كلمة الرئيس الأسد في افتتاح مؤتمر وزراء خارجية الدول الاسلامية بدمشق

عمو هتلر

هتلر المنارة



ألقى السيد الرئيس بشار الأسد كلمة في الجلسة الافتتاحية للدورة السادسة والثلاثين لمجلس وزراء خارجية الدول الاسلامية الذي بدأ اعماله يوم امس السبت قال فيها:
أرحب بكم أجمل ترحيب في دمشق عاصمة الأمويين إخوة كراماً وضيوفاً أعزاء.. ويسعدنا أن تحتضن سورية الدورة السادسة والثلاثين لاجتماعات مجلسكم.. التي اخترتم أن يكون عنوانها "نحو تعزيز التضامن الإسلامي" في وقت تتعرض فيه الدول الإسلامية لتحديات سياسية وثقافية كبرى.. تفرض عليها البحث في كيفية تنسيق جهودها لمواجهتها.. ولتحقيق حضور فاعل على الساحة الدولية يمكنها من حماية مصالحها وصيانة هويتها.
وأضاف الرئيس الأسد: اجتماعكم وحواركم في هذه المرحلة الحرجة التي يشهدها العالم.. بشأن تفعيل تضامن دولنا في مواجهة التطورات السياسية والاقتصادية الراهنة يشير إلى حيوية منظمة المؤتمر الإسلامي ووعيها للتحديات التي تواجه دولها وبالعلاقة غير المرضية التي تقوم بين بعض بلدانها.. كما يشير إلى إدراكنا لأهمية الروابط التاريخية التي تجمعنا والتي توفر لنا أرضية مناسبة.. لتحقيق المزيد من التعاون والتكامل في شتى الميادين.. وخاصة أن السنوات القليلة الماضية حفلت بتطورات سياسية واقتصادية واسعة أصابت العالم وزعزعت استقراره كانت الدول الإسلامية في مواجهة مباشرة لتداعياتها إما كطرف أو كهدف.
وتابع الرئيس الأسد: لقد ترافقت هذه التطورات بحملة محمومة على الإسلام بهدف تشويه صورته كمرجعية حضارية وعقائدية لشعوبنا.. وعلى المسلمين بهدف عزلهم والحط من شأنهم.. وكأنهم حالة شاذة على الساحة الدولية أو جسم طارئ على المسرح الحضاري والإنساني.. كما ترافقت بالتجاهل الإرادي لحقوقهم المشروعة.. وممارسة الضغوط على البعض من دولهم لإرغامها على التخلي عن تمسكها باستقلالها وسيادتها ورفضها التدخل في شؤونها الداخلية.. وتم استخدام المؤسسات الدولية لإضفاء الشرعية على تلك التوجهات.. أو تعطيلها عندما يتعلق الأمر بحقوقها المشروعة ولاسيما في منطقة الشرق الأوسط.
وقال الرئيس الأسد: وكان أخطر ما ثار الحديث فيه.. هو المقولات التي تنفخ في نار الحقد والكراهية بين الشعوب.. كمقولة صراع الحضارات.. ومحور الخير والشر.. التي كانت ترجمتها العملية إلصاق تهمة الإرهاب بالإسلام والمسلمين.. واعتبارها حقيقة لا جدال فيها واعتمادها كمسلمة في رسم السياسات.. من فرض العزلة إلى إحكام الحصار.. إلى الحرب الاستباقية بالإضافة إلى التدخل في الشؤون الداخلية للدول.. ومحاولات تقسيمها.
