رضا البطاوى
كاتب جيد جدا
- إنضم
- 25 يوليو 2015
- المشاركات
- 1,723
- النقاط
- 881
نقد كتاب حديث الثقلين
الكتاب تأليف علي الحسيني الميلاني وإصدار مركز الأبحاث العقائدية برعاية السيستانى
موضوع الكتاب كما قال المؤلف :
"موضوع بحثنا «حديث الثقلين»، هذا الحديث الذي لو عمل به وطبق لما وقع خلاف بين المسلمين"
والهدف من الموضوع لدى المؤلف هو جمع المسلمين كما يقول :
"ولكن حديث الثقلين خير جامع بين المسلمين، لانه حديث يتفق عليه كل الأطراف، وهو حديث واضح في مدلوله وفي معناه "
وقد ذكر المؤلف ألفاظ روايتين للحديث فقال :
"ولنذكر قبل الورود بالبحث لفظا أو لفظين من ألفاظ هذا الحديث الشريف:
في صحيح الترمذي بسنده عن جابر بن عبدالله الانصاري، قال رسول الله (ص): «يا أيها الناس إني تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا: كتاب الله وعترتي أهل بيتي» وفي صحيح الترمذي أيضا بإسناده عن زيد بن أرقم قال: قال رسول الله (ص): «إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي، أحدهما أعظم من الأخر: كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الارض وعترتي أهل بيتي، ولن يتفرقا حتى يردا علي الحوض، فانظروا كيف تخلفوني فيهما» فهذان لفظان من ألفاظ الحديث، عن صحابيين من رواة هذا الحديث الشريف من الصحابة"
وبدأ الرجل بحثه بالمعانى اللغوية فى الحديث فقال :
"الجهة الاولى:
"في تحقيق ألفاظ حديث الثقلين
هذا الحديث مشهور بحديث الثقلين، والثقل: متاع المسافر كما في اللغة، فإني تارك فيكم الثقلين، الثقلين تثنية ثقل، ... متاع المسافر، فهذا أنسب بحال النبي (ص)، وبالظروف التي قال فيها هذا الكلام، لان المسافر من بلد إلى بلد وخاصة مع العزم على عدم العود إلى بلده السابق، يأخذ معه متاعه، ...ورسول الله (ص) يقول في حديث الثقلين: «إني قد دعيت فأجبت»، أو: «يوشك أن أدعى فأجيب»، هذه مقدمة حديث الثقلين، فيخبر رسول الله عن دنو أجله وقرب رحيله عن هذه الحياة، وحينئذ يقول: «وإني تارك»"
الخطأ فى الكلام هو هو علم النبى (ص)بدنو أجله فالنبى (ص) لا يعلم بمكان وموعد موته حتى يعلم بدنو الأجل لأنه هذا يخالف قوله تعالى :
"وما تدرى نفس ماذا تكسب غدا وما تدرى نفس بأى أرض تموت"
فموعد الموت ومكانه شىء من الغيب لا يعلمه نبى ولا غيره وقد طالب الله نبيه (ص) أن ينفى غلمه بالغيب فقال :
" ولو كنت أعلم الغيب لأستكثرت من الخير وما مسنى السوء"
ثم فسر الميلانى كلمة الثقلين فقال:
"ولا يخفى أن أغلى الأشياء عند النبي (ص) وأثمنها في حياته: القرآن والعترة، فكان ينبغي أن يأخذ القرآن والعترة معه، لكن مقتضى رأفته بهذه الامة وحرصه على بقاء هذا الدين هو أن يبقي أغلى الأشياء عنده في هذا العالم، ويترك الثقلين الامرين اللذين كان مقتضى الحال أن يأخذهما معه، فيقول: «إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي»، ثم يوصيهم بقوله: «ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا»، فالغرض من إبقاء هذين الأمرين بين الامة، والهدف من تركهما فيهم هو أن لا يضلوا من بعده فبهذه القرائن الموجودة في داخل الحديث، والظروف المحيطة بهذا الحديث، نرجح أن تكون الكلمة الثقلين لا الثقلين
وقد لاحظتم في اللفظين المذكورين أنه في اللفظ الاول يقول: «ما إن أخذتم بهما لن تضلوا»، وفي اللفظ الثاني يقول: «ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا»، وهذان اللفظان موجودان عند غير الترمذي أيضا
فلفظة «ما إن أخذتم» أو لفظة «الأخذ» موجودة في مسند أحمد ... ، وفي غيرها من المصادر ولفظ «التمسك» تجدونه في مسند عبد بن حميد ، وفي الدر المنثور ، وغيرهما من المصادر وأنتم لو راجعتم اللغة لوجدتم معنى «الأخذ» في مثل هذا المقام، ومعنى «التمسك» في مثل هذا المقام هو «الاتباع»
لكن كلمة «الاتباع» أيضا من ألفاظ حديث الثقلين، وهذا ما تجدونه في رواية ابن أبي شيبة وفي رواية الخطيب البغدادي لفظ «الاعتصام» بدل لفظ «التمسك» و«الأخذ»، يقول رسول الله (ص): «إني تركت فيكم ما لن تضلوا بعدي إن اعتصمتم به كتاب الله وعترتي»، و«الاعتصام» في اللغة العربية في الكتاب والسنة وفي الاستعمالات الفصيحة هو «التمسك»"
والخطأ فى كلام الميلانى هو فهمه لأهل البيت بكونهم فاطمة وعلى والحسن والحسين مع أن أهل البيت فى كتاب الله تطلق على الزوجات كما قالت الملائكة لزوجة إبراهيم (ص) "وامرأته قائمة فضحكت فبشرناها باسحق ومن وراء اسحق يعقوب قالت يا ويلتى أألد وأنا عجوز وهذا بعلى شيخا إن هذا لشىء عجيب قالوا أتعجبين من أمر الله رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد"
كما أن الحديث نفسه يعارض كتاب الله فكتاب الله يغنى عن أى شىء سواء كان العترة أهل البيت أو السنة المذكورة فى روايات أخرى مثل
20834- أخبرنا أبو الحسين بن بشران العدل ببغداد أنبأنا أبو أحمد حمزة بن محمد بن العباس حدثنا عبد الكريم بن الهيثم أنبأنا العباس بن الهيثم حدثنا صالح بن موسى الطلحى عن عبد العزيز بن رفيع عن أبى صالح عن أبى هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- :« إنى قد خلفت فيكم ما لن تضلوا بعدهما ما أخذتم بهما أو عملتم بهما كتاب الله وسنتى ولن تفرقا حتى يردا على الحوض ».سنن البيهقى ج2ص421
4665 - حدثنا أبو بكر الشافعى حدثنا أبو قبيصة محمد بن عبد الرحمن بن عمارة بن القعقاع حدثنا داود بن عمرو حدثنا صالح بن موسى عن عبد العزيز بن رفيع عن أبى صالح عن أبى هريرة قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- « خلفت فيكم شيئين لن تضلوا بعدهما كتاب الله وسنتى ولن يتفرقا حتى يردا على الحوض ».
سنن الدار قطنى 10ص464
وكلا الروايتين روايات الكتاب والعترة والكتاب والسنة يناقضات روايات كتاب الله فقط كما فى الروايات التالية:
تارك فيكم كتاب الله هو حبل الله من اتبعه كان على الهدى ومن تركه كان على الضلالة "ابن حبان ج1ص 323
[ 312 ]
وقد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به كتاب الله التجارة تسألون عني فما أنتم قائلون قالوا نشهد أن قد بلغت فأديت ونصحت فقال بإصبعه السبابة يرفعها الى السماء وينكتها إلى الناس اللهم أشهد "ابن حبان ج 4ص292
وهذه الروايات الأخيرة التى توافق كتاب الله فى قوله تعالى "وأنزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شىء"
فكتاب الله يغنى عن أى شىء أخر فما الحاجة للعترة أو للسنة فى ظل بيان الكتاب لكل شىء؟
ونجد الميلانى يقول:
"ولذا نرى في الحديث المتفق عليه أي الموجود في كتب أصحابنا وفي كتب القوم عن الإمام الصادق بتفسير قوله تعالى: (واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا) يقول الإمام جعفر بن محمد الصادق : «نحن حبل الله» حديث الصادق هذا بتفسير الآية المباركة موجود في تفسير الثعلبي، وفي الصواعق المحرقة ، وبعض المصادر الاخرى وإذا راجعتم تفسير الفخر الرازي في تفسير هذه الآية المباركة، وأيضا تفسير الخازن وبعض التفاسير الاخرى، لرأيتم أنهم يذكرون حديث الثقلين في تفسير الآية المباركة"
والفقرة بها خطأ عظيم ينسبونه للإمام الصادق وهو منه برىء فالرجل يفسر حبل الله بكونه العترة بينما كتاب الله شىء والعترة شىء ثانى لكونهما ثقلين وليس ثقل واحد
وبعد هذا يتتبع الميلانى ألفاظ الحديث فى كتب أهل السنة فيقول:
"وقد عرفنا أن الاعتصام هو «التمسك»، و«التمسك» يرجع إلى «الاتباع» أيضا، وذلك موجود أيضا بسند صحيح في مستدرك الحاكم وإذا وجب «الاتباع» ثبتت الإمامة بلا نزاع، فيكون علي وأهل البيت خلفاء رسول الله (ص) من بعده لكن حديث الثقلين ورد بلفظ «الخليفتين» أيضا، كما تجدونه عند أحمد في المسند ، وابن أبي عاصم في كتاب السنة ، وفي المعجم الكبير للطبراني، يقول الحافظ الهيثمي بعد أن يرويه عن المعجم الكبير للطبراني يقول: ورجاله ثقات ، وكذا صحح الحديث جلال الدين السيوطي
