اوراق خضراء

سلسبيلة

كاتب جيد جدا
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أوراق خضراء

مقالات مُختارة
.............................

وأنت تطالع مجلة أو كتاباً تستوقفك بعض المقالات والقصائد والقصص، فتتمنى لو قرأها غيرك من الكتاب والمبدعين، في هذا المكان سنقدم لك بعضاً مما يُصادفنا:


ـــــــــ



(1) أوربا والإسلام

بقلم: أحمد حسن الزيات (1)
...........................

«شيّع الناس بالأمس عاماً قالوا إنه نهاية الحرب، واستقبلوا اليوم عاماً يقولون إنه بداية السلم، وما كانت تلك الحرب التي حسبوها انتهت، ولا هذه السلم التي زعموها ابتدأت، إلا ظلمة أعقبها عمى، وإلا ظلماً سيعقبه دمار!
حاربت الديمقراطية وحليفتها الشيوعية عدوتيهما الدكتاتورية، وزعما للناس أن أولاهما تمثل الحرية والعدالة، وأخراهما تُمثل الإخاء والمُساواة، فالحرب بينهما وبين الدكتاتورية التي تمثل العلو في الأرض، والتعصب للجنس، والتطلع إلى السيادة، إنما هي حرب بين الخير والشر، وصراع بين الحق والباطل. ثم أكدوا هذا الزعم بميثاق خطّوه على مياه «الأطلسي» واتخذوا من الحريات الأربع التي ضمنها هذا الميثاق مادة شغلت الإذاعة والصحافة والتمثيل والتأليف أربع سنين كوامل، حتى وهم ضحايا القوة وفرائس الاستعمار أن الملائكة والروح ينزلون كل ليلة بالهدى والحق على روزفلت وتشرشل وستالين، وأن الله الذي أكمل الدين وأتم النعمة وختم الرسالة قد عاد وأرسل هؤلاء الأنبياء الثلاثة في واشنطن ولندن وموسكو، ليدرأوا عن أرضه فساد الأبالسة الثلاثة في برلين وروما وطوكيو!
وعلى هذا الوهم الأثيمِ بذلت الأممُ الصُّغرى للدول الكبرى قسطها الأوفى من الدموعِ والدماءِ والعرق؛ فأقامت مصرُ من حريتها وسلامتها في «العلمين» سدا دون القناة، وحجزت تركيا بحيادها الودي سيل النازية عن الهند، وفتحت إيران طرقها البحرية والبرية ليمر منها العتادُ إلى روسيا، ولولا هذه النعم الإسلامية الثلاث لدقّت أجراسُ النصر في كنائس أخرى!
ثم تمّت المعجزة، وصُرع الجبارون، ووقف الأنبياء الثلاثة على رؤوس الشياطين الثلاثة يهصرون الأستار عن العالم الموعود، وتطلّعت شعوب الأرض إلى مشارق الوحي في هذه الوجوه القدسية، فإذا اللحى تتساقط، والقرون تنتأ، والمسابح تنفرط، والمسوح تُنتهك؛ وإذا التسابيح والتراتيل عُواء وزئير، والوعودُ والمواثيقُ خداعٌ وتغريرٌ، وإذا الديمقراطية والشيوعيةُ والنازيةُ والفاشيةُ كلها ألفاظٌ تترادفُ على معنى واحد: هو استعمارُ الشرقِ واستعبادُ أهله!.
إذن برِحَ الخفاء وانفضح الرياء، وعادت أوربا إلى الاختلاف والاتفاق على حساب العرب والإسلام!
هذه إيرانُ المسلمة، ضمِن استقلالَها الأقطابُ الثلاثة، حتى إذا جَدَّ الجد تركوها تضطرب في حلق الدب، ثم خلصوا نجيا إلى فريسة أخرى!
وهذه تركية المسلمة، واعدوها وعاهدوها يوم كانت النازية الغازية تحوم حول ضفاف الدردنيل، وهم اليوم يخلونها وجهاً لوجه أمام هذا الدب نفسه يطرق عليها الباب طرقاً عنيفا مخيفاً ليُعيد على سمعها قصة الذئب والحمل!
وهذه أندونيسيا المسلمة، آمنت بالإنجيل الأطلسي، وقررت أن تعيش في ديارها سيدة حرة؛ ولكن أصحاب الإنجيل أنفسهم هم الذين يقولون لها اليوم بلسان النار: هولندا أوربية، وأندونيسيا أسيوية، ونظرية الأجناس هي القانون النافذ على جميع الناس.
وهذه سورية ولبنان العربيتان، أقرّ باستقلالهما ديجول، وضمن هذا الإقرار تشرشل، ثم خرجت فرنسا من الهزيمة إلى الغنيمة، واختلف الطامعان فخاس المضمون بعهده، وبرّ الضامن بعهده. ثم قيل إنهما اتفقا! واتفاقهما لن يكون على أي حال قائماً على ميثاق الحريات الأربع!
وهذه فلسطين العربية يفرضون عليها أن تؤوي في رقعتها الضيقة، الشريدَ والفوضويَّ واللصَّ، وفي أملاكهم سَعة، وفي أقواتِهم فضل! ولكنهم يضحون بوطن العرب لعجل السامريِّ الذهب، ويتخلصون من الجراثيم بتصديرها إلى أورشليم!
وهذه أفريقية العربية، يسمعون أن ديجول (أخا جان دارك) قد حالف على أهلها الخوف والجوع، ثم انفرد هو بمطاردة الأحرار حتى ضاقت بهم السجون والمقابر، ولا يقولون له: حسبك! لأن السفاكين أوربيون يؤمنون بعيسى، والضحايا أفريقيون يؤمنون بعيسى ومحمد!
بل هذه هي الأرض كلها أمامك، تستطيع أن تنفضها قطعة قطعة، فهل تجد العيون تتشوّف، والأفواه تتحلّب، والأطماع تتصارع إلا على ديار الإسلام وأقطار العروبة؟ فبأي ذنب وقع خُمس البشرية في هذه العبودية المُهلكة، وهو الخمس الذي انبثق منه النور، وعُرِف به الله، وكُرِّم فيه الإنسان؟ ليس للثلاثمائة مليون من العرب والمسلمين من ذنب يستوجبون به هذا الاستعمار المتسلط إلا الضعف، وما الضعف إلا جريرة الاستعمار نفسه. فلو كان المستعمر الأوربي صادق الحجة حين قال: إننا نتولّى شؤون الشرق لنقوى الضعيف ونعلِّم الجاهل وندفع المتخلف، لوجد من العرب سنداً قويا لحضارته، ومن الإسلام نوراً هادياً لعقله؛ ولكنه ورث الخوف من الإسلام عن القرون الوسطى، فهو يُسايره من بعد، ويُعامله على حذر. وإذا عذرنا قسوس العصور المظلمة فيما افتروا عن جهالة، فما عذر الذين كشفوا الطاقة الذرية إذا جمدوا على الضلال القديم، وكتاب الله مقروء، ودستور الإسلام قائم!!
لقد فشلت مذاهبهم الاجتماعية كلها، فلم تستطع أن تُخلِّص جوهر الإنسان من نزعات الجاهلية الأولى؛ فلم يبق إلا أن يجربوا المذهب الإسلامي ولو على سبيل الاقتباس أو القياس.
لا نريد أن نقول لهم: أسلموا لتحكموا، وتعلَّموا لتعلموا، فإن هذه الدعوة بعتاقها عن الغاية القريبة عوائق من العصبية والوراثة والتقاليد والعادة؛ ولكنا نقول لهم: تصوروا نظاماً واحداً يصلح لكل زمان ومكان، ويقطع أسباب النزاع بين الإنسان والإنسان: يوحِّد الله، ولا يُشرك به أحداً من خلقه؛ ويقدِّس جميع الشرائع التي أنزلها الله ولا يُفرِّق بين أحد من رسله، ويُؤاخي بين الناس كافة في الروح والعقيدة لا في الجنس والوطن: ويُسوِّي بين الأخوة أجمعين في الحقوق والواجبات، فلا يميز طبقة على طبقة ولا جنساً على جنس ولا لوناً على لون، ويجعل للفقير حقا معلوماً في مال الغني يؤويه إليه طوعاً أو كرهاً ليستقيم ميزان العدالة في المجتمع، ويجعل الحكم شورى بين ذوي الرأي فلا يحكم بأمره طاغ، ولا يُصر على غيه مستبد، ويحرر العقل والنفس والروح فلا يقيد النظر، ولا يحصر الفكر، ولا يقبل التقليد، ولا يرضى العبودية، ويأمر معتقديه بالإقساط والبر لمن خالفوهم في الدين وعارضوهم في الرأي، ويوحد الدين والدنيا ليجعل للضمير السلطان القاهر في المعاملة، وللإيمان الأثر الفعّال في السلوك.
وجملة القول فيه أنه النظام الذي يحقق الوحدة الإنسانية، فلا يعترف بالعصبية ولا بالجنسية ولا بالوطنية، وإنما يجعل الأخوة في الإيمان، والتفاضل بالإحسان، والتعاون على البر والتقوى. فإذا تصوّرتم هذا النظام، فقد تصورتم الإسلام. وإذا أخذتم به فقد اطمأن العالم المضطرب، واستقر السلام المزعزع. ولا يعنينا بعد ذلك أن تُطلقوا عليه لفظاً يونانياً أو لاتينيا ما دمتم تسلمون وجوهكم إلى الله، ولا تُسلمون قيادكم لمحمد!
ـــــــــــــ
(1) *المصدر: أحمد حسن الزيات: أوربا والإسلام، مجلة «الرسالة»، (العدد 653) في 7/1/1946م.
 