وأضاف الرئيس الأسد وكان من الطبيعي أن تترك هذه الحالة آثارا عميقة من الإحباط في نفوس المسلمين وهم يواجهون الأزمة تلو الأخرى ويرون عجزهم أمام إساءات متكررة لرموزهم واعتداءات مستمرة على سيادتهم وأن تثير موجات واسعة من ردود الأفعال تتراوح بين العزلة والنقمة والتمرد.
وتابع الرئيس الأسد: نتساءل اليوم عن أسباب ما وصلنا إليه.. من تراجع وضعف أغرى الآخرين.. باستضعافنا واستغلالنا.
وهذا التساؤل ليس جديدا إلا أنه يبدو اليوم أكثر إلحاحاً.. بسبب تراكم الخسائر وزيادة الوعي بفداحتها.
وأوضح الرئيس الأسد: إذا كنا اعتدنا أن نحمل الآخرين مسؤولية ما نحن فيه من انحطاط وهو صحيح في جانب منه.. بسبب السياسات معدومة الأفق.. فلاشك بأنه من الضروري أن نقف مع ذواتنا في مراجعة صادقة.. لكي نكتشف مباشرة.. بأننا المسؤولون عما نحن فيه.. في المقام الأول.. واقتصارنا على لوم الآخرين هو مجرد هروب من واقع لا نراه أو لا نريد رؤيته.. وهو تعبير عن ضعف يجر ضعفا.. وعن هروب من المسؤءولية يستتبع ثمناً باهظاً.
وقال الرئيس الأسد: فإذا كان ديننا يعامل بالإساءة أو بالازدراء.. فلأننا.. ببساطة.. سلمنا الغير قرارنا.. وبالتالي مصيرنا وسمعتنا وصورتنا الخارجية.. وبالتالي هو من سيحدد العقيدة التي تناسبنا. وتابع الرئيس الأسد: فإذا تحدثت تعاليم هذه العقيدة عن مقاومة المحتل واستعادة الأرض فهو إرهاب.. وإذا تحدثت عن قول الحق فهو خروج عن الإجماع الدولي.. وإذا تمسكنا بتعاليمها فنحن منعزلون نعيش خارج عصرنا.. وكان رد فعلنا الطبيعي هو الدفاع عنها.. ولكننا ومن دون أن ندري أو نشعر.. عزلناها عما حولها وعن واقعها.. فكان الدفاع عن الشكل أكثر أهمية من الدفاع عن المضمون.
وتساءل الرئيس الأسد: فكيف ندافع عن عقيدتنا ونحن غير قادرين على الدفاع عن رأينا أو قرارنا أو أوطاننا.. وكيف لا نهاجم في ديننا ونحن نهاجم في كل شيء آخر.. على المستوى المادي والمعنوي... بل كيف ندافع عن عقيدة لا نطبق ما تندبنا إليه.. من وحدة الصف ووحدة الموقف من قول كلمة الحق في وجه متغطرس أو في الدفاع عن الشرف والكرامة في وجه الغاصب.. ذلك أن هناك بديهيات لا جدال فيها.
وقال الرئيس الأسد: إنه عندما تدعونا عقيدتنا لكي نتوحد.. ولكننا في الواقع نتفرق.. وأحياناً نتعادى.. وإذا كانت تدعونا كي نكون أكثر انفتاحاً.. ولكن نتحول للانغلاق على أنفسنا.. فعلينا أن نبحث.. المشكلة فينا وفي ممارساتنا.. وقد يكون هذا.. في بعض الأحيان.. كرد فعل على انغلاق البعض تجاهنا.. ولكن الانغلاق هو علامة ضعف.. وهو مخالف لتراثنا.. لذلك علينا أن نتعامل معهم بقوة الانفتاح وليس بضعف الانغلاق.. وأن نبادر تجاههم بثقة وأن نحاورهم بصبر كي نصل معهم إلى قواسم مشتركة تكمن فيها مصلحتنا.. من خلال شرح قضايانا وتخفيف التعقيدات وبالتالي التوتر في منطقتنا.. وتكمن فيه مصلحتهم بتحويل فشلهم المتكرر إلى نجاح.. حده الأدنى إيجاد أصدقاء على مساحة يقطنها مليار وثلاثمئة مليون إنسان لا يمكن لعاقل أن يتجاهل تأثيرهم على حاضر ومستقبل العالم.
