عفواً :: أنا لي تاريخ ::

عبدالحي عداربه

كاتب جيد جدا
رد: عفواً :: أنا لي تاريخ ::

بسم الله الرحمن الرحيم
صفحةٌ انسانيةٌ خالدة
من التغريبةِ الفلسطينية
اسماعيل حسين العداربه
"أبا عمر"
من متابعات صفحات تاريخ الهجرة الفلسطينية , وتغريبتهم عن وطنهم القهري ؛ وبقوة السلاح , ومن الصّفحات المثيرة والصاخبة ؛ في الإصّْرارِ على الحياة ؛ والمقاومة المسلحة منها والممانعة العصرية المدنية ؛ واهميتها في استمرارية القضية وعناصر تاريخها المتواصل , تلك التي لم تحظى بالوفير من الصحافة والإعلام ؛ والمؤرخين والفنانين وصنّاع السينما والأفلام , صفحات عَزَفتْ ألْحَانها بعيدا عن الاعلام وأضوائه الصاخبة والحالمة أحيانا , لتصوغ مشاعرنا العاطفية ؛ انشودةً لفلسطين وتاريخها الأصيل , وخصوصا قصصا ؛ وحكايات البسطاء من براعم المـُهاجرين ؛ الذين اعْتَلوا صهوة الفرسان ؛ في بواكير نباتهم اليافع , وخَطّْتْ في تاريخ القضية الفلسطينية ؛ صفحةً جهاديةً في ربوعِ الأرض ؛ تقاوم الموت والتلاشي والاندثار , وترسم في تاريخ المحتل "الخطأ الأيديولوجي" ؛ لإنتاج قضية الهنود الحمر ؛ في شرقنا الإسلامي العظيم ؛ بانتصاره على الإحتلال مهما عَظُم شأنه , ويزول عاجلا أم آجلا , ولم يبقى منه إلا سطورا باهة , في بطون كتب التاريخ , عظةً لمن تُسَوْل له نفس , بمداعبة أحلام الشياطين في كسر شوكة الإسلام والمسلمين , كلما رأواْ استراحةً زمنيةً لقومنا من عناءِ المسيرِ الطويلْ لهذه الأمة الخيريِّة للعالمين , مما يؤكد نهاية وزوال الإحتلال الصهيوني قريبا بإذن الله .
نعم نطالع اليوم صفحة مكررة من عشرات الحالات المشابهة لشعبنا العظيم ؛ على الحدود التاريخية لفلسطين ؛ من أردنِّ النشامى والأبطال , بل وتَعدّتْ خلفَ البحارِ ؛ وأعالي القارات من "كندا" و "أوروبا" و"الأمريكيتين" جنوبا وشملا , لتَكْتب تاريخ فلسطين وأهله الصابرين ؛ بحروف المعاناة والصمود الأسطوري ؛ أمام غطرسة الاحتلال ؛ والتي ارادت أكثر من اغتصاب الأرض والتضاريس ؛ محواً لفلسطينَ تاريخا وشعبا بشتاتٍ فوضوي ظالم ؛ لتصبح فلسطين وجبة احتلالية يَسْهُل هَضْمُها , "وأنى لهم ذلك" , أمامَ شعبٍ حملَ قضيةَ فلسطينَ إلى صروحِ المحافلِ الدوليةِ الإعلاميةِ ؛ منها السياسيةِ والإنسانيةِ والأكاديميةِ والعسكرية والمدنية , ناقلا عنفوان القضية للأجيال القادمة , مُصرّا على المقاومة المسلحة ؛ والممانعة بكل أشكالها الحياتية ؛ وقد سطرَ البُسطاء من قومنا ؛ قضية فلسطين ومقاومتها بأشكالها المتعددة الخُرافية ؛ في كل مناحي الحياة ؛ ومن على خشبة مسرحها الجغرافي الكبير , سواء مهاجرين ؛ أو صامدين في أرضهم ؛ والكاظمينَ الغيظِ على الجراح , كما في "غزة العزة" اليوم ؛ حيث ُتَفرضْ على المحتلِ معادلات صعبة ؛ تتحدى وجوده واستمرارية احتلاله ؛ الزائل والمنتهي عن الوجود قريبا بإذن الله .
وتبدأ رحلة المعاناة والتهجير من ليلة 28-10-1948 م من القرن الماضي , ومن بين أكوام جثث الشهداء لقرية الدوايمة والتي تزيد عن "570" فردا من الشهداء بإذن الله , حسب الإخصائيات البريطانية لمذبحة القرية , يقف الشيخ الـمُسنْ "حسين محمد العداربه " وعائلته الناجين من الموت ؛ من على حدودِ القريةِ ليلةَ سقوطِها , يرقب الأيام الخوالي من حياةٍ قرويةٍ زراعيةٍ مثيرةٍ مرّتْ من هنا , ويَحُولُ بيْنَه وبيْنَها ؛ احتلالٌ عسكريٌ غاشم , لا يعرف معنى لكرامةِ الانسان , أو عهودٍ دينيةٍ أو مدنيةٍ ؛ ولا مواثيقٍ دولية تحفظ للمدنيين إنسانيتهم وحقهمْ في الحياة , لتصنع هذه الظروف ؛ من شعب فلسطين وقضيتهِ ؛ شعبا متخصصا في صناعة الحياة ؛ تعجر الأقلام والأفلام على وصفه أو تصويره .
" الشيخ " "أبا شحدة" , "حسين محمد حسين العداربه" الـمُهجّر عن أرضه وبلدته" , حاول الحياة هناك على مدار سنوات , متسللا إلى "دير خروف", و "شِعب العداربه" و "خرْبة الرُز" من أطراف الدوايمة , من مسكنه في كهفٍ من قريةِ "دورة الخليل" المجاورة , ولكن رصاص الاحتلال ؛ وجنده ومجنديه وعصاباته ؛ والمدججين بالسلاح ؛ والتي نشرت الموت والخراب في كل القرية وأطرافها ؛ وكذلك "ألّْغَامِهِ" ومفخخاتِ الموت التي نشرها في ربوعِ القريةِ حينها ؛ انفجرت في بعض مواشه وأبقاره ؛ وأهلكت جزءا منها , وقتلت العديد من أهالي القرية الذين حاولوا العودة إلى الحياة في قريتهم الجريحة , مما دفع الاحتلال تدمير المنازل منهجيا بالكامل من سنة 1952م مُعلِناً الموت لمن يقترب من هناك , هذه الأحوال والاهوال وغيرها ؛ حالت دون معاودة الحياة على تلك الأراضي الواسعة لقريةٍ تزيدُ عن 60 ألف دنماً من المساحات , فوقف الشيخ "حسين محمد العداربه , أبا شحدة " , وقوف المتألم المتأمل في جغرافيةٍ أخرى , للبحث عن حياةٍ كريمةٍ مصونة , تحفظ له وأسرتَهُ حياةً متوازنة ؛ "وخصوصا أنه يعاني ضعفا شديدا في البصر" , بالإضافة إلى عائلته التي عجزت عن الحياة في ظل هذا الصعوبات المتزايدة يوماً بعدَ يوم , فأضافتْ هجرةً جديدةً إلى هجرتهِ الأولى ؛ هجرةٌ أممَ وجههُ نحوها ؛ من شرقِ نهرِ الأردن , نحو اردنَّ النشامى والشهامة والكرم ؛ بأهله وحكومته المتوازنة ؛ في سياستها التي تَعِيْ معنى المرحلة التي تمر بها الأمة , واستقر به الترحال والتّهجير في سهول "امْلِيح" من ضواحي مدينة "مأدبا" التاريخية ؛ من ضفة النهر الشرقية ؛ من جنوب العاصمة عمان.
التحق الابن الأصغر للعائلة ؛ "اسماعيل حسين العداربه , أبا عمر " مدرسة القرية المتواضعة في الصف الثالث الابتدائي , يتابع الدروس والتعليم في مدارسها المتواضعة حينها , وأمّا أخيهِ الأكبر , ووالِدِهِ باشروا العمل في الزراعةِ ورعايةِ الأبقار ؛ ومتابعة مهنتهم التي فيها بَرعوا , وقبل انتهاء الموسم الزراعي , خرج أخيه الوحيد ويكبره سنا "شحدة "أبا حسين"" من خيمتهم الزراعية المنتصبة بصمودٍ قَهْريّ ؛ في واحدٍ من سهول مرتفعات "وادي الواله" من نواحي "امْليح" للعلاج في مدينة مأدبا ؛ من عدةِ أمراضٍ الـمّتْ بهِ , اقعدتهُ مشفى مدينة "السلط" التاريخيةِ لعدةِ اسابيعٍ هناك ؛ دون أن يَعْلَموا مكانه ,جعلت الطالب "اسماعيل حسين , أبا عمر" التلميذ المدرسي النجيب ؛ والبارع الذكي في دراسته ومتابعة دروسه "حسب شَهادةَ مُدَرِّسيهِ" تركْ مُتابعةَ تعليمهِ كأقرانهِ النجباء , لإنقاذ مزرعتهم المتواضعة ؛ وبعض المواشي التي شارفت على الهلاك بعدما تَغَيَّب من يصونها ويرعاها .
نعم تغيب الاخ الوحيد الأكبر الذي كان يُشرف على "العائلة المهاجرة" بجهده واجتهاده الكبير , فَسَهِرَ الأبوين ؛ وابنتهم الوحيدة الحنون ؛ الليالي المؤلمة بانتظار مُعِيلُها الغائب أمام الخيمة بالصلاة والدعاء لله "سبحانه" ؛ وأن يُعيدَهُ دون أن يصيبهُ مكروه , وَيَتِمَّ انتظارهُ طوالَ النهارِ على التلةِ المطلةِ على الطريق القادم من المدينة ؛ لعل قادما يروي لهم قصةً مُطَمْئنةً عن ابنهم الغائب المريض منذ أسابيع , نعم عاد من "مشفاه" بمرض عضال صاحبه طوال حياته , اضاف إلى أخيه "اسماعيل حسين , أبا عمر" همّا جديدا ؛ ومتابعة أخيه لعقود متتالية ؛ حتى أودعه الثرى من شتاء سنة 2006م , عليه رحمة الله .
هكذا قَدَرُ الكِبار الكِبار ؛ في فصول التغريبة الفلسطينية الخالدة , كما وصفها الشاعر الهندي الكبير " محمد اقبال"
لربما سرنا فوق الجبال جبلا :: و فوق موج البحار بحار
نعم هكذا تُكتب الصفحاتُ المثيرة ؛ من التّاريخ الفلسطيني خاصة ؛ والتاريخ الإنساني العالمي عامة , وخصوصا عندما يُصبحُ الصغارَ كبارا ؛ بين ليلةٍ وضحاها , ليتسلم اليافع ابن الــ "12" ربيعا ؛ همومَ عائلةٍ مهاجرة ؛ في براري المزارع , وعلى تلال الهضاب والمنحدرات ؛ من روابي منخفض حفرة الانهدام ؛ من الغور الأردني الشرقي ؛ من أردن الرجال الكرام , وقد صاحب الرجال الأطهار من أهل مهنته ؛ المتابعون لموسم رعاية الأبقار , متنقلا بمواسمِ الرعيِّ العديدة , والتي تجمعُ موسمَ الاغوارِ المنخفضةِ في الشتاء , والدافئ نسبيا مقارنةً للمرتفعاتِ الجبليةِ الباردة , ويتبعها موسمُ الربيعَ متوجهين نحو المرتفعات والهضاب الشرقية لحفرة الانهدام , وهذه المواسمُ الرعويةُ معروفةً لأهلِ المنطقةِ المستضيفةِ لهجرتهم ؛ من أردننا الشرقيَّ بأخلاقهِ وكرمهِ , ليفرض على المعيل اليافع الجديد "اسماعيل حسين العداربه"؛ تركَ الخيمةَ وأهلَ أسرتهِ لعدةَ شهورٍ متتالية , متجولا بين الهضابِ والمراعي وينابيعَ الماءِ في المنحدراتِ الجبلية , منحدرا من مدينةِ مأدبا نحو البحرَ الميتِ " في أدنى الأرض , متابعا طول الاغوار حولَ نهرَ الأردنِّ الشامخَ بتاريخهِ وموقعهِ المقدس , متوجها شمالا حتى يصل منابع نهر اليرموك , بتاريخه المتصل مع سيف الله المسلول خالد بن الوليد , من معركة اليرموك التاريخية في الفتوحات الإسلامية الاولى ؛ من الدعوةِ إلى الله , والقريبةُ من هضبة الجولان السُوريّ ؛ والمطلةُ على "بحيرة طبريا" وسهول مرج بن عامر من فلسطين المحتلة , والعائدين إليها ؛ بإذن الله .
