[ad_1]

 

إن الخيال هو الذي صنع الأمم العظيمة التي صاغت أفكارها الكبرى، ودفعت شعوبها الناهضة للتطور عبر مسيرة البشرية، لكنّه، أي الخيال، يختلف بدوره عن «الوهم»، ويقترب من مفهوم التصور المستقبلي لرحلة الزمان والمكان. فـ «حق الخيال» هو منحة إلهية يستطيع بها المرء أن يتجول في الدنيا وهو في مكانه، راسماً الخطوط العريضة لحياته. 

إذا عدنا إلى مصطلح طالما عملت البشرية لأجله، وهو «محو الأميّة»، الذي تغير مفهومه اليوم، وتحوّل من إعادة القدرة على القراءة والكتابة، إلى «محو الأمية المالية» و«محو الأمية الرقمية». لكن إذا توقفنا عند «محو الأمية المستقبلية» فهو إبداع آخر له علاقة بالخيال البشري، ويحاكي القدرة على معرفة كيفية تخيل المستقبل، ويجعلنا ندرك مكامن مخاوفنا، ونرسم بآمالنا صوراً عالمية لهذا المستقبل بخياراته الملونة والمتنوعة من حولنا. 

في الآونة الأخيرة، أصبحت دراسة المستقبل جزءاً من التخطيط، للتحكم في الغد. وعلى مدار السبعين عاماً الماضية، سعت المنظمات والحكومات في المقام الأول إلى محاولة التغلب على «عدم اليقين»، وفهم التعقيد، والبقاء على صلة بالجمهور والمستهلكين، أو بعبارة مختلفة قليلاً، «استشراف الغد بأفكار اليوم». وعندما أصبح الأمر أكثر من مجرد تكهنات يومية، ظهرت تقنيات مثل «تخطيط السيناريو» و«مسح الأفق». ومن هنا ظهر المستقبليون، ليساعدوا في التخطيط للغد، ربما عن طريق اكتشاف أو اختراع مستقبلي ممكن، محتمل، أو مفضل، مشتق من افتراضات تستند إلى صور الماضي والحاضر لما قد يكون عليه المستقبل. 

إن المستقبل المتخيل الذي لا يعتمد على ما هو محتمل أو مرغوب ليس له مكان؛ لأن صور المستقبل تصبح أقوى بالاعتماد على ما نتصوره ونفعله، إلا «الظواهر الجديدة» فهي غير مرئية؛ لأنها مستبعدة من تصورنا للمستقبل. 

لقد وصف علماء الاجتماع كيف أن الوتيرة المتسارعة للحياة والتغيير الاجتماعي تجعلنا نشعر بالغربة عن العالم الذي نعيش فيه، إلى درجة أن الأفراد والشركات والهيئات الحكومية غير قادرين على تبني التغيير. 

من هنا تأتي الحاجة لمعرفة كيفية محو أميّة المستقبل، لنتمكن من تخيّله، معتمدين على نظام الترقب في داخلنا، والذي يمكن تدريبه وصقله، لنصل إلى درجة الانضباط في التوقع ما يسمح لنا بالنظر لـ «عدم اليقين» كمورد، وليس كعدو للتخطيط. 

بهذا يمكن للأفراد أن يدركوا قدرتهم على ابتكار افتراضات استباقية جديدة، وتحويل هذه القدرة من التوقع اللاواعي إلى الحالة الواعية. وهو بداية ليتقنوا «فنّ قراءة المستقبل».  

 



[ad_2]