والالطف من هذا، عندما نراجع فيض القدير في شرح الجامع الصغير يقول المناوي بشرح كلمة «عترتي» يقول: وهم أصحاب الكساء الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا
فلاحظوا، ألفاظ هذا الحديث كيف تنتهي إلى الإمامة والخلافة، وإلى تعيين الإمام والخليفة بعد رسول الله (ص) فظهر: أن هذا الحديث بجميع ألفاظه يؤدي معنى واحدا، وهو معنى الإمامة، أما بلفظ «الخليفتين» فهو نص، ولا خلاف في هذا، وأي لفظ يكون أصرح في الدلالة على الإمامة والخلافة من هذا اللفظ ؟! «إني تارك فيكم خليفتين أو الخليفتين : كتاب الله وعترتي، ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي»
إذن، رأينا كيف يصدق الحديث القرآن الكريم، وكيف يصدق القرآن الكريم الحديث النبوي الشريف(واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا)
فهذه هي الجهة الاولى فيما يرتبط بألفاظ حديث الثقلين، وأنه كيف نستكشف الإمامة والخلافة من نفس الألفاظ، بغض النظر عن ذلك اللفظ الذي هو نص صريح بالخلافة بعد رسول الله "
الرجل هنا يخرف فيقول باتفاق القرآن مع الحديث برواياته المتناقضة ولا نعرف كيف يصدق القوم أنفسهم فحتى لو قلنا أن العترة هم أهل البيت فهو كلام لا يتفق مع أن الرجل ليس ذرية رجال كما قال تعالى "ما كان محمد أبا أحد من رجالكم"
فحتى لو اعتبرنا أهل البيت لسن النساء زوجاته فستقابلنا معضلة أن الرجل لديه أربع بنات واحدة أنجبت بنت هى إمامة وواحدة أنجبت ابن هو أبان بن عثمان وفاطمة أنجبت ثلاثا فما هو المميز فى فاطمة عن باقى البنات ؟
وإذا اعتبرنا على من أهل البيت فستقابلنا معضلة أخرى وهى انه انجب من فاطمة ومن غير فاطمة فهل نعتبر الأولاد أولادهم كلهم سواء أم لا؟
وإذا اعتبرنا أولاد فاطمة فقط فلماذا خص الحسن والحسين دون البنات؟
فى كل الأحوال هناك مشاكل لا يمكن الخروج منها بجعل فاطمة وعلى هم المقصودين كما ان هناك مصيبة لا يلتفت إليها القوم وهى أن على أخو محمد (ص)كهارون (ص)وموسى(ص) ومن ثم لا يجوز له زواج ابنة أخيه كما أنه فى مستوى واحد وهو أنهما أبناء عمومة ومن ثم فعلى يعتبر أحد أعمام فاطمة
ثم تناول الميلانى الجهة الثانية عنده فقال :
"الجهة الثانية
رواة حديث الثقلين:
إن رواة حديث الثقلين من الصحابة هم أكثر من ثلاثين شخص، على رأسهم:
1 أمير المؤمنين
2 الإمام الحسن السبط
3 أبو ذر الغفاري
4 سلمان الفارسي
5 جابر بن عبدالله الانصاري
6 أبو الهيثم ابن التيهان
7 حذيفة بن اليمان
8 حذيفة بن أسيد أبو شريحة أو سريحة
9 أبو سعيد الخدري
--- الصفحة 18 ---
10 خزيمة بن ثابت
11 زيد بن ثابت
12 عبد الرحمن بن عوف
13 طلحة
14 أبو هريرة
15 سعد بن أبي وقاص
16 أبو أيوب الانصاري
17 عمرو بن العاص
وغير هؤلاء من الصحابة
18 فاطمة الزهراء بضعة الرسول صلوات الله عليها
19 أم سلمة أم المؤمنين
20 أم هاني أخت الإمام أمير المؤمنين
ورواة الحديث من مشاهير الأئمة في مختلف القرون يبلغون المئات، وسأذكر أسامي خمسين رجلا منهم، وهؤلاء أشهر مشاهيرهم عبر القرون المختلفة:
1 سعيد بن مسروق الثوري
2 سليمان بن مهران الأعمش
3 محمد بن إسحاق، صاحب السيرة
4 محمد بن سعد، صاحب الطبقات
5 أبو بكر ابن أبي شيبة، صاحب المصنف
6 ابن راهويه، صاحب المسند
7 أحمد بن حنبل، صاحب المسند
8 ....
43 المتقي الهندي، صاحب كنز العمال
44 علي القاري الهروي، صاحب المرقاة في شرح المشكاة
45 المناوي، شارح الجامع الصغير
46 الحلبي، صاحب السيرة
47 دحلان، صاحب السيرة
48 منصور علي ناصف، صاحب التاج الجامع للاصول
49 النبهاني، صاحب المؤلفات
50 المبارك پوري، شارح صحيح الترمذي
هؤلاء خمسون نفر، وهذا العدد عشر رواة حديث الثقلين من أعلام أهل السنة في القرون المختلفة "
يذكرنى الميلانى هنا فى كلامه هنا عن العدد بكون الصحة تكون بكثرة العدد وهو كلام يناقض أن صحة الكلام تكون بالبراهين وليس بالعدد والقرآن يعتبر الكثرة العددية على ضلال كما فى قوله تعالى " ولكن أكثر الناس لا يعلمون"
وقوله "ولكن أكثر الناس لا يشكرون"
ولو اعتبرنا الكثرة العددية دليل صحة فهذا معناه أن دين الله هو دين باطل لأن دين كالنصرانية أكثر أعدادا ودين كالطاوية كذلك
وفى الجهة الثالثة استدل الميلانى بأقوال أهل السنة فى وجوب الانقياد للعترة فقال :
"الجهة الثالثة
دلالات حديث الثقلين:
قد عرفتم بنحو الاجمال دلالة حديث الثقلين على الإمامة في نفس البحث حول ألفاظه فقط، فكان الحديث في بعض ألفاظه نصا على إمامة وخلافة علي أمير المؤمنين ، وهو في ألفاظه الاخرى كلفظ «التمسك» ولفظ «الأخذ» ولفظ «الاتباع» و «الاعتصام» ونحو ذلك يدل على الإمامة والخلافة بالدلالة الالتزامية، من حيث أن هذه الألفاظ تدل على وجوب «الاتباع» و «الانقياد» و«الاطاعة المطلقة»، وهناك ملازمة بين «الاطاعة المطلقة» وبين «الإمامة» و«الخلافة»وإن كنتم في شك فارجعوا إلى شراح الحديث، بإمكانكم أن ترجعوا إلى فيض القدير في شرح جامع الصغير، وإلى المرقاة في شرح المشكاة، وإلى نسيم الرياض في شرح شفاء القاضي عياض، وإلى شرح المواهب اللدنية، والسراج المنير في شرح الجامع الصغير، وحتى إذا ترجعون إلى الصواعق المحرقة، إلى كتاب جواهر العقدين، وإلى أمثال هذه الكتب، لكي تروا كيف يشرحون حديث الثقلين وينصون على أن هذا الحديث حث وأمر من رسول الله (ص) بالاهتداء بهدي أهل البيت، بالتعلم من أهل البيت، بالاقتداء بأهل البيت:
يقول المناوي: في هذا الحديث تصريح بأنهما أي القرآن والعترة كتوأمين خلفهما وأوصى أمته بحسن معاملتهما، وإيثار حقهما على أنفسهم، والاستمساك بهما في الدين ويقول القاري في شرح الحديث: معنى التمسك بالعترة محبتهم والاهتداء بهداهم وسيرتهم ويقول الزرقاني المالكي وهو أيضا محقق في الحديث يقول: وأكد تلك الوصية وقواها بقوله: فانظروا بم تخلفوني فيهما بعد وفاتي، هل تتبعونهما فتسروني أو لا فتسيئوني ويقول ابن حجر المكي: حث (ص) على الاقتداء والتمسك بهم والتعلم منهم وحينئذ، يكون من دلالات حديث الثقلين: أعلمية أهل البيت من غيرهم، والاعلمية المطلقة، وهي تستلزم أفضليتهم، والافضلية مستلزمة للامامة، كما سنقرأ إن شاء الله تعالى ونحقق هذا الموضوع إذن، كل الصحابة كانوا مأمورين بالرجوع إلى أهل البيت، والاقتداء بهم، والتعلم منهم، وإطاعتهم والانقياد لهم
ومن هنا، فقد جاء في بعض ألفاظ حديث الثقلين كما هو عند الطبراني ، وفي مجمع الزوائد ، وعند ابن الاثير في أسد الغابة ، وأيضا في الصواعق المحرقة قال رسول الله بعد: «إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي ما إن تمسكتم بهما» قال: «فلا تقدموهما فتهلكوا، ولا تقصروا عنهما فتهلكوا، ولا تعلموهم فإنهم أعلم منكم»، ففي نفس حديث الثقلين توجد هذه الفقرة في رواية القوم
أما الشراح فيوضحون هذه الناحية أيضا، مثلا يقول القاري في المرقاة: الأظهر هو أن أهل البيت غالبا يكونون أعرف بصاحب البيت وأحواله، فالمراد بهم أهل العلم منهم المطلعون على سيرته، الواقفون على طريقته، العارفون بحكمه وحكمته، وبهذا يصلح أن يكونوا عدلا لكتاب الله سبحانه، كما قال تعالى: (يعلمهم الكتاب والحكمة)
وإذا راجعتم الصواعق لوجدتم هذه العبارة بالنص يقول: وفي قوله (ص): «فلا تقدموهم فتهلكوا، ولا تقصروا عنهم فتهلكوا، ولا تعلموهم فإنهم أعلم منكم» في قوله هذا دليل على أن من تأهل منهم للمراتب العلية والوظائف الدينية كان مقدما على غيره
فتكون هذه الفقرة الدالة على وجوب التعلم منهم دالة على إمامتهم وتقدمهم على غيرهم وهذه أيضا من دلالات حديث الثقلين"
الميلانى يفهم من النصوص التى نقلها فهما أخر فهو يفهم أنهم يقرون لكل أهل البيت بالإمامة مع أنهم يقرون بإمامة العالم منهم فيقول مثلا القاري في المرقاة: الأظهر هو أن أهل البيت غالبا يكونون أعرف بصاحب البيت وأحواله، فالمراد بهم أهل العلم منهم المطلعون على سيرته، الواقفون على طريقته، العارفون بحكمه وحكمته"
