رضا البطاوى
كاتب جيد جدا
- إنضم
- 25 يوليو 2015
- المشاركات
- 1,778
- النقاط
- 881
نقد محاضرة تربية الأولاد في ظل الإسلام
الكتاب كان محاضرة حولها بعضهم إلى كتاب من تأليف أحمد بن حمد بن سليمان الخليلي وقد تحدث الرجل عن ترابط الأجيال ببعضهم من خلال عمل جيل لمصلحة نفسه ومن بعده فقال:
"أما بعد
وجعل الله تعالى كل جيل من الأجيال ذا علاقة بالأجيال الأخرى لأن كل جيل من الأجيال إنما هو امتداد للجيل الذي قبله فالناس وإن فنى أفرادهم فإن أجيالهم المتعاقبة على عادة هذه الأرض تبقى كل جيل منها آخذا بحجزه جيل الجيل الذي تقدمه ، ومستفيد من خبراته ، لأن الله تعالى خلق الإنسان مدنيا بطبعه ، وجعل كل جيل يعمل لا لمصلحته فحسب ، بل ولمصلحة الأجيال التي تليه إلى أن يرث هذا الكون مكونه، وتنطوي صفحة هذا الوجود بأمر الله لينشر من جديد من أجل أن يلقى كل أحد جزاء ما قدم في هذا الدار "
وتحدث عن مسئولية الأجيال الأكبر عن الأجيال الأصغر فقال :
"وبما أن هذه الأجيال موصول بعضها ببعض فإن على كل جيل منها أن يعنى بالجيل الذي يليه لأنه يتحمل أمانته ، ويطلع بتبعته ، ويكون موصولا يه ، فبقدر ما يقوم هذا الجيل من تربية حسنة للجيل الذي يأتي من بعده يكونوا قد أصلحوا ذلك الجيل"
وتحدث عن وجهات نظر الناس في الأجيال الأصغر فمنهم من يرى أنهم المستقبل ومنهم من يرى أنهم ذريته التى يجب أن يهتم بها فقال :
"على أن من شأن الإنسان أن ينظر إلى الناشئة نظرة خاصة لأن المستقبل إنما ينظر إليه بمنظار هذه الناشئة فبقدر ما تكون هذه الناشئة بخلاف ذلك ينظر إلى المستقبل نظرة تشاؤم ثم من ناحية أخرى فإن الإنسان يرى وجوده في وجود ذريته لأن الذرية إنما هي امتداد لصاحبها فعمر الإنسان في هذه الحياة عمر قصير محدود جدا ولكن يبقى وجوده بوجود ذريته ويحرص كل الحرص على أن يكون كل فرد من أفراد ذريته يمثل الاستقامة ويمثل الخير والصلاح وبسبب هذا التداخل تنتقل الأخلاق في أبناء الجيل الواحد وتسري بينهم"
وتحدث عن الأجيال تكون صالحة عندما يعمل كل واحد منا على وقايتهم من دخول النار بشتى الوسائل الحسنة فقال:
" فعندما تكون هذه المجموعة من أبناء هذا الجيل الناشئة صالحة ومستقيمة ينتقل هذا الخير بين المجموعات بسبب الاحتكاك بين الناس والله سبحانه وتعالى فرض على الناس أن يقوا أنفسهم ويقوا أهليهم الهلكة وقد قال الله سبحانه وتعالى " قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة " وهذه الوقاية إنما يجب أن تتركز فيمن كان أقرب إلى الإنسان ، ولا ريب أن أولاد الإنسان هم أقرب الناس إليه ، فلذلك كان الواجب عليه أن يحرص على تربيتهم التربية الحسنة وتعويدهم مكارم الأخلاق وعلى تنشئتهم على الفضائل من أول الأمر حتى يكونوا ممثلين لقيم الإسلام ، آخذين بحجزه أمر الله "
وتحدث عن الألم والحسرة التى تصيب الآباء الصالحين عندما يرى بعض أولاده في طريق الفساد والانحراف فقال :
"على أن هؤلاء الأولاد هم ثمرة القلب وفلذات أكباد ، فلذلك كل أحد يتألم كل الألم عندما يرى أولاده مصابين بأي ضراء في حياتهم ولئن كان الإنسان يحرص على تجنب أبناؤه أضرار هذه الحياة الدنيا فإنه من الواجب أيضا عليه أن يحرص على تجنبهم مضار الحياة الآخرة وقد صدق الشاعر حين يقول
وإنما أولادنا بيننا أكبادنا تمشي على الأرض
فالإنسان يتألم لما يشهده على ولده من حالة بؤس كل الألم كأنما يقع ذلك الذي يراه على ولده على كبده "
وتحدث عن حقوق الأولاد مبينا أن بعضها يكون قبل وجودهم باختيار الزوجة فقال :
" حق الأولاد :
