في بلاد العقلاء

محمد سوزى

كاتب جديد







لم تعد لديه القوه الكافية للنهوض ثانية ولكن الخوف من هراوة ذلك الجلاد الغليظ جعله يقف ويتجه مباشرة الى اعواد المشانق .

كان الرجل سيء الحظ بدخوله الى المدينه .. فقد قالو له انه بامكانه نشر القيم والاخلاق بين الناس من خلال ما اكتسبه من الحكمه فى حياته .

بدت اهتماماته منذ الصغر متعلقه بقيمة الانسان ومقدرته على الاعمار والاصلاح فى المجتمع الذي يعيشه , وخلال مراحل حياته عمل على ذلك الى ان الت الامور الى ماهي عليه الان .

الطريق الى المدينه
كان وعرا وعليه ان يقطعه سيرا على الاقدام خلال ثلاثه ايام قضاها مفكرا فى كيفية البدء هناك وماهية الخدمات التى سيقدمها للمجتمع ,

بل وابتعد اكثر بخيالاته .. فلربما استطاع تكوين مدرسة وتلاميذ يتلقون العلم على يديه وينشرونه من بعده .

على ابواب المدينة وقف منتظرا فى طابور طويل وقد اعياه السير لمده ثلاثه ايام , كان الوقت يمر ببطء شديد فاتكأ على احد الاسوار مستريحا ومادا نظره الى اعلى ,

كانت ابواب المدينه عاليه وتنم عن مظهر معماري فريد مما ادخل على نفسه بعض البهجه .. انها بحق المدينة التى تليق بجهوده .. هكذا فكر ,

بعد عناء وطول انتظار وصل الى احد الابواب فاستوقفه الحارس متفحصا فيه بنظرة طويلة جامده اخترقت كيانه كله , بحاجب مرتفع قليلا وفم ملتوي ينم عن الازدراء سأل الحارس :

- ما سبب الزياره ؟

= لنشر العلم بين الناس فأنا ...

قاطعه الحارس بأيمائه من يده تأمره بالتوقف واستدعى مجموعه من الحراس كانوا بالجوار , وبدون ان ينطق احد بكلمه وجد نفسه ملقى فى عربة خشبية مغلقة من جميع الجهات .

افاق من الصدمه متحسسا رأسه الذي ارتطم بشده على حركه الخيل وهي تجر العربه , تفقد ببصره المكان .. كان مظلما بعض الشيء تتخلله اشعه الشمس من خلال الجذوع الخشبية المكونه للجدران ,

كاشفة عن وجود العديد من الوجوه الشاحبه التى يبدو انها عانت كثيرا فى الوصول الى المدينه ايضا .. ولكن لا احد ينبس بأي كلمه .

امام حشد غفير توقفت العربة وتعالت الصيحات والهتافات بنزولهم منها .. كان المشهد احتفاليا رائعا.

هروات ضخمه انهالت على الاكتاف والارجل مع بدايه صعودهم الى المنصة المعده لذلك .. والدماء تنفجر من الاجساد المنهكه والتي اعياها السير للوصول الى المدينة المنشوده .

حاول الرجل ان يخرج صوتا يشبه الاستغاثه ولكن هراوه احد الحراس عالجته على الفور .. فاطلق بصره الى احد الاعمده بالجوار .. بدا له عاليا وينم عن مظهر معماري فريد .

لم تعد لديه القوه الكافية للنهوض ثانية ولكن الخوف من هراوة ذلك الجلاد الغليظ جعله يقف ويتجه مباشرة الى اعواد المشانق .




تمت .
 

المستحيل

كاتب جيد
رد: في بلاد العقلاء

29.gif

76.gif
 

مواضيع مماثلة

أعلى