والغريب أن الميلانى يذكر أسماء كتاب شروح الحديث السنية ولا يذكر لنا النصوص التى فهم منها ما فهمه وننقل منها التالى:
"قال الحكيم : والمراد بعترته هنا العلماء العاملون إذ هم الذين لا يفارقون القرآن أما نحو جاهل وعالم مخلط فأجنبي من هذا المقام وإنما ينظر للأصل والعنصر عند التحلي بالفضائل والتخلي عن الرذائل فإذا كان العلم النافع في غير عنصرهم لزمنا اتباعه كائنا ما كان ولا يعارض حثه هنا على اتباع عترته حثه في خبر على اتباع قريش لأن الحكم على فرد من أفراد العام بحكم العام لا يوجب قصر العام على ذلك الفرد على الأصح بل فائدته مزيد الاهتمام بشأن ذلك الفرد والتنويه برفعة قدره (تنبيه) قال الشريف : هذا الخبر يفهم وجود من يكون أهلا للتمسك به من أهل البيت والعترة الطاهرة في كل زمن إلى قيام الساعة حتى يتوجه الحث المذكور إلى التمسك به كما أن الكتاب كذلك فلذلك كانوا أمانا لأهل الأرض فإذا ذهبوا ذهب أهل الأرض"فيض القدير ج3ص20
"زاد في رواية أحدهما أكبر من الآخر ( كتاب الله ) القرآن ( حبل ) أي هو حبل ممدود ما ) زائدة ( بين السماء والأرض ) قيل أراد به عهده وقيل أراد به السبب الموصل لرضاه ( وعترتي ) بمثناة فوقية ( أهل بيتي ) تفصيل بعد إجمال بدلا أو بيانا وهم أصحاب الكساء يعني أن علمتم بالقرآن واهتديتم بهدى عترتي العلماء لم تضلوا ( وإنهما لن يفترقا ) أي الكتاب والعترة ( حتى يردا على الحوض ) الكوثر يوم القيامة وقيل أراد به بعترته العلماء العاملين لأنهم الذين لا يفارقون القرآن أما نحو جاهل وعالم مخلط فلا وإنما ينظر للأصل والعنصر عند التحلي بالفضائل والتخلي عن الرذائل فكما أن كتاب الله فيه الناسخ والمنسوخ المرتفع الحكم فكذا ترتفع القدوة بالمخذولين منهم "التيسير بشرح الجامع الصغير ج1ص744
والمفهوم هنا أن العترة تطلق على كل عالم سواء كان من أقارب النبى(ص) أو غيرهم
وقد استنتج الرجل ما لا يستنتج وهو العصمة والإمامة فى كل الأزمان فقال:
"وفي قران أهل البيت بالقرآن دلالة على عصمة أهل البيت، وعلى وجود الإمام من أهل البيت في كل زمان، يصلح للإمامة، ولان يكون قدوة للناس، ولان يتعلم منه الناس جميع العلوم الإسلامية وجميع الامور المحتاج إليها، لابد وأن يكون موجودا في كل زمان مادام القرآن موجودا"
فلا يوجد عصمة لأحد من الذنوب لأن الرسول(ص) نفسه ليس معصوما لقوله تعالى " إنا فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر"
والميلانى يقول بوجودهم فى كل الأزمان مع أنه فى زمانه هذا ليس له إمام ومع أنه مذهبه يسمى الاثنا عشرية وقد انتهى زمن أخرهم منذ حوالى ألف عام ولا ندرى كيف يقول بهذا القول
ونجد الميلانى يحدثنا عن أن معنى حديث الثقلين يؤكد على ما أكده حديث غدير خم فيقول:
"المطلب الأول: اقتران حديث الثقلين بأحاديث أخرى
لقد اقترن حديث الثقلين في كثير من ألفاظه وموارده بأحاديث أخرى، تلك الأحاديث هي بدورها من الأدلة المعتبرة على إمامة أمير المؤمنين ففي بعض الألفاظ عن ابن جرير الطبري، وابن أبي عاصم، وأمالي المحاملي الذي هو محدث كبير من المحدثين عند القوم وقد صحح المحاملي هذا الحديث، ويرويه عنهم صاحب كنز العمال: قال رسول الله (ص)، وهو آخذ بيد علي في يوم الغدير: «أيها الناس ألستم تشهدون أن الله ورسوله أولى بكم من أنفسكم، وأن الله ورسوله مولاكم ؟» قالوا: بلى، قال: «فمن كان الله ورسوله مولاه فإن هذا مولاه، وقد تركت فيكم ما إن أخذتم بهما لن تضلوا بعدي كتاب الله وأهل بيتي»
واقتران حديث الثقلين بحديث الغدير المتواتر الدال على إمامة أمير المؤمنين ومجيئهما في سياق واحد، يدل على دلالة حديث الثقلين أيضا على نفس مدلول حديث الغدير، والسياق كما قلنا قرينة يؤخذ بها ما لم يكن في مقابلها نص قاطع، وليس هنا في المقابل نص قاطع يمنعنا من الأخذ بهذا السياق ومن مصادر اقتران الحديثين: المعجم الكبير للطبراني، ومسند ابن راهويه ، والمستدرك ، ونوادر الاصول للحكيم الترمذي ، والاصابة ، وأسد الغابة ، والسيرة الحلبية ولقد اقترن حديث الثقلين بحديث الغدير وحديث المنزلة أيضا، فأصبح ثلاثة أحاديث في سياق واحد، في رواية ابن حجر في كتاب الفتاوي الفقهية وكل منها يدل على إمامة أمير المؤمنين بالاستقلال"
مشكلة الميلانى وغيره من الشيعة والسنة أنهم يتركون كتاب الله ويذهبون للروايات التى تخالف كتاب الله فكل مسلم هو مولى لله ورسوله (ص) كما قال تعالى :
"وإن تولوا فاعلموا أن الله مولاكم نعم المولى ونعم النصير"
وقال :
" ذلك بأن الله مولى الذين آمنوا"
فكل الصحابة الذين آمنوا هم أولياء الله وليس واحد منهم
وذكر الميلانى وجود روايات أخرى فقال :
المطلب الثاني: تكرار الوصية بالكتاب والعترة في عدة مواطن
قد ثبت أن النبي (ص) كرر هذه الوصية، أي الوصية بالكتاب والعترة، في موارد عديدة:
المورد الاول: عند انصرافه (ص) من الطائف، وهذا الحديث أخرجه ابن أبي شيبة، وعنه ابن حجر المكي في الصواعق المحرقة
المورد الثاني: في حجة الوداع، وفي عرفة بالذات، وقد أخرج هذا الحديث ابن أبي شيبة كما في كنز العمال ، والترمذي في صحيحه ، والطبراني في المعجم الكبير ، وابن الاثير في جامع الاصول ، وغير هؤلاء
المورد الثالث: في يوم غدير خم، وفي الخطبة، وقد أخرج هذا الحديث أحمد في المسند ، الدارمي في السنن ، البيهقي في السنن الكبرى ، وابن كثير في تاريخه ، وغيرهم
المورد الرابع: في مرضه (ص) الذي توفي فيه، قاله وقد امتلات الغرفة أو الحجرة بالناس، أخرجه ابن أبي شيبة ، والبزار، وابن حجر المكي ، وغيرهم وربما يكون هناك موارد أخرى لقول رسول الله (ص): «إني تارك فيكم الثقلين» "
والمفترض أن يذكر الميلانى تلك الروايات التى ذكر الكتب الواردة بها وبمراجعة تلك الكتب فليس هناك روايات أخرى فهى روايات حديث غدير خم المختلفة
وبعد هذا حدثنا الميلانى عن الوحدة الإسلامية فقال :
"المطلب الثالث: مسألة الدعوة إلى الوحدة الإسلامية على ضوء حديث الثقلين
كان جدنا السيد الميلاني يحدثنا عن مبادرة بعض أعلام النجف الاشرف إلى التفاهم والتقارب مع بعض علماء السنة في ذلك الزمان، كان يقول: كنا نقترح عليه وعلى غيره: إن السبيل الصحيح السليم للتقارب بين المذاهب الاسلامية، هو الأخذ بحديث الثقلين، لان المفروض أنه حديث صحيح عند الطرفين إن لم يكن متواترا وهو متواتر قطعا، حديث مقبول عند الطرفين، ودلالته واضحة
فحينئذ إذا كان هناك شيء عن رسول الله نفسه وهو صحيح سندا ودلالته تامة، ويصلح لان يكون جامعا بيننا، لماذا نتركه ونتوجه إلى نظريات واقتراحات ومشاريع أخرى، قد لا تفيدنا ولا نصل عن طريقها إلى الهدف
كان رحمة الله عليه يقول: كنا نصر على هذا المعنى، وكان بعض أعلام النجف الاشرف الذي كان يقود فكرة التقريب له اقتراح آخر
حتى أنه عاد واعترف بأن الطريقة الصحيحة ليست إلا هذه الطريقة، ولا علاج لهذه المشكلة إلا الرجوع إلى هذا الحديث وأمثاله
وتلخص: إن النبي (ص) قد أخبر عن دنو وفاته وقرب رحيله، وأخبر الامة بأنه تارك بينهم أعز الأشياء عنده وأثمن الأشياء وأغلاها عنده، إنه تارك بين الامة القرآن والعترة، حتى لا يضلوا من بعده، وكلمة «لن» تدل على التأبيد، وهذه موجودة في ألفاظ الحديث: «ما إن تمسكتم بهما»، أو «ما إن أخذتم بهما لن تضلوا»ثم إنه (ص) أكد عليهم أنه سيسألهم عند الحوض عن معاملتهم مع الثقلين، وأنهم كيف خلفوه فيهماولعله أراد أن يشير بهذا الموعد والملتقى إلى أن أمير المؤمنين هو الساقي على هذا الحوض، وهو الذي يذود المنافقين عنه وأيضا: لعله كان يريد الاشارة إلى حديث الحوض الشهير الذي قال (ص) كما في الصحاح: «سيرد علي أصحابي وأنهم يذادون عن الحوض وأقول: يا رب هؤلاء أصحابي، فيقول: إنك لا تدري ما أحدثوا من بعدك»
وسنذكر هذه الأحاديث في موضعها إن شاء الله تعالى"