وهناك حقوق شرعت للأولاد ، هذه الحقوق وتبدأ حتى قبل الميلاد وقبل الارتباط بالرباط الزوجي فإن الإنسان مأمور أن يتخير لأولاده المحصن الصالح وذلك باختياره الزوجة الصالحة لأن تكون شريكة لحياته وأما لأولاده ، ففي الحديث عن النبي (ص)" اختاروا لنطفكم فإن العرق دساس " فقد جاء في الحديث والله أعلم بصحة سنده " إياكم وخضراء الرمس فقيل له وما خضراء الرمس يا رسول الله ؟ قال المرأة الحسناء في المنبت السوء " وقال (ص) " تنكح المرأة لمالها وجمالها وحسبها ودينها فأظفر بذلت الدين تربت يداك " فالإنسان يجب عليه أن يختارا لشريكة الصالحة لحياته لتكون أما صالحة لأولاده تربيتهم على الخير"
والأحاديث السابقة باطلة فلا وجود للعرق الدساس فآدم(ص) وهو اصل البشرية كان مسلما وأكثر ذريته كفار فأين العرق الدساس مثلا آذر كان كافرا وابنه ابراهيم(ص) مسلما نوح(ص) كان مسلما وابنه الغريق كافرا
وتحدث عن دور الأمهات مع الأولاد حيث قال :
"والأم لها تأثير كبير على الأولاد وقد صدق أمير الشعراء حين قال:
الأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعبا طيب الأعراق
فإن استقامة الأم تنعكس على استقامة الذرية وكثيرا ما كان للأم ذلك التأثير البالغ في نفوس أولادها حتى أنها قد تستطيع مع توفيق الله سبحانه وتعالى لها أن تحول هؤلاء الأولاد عن مجرى حياة أسرتهم عندما تكون حياة الأسرة ليست حياة مرضيه"
وحكى لنا الرجل حكاية من حكايات التاريخ المكذوب حيث قال :
" وقد وقع ذلك فعلا في التاريخ فأم عمر بن عبد العزيز كان تأثيرها الكبير في نفسية عمر بن عبد العزيز عندما ربته على سيرة جدها العظيم عمر بن الخطاب فعمر بن عبد العزيز هو ابن ملوك بني أمية الذين تربوا على الترف وتقلبوا في أعطاف النعيم وأستمرأ والظلم وساموا الناس الخسف وانحرفوا بمسلك الحكم في هذه الأمة عن الخلافة الراشدة إلى الملك العطود ولكن أم عمر بن عبد العزيز كانت بنت عاصم بن عمر بن الخطاب وكان لأمها شأن ولذلك اختارها عمر بن الخطاب لتكون قرينة لأبنه عاصم بن الخطاب فقد كان عمر بن الخطاب كشأنه يجوس خلال الديار في الليل لينظر إلى أحوال الناس وليتفقد حال الرعية وليطمئن على أمتهم واستقرار أوضاعهم،فينما هو يمر في أزقة المدينة المنورة إذ سمع صوت أم صوت ينبعث من امرأة تخاطب ابنتها تقول لها امزجي اللبن أو اخلطي اللبن بالماء فردت عليها ابنتها أن أمير المؤمنين نهى عن ذلك فقالت لها الأم ومن أين بأمير المؤمنين أن يدري بحالنا فردت عليها البنت إن كان أمير المؤمنين لا يدري بحالنا فإن الله تعالى هو المطلع على أمرنا فأعجب عمر بن الخطاب بجواب البنت وسأل عن حالها هل هي مشغولة بزواج أم غير مشغولة فرد عليه أنها مشغولة فأرسل إلى ابنه عاصم وأمره أن يتزوجها وقال أرجو أن تلد من يملأ الأرض عدلا بعد أن امتلا جورا وقد وقع ذلك فعلا عندما استسلم عمر بن عبد العزيز أزمة الأمور بعدما أفضى الحكم إليه وعرض الأمر على المسلمين فأختاروه لأن يكون خليفة يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر سلك مسلك عمر أي مسلك جده العظيم من قبل أمه وقد ربته تلك الأم من أول الأمر على مثل على قبل عمر بن الخطاب ومن شأن المرأة أن تعتد بالصالحين من آبائها ولذلك تحرص دائما على تربية أبنائها على تلك السيرة وتحرص على أن يكون أولئك الأبناء امتدادا لهم وفعلا كان عمر بن عبد العزيز امتدادا لعمر بن الخطاب ، ولذلك فإنه عندما وفدت عليه وفود العرب وكان في وفد من تلك الوفود عبد الله بن الأهتم فلم يع عمر بن عبد العزيز إلا وابن الأهتم يلقي خطبته أمامه من غير أن يستأذنه ثم بعد ما ذكر عبد الله ابن الأهتم سيرة الرسول ( (ص)) سيرة من بعده وما أفضى إليه الأمر من بعد ذلك من الانحراف خاطب عمر بقوله ثم إنك يا عمر ابن الدنيا ولدتك ملوكها وألقمتك ثديها فلما وليتها ألفيتها حين ألقاها الله وآثرت ما عند الله ، فالحمد لله الذي جلى بك حوبتها وكشفا بك كربتها فأمض ولا تلتفت ، فإنه لا يغنى عن الحق شيء "
