صغار غزة محرومين من الحياة

alwafi2008

كاتب جيد
صغـار غــزة.. محـرومون من الحيــاة

Satellite
الحصار الإسرائيلي الخـانق علـى غـزة، والمفروض عليها منذ أكثـر من عام حول ضـوء شـوارعها إلى عتمة قاتمة، ورسـم الكآبـة على كل الـوجـوه، إلا أن لسعاته الأكبـر والأقسـى كانت من نصيب "الأطفـال".
ألعـابهم.. رسـوماتهم.. ألفـاظهم، كلهـا تنطق بـلغة الحصـار، يتحدثون عن المعابر المغلقة، والسلك الشائك، ومصاصة الحليب الفارغـة كما لو أنها "قطـع حـلوى".


يحمـلون الشمـوع وإلى جانب الكبار يسيـرون في طرقات مدينتهم المجروحة، منددين بالحصار الذي دفعهم قسـرا إلى الشارع.. للعمـل بحثا عن لقمـة عيش باتت حلما لكثير من العائلات.
القليل أهون من السؤال


السـاعة السـادسـة صبـاحا.. صغـار الحي يستعدون للذهاب إلى مدارسهـم بوجوه ضـاحكة، قبـلات الحب ترتسـم بدفء على جبيـنهم، ووحـده في هذا التـوقيت يبحث "عادل" صـاحب العشـرة أعـوام عن ثيـابه الرّثـة الممزقـة.
يرتديـها على عجـل، ويهـرول إلى الشـارع، وبصـوت منكسـر يبدأ في المناداة عـلى المـارة يستجديهم لشـراء ما يحمـل في يـده.
يمضـي النهـار ويعـود الصغار من مدارسـهم، و"عـادل" لا يتوقف عن النداء، وبعـد أن يُباغتـه التعب، يلقي بجسـده النحيـل على الرصيف بجـوار صندوقه الورقي المتهالك المملوء بالبسكـويت والمناديل الورقيـة الصـامتة.
بعيـون تحـلم بنوم عميـق قال "عـادل" لـ"إسلام أون لاين" إن الفقـر هـو من دفـعه لتـرك مقاعد الدراسـة والعمل ببيـع البسكويت.
يـؤكد بنبـراتٍ أكبـر من عُمـره أن لا مجـال أمامـه سوى هذا الخيـار: "هل أنتظـر حتى يقضي الفقـر علينـا...لا مُعيـل لنا.. أبي مـريض لا يستطيع الحـراك.. وأُمـي من مستشفى لآخـر...".
ويستدرك بأسى: "وأخـي سـامح في الصف السـابع ترك هـو الآخـر المدرسـة..".
ما يكسبـه "عادل" في اليـوم الواحـد لا يكفي لإطعـام ثمـانيـة أفـواه في بيتٍ مُتهالك:" ما باليد حيـلة...القليـل أهون من ذُل السـؤال".
ماما.. أين اللحـم؟!
في شـارع الجـلاء بمدينـة غـزة وبالقرب من إشـارات المرور يتنقـل عشـرات الأطفـال من سيارة إلى أخرى عـارضين بضاعتهم على اُلركاب والسائقين..
"سعيد" في الحادية عشـرة من عمـره قال لـ"إسلام أون لاين" إن والده أجبـره على ترك المدرسـة من أجل العمل: "ما أبيـعه لا يكفي قـوت يومنا".
"سميـر" طفل في الثامنة من عمـره.. لا يجـد إجابة شافيـة تحكـي للناس عـن سبب قفـزه لواجهات السيارات من أجل مسـح زجاجها، بحروف مرتبكة يمضي قائلا: "لا أدري لم نقـوم بهذا؟.. ما أعرفه هو أن بيتنا فقيـر".
تكدس مئات المواطنين على مكاتب الأونروا في قطاع غزة لتعبئة طلب مساعدة خدمات اجتماعية يكـاد يختصـر المشـهد المؤلم الذي تعيشـه المدينة.
في الطـابور الطويل قال الحاج "أبو أسـعد" إنه اضطـر للاستيقاظ من ساعات الفجـر الأولى لعلّه يحصل آخر النهار على لُقيـمات تُسـكت صرخات أطفـاله.
وتُشيـر أم جابر العاطل زوجها عن العمـل إلى أنها وأُسـرتها تعيش على المساعدات المالية والغذائية: "الحصار أمرض أطفالي...ومُعاناتنا زادت بشكل لا يُمكن وصفـه...".
وبصوتٍ دامع تحكي أم حامد عن أطفـالها الذين لم يأكلوا اللحـم أو السمـك منذ أكثـر من عام:" إنهم لا يعـرفون هذه الأشياء...وحيـن تأتينا سـلة غذائية من أهل الخيـر يسألون: "ألا يـوجد لحم ؟! "..." تدمع عينـاها حين تتذكـر ذلك المساء الذي نام فيـه أطفـالها وبطـونهم تئن جـوعا.