وبالقطع من يريد الوحدة لابد أن يتخلى عن روايات لا قيمة لها فحديث الثقلين لم يتفق أهل المذهبين على المراد بالعترة فيه فالشيعة يعتبرونهم الأئمة والسنة يعتبرونهم العلماء أيا كان انتماءهم الأسرى
والكلام عن أحاديث الحوض يعيدنا لكتاب الله فليس هناك حوض للنبى(ص) لأن لكل مسلم حوضين أى نهرين أى عينان كما قال تعالى :
""ولمن خاف مقام ربه جنتان فبأى آلاء ربكما تكذبان ذواتا أفنان فبأى آلاء ربكما تكذبان فيهما عينان تجريان"
وناقش الميلانى آراء بعض أهل السنة المعارضة لحديث الثقلين فقال :
"الجهة الرابعة المناقشات والمعارضات في حديث الثقلين:
وإذا راجعنا كتب القوم، رأينا أن محاولات القوم في رد حديث الثقلين وإبطاله تتلخص بالطرق التالية:
الطريق الأول:
"ما مشى عليه أبو الفرج ابن الجوزي، حيث أدرج حديث الثقلين في كتاب العلل المتناهية في الأحاديث الواهية ، فقد ذكر فيه هذا الحديث بسند واحد، وجعل يناقش في سنده ويضعفه، وهذا الكتاب خاص بالأحاديث الضعيفة بنظره، كما أن له كتابا آخر عنوانه كتاب الموضوعات جعله للأحاديث الموضوعة بنظره، فأدرج هذا الحديث في كتاب العلل المتناهية ليقول بأنه حديث ضعيف، ونحن إلى الآن لم نجد أحدا ضعف هذا الحديث قبل أبي الفرج ابن الجوزي
وتضعيفه مردود حتى من قبل علمائهم، وسنقرأ بعض الأسماء من كبار العلماء المحققين المتأخرين الذين خطأوه في عمله هذا
مضافا إلى أن هذا الحديث موجود في صحيح مسلم وإن كان مبتورا، وفي صحيح الترمذي، وفي صحيح ابن خزيمة الملقب عندهم بإمام الأئمة، وفي صحيح أبي عوانة، وفي الجمع بين الصحيحين، وفي تجريد الصحاح، وقد صحح الحاكم هذا الحديث، وكذا محمد بن إسحاق، والضياء المقدسي، والبغوي، والمحاملي، وابن النجار، والنووي، والمزي، والذهبي، وابن كثير، والهيثمي، والسيوطي، والقسطلاني، وابن حجر المكي، والمناوي، والزرقاني، وولي الله الدهلوي، وغيرهم
مضافا إلى أن أبا الفرج ابن الجوزي معروف عندهم بالتسرع في الحكم بالوضع أو الضعف، ومعروف عندهم بالتعصب، وفي خصوص هذا الحديث خطأه غير واحد من المحققين كما أشرنا،
منهم:
1 سبطه، في كتاب تذكرة الخواص
2 الحافظ السخاوي، في كتاب إرتقاء الغرف
3 الحافظ السمهودي، في كتاب جواهر العقدين
4 ابن حجر المكي، في الصواعق
5 المناوي، في فيض القدير
وكلهم قالوا: قد أخطأ ابن الجوزي، وحذروا من الاغترار بفعله، حتى أن بعضهم يقول: وإياك أن تغتر بما صنع
فالطريق الأول تضعيف الحديث، وهذا جوابه باختصار
الطريق الثاني:
الحكم بنكارة المتن، متن الحديث منكر، نسبه البخاري إلى أحمد بن حنبل، ففي التاريخ الصغير للبخاري يقول: قال أحمد في حديث عبد الملك عن عطية عن أبي سعيد قال النبي (ص): «تركت فيكم الثقلين» قال: أحاديث الكوفيين هذه مناكير ونحن نقول: أما نسبة هذا الكلام إلى أحمد، فنسبة كاذبة، لان أحمد يروي هذا الحديث في مسنده، وفي كتاب فضائل الصحابة، بأسانيد كثيرة عن عدة من الصحابة، وأين قال أحمد هذا ؟ ومتى قال ؟ وأما دعوى: أن هذا الحديث منكر، فنقول: صحيح، إنه منكر عند البخاري، لانه يدل على إمامة أمير المؤمنين وأهل البيت، عن طريق الأفضلية، عن طريق الأعلمية، بالقران مع القرآن، بدلالته على العصمة، وغير ذلك من جهات الدلالة الموجودة في هذا الحديث
الطريق الثالث:تحريف الحديث، وهذا ما صنعه مسلم في صحيحه، وفي تاريخ بغداد للخطيب البغدادي يقول: أخبرنا المطين، حدثنا نصر بن عبد الرحمن، حدثنا زيد بن الحسن، عن معروف، عن أبي الطفيل، عن حذيفة بن أسيد: إن رسول الله (ص) قال: «يا أيها الناس إني فرط لكم وأنتم واردون علي الحوض، وإني سائلكم حين تردون علي عن الثقلين فانظروا كيف تخلفوني فيهما: الثقل الاكبر كتاب سبب طرفه بيد الله، وطرفه بأيديكم، فاستمسكوا به ولا تضلوا ولا تبدلوا» انتهى الحديث
وهذا الحديث بنفس السند، أي عن طريق نصر بن عبد الرحمن عن زيد بن الحسن عن معروف عن أبي الطفيل عن حذيفة، فبنفس السند وبنفس اللفظ موجود في المصادر، أقرأ لكم نص الحديث عن واحد منها، عن نوادر الاصول للحكيم الترمذي ففيه: «إني فرطكم على الحوض وإني سائلكم حين تردون علي عن الثقلين فانظروا كيف تخلفوني فيهما: الثقل الاكبر كتاب الله سبب طرفه بيد الله وطرفه بأيديكم فاستمسكوا به ولا تضلوا ولا تبدلوا، وعترتي أهل بيتي، فإني قد نبأني اللطيف الخبير أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض» فهذا كتاب نوادر الاصول، وهذا كتاب تاريخ بغداد، وكلاهما موجودان بين أيدي الناس، وهل المتصرف بالحديث هو الخطيب نفسه أو النساخ أو الناشرون ؟ الله أعلم
وأكتفي من التحريفات بهذا المقدار إذ طال بنا المقام
الطريق الرابع:
المعارضة بأحاديث يروونها في كتبهم، يعارضون بها حديث الثقلين، والمعارضة كما تعلمون بحث على القاعدة وأسلوب مقبول، المعارضة معناها أن هناك حديثا صحيحا في سنده وتاما في دلالته، يعارض هذا الحديث الصحيح التام دلالة، ولذا نحن الطلبة نقول: المعارضة فرع الحجية، فلابد وأن يكون الخبران كلاهما حجة، فإذا كانا تامين سندا ودلالة فيتعارضان فيكون أحدهما صدقا والاخر كذبا، فإن تمكنا من ترجيح أحدهما على الاخر فهو، وإلا يتعارضان ويتساقطان، فالبحث عن طريق المعارضة بحث على القاعدة
لكن بأي شيء يعارض حديث الثقلين وهو حديث الوصية بالقرآن وأهل البيت ؟
يعارضون حديث الثقلين بأشياء، أهمها:
حديث الاقتداء بالشيخين، وأي حديث هذا ؟ إنهم يروونه عن رسول الله (ص) إنه قال: «إقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر» هذا الحديث موجود في بعض كتبهم، فإذا كان حديث الثقلين أي الوصية بالكتاب والعترة، دالا على وجوب الاقتداء بالقرآن والعترة، فهذا الحديث يدل على وجوب الاقتداء بالشيخين، إذن يقع التعارض بين الحديثين
الحديث الاخر المهم الذي يحاول بعض كتاب عصرنا أن يعارض به حديث الثقلين، أي الوصية بالكتاب والعترة، هو حديث الثقلين والوصية بالكتاب والسنة، قال رسول الله (ص): «إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وسنتي»، فحديث الوصية بالكتاب والعترة يدل على وجوب الاقتداء بالكتاب والعترة الأخذ والتمسك بهما، وهذا الحديث يقول بوجوب الأخذ والتمسك بالكتاب والسنة، إذن يقع التعارض بين الحديثين
وهذا هو الطريق الرابع لرد حديث الوصية بالقرآن والعترة
أما الحديث الأول فسنبحث عنه إن شاء الله في إحدى الليالي الآتية، حيث سنتعرض لأدلة القوم على إمامة الشيخين، وقد خصصنا ليلة للبحث عن تلك الأدلة ..فهذا هو الطريق الرابع
وقد كان الطريق الأول: التضعيف، والطريق الثاني: دعوى نكارة المتن، والطريق الثالث: تحريف الحديث، والطريق الرابع: المعارضة
وهل من فائدة في هذه الطرق ؟ وأي فائدة ؟ بل المتعين هو:
الطريق الخامس:
وهو طريق شيخ الاسلام !! ابن تيمية، إنه يقول: هذا الحديث كذب
وما أسهل هذا الطريق وأيسره ؟ ولماذا يتعبون أنفسهم فيحرفون الحديث، أو يجيئون بأحاديث فيعارضون بها حديث الثقلين، وما الفائدة من تضعيف الحديث من ابن الجوزي فينبري للرد عليه أعلام طائفته ويخطئونه في هذا التضعيف ؟ فأحسن طريق أن لا يصدق بحديث الثقلين، ويدعي أن ليس هناك سند معتبر لقوله (ص): «وعترتي أهل بيتي ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا»، ولماذا يصر الشيعة على هذا الحديث ويبنون عليه إمامة أمير المؤمنين ؟ وهذا هو دأب شيخ إسلامهم في قبال أحاديث إمامة أمير المؤمنين، ومناقب أهل البيت (عليهم السلام)
ونعم الحكم الله بين ابن تيمية وأمثاله وبين أهل البيت"
الميلانى وضح لنا طرق معارضة بعض أهل السنة لحديث الثقلين فبعضهم جعله حديث ضعيف أو منكر والبعض حرفه والبعض ذكر أحاديث معارضة له
وكل ما ذكره لا قيمة له ولا قيمة لروايات الآخرين أثبتوها أم انكروها فالقيمة هى لكتاب الله وحده فما وافقه من الروايات كان صحيح المعنى
ما قام به الفريقان إنهم احتموا بالروايات ولم يحتموا بكتاب الله احتموا بأحاديث الآحاد احتموا بكلام المخلوقين وتركوا كلام الخالق
