رضا البطاوى
كاتب جيد جدا
- إنضم
- 25 يوليو 2015
- المشاركات
- 1,778
- النقاط
- 881
قراءة في كتاب فصل الخطاب ببيان بطلان أحاديث الأبدال والأقطاب
الكتاب يدور حول أحاديث الأبدال والأقطاب وهى في المعروف من وضع المتصوفة وإن كان من وضع الكل هو لجان الكفر التى حرفت الدين ونسبته لأسماء مسلمين وتحدث المؤلف عن وجود منكرين لتلك الأحاديث كابن القيم الذى قال :
"قال الحافظ الجهبذ ابن القيم فى فصل عقده لأحاديث مشهورة باطلة من نقد المنقول والمحك المميز بين المردود والمقبول (ص) 127 ومن ذلك أحاديث الأبدال والأقطاب والأغواث والنقباء والنجباء والأوتاد كلها باطلة على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأقرب ما فيها حديث لا تسبوا أهل الشام فإن فيهم البدلاء كلما مات رجل منهم أبدل الله مكانه رجلا آخر ذكره أحمد ولا يصح أيضا فإنه منقطع "
وأما السيوطى فقد أفتى بصحة الحديث وتواتره وقد نقل المؤلف التالى:
"وأما قول الحافظ الجلال السيوطي في النكت خبر الأبدال صحيح فضلا عما دون ذلك وإن شئت قلت متواتر وقد أفردته بتأليف استوعبت فيه طرق الأحاديث الواردة في ذلك فمن مراكب الإعتساف والمباعدة عن مواقع الإنصاف إذ ليس فيما ذكره حديثا واحدا تنتهض به الحجة لما ادعاه"
وذكر المؤلف الأحاديث فقال:
"وأنا ذاكر بعون الله وتوفيقه جملة من الأحاديث التى ذكرها ومبين آفاتها وعللها
الأول حديث عوف بن مالك
أخرجه الطبرانى الكبير (18/ 65/120 وابن عساكر التاريخ (1/ 290 كلاهما من طريق عمرو بن واقد نا يزيد بن أبى مالك عن شهر بن حوشب قال لما فتحت مصر سبوا أهل الشام فأخرج عوف بن مالك رأسه من برنسه ثم قال يا أهل مصر أنا عوف بن مالك لا تسبوا أهل الشام فإني سمعت رسول الله (ص)يقول فيهم الأبدال وبهم تنصرون وبهم ترزقون
هذا الحديث كذب كأنه موضوع وإنما يعرف بعمرو بن واقد أبى حفص الدمشقى؛ مولى بنى أمية وهو هالك تالف قال أبو مسهر على بن مسهر ليس بشيء كان يكذب وقال البخارى والترمذى منكر الحديث وقال أبو حاتم ضعيف الحديث منكر الحديث وقال يعقوب بن سفيان عن دحيم لم يكن شيوخنا يحدثون عنه قال وكأنه لم يشك أنه كان يكذب وقال الدارقطني والنسائى والبرقانى متروك الحديث وقال ابن حبان يقلب الأسانيد ويروي المناكير عن المشاهير فاستحق الترك
ومن مناكيره بل أباطيله وموضوعاته ما أخرجه الطبرانى الكبير (20/ 35/162 وابن عدى (5/ 118 والبيهقى شعب الإيمان (6/ 479/8974 جميعا عن عمرو بن واقد عن يونس بن ميسرة عن أبي إدريس عن معاذ بن جبل عن النبي (ص)قال من أطعم مؤمنا حتى يشبعه من سغب أدخله الله بابا من أبواب الجنة لا يدخله إلا من كان مثله
قال ابن أبى حاتم علل الحديث (2/179/2031 سألت أبي عن حديث رواه هشام بن عمار عن عمرو بن واقد ثنا يونس بن ميسرة بن حليس عن أبي ادريس عن معاذ بن جبل قال قال رسول الله (ص) من أشبع جائعا الحديث بنحوه قال أبي هذا حديث كأنه موضوع ولا أعلم روى أبو إدريس عن معاذ إلا حديثا واحدا وعمرو ضعيف الحديث "
الحديث باطل والخطأ فيه أن النصر يكون بالأبدال والحق أن النصر بالله كما قال تعالى :
" إن تنصروا الله ينصركم"
ونصر الله يكون بطاعة احكام الله
ثم قال:
"الثانى حديث عبادة بن الصامت وله طريقان
الطريق الأولى أخرجها أحمد (5/322 قال ثنا عبد الوهاب بن عطاء أنا الحسن بن ذكوان عن عبد الواحد بن قيس عن عبادة بن الصامت عن النبي (ص)قال الأبدال في هذه الأمة ثلاثون مثل إبراهيم خليل الرحمن عز وجل كلما مات رجل أبدل الله تبارك وتعالى مكانه رجلا
قال عبد الله بن أحمد قال أبي حديث عبد الوهاب هذا منكر
وأخرجه كذلك الهيثم بن كليب المسند والخلال كرامات الأولياء (2 وأبو نعيم أخبار أصبهان (1/180 والخطيب تالى تلخيص المتشابه (1/248 وابن عساكر (1/292 جميعا من طريق الحسن بن ذكوان به
قلت وهذا حديث منكر كما قال الإمام أحمد وله ثلاث آفات
الأولى عبد الواحد بن قيس وإن وثقه ابن معين والعجلى وأبو زرعة الدمشقى لكنه لا يعتبر برواية الضعفاء عنه قال أبو حاتم يكتب حديثه وليس بالقوى قال البخارى عبد الواحد بن قيس قال يحيى القطان كان الحسن بن ذكوان يحدث عنه بعجائب
وقال ابن حبان فى المجروحين عبد الواحد بن قيس شيخ يروي عن نافع روى عنه الأوزاعي والحسن بن ذكوان ممن ينفرد بالمناكير عن المشاهير فلا يجوز الاحتجاج بما خالف الثقات فإن اعتبر معتبر بحديثه الذي لم يخالف الأثبات فيه فحسن
وقال فى الثقات لا يعتبر بمقاطيعه ولا بمراسيله ولا برواية الضعفاء عنه وهو الذي يروي عن أبي هريرة ولم يره
الثانية الانقطاع فإن عبد الواحد بن قيس إنما أدرك عروة ونافع وروايته عن أبى هريرة مرسلة كما قال البخارى وابن حبان فعلى هذا فهو لم يدرك عبادة بن الصامت ولم يره
الثالثة الحسن بن ذكوان يحدث عن عبد الواحد بن قيس بعجائب كما قال يحيى القطان وعلى بن المدينى والبخارى وقال ابن معين كان صاحب أوابد وقال الأثرم قلت لأبى عبد الله أحمد بن حنبل ما تقول فى الحسن بن ذكوان ؟ قال أحاديثه أباطيل يروى عن حبيب بن أبى ثابت ولم يسمع من حبيب إنما هذه أحاديث عمرو بن خالد الواسطى
ولما كان الحسن بن ذكوان موسوما بالتدليس مشهورا به فقد أورد له ابن عدى فى كامله (5/125 أربعة أحاديث دلسها عن عمرو بن خالد الواسطى الكذاب الوضاع
وواحدة من هذا العلل الثلاث تكفى فى الحكم على حديث عبادة بنفى ثبوته فضلا عن صحته ومنه تعلم أن قول الحافظ الهيثمى مجمع الزوائد (10/62 رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح غير عبد الواحد بن قيس وقد وثقه العجلي وأبو زرعة وضعفه غيرهما وأقره السيوطى والمناوى وغيرهما أبعد شئ عن الصواب وذلك لما ذكرناه آنفا
وأما قوله الحسن بن ذكوان من رجال الصحيح فالجواب عنه ما وصفه به الإمام أحمد من التدليس عن الكذابين ورواية الأباطيل فإن قيل قد أخرج البخارى له فى كتاب المناقب من صحيحه (4/139 سندى قال حدثنا مسدد حدثنا يحيى عن الحسن بن ذكوان حدثنا أبو رجاء حدثنا عمران بن حصين عن النبي (ص) قال يخرج قوم من النار بشفاعة محمد (ص) فيدخلون الجنة يسمون الجهنميين
فربما يكتفى بعضهم بما ذكره الحافظ ابن حجر فى هدى السارى بقوله والحسن بن ذكوان تكلم فيه أحمد وابن معين وغيرهما وليس له فى البخارى سوى هذا الحديث برواية القطان عنه مع تعنته فى الرجال ومع ذلك فهو متابعة
وأقول وتمام هذا التوجيه وكماله أن نقول أن الحسن بن ذكوان قد صرح فى الحديث بالسماع فانتفت تهمة تدليسه
(2 أن كون الحديث من رواية يحيى القطان عنه وهو أعرف الناس بما يصح من حديثه وما ينكر فهو من صحاح حديثه وقد قال أبو أحمد بن عدى أن يحيى القطان حدث عنه بأحرف ولم يكن عنده بالقوى
ومما يفيده هذا التوجيه أن انتقاء الصحيح من أحاديث الضعفاء والمجروحين هو مما توافرت عليه همم الجهابذة النقاد أمثال يحيى بن سعيد القطان وعبد الرحمن بن مهدى ويحيى بن معين والبخارى وأبى حاتم وغيرهم من أئمة هذا الشأن
