Dream_Rose
كاتب جيد جدا
الحلقة السادسة
من البيت الواحد والأربعين حتى البيت الخمسين
تَوَافَيْـنَ مِنْ شَتَّـى إِلَيـْهِ فَضَمَّـهَا = كما ضَـمَّ أذْوَادَ الأصَارِيـمِ مَنْهَـلُ
فَغَـبَّ غِشَاشَـاً ثُمَّ مَـرَّتْ كأنّـها = مَعَ الصُّبْحِ رَكْبٌ مِنْ أُحَاظَةَ مُجْفِلُ
وآلَفُ وَجْـهَ الأرْضِ عِنْدَ افْتَراشِـها = بأَهْـدَأَ تُنْبِيـهِ سَنَاسِـنُ قُحَّـلُ
وَأعْدِلُ مَنْحُوضـاً كـأنَّ فُصُوصَـهُ = كعَابٌ دَحَاهَا لاعِـبٌ فَهْيَ مُثَّـلُ
فإنْ تَبْتَئِـسْ بالشَّنْفَـرَى أمُّ قَسْطَـلٍ = لَمَا اغْتَبَطَتْ بالشَّنْفَرَى قَبْلُ أطْـوَلُ
طَرِيـدُ جِنَايَـاتٍ تَيَاسَـرْنَ لَحْمَـهُ = عَقِيرَتُــهُ لأيِّها حُـمَّ أَوَّلُ
تَنَـامُ إذا مَا نَـامَ يَقْظَـى عُيُونُـها = حِثَاثَـاً إلى مَكْرُوهِـهِ تَتَغَلْغَـلُ
وإلْـفُ هُمُـومٍ مـا تَـزَالُ تَعُـودُهُ = عِيَاداً كَحُمَّـى الرِّبْـعِ أو هِيَ أثْقَلُ
إذا وَرَدَتْ أصْدَرْتُـها ثـمّ إنّـها = تَثُـوبُ فَتَأتي مِنْ تُحَيْتُ ومِنْ عَـلُ
فإمّا تَرَيْنِي كابْنَـةِ الرَّمْـلِ ضَاحِيَـاً = على رِقَّـةٍ أحْفَـى ولا أَتَنَعَّـلُ
فَغَـبَّ غِشَاشَـاً ثُمَّ مَـرَّتْ كأنّـها = مَعَ الصُّبْحِ رَكْبٌ مِنْ أُحَاظَةَ مُجْفِلُ
وآلَفُ وَجْـهَ الأرْضِ عِنْدَ افْتَراشِـها = بأَهْـدَأَ تُنْبِيـهِ سَنَاسِـنُ قُحَّـلُ
وَأعْدِلُ مَنْحُوضـاً كـأنَّ فُصُوصَـهُ = كعَابٌ دَحَاهَا لاعِـبٌ فَهْيَ مُثَّـلُ
فإنْ تَبْتَئِـسْ بالشَّنْفَـرَى أمُّ قَسْطَـلٍ = لَمَا اغْتَبَطَتْ بالشَّنْفَرَى قَبْلُ أطْـوَلُ
طَرِيـدُ جِنَايَـاتٍ تَيَاسَـرْنَ لَحْمَـهُ = عَقِيرَتُــهُ لأيِّها حُـمَّ أَوَّلُ
تَنَـامُ إذا مَا نَـامَ يَقْظَـى عُيُونُـها = حِثَاثَـاً إلى مَكْرُوهِـهِ تَتَغَلْغَـلُ
وإلْـفُ هُمُـومٍ مـا تَـزَالُ تَعُـودُهُ = عِيَاداً كَحُمَّـى الرِّبْـعِ أو هِيَ أثْقَلُ
إذا وَرَدَتْ أصْدَرْتُـها ثـمّ إنّـها = تَثُـوبُ فَتَأتي مِنْ تُحَيْتُ ومِنْ عَـلُ
فإمّا تَرَيْنِي كابْنَـةِ الرَّمْـلِ ضَاحِيَـاً = على رِقَّـةٍ أحْفَـى ولا أَتَنَعَّـلُ
الشرح
(41) توافين: توافدن وتجمَّعن، والضمير يعود إلى القطا. شتَّى: متفرِّقة، والمقصود متفرّقة. الأذْواد: جمع ذود، وهو ما بين الثلاثة إلى العشرة من الإبل. ومن أمثال العرب: " الذَّود إلى الذَّودِ إبل " ، وهو يُضرب في اجتماع القليل إلى القليل حتّى يؤدِّي إلى الكثير. الأصاريم: جمع الصرمة، وهي العدد من الإبل نحو الثلاثين. والمَنْهل: الماء. والمعنى أنَّ أسراب القطا حول الماء تشبه أعداداً كثيرة من الإبل تتزاحم حول الماء.