من أراد الوحدة فلها طريق واحد هو كتاب الله
الكتاب تأليف علي الحسيني الميلاني وإصدار مركز الأبحاث العقائدية برعاية السيستانى
موضوع الكتاب كما قال المؤلف :
"موضوع بحثنا «حديث الثقلين»، هذا الحديث الذي لو عمل به وطبق لما وقع خلاف بين المسلمين"
والهدف من الموضوع لدى المؤلف هو جمع المسلمين كما يقول :
"ولكن حديث الثقلين خير جامع بين المسلمين، لانه حديث يتفق عليه كل الأطراف، وهو حديث واضح في مدلوله وفي معناه "
وقد ذكر المؤلف ألفاظ روايتين للحديث فقال :
"ولنذكر قبل الورود بالبحث لفظا أو لفظين من ألفاظ هذا الحديث الشريف:
في صحيح الترمذي بسنده عن جابر بن عبدالله الانصاري، قال رسول الله (ص): «يا أيها الناس إني تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا: كتاب الله وعترتي أهل بيتي» وفي صحيح الترمذي أيضا بإسناده عن زيد بن أرقم قال: قال رسول الله (ص): «إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي، أحدهما أعظم من الأخر: كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الارض وعترتي أهل بيتي، ولن يتفرقا حتى يردا علي الحوض، فانظروا كيف تخلفوني فيهما» فهذان لفظان من ألفاظ الحديث، عن صحابيين من رواة هذا الحديث الشريف من الصحابة"
وبدأ الرجل بحثه بالمعانى اللغوية فى الحديث فقال :
"الجهة الاولى:
"في تحقيق ألفاظ حديث الثقلين
هذا الحديث مشهور بحديث الثقلين، والثقل: متاع المسافر كما في اللغة، فإني تارك فيكم الثقلين، الثقلين تثنية ثقل، ... متاع المسافر، فهذا أنسب بحال النبي (ص)، وبالظروف التي قال فيها هذا الكلام، لان المسافر من بلد إلى بلد وخاصة مع العزم على عدم العود إلى بلده السابق، يأخذ معه متاعه، ...ورسول الله (ص) يقول في حديث الثقلين: «إني قد دعيت فأجبت»، أو: «يوشك أن أدعى فأجيب»، هذه مقدمة حديث الثقلين، فيخبر رسول الله عن دنو أجله وقرب رحيله عن هذه الحياة، وحينئذ يقول: «وإني تارك»"
الخطأ فى الكلام هو هو علم النبى (ص)بدنو أجله فالنبى (ص) لا يعلم بمكان وموعد موته حتى يعلم بدنو الأجل لأنه هذا يخالف قوله تعالى :
"وما تدرى نفس ماذا تكسب غدا وما تدرى نفس بأى أرض تموت"
فموعد الموت ومكانه شىء من الغيب لا يعلمه نبى ولا غيره وقد طالب الله نبيه (ص) أن ينفى غلمه بالغيب فقال :
" ولو كنت أعلم الغيب لأستكثرت من الخير وما مسنى السوء"
ثم فسر الميلانى كلمة الثقلين فقال:
"ولا يخفى أن أغلى الأشياء عند النبي (ص) وأثمنها في حياته: القرآن والعترة، فكان ينبغي أن يأخذ القرآن والعترة معه، لكن مقتضى رأفته بهذه الامة وحرصه على بقاء هذا الدين هو أن يبقي أغلى الأشياء عنده في هذا العالم، ويترك الثقلين الامرين اللذين كان مقتضى الحال أن يأخذهما معه، فيقول: «إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي»، ثم يوصيهم بقوله: «ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا»، فالغرض من إبقاء هذين الأمرين بين الامة، والهدف من تركهما فيهم هو أن لا يضلوا من بعده فبهذه القرائن الموجودة في داخل الحديث، والظروف المحيطة بهذا الحديث، نرجح أن تكون الكلمة الثقلين لا الثقلين
وقد لاحظتم في اللفظين المذكورين أنه في اللفظ الاول يقول: «ما إن أخذتم بهما لن تضلوا»، وفي اللفظ الثاني يقول: «ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا»، وهذان اللفظان موجودان عند غير الترمذي أيضا
فلفظة «ما إن أخذتم» أو لفظة «الأخذ» موجودة في مسند أحمد ... ، وفي غيرها من المصادر ولفظ «التمسك» تجدونه في مسند عبد بن حميد ، وفي الدر المنثور ، وغيرهما من المصادر وأنتم لو راجعتم اللغة لوجدتم معنى «الأخذ» في مثل هذا المقام، ومعنى «التمسك» في مثل هذا المقام هو «الاتباع»
لكن كلمة «الاتباع» أيضا من ألفاظ حديث الثقلين، وهذا ما تجدونه في رواية ابن أبي شيبة وفي رواية الخطيب البغدادي لفظ «الاعتصام» بدل لفظ «التمسك» و«الأخذ»، يقول رسول الله (ص): «إني تركت فيكم ما لن تضلوا بعدي إن اعتصمتم به كتاب الله وعترتي»، و«الاعتصام» في اللغة العربية في الكتاب والسنة وفي الاستعمالات الفصيحة هو «التمسك»"
والخطأ فى كلام الميلانى هو فهمه لأهل البيت بكونهم فاطمة وعلى والحسن والحسين مع أن أهل البيت فى كتاب الله تطلق على الزوجات كما قالت الملائكة لزوجة إبراهيم (ص) "وامرأته قائمة فضحكت فبشرناها باسحق ومن وراء اسحق يعقوب قالت يا ويلتى أألد وأنا عجوز وهذا بعلى شيخا إن هذا لشىء عجيب قالوا أتعجبين من أمر الله رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد"
كما أن الحديث نفسه يعارض كتاب الله فكتاب الله يغنى عن أى شىء سواء كان العترة أهل البيت أو السنة المذكورة فى روايات أخرى مثل
20834- أخبرنا أبو الحسين بن بشران العدل ببغداد أنبأنا أبو أحمد حمزة بن محمد بن العباس حدثنا عبد الكريم بن الهيثم أنبأنا العباس بن الهيثم حدثنا صالح بن موسى الطلحى عن عبد العزيز بن رفيع عن أبى صالح عن أبى هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- :« إنى قد خلفت فيكم ما لن تضلوا بعدهما ما أخذتم بهما أو عملتم بهما كتاب الله وسنتى ولن تفرقا حتى يردا على الحوض ».سنن البيهقى ج2ص421
4665 - حدثنا أبو بكر الشافعى حدثنا أبو قبيصة محمد بن عبد الرحمن بن عمارة بن القعقاع حدثنا داود بن عمرو حدثنا صالح بن موسى عن عبد العزيز بن رفيع عن أبى صالح عن أبى هريرة قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- « خلفت فيكم شيئين لن تضلوا بعدهما كتاب الله وسنتى ولن يتفرقا حتى يردا على الحوض ».
سنن الدار قطنى 10ص464
وكلا الروايتين روايات الكتاب والعترة والكتاب والسنة يناقضات روايات كتاب الله فقط كما فى الروايات التالية:
تارك فيكم كتاب الله هو حبل الله من اتبعه كان على الهدى ومن تركه كان على الضلالة "ابن حبان ج1ص 323
[ 312 ]
وقد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به كتاب الله التجارة تسألون عني فما أنتم قائلون قالوا نشهد أن قد بلغت فأديت ونصحت فقال بإصبعه السبابة يرفعها الى السماء وينكتها إلى الناس اللهم أشهد "ابن حبان ج 4ص292
وهذه الروايات الأخيرة التى توافق كتاب الله فى قوله تعالى "وأنزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شىء"
فكتاب الله يغنى عن أى شىء أخر فما الحاجة للعترة أو للسنة فى ظل بيان الكتاب لكل شىء؟
ونجد الميلانى يقول:
"ولذا نرى في الحديث المتفق عليه أي الموجود في كتب أصحابنا وفي كتب القوم عن الإمام الصادق بتفسير قوله تعالى: (واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا) يقول الإمام جعفر بن محمد الصادق : «نحن حبل الله» حديث الصادق هذا بتفسير الآية المباركة موجود في تفسير الثعلبي، وفي الصواعق المحرقة ، وبعض المصادر الاخرى وإذا راجعتم تفسير الفخر الرازي في تفسير هذه الآية المباركة، وأيضا تفسير الخازن وبعض التفاسير الاخرى، لرأيتم أنهم يذكرون حديث الثقلين في تفسير الآية المباركة"
والفقرة بها خطأ عظيم ينسبونه للإمام الصادق وهو منه برىء فالرجل يفسر حبل الله بكونه العترة بينما كتاب الله شىء والعترة شىء ثانى لكونهما ثقلين وليس ثقل واحد
وبعد هذا يتتبع الميلانى ألفاظ الحديث فى كتب أهل السنة فيقول:
"وقد عرفنا أن الاعتصام هو «التمسك»، و«التمسك» يرجع إلى «الاتباع» أيضا، وذلك موجود أيضا بسند صحيح في مستدرك الحاكم وإذا وجب «الاتباع» ثبتت الإمامة بلا نزاع، فيكون علي وأهل البيت خلفاء رسول الله (ص) من بعده لكن حديث الثقلين ورد بلفظ «الخليفتين» أيضا، كما تجدونه عند أحمد في المسند ، وابن أبي عاصم في كتاب السنة ، وفي المعجم الكبير للطبراني، يقول الحافظ الهيثمي بعد أن يرويه عن المعجم الكبير للطبراني يقول: ورجاله ثقات ، وكذا صحح الحديث جلال الدين السيوطي