رَعَىْ اليافعَ "اسماعيل حسين العداربه " أبقارهُ مع ثُلةٍ من الرجالِ الأوفياءِ بحكمةٍ واقتدار ؛ وكأنما نتابع فيلما سينمائي من الغرب الأمريكي , من ولاية تكساس الشهيرة لِرُعَاةِ الأبقار , وليزيد من ثقافتهِ من المسرحِ التاريخي البالغ الثراء ؛ هنا في الغور الشرقي من أردنَّ الرجال الشرفاء , وفي هذه التضاريس ؛ والتي في كلِ شبرٍ من حقولها الواسعة , حكاية تاريخية ؛ وخصوصا قصص الصحابة الكرام "رضي الله عن الصحابة أجمعين" وممن صَحِبوا رسول الله "صلى الله عليه وسلم" , وقد دُفن هنا في الأغوارِ ؛ أكثرَ من 36 ألف صحابي عليهم رحمة الله , وقد تَشَرّبَ التاريخ الذي مر من هنا , وعلى مسرح الغور الشرقي والغربي من كلا ضفتي النهر , والذي شهدَ معاركاً تاريخيةً مفصليةً من التاريخَ القديم والحديث ؛ وشرح الأستاذ والمعلم "الأقطش" لتلميذه "اسماعيل العداربه" قصة "طالوت "عليه السلام" , الواردة في سورة البقرة من القرآن الكريم , حيث قدم طالوت من جبال البلقاء , المطلة من أحضان التاريخ ؛ بأشجارها وبساتينها وحدائقها الغناء , مارا بنهرها عذب المياه الصافي , ذو الابتلاء الشهير للمؤمنين من جيش "طالوت" حينها , بِعَدْمِ الشربِ منَ النهرِ ؛ إلا من اغترف غُرْفةً بيده , بأمرٍ من الله سبحانه , وليميّز الصادق من جند الحق الصابرين , والذين هزموا العمالقة المحتلين من جند "جالوت" الظالمين , بمساعدة الفتى نبي الله داوود "عليه السلام" .
وكان الأستاذُ "الأقطش" يبدد الملل من الليالي الساهرة الطويلة من شتاء الاغوار الدافئة , بمذاكرة تلميذه الواعي , حول التاريخ الإسلاميِّ القديم والحديث ؛ من " معركة حطين" ؛ بقيادة الشهير صلاح الدين الأيوبي عليه رحمة الله , و معركة عين جالوت ؛ بقيادة قطز ومُسانِدِهِ الظاهر بيبرس رحمهما الله تعالى , وفيما بعد تابع "أبا عمر" بوجدان مضطرب , وإحساسٍ مرهف , أحداث معركة الكرامة 1968م من القرن الماضي بقيادة الشريف الهاشمي ملك الأردن حينها "الحسين بن طلال" رحمة الله , حيث أضاف تاريخا شريفا خالدْ ؛ ومشرّفا للرجال الأوفياء من بعده , في هذه الحقبة التاريخية المفصلية من تاريخ الأمة , تاريخا يؤكدهُ القرآنَ الكريمِ ؛ بالنصر والعودة والتحرير لفلسطين والقدس والأقصى ؛ بإذن الله .
استلهم " راعي الأبقار اليافع ؛ "ابا عمر" تاريخ أمته العتيدة والقديمة , بِرَحِيلِهِ وترْحَالهِ المتواصل , وسَهَرَهِ المتيقظ لمتابعة أحوال أبقارهِ ؛ ونومهِ الحالم مع الألم والأمل على تلك التضاريس الصعبة , من طول الأغوار الشرقي ؛ يؤنس وحشة لياليه الماطرة ؛ والمظلمة أحيانا والمقمرة , تاريخ أمته بأرواح رجالها ؛ التي تأتيه في حلمة وأحلامه , وتزيد من علومه وثقافته ؛ وتُعمّق أفكاره وثقته بنفسه , وتُعِينُه على الشاقِّ من اعمالهِ ؛ لينام بهدوء وسكينة , بعد يومٍ مُتَعبٍ مضني ؛ من العمل والمشي المتواصل اللازم لرعاية الأبقار .
تكاثرت ثروته الفتى "اسماعيل العداربه" لتصبح عشرةً ونيف من الجواميسِ الضخمةِ والأبقار , ومضيفا إلى رصيده العلمي الحرفي والمتواضع , رصيدا علميا روحانيا دينيا عقائدي ًّآخر ؛ بمتابعة حفظَ سورٍ من القرآن الكريم , على يدي معلمه واستاذه ابن مهنته راعي الأبقار الشهير "عاجز آل الأقطش" والبصير فاقد الإبصار , كان يكبره سنا ؛ لطيفا وأخا كبيرا رفيقا حنونا , يتناوب التلميذ النشيط الذكي "اسماعيل عداربه" , الخدمة والخدمات لأستاذه ومعلمه , ومتابعة الدروس القرآنية بحفظ آيات الله سبحانه , ناظرا في كتاب الله مصححا حفظ أستاذه , ليعيد قراءة آيات الله الحكيمة على أستاذه "الأقطش" كلما سمحت لهم مهنتم الصعبة في رعاية الأبقار ؛ في سهول وبراري شرق الأردن الغالي , حَفِظَ العديد من سور القرآن الكريم ؛ والتي ذاكرها طوال عمره , ومتذكرا ومترحما على استاذه ومعلمه "الأقطش" , عليه رحمة الله .
"أبا عمر" المهاجر الفلسطيني , المنحدر من أصول قريشه من جده "علي الغماري" الذي سكن جبال مدينة الخليل , مدينة نبي الله ابراهيم "عليه السلام" من مرتفعات الدوايمة , قادما من المغرب العربي ؛ شمال القارة الأفريقية السمراء , ويعود نسبه إلى "الادارسة والسانوسين" الذين هاجروا من قبل ؛ من "مكة المكرمة" مع الفتوحات الإسلامية الأولى , وقد جذبه هذا النسب العريق , ليخطو خطى أجداده , ليقرأ القرآن الكريم وما حفظ من آياته العظيمة ؛ في عبادته وتعبده لله سبحانه وتعالى , ومستعينا بالله لمواجهة الصعوبات الكبيرة ؛ في تلك المرحلة الصعبة من التاريخ الإنساني الأليم من قضية فلسطين .
هذه الظروف والصعوبات ؛ لم تمنع الشاب الناشئ الباحث عن الحياة الكريمة , من خوضه عدة مغامرات شبابية محببة , ونذكر منها ؛ تلك التي درج ورفاقه , نحو الغرب "الأُوروبي" ؛ في سفوح الهضاب المنحدرة من سلسة جبال "الألب" الشهيرة , بين حدود "النمسا" و"المانيا" , قاطعا الطريق البريِّ الطويل , من الأردن وسوريا , مخترقا الأراضي التركية عبر مضيق "البسفور" الذي يربط البحر الأسود بالبحر الأبيض المتوسط , متعديا المضيق من خلال جسره المعاصر الذي بني قبل سنوات ؛ نحو الشرق الأوروبي , فغربه متوجها إلى ألمانيا الغربية حينها .
عَلَاْ صوت الشاب "اسماعيل حسين العداربه" وهو يتلُّ آيات الله العظيمة ؛ من القرآن الكريم ؛ والذي حفظه في صباه ؛ وهو يسابق الموت على الجليد ؛ والبرد القارص ؛ والجوع , ويَسْتَخْفِي من رجال البوليس ؛ متسللا بهجرةٍ إلى غربِ المانيا , لعله يحظى بموافقةٍ ألمانيةٍ على هجرتهِ , في تلك البلاد التي برئت اقتصاديا من آثار الحرب العالمية الثانية ؛ والتي دمرتها واقتصادها الحروب المتتالية , وشاء قدر الله "سبحانه" أن يقع ورفاقه بيد "البوليس الألماني" ؛ قبل أن يصل الأماكن الآمنة والتي تسمح للمهاجر ؛ أن يحتمي "بمحامٍ حقوقي" الماني ؛ يستنسخ له موافقةً حكوميةً تسمحُ له بالإقامةِ والعمل ؛ ولربما يُمنح الجنسية الألمانية أيضا , ومحتفظا بجنسيته الأصيلة معا , والحصول على الجنسية الألمانية أو الغربية بشكل عام , تُعطي الـمُتجنّسْ الحقوق الوطنية هناك , ولربما الـمُهجّر الصنديد , صاحبَ القضيةِ الوفيّْ , يصبح صوته أقوى وأقوى ضد الاحتلال الصهيوني الغاشم , في تلك الأقاصِ الغربية التي لا تعرف تاريخنا إلا من خلال القرون الوسطى , وحروبها الاحتلالية الصليبية الظالمة .
ولِـحكْمَةٍ يريدها الله سبحانه , سُجن "أبا عمر" في السجون "الألمانية" و"النمساوية" حينها , وتُدون ذاكرته مواقفا إنسانيةً عظيمةً في السجون "الألمانية" تحفظُ للإنسانِ كرامَتَهِ , وظُروفا مأساويةً مُهينة في السجون "النمساوية" مؤلمة , وكأنه سور ٍ باطنه فيه الرحمة , وظاهره من قبله فيه العذاب , ليخرج مع فريق مغامرته من معتقلهم ؛ مُـجْبرَينَ على العودة من حيث قَدِمُوا ؛ عائدين إلى بلادهم , وفي سَفَرهم وسيرهم بحافلةٍ قديمةٍ أكلَ عليها الدهرُ وشَرِب , ينجو هو ورفاقه من حادث سير رهيب , لتستقر سيارتهم ببطن جبل من سلسلة الجبال الشاهقة ؛ على حافةِ وادٍ سحيق .
وبعد انقاذهم ونقلهم إلى المشفى "النمساوي" , من قبل فريق دفاع مدني متخصص , حيث كانت جراحهم طفيفة "والحمد الله" , انقسم "فريق المغامرة" هذا قسمين , قسم يُكرر محاولة التسلل إلى المانيا مرة أخرى , "وكان لهم ذلك" بعد معاناة صعبة وعصيبة , ليعود "أبا عمر" ادراجه إلى العرين الأردني الصامد , ليستقر به القرار ببيت في العاصمة عمان , ليعود إلى رياضه في سوقِها المتنامي حينها ؛ ليترك بصماتِهِ وأخلاقهِ العالية , ويتذكرها ممن عَمِلَ وتعاملَ معه ؛ في عدة مهن ومهنية عديد .