وحكاية أن استقامة الأم والأب تجلب استقامة الذرية دوما تتعارض مع كفر الابن الذى رباه أبواه على الإسلام فكفر كما قال تعالى :
"والذى قال لوالديه أف لكما أتعداننى أن أخرج وقد خلت القرون من قبلى وهما يستغيثان الله ويلك آمن إن وعد الله حق فيقول ما هذا إلا أساطير الأولين أولئك الذين حق عليهم القول فى أمم قد خلت من قبلهم من الجن والإنس إنهم كانوا خاسرين"
بالطبع هنا حالات استقامة الوالدين كإبراهيم (ص) وزوجاته جعلت أولادهما صالحين وهم إسماعيل(ص) وإسحق (ص)
وتحدث عن تربية الأولاد على الحق فقال :
"تربية الأبناء
ثم بجانب ذلك أيضا ينشأ من أول الأمر على الصلة بالله سبحانه وتعالى فعندما يبدأ يتحدث يلقي أول ما يلقي معرفة الله ومعرفة نبيه (ص) ومعرفة كتابة القرآن الكريم ومعرفة القبلة التي يتجه إليها ومعرفة الأخوات الذين يرتبط بهم وهم المسلمون ثم بعد ذلك عندما مداركه يلقن أركان الإسلام الخمسة ثم يلقن بعد ذلك أركان الإيمان الستة ثم يعود شيئا فشيئا على المثل "
بالقطع لا وجود لما يسمى بأركان الإسلام الخمس ولا أركان الإيمان الست فكل حكم في الإسلام هو ركن منه فلا يجوز الإيمان أو العمل ببعض وترك البعض الأخر كما قال تعالى :"
" أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض "
وتحدث عن معنى التربية فقال :
"وهذه تربية والتربية لها مفهوم عميق فإن التربية ليست هي مجرد التعليم ، وإنما التربية هي الإصلاح والتنمية والله سبحانه وتعالى يربي عباده تربية تكوينية بخلق أجسادهم وتهيئة ما يصلح هذه الأجساد من الغذاء وغيره فهذه تربية تكوينية ويربى عباده أيضا تربية تشريعية هذه التربية التشريعية هي التي تسمو بروح الإنسان حتى ترتفع إلى الأوج الأعلى وتعيش هذه الروح مع الملأ الأعلى مع ملائكة الله سبحانه وتعالى بإدمان ذكره وبإستشعار خشيته وبحب الله ورجاؤه والرغبة فيما عنده والبعد عن كل ما يكرهه عز وجل من أجل ذلك فإن الله سبحانه وتعالى عندما ذكر وظيفة الرسول (ص) في هذه الحياة ذكر التزكية بجانب التعليم فقد قال تعالى " لقد من الله على المؤمنين إذ بعث منهم رسولا من أنفسهم يتلو آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين " فقبل أن يذكر تعليم الكتاب والحكمة ذكر التزكية التي يكون من الرسول صلى اله عليه وسلم لهؤلاء المؤمنين بتربيتهم على الخير وتعويدهم مكارم الأخلاق وإبعادهم عن سفاسفة الأمور"
والحق أن تفرقة الخليلى بين التربية والتعليم لا مسوغ لها فكلها ألفاظ لها نفس المعنى فلا وجود لتربية بدون علم وأما كون التزكية تدل على ذلك فلو لاحظ ما قبلها لوجد التعليم وهو يتلو آياته
وكرر نفس المعنى عن التفرقة فقال:
"وكذلك قال تعالى " هو الذي بعث في الأمين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين " وحكى الله سبحانه وتعالى أيضا دعاء عبديه الصالحين إبراهيم و إسماعيل (ص) عندما كانا يرفعان قواعد البيت العتيق ومما ذكره الله سبحانه وتعالى عنهما في الدعاء قولهما " ربنا وابعث منهم رسولا منهم يتلو عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم إنك أنت العزيز الحكيم " "
وتحدث عن بعض ما يقع فيه المعلمون من أخطاء كالشتم فقال :