الطريق الثانية أوردها ابن كثير التفسير (1/304 من طريق ابن مردويه قال حدثنا محمد بن أحمد بن إبراهيم حدثنا محمد بن جرير بن يزيد حدثنا أبو معاذ نهار بن عثمان الليثي أخبرنا زيد بن الحباب أخبرني عمرو البزار عن عنبسة الخواص عن قتادة عن أبي قلابة عن أبي الأشعث الصنعاني عن عبادة بن الصامت قال قال رسول الله (ص) الأبدال في أمتي ثلاثون بهم ترزقون وبهم تمطرون وبهم تنصرون قال قتادة إني لأرجو أن يكون الحسن منهم
قال الحافظ الهيثمى مجمع الزوائد (10/63 رواه الطبرانى من طريق عمرو البزار عن عنبسة الخواص وكلاهما لم أعرفه وبقية رجاله رجال الصحيح
قلت ومع جهالة رواته عن قتادة فقد خولفوا على رفعه رواه عبد الوهاب بن عطاء الخفاف نا سعيد بن أبى عروبة عن قتادة قال لن تخلو الأرض من أربعين بهم يغاث الناس وبهم تنصرون كلما مات منهم أحد أبدل الله مكانه رجلا
أخرجه هكذا ابن عساكر التاريخ (1/298 من طريق عمران بن محمد الخيزرانى عنه "
والحديث السابق عدد الأبدال فيه 30 وهو ما يناقض كونهم 40 في الرواية التالية:
"الثالث حديث أنس بن مالك وله أربع طرق
الطريق الأولى أخرجها ابن عدى (5/220 حدثنا محمد بن زهير بن الفضل الأبلي ثنا عمر بن يحيى الأبلي ثنا العلاء بن زيدل عن أنس بن مالك عن النبي (ص)قال البدلاء أربعون اثنان وعشرون بالشام وثمانية عشر بالعراق كلما مات منهم واحد بدل الله مكانه آخر فإذا جاء الأمر قبضوا كلهم فعند ذلك تقوم الساعة
وأخرجه كذلك ابن عساكر التاريخ (1/291 وابن الجوزى الموضوعات (3/151 كلاهما من طريق ابن عدى به
قلت هذا إسناد مظلم وحديث موضوع لا يحل ذكره إلا تعجبا ولا كتابته إلا تحذيرا
قال الحافظ الذهبى الميزان (5/123 العلاء بن زيدل الثقفي بصري روى عن أنس بن مالك كنيته أبو محمد تالف قال ابن المديني كان يضع الحديث وقال أبو حاتم والدارقطني متروك الحديث وقال البخاري وغيره منكر الحديث وقال ابن حبان يروي عن أنس بن مالك بنسخة موضوعة لا يحل ذكره في الكتب إلا على سبيل التعجب وذكر هذا الحديث من مناكيره وقال وهذا باطل
الطريق الثانية أخرجها ابن عدى (6/289 من طريق محمد بن عبد العزيز الدينوري ثنا عثمان بن الهيثم ثنا عوف عن الحسن عن أنس قال قال رسول الله (ص) إن بدلاء أمتي لم يدخلوا الجنة بكثرة صلاة ولا صيام ولكن بسخاء الأنفس وسلامة الصدور
قال أبو أحمد وهذا الحديث بهذا الإسناد ليس يعرف إلا بابن عبد العزيز الدينوري وهو من الأحاديث التي أنكرت عليه
قلت والدينورى ليس بثقة ولا مأمون ينفرد عن الثقات بالمقلوبات ويأتى بالبلايا والطامات كأنه المتعمد لها وهذا الحديث رواه جماعة من الضعفاء عن الحسن البصرى واختلفوا عليه فمرة عن أنس وثانية عن أبى سعيد الخدرى وثالثة عن الحسن مرسلا ولا يصح منها كبير شئ
الطريق الثالثة أخرجها الخلال كرامات الأولياء وابن الجوزى الموضوعات (3/152 من طريق أبى عمر الغدانى عن أبى سلمة الحرانى عن عطاء عن أنس قال قال رسول الله (ص) الأبدال أربعون رجلا وأربعون امرأة كلما مات رجل أبدل الله مكانه رجلا وكلما ماتت امرأة أبدل الله مكانها امرأة
قال أبو الفرج وفى إسناده مجاهيل يعنى أبا سلمة وأبا عمر لا يعرفان
الطريق الرابعة أخرجها ابن عساكر التاريخ (1/292 من طريق نوح بن قيس الحدانى عن عبد الله بن معقل عن يزيد بن أبان الرقاشى عن أنس عن النبى (ص)قال دعائم أمتى عصائب اليمن وأربعون رجلا من الأبدال بالشام كلما مات رجل أبدل الله مكانه رجلا أما إنهم لم يبلغوا ذلك بكثرة صلاة ولا صيام ولكن بسخاوة الأنفس وسلامة الصدور والنصيحة للمسلمين
قلت هذا إسناد واه بمرة قال الحافظ الذهبى الميزان (4/204 عبد الله بن معقل بصري عن يزيد الرقاشي لا يدرى من ذا ؟ روى عنه نوح بن قيس فقط وأما يزيد بن أبان الرقاشى فمتروك الحديث ذاهب الحديث قال ابن حبان كان يقلب كلام الحسن فيجعله عن أنس عن النبي (ص)وهو لا يعلم فلما كثر في روايته ما ليس من حديث أنس وغيره من الثقات بطل الاحتجاج به فلا تحل الرواية عنه إلا على سبيل التعجب وكان قاصا يقص بالبصرة ويبكي الناس وكان شعبة يتكلم فيه بالعظائم "
والروايات السابقة الأعداد فيها30 و40 وهو ما يناقض كونهم40 من 500 يتبدلون من بعض عند الموت في الرواية
الرابع حديث عبد الله بن عمر
أخرجه أبو نعيم الحلية (1/8 وابن عساكر تاريخ دمشق (1/303302 وابن الجوزى الموضوعات (3/151 سعيد بن أبي زيدون ثنا عبد الله بن هارون الصوري ثنا الأوزاعي عن الزهري عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما قال قال رسول الله (ص) خيار أمتي في كل قرن خمسمائة والأبدال أربعون فلا الخمسمائة ينقصون ولا الأربعون كلما مات رجل أبدل الله من الخمسمائة مكانه وأدخل من الأربعين مكانهم قالوا يا رسول الله دلنا على أعمالهم ؟ قال يعفون عمن ظلمهم ويحسنون إلى من أساءهم ويتواسون فيما آتاهم الله
قال أبو الفرج موضوع وفيه مجاهيل يعنى الصورى وابن أبى زيدون لا يعرفان
وقال الحافظ الذهبى الميزان (4/217 عبد الله بن هارون الصوري عن الأوزاعي لا يعرف والخبر كذب في أخلاق الأبدال وأقره ابن حجر فى لسان الميزان (3/369 "
وعادوا مرة ثانية إلى العدد ثلاثين فقال :
الخامس حديث أبى هريرة
أخرجه ابن حبان المجروحين (2/61 وابن الجوزى الموضوعات (3/151 من طريق عبد الرحمن بن مرزوق الطرسوسى عن عبد الوهاب بن عطاء الخفاف عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي (ص)قال لن تخلو الأرض من ثلاثين مثل إبراهيم خليل الرحمن بهم تغاثون وبهم ترزقون وبهم تمطرون
قال أبو حاتم بن حبان هذا كذب عبد الرحمن بن مرزوق بن عوف أبو عوف ؛ شيخ كان بطرسوس يضع الحديث لا يحل ذكره إلا علي سبيل القدح فيه "
وقال :
"السادس حديث أبى سعيد الخدرى
أخرجه البيهقى شعب الإيمان (7/439/10893 من طريق محمد بن عمران بن أبي ليلى أنا سلمه بن رجاء عن صالح المري عن الحسن عن أبي سعيد الخدري أو غيره قال قال رسول الله (ص) أبدال أمتي لم يدخلوا الجنة بالأعمال ولكن إنما دخلوها برحمة الله وسخاوة الأنفس وسلامة لجميع المسلمين
قلت وهذا حديث منكر وله ثلاث آفات
الأولى صالح بن بشير المرى القاص منكر الحديث جدا يحدث عن قوم ثقات أحاديث مناكير قال أحمد كان صاحب قصص يقص ليس هو صاحب آثار وحديث ولا يعرف الحديث وقال عمرو بن علي الفلاس هو رجل صالح منكر الحديث جدا يحدث عن الثقات بالأباطيل والمنكرات وقال البخاري منكر الحديث ذاهب الحديث وقال السعدي واهي الحديث وقال النسائي متروك الحديث