والالطف من هذا، عندما نراجع فيض القدير في شرح الجامع الصغير يقول المناوي بشرح كلمة «عترتي» يقول: وهم أصحاب الكساء الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا
فلاحظوا، ألفاظ هذا الحديث كيف تنتهي إلى الإمامة والخلافة، وإلى تعيين الإمام والخليفة بعد رسول الله (ص) فظهر: أن هذا الحديث بجميع ألفاظه يؤدي معنى واحدا، وهو معنى الإمامة، أما بلفظ «الخليفتين» فهو نص، ولا خلاف في هذا، وأي لفظ يكون أصرح في الدلالة على الإمامة والخلافة من هذا اللفظ ؟! «إني تارك فيكم خليفتين أو الخليفتين : كتاب الله وعترتي، ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي»
إذن، رأينا كيف يصدق الحديث القرآن الكريم، وكيف يصدق القرآن الكريم الحديث النبوي الشريف(واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا)
فهذه هي الجهة الاولى فيما يرتبط بألفاظ حديث الثقلين، وأنه كيف نستكشف الإمامة والخلافة من نفس الألفاظ، بغض النظر عن ذلك اللفظ الذي هو نص صريح بالخلافة بعد رسول الله "
الرجل هنا يخرف فيقول باتفاق القرآن مع الحديث برواياته المتناقضة ولا نعرف كيف يصدق القوم أنفسهم فحتى لو قلنا أن العترة هم أهل البيت فهو كلام لا يتفق مع أن الرجل ليس ذرية رجال كما قال تعالى "ما كان محمد أبا أحد من رجالكم"
فحتى لو اعتبرنا أهل البيت لسن النساء زوجاته فستقابلنا معضلة أن الرجل لديه أربع بنات واحدة أنجبت بنت هى إمامة وواحدة أنجبت ابن هو أبان بن عثمان وفاطمة أنجبت ثلاثا فما هو المميز فى فاطمة عن باقى البنات ؟
وإذا اعتبرنا على من أهل البيت فستقابلنا معضلة أخرى وهى انه انجب من فاطمة ومن غير فاطمة فهل نعتبر الأولاد أولادهم كلهم سواء أم لا؟
وإذا اعتبرنا أولاد فاطمة فقط فلماذا خص الحسن والحسين دون البنات؟
فى كل الأحوال هناك مشاكل لا يمكن الخروج منها بجعل فاطمة وعلى هم المقصودين كما ان هناك مصيبة لا يلتفت إليها القوم وهى أن على أخو محمد (ص)كهارون (ص)وموسى(ص) ومن ثم لا يجوز له زواج ابنة أخيه كما أنه فى مستوى واحد وهو أنهما أبناء عمومة ومن ثم فعلى يعتبر أحد أعمام فاطمة
ثم تناول الميلانى الجهة الثانية عنده فقال :
"الجهة الثانية
رواة حديث الثقلين:
إن رواة حديث الثقلين من الصحابة هم أكثر من ثلاثين شخص، على رأسهم:
1 أمير المؤمنين
2 الإمام الحسن السبط
3 أبو ذر الغفاري
4 سلمان الفارسي
5 جابر بن عبدالله الانصاري
6 أبو الهيثم ابن التيهان
7 حذيفة بن اليمان
8 حذيفة بن أسيد أبو شريحة أو سريحة
9 أبو سعيد الخدري
--- الصفحة 18 ---
10 خزيمة بن ثابت
11 زيد بن ثابت
12 عبد الرحمن بن عوف
13 طلحة
14 أبو هريرة
15 سعد بن أبي وقاص
16 أبو أيوب الانصاري
17 عمرو بن العاص
وغير هؤلاء من الصحابة
18 فاطمة الزهراء بضعة الرسول صلوات الله عليها
19 أم سلمة أم المؤمنين
20 أم هاني أخت الإمام أمير المؤمنين
ورواة الحديث من مشاهير الأئمة في مختلف القرون يبلغون المئات، وسأذكر أسامي خمسين رجلا منهم، وهؤلاء أشهر مشاهيرهم عبر القرون المختلفة:
1 سعيد بن مسروق الثوري
2 سليمان بن مهران الأعمش
3 محمد بن إسحاق، صاحب السيرة
4 محمد بن سعد، صاحب الطبقات
5 أبو بكر ابن أبي شيبة، صاحب المصنف
6 ابن راهويه، صاحب المسند
7 أحمد بن حنبل، صاحب المسند
8 ....
43 المتقي الهندي، صاحب كنز العمال
44 علي القاري الهروي، صاحب المرقاة في شرح المشكاة
45 المناوي، شارح الجامع الصغير
46 الحلبي، صاحب السيرة
47 دحلان، صاحب السيرة
48 منصور علي ناصف، صاحب التاج الجامع للاصول
49 النبهاني، صاحب المؤلفات
50 المبارك پوري، شارح صحيح الترمذي
هؤلاء خمسون نفر، وهذا العدد عشر رواة حديث الثقلين من أعلام أهل السنة في القرون المختلفة "
يذكرنى الميلانى هنا فى كلامه هنا عن العدد بكون الصحة تكون بكثرة العدد وهو كلام يناقض أن صحة الكلام تكون بالبراهين وليس بالعدد والقرآن يعتبر الكثرة العددية على ضلال كما فى قوله تعالى " ولكن أكثر الناس لا يعلمون"
وقوله "ولكن أكثر الناس لا يشكرون"
ولو اعتبرنا الكثرة العددية دليل صحة فهذا معناه أن دين الله هو دين باطل لأن دين كالنصرانية أكثر أعدادا ودين كالطاوية كذلك
وفى الجهة الثالثة استدل الميلانى بأقوال أهل السنة فى وجوب الانقياد للعترة فقال :
"الجهة الثالثة
دلالات حديث الثقلين:
قد عرفتم بنحو الاجمال دلالة حديث الثقلين على الإمامة في نفس البحث حول ألفاظه فقط، فكان الحديث في بعض ألفاظه نصا على إمامة وخلافة علي أمير المؤمنين ، وهو في ألفاظه الاخرى كلفظ «التمسك» ولفظ «الأخذ» ولفظ «الاتباع» و «الاعتصام» ونحو ذلك يدل على الإمامة والخلافة بالدلالة الالتزامية، من حيث أن هذه الألفاظ تدل على وجوب «الاتباع» و «الانقياد» و«الاطاعة المطلقة»، وهناك ملازمة بين «الاطاعة المطلقة» وبين «الإمامة» و«الخلافة»وإن كنتم في شك فارجعوا إلى شراح الحديث، بإمكانكم أن ترجعوا إلى فيض القدير في شرح جامع الصغير، وإلى المرقاة في شرح المشكاة، وإلى نسيم الرياض في شرح شفاء القاضي عياض، وإلى شرح المواهب اللدنية، والسراج المنير في شرح الجامع الصغير، وحتى إذا ترجعون إلى الصواعق المحرقة، إلى كتاب جواهر العقدين، وإلى أمثال هذه الكتب، لكي تروا كيف يشرحون حديث الثقلين وينصون على أن هذا الحديث حث وأمر من رسول الله (ص) بالاهتداء بهدي أهل البيت، بالتعلم من أهل البيت، بالاقتداء بأهل البيت:
يقول المناوي: في هذا الحديث تصريح بأنهما أي القرآن والعترة كتوأمين خلفهما وأوصى أمته بحسن معاملتهما، وإيثار حقهما على أنفسهم، والاستمساك بهما في الدين ويقول القاري في شرح الحديث: معنى التمسك بالعترة محبتهم والاهتداء بهداهم وسيرتهم ويقول الزرقاني المالكي وهو أيضا محقق في الحديث يقول: وأكد تلك الوصية وقواها بقوله: فانظروا بم تخلفوني فيهما بعد وفاتي، هل تتبعونهما فتسروني أو لا فتسيئوني ويقول ابن حجر المكي: حث (ص) على الاقتداء والتمسك بهم والتعلم منهم وحينئذ، يكون من دلالات حديث الثقلين: أعلمية أهل البيت من غيرهم، والاعلمية المطلقة، وهي تستلزم أفضليتهم، والافضلية مستلزمة للامامة، كما سنقرأ إن شاء الله تعالى ونحقق هذا الموضوع إذن، كل الصحابة كانوا مأمورين بالرجوع إلى أهل البيت، والاقتداء بهم، والتعلم منهم، وإطاعتهم والانقياد لهم
ومن هنا، فقد جاء في بعض ألفاظ حديث الثقلين كما هو عند الطبراني ، وفي مجمع الزوائد ، وعند ابن الاثير في أسد الغابة ، وأيضا في الصواعق المحرقة قال رسول الله بعد: «إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي ما إن تمسكتم بهما» قال: «فلا تقدموهما فتهلكوا، ولا تقصروا عنهما فتهلكوا، ولا تعلموهم فإنهم أعلم منكم»، ففي نفس حديث الثقلين توجد هذه الفقرة في رواية القوم
أما الشراح فيوضحون هذه الناحية أيضا، مثلا يقول القاري في المرقاة: الأظهر هو أن أهل البيت غالبا يكونون أعرف بصاحب البيت وأحواله، فالمراد بهم أهل العلم منهم المطلعون على سيرته، الواقفون على طريقته، العارفون بحكمه وحكمته، وبهذا يصلح أن يكونوا عدلا لكتاب الله سبحانه، كما قال تعالى: (يعلمهم الكتاب والحكمة)
وإذا راجعتم الصواعق لوجدتم هذه العبارة بالنص يقول: وفي قوله (ص): «فلا تقدموهم فتهلكوا، ولا تقصروا عنهم فتهلكوا، ولا تعلموهم فإنهم أعلم منكم» في قوله هذا دليل على أن من تأهل منهم للمراتب العلية والوظائف الدينية كان مقدما على غيره
فتكون هذه الفقرة الدالة على وجوب التعلم منهم دالة على إمامتهم وتقدمهم على غيرهم وهذه أيضا من دلالات حديث الثقلين"
الميلانى يفهم من النصوص التى نقلها فهما أخر فهو يفهم أنهم يقرون لكل أهل البيت بالإمامة مع أنهم يقرون بإمامة العالم منهم فيقول مثلا القاري في المرقاة: الأظهر هو أن أهل البيت غالبا يكونون أعرف بصاحب البيت وأحواله، فالمراد بهم أهل العلم منهم المطلعون على سيرته، الواقفون على طريقته، العارفون بحكمه وحكمته"
