دموع اليآسمين
كبار الشخصيات
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شموس غابت ,وليتها تعود
اختلف مع طه حسين فقال عنه: إنه يريد أن يغير الدنيا من حوله، وليس تغيير الدنيا ميسرا للجميع، واختلف مع محمد حسين هيكل وكان وزيرا للمعارف، لقيام الأخير بنقل أساتذة من كلية الآداب إلى الإسكندرية، فترك الوظيفة، وقبل ذلك عزل من سلك القضاء لدفاعه عن أستاذه (عاطف بركات) ووفائه له، عرف عنه حبه للعدل والأمانة واعتزال الناس، ودفع النجاح الذي حققه احمد أمين في سلسلة كتبه الدينية (ضحى الإسلام وفجر الإسلام وظهر الإسلام) الكثير من الأدباء إلى تقليده في الاتجاه إلى هذا النوع من الأدب، ويروي ابنه الاقتصادي المعروف الدكتور جلال أمين أنه لم يره أبداً بدون كتاب، لقد آثر صحبة الكتب على صحبة الناس، وإن لم يمنعه هذا من الكتابة لأشهر المجلات الأدبية آنذاك الثقافة والرسالة، كتب ما يزيد عن 900 مقالة. وروى أدق تفاصيل حياته في كتاب حياتي. وفي مقالة جميلة مضى عليها ستون عاما، وما زالت تصلح للقراءة والتطبيق يقول الدكتور أحمد أمين: اعتدت كل يوم أن أخلو لنفسي لحظات، أفكر فيها فيما مر علي من أحداث اليوم، سواء منها ما ساء وما سر، ولا أعد يوما لم أتمكن فيه من هذه الخلوة، سواء كان ذلك في رحلتي أو إقامتي، وفي الخلوة أفكر فيما جرى، أحيانا أرى أنه يوم عاد لم يجر فيه إلا ما كان مألوفا، وأحيانا أرى ما يهز مشاعري ويقلق عواطفي، فأرى مثلا من كنت أعده موطن وفاء ومركز صداقة قد باع صداقته بأرخص الأثمان. وصدر منه ما ليس له تفسير إلا الجحود والنكران، وتبين أنه كان صديقا مخلصا يوم كان يؤمل قضاء مصلحة.. فلما قضى مصلحته تنمر وتنكر وقلب ظهر المجن، وسألت نفسي في إحدى الخلوات: ماذا كنت تستفيدين من تجاربك لو حييت حياة ثانية وعدت إلى شبابك؟ فقلت: كنت لا أؤمن بالناس كما كنت أؤمن.. فكل من رأيت إنما يطلب الخير لنفسه، وإنما يعرفك ويتملقك إذا أحس بالحاجة إليك، ويمقتك ويكرهك إذا أحس الحاجة عند غيرك، ولو استقبلت من نفسي ما استدبرته لكرهت الإفراط في في كل شيء حتى الفضائل، فالإفراط في القراءة والكتابة كالإفراط في التدخين كلاهما ضار.. وقد علمتني الحوادث ألا شيء من المال يساوي الصحة، خصوصا إذا جمع على حساب الصحة، وأن أقرب أقربائي حتى الاخ والاولاد لا يستأهلون أن تضيع الصحة في سبيلهم، وأحيانا أفكر فيما هو أوسع من ذلك: في الإنسانية جمعاء.. كيف يغيب عن زعماء العالم أن في الحرب ضررا للجميع، المنتصر والمهزوم، وأن الغاية التي يسعى إليها الزعماء مهما كانت لا تساوي ما يهدر من دماء وأموال، وأن الجهود العلمية لو بذلت في خير الإنسانية لتقدمت البشرية، ولكان الناس إخوانا.. وأن العقل الضيق وحده هو الذي جعل فروقا بين الشرق والغرب، والمسلمين والمسيحيين واليهود.. وأن الناس لو عقلوا لأدركوا أن الدين لله وحده