الثانية الانقطاع فإن الحسن البصرى لم يسمع أبا سعيد الخدرى قال الحافظ أبو سعيد العلائى جامع التحصيل (1/163 قال علي بن المديني رأى الحسن أم سلمة ولم يسمع منها ولا من أبي موسى الأشعري ولا من الأسود بن سريع ولا من الضحاك بن سفيان ولا من جابر ولا من أبي سعيد الخدري ولا من ابن عباس ولا من عبد الله بن عمر ولا من عمرو بن تغلب ولم يسمع من أبي برزة الأسلمي ولا من عمران بن حصين ولا من النعمان بن بشير ولم يسمع من أسامة بن زيد شيئا ولا من عقبة بن عامر ولا من أبي ثعلبة الخشني
قلت وهذا كما قال ؛ إلا سماعه من عمرو بن تغلب ففى كتاب الجهاد من صحيح البخارى (2/157 سندى حدثنا أبو النعمان حدثنا جرير بن حازم قال سمعت الحسن يقول حدثنا عمرو بن تغلب قال قال النبي (ص) إن من أشراط الساعة أن تقاتلوا قوما ينتعلون نعال الشعر وإن من أشراط الساعة أن تقاتلوا قوما عراض الوجوه كأن وجوههم المجان المطرقة
الثالثة المخالفة فقد رواه جماعة عن صالح المرى عن الحسن مرسلا وسلمة بن رجاء التيمي الكوفي صدوق يغرب ويتفرد بما لا يتابع عليه
فقد أخرجه البيهقى شعب الإيمان (7/439 من طريق يحيى بن يحيى أنا صالح المري عن الحسن أن رسول الله (ص)قال إن بدلاء أمتي بنحوه هكذا مرسلا "
والأعداد السابقة يناقضها العدد30 في الحديث التالى:
"السابع حديث عبد الله بن مسعود
أخرجه أبو نعيم الحلية (1/8 ومن طريقه ابن الجوزى الموضوعات (3/150 من طريق محمد بن السرى القنطري ثنا قيس بن إبراهيم بن قيس السامري ثنا عبد الرحمن بن يحيى الأرمني ثنا عثمان بن عمارة ثنا المعافى بن عمران عن سفيان الثوري عن منصور عن إبراهيم عن الأسود عن عبد الله قال قال رسول الله (ص) إن لله عز وجل في الخلق ثلاثمائة قلوبهم على قلب آدم (ص) ولله تعالى في الخلق أربعون قلوبهم على قلب موسى (ص) ولله تعالى في الخلق سبعة قلوبهم على قلب ابراهيم (ص) ولله تعالى في الخلق خمسة قلوبهم على قلب جبريل (ص) ولله تعالى في الخلق ثلاثة قلوبهم على قلب ميكائيل (ص) ولله تعالى في الخلق واحد قلبه على قلب إسرافيل (ص) فاذا مات الواحد أبدل الله عز وجل مكانه من الثلاثة وإذا مات من الثلاثة أبدل الله تعالى مكانه من الخمسة وإذا مات من الخمسة أبدل الله تعالى مكانه من السبعة وإذا مات من السبعة أبدل الله تعالى مكانه من الأربعين وإذا مات من الأربعين أبدل الله تعالى مكانه من الثلاثمائة وإذا مات من الثلاثمائة أبدل الله تعالى مكانه من العامة فبهم يحيي ويميت ويمطر وينبت ويدفع البلاء قيل لعبد الله بن مسعود كيف بهم يحيي ويميت ؟ قال لأنهم يسألون الله عز وجل إكثار الأمم فيكثرون ويدعون على الجبابرة فيقصمون ويستسقون فيسقون ويسألون فتنبت لهم الأرض ويدعون فيدفع بهم أنواع البلاء
قال أبو الفرج إسناده مظلم كثير من رجاله مجاهيل ليس فيهم معروف "
وعاد المؤلف للعدد 40 وانهم كلهم في الشام فقط بينما في حديث سابق22 في الشام و18 في العراق فقال :
"الثامن حديث على بن أبى طالب
أخرجه الإمام أحمد (1/112 قال حدثنا أبو المغيرة ثنا صفوان حدثني شريح يعني ابن عبيد قال ذكر أهل الشام عند علي بن أبي طالب وهو بالعراق فقالوا العنهم يا أمير المؤمنين قال لا إني سمعت رسول الله (ص)يقول الأبدال يكونون بالشام وهم أربعون رجلا كلما مات رجل أبدل الله مكانه رجلا يسقى بهم الغيث وينتصر بهم على الأعداء ويصرف عن أهل الشام بهم العذاب
أخرجه كذلك أحمد فى فضائل الصحابة (1727 وابن عساكر (1/289 والمقدسى المختارة (2/110/484 جميعا بهذا الإسناد مثله
قلت وهذا الإسناد منقطع فإن شريح بن عبيد الشامى لم يسمع من على بن أبى طالب
وقد روى بإسنادين آخرين مرفوعا
الأول أخرجه ابن أبى الدنيا الأولياء (8 نا أبو الحسين الواسطي خلف بن عيسى نا يعقوب بن محمد الزهري نا مجاشع بن عمرو عن ابن لهيعة عن ابن هبيرة عن عبد الله بن زرير عن علي قال سألت رسول الله عن الأبدال قال هم ستون رجلا قلت يا رسول الله جلهم لي ؟ قال ليسوا بالمتنطعين ولا بالمبتدعين ولا بالمتعمقين لم ينالوا ما نالوا بكثرة صيام ولا صلاة ولا صدقة ولكن بسخاء النفس وسلامة القلوب والنصيحه لأئمتهم إنهم يا علي من أمتي أقل من الكبريت الاحمر
قلت وهذا حديث كذب من وضع مجاشع بن عمرو فإنه أحد الكذابين قال ابن حبان كان ممن يضع الحديث على الثقات ويروي الموضوعات عن أقوام ثقات لا يحل ذكره في الكتب إلا على سبيل القدح فيه ولا الرواية عنه إلا على سبيل الاعتبار للخواص
الثانى أخرجه الطبرانى الأوسط (4/176/3905 وابن عساكر (1/334 من طريقين عن الوليد بن مسلم وزيد بن أبى الزرقاء عن ابن لهيعة نا عياش بن عباس القتبانى عن عبد الله بن زرير الغافقي عن علي بن أبي طالب أن رسول الله (ص)قال يكون في آخر الزمان فتنة يحصل فيها الناس كما يحصل الذهب في المعدن فلا تسبوا أهل الشام ولكن سبوا شرارهم فان فيهم الأبدال يوشك أن يرسل على أهل الشام سيب من السماء فيغرق جماعتهم حتى لو قاتلتهم الثعالب غلبتهم فعند ذلك يخرج خارج من أهل بيتي في ثلاث رايات المكثر يقول هم خمسة عشر ألفا والمقل يقول هم اثنا عشر ألفا أمارتهم أمت أمت يلقون سبع رايات تحت كل راية منها رجل يطلب الملك فيقتلهم الله جميعا ويرد الله الى المسلمين ألفتهم ونعمتهم وقاصيهم ودانيهم
قلت وهذا وهم وخطأ إذ رواه ابن لهيعة حال اضطرابه واختلاطه فخالف الثقات الأثبات فقد رواه الحارث بن يزيد الحضرمى ـ أحد أثبات ثقات المصريين ـ عن عبد الله بن زرير عن على موقوفا ولم يرفعه
أخرجه ابن عساكر (1/335 من طريق أحمد بن منصور الرمادى نا عبد الله بن صالح حدثنى أبو شريح عبد الرحمن بن شريح المعافرى أنه سمع الحارث بن يزيد ثنى عبد الله بن زرير أنه سمع على بن أبى طالب يقول لا تسبوا أهل الشام فإن فيهم الأبدال
وما صح من أسانيده موقوفا على على بن أبى طالب ليس فيه ذكر عددهم ولا أوصافهم وهو بها أثبت وأصح منه مرفوعا
فقد أخرج ابن المبارك الجهاد (192 عن معمر عن الزهري قال أخبرني صفوان بن عبد الله بن صفوان أن رجلا قال يوم صفين اللهم العن أهل الشام فقال علي لا تسبوا أهل الشام جما غفيرا فإن فيهم قوما كارهون لما ترون وإن فيهم الأبدال
وأخرجه الضياء المختارة (2/112 من طريق صالح بن كيسان عن الزهرى حدثني صفوان بن عبد الله بن صفوان أن عليا قام بصفين وأهل العراق يسبون أهل الشام فقال فذكر نحوه
والحديث يروى من غير وجه عن على موقوفا والحديث موقوفا عن على بن أبى طالب أصح وأشهر
قلت وبقية أحاديث الأبدال مراسيل لا تنتهض بمثلها الحجة كيف وقد بان أن المرفوعات كلها واهية بمرة "
وبعد أن انتهى المؤلف من بيان عيوب وعلل تلك الأحاديث الكثيرة تحدث عن معايب تلك الأحاديث وخطرها على الأمة فقال:
"بيان وإيضاح
اعلم أحسن الله مثوبتك وتولى رعايتك وايدك بالحق وأيد الحق بك