"فلاح عبدالرحيم" "يرحمه الله" أستاذ مهنته القديم , والصّدِيق الوفيّ الذي صاحبه عقودا عديدةً ومديدة , يَدْعَمَان المقاومةَ الفلسطينيةَ الـمندفعة بقوةٍ دعما لوجستيا بإخلاصٍ وتفاني ؛ دون تميز بين فصائلها العديدة ؛ والتي ظهرتْ في ستينات القرن الماضي ؛ وتَعذْرَ إنفاذُ ديمومة المقاومة المسلحة في ظل استراتيجيات المنطقة , لينسحب الاثنين معا بهدوء , ويُفَضِّلان المقاومة والممانعة المدنية والحياتية الحضرية ؛ بعيدا عن السياسيةِ وصِدَامَاتِها الفكرية و"الأيديولوجية" المعقدة ؛ والتي مرت بها المقاومة المسلحة الفلسطينية في مراحلها ومسارحها الجغرافية العديدة , من "الأردن وسوريا" "لبنان وتونس واليمن" , لتستقر المقاومة الفلسطينية المباشرة اليوم ؛ في قلب خطوط العدو في فلسطين , بشقيه العسكري والسياسي , تعمل بإذن الله على تقويض الإحتلال , وسَنُشاهد نهايتهُ وزوالهُ القادمَ إن شاء الله ...
" أبا عمر" يرفض الاعتراف , بسلبيات العقد الثامن من عمره المديد , مصرا أن يقدم لأبنائه وأحفاده وأقاربه وجيرانه وأصدقاءه كل ما يستطيع , ورغم أنه يقف اليوم إلى جانب عَصَاهُ , التي تسانده كصديق مزعجٍ وافدٍ جديد , يتأمل طولها ولونها وقوتها , لعلها تتناغم في "سمفونيتها" الحركية , ويخفف من عداؤها , وربما يجامُلها كما جامل وصاحب العديد من الناس , ولربما بصحبتها يحكي قصة للأجيال القادمة , أن البساطة في المظهر , والتسكين من أحلام حطام الدنيا , والجهاد من أجل الفكر والمبادئ وقيمها , تجعل عزيمة الرجال أقوى من كل ضعف , وأفضل من كل قوة , في تحقيق المراد المبني على الحق , والمستمد من النوايا التي يرضي عنها الله .
هبت رياح خريف العمر المديدة بالصالحات من الأعمال المقبولة بإذن الله , لينحني ببنيته المتواضعة ؛ متعبدا لله , قارئا لكتاب الله سبحانه ؛ القرآن الكريم , من خلال مصحف ؛ أكبر ما طبعت دور النشر الأردنية , ليعوّض النقص الذي زاره في قوة إبصاره الذي تمتع به فيما مضى , ليَخْتِمَ القرآن مرةً عن والدته ؛ وأخرى عن والده ؛ ويترحم على أخية بِخِتْمَةٍ أخرى , ولا ينسى الأختَ الوحيدةِ الحنونْ , عليهم جميعا رحمة الله , وبعد كل خِتْمَةٍ يرفع يديه للسماء ؛ بالدعاء والتضرعِ إلى الله , أن يقي أبناءه وبناته وأحفاده , من الضلال و العذاب ويدعوا الله لكل معارفه ومحبيه , لتشمل أمة محمد صلى الله عليه والسلام, ويشملنا وإياهم برحمةٍ من عند بجوده وكرمه , ويلهجُ بالدعاء لكل من يقول "لا إله إلا الله" ... لا إله إلا الله محمدا رسول الله ..
وشاكرا لله على نعْمَاءهِ , بالزوجة الصالحةِ التي ساندتهُ طوالَ عمرهِ , تقف جانبه صبّارتا محتسبةً لله سبحانه , خادمةً مخلصةً للعائلةِ الكبيرةِ من الأبناءِ والبناتْ , كريمة لأضيافهم الكُثر ؛ والمحبين من الأهل والأصدقاء والجيران والأنساب , محتسبة خدمتها لله سبحانه , شاكرين لأنعمه على صلاح الأبناء والبنات والأحفاد والذراري المبارك بهم بإذن الله , والمشهود لهم بتعمير المساجد بأنفسهم وأموالهم , ويقفون مع المحتاج قريبا كان أم بعيد , يؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة , يَتَقَبْلُ اللهَ منهم نفقاتهم وانفاقهم السَخيّْ من أموالهم وأنفسهم لله , وفقهم الله سبحانه لما يحب ويرضى.
اللهم يا الله جمعتنا في هذه الدنيا على محبتك ؛ وعلى طاعتك وحسن عبادتك , وعلى نهج نبيك محمدا "صلى الله عليه وسلم" , في الحقبة العصيبة من تاريخ أمتنا العظيمة , لحكمة تعلمها ولا نعلم منها إلا القليل القليل , فاجعل ظِلْكَ يُظِلُنا يوم لا ظلَ إلا ظِلك , على منابر من نور , واللقاء يوم السعادة الكبرى ؛ في جنانك التي وعدتها لعبادك المؤمنين , فاجعلنا منهم ؛ آمين آمين آمين .
 

عبدالحي عداربه

كاتب جيد جدا
رد: عفواً :: أنا لي تاريخ ::

بسم الله الرحمن الرحيم
مُهنْدسَ الأفرانِ
وخَبِيرَ المخابزِ
وفَيْلَسُوفِها
في ذمة الله
!!!!!!!!
!!
!
صفحةٌ مِنَ التاريخِ
الفلسطينيِّ الـمُعاصر
..
!!!
!!
!
"مُحمد الدوايمة"
"أبا خالد"
عليه رحمة الله
!!!!!!!!!!!
نقف اليوم لنتذاكر حركة التاريخ الفلسطيني في المهجر , واصرار المـُهاجرين على الحياة , وكيف حقق المهاجر ذاته رغم قسوة التهجير , فهناك النجاحات الجماعية والشركات , وهنا التفوق الفردي الرائع , وبينهما المتواضع ومن رضي بالقليل ويَنْتظرْ , وكلٌ له مبرراته ووسائله وأدواته , وكلٌ في موقعه وإصراره على الحياة يؤكد "أن العودة حق ؛ ودونها الباطل , وحتمية النصر والعودة بإذن الله " ....
سَنة 1948م بدأت طوفان المهاجرين الفلسطينيين , عفوا !!!! بل بدأ "المـُهجّرين" من أهل فلسطين ؛ الحفر في ربوع الأرض كهوفا وملاجئ , وبناء "خِيام الشتات" في داخل فلسطين وخارجِ أطرافها , والهجرة تبْلغ الذروة ؛ من سنة 1967م ؛ بمشهد مؤلم يعجز القلم عن وصفه , ففي شرق النهر من غور الأردن الصامد ؛ كانت برهة الراحة من العناء , وعلى مقربة من فلسطين , وتحت أزيز رصاص بنادق الاحتلال وقصف مدافعه ؛ وهدير دباباته , وأصوات طائراته " طائرات شبح الموت الأسود "الميراج" ؛ التي تحلق على مدار الساعة ؛ مخترقةً حاجز الصوت ؛ لتصدر انفجارات صوتية مرعبة , تزلزل القلوب قبل أن تَصُمَّ الآذان , رغم كل هذه الأحوال المرعبة والمحرمة دوليا ضد المدنيين , تم بناء خِيام اللجوء والشتات , في منطقة "الكرامة والشونة" , "دامية وغور نمرين" "الصافي والغور الجنوبي والشمالي" ؛ لتنتصب خيام النازحين ؛ وخيام الإغاثة إلى جانب خيام المدارس والتعليم ؛ ليطل علينا كمثال :: أستاذنا اللطيف ؛ والمدير المتواضع "جميل بن عياد الوحيدي " "ورفاق دربه من أساتذة مشاهير , لهم جميعا كل التقدير الاحترام "..
وتواجد المهاجرين على طول الأغوار من حدود فلسطين التاريخية , خطوة من الصمود والتحدي والمقاومة رغم ضعف الإمكانيات أمام عدم رغبة الكيانات السياسية في المنطقة ؛ بالتجمعات الفلسطينية قرب الحدود , ومن بين هذه الخيام خيمة عائلة الشيخ "موسى جبرين جابر العداربه " , ومعهم والده الشيخ الـمُسِنْ "جبرين جابر عبد الدايم " من مواليد القرن التاسع عشر "عليه رحمة الله " , ومن بينهم اليافع بعنفوان الرجال "مُحمد الدوايمة" ؛ شخصية مقالنا التاريخي ؛ نطالعها اليوم ؛ كمثالٍ حيّْ ؛ من صفحاتِ تاريخَ فلسطينَ المعاصر ..
وعلى مدار أكثر من 6 أشهر من ذلك العام المؤلم في تاريخ القضية الفلسطينية "1967-1968" , لم تتوقف إدارة الاحتلال وجيشه الظالم ؛ وبكل معداته ودباباته ومدافعه وطائراته ؛ بملاحقة المهاجرين بنيرانهم المرعبة ؛ لإجبارهم على النزوح بعيدا عن حدود فلسطين التاريخية , ولفرض معادلة قهرية على المهاجرين ...
وفي ليلة وجيعة ؛ سبقها تدمير المدارس في منطقة الكرامة , وحرق مخازن التمون لهيئات الإغاثة , واشعال النار في محطة وقود السيارات الوحيدة في المنطقة , وتسليط الاحتلال الغاشم فوهات مدافعه الثقيلة , ونيرانه الكثيفة نحو خيام المهاجرين وحولها , ليمزق منها الكثير ويحرق ما تبقى , لينجو من كُتب له النجاة في تلك الليلة العصيبة المرعبة , لحكمة يريدها الله ..
تم نزوح المهاجرين "الثالث" من مخيمات الأغوار إلى مخيمات قريبة من عمان العاصمة , وسميت حينها "حرب المخيمات" ونزحنا معَ النازحين , واستقر بنا القرار في مخيم البقعة , وعلى امتداد 20 سنة ونيف كان "مخيم البقعة" أكبر ساحة من الطين والوحل لربما في العالم , تم بناء الخيام لعدة سنوات ولأكثر من جيل من الخِيام , وأخيرا اُسْتبدلت "ببراكيات" من "الأسبستوس" والألمنيوم والصفيح , وتم "بإذن الله سبحانه" السماح لأهالي المخيم ببناء بيوت من "البلوك" "واللبن الاسمنتي" والمونة الإسمنتية المسلحة , حتى أصبحت مخيمات اللجوء والشتات اليوم ؛ تحمل مقومات المدينة والمدنية العصرية , ولكن بنكهات الهجرة والمهاجرين , وحُفرَ في كل أركانه , وميادينه وصروحة , وليستقر في قلوب أهلها الإيمان المطلق بأن "العودة حق ودونها الباطل" ..
لم تتوقف الحياة أبدا مهما قست الظروف وتبدلت الأحوال , إنها إرادة الله سبحانه , من بين خِيام الشتات أضاءت الشموع وتفتحت الورود العلمية والحِرفية , وكان من بينها المتفوق والمعجزة ؛ وأعلى الدرجات العلمية , وكذلك إلى جانب التفوق العلمي والمعرفي والأكاديمي ؛ كان التفوق الحِرفي والعمل والتجارة ؛ التعليم والثقافة والشعر والآداب ؛ وكذلك الصحافة و الإعلام , ونتابع تحول مضارب خِيام المهاجر الفلسطيني إلى مدنٍ متكاملة الخدمات , ومراكز علمية نشرت أشعتها في المحيط الوطني وعبر الحدود الدولية , في أرجاء الوطن العربي الكبير , وتَعدّتْ لتصل أغلب قارات العالم , ولو فتحنا صفحة أسماء الشركات التجارية والصناعية والتعليمية والخدمية المتفوقة في العالم , والتي انطلقت تحث الخطى على تحدي الاحتلال الصهيوني الغاشم الزائل بإذن الله , وسنجد أسمائها بعشرات الصفحات ..ولتأكد أيضا على عقيدة النصر القادم بإذن الله ":: وأن العودة حق :: ودونها الباطل::" ..
حُفر تاريخ فلسطين وقضيتهِ في ذاكرة التاريخ الإنساني والسياسي والعسكري , لتصبح القضية الأولى في الإعلام والصحافة والمحافل الدولية الأكاديمية منها والسياسية , وحتى أن المقاومة المسلحة في "غزة العزة" اليوم ؛ تفرض على المحتل معادلات صعبة تتحدى استمرارية وجوده , وتأكد أن لا مستقبل لمحتلٍ لأرضنا بإذن الله ..
