إسرائيل.. من هو منصور عباس وما هي دوافعه السياسية؟

[ad_1]

خصصت صحيفة “هآريتز” الإسرائيلية تقرير عن زعيم القائمة العربية الموحدة منصور عباس متسائلةً “ما هي دوافعه” للمشاركة بالحكومة الإسرائيلية الجديدة.

وبدأ التقرير بهذه العبارات: “يستشهد بالقرآن بنفس دقة اقتباسه من دستور سويسرا.. كانت حملته معادية للمثليين بشكل واضح، لكنه يتحدث عنهم بلغة مختلفة في الغرف الخلفية.. لا يظهر أي ندم بشأن إدارة ظهره بقسوة لرفاقه. منصور عباس الآن في موقع نفوذ غير مسبوق في السياسة الإسرائيلية. ما هي خطوته التالية؟”.

طالب طب أسنان في “الجامعة العبرية”

وبحسب الصحيفة، اعتُبرت “لجنة الطلاب العرب”، التي كانت نشطة في “الجامعة العبرية” في القدس في التسعينيات، “أرضاً خصبة للثوار الشباب”. ممثلو هذه اللجنة كانوا ناشطون صقلوا آرائهم في نقاشات عاصفة حول القضايا المهمة وانتموا عادة إلى كليات العلوم الإنسانية أو العلوم الاجتماعية أو كليات الحقوق. وقد استمروا “في القيام بأدوار مهمة في النخبة المثقفة في المجتمع العربي في إسرائيل.. ولم يكن منصور عباس من بينهم”، بحسب “هآريتز”.

وتضيف الصحيفة: “كان عباس عضواً في الحركة الإسلامية وطالب في مجال طب الأسنان، وعلى هذا النحو كانت صلاته بهذه المجموعة أقل من فضفاضة. لكن منصور عباس، رئيس حزب “القائمة العربية الموحدة” UAL في الكنيست اليوم، كان ثورياً من نوع مختلف. جمع حوله عدداً من الطلاب الملتزمين دينياً، بعضهم من غير المنتسبين سياسياً، وآخرون أصيبوا بخيبة أمل في حزب الجبهة الاشتراكي، ومن هؤلاء شكّل تحالفاً سياسياً جديداً.. وبدلاً من تنظيم مظاهرات، سعوا إلى اكتساب الحقوق من خلال التفاوض المباشر مع إدارة الجامعة.. وبدلاً من الانخراط في الخلافات الأيديولوجية كانوا يهدفون إلى تحسين الظروف في مساكنهم. وتوافد الطلاب العرب على عباس. ورغم كل الصعاب انتخب رئيسا للجنة”.

وعن تلك الحقبة يقول نهاد بقاعي، الناشر الذي كان ناشطاً في مجموعة “حداش”: “في ذلك الوقت كان منصور مصدر قلق للجبهة والأحزاب الأخرى. لم يقدم نفسه كمرشح للحركة الإسلامية، بل كمرشح طلابي. قال: “لقد سئمنا من الأيديولوجيا، دعونا نتعامل مع ما هو مهم للطلاب العرب وسنركز على الحصول على الفوائد. وقد نجح الأمر”.

حنكة ومهارة في ابرام الصفقات

واعتبرت الصحيفة أنه “من الصعب تفويت أوجه التشابه بين تجربة عباس السياسية الأولية والمسار الذي سلكه اليوم. لقد وصف نفسه بأنه الممثل الحقيقي لعامة الناس، واصفاً النخب العلمانية بأنها ليست ذات صلة، واعتمد نهجاً براغماتياً أنتج أجندة نفعية. كل ذلك على حساب القضايا الوطنية ومسائل الهوية. كانت حنكة عباس السياسية ومهاراته في إبرام الصفقات ظاهرة بالفعل في أيام دراسته”.

وفي عام 1998 زار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الحرم الجامعي في القدس. وقدمه حينها مسؤول جامعي لكبير ممثلي الطلاب العرب، منصور عباس الذي كان يبلغ من العمر آنذاك 23 عاماً وقال له: “ستلتقي به في الكنيست يوماً ما”.