أن الذى ندين الله به ونعتقده واجبا لازما بعد قيام الدلالة بمقتضى ما بيناه من بطلان الأحاديث الآنفة الذكر أن هذه الألفاظ الأبدال و الأوتاد والأقطاب والغوث الفرد وغيرها مما تتهوعها قلوب المؤمنين الموقنين لم تكن تدور قطعا على ألسنة الصحابة والتابعين لهم بإحسان ولم ترد بها أحاديث صحاح تؤكد صحة مدلولاتها على مقتضى كلام من أكثر استعمالها ولهج بذكرها وأجراها على وفق قوانين وقواعد مبتدعة ضاهت عند بعضهم الشرك الأكبر وأكثرهم من المنتمين إلى الشيعة والرافضة والصوفية
وما استعمل منها على ألسنة أكابر أئمة السنة والجماعة كالإمام ابن المبارك والأوزاعى والشافعى وأحمد وابن معين والبخارى وغيرهم من رفعاء أهل السنة وخاصة لفظ الأبدال فمحمول على معان محمودة ومدائح جائزة وربما وقع الاشتباه فى دلالات هذه الألفاظ من جهة المعهود الذهنى لمعانيها عند المخالفين من أهل الطوائف المبتدعة كالشيعة الباطنية والصوفية الإتحادية وأما مع المجانبة والحذر من مشابهتهم فلا مشاحة فى استعمال هذه الألفاظ حبنئذ على المعانى الجائزة مما تبيحه أدلة الكتاب والسنة
فلا يظن أحد أن قول الإمام الحجة أبى عبد الله الشافعى عن شيخه يحيى بن سليم الطائفى كنا نعده من الأبدال أنه يعنى أن شيخه الطائفى أحد الأربعين أشباه إبراهيم خليل الرحمن الذين كلما مات رجل أبدل الله تعالى مكانه رجلا ولا يعنى أن شيخه أحد من يستغاث بهم ويستنزل بهم القطر والرزق وهذا مما لا ينبغى الإسهاب فى بيان بطلان اعتقاده وحمل كلام أئمتنا عليه
ألا تراهم يقولون فى المديح ما لا يسعهم فعله فضلا عن اعتقاده كقولهم فلان كعبة المحتاج لا كعبة الحجاج ومشعر الكرم لا مشعر الحرم ومنى الضيف لا منى الخيف وقبلة الصلات لا قبلة الصلاة وهذا كثير دائر على ألسنة الأدباء الأبيناء البلغاء من أهل السنة وعليه فقولهم عن رجل فلان من الأبدال محمول على معان من الثناء والمديح والمحامد الجائزة مما لا مساس معها بالمحظورات العقائدية وما كان منها على خلاف هذه الدلالة فمردود على قائله أو متأوله فمن ذلك قول شهاب بن معمر البلخى عن الإمام حماد بن سلمة كان يعد من الأبدال تزوج سبعين امرأة فلم يولد له ألا ترى أن مسحة الصوفية قد أذهبت رونق المدح والثناء فأحالت المدح قدحا والثناء هجاءا وقارن ذلك بقول ابن المبارك عنه ما رأيت أحدا أشبه بمسالك الأوائل من حماد بن سلمة تجد بينهما بونا شاسعا تستلطف معه كلام ابن المبارك وتلقى إليه سمعك بينما تستغرب ما صدر عن البلخى "
والملاحظ أن الرجل هنا يحمل على الشيعة والمتصوقة ويعيب عليهم استعمالاتهم للكلمات فى المعانى ويعتبر ذلك فى حق السنة ليس عيبا وهو خلل فى الميزان فاستعمال اللفظ فى معناه المشترك إنما هو عيب على الفريقين
وتحدث عن معنى البدل فى المعتقد الصوفى فقال :
"فإذا وضحت هذه اللمعة فلنذكر طرفا من الاستعمالات الجائرة لهذه الألفاظ عند الصوفية
فهذا الشيخ عبد الرؤوف المناوى يوضح حقيقة البدل على اعتقادهم فيقول فى فيض القدير وإذا رحل البدل عن موضع ترك بدله فيه حقيقة روحانية ؛ يجتمع إليها أرواح أهل ذلك الموطن الذي رحل عنه هذا الولي فإن ظهر شوق من أناس ذلك الموطن شديد لهذا الشخص تجسدت لهم تلك الحقيقة الروحانية التي تركها بدله فكلمتهم وكلموها وهو غائب عنهم وقد يكون هذا من غير البدل لكن الفرق بينهما أن البدل يرحل ويعلم أنه ترك غيره وغير البدل لا يعرف ذلك وإن تركه
ولا أظنك وأنت تقرأ هذا الغثاء إلا تعوذت بالله من هذه الأباطيل وقلت مسارعا كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا ودعوت عائذا رب أعوذ بك من همزات الشياطين وأعوذ بك رب أن يحضرون
وها هو يقول ما تقشعر منه الجلود وتشمئز منه الأفئدة "
ثم عرف الأبدال فقال:
"الأبدال ـ بفتح الهمزة ـ جمع بدل بفتحتين خصهم الله تعالى بصفات منها أنهم ساكنون إلى الله بلا حركة ومنها حسن أخلاقهم في هذه الأمة ثلاثون رجلا قيل سموا أبدالا لأنهم إذا غابوا تبدل في محلهم صور روحانية تخلفهم قلوبهم على قلب إبراهيم خليل الرحمن (ص) أي انفتح لهم طريق إلى الله تعالى على طريق إبراهيم (ص) وفي رواية قلوبهم على قلب رجل واحد قال الحكيم الترمذى إنما صارت هكذا لأن القلوب لهت عن كل شيء سواه فتعلقت بتعلق واحد فهي كقلب واحد قال في الفتوحات قوله هنا على قلب إبراهيم وقوله في خبر آخر على قلب آدم وكذا قوله على قلب شخص من أكابر البشر أو من الملائكة معناه أنهم يتقلبون في المعارف الإلهية بقلب ذلك الشخص إذ كانت واردات العلوم الإلهية إنما ترد على القلوب فكل علم يرد على قلب ذلك الكبير من ملك أو رسول يرد على هذه القلوب التي هي على قلبه وربما يقول بعضهم فلان على قدم فلان ومعناه ما ذكر وقال القيصري الرومي عن العارف ابن عربي إنما قال على قلب إبراهيم (ص) لأن الولاية مطلقة ومقيدة والمطلقة هي الولاية الكلية التي جميع الولايات الجزئية أفرادها والمقيدة تلك الأفراد وكل من الجزئية والكلية تطلب ظهورها والأنبياء قد ظهر في هذه الأمة جميع ولاياتهم على سبيل الإرث منهم فلهذا قال هنا على قلب إبراهيم (ص) وفي حديث آخر على قلب موسى (ص) وفلان وفلان ونبينا محمد (ص)صاحب الولاية الكلية من حيث أنه صاحب دائرة الولاية الكلية لأن باطن تلك النبوية الكلية الولاية المطلقة الكلية ولما كان لولاية كل من الأنبياء في هذه الأمة مظهرا كان من ظرائف الأنبياء أن يكون في هذه الأمة من هو على قلب واحد من الأنبياء كلما مات رجل منهم أبدل الله مكانه رجلا فلذلك سموا أبدالا أو لأنهم أبدلوا أخلاقهم السيئة وراضوا أنفسهم حتى صارت محاسن أخلاقهم حلية أعمالهم
وظاهر كلام أهل الحقيقة ؛ أن الثلاثين مراتبهم مختلفة قال العارف المرسي جلت في الملكوت فرأيت أبا مدين معلقا بساق العرش رجل أشقر أزرق العين فقلت له ما علومك ومقامك ؟ قال علومي أحد وسبعين علما ومقامي رابع الخلفاء ورأس الأبدال السبعة قلت فالشاذلي قال ذاك بحر لا يحاط به قال العارف المرسي كنت جالسا بين يدي أستاذي الشاذلي فدخل عليه جماعة فقال هؤلاء أبدال فنظرت ببصيرتي فلم أرهم أبدال فتحيرت فقال الشيخ من بدلت سيئاته حسنات فهو بدل فعلمت أنه أول مراتب البدلية وأخرج ابن عساكر أن ابن المثنى سأل أحمد بن حنبل ما تقول في بشر الحافي بن الحارث ؟ قال رابع سبعة من الأبدال اهـ بنصه من غير تحريف ولا تصرف
وألق سمعك هذه الخرافة المأثورة عن شيخهم الأكبر ذى المآثر التى تخبل العقول وتبهر ـ أعنى ابن عربى الحاتمى ـ حيث يقول عن نفسه الأوتاد الذين يحفظ الله بهم العالم أربعة فقط وهم أخص من الأبدال والإمامان أخص منهم والقطب أخص الجماعة ولكل وتد من الأوتاد الأربعة ركن من أركان البيت ويكون على قلب نبي من الأنبياء فالذى على قلب عيسى له اليماني والذي على قلب آدم له الركن الشامي والذي على قلب إبراهيم له العراقي والذي على قلب محمد له ركن الحجر الأسود وهو لنا ـ يعنى نفسه ـ كذا حكاه المناوى
وكتب القوم طافحة بهذه التعبيرات الجائرة عن طريق الاستقامة"
وكل هذا الحديث من الباطل الذى لا وجود له فى الوحى فالقوم جعلوا الموتى هم من يحفظون العالم وهم جثث فى قبورهم لا يقدرون على نفع أنفسهم ولا نفع غيرهم