لم يُفرْق الاحتلال بين تاريخ الشرق الإسلامي , وبين ما آلت له أحوال الهنود الحمر في "أمريكا" , فلاسفة الاحتلال ومفكريه اعتقدوا سفاهة منهم صناعة نفس النتائج , لم يدرسوا تاريخ الشرق بحياديةٍ علميةٍ , ولربما اختصروا على شعبهم وشعوب المنطقة هذه الحروب العبثية الظالمة وما خلفته عليهم من ويلات , ولله سبحانه حكمته التي لم نطَّلِعَ على علم الغيب عنده ؛ "لقد غابت عن أذهان مفكريِ الاحتلال رغم أكاديميتهم الضخمة ؛ عمق حقائق تاريخ الشرق الإسلامي" وقد وصفهم الله سبحانه أنهم "لا يفقهون " "لا يعقلون" "لا يعلمون" , وحقائق التاريخ أخْبَرتنا ؛ أن الشرق شهد كثيرا من الغزاة وقد مروا من هنا , ولم يبقى من تاريخهم إلا آثارا وأحجار , ولن يكون مستقبل الاحتلال الصهيوني إلا النهاية والزوال بإذن الله ؛ كسلسلة من تتابع حقيقة تاريخنا الإسلامي الـمُشرّف ؛ والذي قدمنا للعالم ؛ أننا لربما سرنا فوق موج البحار بحارا ؛ وليعلم قادة الاحتلال لسنا المادة الصالحة لصياغة الهنود الحمر في شرقنا الإسلامي العظيم ؛ ولربما أغراهم مَن ْضَوُعف من قومنا ؛ فألقى عن كاهليه السلاح , وملَّ النضال والجهاد والكفاح ؛ ورضيَ من الحياة الدنيا بالقليل من متاعها الزائل ؛ ونأى بنفسه في كهوف التاريخ المظلمة .
نؤرخ لفلسطين وللعرب وللمسلمين ولأحرار العالم , مسيرة شعب أكد في كل منابر تاريخه ؛ إصراره على "المقاومة والممانعة حتى النصر والتحرير والعودة إن شاء الله" , وسنلقي الضوء في هذه المقالة على الجانب الحرفي في تاريخ المهاجر الفلسطيني من خِيام الشتات .. فقط على الجانب الفردي البسيط , لنعرف أن الله سبحانه له حكمته المعروفة والغامضة في كل أحداث التاريخ البشري , لا إله إلا الله محمدا رسول الله ... لنعلم نحن والأجيال القادمة ؛ بحتمية النصر كما وعد الله سبحانه , وليعلم قطعان الاحتلال , لا مستقبل لهم في أرضنا , أمام التحدي والمقاومة والممانعة والإصرار على الحياة من مهاجرين وصامدين , والعون والمدد من الله , وقد علمنا استاذنا "جميل بن عياد الوحيدي" صاحب المبادئ والفكر "الـمُتَدَيّن" والمتواضع , وهو يشرح درسه الذي لم يوقفه لحظة سقوط القذائف التي دمرت مدرسة "مخيم الكرامة" "في مرحلة حرب المخيمات" "1967-1968"وحينها قال :: " إن فهم حل مسائل الرياضيات والتعليم والتعلم والعمل لا يقل أهمية عن رصاص المقاومة ؛ ولذلك نرى الاحتلال يستهدف المدارس كما هو حاصل الآن " , لنفهم نحن وأجيال المهاجرين والمهجّرين القادمين غدا إلى الحياة , لماذا نُسطّر هذه الصفحات من تاريخ فلسطين الخالد..
ونتذكر اليوم شريحة من المهاجر "والمُهجّر" الفلسطيني "محمد الدوايمة أبا خالد " الذي عاش تلك اللحظات المرعبة في حركة اللجوء والمقاومة والتحدي والإصرار على الحياة , وممن أصروا على البقاء في المخيمات , فقط وخرجوا منها نحو القبور , ونأخذ شريحة الحرفيين , ونتشرف بأن نكتب عنهم , وكيف لا !!!!! والحياة اليومية ترتبط بمهاراتهم وحرْفتهم ؛ ارتباط اليد بالمعصم , وبجهدهم ؛ تم تحويل خيام الشتات إلى مدنٍ متكاملة , وبكل مقومات المدنية الحديثة , بنوا البيوت والمتاجر , أسسوا المهن الحرفية والمخابز , حتى أنهم أقاموا المصانع , وبنو مكان الخيام كل ما تعرفه المدينة العصرية بحرفية ومهارة واقتدار , حتى وصل "خُلُوّ" بعض المحلات الصغيرة إلى أكثر من "100" ألف دولار , ومؤكدين كل لحظة بعون الله وتأييده "أن النصر على الاحتلال مؤكد , وأن العودة إلى فلسطين حق ودونها الباطل "
هذه قصتنا مع الحرفيين البسطاء في مخيمات اللجوء والشتات ,نأخذ كمثال للتاريخ الفلسطيني خاصة والتاريخ الإنساني عامة صفحة سجلها مهاجر فلسطيني من مخيم البقعة الصامد , لنتسلل عبر حدود الزمان في صبيحة يوم السبت من ربيع سنة 2010م ؛ 24 نيسان ,حيث تتوقف مخابز حوض البقعة عن العمل , عمال وأصحاب 40 مخبزا وأكثر ؛ يتوجهون إلى بيت "مهندس الأفران ومبتكر أجيالها" , وفيلسوف عمال المخابز ونصيرهم , المهاجر الفلسطيني "البقعاوي" محمد الدوايمة ""أبا خالد", أغلقت المخابز أبوابها , توقفت الأيدي العاملة وتشنجت عن العمل , وتوقفت محركات الأفران "النصف آلية " , صَمتَ هديرَ نِيرانِها , وحضر الناس كعادتهم في الصباح الباكر إلى أفران الخبز البلدي الساخن الفاخر , ولكن كانت المفاجئة , لا خبز اليوم في الأفران , لا عمال ؛ ولا عمل ؛ ولا عاملين فيها , لم يتذمر أحدٌ في حوض البقعة من أردن الحشد والرباط ؛ بل عاد إلى بيته متأسفا مترحما , غير آسف على عدم توفر الخبز البلدي في ذلك اليوم الحزين , ولكنهم كانوا شديدي الحزن على مؤسس هذه الأفران ومهندسها البارع , ووزارة التموين الأردنية في "محافظة البلقاء" ؛ والصارمة في تطبيق أنظمة الأمن الغذائي من قبل موظفيها ومراقبيها , لم تخالف مخبزا واحدا على هذه المخالفة الشنيعة , وتصل حدود أحكامها إلى "700" دولار أو أكثر , ولربما هناك من تَوقْف عن العمل والحضور في كثير من مناطق الأردن ؛ عندما وصاله خبر "مهندس الأفران" "أبا خالد" , من "الرمثا وعمان" "جرش والمفرق ومأدبا " , وغيرها من المدن والقرى الأردنية , والتي وصلتها مبتكراتِه ومخترعاتِه المثالية ؛ والمتعلقة بالأفران وعمالها ومالكيها .. ولـِـمَا لا !!!! وهو الرجل الفيلسوف ؛ وصاحب المواقف الصارمة المدعومة بالأدلة والبيانات العلمية ؛ قبل أن يكون المبتكر والصانع الماهر لصناعة الأفران وأدواتها ..
"محمد الدوايمة" "أبا خالد" هو "محمد موسى بن جبرين جابر العداربة" فلسطيني المولد ؛ من أصول قريشية ؛ سكن أجداده قرى مدينة الخليل , مدينة نبي الله "إبراهيم" عليه السلام ؛ من مرتفعات "الدوايمة", حاصلا على الجنسية الأردنية , تَكْرمةً عزيزةً من الأهلِ وحكومتهم ؛ من أردن الرجولة والأشراف , عاش طفولته اليافعة وشبابه في "مخيم البقعة" , مقدما جهده واجتهاده وفلسفته لأهله وجيرانه ؛ ووطنه القومي والإنساني في هذا العالم , لتنتهي به ورْدِيَته من الحياة الدنيا يوم السبت من ربيع سنة 2010م , ومن مساء يوم الجمعة ؛ يتوسد يديه مطلا بنظرات مضيئة حزينة ؛ مِنْ وجهٍ مُنير , وكأنه يلقي خطابه الأخير , بوصية قبل أن ينام نومته الأبدية ؛ من ليلة رحيله إلى الله سبحانه وتعالى ؛ فقال :: " أَنـّي أَمامكمْ ذاهبْ , وأنتم لي حتماً لاحقونْ , نصحت لكم ما استطعت , لم أغِش ولم أكْذب , إنني أرى ما لا ترون , ولربما لقولي لم تصدقون , أنني أرى البساتين والمزارع والأشجار , فإني أرى ما لا رأت عين , ولا سمعت أُذنٌ , ولا خطر على قلب واحدا منكم , إلى جانب الأشجار والبساتين والأنهار مع قنوات الماء الجاري , أرى زرائب" البقر والأغنام ؛ التي حدثتكم عنها الكثير "بمللٍ" منذ شهور , فأنا عن ربي راضٍ , فأسأله أن يرضى عني ؛ ويرحمني ويغفر ذنوبي وزلّاتي يومَ الدين" ...., فطلب الماء , وشرب منه ما كان له من نصيب , وغط في نوم عميق , دون توجع ولا ألم على غير عادته من أمراض عديدة وجسيمة ألـمّت به منذ سنوات , ونام طوال ليلته دون أن يزعج مُمَرضِيه وخُدّامه في مكتبْ بيتهِ ومِضّيَافَتِهِ ؛ بعيدا عن المشافي والأطباء والممرضين , وفي صبيحة تلك الليلة ؛ وعلى غير عادته لم يصحوا لصلاة الفجر , ليثير الشكوك لدى أبناءه وزوجته وأخواته ؛ واللواتي لم يفارقن مناوبة لياليه منذ شهور , بين موته وإغمائه , فحَمله أبناءه إلى مشفى مدينة السلط العريق , حتى اجتمع عدة أطباء ممن عرفوه ؛ وسُعِدوا بتمريضه وتَطْبيبِهِ ؛وصحبته المحببة منذ شهور ؛ في إحدى غرف هذا المشفى العتيد , ليتأسفوا على فراقه , ويتأكدوا من وفاته , ويكتبوا تقرير رحيله الأبدي ؛ عن هذه الدنيا الفانية عليه "رحمة الله"...
شَيَّعهٌ أهْلهُ وأصدقاءهُ وأهلَ مهنتهِ وجيرانه إلى مثواه ؛ في المقبرةِ الجديدةِ في "موبص" , ليتوسد التراب هناك , برسمٍ موسى بالأرض , يحكي قصة "أبا خالد" , قصة يافعٍ هاجر من فلسطين , ليستقر به قرار مهنته , متربعا على عرش هندسة الأفران , وفيلسوفا لمهنتِها , تاركا من المخترعات والوسائل والأدوات ؛ وفي مقدمتها مجموعة من الأصول والمبادئ والتشريعات ؛ التي تربط الحرفي بمهنته , ومن الأدبيات التي تَحفظ لِكُلِ ذي حقه حقوقه , سواء عاملٍ أو صاحبَ عملٍ أو مُستَهلِك , حتى غدت أفران البقعة العديدة والعتيدة ؛ لا ينافسها إلا من كان مَثِيلها , وكانتْ فلسفلةْ "أبا خالد" تميل قليلا مع المهرة والحرفين والعاملين ؛مقارنة مع الأطراف الأخرى إذا لم تكن متضررة , كان في فلسفتهِ محقا عندما الأمْر يتعلق بالعمال , وهم الجانب الأضعف في هذه المهنة الصعبة والمرهقة , والتي روض من صعوبتها الكثير الكثير ؛ بابتكاراته وتطويراته العديدة , واختراعاته المبنية على أسس علمية وهندسية ؛ سواء في جودة المنتج ؛ وسهولة الإنتاج ؛ ونخص بالذكر ؛ توفير الطاقة الضخم , في أفرانه التي زادت توفيرا في استهلاك الوقود ؛ عن 60% في إنتاج الخبز , مقارنةً بالأفران الحجرية القديمة , أو خطوط الإنتاج الكبيرة والحديثة..