وأضاف الرئيس الأسد: اذن لا يمكن الفصل بين الواقع والعقيدة إذا أردنا النجاح لذلك علينا التركيز على تطوير هذا الواقع.. لأن لغة الشكوى والاستجداء والتوسل لن تحقق لنا شيئاً.. فنحن نعيش اليوم في عالم الأقوياء.. حيث لا مكان فيه للضعفاء.
وقال الرئيس الأسد: والقوة لا توهب بل تكتسب.. ونستطيع اكتسابها بتمتين علاقاتنا الاقتصادية وكسر الحواجز الموجودة في هذا المجال.. كذلك في امتلاك ناصية العلم والمعرفة.. لاستحالة التقاء الجهل بالقوة.. والبحث العلمي هو المؤشر الرئيس في هذا المجال.. وطبعاً بالتعاون السياسي والدعم المتبادل للقضايا الوطنية.. بالإضافة إلى السياسات الحكيمة الواعية التي تتجنب الركض هروباً أمام العاصفة.. أو عكساً في مواجهة العاصفة.. وإنما تتحصن بالمصالح الوطنية كملجأ وحيد يحمي أي وطن ويجلب دعم أي شعب.
وقال الرئيس الأسد: علينا ألا نسمح بانتهاك سيادتنا واستقلالنا.. والاستقلال يبدأ من منطقتنا لا من الخارج.. ومن خلال مواجهة التحديات التي تفرض علينا.. اعتماداً على أنفسنا.. وإيجاد الحلول التي تناسبنا وتحقق مصالحنا.. وهذا لا يعني انعزالاً عن التعاون مع الآخرين.. ولا قفزاً فوق الواقع.. فنحن بحاجة للدعم من الأشقاء والأصدقاء في كل العالم.. ولكن هؤلاء بحاجة إلى معرفة رؤيتنا واختبار قوة إرادتنا لكي يساعدونا.
واضاف الرئيس الأسد: وفي المقابل.. فنحن نرفض.. بكل تأكيد.. أن تفصل الحلول في الخارج لكي تطرح علينا جاهزة.. وما علينا سوى التنفيذ.. فهذا النوع من التفصيل لن يناسب مقاسنا ولا ذوق شعوبنا.. ولذلك فالفشل مصيره.. وبغض النظر عمن يفشل.. فنحن من سيدفع الثمن.. في المحصلة.. وأقله المزيد من الإحباط والاضطراب.. وبالتالي المزيد من المصاعب والتعقيدات.. والدخول في حلقة مفرغة تكبر ككرة الثلج وتدمر كل شيء في طريقها.
وتابع الرئيس الأسد: بطبيعة الحال.. البعض منا يلوم الظروف التي نعيشها حاضراً أو عشناها ماضياً.. ولا شك في صحة هذا الكلام.. ولكن هذا جانب من المشكلة.. أما الجانب الأكبر فيكمن في امتلاك الإرادة.. والواقع يؤكد هذا القول.. فلو نظرنا لدول أخرى مرت بالظروف نفسها في فترة زمنية متقاربة.. ولكن مكانتها اليوم أفضل منا بكثير.. علمياً واقتصادياً وسياسياً.. لعرفنا أن الفرق بيننا هو قوة الإرادة.. هذه الإرادة وحدتها أولاً.. وحررتها من عقد النقص تجاه الآخرين ثانياً.. ومهدت لها طريق التطور وإثبات الذات ثالثاً.
