ترانيم العشق
كبار الشخصيات
الشّتاء في فلسطين
الأخوات والإخوة الكرام
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
من منّا لا يثير الشتاء لديه منابع الذكريات ، ويستدعي أنهار الوجع الكامن على تخوم القلب ، ويستحضر صور الذين رحلوا دون وداع ، وأطياف ضحكاتهم المرسومة على جدران الحلم ، وأصواتهم المجلجلة التي تستنهض الذكرى ، وترتجل الدموع في المآقي ، تبكي الأيام الخوالي ، وليالي الدّفا والعفا .
احبابَك يا قلب بالأمس كانونْ
يا نار فراقهم تشعل بالحشا كانونْ
يمُر تشرين ما رجعوا ، وكانونْ
يا نار فراقهم تشعل بالحشا كانونْ
يمُر تشرين ما رجعوا ، وكانونْ
أدعيلهم بالخير عسى دعواتي طالتهمْ
يا ترى يعودوا الصّبح وافرح بطلّتهمْ
يحيونْ بيّي الرّوح مِن شوف طلّتهمْ
يا ترى يعودوا الصّبح وافرح بطلّتهمْ
يحيونْ بيّي الرّوح مِن شوف طلّتهمْ
بلكي وساوس بالصدر يهدونْ ويكنّونْ
وهنا أيها الأخوة سأتناول موضوع الشتاء الفلسطيني من عدة محاور
** بناء البيت الفلسطيني
** وسائل تدفئة البيت الفلسطيني
** الطّابون
** الحياة الإجتماعية والعادات والمعتقدات الشعبية في شهور الشتاء
** الشتاء والفلاح الفلسطيني
** المربعانية والخمسينية
** الأمثال الشعبية المرتبطة بشهور الشتاء
** أهم الأحداث المؤثرة في القضية الفلسطينية ونضال الشعب الفلسطيني التي وقعت في شهور الشتاء
وغير ذلك من الأمور والأحاديث والذكريات الشتوية الحميمة
** وسائل تدفئة البيت الفلسطيني
** الطّابون
** الحياة الإجتماعية والعادات والمعتقدات الشعبية في شهور الشتاء
** الشتاء والفلاح الفلسطيني
** المربعانية والخمسينية
** الأمثال الشعبية المرتبطة بشهور الشتاء
** أهم الأحداث المؤثرة في القضية الفلسطينية ونضال الشعب الفلسطيني التي وقعت في شهور الشتاء
وغير ذلك من الأمور والأحاديث والذكريات الشتوية الحميمة
بالرغم من صغر مساحة بلادنا الحبيبة فلسطين ، إلا أنها تشهد تنوعا جغرافيا وتضاريسيا ومناخيا قلّ أن يوجد في بلاد أخرى ، فمن جبال حرمون والجرمق والكرمل وجبال نابلس إلى السهول الساحلية ومرج إبن عامر ، إلى المدن الداخلية والأغوار إلى صحراء النقب ، تتباين الطبيعة الجغرافية للمناطق بشكل يفرض تنوعا وإختلافا في المناخ وأحوال الطقس ، ولكن بشكل عام يعتبر فصل الشتاء في فلسطين فصلا باردا يشهد هطولات مطرية تتفاوت بين عام وآخر ، بالإضافة إلى تساقط الثلوج في أغلب الأعوام على معظم مناطق فلسطين وخصوصا الجبلية والعالية منها ، وهذا ما يجعل الناس تترقب قدوم الشتاء وتعد العدّة لإستقباله وإتقّاء برودته ، ناهيك عن الفلاحين والمزارعين الذين يشكّل الشتاء ونزول الأمطار فاصلا حيويا مهمّا في دورة حياتهم السنوية .
البيت الفلسطيني
( في كانون الأصمّ أقعد ببيتك وإنطمّ )
من هذا المثل الشعبي الذي ينصح الناس أن تلزم بيوتها في الكوانين الباردة سنبدأ بإلقاء نظرة على البيت الذي من المفروض أن يقي سكانّه شرّ البرودة الشتوية القارسة والأمطار الغزيرة الهاطلة والريّاح المحمّلة بصقيع الشمال وجفاف الشرق ورطوبة الغرب .
تختلف أساليب البناء ونماذجه بين المدن والقرى ، ناهيك عن المخيمات التي أنشئت بعد النكبة ، فأسلوب الحياة يفرض نظاما معينا لهندسة البيت ، وبينما كانت البيوت في المدن الداخلية تبنى على الأغلب من الأحجار التي كانت تجلب من المقالع القريبة ، وتتصف بمساحاتها الكبيرة وسقوفها العالية المصنوعة من الأعمدة الخشبية المتعامدة بالطول والعرض وفوقها طبقة من الإسمنت ، وقد عرفت البيوت ذوات الطوابق أيضا ، أما في المدن الساحلية فقد كانت البيوت تبنى من أحجار قوالب إسمنتية تسمى ( الطابوق أو البلوك ) .