وفي هذا المقال نستنهض همم المهتمين من "معاهد علمية وجامعات ومعاهد" و"وزارات طاقة" و"وزارات صحة" ؛ ومراكز أبحاث وطنية وعالمية ؛ أن تكرم المرحوم "أبا خالد" وأبناءه , وكذلك أستاذه "أبا الفهد محمود اللحام" وأبناءه , بما يستحقون من تكريميات أدبية وعلمية , وتمنحهم الشهادات العلمية التي لها يستحقون ؛ وخصوصا بما تم توفره من وقود ومحرقات في الأفران , وتم استبعاد "الديزل" المضر بالصحة في انتاج هذه السلعة المهمة في غذاء الإنسان , والاستغناء عن العمل المجهد والمضر بصحة العاملين في هذه الأفران وكذلك المستهلكين .. على المعلم الأول وتلميذه النجيب "رحمة الله" ..
عليك رحمة الله "أبا خالد" لقد أثَرت جدلا في حياتك ومماتك , لقد أثرت العقول والفكر لتُأسس فلسفةً مميزة قدّْمت الكثير والإيجابي خصوصا في صناعة الأفران ومهنتها , ووقفت إلى جانب العاملين والعمال ؛ وكنت لهم نصيرا ومعينا , رغم أنها تتعارض مع مصلحة المستثمرين من أصحاب الأفران وكنت واحدا منهم , بل أول من امتلكها .. ولكنك سطّرت صفحةً مضيئة من صفحات تاريخ فلسطين الخالد , لتأكد من قبرك في مقبرة "موبص" "أن العودة حق ودونها الباطل ...
نقل "أبو خالد" مهنة الأفران وصناعتها ومهاراتها من أستاذه ومعلمه "أبا فهد محمود اللحام" والمعروف والشهير ؛ وممن برعوا في تطوير هذه المهنة وتحسينها في مدينتي "دمشق" "وعَمْان" ذات العراقة والتاريخ , بدأ "أبا خالد" حيث انتهى أُسْتَاذه "أبا الفهد محمود اللحام" وكلٌ له جهده واجتهاده فحولا مهنة المصاعب إلى مهنة المتعة والمنافسة , منافسة ممتعة بين عمالها وجودة إنتاجها المميز في الشكل والمضمون ؛ وقف أبا خالد على قبر "اللحام" "رحمه الله "يترحم على روحة ويشكر الله سبحانه أستاذه , وكأنه يعاهد الله عند قبر "معلمه أبا الفهد" على مواصلة الطريق , والحمد الله كان , فطور "أبا خالد" من أدوات انتاجها وماكيناتها , بسّطها وبَالغْ , مبتعداً كل البعد عن التعقيد والكلفة المرتفعة , ليستطيع أي "مهني , وحرفي" مهما كانت إمكانياتُه أن يمتلكها , والعمل عليها مهما ضعفت قوته ومهارته , حتى غدت أفرانه وأدواته منتشرة في القرى والمدن الأردنية , وأبعد من ذلك لتتعدى حدود "سايكس بيكوا" , وتتحدى حرسه وحُرّاسه "لتصل الجزيرة العربية" , لتقوم هي الأخرى تصديرها إلى العالم , حتى أننا وجدنا مخترعات "أبا خالد" في أقصى الغرب المصري في مدينة السياحة العالمية , "مرسى مطروح" على شواطئ البحر المتوسط من القارة الأفريقية السمراء ..
لقد استطاع هذا الرجل البسيط في حياته ومظهره , والعميق بفكره وفلسفته "أبا خالد" المهاجر الفلسطيني البقعاوي , أن يؤسس مدرسةً مهنيةً فكريةً تحتوي على الكثير من البساطة والسهولة واليسر , فلسفيةً يَبني عليها أسس مهنته وصناعة أدواتها وألاتها للحرفيين والمهنيين , وبفكرهِ وفلسفتهِ العميقة , كان التوقف عن العمل بأدواتها القديمة المجهدة , وفورا البحث عن البدائل البسيطة والمريحة , كمثال :: استعمال "طرحة الإسفنج الخفيفة " بدلا من الطرحة الخشبية الثقيلة ويدها الخشبية الطويلة "الزانة" , والتي كانت تحتاج إلى مجهود كبير لا يحتملها إلا الأقوياء من الرجال , وكذلك تحتاج مساحات أكبر في أماكن الإنتاج , ويتبنى من الأدبياتِ الإنسانيةِ الرائعة وهي :: "الوقوف مع الضعفاء ضد الأقوياء" "الوقوف إلى جانب العمال أكثر من وقوفه مع المستثمرين ورجال الأعمال في هذه المهنة " وأن يحافظ على مهنة صناعة الخبز "النصف يدوية" أمام خطوط الإنتاج والأفران الكبرى , ويُوفْر الخبز البلدي ذو الطعم المميز للملاين في هذا العالم الذين يعشقون الكلاسيكية في طعامهم وشرابهم ؛ هنا نفهم هذه العفوية في الإضراب عن صناعة الخبز وأكله يوم وفاته ورحيله إلى الله ؛ ونفهم لماذا وزارة التموين الأردنية سامحت المخالفين لقوانينها الصارمة ولأهميتها في الأمن الغذائي في ذلك اليوم الحزين ...
في سوريا الحضارة والتاريخ فقدت المخابز البلدية دورها وأهميتها أمام منافسة المخابز الآلية وخطوط الإنتاج الضخمة ,ولم تجد هناك من يصون تراثها ويهتم بمستقبلها أمام تحديات رأس المال بخطوط انتاجه , رغم أن المهنة ترعرعت هناك , وخصوصا أن أستاذ المهنة الأول "أبا الفهد محمود اللحام" قد ترك دمشق واستقر في مدينة عمان العاصمة الأردنية ذات السحر والدلال والجمال , تراجعت المهنة هناك ويشرق تاريخها في ظل الأردن المتنامي في التطور والاقتصاد , بدأت ظاهرة المخابز الآلية الضخمة تنتشر في الأردن بمخبز "رأس العين" في العاصمة عمان , فأحس "أبا خالد" خطورة هذه الظاهرة , تهدد فرنه المتواضع والشهير في مخيم البقعة , وتهدد المئات من عمال المخابز الصغيرة سواء في الأردن وخارجها , وقف "أبا خالد" أمام فرنه وعُمّاله , ويتساءل حول ما ستؤول إليه هذه المهنة التراثية العريقة عندما تصل إلينا أيدي أصحاب المال وبمخابزهم الآلية وخطوطهم العملاقة في الإنتاج , ويتحسر على تلك الحالة المحزنة القادمة لا محالة , فأمعن النظر يُمنة ويُسرة , ورفع يديه إلى السماء وقال "يا رب لك نشكو ضعفنا وقلة حيلتنا , العون منك يا رب على الصمود والتوفيق" , وقال :: قبل أن نطور أدوات الإنتاج لا بد من تطوير الخبز البلدي نفسه , حتى يقف المستهلك إلى جانبنا في معركة التحدي , لنكسب مهنتنا ونحافظ على وظيفة العمال في مخابزنا , وغدا "أبا خالد" مهندسا للخبز البلدي الفاخر وأدوات إنتاجه , وبشهادة مستهلكيه وأذواقه , أن هذا الخبز البلدي المطور من قلب مخيم البقعة الصامد , من أفضل ما أنتجت الأفران في العالم , وكُتِبتْ التقارير العديدة "صحفية ومتلفزة" حول الخبز البلدي البقعاوي المميز , ودون الإشارة إلى مهندسها ومبتكرها , وهذا لم يكن يثير حفيظة مهندسنا المتواضع "أبا خالد" , طالما أنه حقق هدفه ومبتغاه في خطوات نحو النجاح , ومع شريكه "أبا الهيثم" تفوقوا في بناء الأفران الحجرية القديمة في داخل البقعة والقرى المحيطة حتى انتشرت في أرجاء القرى والمدن الأردنية , وتوقف المستهلك عن شراء الخبز الآلي متدني الجودة ؛ بدليل نجاح أغلب الأفران الحجرية التي بناها "أبا خالد" وشريكِهِ , بعد هذا النجاح الكبير فيما أراد , وذاعت شهرة "أبا خالد" الحرفية في صناعة الخبز البلدي وأفرانه العديدة في القرى والمدن الأردنية , فكان لا بد من تطوير أدوات الإنتاج "وآلاته" التي تتناسب مع هذا النوع الفاخر من الخبز البلدي الرائع , والذي تعجز خطوط الإنتاج على منافسته , فأراد أن يجمع بين المهارة اليدوية والحرفية وميكانيكية الإنتاج "النصف يدوية" بأفضل مُنتج , بأقل جهد ممكن , وبأقل كلفة ممكنة , وبأبسط الأدوات والآلات , وكان له ذلك والحمد لله .
رفض المهندس المخترع "أبا خالد" فلسفة الاحتكار وتجيير الإنتاج إلى أصحاب رؤوس الأموال , لأن ذلك يضر بمصلحة الحرفيين , اتخذ هذا الموقف رغم أن هذا التفكير يضر بمصلحته الشخصية أيضا , وجعل العلاقة مباشرة بتقديم التسهيلات لمن أراد امتلاك أدواته ومنتجاته المبتكرة , يبيعها بالتقسيط قريبا جدا من كلفة الإنتاج , فقط بهامش ربحي متدني ؛ وبدون كفالات كافية لحفظ حقوقه , مما أثّر إيجابيا على نشر مخترعاته ومنتجاته , ولكنها أثرّت سلبيا على فوائده وعوائده , مما جعل "أبا خالد" ينام قرير العين نوما مريحا ليلة وفاته "عليه رحمة الله" , وفارق الدنيا دون أن يملك من حطامها شيء , إلا من بنات مستورات في بيوتهن وأحفاد , وأبناء أوفياء تلاميذٍ لمهنته ومهرة في صناعتها ,أعانهم الله سبحانه على الوفاء بديونه وما عليه من حقوق ولله الحمد ..
فارق مهندس الأفران وفيلسوف المخابز دنياه المتواضعة , ومشغله المتواضع مع مكتبه الذي لم يتجاوز فراش نومه , فارق الدنيا كغيره من المخترعين والمبتكرين ورجال الفكر والمبادئ دون أن يتركوا للورثةِ ما يختلفون عليه , بل مضيفا إلى رصيد ورثته السلبي بضعة ألاف من الدولارات كديون , بل تكاليف عزاءه الكبير والحتمي لاستقبال أحبابه وأصدقاءه الكُثْر , زاد عن "10" الاف دولار أيضا ديونا على ميراثه المادي , ولكن ما تركه من إرثٍ فكري ومهني وأخلاقي تشرّبه أبناءه وتلاميذه وأبناء مهنته ما عوض الكثير عن أرثه السلبي المادي , فارق "أبا خالد" دنياه ليلحق ببصره ونور عينيه الذي سبقه إلى هناك منذ "12"سنة , وتبعه قوته الخارقة التي عرفها الكثير , وشاهدها أقرانه برفعه السيارات والشاحنات الصغيرة بيديه من الحفر الطينية التي تسقط بها والتي كانت منتشرة في "مخيم البقعة", نعم فقد بصره ولم يفقد بصيرته , فقد قوته وحركة أطرافه ولم يفقد عزيمته واستمرارية مكتبه المتواضع بحضور عشرات المحتاجين إلى هندسته في حل المشاكل وتذليل الصعوبات , كان مكتب أبا خالد ومضيافته في مكتبه على أطراف "مخيم البقعة" في بيتٍ مستأجر , كان يتسع للعديد من أضيافه وزوّاره ؛ من أقارب وأصدقاء , والعديد من أهل مهنته ؛ حيث كان يعمل مستشارا مجانيا لكل من يحتاجه , كانت هندسته العلمية وأفكاره الصناعية تجذب المهنيين والمهندسين والأكاديميين سواء , وحتى عُرف أبا خالد من جميع المهتمين بمهنته من جميع أطياف المجتمع الأردني , وزاروهُ في مرضه الذي كابده لعدة سنوات من جميع القرى والمدن الأردنية , ولم يوقفه مرضه عن العمل "بل كان تفكيره في هندسته وفلسفته أكثر من تفكيره بمرضه" , ومكوثه الطويل في مكتبه وفر له الوقت الكافي ليضع اللمسات الأخيرة على مخترعاته , وكان يتبادل الأفكار بأريحية وعصبية أحيانا دفاعا عن رأيه المدعوم بالأدلة الرياضية والعلمية , ويزيدها دعمها بتجاربه الجريئة والمكلفة العديدة , ويوظف معرفته العلمية في تصميماته باقتدار ..
