الاجرام الامريكي الصهيوني بحق الشعب العراقي

العقيد ابو شهاب

كاتب جديد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاتهقصة مليارات الدولارات التي يُقال أنها مخصصة لإعادة اعمار العراق تشبه نكتة مشهورة عن لعبة كرة القدم المحببة لدى العراقيين. تقول النكتة أن قائد المنتخب العراقي عمّو بابا حقق التعادل في بطولة العالم العسكرية حين رمى الكرة رمية لم تحطّ بعدها لحد الآن في أرض الملعب. كذلك مصير مليارات الدولارات المغسولة بدماء العراقيين التي تستخدم لشراء ذمم الفئات الحاكمة ورشوة الأحزاب وأجهزة الإعلام وإفساد النظام العالمي والعلاقات الدولية. وهذه أمور لا تستحي من ذكرها الإدارة الأميركية، التي أعلنت بلسان رئيسها جورج بوش حرمان الدول غير المشاركة في الحرب من جني ثمار مقاولات اعمار العراق للعام القادم.

حجم المقاولات يبلغ 18 مليار دولار، والسؤال هو: هل تكترث دول كبرى مناهضة للحرب والاحتلال، كألمانيا وفرنسا وروسيا وكندا والصين والهند لخسارة بضع مليارت من الدولارات المغموسة بدماء العراقيين؟ هل تتنازل مقابل هذه الأموال المشؤومة عن مصالحها الاستراتيجية، وتتخلى عن النظام العالمي، وتضحي بالشرعية الدولية، وغير ذلك من أضغاث أحلام شرذمة لوبي الحرب؟ متابعة التفاصيل تكشف أن هذا اللوبي الأنغلوأميركي الصهيوني المعتوه يستميت ليس في منع إعادة إعمار العراق فحسب، بل في التوصل إلى أي تسوية للمأزق الأميركي في العراق. ومعروفة الآن الجهود الجهنمية التي بذلها اللوبي الأنغلوأميركي الصهيوني والمتواطئين معه في المنطقة للحيلولة دون التوصل إلى تسوية للنزاع مع النظام العراقي السابق، الذي قدم تنازلات كثيرة بلغت حدّ امتثاله لقرار إجراء انتخابات عامة تحت وصاية الأمم المتحدة. فالمطلوب كان وما يزال تفكيك الدولة العراقية بالكامل وفي المقدمة منها الجيش والقوات المسلحة، اللذين يشكلان الهيكل الأساسي للدولة منذ قيام العراق الحديث في عشرينيات القرن الماضي.

هذا هو المفتاح الرئيسي لفهم تناقضات قرارات الإدارة الأميركية. ففي حين تُحرم من مقاولات الإعمار دول تملك القدرة السياسية والتكنولوجية والمالية الكافية لإخراج الولايات المتحدة من ورطتها يُسمح بذلك لبلدان ضعيفة أعجز من أن تُعمّر نفسها بنفسها كألبانيا وإرتيريا وجزر سولومون وأوغندا وساموا. ويعرقل القرار جهود وزارة الخارجية الأميركية في توسيع دائرة المشاركة الدولية في تولي مسؤولية الأمن وإعادة الإعمار في العراق، كما يتضارب مع تفويض البيت الأبيض لوزير الخارجية الأميركي الأسبق جيمس بيكر معالجة مسألة ديون العراق الميتة. ولا يتضمن إعلان فرنسا وألمانيا قبل يومين عن استعدادهما لجدولة الديون خطوط واضحة، كما لم تخفف روسيا لحد الآن من تصلبها في هذا الشأن، حيث استبعد وزير الدفاع الروسي سيرجي إيفانوف احتمال إلغاء ديون روسيا على العراق البالغة 8 مليارات دولار. وأعلنت الحكومة الكندية الجديدة أنها ستراجع قرار تقديم مساعدات للعراق تزيد عن 200 مليون دولار.