وقال الرئيس الأسد: ولا ينقصنا شيء للقيام بالأمر نفسه.. فإثبات الذات يكون من خلال العمل للمستقبل وليس من خلال الغرق في الماضي المجيد الذي نفتقده.. أو نحن إليه من حين لآخر.. وخاصة عندما نشعر بضعفنا.. وعقد النقص نتحرر منها عندما نرى نتائج عملنا.. بدلاً من أن نعوضها بالغرور أو التكبر على الآخرين.. لكي نشعر بتفوق مزيف.. وتبقى الإرادة الشرط الأساسي للنجاح في كل ذلك.
وأضاف الرئيس الأسد: فلنحم أنفسنا وشعوبنا ومنطقتنا من خلال حل مشاكلنا بأيدينا .. فمنظمتنا تتألف من 57/ دولة .. لا بد أن تكون قادرة على وضع رؤى وخطط تنفيذية للقضايا المعقدة في منطقتنا.. وعندما نتفق فلا خيار أمام الآخرين.. إلا أن يقفوا إلى جانبنا.. أو يعزلوا أنفسهم عن المنطقة.. وهذا لا يتوافق مع مصالحهم.واوضح الرئيس الاسد لقد ثبت للجميع من خلال تجربة السنوات الماضية وما أفرزته من اضطراب على المستوى العالمى أن نهج الحرب واستخدام القوة فى تحقيق الاغراض السياسية لم يجلب سوى الضرر لكل من اعتمدها أو أسهم فيها ناهيك عمن كان ضحيتها.
وقال الرئيس الاسد واذا كان الكثيرون على امتداد العالم قد أيقنوا أن مثل هذا النهج وصل الى طريق مسدود وأصبحوا على قناعة بضرورة البدء مع عهد جديد قائم على أسس من التعاون لمواجهة المشكلات العالمية فان هذا ليس كافيا كى نكون مطمئنين الى المستقبل طالما أن هناك أطرافا لم تستطع الافادة من تجارب الماضى البعيد والقريب بل ما زالت تراهن على امكانية الاستمرار فى الاحتكام الى القوة والاحتلال وسلب الحقوق وقهر الشعوب.
وتابع الرئيس الاسد وهذا هو حال اسرائيل اليوم وعندما نقول اليوم فنحن لا نتحدث عن ستة عقود من الاحتلال فقط بل أيضا عن سبعة عشر عاما منذ بدء مفاوضات السلام فى مدريد لم توءد الا الى الاضرار بالسلام وجعله أبعد ما يكون عن التحقيق.
واذا كانت هناك نقطة ايجابية واحدة تسجل لعملية السلام فهى أنها عرت اسرائيل وفضحت حقيقتها أمام العالم فهذه الدولة عدوانية المنشأ والنوايا كانت تصور لعقود مضت على أنها /الحمل/ الوديع الراغب فى السلام مع /الذئاب/ المحيطة به بمن فيهم أصحاب الارض الاصليين من الفلسطينيين ولكن فشل هذه
العملية حتى اليوم أظهر بشكل صارخ حقيقة أن اسرائيل هى العقبة الاكبر فى وجه ذلك السلام المنشود واضاف الرئيس الاسد اليوم أيضا وبعد تجربة أخرى مع اسرائيل من خلال المفاوضات غير المباشرة عبر تركيا تثبت هذه الحقيقة مرة أخرى والتى توءدى بالمحصلة الى حقيقة أخرى.
وهى أن فشل العمل السياسى فى استعادة الحقوق الشرعية لاصحابها سيعطى الحق للمقاومة فى القيام بواجبها من أجل استعادتها.