خالف أبناء المرحوم "أبا خالد" فلسفة أبيهم في التسهيلات المريحة , وأضافوا إلى منتجاتهم خطوط الإنتاج التكنلوجية المتطورة في صناعة الأفران , لتواكب متطلبات المرحلة الحضارية الحتمية للتطور , مما أعانهم على سداد ما ورثوه عن أبيهم من ديون بسهولة ويسر ولله الحمد ..
أبناء المرحوم أبا خالد أكملوا مسيرة والدهم في المهنة , وخلال السنوات الثلاث بعد وفاته "رحمه الله" , أثبتوا جدارتهم ؛ وأنهم على قدر كبير من المسؤولية في الاستمرار في صناعة أدوات الأفران وآلاتها وتطويرها وتحسينها , وما أنتجوه في هذه الفترة القصيرة ؛ يثبت أن شركتهم الصناعية ؛ لها القدرة على المنافسة الصناعية المتميزة ؛ وستحمل على عاتقها شرف المهنة وأصولها بإذن الله سبحانه وتوفيقه , وفقهم الله "جل جلاله" لما يحب ويرضى ..
لم تتوقف صفحات التاريخ الفلسطيني بمغيب شمس فارس , مهما كان موقعة في تاريخ القضية الفلسطينية , سياسيا مهنيا أكاديميا علميا أو إعلامي ,"عليهم جميعا رحمة الله" إلا وهناك مِنْ خَلْفَ الأسودِ أشْبَال , وخلفَ الأكمةِ مفاجئات تحمل مشعل القضية الفلسطينية في جميع مناحي الحياة , سواء في المهجر , أو الصامدين على أرضهم وجراحهم , إلى أن يتحقق ما أراد الله سبحان ؛ في وعْدهِ ووعيدهِ للظالمين الصهاينة المحتلين ومَنْ عاونهم , والنصر والتمكين للمستضعفين في الأرض , ليري فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون ...وبهذه الصفحة من تاريخ فلسطين , نؤكد أن كل مرافق حياه أهل فلسطين النازحين والصامدين ؛ تأكد أن الاحتلال إلى زوال , وتُصِرُ أن العودة َحقٌ ؛ وأن النصرَ قادم ؛ ودونها الباطل ..
وآخر دعوانا أن الحمد لله , وعلى رسولنا الصلاة والسلام ؛ وعلى أله وأصحابه ؛ ومن تبعهم بإحسان إلى يوم َ الدين ..
 

عبدالحي عداربه

كاتب جيد جدا
رد: عفواً :: أنا لي تاريخ ::

بسم الله الرحمن الرحيم
اسماعيل عرابي يروي للتاريخ
:: ليلة سقوط الدوايمة
28\10\1948
عندما نتصفح التاريخ البشري في العُجالة من هذه الدنيا, سنجد القضية العالمية الأبرز في التاريخ البشري المعاصر :: هي :: قضية فلسطين , كيف لا وقد أثْرَت التاريخ الإنساني من البطولات والفروسية والمواقف في الدفاع المستميت ؛ مثلا وقدوة , مما جعل الإنسان يفخر أنه الإنسان , وحفرت من المآسي والإجرام ؛ مما جعل الاحتلال أحقر ما شهدته حياة البشر ..
ونرتحل بين ثنايا الحدود المصطنعة في بلادنا بما يعرف تقسيمات "سايكس بيكو" إلى أرض فلسطين , لنتجول في قراها ومدنها الخالدة , لنفتح صفحة الجهاد الفلسطيني المعجزة ؛ من صفحات المدافعة والبطولة والجهاد والاستشهاد والخلود , لنجد مسرحها في مدينة القدس وجنين , حيفا ويافا , ومن على سفوح الكرمل وجبل النار , والعديد من مدن فلسطين وقراها التي يزيد تعدادها عن ألفي قرية ومدينة , ومن بينها مدينة نبي الله إبراهيم الخليل عليه السلام, وما يحيطها من القرى العديدة ,ونخص بالذكر القرى ألــــــ "14" التي ضمها الاحتلال غدرا , وبعد الهدنة بشهور , وارتكب أعظم المجازر الدموية وتم إخفائها عن الإعلام والصحافة العالمية , والقرى هي "عجّور" "والدوايمة" "زيته" "كدنة" "بيت جبريل" , "دير الذّبان" "رعنة" "ذكرين" , "وبيت نتّيف" "ودير نخْاس" "القْبِيبْه" "تل الصافي" "امْغلس" "صُمِّيل" .. وهذه القرى كقرية الدوايمة سطرت من البطولة والجهاد والاستشهاد , لتُخلّد المـُـثل والمثل والمثال ؛ ونجد الشهيد والشاهد والجريح والنازح في المدن والقرى الفلسطينية الأخرى ؛ لتجعل من صفحات التاريخ الفلسطيني خاصة ؛ والتاريخ البشري عامة , صفحة إنسانية ومأساوية في ذاكرة العالم , ... لنفخر ونعتز بجهد وجهاد واستشهاد رجالها .. وتُظهر أهل الذلة والمسكنة من يهود صهاينة , بِكِبرْهم وجبَرُوتِهم عندما اسْتُثنيت عنهم الذلة والمسكنة فقط مرتين في التاريخ ؛ وهذه هي المرة الثانية , كما تشير كثير من الأدلة , كامتحان إنسانيتهم في العزةِ والتمكين , ووعد من الله ليقيم عليهم الله سبحانه الحجة والبرهان , وبرسوبهم في الامتحان واستحقاقهم من الله ما أراد , وإظهار جبلّتهم النتنة .. لتعود عليهم الذلة والمسكنة إلى يوم القيامة عن قريب بإذن الله ..
قرية الدوايمة من قرى مدينة الخليل إبراهيم عليه السلام , وقرية المجاهد البطل "صلاح الدين الأيوبي" كقاعدة عسكرية متقدمة , واُطلق عليها في زمانه "زيبارة " اسمٌ كردي يعني القاعدة المطلة على البحر .. قرية الدوايمة تقع على سفح الجبال الغربية والمطلة على البحر المتوسط ضمن "حُفرة الانهدام" :: وهي موطن الصالحين من رجال الله وأهله ؛ كالشيخ "علي الِغْمَاري" من أصول قريشية قادم من المغرب العربي , حيث والده "عبد الديم" ؛ الشهيد بإذن الله الثائر على الظلم في زمن العثمانيين وتم اعدامه في مدينة القدس عليه رحمة الله .. والحاج "سالم أبو دبور" ؛ والمدفون في قرية بيت جبرين .. والشيخ "سلامة المناصرة" , والحاج "عبدالله الخضور" , "وحسن عمرو" , وولده "عبدالرحمن" وحفيده "مُحمد" , وهناك غيرهم الكثير ؛ قبورهم في وسط وأطراف القرية , عليهم جميعا رحمة الله
قرية الدوايمة قرية الـــــــ "570" شهيد في الأيام التالية لليلة سقوطها على يد الاحتلال الصهيوني البغيض , وهذه إحصائية الدوائر البريطانية الرسمية , وبدماء الشهداء أنبتت الأرض وتزينت بأزهارها , وتجلّت طيور الجنة بِشُهدائها , وذلك ثمنا من فاتورة الدم الغالي ؛ للدفاع عن فلسطين ومظلوميتها , لتكون آخر القرى من معركة الامتحان والابتلاء لأهل فلسطين سنة 1948م..
ليلة سقوط الدوايمة قصة قرية ؛ وقصة بطولة وكمثال للقرى والمدن الفلسطينية الخالدة , الدوايمة القرية الصابرة كغيرها من القرى والمدن الفلسطينية التي قدّمت عشرات الشهداء في الدفاع المستميت في معارك 1948م من القرن الماضي .. قرية الدوايمة وأهلها بعشائرهم العديدة الذين يجتمعون سنويا لاستذكار الشهيد والأرض والجهاد , والتعاهد مع الأجيال القادمة للعودة والتحرير بإذن الله للأقصى وكل التراب المقدس في فلسطين .. ليلة 28\10\1948 التاريخ الذي نتعاهد فيه سنويا للموت في سبيل الله على خطى أبطال الأمة من "عطا الزير" "ومحمد جمجوم" " "وفؤاد حجازي" "وعز الدين القسام" , "ومحمد حمد الحنيطي" , "وسرور برهم" , والآلاف الكثيرين .... لتقدّم قرية الدوايمة شيخها وبطلها والعسكري المخضرم .. الشهيد بإذن الله عرابي "محمد سلامة العداربة" واحدا إلى جانب أكثر من "570" شهيدا قضوا على تراب القرية المبارك .. ونسرد قصة الشيخ عرابي إبن ال "75" عاما حينها , كمثال لأبناء فلسطين الغر الميامين والشهداء المقبولين بإذن الله ..نستذكر به أبطال الأمة كالشيخ "عمر المختار" "وعبدالقادر الجزائري" , والبطل الأردني مُفجّر الثورة الليبية "نجيب بيك الحوراني" "وعثمان الشامي" "ومحمد حمد الحنيطي" "وسرور برهم" والشهيد الشمالي والمجاهد البطل "عبدالله التل" و"الشيخ كايد مفلح العبيدات" "صقر فلسطين" , ومحمد باعبّاد الحضرمي , وغيرهم الكثير ولا يضرهم أننا لم نذكرهم والله في سجله الخالد ذاكرهم ..ونخص بالذكر "عرابي مصر" و بطل معركة التل الكبير للدفاع عن مصر زمن الاحتلال الإنجليزي لقناة السويس , رغم الاشتراك بالاسم ؛ "عرابي فلسطين" "وعرابي مصر" إلا أن بينهم فاصلا زمنيا بين استشهاد الأول في مصر , وميلاد الثاني في جبال الخليل في فلسطين .. والعامل المشترك بينهم ؛ وطنيتهم وصناعتهم للموت رغم قلة الإمكانيات , وتفوق العدو العسكري الكبير , وإصرارهم على الدفاع ومعرفتهم الحتمية بالاستشهاد ...عرابي مصر وعرابي فلسطين , والبطل الفارس "فارس عودة " يجمعهما سجل الخالدين في التراث الإنساني لموقف الضعفاء أمام الأقوياء , ورفض الذل والاستسلام , وتفضيل الحياة "الآخرة" على ذُل التهجير أو العيش عند ذيل الاحتلال .. فالشرف العسكري يُحتّم على القدوة كيف يختار الشريف ميتته ؟؟؟ .. فالبطل "يوسف العظم" على أبواب دمشق في "ميّْسلون" في نهايات الحرب العالمية الأولى ؛ يؤكد هذه المعاني ..