والغريب أن الميلانى يذكر أسماء كتاب شروح الحديث السنية ولا يذكر لنا النصوص التى فهم منها ما فهمه وننقل منها التالى:
"قال الحكيم : والمراد بعترته هنا العلماء العاملون إذ هم الذين لا يفارقون القرآن أما نحو جاهل وعالم مخلط فأجنبي من هذا المقام وإنما ينظر للأصل والعنصر عند التحلي بالفضائل والتخلي عن الرذائل فإذا كان العلم النافع في غير عنصرهم لزمنا اتباعه كائنا ما كان ولا يعارض حثه هنا على اتباع عترته حثه في خبر على اتباع قريش لأن الحكم على فرد من أفراد العام بحكم العام لا يوجب قصر العام على ذلك الفرد على الأصح بل فائدته مزيد الاهتمام بشأن ذلك الفرد والتنويه برفعة قدره (تنبيه) قال الشريف : هذا الخبر يفهم وجود من يكون أهلا للتمسك به من أهل البيت والعترة الطاهرة في كل زمن إلى قيام الساعة حتى يتوجه الحث المذكور إلى التمسك به كما أن الكتاب كذلك فلذلك كانوا أمانا لأهل الأرض فإذا ذهبوا ذهب أهل الأرض"فيض القدير ج3ص20
"زاد في رواية أحدهما أكبر من الآخر ( كتاب الله ) القرآن ( حبل ) أي هو حبل ممدود ما ) زائدة ( بين السماء والأرض ) قيل أراد به عهده وقيل أراد به السبب الموصل لرضاه ( وعترتي ) بمثناة فوقية ( أهل بيتي ) تفصيل بعد إجمال بدلا أو بيانا وهم أصحاب الكساء يعني أن علمتم بالقرآن واهتديتم بهدى عترتي العلماء لم تضلوا ( وإنهما لن يفترقا ) أي الكتاب والعترة ( حتى يردا على الحوض ) الكوثر يوم القيامة وقيل أراد به بعترته العلماء العاملين لأنهم الذين لا يفارقون القرآن أما نحو جاهل وعالم مخلط فلا وإنما ينظر للأصل والعنصر عند التحلي بالفضائل والتخلي عن الرذائل فكما أن كتاب الله فيه الناسخ والمنسوخ المرتفع الحكم فكذا ترتفع القدوة بالمخذولين منهم "التيسير بشرح الجامع الصغير ج1ص744
والمفهوم هنا أن العترة تطلق على كل عالم سواء كان من أقارب النبى(ص) أو غيرهم
وقد استنتج الرجل ما لا يستنتج وهو العصمة والإمامة فى كل الأزمان فقال:
"وفي قران أهل البيت بالقرآن دلالة على عصمة أهل البيت، وعلى وجود الإمام من أهل البيت في كل زمان، يصلح للإمامة، ولان يكون قدوة للناس، ولان يتعلم منه الناس جميع العلوم الإسلامية وجميع الامور المحتاج إليها، لابد وأن يكون موجودا في كل زمان مادام القرآن موجودا"
فلا يوجد عصمة لأحد من الذنوب لأن الرسول(ص) نفسه ليس معصوما لقوله تعالى " إنا فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر"
والميلانى يقول بوجودهم فى كل الأزمان مع أنه فى زمانه هذا ليس له إمام ومع أنه مذهبه يسمى الاثنا عشرية وقد انتهى زمن أخرهم منذ حوالى ألف عام ولا ندرى كيف يقول بهذا القول
ونجد الميلانى يحدثنا عن أن معنى حديث الثقلين يؤكد على ما أكده حديث غدير خم فيقول:
"المطلب الأول: اقتران حديث الثقلين بأحاديث أخرى
لقد اقترن حديث الثقلين في كثير من ألفاظه وموارده بأحاديث أخرى، تلك الأحاديث هي بدورها من الأدلة المعتبرة على إمامة أمير المؤمنين ففي بعض الألفاظ عن ابن جرير الطبري، وابن أبي عاصم، وأمالي المحاملي الذي هو محدث كبير من المحدثين عند القوم وقد صحح المحاملي هذا الحديث، ويرويه عنهم صاحب كنز العمال: قال رسول الله (ص)، وهو آخذ بيد علي في يوم الغدير: «أيها الناس ألستم تشهدون أن الله ورسوله أولى بكم من أنفسكم، وأن الله ورسوله مولاكم ؟» قالوا: بلى، قال: «فمن كان الله ورسوله مولاه فإن هذا مولاه، وقد تركت فيكم ما إن أخذتم بهما لن تضلوا بعدي كتاب الله وأهل بيتي»
واقتران حديث الثقلين بحديث الغدير المتواتر الدال على إمامة أمير المؤمنين ومجيئهما في سياق واحد، يدل على دلالة حديث الثقلين أيضا على نفس مدلول حديث الغدير، والسياق كما قلنا قرينة يؤخذ بها ما لم يكن في مقابلها نص قاطع، وليس هنا في المقابل نص قاطع يمنعنا من الأخذ بهذا السياق ومن مصادر اقتران الحديثين: المعجم الكبير للطبراني، ومسند ابن راهويه ، والمستدرك ، ونوادر الاصول للحكيم الترمذي ، والاصابة ، وأسد الغابة ، والسيرة الحلبية ولقد اقترن حديث الثقلين بحديث الغدير وحديث المنزلة أيضا، فأصبح ثلاثة أحاديث في سياق واحد، في رواية ابن حجر في كتاب الفتاوي الفقهية وكل منها يدل على إمامة أمير المؤمنين بالاستقلال"
مشكلة الميلانى وغيره من الشيعة والسنة أنهم يتركون كتاب الله ويذهبون للروايات التى تخالف كتاب الله فكل مسلم هو مولى لله ورسوله (ص) كما قال تعالى :
"وإن تولوا فاعلموا أن الله مولاكم نعم المولى ونعم النصير"
وقال :
" ذلك بأن الله مولى الذين آمنوا"
فكل الصحابة الذين آمنوا هم أولياء الله وليس واحد منهم
وذكر الميلانى وجود روايات أخرى فقال :
المطلب الثاني: تكرار الوصية بالكتاب والعترة في عدة مواطن
قد ثبت أن النبي (ص) كرر هذه الوصية، أي الوصية بالكتاب والعترة، في موارد عديدة:
المورد الاول: عند انصرافه (ص) من الطائف، وهذا الحديث أخرجه ابن أبي شيبة، وعنه ابن حجر المكي في الصواعق المحرقة
المورد الثاني: في حجة الوداع، وفي عرفة بالذات، وقد أخرج هذا الحديث ابن أبي شيبة كما في كنز العمال ، والترمذي في صحيحه ، والطبراني في المعجم الكبير ، وابن الاثير في جامع الاصول ، وغير هؤلاء
المورد الثالث: في يوم غدير خم، وفي الخطبة، وقد أخرج هذا الحديث أحمد في المسند ، الدارمي في السنن ، البيهقي في السنن الكبرى ، وابن كثير في تاريخه ، وغيرهم
المورد الرابع: في مرضه (ص) الذي توفي فيه، قاله وقد امتلات الغرفة أو الحجرة بالناس، أخرجه ابن أبي شيبة ، والبزار، وابن حجر المكي ، وغيرهم وربما يكون هناك موارد أخرى لقول رسول الله (ص): «إني تارك فيكم الثقلين» "
والمفترض أن يذكر الميلانى تلك الروايات التى ذكر الكتب الواردة بها وبمراجعة تلك الكتب فليس هناك روايات أخرى فهى روايات حديث غدير خم المختلفة
وبعد هذا حدثنا الميلانى عن الوحدة الإسلامية فقال :
"المطلب الثالث: مسألة الدعوة إلى الوحدة الإسلامية على ضوء حديث الثقلين
كان جدنا السيد الميلاني يحدثنا عن مبادرة بعض أعلام النجف الاشرف إلى التفاهم والتقارب مع بعض علماء السنة في ذلك الزمان، كان يقول: كنا نقترح عليه وعلى غيره: إن السبيل الصحيح السليم للتقارب بين المذاهب الاسلامية، هو الأخذ بحديث الثقلين، لان المفروض أنه حديث صحيح عند الطرفين إن لم يكن متواترا وهو متواتر قطعا، حديث مقبول عند الطرفين، ودلالته واضحة
فحينئذ إذا كان هناك شيء عن رسول الله نفسه وهو صحيح سندا ودلالته تامة، ويصلح لان يكون جامعا بيننا، لماذا نتركه ونتوجه إلى نظريات واقتراحات ومشاريع أخرى، قد لا تفيدنا ولا نصل عن طريقها إلى الهدف
كان رحمة الله عليه يقول: كنا نصر على هذا المعنى، وكان بعض أعلام النجف الاشرف الذي كان يقود فكرة التقريب له اقتراح آخر
حتى أنه عاد واعترف بأن الطريقة الصحيحة ليست إلا هذه الطريقة، ولا علاج لهذه المشكلة إلا الرجوع إلى هذا الحديث وأمثاله
وتلخص: إن النبي (ص) قد أخبر عن دنو وفاته وقرب رحيله، وأخبر الامة بأنه تارك بينهم أعز الأشياء عنده وأثمن الأشياء وأغلاها عنده، إنه تارك بين الامة القرآن والعترة، حتى لا يضلوا من بعده، وكلمة «لن» تدل على التأبيد، وهذه موجودة في ألفاظ الحديث: «ما إن تمسكتم بهما»، أو «ما إن أخذتم بهما لن تضلوا»ثم إنه (ص) أكد عليهم أنه سيسألهم عند الحوض عن معاملتهم مع الثقلين، وأنهم كيف خلفوه فيهماولعله أراد أن يشير بهذا الموعد والملتقى إلى أن أمير المؤمنين هو الساقي على هذا الحوض، وهو الذي يذود المنافقين عنه وأيضا: لعله كان يريد الاشارة إلى حديث الحوض الشهير الذي قال (ص) كما في الصحاح: «سيرد علي أصحابي وأنهم يذادون عن الحوض وأقول: يا رب هؤلاء أصحابي، فيقول: إنك لا تدري ما أحدثوا من بعدك»
وسنذكر هذه الأحاديث في موضعها إن شاء الله تعالى"
وبالقطع من يريد الوحدة لابد أن يتخلى عن روايات لا قيمة لها فحديث الثقلين لم يتفق أهل المذهبين على المراد بالعترة فيه فالشيعة يعتبرونهم الأئمة والسنة يعتبرونهم العلماء أيا كان انتماءهم الأسرى