" وعلى المدرسين الترفع عن الكلمات البذيئة فإن هذا الطفل عندما يسمع أمه أو يسمع أباه أو يسمع مدرسه يقذفه بالشتائم ويسميه بأقبح الأسماء كأن يناديه يا كلب أو يا حمار أو أمثله هذه الكلمات النابية ، فلا ريب أن ذلك يرتسم في ذهن هذا الطالب وتنطبع عليه نفسه حتى يتعود مثل ذلك في مخاطبة لبني جنسه فعندما يخاطب الآخرين يخاطبهم بمثل هذه الكلمات الوقحة كذلك أيضا مما يدخل في تربية الأولاد أن يكون هؤلاء الآباء والأمهات والمدرسين جميعا مثل لهؤلاء في اتباع الصدق وتجنب الكذب فإن في ذلك تأثيرا على نفسية هؤلاء الأولاد فالولد حينما يشاهد والده يخدعه بين حين وآخر بكلمات كاذبة أو يشهد أمه تخدعه بين حين وآخر بكلمات كاذبة أو يسمع مثل هذه الكلمات الكاذبة من أستاذه ينطبع على ذلك ويرى أن هذه شطارة ومهارة فيتعود مثل ذلك "
وتحدث عن الكذب كلاما خاطئا فبدلا من ان يبين أحكام الكذب والصدق ركز على حرمة الكذب جميعه فقال :
""على أن الكذب من أقبح ما يتصف به الإنسان ولذلك جاء في الحديث عن النبي (ص) " يطبع المسلم على الخلال كلها ليست الخيانة والكذب " وعندما سئل الرسول (ص)أيكون المؤمن جبانا ؟ قال نعم قيل له أيكون المؤمن بخيلا محبا للمال بغير أن يؤثر ذلك عليه حتى يمنع الزكاة ؟ قال نعم قيل له أيكون المؤمن كذابا ؟ قال لا " وجاء في الحديث (ص) " ويل للذي يحدث الناس ليضحكوا فيكذب ويل له ويل له" فمعنى ذلك أنه يجب على الإنسان أن ينأى بنفسه عن الكذب وعندما يحرص على مصلحة أولاده عليه أن يربيهم على الصدق وقد سأل النبي (ص)كما جاء في الحديث " امرأة سمعها تقول لأبنها تقال دونك كأنها تعطيه شيئا فقال لها النبي (ص) ما الذي تريدين أن تعطيه ؟ فأخبرته سألها هذا السؤال فأخبرها أنها لو لم تكن تريد أن تعطيه شيئا وأملته لكانت في ذلك في حكم الكذابين الذين يستخفون الوعيد" وحسبكم تنفيرا عن الكذب إن الله تعالى وصف به المنافقين وتوعدهم عليه عندما قال " ولهم عذاب أليم بما كانوا يكذبون " ووصف النبي (ص) " ثلاث من كن فيه فهو المنافق من إذا حدث كذب " فمن مقدمة صفات المنافقين الكذب في الحديث ومن أجل ذلك كان الواجب على هذا الوالد أو هذه الوالدة أو هذا المدرس أو هذه المدرسة الذين ينشئون هذا النشىء أن يبعدوا أنفسهم عن الكذب وأن يبعدوا أيضا الذين يربونهم عن الكذب"
وكل ما استشهد له من روايات على حرمة الكذب يتعارض مع كتاب الله فهناك كذب مباح كما في الإصلاح بين المتخاصمين وهناك صدق محرم كالغيبة والنميمة وفيها قال تعالى :
" ولا يغتب بعضكم بعضا"
وقال :
" ولا تطع كل حلاف مهين هماز مشاء بنميم"
وتحدث عن الكذب في المزاح فقال :
"إن المزاح مهما يكن مباحا فإن هذه الإباحة لا تصل إلى أن يكون هذا المزاح بالكذب ولذلك كان من الكبائر التي يجب على الكل أن يتجنبها ويجب على الأباء والأمهات والمدرسين والمدرسات أن يعظموا أمرها وخطورتها في أذهان الذين يربونهم مثل " كذبة أبريل " هذه العادة السيئة التي انتقلت إلى هذه الأمة بتأثير أعداءها فكيف إذا كان بجانب هذا الكذب تعظيما لأعداء إنما تتم عن طريق الموالاة والموالاة قد حذرنا الله منها في آيات من كتابة فالله سبحانه وتعالى يقول " يأيها الذين أمنوا لا تتخذوا عدوى وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة وقد كفروا بينما جاءكم من الحق يخرجون الرسول وإياكم أن تؤمنوا بالله ربكم إن كنتم خرجتم جهادا في سبيلي وابتغاء مرضاتي تسرون إليهم بالمودة وأنا أعلم ما أخفيتم وما أعلنتم ومن يفعله منكم فقد ضل سواء السبيل إن يثقفوكم يكونوا لكم أعداء ويبسطوا إليكم أيديهم وألسنتهم بالسوء ودوا لو تكفرون " ...