وقال الرئيس الاسد ونحن فى سورية بشكل خاص وكدول عربية بشكل عام لم نغير موقفنا تجاه السلام كهدف استراتيجى يجب الوصول اليه فى يوم من الايام ..طبعا مع ما يعنيه ذلك من عودة الحقوق كاملة وفى مقدمتها عودة الاراضى المحتلة دون نقصان ولكن صفاء نوايانا وصدقها تجاه السلام لا يجعلنا نغفل
الحقائق والتساوءلات المشروعة والمنطقية من أجل استقراء المستقبل بشكل دقيق.. وتساءل الرئيس الاسد هل يمكن لدولة قامت على الاحتلال غيرالشرعى وقتل السكان الاصليين من الفلسطينيين والمستمر حتى هذه اللحظة وارتكبت المجازر فى لبنان والضفة الغربية وغزة عبر عقود أن تعمل من أجل السلام هل يمكن لدولة أعاقت حكوماتها علنا وسرا امكانية التوصل لاى اتفاق خلال العملية السلمية منذ انطلاقها وهى اليوم تختار على قمة هرمها أكثر الحكومات تطرفا فى تاريخها أن تكون شريكا لنا فى عملية السلاموقال الرئيس الاسد لا أعتقد أن أحدا منا لا يعرف عن جدار الفصل العنصرى فى الضفة الغربية أو عن الموت البطىء لغزة بحصارها وتخريب حقولها أو عن عملية تهويد القدس الممنهجة بهدف الوصول الى تهويد الدولة وما يعنيه ذلك من عملية طرد نهائى لما يقارب مليونى فلسطينى فى عملية تطهير عرقى جديدة وربما أخيرة واضاف الرئيس الاسد هذا يعنى بأنه علينا توقع المزيد من الاضطراب فى ساحتنا السياسية وبعض الدول الغربية تتحمل مسؤولية فى ذلك عندما ظلت ولسنوات تتنكر للحقائق الموجودة على الارض حيث كانت تقلب المفاهيم من خلال اتهام المقاومين بالارهاب وتصويرهم وكأنهم عصابات خارجة عن القانون لا تمت بصلة الى شعوبها ولا تمثلها فى كفاحها ضد الاحتلال كما استخدمت المعايير المزدوجة فى أسوأ أشكالها فكانت تعطى العالم عظات عن حقوق الانسان وعندما يكون هذا الانسان عربيا أو مسلما يصبح الموت حقه الوحيد الذى يدافعون عنه أو يعملون لاجله.
وقال الرئيس الاسد اليوم بدأت هذه الدول تدرك متأخرة خطأها لانها لم تعد قادرة على التغاضى عن الواقع شديد الوضوح لكنها ما زالت أيضا غير قادرة على التحرك فى الطريق الصحيح من خلال التعامل مع هذه الحقائق وفى مقدمتها الدعم الشعبى الكبير الذى تحظى به قوى المقاومة فى منطقتنا والذى يجعلها العنصر الاساسى الذى يمر عبره أى حل والضامن الاهم لعودة الحقوق الى أصحابها وبما أن الاحداث لن تنتظر اكتمال روءيتهم ولا تأخرنا فى المبادرة فعلينا أن نتحرك نحن باتجاهها وفى مقدمتها رفع الحصار عن غزة وكذلك السعى فى مختلف الاوساط الى تقديم المقاومة بصورتها الحقيقية كحركة تحرر لها قضيتها العادلة والتى تعبر عن ارادة أى شعب احتلت أرضه كما يجب الوقوف فى وجه عملية تهويد القدس والتى تهدف الى الغاء الطابع التاريخى والروحى المتنوع لهذه المدينة.
وتابع الرئيس الاسد ويجب قبل هذا وبعده عدم مكافأة اسرائيل على جرائمها بل التأكيد على ربط أى تطور للعلاقات اذا كانت موجودة أصلا بمدى ما تعبر عنه وبصورة ملموسة من التزام بالسلام العادل والشامل وعودة الحقوق المشروعة وانسحابها من الاراضى المحتلة فى فلسطين والجولان وجنوب لبنان.