والكلام عن أحاديث الحوض يعيدنا لكتاب الله فليس هناك حوض للنبى(ص) لأن لكل مسلم حوضين أى نهرين أى عينان كما قال تعالى :
""ولمن خاف مقام ربه جنتان فبأى آلاء ربكما تكذبان ذواتا أفنان فبأى آلاء ربكما تكذبان فيهما عينان تجريان"
وناقش الميلانى آراء بعض أهل السنة المعارضة لحديث الثقلين فقال :
"الجهة الرابعة المناقشات والمعارضات في حديث الثقلين:
وإذا راجعنا كتب القوم، رأينا أن محاولات القوم في رد حديث الثقلين وإبطاله تتلخص بالطرق التالية:
الطريق الأول:
"ما مشى عليه أبو الفرج ابن الجوزي، حيث أدرج حديث الثقلين في كتاب العلل المتناهية في الأحاديث الواهية ، فقد ذكر فيه هذا الحديث بسند واحد، وجعل يناقش في سنده ويضعفه، وهذا الكتاب خاص بالأحاديث الضعيفة بنظره، كما أن له كتابا آخر عنوانه كتاب الموضوعات جعله للأحاديث الموضوعة بنظره، فأدرج هذا الحديث في كتاب العلل المتناهية ليقول بأنه حديث ضعيف، ونحن إلى الآن لم نجد أحدا ضعف هذا الحديث قبل أبي الفرج ابن الجوزي
وتضعيفه مردود حتى من قبل علمائهم، وسنقرأ بعض الأسماء من كبار العلماء المحققين المتأخرين الذين خطأوه في عمله هذا
مضافا إلى أن هذا الحديث موجود في صحيح مسلم وإن كان مبتورا، وفي صحيح الترمذي، وفي صحيح ابن خزيمة الملقب عندهم بإمام الأئمة، وفي صحيح أبي عوانة، وفي الجمع بين الصحيحين، وفي تجريد الصحاح، وقد صحح الحاكم هذا الحديث، وكذا محمد بن إسحاق، والضياء المقدسي، والبغوي، والمحاملي، وابن النجار، والنووي، والمزي، والذهبي، وابن كثير، والهيثمي، والسيوطي، والقسطلاني، وابن حجر المكي، والمناوي، والزرقاني، وولي الله الدهلوي، وغيرهم
مضافا إلى أن أبا الفرج ابن الجوزي معروف عندهم بالتسرع في الحكم بالوضع أو الضعف، ومعروف عندهم بالتعصب، وفي خصوص هذا الحديث خطأه غير واحد من المحققين كما أشرنا،
منهم:
1 سبطه، في كتاب تذكرة الخواص
2 الحافظ السخاوي، في كتاب إرتقاء الغرف
3 الحافظ السمهودي، في كتاب جواهر العقدين
4 ابن حجر المكي، في الصواعق
5 المناوي، في فيض القدير
وكلهم قالوا: قد أخطأ ابن الجوزي، وحذروا من الاغترار بفعله، حتى أن بعضهم يقول: وإياك أن تغتر بما صنع
فالطريق الأول تضعيف الحديث، وهذا جوابه باختصار
الطريق الثاني:
الحكم بنكارة المتن، متن الحديث منكر، نسبه البخاري إلى أحمد بن حنبل، ففي التاريخ الصغير للبخاري يقول: قال أحمد في حديث عبد الملك عن عطية عن أبي سعيد قال النبي (ص): «تركت فيكم الثقلين» قال: أحاديث الكوفيين هذه مناكير ونحن نقول: أما نسبة هذا الكلام إلى أحمد، فنسبة كاذبة، لان أحمد يروي هذا الحديث في مسنده، وفي كتاب فضائل الصحابة، بأسانيد كثيرة عن عدة من الصحابة، وأين قال أحمد هذا ؟ ومتى قال ؟ وأما دعوى: أن هذا الحديث منكر، فنقول: صحيح، إنه منكر عند البخاري، لانه يدل على إمامة أمير المؤمنين وأهل البيت، عن طريق الأفضلية، عن طريق الأعلمية، بالقران مع القرآن، بدلالته على العصمة، وغير ذلك من جهات الدلالة الموجودة في هذا الحديث
الطريق الثالث:تحريف الحديث، وهذا ما صنعه مسلم في صحيحه، وفي تاريخ بغداد للخطيب البغدادي يقول: أخبرنا المطين، حدثنا نصر بن عبد الرحمن، حدثنا زيد بن الحسن، عن معروف، عن أبي الطفيل، عن حذيفة بن أسيد: إن رسول الله (ص) قال: «يا أيها الناس إني فرط لكم وأنتم واردون علي الحوض، وإني سائلكم حين تردون علي عن الثقلين فانظروا كيف تخلفوني فيهما: الثقل الاكبر كتاب سبب طرفه بيد الله، وطرفه بأيديكم، فاستمسكوا به ولا تضلوا ولا تبدلوا» انتهى الحديث
وهذا الحديث بنفس السند، أي عن طريق نصر بن عبد الرحمن عن زيد بن الحسن عن معروف عن أبي الطفيل عن حذيفة، فبنفس السند وبنفس اللفظ موجود في المصادر، أقرأ لكم نص الحديث عن واحد منها، عن نوادر الاصول للحكيم الترمذي ففيه: «إني فرطكم على الحوض وإني سائلكم حين تردون علي عن الثقلين فانظروا كيف تخلفوني فيهما: الثقل الاكبر كتاب الله سبب طرفه بيد الله وطرفه بأيديكم فاستمسكوا به ولا تضلوا ولا تبدلوا، وعترتي أهل بيتي، فإني قد نبأني اللطيف الخبير أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض» فهذا كتاب نوادر الاصول، وهذا كتاب تاريخ بغداد، وكلاهما موجودان بين أيدي الناس، وهل المتصرف بالحديث هو الخطيب نفسه أو النساخ أو الناشرون ؟ الله أعلم
وأكتفي من التحريفات بهذا المقدار إذ طال بنا المقام
الطريق الرابع:
المعارضة بأحاديث يروونها في كتبهم، يعارضون بها حديث الثقلين، والمعارضة كما تعلمون بحث على القاعدة وأسلوب مقبول، المعارضة معناها أن هناك حديثا صحيحا في سنده وتاما في دلالته، يعارض هذا الحديث الصحيح التام دلالة، ولذا نحن الطلبة نقول: المعارضة فرع الحجية، فلابد وأن يكون الخبران كلاهما حجة، فإذا كانا تامين سندا ودلالة فيتعارضان فيكون أحدهما صدقا والاخر كذبا، فإن تمكنا من ترجيح أحدهما على الاخر فهو، وإلا يتعارضان ويتساقطان، فالبحث عن طريق المعارضة بحث على القاعدة
لكن بأي شيء يعارض حديث الثقلين وهو حديث الوصية بالقرآن وأهل البيت ؟
يعارضون حديث الثقلين بأشياء، أهمها:
حديث الاقتداء بالشيخين، وأي حديث هذا ؟ إنهم يروونه عن رسول الله (ص) إنه قال: «إقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر» هذا الحديث موجود في بعض كتبهم، فإذا كان حديث الثقلين أي الوصية بالكتاب والعترة، دالا على وجوب الاقتداء بالقرآن والعترة، فهذا الحديث يدل على وجوب الاقتداء بالشيخين، إذن يقع التعارض بين الحديثين
الحديث الاخر المهم الذي يحاول بعض كتاب عصرنا أن يعارض به حديث الثقلين، أي الوصية بالكتاب والعترة، هو حديث الثقلين والوصية بالكتاب والسنة، قال رسول الله (ص): «إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وسنتي»، فحديث الوصية بالكتاب والعترة يدل على وجوب الاقتداء بالكتاب والعترة الأخذ والتمسك بهما، وهذا الحديث يقول بوجوب الأخذ والتمسك بالكتاب والسنة، إذن يقع التعارض بين الحديثين
وهذا هو الطريق الرابع لرد حديث الوصية بالقرآن والعترة
أما الحديث الأول فسنبحث عنه إن شاء الله في إحدى الليالي الآتية، حيث سنتعرض لأدلة القوم على إمامة الشيخين، وقد خصصنا ليلة للبحث عن تلك الأدلة ..فهذا هو الطريق الرابع
وقد كان الطريق الأول: التضعيف، والطريق الثاني: دعوى نكارة المتن، والطريق الثالث: تحريف الحديث، والطريق الرابع: المعارضة
وهل من فائدة في هذه الطرق ؟ وأي فائدة ؟ بل المتعين هو:
الطريق الخامس:
وهو طريق شيخ الاسلام !! ابن تيمية، إنه يقول: هذا الحديث كذب
وما أسهل هذا الطريق وأيسره ؟ ولماذا يتعبون أنفسهم فيحرفون الحديث، أو يجيئون بأحاديث فيعارضون بها حديث الثقلين، وما الفائدة من تضعيف الحديث من ابن الجوزي فينبري للرد عليه أعلام طائفته ويخطئونه في هذا التضعيف ؟ فأحسن طريق أن لا يصدق بحديث الثقلين، ويدعي أن ليس هناك سند معتبر لقوله (ص): «وعترتي أهل بيتي ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا»، ولماذا يصر الشيعة على هذا الحديث ويبنون عليه إمامة أمير المؤمنين ؟ وهذا هو دأب شيخ إسلامهم في قبال أحاديث إمامة أمير المؤمنين، ومناقب أهل البيت (عليهم السلام)
ونعم الحكم الله بين ابن تيمية وأمثاله وبين أهل البيت"
الميلانى وضح لنا طرق معارضة بعض أهل السنة لحديث الثقلين فبعضهم جعله حديث ضعيف أو منكر والبعض حرفه والبعض ذكر أحاديث معارضة له
وكل ما ذكره لا قيمة له ولا قيمة لروايات الآخرين أثبتوها أم انكروها فالقيمة هى لكتاب الله وحده فما وافقه من الروايات كان صحيح المعنى
ما قام به الفريقان إنهم احتموا بالروايات ولم يحتموا بكتاب الله احتموا بأحاديث الآحاد احتموا بكلام المخلوقين وتركوا كلام الخالق
من أراد الوحدة فلها طريق واحد هو كتاب الله