قصة شهيدنا العدربي "عرابي محمد سلامة العداربة" مثلا ككل الشهداء , سواء شهداء قرية الدوايمة أو شهداء فلسطين أو شهداء الأمة , كرامتهم عند الله سبحانه , ولكننا لقربنا منه وأهله جعلنا نتحدث قصته .. كل قطرة دمٍ فلسطيني , وكل مأساة فلسطينية , بل وكل مواساة من الأشقاء والجيران والعالم الحر , هي التاريخ الفلسطيني الخالد ..بل قصة التاريخ الإنساني لكل حر ومظلوم في هذا العالم ..
قرية الدوايمة كغيرها من ساحات البطولة الرافضة للظلم والاحتلال , قدمت العديد من المواقف في الجهاد والمقاومة منذ فجر المقاومة الفلسطينية , كمثال :: "سليمان العوّامة" "آل عشى" في ثورة سنة 1936 ..عندما جمع الاحتلال الإنجليزي من قرية الدوايمة أكثر من 100 بندقية من قرية الدوايمة ..
وفي سنوات الامتحان والتمايز , تقف القرية بمجلسها العسكري للدفاع عن القرية , "دفاع حتى الموت" .. كما يذكر استاذنا "إسماعيل عرابي العداربة" , أن خمسين رجلا أو أكثر تعاهدوا على الموت , وعلى والصمود في القرية , وعدم الخروج منها مهما كان الثمن , والمقاومة حتى بأنفاسهم الأخيرة في مواجهة دبابات وآلات الموت والدمار القادم , نعم ؛ صدقوا الله فصدقهم ونالوا الشهادة بإذن الله , وكرّمهم الله سبحانه ؛ وفضل لهم الموت على قسوة التهجير وترك الوطن أو العيش تحت ذُل الاحتلال ..
مجلس الدّفاع عن قرية الدوايمة ؛ ومن بينهم بطلنا "عرابي محمد سلامة العداربة" , ينتدب أشخاصا بعد جمع المال لهم من جميع أفراد عشائر القرية لإحضار ما تيسر من سلاح , حيث خرج المنُادب إلى "مصر" لشراء السلاح والعتاد , وتم إحضار اليسير منه , وتم توزيعه على شباب القرية , ليقوموا بمشاركة أهل فلسطين والقرى المجاورة في معارك الدفاع عن فلسطين , كما حصل في معارك "المقحز" وكمثال من الشهداء "اسماعيل سربل" "وخليل دخل الله" ومن الجرحى "محمد عيسى أبو هرير’" "وكْفَار عصيون" "وبيت جبرين" ومن شهدائها "محمد زرارة" وغيرهم الكثير .. ويتناوب أهل القرية تحت إشراف المجلس العسكري في حراسات ليلية حول القرية...
مجلس عسكري الدوايمة بما حققه من إنجازات جهادية على الأرض , من التفاعل والمشاركة في المعارك القريبة والبعيدة ضمن الإمكانيات المتواضعة , ومن تكوين مجموعات الدفاع والحراسة المستمرة , وتكوينها لفرقة الهندسية لإزالة الالغام وإعادة زراعتها أمام طرق ومواصلات الاحتلال , وعِلْم الاحتلال المسبق , حول إصرار أهالي القرية على المقاومة والدفاع مهما كان الثمن , لتجتمع هذه الأحداث لتُزلزل قلوب المحتلين وتثير الرعب والخوف لدى قادة الغدر الصهيوني , فيجرد الغاصبين جيشا كاملا بآلياته المجنزرة والمدرعة وتهاجم القرية بعد الانتهاء من صلاة الجمعة مباشرة من ذلك اليوم الحزين... ...
وإلى جانب عرابي العداربة العسكري المخضرم منذ 40 عاما , كان إعداد كتيبة الهندسة , بقيادة عضو مهندس المجلس العسكري "خليل سالم الاقطش" الذي تفنن في تغير مواقع الألغام المعادية وإزالة خطرها أمام المدافعين , وإعادة زراعتها على طريق الغزاة المحتلين , ليوقع العديد من الإصابات والمفاجئات في صفوفهم , مما جعل الأعداء يَحْسِبون ألف حساب قبل الهجوم على قرية الدوايمة ..
وقضى المهندس "خليل سالم الأقطش" نحبة بخدعة مفخخة من أحد الألغام والذي توقع موتَهُ حينها , عندما طلب من مُساعِديه الابتعاد , وقد غامر وضحى بنفسه , في إزالة ذلك "اللغم" الشرير , والمحشو بأسفله عبوة ناسفة خطيرة وكبيرة , كان هدفها قتل جميع أفراد الوحدة الهندسية لمجلس دفاع قرية الدوايمة ,الذي انفجر به وحده , لينجوا افراد وحدته الهندسية , من خدعة العدو .. وعلى "خليل سالم الأقطش" وشهداء الدوايمة وشهداء فلسطين وشهداء الامة ؛ رحمة الله ..
مجلس عسكري الدفاع عن قرية الدوايمة وشيخهم عرابي , ولربما أكبرهم سنا بما أمضى من خبرات عسكرية وكضابط في الجيش التركي , وبما يتمتع به من سعة في المال وقوة في الجسم ,وبما لديه من شفقة ورحمة وانسانية , وبدلالة استقباله العديد من الأسر المهاجرة من القرى المجاورة إلى الدوايمة , واستقبالهم في بيته الواسع وتقديمه الخدمات اللازمة والممكنة حينها ولعدة شهور متتالية ,, .. إلى جانب جمع الطعام وتحضيره وإرساله إلى جبهات القتال القريبة من القرية .. وكعضو فعّال في مجلس القرية العسكري ؛ هذه الدلالات تُحتم علينا التأكيد على أكاديمية عرابي العسكرية التي اكتسبها زمن العثمانيين كضابط مخضرم , وظّفها في خدمة خِطة الدفاع حينها ...
ليلة سقوط الدوايمة 28\10\1948 , حيث قرر مجلسها العسكري بأعضائه وشبابه , أن يُجنّبوا الأطفال والنساء , مأساة المواجهة في اليوم التالي والمتوقع فيه هجوم الأعداء , تم نقلهم ليلا خارج حدود القرية , ويستبقي من رغبت من النساء إلى جانبهم في الخدمة , لتُستَشهد زوجة عرابي في اليوم التالي على تراب القرية مع من فاز بالشهادة يومها ؛ لترتقي على الارض ساجدة من طلقة قناص معادي في عقب رأسها , وهي "تمام الشيخ ابراهيم العداربة" ليقوم ابنها محمود عرابي بمواراتها على عجل , ليعود هو ومجموعة من أبناء قرية الدوايمة بعد أيام ؛ لنقل الشهداء إلى مقبرة القرية لدفنهم هناك ..
ومن المواقف التي لا تنسى يومها , ويرويها وشاهدٌ عليها الحاج "موسى جبرين جابر العداربه" والذي كان واحدا من جنود الميدان والمساندة والحراسات الليلية يقول :: أن واحدا من شيوخ المجلس العسكري للدفاع عن قرية الدوايمة , وهو الشيخ "عثمان الخضور" , والذي تناول البندقية من أحد شباب الخطوط الخلفية للمواجهة والدفاع , ويتجه إلى اقرب نقطة من "جامع الخضور" , ويَكْمِن قبالة الطريق الضيق الحتمي لمرور دبابات العدو وجنوده وآليّاته , ليُوجّه "قناصته" نحوهم , ويردي أكثر من "15" قتيل من جنود الاحتلال , ويصيب العديد منهم قبل أن تنفد ذخيرته ؛ ويقرر أن يُستَشهد داخل بيته , ويقوم جنود الاحتلال غلا على ما أصاب وقتل العديد منهم , بتقطيع جثته إربا ..
نزح عن القرية أغلب سكانها إلا من قرر الموت على حياة التهجير , "كعرابي الدوايمة" الذي وقف على مرتفع من "حُوش" داره الكبير , الذي هَجَره أهله ومن كان يأوي من مهاجرين ومُهجّرين , وعلى مرور ثلاث أيام من يوم الجمعة المذكور , ويستذكر الأيام الخوالي من أيام مرّت على هذا البيت العامر ؛ باهله واضيافه , وأهل قريته من مجاهدين ومساندين , بعدما حصدت آلة الموت أكثر من "500" من أرواح الأبرياء في "طور الزاغ" "والبيادر" "ومسجد القرية الكبير" .. وقف "عرابي" شامخا كالجبل الاشم , يرفع رأسه إلى السماء , ويستشعر عظمة الله في تلك اللحظات العصيبة , ويراجع شريط الذكريات العامر بالبطولات والجهاد , ويرى أنه في اللحظات الأخيرة والأكيدة من الموت المحتوم , وخصوصا رأى بأم عينيه العديد من أقرانه قد أسلم الروح إلى باريها من الرصاص الكثيف الذي يطلقه الأعداء , وإصرار الغاصبين القضاء على كل من بقي في القرية من أحياء , بمواصلة سياسات الأرض المحرقة , فتوسوس له نفسه أن يتراجع عما عاهد الله عليه هو وأقرانه الأبطال من مجلس دفاع قرية الدوايمة العسكري , بأن يلحق بأولاده وبناته وزوجاته في تلك التلال المطلة , ويتخيل أطفاله الدارجين إلى الحياة بعنفوان الرجال , وبناته ذوات الربيع الباسم , وزوجته الصغرى "أم محمد" ذات الدلال والجاذبية بالسحر والجمال , ولكن شرفه وإخلاصه يبدد تلك الوساوس , ويستذكر أن هناك في أطراف القرية من الرجال المحتاجين إلى الطعام والشراب , فيقوم بنفسه بإعداده ونقله , متسللا بين "الدّور والحارات" الممتلئة بجنود الاحتلال المدججين بالسلاح , والذين يحرقون الأرض والمكان إذا ما شعروا أن هناك من الأحياء يتحرك , ويذكر بعض الناجين أن "عرابي محمد سلامة" نقل لهم الطعام بنفسه وإلى أطراف القرية في منزل "آل زرارة" البعيد عن تجمع جنود الاحتلال الغاصبين ,ولمدة ثلاثة أيام متتالية , ويعود إلى منزله الحصين , والذي جعل منه مُسبقا "قاعدة التموين" الرئيسية في خِطة الدفاع , وبعد ثلاثة أيام تم إحضار مجموعة من الأسرى من قبل جنود العار والذلة الغاصبين ,تم جمعهم من بيوت ودور وحارات قرية الدوايمة , أغلبهم من أعضاء وافراد مجلسها العسكري , بعدما نفد ما لديهم من وسائل واساليب المقاومة المتواضعة , وعند "بئر الشبكة" أحد ابرز معالم القرية الأثرية , تم إعدامهم ميدانيا هناك , دون "اعلام" أو محاكمة , وقام "محمود عرابي" وأخاه الكبير "يوسف عرابي" بالبحث عن والدهم , فلم يجدو إلا "طربوشه الخالد" الذي فارق رأس أعز الرجال ...
ويؤكد الحاج "موسى جبرين العداربه" أن "عرابي محمد سلامة العداربه" الفارس الفلسطيني العربي المسلم , ترجل عن فرسه , وبكل فخر واعتزاز ليتسلم شهادة تخرجه من هذه الدنيا الفانية , ليكون بإذن الله من بين شهداء "بئر الشبكة" و لديه من الشواهد ما يؤكد روايته ..
عليك رحمة الله "أبا يوسف" , عليك رحمة الله يا ابن الأحرارِ والمـُستَضعفين في الأرض , نَمْ قرير العين بجوار الخالدين إن شاء الله , لقد "علْمتنا" وأمثالك ؛ كيف يختار الشريف ميتته ؟؟؟, فركبت صهوة جواد العز والبطولة , ودرجت دروب الصعاب , وحلّقت في السماء "كنسرٍ" أغر , وعانقت الشمس , وقدّمت "الثمن النفيس" من فاتورة الدم الفلسطيني الغالي , لتروي سهول الدحنون , وأزهار "البيلسان" , لتزهر في الربيع الخالد القادم بإذن الله , مواقف الرجال الرجال الأوفياء , و لتترك للأجيال ؛ ولِكُلِ المـُستضعفين في الأرض , المثل "والمـُثل" والقدوة والشاهد ؛ يَعتز بها الأحرار من هذا العالم , وتكون قدوةٌ لجيل الجهاد والنصر القادم بإذن الله ...