الكتاب يدور حول أحاديث الأبدال والأقطاب وهى في المعروف من وضع المتصوفة وإن كان من وضع الكل هو لجان الكفر التى حرفت الدين ونسبته لأسماء مسلمين وتحدث المؤلف عن وجود منكرين لتلك الأحاديث كابن القيم الذى قال :
"قال الحافظ الجهبذ ابن القيم فى فصل عقده لأحاديث مشهورة باطلة من نقد المنقول والمحك المميز بين المردود والمقبول (ص) 127 ومن ذلك أحاديث الأبدال والأقطاب والأغواث والنقباء والنجباء والأوتاد كلها باطلة على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأقرب ما فيها حديث لا تسبوا أهل الشام فإن فيهم البدلاء كلما مات رجل منهم أبدل الله مكانه رجلا آخر ذكره أحمد ولا يصح أيضا فإنه منقطع "
وأما السيوطى فقد أفتى بصحة الحديث وتواتره وقد نقل المؤلف التالى:
"وأما قول الحافظ الجلال السيوطي في النكت خبر الأبدال صحيح فضلا عما دون ذلك وإن شئت قلت متواتر وقد أفردته بتأليف استوعبت فيه طرق الأحاديث الواردة في ذلك فمن مراكب الإعتساف والمباعدة عن مواقع الإنصاف إذ ليس فيما ذكره حديثا واحدا تنتهض به الحجة لما ادعاه"
وذكر المؤلف الأحاديث فقال:
"وأنا ذاكر بعون الله وتوفيقه جملة من الأحاديث التى ذكرها ومبين آفاتها وعللها
الأول حديث عوف بن مالك
أخرجه الطبرانى الكبير (18/ 65/120 وابن عساكر التاريخ (1/ 290 كلاهما من طريق عمرو بن واقد نا يزيد بن أبى مالك عن شهر بن حوشب قال لما فتحت مصر سبوا أهل الشام فأخرج عوف بن مالك رأسه من برنسه ثم قال يا أهل مصر أنا عوف بن مالك لا تسبوا أهل الشام فإني سمعت رسول الله (ص)يقول فيهم الأبدال وبهم تنصرون وبهم ترزقون
هذا الحديث كذب كأنه موضوع وإنما يعرف بعمرو بن واقد أبى حفص الدمشقى؛ مولى بنى أمية وهو هالك تالف قال أبو مسهر على بن مسهر ليس بشيء كان يكذب وقال البخارى والترمذى منكر الحديث وقال أبو حاتم ضعيف الحديث منكر الحديث وقال يعقوب بن سفيان عن دحيم لم يكن شيوخنا يحدثون عنه قال وكأنه لم يشك أنه كان يكذب وقال الدارقطني والنسائى والبرقانى متروك الحديث وقال ابن حبان يقلب الأسانيد ويروي المناكير عن المشاهير فاستحق الترك
ومن مناكيره بل أباطيله وموضوعاته ما أخرجه الطبرانى الكبير (20/ 35/162 وابن عدى (5/ 118 والبيهقى شعب الإيمان (6/ 479/8974 جميعا عن عمرو بن واقد عن يونس بن ميسرة عن أبي إدريس عن معاذ بن جبل عن النبي (ص)قال من أطعم مؤمنا حتى يشبعه من سغب أدخله الله بابا من أبواب الجنة لا يدخله إلا من كان مثله
قال ابن أبى حاتم علل الحديث (2/179/2031 سألت أبي عن حديث رواه هشام بن عمار عن عمرو بن واقد ثنا يونس بن ميسرة بن حليس عن أبي ادريس عن معاذ بن جبل قال قال رسول الله (ص) من أشبع جائعا الحديث بنحوه قال أبي هذا حديث كأنه موضوع ولا أعلم روى أبو إدريس عن معاذ إلا حديثا واحدا وعمرو ضعيف الحديث "
الحديث باطل والخطأ فيه أن النصر يكون بالأبدال والحق أن النصر بالله كما قال تعالى :
" إن تنصروا الله ينصركم"
ونصر الله يكون بطاعة احكام الله
ثم قال:
"الثانى حديث عبادة بن الصامت وله طريقان
الطريق الأولى أخرجها أحمد (5/322 قال ثنا عبد الوهاب بن عطاء أنا الحسن بن ذكوان عن عبد الواحد بن قيس عن عبادة بن الصامت عن النبي (ص)قال الأبدال في هذه الأمة ثلاثون مثل إبراهيم خليل الرحمن عز وجل كلما مات رجل أبدل الله تبارك وتعالى مكانه رجلا
قال عبد الله بن أحمد قال أبي حديث عبد الوهاب هذا منكر
وأخرجه كذلك الهيثم بن كليب المسند والخلال كرامات الأولياء (2 وأبو نعيم أخبار أصبهان (1/180 والخطيب تالى تلخيص المتشابه (1/248 وابن عساكر (1/292 جميعا من طريق الحسن بن ذكوان به
قلت وهذا حديث منكر كما قال الإمام أحمد وله ثلاث آفات
الأولى عبد الواحد بن قيس وإن وثقه ابن معين والعجلى وأبو زرعة الدمشقى لكنه لا يعتبر برواية الضعفاء عنه قال أبو حاتم يكتب حديثه وليس بالقوى قال البخارى عبد الواحد بن قيس قال يحيى القطان كان الحسن بن ذكوان يحدث عنه بعجائب
وقال ابن حبان فى المجروحين عبد الواحد بن قيس شيخ يروي عن نافع روى عنه الأوزاعي والحسن بن ذكوان ممن ينفرد بالمناكير عن المشاهير فلا يجوز الاحتجاج بما خالف الثقات فإن اعتبر معتبر بحديثه الذي لم يخالف الأثبات فيه فحسن
وقال فى الثقات لا يعتبر بمقاطيعه ولا بمراسيله ولا برواية الضعفاء عنه وهو الذي يروي عن أبي هريرة ولم يره
الثانية الانقطاع فإن عبد الواحد بن قيس إنما أدرك عروة ونافع وروايته عن أبى هريرة مرسلة كما قال البخارى وابن حبان فعلى هذا فهو لم يدرك عبادة بن الصامت ولم يره
الثالثة الحسن بن ذكوان يحدث عن عبد الواحد بن قيس بعجائب كما قال يحيى القطان وعلى بن المدينى والبخارى وقال ابن معين كان صاحب أوابد وقال الأثرم قلت لأبى عبد الله أحمد بن حنبل ما تقول فى الحسن بن ذكوان ؟ قال أحاديثه أباطيل يروى عن حبيب بن أبى ثابت ولم يسمع من حبيب إنما هذه أحاديث عمرو بن خالد الواسطى
ولما كان الحسن بن ذكوان موسوما بالتدليس مشهورا به فقد أورد له ابن عدى فى كامله (5/125 أربعة أحاديث دلسها عن عمرو بن خالد الواسطى الكذاب الوضاع
وواحدة من هذا العلل الثلاث تكفى فى الحكم على حديث عبادة بنفى ثبوته فضلا عن صحته ومنه تعلم أن قول الحافظ الهيثمى مجمع الزوائد (10/62 رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح غير عبد الواحد بن قيس وقد وثقه العجلي وأبو زرعة وضعفه غيرهما وأقره السيوطى والمناوى وغيرهما أبعد شئ عن الصواب وذلك لما ذكرناه آنفا
وأما قوله الحسن بن ذكوان من رجال الصحيح فالجواب عنه ما وصفه به الإمام أحمد من التدليس عن الكذابين ورواية الأباطيل فإن قيل قد أخرج البخارى له فى كتاب المناقب من صحيحه (4/139 سندى قال حدثنا مسدد حدثنا يحيى عن الحسن بن ذكوان حدثنا أبو رجاء حدثنا عمران بن حصين عن النبي (ص) قال يخرج قوم من النار بشفاعة محمد (ص) فيدخلون الجنة يسمون الجهنميين
فربما يكتفى بعضهم بما ذكره الحافظ ابن حجر فى هدى السارى بقوله والحسن بن ذكوان تكلم فيه أحمد وابن معين وغيرهما وليس له فى البخارى سوى هذا الحديث برواية القطان عنه مع تعنته فى الرجال ومع ذلك فهو متابعة
وأقول وتمام هذا التوجيه وكماله أن نقول أن الحسن بن ذكوان قد صرح فى الحديث بالسماع فانتفت تهمة تدليسه
(2 أن كون الحديث من رواية يحيى القطان عنه وهو أعرف الناس بما يصح من حديثه وما ينكر فهو من صحاح حديثه وقد قال أبو أحمد بن عدى أن يحيى القطان حدث عنه بأحرف ولم يكن عنده بالقوى
ومما يفيده هذا التوجيه أن انتقاء الصحيح من أحاديث الضعفاء والمجروحين هو مما توافرت عليه همم الجهابذة النقاد أمثال يحيى بن سعيد القطان وعبد الرحمن بن مهدى ويحيى بن معين والبخارى وأبى حاتم وغيرهم من أئمة هذا الشأن