ومر عقدان من الزمان حتى صار هذا اللقاء. وبعد ثلاث سنوات من انتخابه للكنيست الاسرائيلي لأول مرة نيابةً عن “القائمة العربية الموحدة” UAL، أقام تحالفاً وثيقاً مع حزب الليكود بزعامة نتنياهو وحملة انتخابية واحدة.. ثم قاد حزبه إلى حكومة “الائتلاف من أجل التغيير” الحالية والتي أطاحت بنتنياهو، وهي المرة الأولى على الإطلاق التي يدخل فيها حزب عربي للحكم بإسرائيل.

رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت مع منصور عباس في الكنيست

رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت مع منصور عباس في الكنيست

وأضافت الصحيفة: “حقق منصور عباس هذا في سن الـ47 فقط بفضل سلة فريدة من السمات. إنه مثقف ذو آفاق واسعة ورجل أدب يُسمع أحياناً نغمة من التعصب الديني. لقد التقى ببعض الأشخاص الأكثر عداء لإسرائيل لكنه لم يتردد في إلقاء خطاباته وخلفه علم الدولة الاسرائيلية ورموزها. إنه ساحر للتسويات والتحالفات السياسية، وهو قادر على إجهاض تلك العلاقات في لحظة وإدارة ظهره لرفاقه. إنه حساس ويبكي بسهولة، لكنه أيضاً سياسي ماكر ماهر في تحييد منافسيه. لقد حصل على مكانته مستخدماً تعليمه الديني ودراسته القرآنية، ولكنه أيضاً يقتبس فقرات من الدستور السويسري حسب الرغبة، ويفاجئ محاوريه بمعرفته بترتيب الدول المشاركة في مسابقة الأغنية الأوروبية”.

وتابعت الصحفية: “كل ما تبقى الآن هو معرفة ما الذي يطمح إلى تحقيقه بالضبط من خلال موقع التأثير غير المسبوق الذي حققه”.

علاقته بمؤسس الحركة الإخوانية في إسرائيل

وأشارت الصحيفة إلى أن منصور عباس متزوج وأب لثلاثة أطفال في سن المدرسة الابتدائية، نشأ في المغار، شمال غرب بحيرة طبريا في الجليل، وهي بلدة يتمتع فيها الدروز والمسلمون والمسيحيون بعلاقات حسن الجوار معظم الوقت. كان والده يدير محل بقالة صغير. وفي تلك المنطقة، كانت التوصيلات بالمرافق عامة غير مستقرة، فلم يكن نقص المياه وانقطاع التيار الكهربي غريباً على عباس وإخوته الثمانية. وفي ليالي الصيف الحارة، كان أطفال الحي ينامون على أسطح المنازل، ليتمكنوا من الاستمتاع بقطرات ندى الصباح المنعشة.

وكان عباس تلميذاً متميزاً في المدرسة وكان ينجذب بشكل خاص إلى الدراسات الدينية. وببلوغه سن الـ17، “اكتسب مكانة الزعيم الروحي، عندما بدأ بإلقاء خطب الجمعة في المسجد المحلي”، بحسب الصحيفة التي أضافت: “وصلت تقارير عن الشاب اللامع إلى الشيخ عبد الله نمر درويش، مؤسس الحركة الإخوانية في إسرائيل والذي أضاف منصور عباس إلى دائرته مما جعله أحد أتباعه. قال عباس لأصدقائه في المغار في ذلك الوقت إنه يتطلع إلى تكريس حياته للسياسة. ولم يعتقد والديه أن هذا التوجه هو الأمثل لقدراته العلمية، حيث لقد أرادوا أن يصبح ابنهم المجتهد طبيباً، وبناءً على طلبهم، درس طب الأسنان”.

وفي الجامعة العبرية، انجرف عباس إلى النشاط السياسي، ونمت علاقاته مع درويش خلال فترة رئاسته للجنة الطلاب العرب الإسرائيليين. وفي ذلك الوقت، أظهر عباس ميلاً مستمراً للتوصل إلى حل وسط، على الأقل على ظاهرياً. وفي فترة دراسته عمل بلا كلل لرأب الصدع بين الفروع الشمالية والجنوبية للحركة الإسلامية، بحسب الصحيفة. وفي الوقت نفسه، أقام علاقات مع قادة غير مرتبطين بالحركة، ونظم مؤتمراً دعي لحضوره القادة الفلسطينيون في الضفة الغربية مروان البرغوثي وفيصل الحسيني وحنان عشراوي، فضلاً عن عزمي بشارة. وأقام علاقات وثيقة مع بشارة، مؤسس حزب “البلد” العلماني القومي. وبحسب “هآريتز”، كان عباس “يجلس بجانب سرير بشارة بشكل شبه يومي بعد أن خضع الأخير لعملية زرع كلية في عام 1997”.