سلسبيلة

كاتب جيد جدا
رد: اوراق خضراء

2- سعد بوعقبة

هيكل وسايفون العرب؟!

وجهات نظر

قال هيكل في الجزيرة: إن العرب يشبهون عربة محركها وهيكلها مصر·· ووقودها السعودية والخليج·· وعجلاتها الشام·! وتكرّم على شمال إفريقيا بدور ''الاكسسوارات'' واستعمل تعبير الفرش! والغريب في قول هيكل أنه نسبه لرئيس أمريكي ليعطيه قوة الحجة!
ولو قال هيكل هذا الكلام في عهد ناصر لقبلناه على مضض· أما وأن يقول هذا في العهد الحالي الذي تحولت فيه مصر إلى شقة مفروشة لكونداليزا رايس وليفني تسيبي'' بكل مستلزمات الشقة المفروشة من غسيل ومكوى فهذا ما لايقبل! خاصة وأن شرم الشيخ يوجد في مصر ولا يجود في شمال إفريقيا·! وهو الرمز الذي لا ينافس للطحين العربي! في أمة ''مفروشة'' بالمعنيين الجزائري والمصري!
شمال إفريقيا يا أستاذ هو الجزء العربي الوحيد في هذه الأمة التي يقال أنها عربية الذي أخرج الاستعمار بالقوة وليس بالمفاوضات الانبطاحية التي حولت العرب إلى ملهى ليلي كبير لإسرائيل وحلفائها·!
والمضحك فيما قاله هيكل أن العراق لا وجود لها في عربة هيكل· والحال الآن العراق هي هانوي العرب وأن القاهرة هي سايفون·· وأترك للأستاذ هيكل أن يحدد من هو ثيو ومن هو هوشمنه وجياب؟!
وليس غريبا هذا على الأستاذ هيكل الذي يكتب التاريخ المزيف لمصر الحديثة في الجزيرة ويجعل فيها ومن شخصه مركز العالم! فقد قال ذات مرة بأن الحرب العالمية الثانية دارت معاركها الحاسمة في مصر؟! والجميع يعرف بأن المعارك الحاسمة جرت في شمال افريقيا وليس في القاهرة·· وأن إيزنهاور الذي جعل منه الأستاذ هيكل ندا لجمال عبد الناصر، قد أقام في نزل سان جورج بعاصمة الجزائر وليس بالقاهرة·· وأشهد أن الأستاذ قد تم إسكانه في نفس الجناح الذي سكن فيه إيزنهاور في بداية الأربعينيات·· وأتذكر أنني رتبت لهيكل لقاء مع بعض الصحفيين الشباب الجزائريين في جوان 1975 ومنهم على ما أذكر الزملاء حسن رويبح ومحمد زهاني ومحمد عباس وتم اللقاء في حديقة فندق سان جورج وأتذكر أن الأستاذ هيكل أعجب بحديقة الفندق·· وعلق بأن ذوق إيزنهاور في اختيار المكان الذي يسكنه كان رفيعا! ومع ذلك لم يذكر الأستاذ هيكل حين الحديث عن إيزنهاور أنه مرّ بعاصمة الجزائر! والكل يعرف بأن جزءا من خطة الإنزال في النورمندي وفي صقلية وضعت في فندق الجزائر وأن معركة العالمين جرت في صحراء ليبيا وليس في مصر·· وأن شمال إفريقيا كان دائما المحرك وأن مصر هي الإكسسوار والفرش··كان هذا خلال الحرب العالمية الثانية وتكرس خلال حرب التحرير·· ولا يزال مستمرا إلى اليوم·· حتى ثورة الجزائر التي يقول هيكل أنه كان لناصر يد فيها قد انطلقت في ماي 1945 عندما كان ناصر مجرد ضابط صغير في الكلية الحربية؟!