الطريق الثانية أوردها ابن كثير التفسير (1/304 من طريق ابن مردويه قال حدثنا محمد بن أحمد بن إبراهيم حدثنا محمد بن جرير بن يزيد حدثنا أبو معاذ نهار بن عثمان الليثي أخبرنا زيد بن الحباب أخبرني عمرو البزار عن عنبسة الخواص عن قتادة عن أبي قلابة عن أبي الأشعث الصنعاني عن عبادة بن الصامت قال قال رسول الله (ص) الأبدال في أمتي ثلاثون بهم ترزقون وبهم تمطرون وبهم تنصرون قال قتادة إني لأرجو أن يكون الحسن منهم
قال الحافظ الهيثمى مجمع الزوائد (10/63 رواه الطبرانى من طريق عمرو البزار عن عنبسة الخواص وكلاهما لم أعرفه وبقية رجاله رجال الصحيح
قلت ومع جهالة رواته عن قتادة فقد خولفوا على رفعه رواه عبد الوهاب بن عطاء الخفاف نا سعيد بن أبى عروبة عن قتادة قال لن تخلو الأرض من أربعين بهم يغاث الناس وبهم تنصرون كلما مات منهم أحد أبدل الله مكانه رجلا
أخرجه هكذا ابن عساكر التاريخ (1/298 من طريق عمران بن محمد الخيزرانى عنه "
والحديث السابق عدد الأبدال فيه 30 وهو ما يناقض كونهم 40 في الرواية التالية:
"الثالث حديث أنس بن مالك وله أربع طرق
الطريق الأولى أخرجها ابن عدى (5/220 حدثنا محمد بن زهير بن الفضل الأبلي ثنا عمر بن يحيى الأبلي ثنا العلاء بن زيدل عن أنس بن مالك عن النبي (ص)قال البدلاء أربعون اثنان وعشرون بالشام وثمانية عشر بالعراق كلما مات منهم واحد بدل الله مكانه آخر فإذا جاء الأمر قبضوا كلهم فعند ذلك تقوم الساعة
وأخرجه كذلك ابن عساكر التاريخ (1/291 وابن الجوزى الموضوعات (3/151 كلاهما من طريق ابن عدى به
قلت هذا إسناد مظلم وحديث موضوع لا يحل ذكره إلا تعجبا ولا كتابته إلا تحذيرا
قال الحافظ الذهبى الميزان (5/123 العلاء بن زيدل الثقفي بصري روى عن أنس بن مالك كنيته أبو محمد تالف قال ابن المديني كان يضع الحديث وقال أبو حاتم والدارقطني متروك الحديث وقال البخاري وغيره منكر الحديث وقال ابن حبان يروي عن أنس بن مالك بنسخة موضوعة لا يحل ذكره في الكتب إلا على سبيل التعجب وذكر هذا الحديث من مناكيره وقال وهذا باطل
الطريق الثانية أخرجها ابن عدى (6/289 من طريق محمد بن عبد العزيز الدينوري ثنا عثمان بن الهيثم ثنا عوف عن الحسن عن أنس قال قال رسول الله (ص) إن بدلاء أمتي لم يدخلوا الجنة بكثرة صلاة ولا صيام ولكن بسخاء الأنفس وسلامة الصدور
قال أبو أحمد وهذا الحديث بهذا الإسناد ليس يعرف إلا بابن عبد العزيز الدينوري وهو من الأحاديث التي أنكرت عليه
قلت والدينورى ليس بثقة ولا مأمون ينفرد عن الثقات بالمقلوبات ويأتى بالبلايا والطامات كأنه المتعمد لها وهذا الحديث رواه جماعة من الضعفاء عن الحسن البصرى واختلفوا عليه فمرة عن أنس وثانية عن أبى سعيد الخدرى وثالثة عن الحسن مرسلا ولا يصح منها كبير شئ
الطريق الثالثة أخرجها الخلال كرامات الأولياء وابن الجوزى الموضوعات (3/152 من طريق أبى عمر الغدانى عن أبى سلمة الحرانى عن عطاء عن أنس قال قال رسول الله (ص) الأبدال أربعون رجلا وأربعون امرأة كلما مات رجل أبدل الله مكانه رجلا وكلما ماتت امرأة أبدل الله مكانها امرأة
قال أبو الفرج وفى إسناده مجاهيل يعنى أبا سلمة وأبا عمر لا يعرفان
الطريق الرابعة أخرجها ابن عساكر التاريخ (1/292 من طريق نوح بن قيس الحدانى عن عبد الله بن معقل عن يزيد بن أبان الرقاشى عن أنس عن النبى (ص)قال دعائم أمتى عصائب اليمن وأربعون رجلا من الأبدال بالشام كلما مات رجل أبدل الله مكانه رجلا أما إنهم لم يبلغوا ذلك بكثرة صلاة ولا صيام ولكن بسخاوة الأنفس وسلامة الصدور والنصيحة للمسلمين
قلت هذا إسناد واه بمرة قال الحافظ الذهبى الميزان (4/204 عبد الله بن معقل بصري عن يزيد الرقاشي لا يدرى من ذا ؟ روى عنه نوح بن قيس فقط وأما يزيد بن أبان الرقاشى فمتروك الحديث ذاهب الحديث قال ابن حبان كان يقلب كلام الحسن فيجعله عن أنس عن النبي (ص)وهو لا يعلم فلما كثر في روايته ما ليس من حديث أنس وغيره من الثقات بطل الاحتجاج به فلا تحل الرواية عنه إلا على سبيل التعجب وكان قاصا يقص بالبصرة ويبكي الناس وكان شعبة يتكلم فيه بالعظائم "
والروايات السابقة الأعداد فيها30 و40 وهو ما يناقض كونهم40 من 500 يتبدلون من بعض عند الموت في الرواية
الرابع حديث عبد الله بن عمر
أخرجه أبو نعيم الحلية (1/8 وابن عساكر تاريخ دمشق (1/303302 وابن الجوزى الموضوعات (3/151 سعيد بن أبي زيدون ثنا عبد الله بن هارون الصوري ثنا الأوزاعي عن الزهري عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما قال قال رسول الله (ص) خيار أمتي في كل قرن خمسمائة والأبدال أربعون فلا الخمسمائة ينقصون ولا الأربعون كلما مات رجل أبدل الله من الخمسمائة مكانه وأدخل من الأربعين مكانهم قالوا يا رسول الله دلنا على أعمالهم ؟ قال يعفون عمن ظلمهم ويحسنون إلى من أساءهم ويتواسون فيما آتاهم الله
قال أبو الفرج موضوع وفيه مجاهيل يعنى الصورى وابن أبى زيدون لا يعرفان
وقال الحافظ الذهبى الميزان (4/217 عبد الله بن هارون الصوري عن الأوزاعي لا يعرف والخبر كذب في أخلاق الأبدال وأقره ابن حجر فى لسان الميزان (3/369 "
وعادوا مرة ثانية إلى العدد ثلاثين فقال :
الخامس حديث أبى هريرة
أخرجه ابن حبان المجروحين (2/61 وابن الجوزى الموضوعات (3/151 من طريق عبد الرحمن بن مرزوق الطرسوسى عن عبد الوهاب بن عطاء الخفاف عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي (ص)قال لن تخلو الأرض من ثلاثين مثل إبراهيم خليل الرحمن بهم تغاثون وبهم ترزقون وبهم تمطرون
قال أبو حاتم بن حبان هذا كذب عبد الرحمن بن مرزوق بن عوف أبو عوف ؛ شيخ كان بطرسوس يضع الحديث لا يحل ذكره إلا علي سبيل القدح فيه "
وقال :
"السادس حديث أبى سعيد الخدرى
أخرجه البيهقى شعب الإيمان (7/439/10893 من طريق محمد بن عمران بن أبي ليلى أنا سلمه بن رجاء عن صالح المري عن الحسن عن أبي سعيد الخدري أو غيره قال قال رسول الله (ص) أبدال أمتي لم يدخلوا الجنة بالأعمال ولكن إنما دخلوها برحمة الله وسخاوة الأنفس وسلامة لجميع المسلمين
قلت وهذا حديث منكر وله ثلاث آفات
الأولى صالح بن بشير المرى القاص منكر الحديث جدا يحدث عن قوم ثقات أحاديث مناكير قال أحمد كان صاحب قصص يقص ليس هو صاحب آثار وحديث ولا يعرف الحديث وقال عمرو بن علي الفلاس هو رجل صالح منكر الحديث جدا يحدث عن الثقات بالأباطيل والمنكرات وقال البخاري منكر الحديث ذاهب الحديث وقال السعدي واهي الحديث وقال النسائي متروك الحديث
الثانية الانقطاع فإن الحسن البصرى لم يسمع أبا سعيد الخدرى قال الحافظ أبو سعيد العلائى جامع التحصيل (1/163 قال علي بن المديني رأى الحسن أم سلمة ولم يسمع منها ولا من أبي موسى الأشعري ولا من الأسود بن سريع ولا من الضحاك بن سفيان ولا من جابر ولا من أبي سعيد الخدري ولا من ابن عباس ولا من عبد الله بن عمر ولا من عمرو بن تغلب ولم يسمع من أبي برزة الأسلمي ولا من عمران بن حصين ولا من النعمان بن بشير ولم يسمع من أسامة بن زيد شيئا ولا من عقبة بن عامر ولا من أبي ثعلبة الخشني