فالله سبحانه وتعالى في هذه الآية والآية التي قبلها يحذرنا من موالاة أعدائه من اليهود والنصارى ويبين لنا أن هذه الموالاة لا تنشأ إلا عن مرض نفساني ثم يبين لنا الله تعالى أثر ذلك أن هذه الموالاة قد تفضى والعياذ بالله إلى الردة عن الإسلام عندما قال إثر ذلك " يأيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين " فالله تعالى هنا حذر من موالاة أعداءه ثم اتبع هذا التحذير أنه سبحانه وتعالى يبين أن هذه الموالاة قد تفضى إلى الردة إذا أتبعها هذا التحذير من الوقوع من الردة وما ذلك إلا لأن الموالاة نجد الإنسان شيئا فشيئا إلى مسكه الأعداء حتى ينتهي بهم الأمر إلى التملص من الإسلام "
وتحدث عن القدوة الحسنة فقال :
" فإذن على الأباء وعلى الأمهات وعلى المدرسين وعلى المدرسات أن يكونوا قدوة لأبنائهم وقدوة لتلاميذهم في اتباع النهج السوي وغرس الاعتزاز بقيم الدين وفضائله والاستعانة بها عند إعداد الحق فكم من أمور أثرت من قبل المسلمين في نفوس الأوربيين في العهود القديمة حتى أن الأوربيين تخلو عن كثير من العادات ففي القرن الثالث الهجري الثامن الميلادي شاعت في أوروبا عادات إسلامية متصلة بعقيدة الإسلام من بين هذه العادات التي شاعت الاستعانة بالتماثيل حتى خرجت مراسم في ذلك الوقت باعتبار هذه التماثيل ضربا من ضروب الوثنية كل ذلك إنما كان تأثرا بعقيدة المسلمين وتأثرا بمسلك المسلمين وأدى الأمر أيضا إلى اعتبار كلمات الإسلام والمسلمين كلمات تتم عن فكر وتتم عن الوعي وعن الإدراك ن ولذلك فقد كان النصارى يعتزون بتقليد المسلمين في كثير من كلماتهم التي يتحدثون بها من غير أن يدرك أولئك المقلدون لهم فيها معانيها وأبعادها فقد قال الشاب النصراني " عندما يريد أن يظهر أمام إخوانه نفسه بمظهر الحضارة ومظهر الرقي والتمدن كان يقول له السلام عليكم أو مع السلامة أو نحو هذه الكلمات " وكذلك كانت الفتاة النصرانية تفعل ذلك ولكن الأمر انقلب الآن بالعكس فعندما يريد الرجل المسلم أو الفتاة المسلمة أن يظهروا أنفسهم بمظهر الحضارة والرقي يرددان الكلمات الأجنبية نحو ( هوكي ) أو أمثال هذه الكلمات كل ذلك بسبب ما أصاب هذه النفوس من الهزيمة النفسية وهذا كما هو معروف عند علماء النفس ليسمى ( بمركب النقعى ) أما عندما كان المسلمون أقوياء كانوا يفرضون ذلك على أعدائهم "
وتحدث عن حرمة الاقتداء بالكفار مع أنه تحدث عن إباحة الكفار للاقتداء بالمسلمين فقال :
"والنبي (ص)) حرص على أن ينشىء هذه الأمة كل الحرص بعيدة عن التأثر بأي مظهر من مظاهر أعدائها وكثيرا ما كان (ص) عندما يأمر المسلمين بشيء أو يحذرهم من شيء يقول لهم خالفوا اليهود والنصارى أو خالفوا المجوس أو خالفوا المشركين هكذا كان الرسول (ص) بل وروى عنه (ص)ما يدل على أنه حتى في الأمور العادية كان حساس جدا ألا يتأثر المسلمون بما عليه أعداء الدين فقد روى عنه إنه كان في حالة دفن ميت وكان (ص)واقفا وكان أصحابه وقوفا فمر بهم يهودي فقال هكذا كان أحبارنا فعقد (ص) وأمر أصحابه بالعقود لأجل مخالفة مسلك اليهود وقد أجاب كل الإجابة في هذا المجال الأستاذ الشاعر الإسلامي " محمد إقبال" عندما كتب كلمات ذهبية ينبغي لهذه الكلمات أن نحولها إلى منهج تسير عليه في سيرنا بأنفسنا في تربيتنا لأولادنا فقد قال إن المسلم لم يخلق ليندفع مع التيار ويساير الركب البشري حيث اتجه وسار بل خلق ليوجه العالم والمجتمع والمدينة ويفرض على البشرية اتجاهه ويملي عليها إرادته لأنه صاحب الرسالة وصاحب الحق اليقين ولأنه مسئول عن هذا العالم وسيره واتجاهه فليس مقامه مقام التقليد والإتباع وإنما مقامه الإمامة والقيادة مقام الإرشاد والتوجيه مقام الآمر والناهي وإذا تنكر له الزمان وعصاه المجتمع وانحرف عن الجادة لم يكن له ليخضع ويضع أوزاره ويسانده الدهر بل عليه أن يثور عليه ويثأر له ويظل في صراع معه وعراك حتى يقضي الله في أمره " "
والعملية ليست عملية اقتداء بأفراد وإنما هى الاقتداء بالهدى وهو وحى الله المنزل على النبيين(ص) كما قال تعالى :
" فبهداهم اقتده"
وكرر التحدث عن دور الكبار كقدوة للصغار فقال :