ويرّجح الاقتصادي الأميركي بول كروغمان أن قرار حرمان الدول المناهضة للحرب من عقود إعمار العراق عمل تخريبي متعمد من جانب ديك تشيني ودونالد رومسفيلد وبول ولفوفيتز وغيرهم من أعضاء اللوبي اليميني المتطرف الذي يعتبر الحرب على العراق خطوة أولى نحو تحقيق ما يُسمى "القرن الأميركي الجديد". ويعتقد كروغمان أن تخبطات الإدارة الأميركية تعكس صراعات على السلطة داخل البيت الأبيض للحيلولة دون استعادة سيطرة العناصر الرشيدة في الحزب الجمهوري على السياسات الخارجية للولايات المتحدة. فالحرب على العراق عززت مخاوف مُعلنة من جانب هذه الزعامات الجمهورية منذ حرب عام 1991 من التورط في المستنقع العراقي. وقد برهنت حرب العراق على استحالة تحقيق مشروع اليمين المتطرف القائم على أوهام العظمة حول قدرات أميركا للسيطرة على العالم، وستشهد التطورات القادمة، حسب بول كروغمان الصراع الشاق والقذر لهذا اللوبي في مواجهة مصيره المحتوم.

وواضح أن المستفيدين الوحيدين من قرار استبعاد الدول المناهضة للحرب من عقود الإعمار هم مافيا الحرب. تضم هذه المافيا حسب أحدث المعلومات الموثقة نحو 70 شركة وشخصية في الولايات المتحدة نالوا عقود في مشاريع ما بعد الحرب على العراق وأفغانستان يبلغ حجمها 8 مليارات دولار. وتبرع كل واحد من هذه الشركات بأموال بلغت في المعدل نحو نصف مليون دولار لحملة إعادة انتخاب الرئيس جورج بوش. حصة الأسد كانت من نصيب شركة هاليبرتن ومالكتها "كيلوك براون آند روت". نالت هذه الشركة، التي كان يرأسها ديك تشيني قبل توليه منصب نائب الرئيس الأميركي مبلغ مليارين و300 مليون دولار. وجاءت في المرتبة الثانية مجموعة شركات "بكتل" المعروفة بصلاتها الوثيقة بالبيت الأبيض، وبلغ حجم المقاولات التي فازت بها أكثر من مليار دولار. وحصلت شركات عدة أقل شهرة إنما ليس أقل صلة باللوبي الأنغلوأميركي الصهيوني مقاولات في العراق تشمل إعادة بناء هيكل الحكومة والبوليس والجيش والإعلام وتجهيز المترجمين لأعمال الاستجواب والحملات الإعلامية والسايكولوجية للتأثير على الرأي العام العراقي. وقد أتيحت لكاتب هذه السطور فرصة الاطلاع على مقاولات من أغرب الأنواع هدفها تقويم المقاولات.