قلت وهذا كما قال ؛ إلا سماعه من عمرو بن تغلب ففى كتاب الجهاد من صحيح البخارى (2/157 سندى حدثنا أبو النعمان حدثنا جرير بن حازم قال سمعت الحسن يقول حدثنا عمرو بن تغلب قال قال النبي (ص) إن من أشراط الساعة أن تقاتلوا قوما ينتعلون نعال الشعر وإن من أشراط الساعة أن تقاتلوا قوما عراض الوجوه كأن وجوههم المجان المطرقة
الثالثة المخالفة فقد رواه جماعة عن صالح المرى عن الحسن مرسلا وسلمة بن رجاء التيمي الكوفي صدوق يغرب ويتفرد بما لا يتابع عليه
فقد أخرجه البيهقى شعب الإيمان (7/439 من طريق يحيى بن يحيى أنا صالح المري عن الحسن أن رسول الله (ص)قال إن بدلاء أمتي بنحوه هكذا مرسلا "
والأعداد السابقة يناقضها العدد30 في الحديث التالى:
"السابع حديث عبد الله بن مسعود
أخرجه أبو نعيم الحلية (1/8 ومن طريقه ابن الجوزى الموضوعات (3/150 من طريق محمد بن السرى القنطري ثنا قيس بن إبراهيم بن قيس السامري ثنا عبد الرحمن بن يحيى الأرمني ثنا عثمان بن عمارة ثنا المعافى بن عمران عن سفيان الثوري عن منصور عن إبراهيم عن الأسود عن عبد الله قال قال رسول الله (ص) إن لله عز وجل في الخلق ثلاثمائة قلوبهم على قلب آدم (ص) ولله تعالى في الخلق أربعون قلوبهم على قلب موسى (ص) ولله تعالى في الخلق سبعة قلوبهم على قلب ابراهيم (ص) ولله تعالى في الخلق خمسة قلوبهم على قلب جبريل (ص) ولله تعالى في الخلق ثلاثة قلوبهم على قلب ميكائيل (ص) ولله تعالى في الخلق واحد قلبه على قلب إسرافيل (ص) فاذا مات الواحد أبدل الله عز وجل مكانه من الثلاثة وإذا مات من الثلاثة أبدل الله تعالى مكانه من الخمسة وإذا مات من الخمسة أبدل الله تعالى مكانه من السبعة وإذا مات من السبعة أبدل الله تعالى مكانه من الأربعين وإذا مات من الأربعين أبدل الله تعالى مكانه من الثلاثمائة وإذا مات من الثلاثمائة أبدل الله تعالى مكانه من العامة فبهم يحيي ويميت ويمطر وينبت ويدفع البلاء قيل لعبد الله بن مسعود كيف بهم يحيي ويميت ؟ قال لأنهم يسألون الله عز وجل إكثار الأمم فيكثرون ويدعون على الجبابرة فيقصمون ويستسقون فيسقون ويسألون فتنبت لهم الأرض ويدعون فيدفع بهم أنواع البلاء
قال أبو الفرج إسناده مظلم كثير من رجاله مجاهيل ليس فيهم معروف "
وعاد المؤلف للعدد 40 وانهم كلهم في الشام فقط بينما في حديث سابق22 في الشام و18 في العراق فقال :
"الثامن حديث على بن أبى طالب
أخرجه الإمام أحمد (1/112 قال حدثنا أبو المغيرة ثنا صفوان حدثني شريح يعني ابن عبيد قال ذكر أهل الشام عند علي بن أبي طالب وهو بالعراق فقالوا العنهم يا أمير المؤمنين قال لا إني سمعت رسول الله (ص)يقول الأبدال يكونون بالشام وهم أربعون رجلا كلما مات رجل أبدل الله مكانه رجلا يسقى بهم الغيث وينتصر بهم على الأعداء ويصرف عن أهل الشام بهم العذاب
أخرجه كذلك أحمد فى فضائل الصحابة (1727 وابن عساكر (1/289 والمقدسى المختارة (2/110/484 جميعا بهذا الإسناد مثله
قلت وهذا الإسناد منقطع فإن شريح بن عبيد الشامى لم يسمع من على بن أبى طالب
وقد روى بإسنادين آخرين مرفوعا
الأول أخرجه ابن أبى الدنيا الأولياء (8 نا أبو الحسين الواسطي خلف بن عيسى نا يعقوب بن محمد الزهري نا مجاشع بن عمرو عن ابن لهيعة عن ابن هبيرة عن عبد الله بن زرير عن علي قال سألت رسول الله عن الأبدال قال هم ستون رجلا قلت يا رسول الله جلهم لي ؟ قال ليسوا بالمتنطعين ولا بالمبتدعين ولا بالمتعمقين لم ينالوا ما نالوا بكثرة صيام ولا صلاة ولا صدقة ولكن بسخاء النفس وسلامة القلوب والنصيحه لأئمتهم إنهم يا علي من أمتي أقل من الكبريت الاحمر
قلت وهذا حديث كذب من وضع مجاشع بن عمرو فإنه أحد الكذابين قال ابن حبان كان ممن يضع الحديث على الثقات ويروي الموضوعات عن أقوام ثقات لا يحل ذكره في الكتب إلا على سبيل القدح فيه ولا الرواية عنه إلا على سبيل الاعتبار للخواص
الثانى أخرجه الطبرانى الأوسط (4/176/3905 وابن عساكر (1/334 من طريقين عن الوليد بن مسلم وزيد بن أبى الزرقاء عن ابن لهيعة نا عياش بن عباس القتبانى عن عبد الله بن زرير الغافقي عن علي بن أبي طالب أن رسول الله (ص)قال يكون في آخر الزمان فتنة يحصل فيها الناس كما يحصل الذهب في المعدن فلا تسبوا أهل الشام ولكن سبوا شرارهم فان فيهم الأبدال يوشك أن يرسل على أهل الشام سيب من السماء فيغرق جماعتهم حتى لو قاتلتهم الثعالب غلبتهم فعند ذلك يخرج خارج من أهل بيتي في ثلاث رايات المكثر يقول هم خمسة عشر ألفا والمقل يقول هم اثنا عشر ألفا أمارتهم أمت أمت يلقون سبع رايات تحت كل راية منها رجل يطلب الملك فيقتلهم الله جميعا ويرد الله الى المسلمين ألفتهم ونعمتهم وقاصيهم ودانيهم
قلت وهذا وهم وخطأ إذ رواه ابن لهيعة حال اضطرابه واختلاطه فخالف الثقات الأثبات فقد رواه الحارث بن يزيد الحضرمى ـ أحد أثبات ثقات المصريين ـ عن عبد الله بن زرير عن على موقوفا ولم يرفعه
أخرجه ابن عساكر (1/335 من طريق أحمد بن منصور الرمادى نا عبد الله بن صالح حدثنى أبو شريح عبد الرحمن بن شريح المعافرى أنه سمع الحارث بن يزيد ثنى عبد الله بن زرير أنه سمع على بن أبى طالب يقول لا تسبوا أهل الشام فإن فيهم الأبدال
وما صح من أسانيده موقوفا على على بن أبى طالب ليس فيه ذكر عددهم ولا أوصافهم وهو بها أثبت وأصح منه مرفوعا
فقد أخرج ابن المبارك الجهاد (192 عن معمر عن الزهري قال أخبرني صفوان بن عبد الله بن صفوان أن رجلا قال يوم صفين اللهم العن أهل الشام فقال علي لا تسبوا أهل الشام جما غفيرا فإن فيهم قوما كارهون لما ترون وإن فيهم الأبدال
وأخرجه الضياء المختارة (2/112 من طريق صالح بن كيسان عن الزهرى حدثني صفوان بن عبد الله بن صفوان أن عليا قام بصفين وأهل العراق يسبون أهل الشام فقال فذكر نحوه
والحديث يروى من غير وجه عن على موقوفا والحديث موقوفا عن على بن أبى طالب أصح وأشهر
قلت وبقية أحاديث الأبدال مراسيل لا تنتهض بمثلها الحجة كيف وقد بان أن المرفوعات كلها واهية بمرة "
وبعد أن انتهى المؤلف من بيان عيوب وعلل تلك الأحاديث الكثيرة تحدث عن معايب تلك الأحاديث وخطرها على الأمة فقال:
"بيان وإيضاح
اعلم أحسن الله مثوبتك وتولى رعايتك وايدك بالحق وأيد الحق بك
أن الذى ندين الله به ونعتقده واجبا لازما بعد قيام الدلالة بمقتضى ما بيناه من بطلان الأحاديث الآنفة الذكر أن هذه الألفاظ الأبدال و الأوتاد والأقطاب والغوث الفرد وغيرها مما تتهوعها قلوب المؤمنين الموقنين لم تكن تدور قطعا على ألسنة الصحابة والتابعين لهم بإحسان ولم ترد بها أحاديث صحاح تؤكد صحة مدلولاتها على مقتضى كلام من أكثر استعمالها ولهج بذكرها وأجراها على وفق قوانين وقواعد مبتدعة ضاهت عند بعضهم الشرك الأكبر وأكثرهم من المنتمين إلى الشيعة والرافضة والصوفية