مهارات دبلوماسية.. خارج السياسة

ومع مرور الوقت، بدأ عباس في ممارسة مهاراته الدبلوماسية خارج الساحة السياسية أيضاً مقدماً نفسه على أنه “ساحر الصلح” لعقد مصالحات بين خصمين، وكـ”حكم عادل ومقبول عالمياً”. وقد أمضى الفترة بين 2020 و2021 في حملات انتخابية في مدينة كبول في الجليل الغربي للتوسط بين عشيرتين متورطتين في نزاع دموي.

زار عباس هذه المدينة أكثر من 20 مرة خلال أربعة أشهر، وعقد العديد من الاجتماعات، بعضها بدأ على الساعة الثانية فجراً واستمر حتى الصباح، حتى توصل إلى اتفاق بين العشيرتين وعاد الهدوء إلى البلدة. وبهذه المناسبة، كافأته كبول بسخاء في انتخابات مارس الماضي.

لكن في توران، حيث تم استدعاؤه بشكل عاجل في أعقاب دورة انتقام دموية التي خرجت عن نطاق السيطرة، أثبتت مهاراته أنها غير مثمرة، حيث لم يكن منصور قادراً على حل هذه الأزمة.

“شق طريقه بالكلام اللطيف”

مارس منصور عباس طب الأسنان لفترة وجيزة بعد تخرجه، لكن معظم طاقته كانت مكرسة للنشاط العام في الحركة الإسلامية. وفي عام2007 ، وفي سن الـ33، تم تعيينه أميناً عاماً لـ”القائمة العربية الموحدة”. وبحسب الصحيفة فقط “شق طريقه إلى هذا المنصب الرفيع بالكلام اللطيف والخجل ونكران الذات”.

ويقول شخص يعرف عباس منذ أيامه الأولى في السياسة: “إنه أحد أولئك الأشخاص الذين لا يطالبون أبداً، وينتظر دوره دائماً، بل ويذل نفسه ويقلل من قيمته الذاتية. إنه يزرع صورة المستضعف.. وفي اللحظة التي يتأكد فيها من أن السمكة قد ابتلعت الطعم، يلتف عليها.”

وأشار شخص آخر منخرط معه في الساحة السياسية المحلية إلى أنه “لا يمكن التنبؤ به للغاية. يعدك بشيء، يجعلك تعتقد أنه معك، ثم في اللحظة الأخيرة يغير اتجاهه لأن شخصاً ما قدم له أكثر من ذلك بقليل”.

وفي الواقع، عندما تولى عباس مناصب نافذة سرعان ما أصبح شخصية مهيمنة، مما أثار استياء بعض قدامى المحاربين في الحزب.

وفي هذا السياق، يقول الصحفي محمد مجادلي، مدير قسم الأخبار في “راديو ناس في الناصرة: “فجأة يظهر هذا الشاب ولا يتردد في اللعب ضد الكبار. إنه مهندس الصفقات، صانع الصفقات، إنه يملي كيف ستبدو قائمة الحزب في الكنيست. لقد حصل على الشرعية للقيام بذلك، لكنه بطبيعة الحال خلق لنفسه أعداء كثيرين”.

أعداء.. ضمن الزملاء السابقين

بين هؤلاء الأعداء زملاء سابقين في “القائمة المشتركة”، ألمح لهم عباس أنه يؤمن بتوحيد فلسطينيي الداخل من كل التيارات الأيديولوجية. وبعد انقسام “القائمة المشتركة” لأول مرة قبل عامين، أي قبل انتخابات أبريل2019 ، قاد عباس قائمة “البلد”، لكن انتهى به الأمر إلى ما دون العتبة الانتخابية. وفي ضوء تلك التجربة المؤلمة، كان عباس مصمماً على إعادة توحيد “القائمة المشتركة”. وتحقيقاً لهذه الغاية، وافق على التنازل عن المركز الثاني في القائمة، بل وخفض نفسه إلى المركز الرابع، ووافق على إعطاء المرتبة الثالثة لأحمد الطيبي من “الحركة العربية للتجديد” الذي يعتبر منافسه اللدود.

