بين الحضاره والتاريخ سوق عكاظ في السعودية

فراشة ولة

كاتب محترف
manartsouria.com-c611bba5f8.jpg

اطلال سوق عكاظ




سبب تسميته




إن بين تسميتها وبين ما يدور فيها من نشاطات صلة قوية، فقد اشتق اسمها من المعاكظة وهي المحاجة في المفاخرة التي كانت إحدى نشاطات ذلك السوق، ولقد تحدث عن ذلك اللغويون الخليل بن أحمدمثلاً يقول: (وسُمّي به لأن العرب كانت تجتمع فيه كل سنة فيعكظ بعضهم بعضًا بالمفاخرة والتناشد : أي يُدعك ويُعرك، وفلان يعكظ خصمه بالخصومة : يمعكه). ويقول ابن دريد

(عكظت الرجل أعكظه عكظًا إذا رددت عليه وقهرته بحجتك، وعكاظ بهذا سُمّي، وهو مواضع لمواسم العرب كانوا يتعاكظون فيه بالفخر).


ويقولابن سيدة: (عكظ دابته يعكظها: حبسها، وعكظ الشيء يعكظه: عركه، وعكظ خصمه يعكظه عكظًا: عركه وقهره، وتعاكظ القوم: تعاركوا وتفاخروا). ويقول
الليث
: (سُمّيت عكاظ لأن العرب كانت تجتمع فيها فيعكظ بعضهم بعضًا بالمفاخرة أي يدعك، وعكظ فلان خصمه باللدد والحجج عكظًا).


وينقل ياقوت عن السهيلي قوله: (كانوا يتفاخرون في سوق عكاظ إذا اجتمعوا، ويُقال: عكظ الرجل صاحبه إذا فاخره وغلبه بالمفاخرة، فسُمّيت عكاظ بذلك) ثم يضيف: وقال غيره: (عكظ الرجل دابته يعكظها إذا حبسها، وتعكظ القوم عكظًا إذا تحبسوا ينظرون في أمورهم، قال وبه سُمّيت عكاظ) .
ويقول الزمخشري (وعكاظ متسوق للعرب كانوا يجتمعون فيه فيتناشدون ويتفاخرون... ومنه قالوا تعكظوا في مكان كذا إذا اجتمعوا وازدحموا، قال عمرو بن معد يكرب


ولكن قومي أطاعوا الغوا ةَ حتى تعكظ أهلُ الدمِ


وكما شغلت لفظة (عكاظ) اللغويين فقد شغلت النحويين فنظروا إليها وهم مختلفون من ناحية صرفها وعدمه، وأدلى كل فريق بعلته مستندًا على ما قيل فيها من شعر وخلاصة القول ما قاله اللحياني: أهل الحجاز يجرّونها، وتميم لا تجرّها، قال أبو ذؤيب


إذا بُني القبابُ على عكاظ وقام البيعُ واجتمع الألوف من الناس فالموقع


تلتقي القبائل والعشائر في سوق عكاظ، فيدير شؤون كل قبيلة شيوخُها ورؤساؤها. ويقضي بين الناس إذا تنازعوا قضاة معترف بهم، من أشهرهم أكثم حكيم العرب من ، وكان يُضرب فيه المثل في النزاهة وحب الخير والحكمة، وعامر بين الظَّرِب من بني عَدْوان من قيس عيلان و حاجب بن زرارة، وعبد المطلب و أبو والعلاء بن حارثة
من بني قريش وربيعة حُذار من بني أسد


وقد ساهم سوق عكاظ كونه ملتقى للشعراء وحاضناً لهم ومنبعاً لقرائحهم- ساهم في إخراج عدد من الأسماء والقصائد الشعرية الكبيرة في تاريخ الأدب العربي، وهناك كانوا يتبايعون ويتعاكظون، ويتفاخرون، ويتحاججون، وتنشد الشعراء ما تجدد لهم، وقد كثر ذلك في أشعارهم، كقول حسان


سأنشرُ إن حييتُ لهم كلاماً يُنشرُ في المجامع من عكاظ


وممن برز فيه وعلا فيه شأنهالنابغة الذبياني الذي ترأس سوق عكاظ،
وفي ذلك يقول الأصمعي: كان النابغة يُضرب له قبة حمراء من أدم بسوق عكاظ، فتأتيه الشعراء فتعرض عليه أشعارها


وفيها كان يخطب كل خطيب مصقع، ومنهم قس بن ساعدة الأيادي؛ إذ خطب خطبته الشهيرة هناك، وهو على جمله الأورق؛ والتي جاء فيها: "أيها الناس، اسمعوا وعوا، من عاش مات، ومن مات فات، وكل ما هو آت آت، البعرة تدل على البعير، والأثر يدل على المسير، ليلٌ داجٍ، ونهار ساجٍ، وسماء ذات أبراج، ونجوم تزهر، وبحار تزخر، وجبال مرساة، وأرض مدحاة، وأنهار مجراة، إن في السماء لخبراً، وإن في الأرض لعبراً، ما بال الناس يذهبون فلا يرجعون، أرضوا بالمقام فأقاموا أم تُركوا فناموا، يقسم قس بالله قسماً لا إثم فيه، إن لله ديناً هو أرضى له، وأفضل من دينكم الذي أنتم عليه، إنكم لتأتون من الأمر منكراً