نقلا عن صحيفة الخبر الجزائرية
 

سلسبيلة

كاتب جيد جدا
رد: اوراق خضراء

السيفان وملح الارض / بقلم الاسير باسم الخندقي

يزدحم العالم اليوم بالمآسي ....ويترنخ من شدة الازمات التي باتت تهدد امنه ومستقبله والسؤال الآن :هل سيسقط هذا العالم ؟
يتخبط الانسان ولا يعلم من اين يبدأ في فهم وادراك ما يجري من حوله ...فهل يبدأ من اطفال القاره السوداء الذين يموتون في كل لحظة جياعاً من شدة الاهمال والنسيان ؟
أم يبدأ من العراق الجريح المحتل من قبل الشيطان الأمريكي الذي زرع بذور الفتنة بين أهله مما جعلهم يقتلون بعضهم بعضاً ؟تاركين ثروات بلادهم لذلك المحتل بنهبها وسرقتها ؟
أم يبدأ من الذين ينفقون 160 مليار دولار سنوياً على مستحضرات التجميل ؟ ام من الاحتباس الحراري مشكلة هذا الزمان الاخلاقية ؟!
انه عالم تجميلي ليس اكثر !
في زمن انت فيه ترزح تحت الاحتلال بصحبة شعب لم يعرف يوماً الاستقرار ولا الاستقلال ولا حتى فرح العيد ... شعب اصبح يعيش فوق ارض مختلة ومحتلة في نفس الوقت ... فالبرغم مما يعانيه شعبك من بطش الاحتلال والتشريد والمعاناة والالم ها هو اليوم يقف فوق ركام وحدته الوطنية ... فكيف اذن تنظر الى هذا العالم بعينين تحترقان وشعبك يحترق ؟
في دورانك الازلي حول ذاتك يتشبث سؤال :ما الذي يحدث ؟... فتتوقف لبرهة عن الدوران وتجلس على عتبة ماض كان يعنيك .. ماض بمقدار ما كان تنويرياً كان ممزقاً داخلياً ... ففي عهد ملوك الطوائف الثماني الذين حكموا الاندلس لفترة من الضياع منذ تاريخ مشرق ... كانت وحدتهم الداخلية ممزقة بمقدار ما كانت حياتهم مليئة بالترف واللهو والتركيز على كماليات الحياة .... وفي ظل واقعهم الهش هذا اصبحوا صيداً سهلاً لألفونسو ملك قشتالة .. الذي كان ينتظر اللحظة والفرصة المناسبة لطردهم من الاندلس فاجتمع الملوك لدى كبيرهم المعتمد بن عبَاد لكي يجدوا مخرجاً ينجيهم من الهزيمة والطرد ...فنصحهم المعتمد بضرورة طلب الدعم والمساندة من المرابطين في الغرب العربي ...فردوا عليه قائلين :(السيفان لا يجتمعان في غمد واحد) فأجابهم بمقولةً خالدة: (رعي الجمال خيرٌ من رعي الخنازير(
.. فاستجابوا لنصيحته .وأرسلوا وفدا إلى المرابطين لطلب الإغاثة والمساعدة ولم يتردد المرابطون في تلبية نداء الاستغاثة الذي تجسَد في النصر على القشتاليين ودرء المخاطر عن الاندلس واهلها ... ثم عادوا من حيث اتوا دون اية مطامع او غنائم ...ولكن ملوك الطوائف لم يأخذوا العبر والدروس مما اصابهم ...فعادوا الى سابق عهدهم من ترف واسراف وتفكك داخلي ...حتى جاء المرابطون مرة اخرى ليخلصوا الاندلس من القشتاليين وملوك الطوائف معاً...
انها مرحلة تاريخية تحاول ان تقارنها وتقاربها الى واقعك العربي والفلسطيني فلا تجد سوى : من هم ملوك طوائفنا ! من هم المرابطين ! وكم هي فلسطين تشبه الاندلس في جمالها وخلودها الحزين ! تعود مجدداً الى الدوران ...تشاهد بسرعة همجية المجاعات والحروب والكوارث الطبيعية والملفات السياسية والاقتصادية الساخنة ... فتقع من هول ما رايت على سؤال يصرخ قائلاً : هل هذة الحضارة المثالية الموعودة التي يسيطر فيها الانسان على ظروفه الطبيعية والتاريخية والاجتماعية والاقتصادية ؟ هل هذا هو مصير الانسان النهائي ؟
تكتشف بهذين السؤالين انك تمثل اتجاها ًلاعقلاني وتشاؤمي عن هذة الحياة وحضارة انسانها ولكنك ترفض هذا الاتهام وتطالب ذاتك بالصمود والصبر قليلا فبعد قليل قد تكون هناك حضارة انسانية هدفها الاول والاخير هو الإنسان ... حضارة تجسد من خلالها مقولة ونصيحة (غوته ) : ( إن الانسانية الخالصة وحدها القادرة على التكفير عن جميع ذنوب البشر(
تبدأ في الابتسام فالضحك فالبكاء ....
تبتسم لان شعبك الذي يرزح تحت الإحتلال لايمثل سوى تكاد تكون لاتذكر من مآسي هذه الأرض وعلى مشارف البكاء تضحك من سيفين يذريان ملح أرضك في البعيد حيث اخوتك في مبارزة الضياع يسكفون دماءا محرمة ....
إذن المشكلة لا تمكن في كيفية إيجاد سلام ووئام بين بني الإنسان ... إنها تكمن في عالم كامل لايعرف سوى محاولة واحدة صاغها أحد علمائه :
)نعرف من نحن عندما نعرف نحن ضد من ) .. ولكن الشعوب ليست بحاجة لمعرفة هويتها من خلال أعدائها فنحن جميعا نتدفأ بذات الشمس ونفترش ذات الارض تبدأ في التلاشي عندما تجد أن المعايير الأخلاقية التي بني عليها المجمتع الإنساني تنتهك في كل لحظة وتجد إيضا أنه من بين ركام الأخلاق تنبث الإنتهازية و الفردية الأنانية و السلام من فوهة المدفع و أبناء دمك ووطنك يصرعون بعضهم بعضا .
انتهكت المعايير الأخلاقية فماذا تفعل يا إنسان ؟
على كاهلك الحزين ثقل الارض والسماء معا .... تجر جسدك المثخن بالجراح إلى لحظة تواطئت معك على سبيل الشفقة .... في لحظتك هذه يتبادر إلى ذهنك التعيس مقولة ماركس المشهورة التي أينما تذهب تلاحقك كتهمة ....
)الدين أفيون الشعوب) .. ولكن لم لا يكون الدين فيتامين الضعفاء كما قال احدهم .... وكما كان يقصد ماركس اصلا .... ؟
تقف .... فهذا ليس وقت ماركس .. لربما وقته لم يحن بعد ؟
تعيد كرة الدوران السريع .. و ..
يبدو أن أكثر أشكال الإستعمار أناقة اليوم هي العولمة .. كم هي انيقة وجميلة و مغرية .... فبني العولمة لايريدون سوى مصلحتك من ظلال تثقيف مجتمعك و توعيته و تنميته لكي يصبح عاشقا مخلصا لها .... و الحضارة اليوم .... أقصد حضارة عالمنا هذا تسعى نحو هدف واحد ليس أكثر .... ألا وهو كيفية إستلاب وعي الإنسان أينما كان لكي يصبح إنساننا عبدا مخلصا لآلته بعد أن كان في قديم العهد والزمان عبدا لغريزته الحيوانية والوحشية ....
فكم انت بحاجة الأن لثقافتك وهويتك و تراثك ..
إن خيبة الامل من كل شيئ من حولك هي وقود تغييرك وتقدمك من خلال التفاهم معها بصورة إيجابية تتوافق مع إحتياجاتك وتكفل أنسنتك بعد أن جردوك من إنسانيتك بإسم الإنسانية…
ربما تكون خيبة الأمل هذه هي الوحيدة التي تقودك إلى البحث العقلاني و الموضوعي التقدمي عن هويتك .... مبتعدا كل البعد عن تطرف لايشي بإستقرارك ....تطرف قد يحيكه لك أصحاب حرب تشن ضد إنسانيتك .... لتبصح عدوا واهنا تتلاءم فقط وخط الانتاج المتصاعد لمصانع الاسلحة الفتاكة .
تخف حدة دورانك عند حقوله لأحد العلماء الفرنسيين يقول فيها :
(القرن الحادي والعشرون إما يكون دينيا أو لايكون)
وأنت تقول : إما نكون إنسانيين أو لانكون .. وماركس اليوم عليه أن يكون حليق الذقن لكي يقنع آدم سميث التخلي عن تدمير العالم .
أخيرا .... تسقط فوق أرضك وهل لديك مهدا سواها ؟


ترى أشجار الزيتون المباركة مفعمة بالدماء من شدة الإلتباس الوطني و الجنون الإحتلالي .... فلا تملك سوى إغماض عينيك متكئا على جذع زيتونة عتيقة هامسا :
يعيش فينا الوطن ونموت نحن فيه .


الأسير: باسم الخندقجي
عضو اللجنة المركزية لحزب الشعب الفلسطيني
سجن جلبوع المركزي
الحكم مدى الحياة




قراءة ممتعة
يتبع ان شاء الله
 

دموع اليآسمين

كبار الشخصيات
رد: اوراق خضراء

وهذه فلسطين العربية يفرضون عليها أن تؤوي في رقعتها الضيقة، الشريدَ والفوضويَّ واللصَّ، وفي أملاكهم سَعة، وفي أقواتِهم فضل! ولكنهم يضحون بوطن العرب لعجل السامريِّ الذهب، ويتخلصون من الجراثيم بتصديرها إلى أورشليم!
وهذه أفريقية العربية، يسمعون أن ديجول (أخا جان دارك) قد حالف على أهلها الخوف والجوع، ثم انفرد هو بمطاردة الأحرار حتى ضاقت بهم السجون والمقابر، ولا يقولون له: حسبك! لأن السفاكين أوربيون يؤمنون بعيسى، والضحايا أفريقيون يؤمنون بعيسى ومحمد!
بل هذه هي الأرض كلها أمامك، تستطيع أن تنفضها قطعة قطعة، فهل تجد العيون تتشوّف،

عزيزتي سلسبيله
لي عوده هنا على رائعتك المختاره
وموضوعك الغني بالمعلومات القيمه
تحيااتي لكِ وسلاما لروحك
دمتي بالف خير
 

دموع اليآسمين

كبار الشخصيات
رد: اوراق خضراء

ولو قال هيكل هذا الكلام في عهد ناصر لقبلناه على مضض· أما وأن يقول هذا في العهد الحالي الذي تحولت فيه مصر إلى شقة مفروشة لكونداليزا رايس وليفني تسيبي'' بكل مستلزمات الشقة المفروشة من غسيل ومكوى فهذا ما لايقبل! خاصة وأن شرم الشيخ يوجد في مصر ولا يجود في شمال إفريقيا·! وهو الرمز الذي لا ينافس للطحين العربي! في أمة ''مفروشة'' بالمعنيين الجزائري والمصري!
فتحت عيني لارى واكمل حقائق
دمتي بالف خير
عزيزتي
مازال لي صولات هنا
 

سلسبيلة

كاتب جيد جدا
رد: اوراق خضراء

مرحبا ياسمينة
خذي راحتك المتصفح كله في خدمتك غاليتي
.................................

كبرياء الشاعر
دوّنه: عبدالله السالم
التصنيف : رؤى أدبية 247


للشاعر نفس متعالية بعض الشيء ، فهو يحب أن يكون مستقلا ومتميزا عن البقية ، ويحب أن يُسعى إليه لشعره لا أن يسعى للناس .