وقال الرئيس الأسد .. أما الإبقاء على الوضع الحالي فلن يؤدي إلا إلى تشكيل تربة خصبة من التوتر والتطرف.. ينمو داخلها الإرهاب.. والذي يعتبر الملهم الأساسي لأصحاب النظريات الأمنية الذين استخدموه كعدو يبررون من خلاله سياساتهم تحت عنوان الأمن في مواجهة الإرهاب.
وتابع الرئيس الأسد .. الحقيقة أن الإرهاب ليس حالة أمنية.. بل هو حالة فكرية لها مظاهرها السياسية والأمنية وحتى الثقافية.. وهي لا تكافح.. بالتالي.. من خلال مكافحة المظاهر.. بل المضمون والأسباب.. والنجاح في مكافحتها غير ممكن في مطاردة أو اصطياد شخص إرهابي.. بدلاؤه هم العشرات من الإرهابيين في مكان آخر.. وإنما يكمن في تصفية الفكر الذي يقوده إلى ذلك.. فالأمن الذي تتحدث عنه معظم الدول.. بالمعنى المادي للكلمة.. ليس في حقيقة الأمر.. سوى أمن العقل والفكر من الإصابة بالخلل أو الانحراف.. هو أمن ثقافي يتحقق بتكريس العقيدة الصحيحة والأخلاق القويمة.. وبتعميم ثقافة الانفتاح.. هو أمن سياسي نصل إليه عندما نحل القضايا السياسية العالقة التي تؤدي للإحباط ومن ثم التطرف الذي يقود إلى الإرهاب.
واضاف الرئيس الأسد .. كذلك هناك أمن يتحقق عندما نعبر بمواقفنا السياسية عن المواقف الحقيقية لشعوبنا.. فالعوامل الداخلية أشد تأثيراً من العوامل الخارجية.. سلبية كانت في تأثيرها أم إيجابية. ولاشك أن القيام بكل ذلك يتطلب التعاون فيما بيننا ومع الآخرين. ولكن كون الإرهاب اليوم.. ظاهرة عالمية خطيرة تحتاج لتضافر جميع الجهود لمكافحتها.. لا يعني أن نسمح باستغلالها وجعلها مجالاً مفتوحاً لخلط الأوراق واستبدال الإرهاب بإرهاب أشد سوءاً من خلال التهويل والترهيب.. أو الاعتداء على شعوب واحتلال دول.
وقال الرئيس الأسد .. ومن البديهي هنا.. أن نرفض إلقاء صفة الإرهاب على دين أو ثقافة محددة.. كما يحصل اليوم مع الإسلام والمسلمين.. ولكني لا أعطي هذا الأمر صفة الأولوية.. بمقدار ما أعطيها لواقع الأمور.. فهذه التهمة لن تغير من جوهر الإسلام كدين سماوي سمح.. واتهام المسلمين بالتخلف لن يلغي حقيقة حضارتهم وما قدمته للإنسانية من فكر وقيم واحترام للإنسان.
وتابع الرئيس الأسد .. وإذا كان هناك ثمة جاهل فسيعرف الحقيقة يوماً.. وإذا أصر على جهله فسيكون هو الخاسر الأكبر.. لكن ما يهمنا بشكل أساسي.. هو ألا يخلط البعض من المسلمين بين الدفاع عن الدين والدفاع عن الإرهاب.. أو بين الالتزام بالدين والتزمت والتعصب.. فخلطنا في شؤوننا يبرر للآخرين خلطهم في شؤوننا.. كأن يقول بعضهم الإرهاب الإسلامي.. والذي يوحي وكأن الإرهاب بند أساسي في الإسلام.. لذلك علينا إعطاء الأولوية لحماية شبابنا من عوامل الانحراف.. ومساعدتهم على رؤية دينهم من الزاوية الصحيحة.. لكي نتمكن من مساعدة الآخرين على ذلك أيضاً.