وفيه عُلّقت القصائد السبع الشهيرة افتخاراً بفصاحتها على من يحضر الموسم من شعراء القبائل إلى غير ذلك، وكان كل شريف إنما يحضر سوق بلده إلاّ سوق عكاظ، فإنهم كانوا يتوافدون إليها من كل جهة، فكان يأتيها قريش، وهوازن، وسليم، والأحاشيش، وعقيل، والمصطلق، وطوائف من العرب


وكانت بعكاظ وقائع


استمرت سوق عكاظ أكثر من قرنين، والمرجح أنها بدأت قبل الهجرة بسبعين سنة، واستمرت في الإسلام حتى سنة 149هـ حين نهبها الخوارج


وسكان سوق عكاظ الأوائل هم قبيلة هوازنوعدوان التي قيل عنها ذو الإصبع العدواني أحد المعنيين بالسوق و هوازنوهم قبيلة دريد بن الصمة وتسكن قرب السوق قبيلة من قريش وجماعة منالأشرافذوي جود الله


وهناك نشاط قبلي وسياسي لحل المشكلات بين الأمم والقبائل وعقد عهود السلام وتسليم الاسرى وابراز المعاهدات وتقويم الفرسان وتحديد مراكز الفرسان


وزار الرسول صلى الله عليه وسلم هذا السوق مع أعمامه محارباً متشوقاً وبعد نزول الوحي عليه داعياً إلى الله وقد دمر هذا السوق على يدي الخوارجالحرورية عام 129هـ



و عاد السوق من جديد


manartsouria.com-b4666d4182.jpg


وهاهو اليوم يعد السوق وجهة المشرق وتاريخه التليد وأحياء نشاطه الثقافي والادبي انطلاقاً من اهتمام الحكومة السعودية أيدها الله بكل من شأنه تطوير الثقافة والارتقاء بها والحفاظ على القيم والمعطيات التي تتمشى مع تعاليمنا الدينية وقيمنا الأصيلة وتثري الحركة الأدبية والثقافية بما يعود بالنفع والفائدة على مواطني هذه البلاد خاصة والعالم العربي قاطبة


وشاركت دارة الملك عبد العزيز في مهرجان سوق عكاظ الأول بجناح متكامل يضم صوراً فوتوغرافية ووثائق ومخطوطات تقدم لمحات مهمة من تاريخ سوق عكاظ والطائف، وتقدم خدمات التعقيم مجاناً للوثائق والمخطوطات لدى الأهالي في المحافظة والمصطافين وللمكتبات الحكومية والخاصة هناك، ويبث رسائل توعوية وإرشادية لزوار المهرجان عن القيمة الثقافية والتاريخية للوثيقة والخدمات العلمية والعملية التي تقدمها الدارة للمجتمع



كما نظمت في العام الماضي في موقع المهرجان في اليوم الأخير من البرنامج الثقافي للمهرجان ندوة عن التاريخ الشفهي تتناول أهمية رصد وتوثيق وكتابة التاريخ الشفهي المحلي بصفته جزءاً مهماً من تاريخ المملكة العربية السعودية ومكملاً للمدون منه، وضرورة تفعيل المصدر الشفهي


كانت عكاظ معرضاً تجارياً ومنتدًى اجتماعياً حافلاً بكل أنواع النشاط، وكانت منبراً يبلغ الحاضرُ الغائب بما أُعلن فيها، وما عُقد من معاهدات بين القبائل، وتُذاع أسماء من يُخلعون من قبائلهم فتسقط بذلك حقوق الواحد منهم على قبيلته فلا تحمل له جريرة. وكان بعض الأشراف يتقنعون في السوق كي لا يُعرفوا، فلا ينال منهم عدو لهم، أو يأسرهم طامع، ثم يغالي بطلب فديتهم. وكانت سوق عكاظ مجالاً لإطلاق الألقاب والأوصاف على الأفراد والقبائل، كما كانت الأحداث التي تجري فيها مصدراً للأمثال. وكانت تُرفع في السوق رايات الحزن إذا نُكبت قبيلة، كما فعلت قريش بعد موقعة بدر. وتُقام فيها مباريات الفروسية والسباق وغيرها

 

رتيل

كاتب جيد جدا
رد: بين الحضاره والتاريخ سوق عكاظ في السعودية

سوق كبير وله تاريخ عظيم
مشكوره على الطرح الرائع
مودتي
 

سلطان غرناطة

كاتب جديد
رد: بين الحضاره والتاريخ سوق عكاظ في السعودية

ومازلنا كـعرب نتعاكظ ونتعاكظ ونتعاكظ ...... نرعد ولا نمطر ... عموما السوق حلو كتير ولكن علينا ان نتجاوز العلوم النظرية ..!!
 
أعلى