لكِ الله يا قرية الصامدين المدافعين من قرى فلسطين , لكِ الله يا قرية الدوايمة , والتي بقي أهلها يرتبطون بها ويعودون لها بين الفينة والأخرى على حين غفلة من حرّاس الحدود وحرس الاحتلال , على مدار أكثر من"12" عاما ليُسجن العديد منهم ويُقتل الكثير , عدا عن مئات الجرحى , ويذكر الأستاذ اسماعيل عرابي"أبا هاني" , أن أخاه محمود عرابي , ولعدة سنوات "يرابع":: يعني يقضي فترة الربيع بمواشيهم في "دير خروف" داخل حدود قرية الدوايمة المحتلة , مصرا على التمرد للواقع المرير حينها , إلى أن لَحِق "ببعير" توغل نحو جنود الاحتلال في معسكراته , ويتبعه محمود عرابي , ليقع في الأسر بين يدي جيش الاحتلال الإسرائيلي , ليحاكم ظلما على تسلله إلى قريته وبلدته , ويقضي محكوميته في سجون العدو الإسرائيلي حينها, كالعديد من أبناء فلسطين .. وبعد هذه السنين العجاف , تتفجر حركة التحرير المقاومة الفلسطينة ذات التاريخ العالمي الشهير ..
إن التأريخ واجب وطني وضرورة عقائدية في أرضية الإصرار على حق العودة ودونها الباطل , وضرورة في امتلاك استمرارية أدوات الدفاع من حقوق المُهجّرين قصرا عن أرضهم , ونقل هذه المبادئ للأجيال القادمة .. "وننقل رسالة إلى أحفاد المحتلين مفادها , لا مستقبل لهم في ارضنا" , لأن القاعدة الفكرية التي اعتمد عليها الغاصبين أننا "جيل بموت وجيل بينسى" ولكن طلع جيل أقصى وأقصى , وتم بعون الله وإذنه حفر تاريخ فلسطين وشهدائه , في ذاكرة التاريخ الإنساني والسياسي والعسكري , العودة والتحرير ودونها الباطل إن شاء الله تعالى , وهذا الفكر من صلب عقيدتنا الإسلامية , واليوم أكثر من 80% من أطفال فلسطين , سواء في المهجر أو الصامدين على أرضهم وجراحهم , يتمنون الموت شهداء على تراب فلسطين بعمليات استشهادية نوعية , كما هو حاصل في "غزة العزة" هذه الأيام بفرض معادلة خرافية في الصراع ضد الظلم والظالمين ..
وكما أننا في هذه المقالة نتحدث عن شهداء فلسطين , وكمثال هنا الشهيد بإذن الله "عرابي محمد سلامة العداربه" فإن أبنآئه وأحفاده الذين أصروا على الحياة , وحققوا منها الكثير شرق النهر من "أردن" الحشد والرباط , لم تمنع حلم العشرات بل المئات أنهم يقفون على بعد عدة كيلوا مترات عن مشارف الأقصى والقدس وفلسطين , وينتظرون ساعة الصفر لإعلان معركة الزحف نحو التحرير الحتمي "بإذن الله" , ويتمنون أن قبورهم تحت أسوار الاقصى والقدس لتجاور قبور أكثر من "36" ألف صحابي "رضي الله عنهم" قد صحبوا رسول الله "صلى الله عليه وسلم" , قد ساقهم قدرهم إلى أرض الحشد والرباط من أردن النشامى والأشراف , لتصنع من تاريخ الأمة , وقودا لأجيالها عبر العصور , "ممانعة قوية ضد الظلم والظالمين" ؛ وبأشكاله وألوانه المتعددة , لتعلن أحداث التاريخ , "أن كثيرا من الغزاة مروا من هنا , ولم يبقى منهم إلا آثارا وأحجار" ..
رحم الله شهيدنا عرابي فلسطين , ورحم الله شهداء قرية الدوايمة وفلسطين وشهداء الامة أجمعين , وجمعنا الله بهم تحت ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله , وأسكننا وإياهم في جنات الخلود بجواره سبحانه وتعالى ..
اللهم يا الله ؛ نعاهدك على الوقوف والممانعة ضد الظالمين , ونعاهدك أن لا نتنازل على ذرة تراب لظالم في فلسطين , ونسألك أن تقبلنا مجاهدين مع جندك المرابطين على أرض الحشد والرباط , ولا تحرمنا أجر المرابطين , وأن تقبلنا مجاهدين آمين آمين ...
 

عبدالحي عداربه

كاتب جيد جدا
رد: عفواً :: أنا لي تاريخ ::

بسم الله الرحمن الرحيم ..
فيما ورد وتواتر عن رسولِ اللهِ "صلى الله عليه وسلم"
"المتحابون في الله؛ على منابر من نور؛ تحت ظل العرش يوم القيامة؛ يحزن الناس ولا يحزنون؛ يخاف الناس ولا يخافون؛ إذا أراد الله عذابا لأهل الأرض ذكرهم؛ فيرفع عنهم العذاب"" بيوتِهم في الجنة؛ غُرَفٌ من زُبرجد؛ مبنية على أعمدةٍ من الياقوت الأحمر؛ تضيء كما يُضيء الكوكب الدريُّ في السماء؛ قالوا :: لمن يا رسول الله ؛ فقال للمتحابين في الله" .. اللهم اجعلنا منهم...
"المتحابون في الله" صفحة من التاريخ الفلسطيني المعاصر .. ديوانية عشيرة العداربه ..
عشيرة الدوايمة في شرق الأردن؛ أيادي متوضئة؛ تبني العز والكرامة مع أهل الخير؛ تبني أردن العصرنة والحضارة؛ بفروعها المادية والمعنوية؛ وبميادينها التجارية والصناعية والتعليمية الاكاديمية والحرفية والعشائرية؛ كما بنت قرية الدوايمة الشهيرة؛ في غرب مدينة الخليل؛ مدينة نبي الله ابراهيم "عليه السلام" ؛ في القرن الماضي وما قبله.. عنونت صفحات التاريخ الإنساني بالفخر والاعتزاز؛ رجال حيث تعني الكلمة؛ كلٌ في موقعه يُعطي الأمر حقه؛ هذه العشيرة بفروعها وعائلاتها العديدة المبارك بها بإذن الله؛ بتاريخها العريق المرتبط بالإسلام وقيمه للحياة؛ تصنع روابط عدة متعددة في القرن العشرين؛ والواحد والعشرين؛ روابط متأصلة لِكرامة الإنسان.. عشيرة الدوايمة:: عشيرةٌ انسانيةٌ مسلمةٌ؛ عربيةٌ فلسطينيةٌ؛ مسرُحها الجغرافي يمتد من "المغرب العربي" شمال القارة الأفريقية السمراء؛ إلى رياض وواحات الفردوس المفقود "الأندلس" في القارة الأوروبية الزاهرة؛ فالجزيرة العربية؛ حيثُ "مدينة الله"؛ مكة المكرمة ؛ لتصل إلى آل البيت الكرام؛ من نسل نبيُّ اللهِ أسماعيل "أبا العرب العاربة" "عليه السلام".. وأبناءُ العشائر اليوم على خُطى الأجداد؛ حيث حلّوا ورحلوا؛ صُنَّاعَ الحياة؛ وصُنَّاعَ مجدٍ وانسانيةٍ مميزة؛ مرتبطةٌ بدعوة أبيهم نبي الله أبراهيم "عليه السلام" لذريته من بعده؛ أن تكون لهم الإمامة في الإيمان والعملِ الصالح لخير الناس حيث أراد لهم الله.. وقدر الله اليوم على أرض أردن النشامى "أرض الحشد والرباط"؛ هذه العشيرةِ تُكمِّل مسيرتها الخيّرية الإنسانية العريقة؛ تاريخا من الإيمان والعلم والعمل؛ مُكلَلا بالمحبةِ والعمل الإنساني المميز؛ يخط ابناء العشيرة تاريخاً إنسانياً حديثاً ومُعاصراً كـــ "جمّعِيَتها الخيرية" الرئيسية في جبل الزهور عمان؛ وفروعها في مخيم البقعة والزرقاء؛ ودواوينها العديدة التي تربط العوائل وشبابها؛ وكذلك مجلسها العشائري الدارج نحو الصعود؛ نتمنى للجميع النجاح؛ تكاملية الروابطِ؛ وكذلك تكاملية الخدمة والخدمات؛ نسأل الله التوفيق للجميع مساعيهم المباركة؛ فمن بين فروع عشيرة الدوايمة تنبثق فروع عشائر عديدة مباركة؛ من بينها عشيرة العداربه.. وشبابها المتعلم المثقف؛ والمُفْعَم بالحيوية والنشاط؛ بدعْمٍ من شيوخها وأكابرهم الكرام؛ لتأسيس رابطةٍ انسانيةٍ داعمة بمسمى "ديوانية عشيرة العداربه" رافدا جديدا لروابط عشائر الدوايمه؛ ومكملا في سهولة التواصل مع الجميع.. سعى لها طليعة من أبناء العشيرة؛ بعزيمةٍ مشكورةً من الله تعالى؛ وفُتحت أبواب بيوت أبناء العشيرة باجتماعات كثيفة وعديدة؛ تنادي بمشاريع الدمج لصناديقها التكافلية في المناسبات؛ وتتقدم بمشاريعها الإلكترونية ذات التواصل الاجتماعي المعاصر؛ كديوانية "الفيس بك"؛ وشجرة العشيرة المصورة الموجودة الآن؛ على محرك البحث "قوقل"؛ وبفكرةٍ ريادية رائعة؛ ويأمل الجميع بأعمالٍ مميزة أخرى؛ وهذه الطلية من أبناء العشيرة "ولله الحمد" تخَطَّت الصعوبات بِحكْمَةٍ وحِرَفِيّةٍ واقتدار؛ وبِزمنٍ قياسي؛ لنصل اليوم بافتتاح مركز "ديوان عشيرة العداربه" المؤقت؛ الذي نفتتحه اليوم؛ في بيت أحد أبناء العم الغالي "عيسى ابراهيم محمود عيسى" الشهير بـ "أبي عاطف" في منطقة الجبيهة؛ شمال العاصمة عمان.. تفتحت زهور الياسمين؛ على قمم الروابي اليانعة؛ والمطلة على البحر المتوسط؛ في جبال الخليل؛ في قرية الدوايمة؛على أيدي الآباء والأجداد فيما مضى من الزمان؛ وتزهر اليوم على تلال البلقاء؛ وقمم جبال العاصمة عمان؛ والسهول الفسيحة لمدينة الزرقاء؛ ليندمج نسيم البحر والوادي؛ المختلط مع هَبوبَ الريح القادم من الصحراء؛ ليعانق أبناء العشيرة الأفاضل؛ المجد والخلود؛ ليتركوا للأجيال القادمة؛ تاريخا مجيدا موصولا بالدين الحنيف؛ رافدا من النبع الصافي؛ قادما من أعماق التاريخ؛ يُذَكِّرنا بالعمالقة الأجداد "عليهم جميعا السلام".. واذا سمح لي أبناء عمومتي الأفاضل؛ أن تكون هذه العجالة ورقةً من أوراق ملف الديوانية "ديوانية عشيرة العداربه" ؛ ليكون الملف كله صفحةً من تاريخ فلسطين والأردن المعاصر؛ وجزاكم الله تعالى خيرا
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
 

مواضيع مماثلة

أعلى