أما بيوت القرى والمدن الصغيرة والتي هي أقرب إلى حياة الريف منها إلى حياة الحضر، فغالبا ما كانت تبنى من كتل طينية تصنع في قوالب خاصة ، وحتى يزداد تماسك هذه الكتل فقد كان يضاف إلى الخلطة الطينية كميات مناسبة من سيقان الحبوب ( كالقمح والشعير ) المدقوقة والتي تسمى ( قصل ) وكانت هذه القوالب تسمى ( قوالب التبن أو اللِبِن ) ، وعادة ما تكون سقوف هذه البيوت مصنوعة من أغصان الأشجار التي يوضع فوقها طبقة من الطين الممزوج بالقصب مما كان يستدعي صيانتها كل عام ، وخاصة عقب أول تساقط للأمطار في تشريين الأول والتي كان يطلق عليها ( مطر الصليب ) ، وكانت هذه الصيانة تتم عن طريق دحل هذه الأسقف بمدحلة خاصة تؤدي إلى رص السقف وتمتينه بحيث لا تنفذ منه مياه الأمطار ، وكانت هذه العملية تُكرر بعد كل شتوة كبيرة .
أما الناس المقتدرون في القرى نفسها ، فقد كانوا يبنون بيوتهم من الأحجار ، وتكون سقوفها عبارة عن عقود وقناطر حجرية تسمى في بعض المناطق ( القيصريات ) لأن نمط بنائها يعود في قدمه إلى أيام الرومان .
وكانت الدار غالباً ما تتخذ الشكل المستطيل ، وتبنى الغرف على أحد أضلاعه أو على بعض أو كل أضلاعه ، وتتوسط الدار ساحة مكشوفة تسمى صحن الدار أو أرض الدار تستخدم في عدة أغراض ، كأن تزرع ببعض الأزهار والشجيرات لتكون حديقة للدار والتي يجلس فيها أهل الدار ويستمتعون بشمس الشتاء الدافئة ، وبنسمات الربيع المنعشة ، ويقضون فيها كثيراً من ليالي الصيف حيث يسمرون وبخاصة في الليالي المقمرة .
وإلى جانب أرض الدار الأقرب إلى الباب الخارجي كانت تبنى غرفة للمواشي ، الأغنام أو الأبقار ، وتسمى ( الزريبة ) ، وغرفة أخرى صغيرة للدجاج تسمى ( الخمّ ) ، وأحيانا تكون الزريبة والخمّ خارج البيت ، في الحديقة الملحقة بالدار والتي كانت تسمّى ( الحاكورة ) .
وكثيراً ما كان يفصل بعض حجرات الدار صالة مفتوحة دونما حائط من الأمام ، وإنما تزينها عقود من الحجر، وكان يطلق على هذه الصالة ( ليوان ) وجمعها ( لواوين ) وربما كان أصلها من الإيوان ، ويستخدم الليوان في الولائم والمناسبات والأفراح .
وفي بعض الغرف كانت توجد في إحدى الحيطان ما يشبه الخزانة دون أبواب وإنما تستخدم ستارة من القماش لحجبها ، ويطلق عليها ( يوك ) وهي كلمة تركية على ما أعتقد . ويستخدم ( اليوك ) في حفظ اللُحف والمخدات ومرتبات ( فرشات ) النوم والملايات والأغطية ونحوه ، إذ كان معظم الناس ينامون على الأرض دون استخدام للأسرة .
و في بعض الغرف كان يوجد خزائن أخرى ولكن لها أبواب وهي أصغر من اليوك تسمى ( السندره ) و تكون غائرة داخل الجدار حيث أن جدار ( الغرفة ) أو ( العقد ) قد تصل سماكته من متر إلى متر ونصف . ( والسندره ) تسخدم لحفظ الأطعمة وما شابه
وفي بعض الأحيان يقوم بعض الناس ببناء غرفة فوق إحدى غرف الدار تسمى ( عليّة ) نظراً لعلوّها عن باقي الغرف وتستخدم في النوم في ليالي الصيف الحارّة ، أو تستعمل مثل صالة حيث ينفرد بها صاحب الدار بزوّاره من الرجال ، ويمكن الصّعود إلى هذه ( العليّة ) بواسطة درج بسيط يسمى ( سَلملك ) وهي أيضاً كلمة تركية ، ومن أجل الحماية ، وخشية من وقوع الناس ، وبخاصّة الأطفال كان يوضع عليه درابزين ، والذي كان يطلق عليه إسم ( حضير ) وهي على ما يبدو تحريف لكلمة حذر لأنه يحذر ويمنع الناس من السقوط ، وكان أثاث البيوت بسيطاً للغاية ، ويتألف من البسط الصوفية في فصل الشتاء ، والبسط القطنية أو بسط الشرايط في الصيف ، وتسمى ( قياسات ) ومفردها ( قياس ) وكذلك كانت تستخدم السجاجيد العجميّة وبخاصّة في بيوت الموسرين والوجاهات .