وما استعمل منها على ألسنة أكابر أئمة السنة والجماعة كالإمام ابن المبارك والأوزاعى والشافعى وأحمد وابن معين والبخارى وغيرهم من رفعاء أهل السنة وخاصة لفظ الأبدال فمحمول على معان محمودة ومدائح جائزة وربما وقع الاشتباه فى دلالات هذه الألفاظ من جهة المعهود الذهنى لمعانيها عند المخالفين من أهل الطوائف المبتدعة كالشيعة الباطنية والصوفية الإتحادية وأما مع المجانبة والحذر من مشابهتهم فلا مشاحة فى استعمال هذه الألفاظ حبنئذ على المعانى الجائزة مما تبيحه أدلة الكتاب والسنة
فلا يظن أحد أن قول الإمام الحجة أبى عبد الله الشافعى عن شيخه يحيى بن سليم الطائفى كنا نعده من الأبدال أنه يعنى أن شيخه الطائفى أحد الأربعين أشباه إبراهيم خليل الرحمن الذين كلما مات رجل أبدل الله تعالى مكانه رجلا ولا يعنى أن شيخه أحد من يستغاث بهم ويستنزل بهم القطر والرزق وهذا مما لا ينبغى الإسهاب فى بيان بطلان اعتقاده وحمل كلام أئمتنا عليه
ألا تراهم يقولون فى المديح ما لا يسعهم فعله فضلا عن اعتقاده كقولهم فلان كعبة المحتاج لا كعبة الحجاج ومشعر الكرم لا مشعر الحرم ومنى الضيف لا منى الخيف وقبلة الصلات لا قبلة الصلاة وهذا كثير دائر على ألسنة الأدباء الأبيناء البلغاء من أهل السنة وعليه فقولهم عن رجل فلان من الأبدال محمول على معان من الثناء والمديح والمحامد الجائزة مما لا مساس معها بالمحظورات العقائدية وما كان منها على خلاف هذه الدلالة فمردود على قائله أو متأوله فمن ذلك قول شهاب بن معمر البلخى عن الإمام حماد بن سلمة كان يعد من الأبدال تزوج سبعين امرأة فلم يولد له ألا ترى أن مسحة الصوفية قد أذهبت رونق المدح والثناء فأحالت المدح قدحا والثناء هجاءا وقارن ذلك بقول ابن المبارك عنه ما رأيت أحدا أشبه بمسالك الأوائل من حماد بن سلمة تجد بينهما بونا شاسعا تستلطف معه كلام ابن المبارك وتلقى إليه سمعك بينما تستغرب ما صدر عن البلخى "
والملاحظ أن الرجل هنا يحمل على الشيعة والمتصوقة ويعيب عليهم استعمالاتهم للكلمات فى المعانى ويعتبر ذلك فى حق السنة ليس عيبا وهو خلل فى الميزان فاستعمال اللفظ فى معناه المشترك إنما هو عيب على الفريقين
وتحدث عن معنى البدل فى المعتقد الصوفى فقال :
"فإذا وضحت هذه اللمعة فلنذكر طرفا من الاستعمالات الجائرة لهذه الألفاظ عند الصوفية
فهذا الشيخ عبد الرؤوف المناوى يوضح حقيقة البدل على اعتقادهم فيقول فى فيض القدير وإذا رحل البدل عن موضع ترك بدله فيه حقيقة روحانية ؛ يجتمع إليها أرواح أهل ذلك الموطن الذي رحل عنه هذا الولي فإن ظهر شوق من أناس ذلك الموطن شديد لهذا الشخص تجسدت لهم تلك الحقيقة الروحانية التي تركها بدله فكلمتهم وكلموها وهو غائب عنهم وقد يكون هذا من غير البدل لكن الفرق بينهما أن البدل يرحل ويعلم أنه ترك غيره وغير البدل لا يعرف ذلك وإن تركه
ولا أظنك وأنت تقرأ هذا الغثاء إلا تعوذت بالله من هذه الأباطيل وقلت مسارعا كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا ودعوت عائذا رب أعوذ بك من همزات الشياطين وأعوذ بك رب أن يحضرون
وها هو يقول ما تقشعر منه الجلود وتشمئز منه الأفئدة "
ثم عرف الأبدال فقال:
"الأبدال ـ بفتح الهمزة ـ جمع بدل بفتحتين خصهم الله تعالى بصفات منها أنهم ساكنون إلى الله بلا حركة ومنها حسن أخلاقهم في هذه الأمة ثلاثون رجلا قيل سموا أبدالا لأنهم إذا غابوا تبدل في محلهم صور روحانية تخلفهم قلوبهم على قلب إبراهيم خليل الرحمن (ص) أي انفتح لهم طريق إلى الله تعالى على طريق إبراهيم (ص) وفي رواية قلوبهم على قلب رجل واحد قال الحكيم الترمذى إنما صارت هكذا لأن القلوب لهت عن كل شيء سواه فتعلقت بتعلق واحد فهي كقلب واحد قال في الفتوحات قوله هنا على قلب إبراهيم وقوله في خبر آخر على قلب آدم وكذا قوله على قلب شخص من أكابر البشر أو من الملائكة معناه أنهم يتقلبون في المعارف الإلهية بقلب ذلك الشخص إذ كانت واردات العلوم الإلهية إنما ترد على القلوب فكل علم يرد على قلب ذلك الكبير من ملك أو رسول يرد على هذه القلوب التي هي على قلبه وربما يقول بعضهم فلان على قدم فلان ومعناه ما ذكر وقال القيصري الرومي عن العارف ابن عربي إنما قال على قلب إبراهيم (ص) لأن الولاية مطلقة ومقيدة والمطلقة هي الولاية الكلية التي جميع الولايات الجزئية أفرادها والمقيدة تلك الأفراد وكل من الجزئية والكلية تطلب ظهورها والأنبياء قد ظهر في هذه الأمة جميع ولاياتهم على سبيل الإرث منهم فلهذا قال هنا على قلب إبراهيم (ص) وفي حديث آخر على قلب موسى (ص) وفلان وفلان ونبينا محمد (ص)صاحب الولاية الكلية من حيث أنه صاحب دائرة الولاية الكلية لأن باطن تلك النبوية الكلية الولاية المطلقة الكلية ولما كان لولاية كل من الأنبياء في هذه الأمة مظهرا كان من ظرائف الأنبياء أن يكون في هذه الأمة من هو على قلب واحد من الأنبياء كلما مات رجل منهم أبدل الله مكانه رجلا فلذلك سموا أبدالا أو لأنهم أبدلوا أخلاقهم السيئة وراضوا أنفسهم حتى صارت محاسن أخلاقهم حلية أعمالهم
وظاهر كلام أهل الحقيقة ؛ أن الثلاثين مراتبهم مختلفة قال العارف المرسي جلت في الملكوت فرأيت أبا مدين معلقا بساق العرش رجل أشقر أزرق العين فقلت له ما علومك ومقامك ؟ قال علومي أحد وسبعين علما ومقامي رابع الخلفاء ورأس الأبدال السبعة قلت فالشاذلي قال ذاك بحر لا يحاط به قال العارف المرسي كنت جالسا بين يدي أستاذي الشاذلي فدخل عليه جماعة فقال هؤلاء أبدال فنظرت ببصيرتي فلم أرهم أبدال فتحيرت فقال الشيخ من بدلت سيئاته حسنات فهو بدل فعلمت أنه أول مراتب البدلية وأخرج ابن عساكر أن ابن المثنى سأل أحمد بن حنبل ما تقول في بشر الحافي بن الحارث ؟ قال رابع سبعة من الأبدال اهـ بنصه من غير تحريف ولا تصرف
وألق سمعك هذه الخرافة المأثورة عن شيخهم الأكبر ذى المآثر التى تخبل العقول وتبهر ـ أعنى ابن عربى الحاتمى ـ حيث يقول عن نفسه الأوتاد الذين يحفظ الله بهم العالم أربعة فقط وهم أخص من الأبدال والإمامان أخص منهم والقطب أخص الجماعة ولكل وتد من الأوتاد الأربعة ركن من أركان البيت ويكون على قلب نبي من الأنبياء فالذى على قلب عيسى له اليماني والذي على قلب آدم له الركن الشامي والذي على قلب إبراهيم له العراقي والذي على قلب محمد له ركن الحجر الأسود وهو لنا ـ يعنى نفسه ـ كذا حكاه المناوى
وكتب القوم طافحة بهذه التعبيرات الجائرة عن طريق الاستقامة"
وكل هذا الحديث من الباطل الذى لا وجود له فى الوحى فالقوم جعلوا الموتى هم من يحفظون العالم وهم جثث فى قبورهم لا يقدرون على نفع أنفسهم ولا نفع غيرهم