الموت على أعتاب الحياة
أمـراض شتى تستوطن أجسـاد الأطفال وما من دواء لهـم.. كثير منهم ودع الحيـاة ومنهم من ينتظر..
تنظـر لطفـلها المُسجى على السرير.. الأجهـزة الملفـوفة حـوله تغطي كامل جسده، والوقت ثقيـل بارد يمـر على قلب الأم، ببكاء عميـق تبدأ حديثها لـ"إسلام أون لاين:" " طفـلي "ساجد ياسين" - في التاسعـة من عمـره- يعاني من سرطان في الكبـد، إنه بحاجة للعلاج في الخـارج، وإن بقي هنا سيموت".
تفشل في ترتيب حـروفها من جديد، تكتفي بـ"حسبنا الله ونعم الوكيـل ".
على مقربـة منهـا سالت دمـوع أم ثانية من أُمهـات الأطفال المـرضى وتمتمت بحزن: "بتنا نخشى مفاجآت الغـد وما يحمـله...".
وتحمـل "رشا السوافيري" رضيـعها بين يديها.. وعيـونها تتجـه صـوب معبر رفح الحدودي المُغلَّقة أبوابـه بقسـوة.. تتمنى لو يُفتح فتذهب بفلذة كبدها إلى مستشفيات الخارج لتُعالجه.. تنحدر دمـعة ساخنة من عينها وهي تهمس ألما: "إنه يحتضـر.. وُلد بثقب في القلب ويحتاج لعملية عاجلـة...".
وتتكلم الأرقام
الحصار الذي لا يعرف الصمت في غـزة تسبب في تفشي العديد من الأمراض بين الأطفال الذين يشكلون نسبة 60% من سكان غزة، حيث أشارت إحصائيات طبية إلى أن نسبة كبيرة منهم يعانون من أمراض مختلفة نتيجة سوء التغذية، مثل فقر الدم وضعف في مراحل النمو ونقص الوزن ونقص الحديد والفيتامينات، مما دعا وزارة شئون المرأة إلى مطالبة أحرار العالم بإنقاذ أطفال غـزة، مشيرة في تقرير وصل إسلام أون لاين إلى أن أكثـر من 65% من ضحايا الحصار هم من الأطفال.
لفت التقرير إلى أن 32.4% من تلاميذ المدارس يعانون من مشاكل تعليمية مختلفة بسبب الحصار، لاسيما فيما يتعلق بالأمور النفسية والاجتماعية، بسبب التغيرات التي طرأت على مستويات الدخل والفقر والبطالة وغلاء الأسعار ونقص أدنى متطلبات الحياة.
من جانبـها قالت اللجنة الشعبية لمواجهة الحصار في بيانٍ لها إن نسبة "ضحايا الحصار الإسرائيلي" من المرضى المتوفين في قطاع غزة من الأطفال تزيد عن 35 في المائة.
أنقـذوهم
لسعات الحصـار أزعجت أحلام الأطفـال، وأربكت وجوههم الصغيرة، يسألون بقلق عن جفاف رغيف الخبـز ونور الكهرباء الغائب.
"فضل أبو هين" مدير مركز التدريب المجتمعي وإدارة الأزمات بمدينة غـزة قال لـ"إسلام أون لاين.نت": إن الحصار ألقى بظلاله على أطفال غـزة، وأكـد أن الغالبية القصوى منهم تعرضوا لتغيرات سيكولوجية.
وأشار إلى أن الحصار حرم الأطفال من حياة بسيطـة هادئـة، وأهداهم القلق والتـوتر والاكتئاب، وأضاف: صغار غزة يعيشون معاناة الحصار مثلهم مثل الكبار، وذاكرتهم باتت تختزن صور الدمـوع والألـم.
ورغم تشديده على أن الطفل وليد بيئته، إلا أنه ناشد الأسـرة والمدرسـة ووسائل الإعلام وكافة شرائح المجتمع بحماية الأطفـال من سلبيات ما يتعرضون له، عن طريق زيادة برامج الترفيه والترويح، والأخذ بهم قدر الإمكان بعيدا عن الأجـواء المشحونة، واختيار ما يناسبهم من ألعاب وهوايات.
وتمنى من العـالم الصامت أن ينظـر بعين الشفقة لغـزة، وإنقاذ أطفالها، وتضميد جراحهم، وفك أسـر مدينتهم القابعة في أكبر وأقسـى سجن عرفه التاريخ.

منقوووووووووووول اللهم فك حصارهم واجبر كسرهم
 

عيون المها

كاتب جيد جدا
رد: صغار غزة محرومين من الحياة

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .
موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .
 

مواضيع مماثلة

أعلى