لذلك لا يتواصل أكثر الشعراء مع الإعلام كما يجب .

وكبرياء الشاعر ناتج عن شعوره بالهبة التي منحه الله إياها دون البقية ، وهذا ليس خاصا بالشاعر فقط ، بل كل الموهوبين يشعرون بهذا التميز وينتظرون من الآخرين أن يميزوهم بما لديهم ، وأن يتلقوا هذه الهبة النادرة بشيء من الاحتفاء والاحتفال .

ومن هذا أعرف العديد من الشعراء يجدون صعوبة في التواصل مع محرري الصفحات والمجلات الشعرية والبرامج التلفزيونية لنفس السبب ، وهو أنه من المفترض أن تسعى إليه المطبوعة أو القناة وهي ممنونة أيضا ، لتنشر قصائده بطريقة تميزه عن البقية .

وقد اكتشف بعض الإعلاميين الناجحين هذه النقطة لدى الشعراء وفهموها باكرا ، لذا نجحوا في تميز منابرهم الإعلامية التي يعملون عليها ، وفلسفة هذه المسألة بسيطة ، إذا قلنا أن الشاعر يشعر باستعلاء فطري ، لذا فإنه يظل في برجه ينتظر المعجبين يتمسحون ويتبركون بأنواره ، فإن الإعلامي عكس هذا تماما ، الإعلامي مقتنص للمعلومة ، يبحث عنها ويذهب إليها ويصطادها في أعمق الأعماق ، وهنا تلتقي الطبيعتان .

والملاحظ أن الكثير من الشعراء لم يشاركوا في برنامج شاعر المليون ، خوفا منهم من أن يجمعوا مع البقية في سلة واحدة مما يذيب شعورهم بالتميز والاختلاف حتى الواهم منهم ، أو خوفا من أن تساء قراءتهم من قبل الجمهور والحكام ، لذا يفضلون البقاء في عزلتهم على المشاركة .

وكبرياء الشاعر أمر ملموس منذ القدم ، فالمتنبي الذي يعتبر شيخ الشعراء كان مصابا بالكبرياء إلى درجة المرض ، ومن ذلك أشعاره الطافحة بالعجب بالنفس وتضخم الذات ، حتى وصل به الأمر مرة أن يمدح أمه بكونه ولدها ، فقال :

فلو لم تكوني بنت أكرم والدٍ ………… لكان أباك الضخم كونكِ لي أما

وغير هذا من النرجسية الزائدة المبثوثة في قصائد شيخ الشعراء .

وقد يضاف لمسألة كبرياء الشاعر مسائل أخرى يتصف بها الشعراء مما يقوي لديه الإصرار على البقاء في الظل قدر المستطاع .

ومن تلك المسائل صفة القلق والارتياب المحتقنتين لدى الشاعر ، فهو دائم القلق والريبة من أشياء كثيرة ، ومنها مسألة الظهور والتعاطي مع الإعلام ، إلا أن يصادف وجود إعلامي ماهر في التعامل مع الشعراء ، يغوي هذا الشاعر بطرقه الخاصة للظهور .

ومن قلق الشعراء قول أبي الطيب :

على قلق كأن الريح تحتي ………. تسيرني يمينا أو شمالا

كما يتصف الشاعر أيضا بالخجل ، ولا أدري لماذا ، بالرغم من كونه ينشئ الكلام بطريقة لا يستطيعها البقية إلا أنه يشعر بالتلعثم في داخله ، وكان أحمد شوقي أكثر الأحيان يصاب بالانغلاق عندما يريد أن يلقي قصيدته على الجموع المستمعة ، فيوكل من يلقيها عنه وهو بجانبه .

ورغم هذا فإن هناك نماذج من الشعراء تشذ بسلاطتها وقدرتها على تجاوز عقدة الخجل الدفينة .

والكبرياء لدى الشاعر قد تأخذ أشكالا سيئة ، خصوصا لدى الشعراء أنصاف المتعلمين ، ومن ذلك نلاحظ كثيرا في حوارات بعض الشعراء إلغاءهم للشعراء الآخرين كأن يسأل الشاعر عن شاعر آخر فيجيب : لا أعرف هذا الاسم !

أو التهجم على الآخرين بالشعر أو الكلام ، أو التعامل مع الناس بتكبر واستعلاء .

والوعي والتعليم والاطلاع يجعل الشاعر يدرك بدايةً أنه مصاب طبيعيا ببذرة الكبرياء ومن ثم يمكنه من تهذيبها وتشذيبها ، فيعتدل في منطقة وسط فوق الاعتداد العادي بالنفس ودون التكبر .
 

RETARETA

كاتب جيد جدا
رد: اوراق خضراء

يستحق الوقوف والقراءة والتأمل موضوعك غاليتي

مشكورة على ما نقلتي

ولي عودة للقراءة المتأنية بإذن الله

دمتي يود ومحبة
 

دمع العيون

(حكاية وطـن )
رد: اوراق خضراء

[align=center]
رائــــــــع ما نقلتي غاليتي
طرح مليء بالمعلومــــــــات القيّمـــه
ولي عودهـ إن شاء الله لمتابعة موضوعك الذي يستحق التواجد دوما ً
لقراءه ما في جعبته ..

غاليتي سلسبيله
يعطيك ِ ألف عافيــــه
تقبّلي مروري ,, ودمت ِ بتألّق
[/align]
 

سلسبيلة

كاتب جيد جدا
رد: اوراق خضراء

ريتا
دمع العيون
يسرني ان الموضوع راقكما

عودا متى تشاءان ويمكنكما المشاركة ايضا


يمكن للجميع المشاركة
اي مقالة تصادفكم وتعجبكم يمكنكم نقلها هنا
وساكون جد ممتنة للجميع

دمتم بخير
 

روح المطر

كاتب جيد جدا
رد: اوراق خضراء

[align=center][table1="width:95%;background-color:black;border:5px ridge firebrick;"][cell="filter:;"][align=center]
الغالية والمتآلقة دائما (( سلسبيلة ))
رائع ماتنثريه في حدائق عقولنا
صاحبة سريرة نظيفة وذهن صافٍ
لي عودة لمرات متكررة ها هنا
دائما مبدعة الانتقاء
دمتِ آلقا متجدد في منارتنا الغالية
تحيتي لروحك ولشخصكِ
[/align]
[/cell][/table1][/align]
 

سلسبيلة

كاتب جيد جدا
رد: اوراق خضراء

فراشة الشام
اخجلت تواضعي
شكرا لك
:SnipeR (69):

فارس العتمة
سرني مرورك
اهلا بك دوما
 

طروااد

كاتب جيد جدا
رد: اوراق خضراء

مشاء الله تبارك الله
معلومات قيمه وموضوع يستحق الثناء
تحياتي لك
 

زهرة الربيع

زهرة لا تذبـل
رد: اوراق خضراء

شـــرح كامل
ومجود رائــــع
مرسي سلسبيله
على الطرح القيّم
والله يعطيكي الف عافيه ..
تحيتي ..
 

أمل فلسطينى

كاتب جيد جدا
رد: اوراق خضراء

2_1169673644.gif
 

سلسبيلة

كاتب جيد جدا
رد: اوراق خضراء

الفُكاهة في مقامات بديع الزمان الهمذاني

موسى بن سليمان السويداء

أول من أنشأ فن المقامات(1) ووضع نواتها بديع الزمان الهمذاني المتوفى سنة ( 398 هـ )(2) كما أن الخليل بن أحمد الفراهيدي أول من وضع علم العروض في صناعة الشعر والشافعي أول من وضع علم أصول الفقه في كتابه المشهور " الرسالة " . ثم تتابع بعد ذلك التأليف في فن المقامات الجديد على الأدب الإسلامي الرفيع وتوسع إلى الغاية . ولكن أبو القاسم الحريري المتوفى سنة ( 515 هـ )(3) في مقاماته الأدبية قد تفوق على بديع الزمان وغيرهُ ممن ألف في هذا الباب وأصبح هو فارس المقامات بدون منازع وإليه يُشار بالبنان . إلاّ أن الأضواء لم تختفي عن مقامات البديع بالكلية فهي لا تزال تزخر بموروث أدبي كبير لا يستهان به بسبب قوة عارضته وغزارة معرفته للغة والشعر الذي يؤهل المتصدي لتأليف في هذا الفن من إجادة الإنشاء وتركيب الكلمة المستحسنة مع السجع المُطرب للسامع .