منصور عباس مع أعضاء القائمة المشتركة  في عام 2019  قبل انقسام الحزب

منصور عباس مع أعضاء القائمة المشتركة في عام 2019 قبل انقسام الحزب

وضع عباس غروره جانباً وارتفعت “القائمة المشتركة” إلى 15 مقعداً في الكنيست في انتخابات أبريل 2020. ومع ذلك، وفي وقت قصير، “أصبح من الواضح أن عباس تحت السطح كان يعمل كعميل حر لا يرى نفسه مضطراً للانصياع الى قيادة الحزب”. وحتى في وقت سابق، كان قد أنشأ “قناة حوار” مع ناتان إيشيل، المساعد المقرب لنتنياهو، الذي حاول إقناع “القائمة المشتركة” بدعم مرشح الليكود لمراقب الدولة ماتنياهو إنغلمان. بعد ذلك، أقام عباس علاقات حميمة مع اثنين من أعضاء الكنيست من حزب الليكود، هما ميكي زوهار وياريف ليفين، وكلاهما مقربان أيضاً من نتنياهو.

وسرعان ما أصبح واضحاً لقادة “القائمة المشتركة” أن عباس كان يدعي الفضل الحصري في الإنجازات التي كانت نتيجة جهود جماعية. لقد فعل ذلك بإرسال رسائل نصية إلى قاعدة بيانات تضم مئات الآلاف من الناخبين الفلسطينيين، بتكلفة تقديرية تبلغ 20 ألف شيكل (حوالي 6000 دولار) لكل رسالة مختلفة. وكانت المرة الأولى التي فعل فيها ذلك بعد أن توصلت قيادة “القائمة المشتركة” إلى اتفاق مع الحكومة بشأن دعم الميزانية للسلطات المحلية الفلسطينية. حينها، وعندما طُلب منه شرح تصرفه، رد بضحكة خافتة واعترف بأنه ارتكب خطأ من خلال الاعتراف بالاتفاق.

وبعد أن توصلت “القائمة المشتركة” إلى اتفاق مع كاحول لافان بشأن تعليق ما يسمى بـ”قانون كامينيتس” الذي يتعامل مع البناء غير القانوني في المناطق الفلسطينية، تقرر أن يصدر الحزب إعلاناً رسمياً. لكن عباس قفز مرة أخرى، وقبل نصف ساعة من الموعد المتفق عليه لبث الإعلان، ووجه رسالة إلى دائرته يتفاخر بالإنجاز. وفي المرة الثالثة التي لجأ فيها عباس إلى هذا التكتيك، نشبت الأزمة بينه وبين باقي “القائمة المشتركة” بشكل علني.

في الوقت نفسه، أصبحت غمزاته وإيماءاته إلى اليمين السياسي أكثر تكراراً. وأجرى عباس مقابلات مع اثنين من وسائل الإعلام اليمينية، هما “القناة 20” وصحيفة “ماكور ريشون”، مما أشار إلى أنه قد يدعم تشريعاً دفاعاً عن نتنياهو لتأجيل محاكمته بالفساد. في هذا الوقت تقريباً، شعر زملاؤه في “القائمة المشتركة” بالإحباط، بسبب نهجه بفرض التعاون مع الجناح اليميني والتخلي مقدماً عن إمكانية ممارسة لعبة النفوذ.

تشويه سمعة مساعديه السابقين

وفي ديسمبر الماضي، بينما كان زعيم “القائمة المشتركة” أيمن عودة المنتمي إلى “فصيل حداش” يبذل جهداً أخيراً لمنع حدوث انقسام في حزبه، وكان يقوم بزيارات لأعضاء مجلس الشورى على أمل العمل معهم على صيغة ترضي عباس، أعلن الأخير أنه سيتغيب عن التصويت على حل الكنيست. وأصبح حينها التحالف بين “القائمة العربية الموحدة” والليكود معروفاً للجمهور، وشرع عباس في مسار مستقل.

وبناءً على ذلك، أطلق عباس حملة بلا حدود موجهة إلى تشويه سمعة مساعديه السابقين، أعضاء الكنيست من “القائمة”، خاصةً عايدة توما سليمان التي نسج لها صورة “علمانية نسوية معادية للدين”. وفي هذا السياق، قال فهدي إجاوي، عضو فريق حملة “القائمة”: “لقد أضرت الحملة بها بشدة. لقد فتحنا أعين المؤيدين الدينيين للجبهة عليها”.