واوضح الرئيس الأسد .. إن الإسلام هو دين الانفتاح والتواصل الحضاري.. واستمد قوته واستمراره من انفتاحه على الجميع.. بكل ما لكلمة الانفتاح والتواصل من أوجه ومضامين. ولقد عاش الإسلام ولا يزال مع الشرائع الأخرى جنباً إلى جنب في فضاء جغرافي وإنساني واحد.. واستطاع أن يستوعب القوميات والأعراق التي تشربته دون أن يلغي ثقافاتها وخصوصياتها بل عززها. ولذلك.. فعندما نتحدث عن عالم إسلامي.. فإننا لا نقصد المسلمين فحسب.. بل جميع مكونات ذلك التنوع الغني الذي يعبر بوجوده عن حقيقة الانفتاح الذي يحمله الإسلام.. كذلك منظمتنا التي تدافع عن مصالح كل من يعيش في هذه المنطقة الواسعة بغض النظر عن دينه أو عرقه.. فكل من يعيش فيها هو أخ للآخر ولديه واجب كامل تجاهه.. والوحدة بينهم هي واجب في الدين والعرق الواحد.. كما هي واجب بين الأديان والأعراق المختلفة.. لذلك فإن أي دعوة للانغلاق منافية لجوهر الدين.. ومدمرة لغاياته النبيلة.. وكل محاولة لبث الفرقة والانقسام داخل مجتمعاتنا.. وبين مكوناتها.. تتنكر لجوهر رسالته الإنسانية.
وقال الرئيس الأسد .. من هنا نؤكد بأنه لا بد لنا.. من التصدي للمحاولات التي ترمي إلى خلق التباين والتنافر بين شعوبنا وثقافاتنا.. لا بد لنا أن نكون واعين لمنطق الحرب الإعلامية والثقافية.. حرب المصطلحات والمفاهيم التي تصدر إلينا.. ومن ثم تتحول إلى واقع ثقافي وسياسي لا يمت إلى واقعنا بأي صلة.. بحيث يتحول الصديق إلى عدو.. والأخ إلى خصم.. ويتحول الخلاف الوهمي غير الموجود داخل ثقافاتنا أو فيما بينها إلى حرب حقيقية.. وتصبح دماؤنا الوقود الضروري للتدخل الخارجي في شؤوننا ولإضعاف بلداننا. وهذه الحروب الكبيرة تبدأ صغيرة بمصطلح سياسي ضيق الأفق أو بمفهوم خاطئ يعبر عن انعزال وانغلاق فكري.. أو قد تنجم عن أداء سياسي قصير النظر فالقنبلة الكبيرة يفجرها صاعق صغير.. ونزع هذا الصاعق يحولها إلى كتلة من دون تأثير.. وهذه الصواعق تتكاثر في مجتمعاتنا اليوم .. فعلينا نزعها قبل أن تنفجر فينا.
واضاف الرئيس الأسد .. من هنا تبرز أهمية تنسيق سياساتنا الثقافية والإعلامية لمواجهة هذا الوضع القلق.. من خلال توسيع دائرة الحوار فيما بيننا لتدعيم الجسور الطبيعية القائمة بين شعوبنا.. وردم الفجوات المصطنعة لكي نسير سوية باتجاه المستقبل.. قوة متضامنة متآزرة.
وتابع الرئيس الأسد .. والتربية مكملة للإعلام والثقافة في عملية حماية الأجيال المقبلة من خلال بناء سياسات تربوية تبصرهم بحقيقة الإسلام وجوهر دعوته من أجل الخير والإعمار واستخدام العقل لتحقيق التقدم ورفض التكاسل والتواكل ونشدان قيم الحق والعدل والكرامة الإنسانية.
وقال الرئيس الأسد .. أما الاقتصاد فكان ولا يزال الطريق الطبيعي للتواصل والتعارف بين الشعوب كما لتحقيق التنمية.. ومن الطبيعي أن نسعى كبقية دول العالم ليكون لنا تكتل اقتصادي يعزز مصالحنا ويتفاعل إيجابياً مع مصالح الآخرين.
واختتم الرئيس الأسد كلمته بالقول.. أرجو لمؤتمركم النجاح في الوصول إلى الصيغ المناسبة لتفعيل منظمتنا وتمتين تضامننا بما يليق ومتانة الروابط التي تجمعنا.. مبتعدين في مقارباتنا وأدائنا عن الشعور بالمهانة والإقصاء.. مميزين بدقة بين العدو الحقيقي والوهمي.. محددين من يكون الصديق ومن يكون الشقيق.. منطلقين من الثقة بالمستقبل الذي تضمنه شعوبنا بامتلاكها كل العناصر والوسائل والموارد الضرورية لصناعته وتوجيهه.. وما يتبقى علينا كدول وحكومات هو امتلاك الرؤية والقرار والمعرفة لاستخدامها في المكان الصحيح وفي الوقت المناسب.
مرة أخرى أرحب بكم وأتمنى لكم كل النجاح والتوفيق.
والسلام عليكم.
 