وفي ظني أن البديع تأخر عن الحريري بسبب أنه لم يُسبق إلى الكتابة في هذا الفن من قبل فلم يستفد ممن تقدمه وهذا معروف عند العلماء الذين يبتدعون الجديد في العلم كما قال ابن الأثير : ( إنَّ مبتدىء الشيء لم يسبق إليه ومبتدع أمراً لم يتقدم فيه عليه فإنه يكون قليلاً ثم يكثر وصغيراً ثم يكبر )(4) فهذا هو الذي أنقص منها وجعلها تقصر عن مقامات الحريري ومع هذا فقد اعترف الحريري بالاستفادة من البديع حيث سار سيره وحذا حذوه في مقامته حتى قال : ( فأشار من إشارتهُ حُكم وطاعتهُ غُنم إلى أن أُنشىء مقامات أتلو فيها تلو البديع وإن لم يُدرك الظالعُ شأو الضليع(5)( إلى أن قال ) هذا مع اعترافي بأن البديع – رحمه الله - سباقُ غايات وصاحب آيات وأن المتصدي بعده لإنشاء مقامة ولو أوتي بلاغة قدامة(6) لا يغترف إلا من فضالتهِ ولا يسري ذلك المسرى إلا بدلالته )(7) وكفى بالحريري على علو كعبه في هذا الفن أن يُثني على البديع هذا الثناء الحسن .

وأما عن أسلوب البديع القصصي في مقاماته فقد رسم في كل قصة شخصيتان رئيسيتان وهميتان . الأول : وهو الراوي للقصة وسماه عيسى بن هشام , والثاني : أبي الفتح الإسكندري الذي يقوم بدور البطل وتدور عليه الأحداث التي غالباً ما تكون في الكُدية ( التسول ) فأنشأ بذلك إحدى وخمسين مقامة سمى كل مقامة على أسم ما تدور عليه القصة .

ومن الجميل الممتع في هذه المقامات - غير السجع الجميل المتناسق والشعر العذب والفصاحة التي تدل على تمكنه من اللغة - الفُكاهة التي لا تفارق كثيراً من مقاماته بحيث جعلت منها صور أدبية متفرقة تبهج القارىء وتزيده من علوم مختلفة ومتنوعة في الأدب الإسلامي الذي يحسن بالمرء المسلم أن يُطالعه ويغترف منه ولاسيما النشء .

والجدير بذكر ومن المهم التنبيه عليه أن مقامات البديع هي كغيرها من كتب الأدب الذي لا يخلو من المخالفات في العقيدة مثل الحلف بغير الله أو ذكر ما هو متصل بكبائر الذنوب كأم الكبائر ( الخمر ) أو المجون والفسق إلى غير ذلك مما لا يسلم منه كتاب في الأدب القديم الذي لم يتحرى مُؤلفوها إلا نقل الأخبار والمُلح والفُكاهة بغض النظر عن الأحكام الشرعية لهذه الأعمال .

وقد اخترنا ما استحسناه للقارئ مما نرجو أن يكون فيه المتعة والفائدة المرجوة فيحدثنا البديع في المقامة ( المضيريَّة ) نقلاً عن محدثه الوهمي عيسى بن هشام أنه كان مع أبو الفتح الإسكندري رجل الفصاحة في البصرة في وليمة وقد قُدم فيها مضيرة - وهي نوع من الطعام يُتخذ من اللحم واللبن الحامض مع التوابل - يصفها بأنها شهية قد أُعدة جيداً تتشوف النفوس إلى أكلها فإذا أبو الفتح يذمها ويشتمها أمام الحضور ويمقت آكلها وينتقص طابخها ! فتبادر للناس في بادئ الأمر أنه يمزح ولكن تبين أنهُ جاداً في ذلك فأبعدت المضيرة والأبصار ترقبها وقد تعلقت القلوب بها إرضاءً له فلما سُؤل عن سبب ثلبها قال : (( دعاني بعض التُجار إلى مضيرة وأنا ببغداد ولزمني ملازمة الغريم والكلب لأصحاب الرقيم(8) إلى أن أجبتهُ إليها وقمنا فجعل طول الطريق يثني على زوجته ويفديها بمهجته(9) ويصف حذقها في صنعتها وتأنقها في طبخها ..)) .

كل هذا من أجل ترغيب أبو الفتح في المضيرة التي تنتظره غير متغافل هذا التاجر عن مدح زوجته في عمل البيت وإعداد الوليمة فيكمل ويقول : (( .. وهي تدور في الدور من التنور إلى القدور ومن القدور إلى التنور تنفث بفيها النار وتدق بيديها الأبزار(10)..)) .

حرصاً منها على إتقان عملها المتعلق بهذا الفن من الطعام وطاعةً لزوجها الذي بينه وبينها علاقة زوجية جيدة بسبب المحبة المتبادلة وصفاء العيش ثم يُكمل : (( .. وأنا أعشقها لأنها تعشقني ومن سعادة المرء أن يُرزق المساعدة من حليلته وأن يسعد بظعينته(11) ولاسيما إذا كانت من طينته وهي أبنة عمِّي لحَّا(12) طينتها طينتي ومدينتها مدينتي وعمومتها عمومتي وأرومتها أرومتي(13) لكنها أوسع مني خُلقاً وأحسن خلقاً .. وصدعني بصفات زوجته حتى انتهينا إلى محلته(14) ثم قال : يا مولاي ترى هذه المحلة ؟ هي أشرف محال بغداد يتنافس الأخيار في نزولها ويتغاير الكبار في حلولها ثم لا يسكنها غير التجار وإنما المرءُ بالجار وداري في السِطة(15) من قلادتها والنقطة من دائرتها كم تقدر يا مولاي أنفق على كل دارٍ منها ؟ قُلهُ تخميناً إن لم تعرفه يقيناً ؟ قلت : الكثير ، فقال : سبحان الله ! ما أكبر هذا الغلط تقول الكثير فقط ؟! وتنفس الصعداء(16) وقال : سبحان من يعلم الأشياء وانتهينا إلى باب داره فقال : هذه داري كم تُقدِّر يا مولاي أنفقت على هذه الطاقة ؟ أنفقت والله عليها فوق الطاقة ووراء الفاقة كيف ترى صنعتها وشكلها ؟ أرأيت بالله مثلها ؟ انظر إلى دقائق صَّنعتها فيها ، وتأمل حُسن تعريجها فكأنما خُطّ بالبركار(17) ..)) .

ومع هذا الهذر عن زوجه وبيته وحيّه وشُباك منزله يتابع هذا التاجر الوصف الدقيق عن بقيت متاعه لضيفه أبو الفتح الذي لم يكن يرغب هذا الأسلوب نوعاً ما في هذه الوليمة ثم يواصل فيقول : (( .. انظر إلى حذق النَّجار في صنعة هذا الباب اتخذه من كم ؟ قل .. ومِنْ أين أعلم ؟ هو ساج من قطعةٍ واحدةٍ لامأروضٌ ولاعفن(18) إذا حُرك أنَّ(19) وإذا نقر طنَّ(20) من اتخذهُ ياسيِّدي ؟ اتخذهُ أبو إسحاق بن محمد البصري وهو والله رجل نظيف الأثواب بصير بصناعة الأبواب خفيف اليد في العمل لله درُّ ذلك الرجل بالله لا استعنت إلا به على مثله وهذه الحلقة تراها اشتريتها في سوق الطرائف من عمران الطرائفي بثلاثة دنانير معزية(21) وكم فيها يا سيدي من الشَّبه؟(22) فيها ستةُ أرطال وهي تدور بلولب في الباب بالله دورها ثمَّ انقرها وأبصرها ..)) .

بلا شك أن هذا التعامل مع الضيف ليس من آداب الضيافة فكان أبو الفتح يتصبّر لعل هذا التاجر يكف عن هذا الكلام الذي لم يُبقي ولم يذر و يتابع أبو الفتح الاسكندري رواية القصة مع هذا التاجر المهذار قائلاً : (( .. ثم قرع الباب ودخلنا الدهليز(23) وقال : عَمَّركِ الله يا دار ولا خربك يا جدار فما أمتن حيطانك وأوثق بُنيانك وأقوى أساسك تأمل بالله معارجها(24) وتبيَّن دواخلها وخوارجها وسلني : كيف حصَّلتها ؟ وكم من حيلةٍ احتلتها حتى عقدتها ؟ .. كان لي جار يُكنى أبا سليمان يسكن هذه المحلَّة وله من المال مالا يسعه الخزن ومن الصامت(25) مالا يحصرهُ الوزن مات وخلف خلفاً أتلفه ..)) .