وفي بيوت الوجاهات هؤلاء غالبا ما كانت توجد غرفة للضيّوف أو السّهيرة تسمى مضافة ، تفرش أرضيّتها بالبسط أو السجّاد ، وتتوضّع على جوانبها فرشات رقيقة من القطن تسمّى ( طراريح , مفردها طرّاحة ) وتُغطّى هذه الطراريح بجواعد الصوف في فصل الشتاء ، وعليها مساند محشوّة بالقش اليابس يُتكأ عليها تسمّى ( مساند أو يساتك ) ، ويتوسط المضافة عادة كانون النار وعليه دلال القهوة المرّة والمعاميل ، وغالبا ما تُزيّن جدران المضافة بقطع من السجّاد المطرّز بالزخارف الجميلة وصور الغزلان ، أو الآيات القرآنية وكان القادمون يخلعون أحذيتهم عند عتبة المضافة ثم يجلسون على الطراريح من بعد إلقاء السلام ، وهات يا قرّ وهات يا حكي .
وفي فصل الصيف وحينما يشتد الحر، كان كثير من الناس يبنون في ساحة الدار عريشاً من الخشب ، ويغطى سقفه بسعف النخيل أو بأوراق العنب المزروع من حوله ، ويقضون في العريش أو كما تسمى ( العريشة ) أوقاتاً يكون فيها المكوث في الغرف صعباً من شدة الحر ، وفي وسط الدار كان يُبنى خزان اسمنتي صغير يسمى ( بُتيِّة أو حاووز ) لخزن المياه التي يستخدمها أهل الدا ر، أما الزير أو الجرّة فكان يوضع في مكان ظليل ، ويخصص للشرب فقط ، وفي بعض البيوت كانت تحفر آبار للحصول على المياه الجوفية ، وبعضها كان يستخدم لتجميع مياه الأمطار وتخزينها ويسمى ( بير جمع ) .
وكان يوجد في جوار أغلب البيوت الريفية الفلسطينية ( التنور ) أو ( الطابون ) وهو عبارة عن فرن مصنوع من الطين ، وتبدأ عملية صنع الخبز بجمع الوقود أو الحطب وتسمى ( قحاويش )ومنها يقال فلانة ( تُقحوش ) أي تجمع وقود الفرن ، وتشعل النار في الفرن حتى يسخن ويسمى هذا الجزء من العملية ( تحماية الفرن ) وقبل وضع عجين الخبز في الفرن تقوم المرأة بتنظيف أرضية هذا الفرن بقطعة من قماش أو خيش مبللة بالماء تسمى ( مصلحة ) .
أما عن بيوت المخيّمات ، وخاصة في بداية إنشائها ، فحدّث ولا حرج ، فقد بدأت بالخيام ، وتطورت إلى البيوت المسقوفة بالزينكو ، فإلى بيوت الإسمنت الأقرب إلى بيوت المدن في الكثير من مخيّماتنا .
أنقاض بيوت عربية من قرية الشجرة قضاء طبريا
تظـهر بوضـوح هيـئة البيوت المبنـية من الحـجر الجـيري ، مقسـمة من الـداخـل ، وأمامها ساحـة أو حـوش مشـترك لعـدة بـيوت
داخـل الحـوش في الصـورة السابـقة ، وتبـدو هنا بوضوح ضخـامة وعظمـة بيـوت الجاعـونة ، فهي من النوع الذي كان يدعى في فلسطين " بيـوت العِـلـيّة " أي غرف كبيرة للمعيشـة اليومية في الطابق الأول ، وغرف نـوم صـغيرة في الطابق الثاني
واجهة أحد البيوت الكبيرة في قرية دير القاسي قضاء عكا
أحـد العَـقـديـن في الطـابـق السـفـلي من نفـس البـيت ، والشـبابـيك المسـدودة هي في الحائـط الشـرقي ، مـن الواضح أن هـذا البيـت هو لأحـد وجـهاء البـلد أو أغنـيائها.
العَـقـد الآخـر في نـفـس البـيت ، والمصطـبة مغـطاة كلـياً بـبراز البـقر، فهـذا البيت كغـيره مـن البـيوت العربية يسـتعمـل حظـيرة للأبـقار من قبل اليهود .
سـقـف الغرفـة الرئيـسـية في الطابـق العـلوي من نفـس البـيت ، مزين برسـومات إسـلامية ، وعلى الجـدران آيات من القرآن وأحـاديث نـبويـة وزخـرفات أخـرى .
بقايا بيت عربي من قرية الزيب قضاء عكا
بيت من صفورية قضاء الناصرة
بيت آخر من صفورية
غرفة من البيت في الصورة السابقة
الطـوالـة "جـرن لتقديم العـلف للبهائم" في طرف أحد البيوت الباقية .
يتبــــــــــــــع
منقول