(42) العَبّ : شرب الماء من غير مصّ . الغشاش: العجلة. والركب خاصّ بركبان الإبل. أحاظة: قبيلة من اليمن، وقيل: من الأزد. المُجْفل: المنزعج، أو المسرع. والمعنى أن القطا لفرط عطشها شربت الماء غبا، ثمّ تفرقت بسرعة.
(43) آلف: أتعوَّد. الأهدأ: الشديد الثبات. تنبيه: تجفيه وترفعه. السناسن: فقار العمود الفقري. قُحَّل: جافة يابسة. يقول: ألفتُ افتراش الأرض بظهر ظاهرة عظامه، حتَّى إنَّ هذه العظام هي التي تستقبل الأرض، فيرتفع الجسم عنها، وهذا كناية عن شدَّة هزاله.
(44) أعدل: أتوسَّد ذراعاً، أي: أسوِّي تحت رأسي ذراعاً. المنحوض: الذي قد ذهب لحمه. الفصوص: مفاصل العظام. الكعاب: ما بين الأنبوبين من القصب، والمقصود به هنا شيء يُلعب به. دحاها: بسطها. مُثَّل: جمع ماثل، وهو المنتصب. والمعنى أن ذراعه خالية من اللحم لا تبدو فيها إلاَّ مفاصل صلبة كأنها من حديد.
(45) تبتئس : تلقى بؤساً من فراقه. القسطل: الغبار. وأمّ قسطل: الحرب. و"ما "، في " لما " بمعنى الذي. اغتبطت: سرَّت. والمعنى أنَّ الحرب إذا حزنت لفراق الشنفرى إيَّاها، فطالما سرَّت بإثارته لها.
(46) طريد: مطرود. الجنايات: المقصود بها غاراته في الصعلكة. تياسرن لحمه: اقتسمنه. عقيرته: نفسه. حُمَّ : نزل، ولم يؤنَّث "حُمَّ " لأنَّه لـ "أيّ " ، ولفظها مذكَّر. والمعنى أنَّه مطارد ممَّن أغار عليهم، وهؤلاء يتنافسون للقبض عليه والانتقام منه.
(47) تنام: أي الجنايات، وعبَّر بها عن مستحقِّيها. حثاثاً: سراعاً. تتغلغل: تتوغَّل وتتعمَّق. يقول: إنَّ أصحاب الجنايات في غاية اليقظة للانتقام مني ، وهم إنْ ناموا، فإنَّ عيونهم تظل يقظى تترصَّدني للإيقاع بي. وقيل: المعنى أنَّه إذا قصَّر الطالبون عنه بالأوتار لم تقصَّر الجنايات.
(48) الإلف: الاعتياد، وهنا بمعنى المعتاد. والربع في الحمّى أن تأخذ يوماً، وتدع يومين، ثمّ تجيء في اليوم الرابع. و"هي": ضمير يعود على "الهموم "، يعني الهموم أثقل عنده من حُمَّى الربع.
(49) وردت: حضرت، والضمير يعود للهموم. والورد خلاف الصَّدر. وأصدرتها: رددتها. تثوب: تعود. تُحيت: تصغير "تحت". عَلُ: مكان عالٍ. والمعنى أنَّ الشاعر كلَّما صرف الهموم، عادت إليه من كلّ جانب، فهي، أبداً، ملازمة له.
(50) ابنة الرمل: الحية، وقيل: هي البقرة الوحشية. ضاحياً: بارزاً للحرِّ والقرّ. رقّة: يريد رقّة الحال ، وهي الفقر. وأحفى: من الحفاء وهو عدم لبس النعل. وفي هذا البيت يتخيَّل الشاعر امرأةً، كعادة الشعراء القدماء ، فيخاطبها قائلاً لها إنه فقير لا يملك ما يستر به جسده من لفح الحرّ والقرّ، ودون نعل ينتعله فيحمي رجليه.