"إن الخضوع والاستكانة للأحوال القاصرة والأوضاع القاهرة والاعتذار بالقضاء والقدر من شأن الأقزام والضعفاء أما المؤمن القوي فهو نفسه قضاء الله غالب وقدره الذي لا يرد ولعلنا تكلمنا في هذا المجال لأجل التحذير من أن يكون الآباء والأمهات أو المدرسون والمدرسات قدوة للأولاد والطلبة في التأثر بمسالك الآخرين وفي نقل عادات الآخرين إلى المجتمع الإسلامي إلى الأمة الإسلامية الطاهرة النظيفة هذا"
وتحدث عن وجوب تعليم الأطفال أحكام الإسلام فقال :
" ومما يجب أيضا على الآباء والأمهات وهم ينشئون أولادهم على هذا الدين الحنيف أن يعودهم في مرحلة الصغر تعظيم ما عظم الله تعالى من شعائره بحيث يلقنونهم أحكام الدين ومن ذلك تعليمهم الصلاة فإن النبي (ص)يقول " أمروهم بالصلاة لسبع اضربوهم عليها لعشر وفرقوا بينهم في المضاجع " فالنبي (ص)يأمر في هذه المرحلة المبكرة والولد عمره سبع سنوات أن يعلم الصلاة حتى ترتسم صورة الصلاة في ذهنه ويتعود على أدائها ولكن إن تهاون بها في هذه الفترة لا يعاقب حتى يصلب عوده بأن يبلغ عشر سنوات وظهر أنه يتهاون بالصلاة أدب عليها بالضرب وليس ذلك فحسب بل علينا إتباع سنة رسول الله (ص) والعمل بها"
وتحدث عن التفرقة بين الأولاد في أماكن النوم فقال :
"ونحن نرى أن الحديث الشريف يلفت التفافا وانتباهنا ويشد أعيننا إلى قضية مهمة طالما تساهل فيها الناس وهي التفريق بين الأولاد في المضاجع ففي هذه المرحلة من العمر عندما يصل أول الولد إلى عشر سنوات يفرق في المضجع ما بينه وبين أخته بحيث لا ينامان في غرفة واحدة وقد تساهل الناس في هذا الأمر فكثيرا ما يتركون أولادهم وهم في هذه المرحلة ، مرحلة المراهقة والقرب من البلوغ والقرب من استبعاد الشهوات في النفوس وتأجج الغرائز في الأجساد يتركونهم وشأنهم يبيتون معا في غرفة واحدة لا فرق بين ذكر وأنثى وأثار ذلك السلبية ظهرت وفي هذه الآثار قبل نحو عامين فإن أخا وأخته كانا في مرحلة البلوغ وهما نائمان في غرفة واحدة فلم ينتبه الأهل عليهم إلا وقد حملت البنت من أخيها ابنا فماذا عسى أن تكون حالة الأم النفسية التي تربي حفيدا لها هو من ابنها لأبنتها فإن سئلت عنه قالت هو ابن ابني وابن ابنتي إن هذه المصيبة ليست بعدها مصيبة فعلا عن الحكم الشرعي في الولد وأخته وهو أن تضرب رقابهما فالقضية مؤلمة جدا ولكن التهاون بأمور الله وبما أرشد إليه رسوله (ص)أوصى بالناس إلى مثل هذه الأمور "
وهو حديث صحيح ولكن أحيان ضيق البيوت يؤدى إلى نوم البنين والبنات معا
" وتحدث عن وجوب العدل بين الأولاد في كل شىء فقال :
هذا ومن الأمور التي تجب على الأباء في تربيتهم لأولادهم ويجب أيضا على رأي كثيرا من العلماء على الأمهات العدالة فإن العدالة مطلوبة مابين الأولاد بحيث لا يؤثر الوالد ولدا على آخر ولا يقدم ذكرا على أنثى في العطاء بل عليه أن يعدل بينهم حسب الميراث
هكذا جاءت السنة عن رسول الله (ص) " فعندما جاء إلى النبي (ص)أحدا من الصحابة وقال له إني نحلت ولدي هذا شيئا وأريدك أن تشهد على ذلك فقال له النبي (ص)أكل ولدك نحلت مثله ؟ قال لا فقال له النبي (ص)لا تشهدني على جور " فجعل ذلك من الجور فجعل ذلك من الجور "
وتحدث عن كراهية بعض الناس للبنات فقال :
"ومن أجل أن الناس كانوا في جاهليتهم يخشون من البنات ويرونهن عارا عليهم بسبب تلك الأحداث التي وقعت في الحروب الدامية بينهم فقد كانت أحيانا البنات تعرض للسبي ويعود عارهن على آبائهن لأجل ذلك انزل الله سبحانه وتعالى في كتابه ما يغسل ما علق بنفوس هؤلاء من هذا التأثر تجاه بناتهم فالله تعالى أمتن على عباده بالإناث قبل الامتنان عليهم بالذكر عندما قال عز من قائل " يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذكور أو يزوجهم ذكرانا وإناثا ويجعل من يشاء عقيما " فأهتم هنا بالإناث قبل أن يمتن بالذكور ونعى على أهل الجاهلية على الحالة التي هم فيها وعليها حينما قال" وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسودا وهو كظيم يتوارى من القوم من سوء ما بشر به أيمسكه على هون أم يدسه في التراب أساء ما يحكمون " "