لم يعلم أبى الفتح أن التاجر قد أشترى هذا البيت بعد قصة طويلة كان في غنى عن سماعها وأولها إتلاف مال الورث من أبن صاحب المنزل الأصلي أبى سليمان في المنكرات والمحرمات ثم الحيلة عليه في شراء الدار منه و يُتابع فيقول : (( .. وأشفقت أن يسوقه قائد الاضطرار إلى بيع الدار فيبيعها في أثناء الضجر أو يجعلها عرضةً للخطر ثم أراها وقد فاتني شراها فأتقطعُ عليها حسرات إلى يوم الممات فعمدتُ إلى أثواب لا تنضُّ تجارتها فحملتها إليه وعرضتها عليه وساومتهُ على أن يشتريها نسيَّةً(26) والمدبرة يحسبُ النَّسيَّة عطية والمختلف(27) يعتدها هدية وسألته وثيقة بأصل المال ففعل وعقدها لي ثم تغافلت عن اقتضائهِ حتى كادت حاشيةُ حاله ترق فأتيتهُ فاقتضيتهُ واستمهلني فأنظرتهُ والتمس غيرها من الثياب فأحضرتهُ وسألته أن يجعل دارهُ رهينة لدي ووثيقةً في يديَّ ففعل ثم درجتهُ بالمعاملات إلى بيعها حتى حصلت لي بجدٍّ صاعدٍ(28) وبخت مساعدٍ وقوة ساعدٍ ورب ساعٍ لقاعدٍ وأنا بحمد الله مجدودٌ وفي مثل هذه الأحوال محمود وحسبك يا مولاي أني كنت منذ ليالٍ نائماً في البيت مع من فيه إذ قُرع علينا الباب فقلت : من الطارق المنتاب ؟ فإذا امرأة معها عقد لآلٍ في جلد ماءٍ ورقة آلٍ(29) تعرضهُ للبيع فأخذتهُ منها إخذة خلسٍ واشتريته بثمنٍ بخسٍ وسيكون له نفع ظاهر وربح وافر بعون الله تعالى وإنما حدثتك بهذا الحديث لتعلم سعادة جدِّي في التجارة والسعادة تنبط الماء من الحجارة الله أكبر ..لا ينبئك أصدق من نفسك ولا أقرب من أمسك اشتريت هذا الحصير من المنادات(30) وقد أخرج من دور آل الفرات وقت المصادرات وزمن الغارات وكنت أطلب مثلهُ منذ زمن الأطولِ فلا أجد والدهر حبلى ليس يدري ما يلد ثم اتفق أني حضرت باب الطاق وهذا يعرض في الأسواق فوزنت فيه كذا وكذا ديناراً تأمل بالله دقته ولينه ولونه فهو عظيم القدر لا يقع مثلهُ إلا في الندر وإن كنت سمعت بأبي عمران الحصري فهو عملهُ وله ابن يخلفهُ الآن في حانوته لا يوجد أعلاق الحصر إلا عنده فبحياتي(31) لا اشتريت الحصر إلا من دكانه فالمؤمن ناصح لإخوانه لاسيما من تحرَّم بخوانه(32) .. ونعود إلى حديث المضيرة فقد حان وقت الظهيرة يا غلام الطست والماء , فقلت : الله أكبر ربما قرب الفرج وسهل المخرج .. وتقدم الغلام فقال : ترى هذا الغلام ؟ إنه رومي الأصل عراقي النشء تقدم يا غلام واحسر عن رأسك وشمر عن ساقك وانض(33) عن ذراعك وفتر عن أسنانك وأقبل وأدبر ففعل الغلام ذلك وقال التاجر : بالله من اشتراه ؟ اشتره والله أبو العباس من النخاس(34) ضع الطست وهات الإبريق .. فوضعه الغلام وأخذه التاجر وقلبهُ وأدار فيه النظر ثم نقرهُ , فقال : إلى هذا الشَّبهِ كأنه جذوة اللهب أو قطعة من الذهب(35) شبه الشام وصنعة العراق ليس من خلقان الأعلاق(36) قد عرف الملوك ودارها تأمل حسنه وسلني متى اشتريتهُ ؟ .. )) .

كان أبو الفتح متضجراً من كلامه فكيف يسأله وهو يريد الخلاص منه ؟! ولكن هذا التاجر يفتح الأبواب ويخترع السؤال والجواب ثم يتابع فيقول : (( .. اشتريته والله عام المجاعة وادخرته لهذه الساعة يا غلام الإبريق .. فقدمه وأخذه التاجر فقلبه ثم قال : أنبوبه(37) منه لا يصلح هذا الإبريق إلا لهذا الطست ولا يصلح هذا الطست إلا مع هذا الدست(38) ولا يحسن هذا الدست إلاَّ في هذا البيت ولا يجمل هذا البيت إلا مع هذا الضيف أرسل الماء يا غلام فقد حان وقت الطعام . بالله ترى هذا الماء ما أصفاهُ أزرق كعين السنور(39) وصافٍ كقضيب البلور؟(40) .. استقي من الفرات واستعمل بعد البيات(41) فجاء كلسان الشمعة في صفاء الدمعة وليس الشَّانُ في الإناء لا يدلك على نظافة أسبابه أصدق من نظافة شرابه وهذا المنديل سلني عن قصته فهو نسيج جرجان وعمل أرجان(42) وقع إلىَّ فاشتريته ..)) .

لقد عرَّف هذا التاجر جميع ما في بيته لأبي الفتح مبتدأً بقصة شرائه للمنزل إلى المنديل الذي يُتخذ في تنشيف الأيدي بعد الغسل ! حتى أصبحت هذه المضيرة بغيضة لأبي الفتح بسبب ما يعانيه من هذا التاجر الذي تبين لاحقاً أن لديه الكثير من الكلام في وصف متاعه وحاجياته وأنه لا يمل ولا يكل من هذه الرعونة في التعامل مع الضيف ثم يُكمل فيقول : (( .. يا غلام الخوان فقد طال الزمان و القصاع فقد طال المصاع(43) والطعام فقد كثر الكلام .. فأتى الغلام بالخوان وقلبه التاجر على المكان ونقره بالبنان وعجمه بالأسنان , وقال : عَمَّرَ الله بغداد فما أجود متاعها وأظرف صُنَّاعها تأمل بالله هذا الخوان وانظر إلى عرض متنه وخفة وزنه وصلابة عوده وحسن شكله , فقلت : هذا الشكل فمتى الأكل ؟! فقال : الآن عَجِّل يا غلام الطعام .. لكن الخوان قوائمه منه , قال أبو الفتح الإسكندري : فجاشت نفسي(44) وقلت : قد بقي الخبز وآلاتهُ والخبز وصفاته والحنطة من أين أُشتريت أصلاً وكيف اكترى لها حملاً وفي أي رحى طحن وإجَّانةٍ(45) عُجن وأي تنور سُجر وخبازٍ استأجر وبقي الحطب من أين أحتُطب ومتى جُلب وكيف صُفف حتى جُفف وحُبس حتى يبس وبقي الخباز ووصفه والتلميذ ونعتهُ والدقيق ومدحه والخمير وشرحه والملح وملاحته وبقيت السكرجات(46) من أتخذها وكيف انتقذها ومن استعملها ومن عملها والخل وكيف انتقي عنبه أو اشتري رطبه وكيف صهرجت معصرته واستخلص لبه وكيف قير حبه وكم يُساوي دنه(47) وبقي البقال كيف احتيل له حتى قطف وفي أي مبقلة رصف وكيف تؤنق حتى نظف وبقيت المضيرة كيف اشتري لحمها ووفي شحمها ونصبت قدرها وأُججت نارها ودقت أزارها حتى أُجيد طبخها وعقد مرقها !! وهذا خطب يطم(48) وأمرٌ لا يتم فقمت , فقال : أين تريدُ ؟ فقلت : حاجةً أقضيها فقال : يا مولاي تريد كنيفاً(49) يزري بربيعي الأمير وخريفي(50) الوزير قد جصص أعلاه وصهرج أسفله وسطح سقفه وفرشت بالمرمر أرضه يزل عن حائطه الذر فلا يعلق ويمشي على أرضه الذباب فيزلق عليه باب غيرانه(51) من خليط ساج وعاج مزدوجين أحسن ازدواجٍ يتمنى الضيف أن يأكل فيه ؟! فقلت : كُل أنت من هذا الجراب لم يكن الكنيف في الحساب .. وخرجت نحو الباب وأسرعتُ في الذهاب وجعلت أعدو وهو يتبعني ويصيح : يا أبا الفتح المضيرة .. وظن الصبيان أن المضيرة لقب لي ! فصاحوا صياحه فرميت أحداهم بحجر من فرط الضجر فلقي رجل الحجر بعمامته فغاص في هامته فأخذت من النعال بما قدم وحدث ومن الصفع بما طاب وخبث وحشرت إلى الحبس فأقمتُ عامين في ذلك النحس فنذرتُ أن لا آكل مضيرة ما عشت فهل أنا في ذا يالهمذان ظالم ؟ قال عيسى بن هشام : فقبلنا عذره ونذرنا نذره وقلنا قديماً جنت المضيرة على الأحرار وقدمت الأراذل على الأخيار ))(52) .

