وأمهم أم الحجاج بنت قيس بن رافع بن أذينة [8]. وأما عن إخوته من أبيه، فهم: الحارث بن عمرو بن غزية وعبد الرحمن بن عمرو بن غزية، ولهما صحبة ورواية، وأمهما الصحابية الجليلة أم الحارث سُلَيْمَة بنت الحارث بن ثعلبة بن كعب بن عبد الأشهل بن حارثة بن دينار بن النجار الخزرجية الأنصارية [9].
    وأمَّ موسى بنت عَمرو، وَأخوات لها؛ وأمُّهن هنيدة بنت قيس بن سعد بن مالك بن عوف بن عمرو بن كعب بن خزاعة، وزيد بن عمرو؛ وأمه مِن جهينة، وسعيد بن عمرو بن غزية لا عقب له [10].

    صحبة الحجاج بن عمرو للنبي صلى الله عليه وسلم
    جزم بصحبته للنبي صلى الله عليه وسلم الإمام البخاري، وقال: له صحبة. كذلك أورده في الصحابة: خليفة بن خياط وابن حبان وابن قانع وابن منده وأبو نعيم والبغوي وابن عبد البر وابن الجوزي وابن ماكولا وابن الأثير والمزي والموفق ابن قدامة والذهبي وابن حجر [11]. بينما عدَّه محمد بن سعد من التابعين حيث ذكره في الطبقة الثانية من أهل المدينة من التابعين ممن روى عن أسامة بن زيد وغيره، وكذلك ذكره الإمام مسلم في الطبقة الأولى من تابعي المدينة، وأورده العجلي وابن البرقي والسخاوي في ثقات التابعين [12]. والقول بصحبته الأرجح؛ لثبوت روايته وسماعه عن النبي صلى الله عليه وسلم بطرق صحيحة.

    رواية الحجاج بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم
    روي عن الحجاج بن عمرو بن غزية رضي الله عنه عدة أحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال ابن حجر: روى له أصحاب السنن حديثًا صرح بسماعه فيه من النبي صلى الله عليه وسلم في الحج [13]. قال ابن عبد البر: روى عن النبي صلى الله عليه وسلم حديثين؛ أحدهما من كسر، والآخر: كان النبي صلى الله عليه وسلم يتهجد من الليل بعد نومه [14]، قال البغوي بعد أن ذكر حديث من كسر والتهجد: ولا أعلم للحجاج بن عمرو مسندًا غير هذين الحديثين [15]. وأخرج له الإمام مالك في الموطأ حديثًا في العزل [16]، وفي كتاب "معجم الصحابة" لابن قانع: عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر ضباعة أن تشترط "أَنَّ مَحِلِّي حَيْثُ حَبَسْتَنِي" [17]، قال مغلطاي: وهذا الحديث، وحديث العزل، يردان قول البغوي [18].

    روى عنه: ابن أخيه ضمرة بن سعيد المازني، وكثير بن العباس، وعكرمة مولى ابن عباس، وعبد الله بن رافع مولى أم سلمة رضي الله عنها[19].

    أحاديث الحجاج بن عمرو عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
    روى الترمذي وابن ماجه واللفظ له والنسائي وأحمد والطبراني والبغوي (وقال الألباني صحيح)، كلٌّ بسنده عن عكرمة مولى ابن عباس عن الحجاج بن عمرو بن غزية الأنصاري رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "مَنْ كُسِرَ أَوْ عَرِجَ فَقَدْ حَلَّ وَعَلَيْهِ حَجَّةٌ أُخْرَى"، فذكرت ذلك لأبي هريرة وابن عباس، فقالا: صدق [20]. وفي رواية عند ابن ماجه بسنده عن عكرمة عن عبد الله بن رافع مولى أم سلمة قال: سألت الحجاج بن عمرو عن حبس المحرم ؟ فقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"من كسر أو مرض أو عرج فقد حل. وعليه الحج من قابل". قال عكرمة: فحدثت به ابن عباس وأبا هريرة فقالا: صدق[21].

    وروى الإمام مالك في الموطأ بسنده عن ضمرة بن سعيد المازني عن الحجاج بن عمرو بن غزية :أنه كان جالسا عند زيد بن ثابت، فجاءه بن قهد رجل من أهل اليمن فقال: يا أبا سعيد إن عندي جواري لي ليس نسائي اللاتي كن بأعجب إليَّ منهن، وليس كلهن يعجبني أن تحمل مني، أفأعزل؟ قال: قال زيد بن ثابت: أفته يا حجاج. قال: فقلت: غفر الله لك، إنما نجلس إليك لنتعلم منك. قال: أفته. قال: قلت: هو حرثك إن شئت عطشته وإن شئت سقيته. قال: وقد كنت أسمع ذلك من زيد. فقال زيد: صدق[22].