واستهدف الحملة أيضاً أيمن عودة، وشككت منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي بما إذا كان عودة “مسلماً أصيلاً”.

وكانت كل هذه الأساليب محاولة لضرب شركاء منصور عباس السياسيين السابقين، حتى مع خطر إهدار الأصوات الفلسطينية فعلياً.

هذه الحملة الخبيثة كان العقل المدبر لها شخص واحد هو إياد كيال، مستشار منصور عباس الاستراتيجي. وفي الواقع، كانت استراتيجية كيال هي التي أعطت عباس مفاتيح تشكيل الحكومة. وفي ليلة الانتخابات، عندما أصبحت النتائج الرسمية معروفة، كرس منصور عباس قدراً كبيراً من خطابه لشكر كيال. كما وضع قبلة على خده وأعلن أنه “أفضل مستشار استراتيجي في العالم”.

كيال البالغ من العمر 40 عاماً أحد مهندسي تفكيك “القائمة المشتركة”. ومنع كيال بشدة الآخرين الموجودين في القائمة من إجراء مقابلات، خوفاً من أن يقولوا أشياء يمكن تفسيرها عند اليهود على أنها متطرفة. وتم استثمار موارد ضخمة في اللوحات الإعلانية والإعلانات الإعلامية التي تم وضع صورة عباس مرفقةً ب،3 كلمات هي: واقعي، مؤثر، محافظ.

وكان كيال أيضاً وراء خطاب ألقاه عباس بالعبرية عشية عيد الفصح، والذي كان محسوباً لتمهيد طريقه لتحالف يميني. عندما تبين أن هذا من غير المرجح أن يحدث، شرع كيال في تعزيز مكانة عباس كصانع ملوك وتصوير “القائمة المشتركة” على أنها عجلة خامسة.

الفخ الذي وقع فيه عباس

وبحسب الصحيفة “طريق عباس المختلف أوقعه في فخ. من ناحية، تثير جهوده لقبول الأغلبية الصهيونية حنق قاعدته، ولكن في الوقت نفسه، فإن الموافقة على المعايير التي وضعها السياسيون العرب في السياق الوطني تجعله داعماً للإرهاب”.

وفي السباق، سمح عباس لنفسه بمعالجة القضية الفلسطينية بحرية أكبر. حيث في يوليو2018 ، شارك في مؤتمر في اسطنبول بعنوان “الفلسطينيون وخطة القرن”. وكان من بين المشاركين موسى أبو مرزوق من حركة حماس وممثلون عن الجهاد الإسلامي والجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين والجبهة الشعبية. وفي عام2016 التقى في اسطنبول بصلاح العاروري، أحد مؤسسي الجناح العسكري لحركة حماس. وفي عام 2014 زار الدوحة والتقى بخالد مشعل، في ذلك الوقت زعيم حماس.

وبحسب الصحيفة “لدى عباس سجل هزيل فيما يتعلق بإظهار الدعم النشط للسجناء الأمنيين”. ففي عام 2013، عندما كان نائباً لرئيس “الحركة الإسلامية”، قام هو وزعماء “اتحاد العمل الإسلامي” بزيارة عائلات الأسرى بمناسبة يوم الأسير الفلسطيني. كما قدمت المجموعة مواساة لعائلات سمير سرساوي وعلي عمرية من قرية ابتين البدوية في الجليل الذين حُكم عليهما بالسجن لفترات طويلة لإلقاء قنابل يدوية على سكان مدنيين في حيفا عام 1988 مما أدى إلى إصابة 29 شخصاً.

واختتم عباس وزعماء التحالف يومهم بزيارة إلى محمد كنعانة، الذي قضى عقوبة بالسجن لمحاولته التوسط بين حزب الله ومجموعة من جنين. ويتذكر أحد أقارب أحد السجناء الحاضرين أثناء الرحلة إلى بعنا أن المجموعة أظهرت “فخراً قومياً” باستثناء عباس، الذي لم يكن مهتما بشكل بارز بهذا الملف. وقال المصدر: “لم أسمع منه تعليقا صريحاً، بل ردد تعليقات مرنة كانت مفتوحة لتفسيرات مختلفة. لقد تصرف كسياسي يتهرب من الأسئلة الصعبة”.