لقد كان أبو الفتح معذوراً في موقفه من هذه المضيرة التي أخرجته إلى هذا الحد من الغضب بحيث حمل حجراً ورمى به بعض الأولاد في الطريق الذين كانوا ينادونه بـ" مظيرة " - يظنون أنها لقب له ! – فما كان إلا أن أصابت رأس أحد المآره فكادت أن تقتله فكان عقابه السجن لمدة عامين .
 

سلسبيلة

كاتب جيد جدا
رد: اوراق خضراء

-------------------- تتمة المقالة



1/ المقامة في اللغة : المجلس يجتمع فيه الناس .
2/ هو أبو الفضل أحمد بن الحسين بديع الزمان الهمذاني مخترع المقامات أخذ اللغة عن ابن فارس اللغوي صاحب كتاب " المُجمل " في اللغة وغيره كان بينه وبين أبي بكر الخوارزمي مشاجرات و مصادمات أدبية تغلب عليه فذاع صيته وكبرت منزلته توفي في سن الأربعين مسموماً على ما قيل سنة 398 هـ له ترجمة في يتيمة الدهر للثعالبي ومعجم الأدباء لياقوت الحموي وسير أعلام النبلاء للذهبي .
3/ هو أبو محمد القاسم بن علي بن محمد الحريري كان أحد أئمة اللغة في عصره عمل المقامات يتلوا فيها مقامات البديع ففاقتها جمع فيها بلاغات العرب ولغاتهم وأمثالهم شرحها غير واحد من العلماء وله من الكتب " درة الغواص في أوهام الخواص " و " ملحة الإعراب " منظومة في النحو وله شرح عليها وغير ذلك توفى سنة 515 هـ. له ترجمة في معجم الأدباء لياقوت الحموي والبداية والنهاية لأبن كثر ووفيات الأعيان لأبن خلكان .
4/ النهاية لأبن الأثير 1/5 .
5/ الظالع : أي الذي يغمز في مشيته , والظالع أيضاً المائل عن الطريق القويم ، والضليع السمين القوي والضلاعة قوة الأضلاع .
6/ هو أبو الفرج قدامة بن جعفر الكاتب البغدادي يضرب به المثل في الفصاحة تتلمذ على أحمد بن يحيى المعروف بـ" ثعلب " له مصنف في " الخراج " و" صناعة الكاتب " توفي سنة 337 هـ . له ترجمة في معجم الأدباء لياقوت الحموي والبداية والنهاية لأبن كثير.
7/ مقامات أبو القاسم الحريري ص14 .
8/ أصحاب الرقيم هم أهل الكهف الذين ورد ذكرهم في القرآن الكريم وأخذ هذا المعنى من قوله تعالى في سورة الكهف الآية 9 ( أم حسبت أن أصحاب الكهف و الرقيم كانوا من ءاياتنا عجباً) .
9/ المهجة : الدم وقيل دم القلب خاصة ، وخرجت مهجته : أي روحه .
10/ الأبزير والأبازير : التوابل التي تضاف إلى الطعام , وذكر الجواليقي انه معرب .
11/ الحليلة : الزوجة والظعينة : المرآة في الهودج وأراد هنا المرآة .
12/ لحًّا : أي القرابة المتصلة .
13/ الأرومة : الأصل والمعنى أي أننا نشترك في المنبت والأصل .
14/ المحلة : الحي الذي يسكنه .
15/ السطة : الوسط .
16/ الصعداء : التنفس الممدود .
17/ البركار : الفرجار آلة رسم الدوائر .
18/ الساج : نوع من الأخشاب ينبت شجره بالهند , والمأروض : الذي أكلته الأرضة والعفن : الذي أصابته الرطوبة .
19/ أي له صوت أنين عند الفتح والإغلاق .
20/ أي له طنين إذا دق عليه .
21/ المعزية : نوع من الدراهم منسوبة إلى المعز الفاطمي .
22/ الشََّبَه : النحاس الأصفر .
23/ الدهليز : فارسي معرب وهو ما بين الباب إلى الدار.
24/ المعراج : الدرج الموصل إلى السطح .
25/ الصامت : الذهب والفضة ونحوهما .
26/ النسيَّة : تأخير ثمن البيع .
27/ المختلف : لعله يقصد المجنون .
28/ وجدٌّ صاعد : حظ وبخت سعيد .
29/ عقد لآل : أي عقد لؤلؤ , وآل : السراب أي أن العقد يشبه الماء من صفائه ولمعانه لأن السراب كأنه ماء.
30/ المنادات : أي السوق الذي يُنادى فيه على السلع المستخدمة سابقاً , ويعرف اليوم بالحراج .
31/ الحلف بغير الله محرم وهو من الشرك الأصغر وفي الحديث الصحيح ( من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك ) .
32/ تحرم بخوانه : أي تمنع واحتمى به بسبب الطعام الذي بينهما ، والخوان : ما يؤكل عليه وهو معرب وسيأتي شيء من التفصيل عنه ضمن المقامة .
33/ احسر : اكشف , و انض : أي أنزع الرُّدن عن ذراعك .
34/ النخاس : الذي يبيع الرقيق .
35/ أي أن نحاس الإبريق كأنه الذهب في لمعانه وصفائه .
36/ خُلقان : جمع خلق وهو القديم البالي , والأعلاق : جمع علق وهو النفيس ، والمعنى أنه نفيس لم يتغير مع طول الأيام .
37/ الأنبوب : يقصد به قصبة فم الإبريق .
38/ الدست : المكان المهيأ لمقابلة الضيوف .
39/ السنور : الهر.
40/ البلور : نوع من الأحجار الكريمة .
41/ أي لم نستعمله إلا بعد أن ظل ليلته في إناء ليبرد ويتم صفاؤه لأنه مجلوب من النهر .
42/ جرجان وأرّجان : بلاد في خرسان - إيران - .
43/ المصاع : المُجالدة والمُظاربة , والمعنى لقد أشتد الكلام حتى أصبح شبيه بالمجالدة والمظاربة .
44/ جاشت : أي أصابها الغثيان .
45/ الإجَّانة : إناء يستعمل في الغسيل والعجن ونحوهما .
46/ السُّكُرَّجات : جمع سُكُرَّجَة وهي الصحفة ويقصد بذلك أنه بقي ذكر أواني منزله .
47/ دنه : الدن الجرة العظيمة .
48/ يطم : يشتد وتعظم .
49/ الكنيف : الحمَّام المعد لقضاء الحاجة .
50/ الربيعي والخريفي هي الأماكن التي تتخذ في البراري في زمن الربيع والخريف من أجل النزهة ، ويقصد أن حمَّامه خير من هذه الأمكنة البرية وأجمل !!.
51/ غيرانه : أي الفواصل بين ألواحه ، والساج : قد مر تعريفه في الفقرة 18 , والعاج : ناب الفيل ، ويقصد بذلك أنه مطعم بالعاج والساج .
52/ شرح مقامات بديع الزمان الهمذاني لمحمد محي الدين عبد الحميد – رحمه الله - المقامة 22 المضيرية ص142 طبعة دار الكتب العلمية . بيروت – لبنان -.
* غالب المراجع لتفسير الكلمات أستفدته من الشارح بتصرف مع مراجعة بعض المراجع في اللغة مثل : لسان العرب لابن منظور , والمصباح المنير للفيومي , ومختار الصحاح للرازي , والمُعرب للجواليقي , وتاج العروس للزبيدي , والفائق للزمخشري كما راجعة أيضاً بعض كتب التراجم .