وتحدث عن وجوي تزويج البنات من أفراد اصحاب دين فقال :
" وقد جاء في الأحاديث عن النبي (ص)ما يدل على أن حسن التربية للبنات إلى أن يتزوجن مما يجعل الإنسان يوقي يوم القيامة من النار ومنه حديث عائشة رضي الله عنها أن رسول الله عليه وسلم قال في حديث " من ابتلى من هذه البنات فأحسن إليهن كن له سترا من النار " متفق عليه
ومن الحديث عن النبي (ص)يقول " إذا جاءكم من ترضون دينه وعدالته فزوجوه إن لم تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير " فمن الأمور التي يجب على الأباء أن يرعوها حق رعايتها وأن يهموا بها أيما اهتمام هذا الأمر لما يؤدي إليه من الفساد إن لم يكن هنالك رعاية له وإن لم يتبع فيه ما أرشد إليه الرسول (ص) كذلك تزويج الأبناء في مرحلة مبكرة عندما يشعرون بالواجب تجاه هذا الأمر وهو ارتباط مصيرهم بمصير زوجاتهم وارتباط مصيرهن بمصيرهم مما يجب لأجله المسارعة على الفساد فكثيرا ما يقع الأولاد في الفساد ، وكثيرا ما تقع الفتيات أيضا في الفساد نتيجة تأخير الزواج وهذا أمر لمسته بنفس نتيجية الإتصالات الهاتفية التي أطلقت بسببها على الكثير من المخازي من جراء استهانة الآباء بهذا الأمر "
وتحدث عن حالة الترف التى يعيش بعض الناس وانها تجر للكفر دوما فقال :
"لم يذكر الله تعالى الترف إلا مقرونا بالشر فإنه عندما ذكر الله تعالى عذاب الأخرة قرنه بالترف في قوله بعد ما ذكر أصحاب الشمال ( أنهم كانوا قبل ذلك مترفين ) وذكر أيضا عذاب الدنيا وقرنه بالترف عندما قال " وكم قصمنا من قرية كانت ظالمة وأنشأنا بعدها قوما آخرين فلما أحسسوا بأسنا إذا هم منها يركضون لا تركضوا وأرجعوا إلى ما أترفتم فيه ومساكنكم وقال " حتى إذا أخذنا مترفيهم بالعذاب إذا هم يجأرون " وذكر الله سبحانه وتعالى شيوع العذاب بحيث يعم البريء وغيرهم وذكر أن منشأة المترفين فقد قال اله تعالى " وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فحق عليها القول فدمرناها تدميرا " وذكر تكذيب المرسلين فبين أنه كثيرا ما ينشأ عن الترف
من مساوي الترف
من ذلك قوله سبحانه " وقال الملأ من قومه الذين كفروا وكذبوا بلقاء الآخرة وأثرفناهم في الحياة الدنيا ما هذا إلا بشرا مثلكم يأكل مما تأكلون منه ويشرب مما تشربون " وقال عزوجل " وكذلك ما أرسلنا في قرية من نذير إلا قال مترفوها إنا بما أرسلتم به كافرون " وذكر معارضة المصلحين الذين يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر فبين أنها أيضا ينشأ عن الترف وتصدر عن المترفين عندما قال " فلولا كان من القرون من قبلكم أولو بقية يذهبون عن الفساد في الأرض لإلا قليل فمن أنجينا منهم واتبع الذين ظلموا ما أترفوا فيه وكانوا مجرمين " فإذن الترف هو مصدر البلاء على الناس ولذلك عندما فتح المسلمون بلاد الفرس كان من نصيحة عمر بن الخطاب لهم أن يبتعدوا كل البعد عن الترف وعن التأثر فيما كان عليه الفرس من قبل "
وحكى الرجل حكاية تبين أن المسلمين الأوائل كانت مهمتهم اخراج الناس من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد فقال :
"كلمة قالها أحد القادة الإسلاميين في عهد الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه عندما كان المسلمون يكتسحون الممالك الكسراوية الفارسية قال هذه الكلمة لرستم القائد الفارسي وهو ربيعي بن عامر رضي الله عنه عندما قالله رستم مالذي جاء بكم فرد عليه بقوله إن الله قد ابتعثنا لنخرج من شاء من عباده العباد إلى عبادة الله ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام ومن ضيق الدنيا إلى سعتها وفي رواية أخرى ومن ضيق الدنيا إلى سعة الآخرة