مواقفه من قضايا الفلسطينيين

ويعتقد باسل غطاس، عضو الكنيست السابق الذي قضى فترة في السجن بتهمة تهريب الهواتف المحمولة للسجناء الأمنيين، أن عباس كان يخطط لرحلته إلى الإجماع الإسرائيلي منذ بعض الوقت، وبالتالي كان لا يرغب في الإفراط في ربطه بهذه القضية. وأضاف: “في رأيي، يعرف عباس أن الآخرين سيذكرونه بكل زيارة من هذا القبيل، وهو يخشى أن يؤدي ذلك إلى تشويه جهوده لتبييض نفسه في عيون الجمهور اليهودي. لم يرغب في إعطائهم أسباباً لمهاجمته.. على أي حال أود أن أقول إن عباس اليوم ضيف غير مرحب به في السجون”.

وعندما وصل منصور عباس إلى منصب قيادي تعرض لانتقادات متكررة لعدم زيارته للسجون وخيم عزاء عائلات القتلى الذي ينفذون هجمات. ووصلت الأمور إلى ذروتها في الحملة الانتخابية الأخيرة عندما أعلن عباس في برنامج تلفزيوني إسرائيلي، في إشارةً إلى السجناء الأمنيين، أنه لا “يحتضن الإرهابيين”. وأصدر حينها قادة الأسرى رداً شديداً ضده. فاعتذر عباس وأصر على أنه أسيء فهمه.

زلة أخرى لعباس حدثت عندما قال إن أي شخص من فلسطينيين الداخل لا ينوي التصويت في الانتخابات “يجب أن يعيد بطاقة هويته الزرقاء”. وتلت ذلك التعليق سلسلة من التصحيحات والتوضيحات أيضاً.

في سياق متصل، اعتبر لقاء عباس بعد الانتخابات، بضغط من نتنياهو، مع الحاخام حاييم دروكمان، خنوع لقادة المستوطنين وأثار القلق في دائرته الفلسطينية.

وتابعت الصحيفة: “لكن الضربة التي اوجعته جاءت في ملعبه. عندما أراد زيارة حي الشيخ جراح في القدس الشرقية، أحد مواقع الانتفاضة الأخيرة، طرده النشطاء الفلسطينيون هناك وقالوا إنه غير مرحب به”.

وخفت حدة الانتقاد لعباس بمجرد أن نجح في قيادة فصيله إلى إنجاز سياسي غير مسبوق عبر الدخول بالحكومة.

صورة زعيم حزب القائمة العربية الموحدة منصور عباس وزعيم حزب يمينة نفتالي بينيت وزعيم حزب يش عتيد يائير لابيد، يجلسون معا في رمات غان ، بالقرب من تل أبيب

صورة زعيم حزب القائمة العربية الموحدة منصور عباس وزعيم حزب يمينة نفتالي بينيت وزعيم حزب يش عتيد يائير لابيد، يجلسون معا في رمات غان ، بالقرب من تل أبيب

“بكاءه سهل”

في جانب آخر من تقريرها، قالت صحيفة “هآرتز” أنه “يمكن لعباس أن يبكي بدون تقطيع بصلة. وقد بكى بمرارة في جنازة الشيخ درويش، ويمكن أن تتبلل عيناه حتى عندما يتحدث عن قضية دينية سامية. وفي الانتخابات التي جرت في مارس الماضي، عندما وصم عباس بـ الخائن” و”المتعاون”، عاش لحظة أزمة وذرف دمعة”.

لكن الأزمة الأكبر من وجهة نظره، والتي حدثت أيضاً في منتصف الحملة الانتخابية، كانت وفاة شقيقه الأكبر نصار الذي كان قريباً منه، بمرض السرطان. كما توفيت اثنتان من شقيقاتهما بسبب المرض مؤخراً. وفي مقابلة مع قناة الكنيست في ديسمبر الماضي، كشف عباس أنه تساءل في لحظات معينة عما إذا كانت هناك علاقة خفية بين مساره السياسي وسلسلة المآسي التي طالت عائلته. قال بصوت يرتجف وعيناه رطبتان: “ظننت أنني إذا تركت السياسة، فربما سينتهي مسلسل المآسي”.

وتابعت الصحيفة: “بعد ذلك، جاء الإنجاز في الانتخابات والمناورة الناجحة في الائتلاف. الآن، وعلى الأقل في المستقبل المنظور، يبدو أنه (عباس) لا ينوي ترك المسرح”.

[ad_2]