---------------------انتهى


نلتقي في مقالة اخرى ان شاء الله

دمتم بخير يا رفاق

 

سلسبيلة

كاتب جيد جدا
رد: اوراق خضراء

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

مقال مقتطف من جريدة صوت الاحرار
بمناسبة عيد الاستقلال والشباب المصادلف ل 5 جويلية من كل سنة


نعمة الاستقلال وآفة الإهمال..!
</b>لا يزال الاستقلال إرثا مشتركا بين كل الجزائريين رغم اختلافهم في تقديره أو في تقييمه أو حتى في تعريفه، لكنهم لا زالوا يختلفون في تدعيمه وتحصينه وتجذيره والهوة بينهم في هذا المجال ما انفكت تتسع،، وتتسع، حتى أصبحت تهدد هذا الإرث المشترك.

في كل عام يتجدد الحديث عن الاستقلال النعمة المنسية والقيمة المهملة، ويتجدد الاحتفال وتتجدد الصور النمطية التي سئمها الجزائريون لأنها أصبحت تختزل هذه النعمة الربانية في بضعة طقوس.



* الحرية.. والأسئلة المحيرة..!؟

حديث الجزائريين المناسباتي عن الاستقلال لم يترك سؤالا مهما كان محرجا إلا طرحه، ولعل أشد هذه الأسئلة قسوة ماذا بقي من الاستقلال؟ ولم يدع مجالا إلا نبش فيه، ولعل أسوأ صور هذا النبش هو التشكيك في ماضي الرجال والنساء النضالي وجهادهم من أجل هذا الاستقلال؟. ولم ُتفتح ثغرة من الثغرات لتشريح هذا الاستقلال إلا ودخله، ولعل أخطر هذه الثغرات القول بأن الاستقلال كان هبة ديغول؟ وهكذا الألم وشعور الناس بالحرمان من حقهم في هذه النعمة يدفعانهم إلى الإساءة إلى أنفسهم والتشكيك في وجودهم وتسفيه أنفسهم ..

فالجزائريون افتكوا حريتهم واستقلالهم، واعتقدوا أنهما سيجلبان لهما كل الخير وأنهما سيجيبان على كل أسئلتهم، التي حملوا من أجلها السلاح، ذلك لأنه من غير المعقول أن نقول بأن كل الجزائريين كانوا يتفقون حول الهدف، حقيقة كان الاستقلال أوالحرية عنوانهم الكبير لكنهم كانوا يختلفون في التفاصيل، فمنهم من حمل السلاح مجاهدا في سبيل الله إعلاء لكلمة الله اكبر يبتغي الشهادة، ولم يخف ذلك. ومنهم من صعد الجبل ليس من أجل أن يذهب إلى الجنة وإنما لدنيا يصيبها، وقد أذاع بذلك. ومنهم من خرج محاربا لرفع مظلمة واسترداد حق وهكذا دواليك فلكل كانت أسئلته وجهاده، غير أن الكثير من هذه الأسئلة ظل معلقا بل أفرزت الحرية أسئلة محيرة أخرى، ووضغت الجزائريين أمام استفهامات كبرى لا زالوا يبحثون عن أجوبة لها إلى يوم الناس هذا.



* العبء المشترك.. والخير غير المشترك

للأسف الشديد ولسوء حظ هذا الوطن أن الاستقلال هذا الإرث المعنوي المشترك، لم يتحول رغم مرور قرابة نصف قرن، إلى خير مشترك، رغم أن السبيل إليه كان عبئا مشتركا. من هذا المنطلق لم يحقق الاستقلال في الجزائر ما حققه في دول أخرى من نمو وتطور في مختلف المجالات من نشر الحب والأخوة بين الناس إلى إنتاج الخيرات المادية واكتساب القوة والتكنولوجيا.

فالاستقلال في الجزائر كقيمة تاريخية وسياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية لم يتبلور كثيرا فظل محتفظا تقريبا بنفس الحالة الأولى التي اكتشفه فيها الجزائريون حتى لا أقول أسوأ. لقد انصرف الجزائريون بعد الاستقلال مباشرة، عن قصد أو من دونه، إلى بناء الدولة خارج الإطار العام للاستقلال الدولة كما يراها الفرد المسؤول لا كما بلورها الفكر الثوري الجماعي بمختلف أطيافه، فلم يكن العمل لا نتاج إجماع ولا نتاج تصور توفيقي بين مختلف المواقف والآراء، وهنا انطلقت عملية تجميد الاستقلال كقيمة سياسية.



* الاستقلال .. مادة خام تنتظر الاستغلال

والحقيقة أن مسؤولية عدم استثمار هذا الاستقلال ليست مسؤولية السلطة لوحدها مهما قيل عن هذه السلطة، ولا مسؤولية النظام مهما قيل عن هذا النظام ولا مسؤولية بعض الرجال الذين أدخلوا أيديهم في "القصعة" بل هو مسؤولية الجميع بشكل أو بآخر. فكما كانت معركة التحرير مسؤولية الجميع كذلك مرحلة الاستقلال هي في الحقيقة مسؤولية الجميع أيضا فنجاحها أو فشلها يقع على عاتق هذا الجميع، لا يهم كيف – لأن هذه الكيف تدخلنا متاهات ليس هذا مقامها ولا مقالها - ولكن المسؤولية ثابتة.

لا أعني من خلال هذا الكلام أن الاستقلال ضاع أو لم يبق منه شيء، بل بالعكس فعندما ألاحظ أن الاستقلال لم يتطور كثيرا عما كان عليه عشية الاستقلال، أو هكذا أعتقد، فإنما أعني أنه لا يزال في حالته "الخام"، أي لا يزال يحتفظ بكل زخمه وبكل عناصره غير المستغلة، أي أن الاستقلال لا يزال نعمة خام بكل مشتقاتها، التي إن عُرف السبيل إلى الاستثمار المنتج فيها فإن خيرها سيكون عميما ومجزيا لكل الجزائريين.



* .. قطاع سيادي حكر على الجزائريين

فالاستقلال باعتباره ثروة وطنية لا تنضب، وهو أبو الثروات التي تزخر بها الجزائر، لا يزال ينتظر الاستثمار والاستغلال الأمثل لمزاياه، وقد يكون الثروة الثمينة الوحيدة التي لا تقبل الشراكة الأجنبية، لأنه استثمار لا ينجح إلا بالشراكة بين الجزائريين أنفسهم ودون غيرهم، وبرؤوس أموالهم لا برؤوس أموال غيرهم، وعندما تنجح هذه الشراكة وفق مقاييس الشراكة الحقيقية يمكن القول بأننا خرجنا من عنق الزجاجة ويحق لنا أن نأمل في مكان بين الأمم.

وكما البترول مكن الجزائر من العيش والاستمرار ولو على هامش التاريخ وفي ذيل الأمم، وضمن للدولة البقاء والاستمرار وللجزائريين لقمة العيش رغم ما شاب استثماره من نقائص وسوء تسيير وقلة تدبير وفساد واختلاس، كذلك الاستقلال إن حَسُنَ الاستثمار فيه، سيمكن الجزائر من اكتساب أدوات تصحيح كل الاختلالات الأخرى في المجالات الأخرى، ويوفر الدواء الشافي لكل الأمراض الأخرى في القطاعات الأخرى.



* العودة إلى الأصل.. فضيلة

يبدو هذا الكلام هلاميا وفلسفيا غير عملي ولا موضوعي، وبالمثال يتضح المقال،ماذا يعني الاستثمار في ثروة الاستقلال يعني العودة إلى الأصل إلى منابع الفكرة إلى بيان أول نوفمبر، على اعتبار أن الاستقلال هو الابن الشرعي البار لبيان أول نوفمبر، والعودة إلى الأصل فضيلة، شريطة أن تتحول هذه القناعة إلى مذهب في الحياة لكل الجزائريين أو على الأقل الماسكين بزمام أمور هذا الوطن، إن كانوا حقا يستمدون شرعيتهم من الانتماء إلى هذا الشعب ومراجعه الثورية المستوحاة من قيمه الحضارية.
 

مواضيع مماثلة

أعلى