وكشف مركز الاستقامة العامة The Center of Public Integrity في واشنطن أن 60 في المئة من الشركات، التي نالت مقاولات العراق تستخدم موظفين أو تختار أعضاء في مجلس إدارتها يملكون صلات وثيقة بالإدارتين الجمهورية والديموقراطية، أو بأعضاء في الكونغرس من الحزبين، أو في أعلى المراتب العسكرية في الولايات المتحدة. وأظهرت تحقيقات شرعت بها دائرة الحسابات العامة الأميركية في الاتهامات حول سرقات ورشاوى عقود العراق عدم وجود معطيات كاملة حتى بعدد المقاولات. ودّلت التحقيقات الأولية على أن أكبر عشرة عقود منحها البنتاغون ووزارة الخارجية والوكالة الأميركية الدولية للمساعدات USAID فازت بها شركات تستخدم موظفين حكوميين كبار أو وكالات ذات صلة بالكونغرس. وذهب القسم الأكبر من تبرعات هذه الشركات التي بلغت 49 مليون دولار إلى الحزب الجمهوري الحاكم، نال منها جورج بوش النصيب الأكبر. وظهر أن عقود العراق تبلغ نحو 6 مليارات دولار ويعادل هذا ضعفي مبلغ 3 مليارات دولار المخصصة لأفغانستان. ويرّجح القائمون بالتحقيق أن حجم هذه العقود أكبر بكثير مما هو مُعلن لحد الآن. وعلى رغم اعتماد التحقيق على مسح 7 ملايين مقاولة اتحادية في الولايات المتحدة فإنه لم يغطِ جميع أعمال الشركات والمصالح ذات الصلة بالحرب على البلدين. سبب ذلك امتناع الجهات المانحة للعقود عن تقديم جميع ما لديها من معلومات. وقد أقام مركز الاستقامة العامة دعوى في المحاكم على وزارة الخارجية الأميركية لحجبها معلومات حول عقود شركة "دينكورب" DynCorp المسئولة عن تجهيز قوات الشرطة في العراق، وكشف تقرير سابق منشور هنا عن دعاوى في المحاكم ضد هذه الشركة المتورطة في المتاجرة في أسواق الرقيق الدولية بفتيات قاصرات في السن في كوسوفا والأقاليم الأخرى المنفصلة عن يوغوسلافيا. وعلى رغم ادّعاء الخارجية الأميركية ووكالة المساعدات الدولية حرصهما على التزام المقاولين بعقود العمل وأهداف إعادة إعمار العراق فإن الجهتين حذفتا من نسخ العقود المقدمة للتحقيق المعلومات الخاصة بذلك في عقود شركتي "بكتل" و"هاليبرتن" وثلاث شركات كبرى أخرى يبلغ حجم عقودها 11 مليار دولار.

ويجري حالياً التحقيق بفضائح برنامج أعادة اعمار مدارس العراق الذي تولته شركة "بكتل". وبدأت تظهر إلى العلن لأول مرة الاتهامات بالفساد من داخل الجماعات والمصالح المنخرطة في عملية احتلال العراق، بما في ذلك العاملين في سلطة الاحتلال ومجلس الحكم. وفي مقابلة في برنامج الإذاعي الأميركي راي سواريش وصف سامي كبه، رئيس غرفة التجارة الأميركية العراقية مجلس الحكم بالمافيا. وذكر كبه، المرشح حالياً لعضوية الكونغرس الأميركي أن أعضاء مجلس الحكم الذين عينهم بول بريمر لا يمثلون الناس في العراق، وتوقع أن يؤدي منحهم صلاحيات أكبر إلى زيادة أعمال المقاومة. وأعلن فيصل إسترابادي، الذي يعمل مستشاراً في إدارة الاحتلال، عن تأييده لرأي كبه، وأكد وجود عناصر فاسدة في مجلس الحكم. كما اعترف إسترابادي، الذي عمل قبل الغزو في لجنة إعداد قوانين العراق في وزارة الخارجية الأميركية بصحة رأي كبه حول وجود قوانين مناسبة ضد الفساد في العراق, ودعا إلى وضع هذه القوانين موضع التطبيق. المشكلة هنا هي أن قوانين محاربة الفساد العراقية لا تطال مفسدي أنظمة الحكم في واشنطن ولندن، الذين عيّنوا فيصل إسترابادي مستشاراً قانونياً في عملية غزو تنتهك القوانين الدولية.
:SnipeR (72)::zx4mrm::SnipeR (15):
 

خالد

كاتب جديد
رد: الاجرام الامريكي الصهيوني بحق الشعب العراقي

والله يا ابو شهاب كلنا منعرف ومنحرف بارك الله فيك
 

عاشقة الورد

كاتب جديد
رد: الاجرام الامريكي الصهيوني بحق الشعب العراقي

بارك الله بك , شكراً أخي الكريم
منور يا ابو شهاب
 

osama

مُشَرفْ سَابَق
رد: الاجرام الامريكي الصهيوني بحق الشعب العراقي

بارك الله بك , شكراً أخي الكريم
 

الـعـرّاب

أدارة موقع رحى الذكريات
رد: الاجرام الامريكي الصهيوني بحق الشعب العراقي

9667_1132190383.gif


تقبل مروري
 

دانا

كاتب جيد جدا
رد: الاجرام الامريكي الصهيوني بحق الشعب العراقي

بارك الله بك , شكراً أخي الكريم
 
أعلى