ترانيم العشق

كبار الشخصيات
رد: كلمة الرئيس الأسد في افتتاح مؤتمر وزراء خارجية الدول الاسلامية بدمشق

كلام لا غبار عليه
فليس غريبا على الاسد
خطاب كهذا
وكلمات كهذه التي نقلت لنا
ربنا يطول عمره
وتسلم الايادي للنقل اخي
دمت بسعادة
 

ابتسامة طفلة

كاتب محترف
رد: كلمة الرئيس الأسد في افتتاح مؤتمر وزراء خارجية الدول الاسلامية بدمشق

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .
 

آنفآس آلمطر

كبار الشخصيات
رد: كلمة الرئيس الأسد في افتتاح مؤتمر وزراء خارجية الدول الاسلامية بدمشق

[align=center][table1="width:95%;"][cell="filter:;"][align=center]
.. أما الجانب الأكبر فيكمن في امتلاك الإرادة.
. والواقع يؤكد هذا القول.. فلو نظرنا لدول أخرى مرت بالظروف نفسها
في فترة زمنية متقاربة.. ولكن مكانتها اليوم أفضل منا بكثير.. علمياً واقتصادياً وسياسياً..


هكذا نحن الاسود

مشكور ياااسد
[/align][/cell][/table1][/align]
 

الباشا11

كاتب جيد
رد: كلمة الرئيس الأسد في افتتاح مؤتمر وزراء خارجية الدول الاسلامية بدمشق

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته مشكور أخي علوش على هالطرح وربي يسلم ايديك
واسمح لي أن أتوجه إلى السيد الرئيس بخالص الحب والولاء والاخلاص
ونود باسمي وباسم كل الشباب المسلم أن نشكر سيادته على الخطوة الكريمة التي قام بها بالسماح لأعضاء المؤتمر بالدخول إلى سورية بدون تأشيرة دخول وهي خطوة إن دلت على شيء فانها تدل على مدى عقلانية وحكمة السيد الرئيس حفظه الله ونأمل من باقي الدول الاسلامية أن تحذو حذو سورية باتجاه هذه الخطوة.
نهنيء السيد الرئيس و الشعب العربي السوري وكل المسلمين بنجاح المؤتمر
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
 

عمو هتلر

هتلر المنارة
رد: كلمة الرئيس الأسد في افتتاح مؤتمر وزراء خارجية الدول الاسلامية بدمشق

[motr]
حماك الله يا أسد

الشكر لمروركم

دمتم بخير
[/motr]
 

روح المطر

كاتب جيد جدا
رد: كلمة الرئيس الأسد في افتتاح مؤتمر وزراء خارجية الدول الاسلامية بدمشق

[ALIGN=CENTER][TABLE1="width:95%;"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]
نعم نحن الاسود
[/ALIGN]
[/CELL][/TABLE1][/ALIGN]​
 

GARDENIA

كاتب جيد جدا
رد: كلمة الرئيس الأسد في افتتاح مؤتمر وزراء خارجية الدول الاسلامية بدمشق

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .
 

مواضيع مماثلة

أعلى