    وروى ابن قانع بسنده عن الحجاج بن عمرو بن غزية الأنصاري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم "أَمَرَ ضُبَاعَةَ أَنْ تَشْتَرِطَ أَنَّ مَحِلِّي حَيْثُ حَبَسْتَنِي، فَإِنْ حُبِسْتَ فَقَدْ أَحْلَلَكَ ذَلِكَ شَرْطُك"[23].

    ورى الطبراني عن كثير بن العباس عن الحجاج بن عمرو بن غزية المازني الأنصاري قال: "كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَهَجَّدُ بَعْدَ نَوْمِهِ، وَكَانَ يَسْتَنُّ قَبْلَ أَنْ يَتَهَجَّدَ"[24]، وعند ابن قانع والطبراني بسندهما عن كثير بن العباس، عن الحجاج بن عمرو بن غزية صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "بِحَسْبِ أَحَدِكُمْ إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ يُصَلِّي حَتَّى يُصْبِحَ أَنَّهُ قَدْ تَهَجَّدَ؟. إِنَّمَا التَّهَجُّدُ: الْمَرْءُ يُصَلِّي الصَّلَاةَ بَعْدَ رَقْدَةٍ، ثُمَّ الصَّلَاةَ بَعْدَ رَقْدَةٍ، وَتِلْكَ كَانَتْ صَلَاةَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ"[25].

    الحجاج بن عمرو والفتنة الكبرى
    كان الحجاج بن عمرو بن غزية رضي الله عنه فيمن شاركوا في الفتنة الكبرى، حتى كان فيمن حاصروا الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه يوم الدار، قال ابن عبد البر: والحجاج بن عمرو هذا هو الذي ضرب مروان يوم الدار فأسقطه، وحمله أبو حفصة مولاه وهو لا يعقل[26].

    ثم كان الحجاج بن عمرو رضي الله عنه من أنصار الخليفة علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وشارك في موقعة الجمل، روى الشعبي قال: لما خرج طلحة والزبير إلى البصرة، كتبت أم الفضل بنت الحارث، يعني زوجة العباس بن عبد المطلب رضي الله عنهم، إلى علي بخروجهم، فقال علي: العجب! وثب الناس على عثمان فقتلوه، وبايعوني غير مكرهين، وبايعني طلحة والزبير وقد خرجا إلى العراق بالجيش! فقال رفاعة بن رافع الزرقي: إن الله لما قبض رسوله صلى الله عليه وسلم ظننا أنا أحق الناس بهذا الأمر، لنصرتنا الرسول، ومكاننا من الدين، فقلتم: نحن المهاجرون الأولون وأولياء رسول الله صلى الله عليه وسلم الأقربون، وإنما نذكركم الله أن تنازعونا مقامه في الناس، فخليناكم والأمر وأنتم أعلم، وما كان غير أنا لما رأينا الحق معمولا به، والكتاب متبعا، والسنة قائمة رضينا، ولم يكن لنا إلا ذلك، وقد بايعناك ولم نأل، وقد خالفك من أنت خير منه وأرضي، فمرنا بأمرك.

    وقدم الحجاج بن عمرو بن غزية الأنصاري، فقال: يا أمير المؤمنين:
    دراكها دراكها قبل الفوت *** لا وألت نفسي إن خفت الموت
    يا معشر الأنصار، انصروا أمير المؤمنين ثانية كما نصرتم رسول الله صلى الله عليه وسلم أولًا، والله إن الآخرة لشبيهة بالأولى، إلا أن الأولى أفضلهما[27].

    ثم شهد مع الخليفة علي رضي الله عنه موقعة صفين[28]. روى الطبراني وأبو نعيم الأصبهاني كلٌّ بسنده عن محمد بن عبد الله بن أبي رافع، عن أبيه في تسمية من شهد مع علي: الحجاج بن عمرو بن غزية، وهو الذي كان يقول عند القتال (في صفين): "يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ، أَتُرِيدُونَ أَنْ نَقُولَ لِرَبِّنَا إِذَا لَقِينَاهُ: {رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَراءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا} [سورة الأحزاب: 67]"[29].
 

walaa yo

كبار الشخصيات
طاقم الإدارة
كل ماتقدميه رائع بانتظار كل جديد
 

مواضيع مماثلة

أعلى