وكانت المحاضرة بأسرها تدور حول قوله " إن الله قد ابتعثنا لنخرج من شاء من عباده العباد إلى عبادة الله " فإن من المعلوم أمن أولئك الفرس الذين وقعوا تحت نير الجبارين من الأكاسرة كانوا يجلون أولئك ويعظموهم ويقدسونهم ويعظمونهم تعظيما لا يليق إلا بمقام الألوهية ولا أعجب أيضا من قوله ( من جور الأديان إلى عدل الإسلام ) فإن والحديث عن النبي صلى اله عليه وسلم يقول " موضع صوت أحدكم من الجنة خير من الدنيا وما فيها" فلا يستغرب أن يقول ربيعي بن عامر مثل هذا ولكن كيف يقول له " من ضيق الدنيا إلى سعتها مع أن أولئك العرب الفاتحين الأولين جاءوا من هذه الجزيرة العربية القاحلة الجرداء في وقت لم يكن فيه يتدفق شيئا من النفط يتفيأون ظلال هذا النعيم الذي يتفيأونه الآن في ذلك الوقت إنما كان العربي يخرج من جزيرة العرب إلا ماشيا على قدميه حافيتين وربما راكب على ظهر ناقته ليقطع هذه المسافات الطويلة تحت لفح الشمس اللاهب وقال هذه الكلمة لو وضعت على البحر لتبخر ولو وضعت على الجبال لدكت قال نعم إن ربعي بن عامر ما كان ينظر إلى ما كان عليه الفرس من النعيم والترف إلا نظرة التقزز والاستهزاء ولم يجلب لسان ولم يسل لعابه على ما يشاهد من نظرة الحضارة عندما جاء إلى رستم ووجد الكراسي الذهبيه مصفقة وقد فرش رستم ببساطة الذهبي المحلى بالأحجار الكريمة وصففت النمارق فما كان من ربعي بن عامر إلا أن جاء وربط جواده ببعض تلك النمارق ثم جلس بجنب رستم وعندما سأله رستم ما لذي جاء بكم ؟ رد عليه بهذا الرد فلم يتجلب لسانه ولم يسيل لعابه على ما شاهد قال بأنه كان ينظر إلى رستم وإلى من حول رستم كما ينظر أحدنا إلى الكلب المربوط بالسلسلة الذهبية الذي يأكل في آنية الذهب والفضة
ومع ذلك كان لا يمكنه أن يأكل أو يشرب إلا مع أغنية وقال إن العرب الذين خرجوا من الجزيرة العربية كان أحدهم يشرب الماء يكفيه ويأكل وهو على ظهر جواده أو ظهر راحلته ويطوي هذه المسافات تحت لفح الشمس من غير أن يجد ظلا كان هو المتحرر من أمثال هذه الأشياء فهو جدير بأن ينقل هذه السعة التي فيها وعليها هؤلاء الفرس "
وتحدث عن انحراف الناس عن الإسلام فيما بعد حيث عادوا لعبادة العباد فقال :
"ولكن بعد ذلك تساءل هل المحاضر هل ثبتت العرب على مثل هذه الحالة وهل المسلمون الآن على ما كان عليه سلهم وجه السؤال إلى ما كان حضر هذه المحاضرة من رجال الدولة ومن رجال التربية وغيرهم وقال منكر اليوم يستطيع أن يقف أمام أوروبي أو قام أمريكي ليقول له ( إن الله قد ابتعثنا لنخرجكم من الضيق الذي أنتم عليه إلى السعة التي نحن فيها مع أن كل واحد منكم يحرص كل الحرص أن يجمع أنماطا من حياة الترف بحيث لا يدخر وسعا في تعويد نفسه وتربية أولاده على مظاهر الترف في الحياة الدنيا فعندما يسمع عن نوع جديد من السيارات يذهب إلى البنوك ليقترض القروض الربوية من أجل توفير سيارة ضخمة من هذا الطراز الجديد المستورد وكذلك يحرص على أن يبني بيته بتصميم من التصميمات المستخدمة الجديدة وأن يزوده بأحسن الأثاث ولا يبالي بعد ذلك أن تتراكم القروض الربوية وتتراكم الديون على عنقه وتنمو هذه الديون بطريقة ربوية شيئا فشيئا قال إذن لا يوجد الآن من يستطيع أن يتحدى أمة الكفر يقف أمامهم ويقول هذه الكلمة ( إن الله قد ابتعثنا لنخرجكم من الضيق الذي أنتم فيه وعليه إلى السعة التي نحن فيها "
الكتاب كان محاضرة حولها بعضهم إلى كتاب من تأليف أحمد بن حمد بن سليمان الخليلي وقد تحدث الرجل عن ترابط الأجيال ببعضهم من خلال عمل جيل لمصلحة نفسه ومن بعده فقال:
"أما بعد
وجعل الله تعالى كل جيل من الأجيال ذا علاقة بالأجيال الأخرى لأن كل جيل من الأجيال إنما هو امتداد للجيل الذي قبله فالناس وإن فنى أفرادهم فإن أجيالهم المتعاقبة على عادة هذه الأرض تبقى كل جيل منها آخذا بحجزه جيل الجيل الذي تقدمه ، ومستفيد من خبراته ، لأن الله تعالى خلق الإنسان مدنيا بطبعه ، وجعل كل جيل يعمل لا لمصلحته فحسب ، بل ولمصلحة الأجيال التي تليه إلى أن يرث هذا الكون مكونه، وتنطوي صفحة هذا الوجود بأمر الله لينشر من جديد من أجل أن يلقى كل أحد جزاء ما قدم في هذا الدار "
وتحدث عن مسئولية الأجيال الأكبر عن الأجيال الأصغر فقال :
"وبما أن هذه الأجيال موصول بعضها ببعض فإن على كل جيل منها أن يعنى بالجيل الذي يليه لأنه يتحمل أمانته ، ويطلع بتبعته ، ويكون موصولا يه ، فبقدر ما يقوم هذا الجيل من تربية حسنة للجيل الذي يأتي من بعده يكونوا قد أصلحوا ذلك الجيل"
وتحدث عن وجهات نظر الناس في الأجيال الأصغر فمنهم من يرى أنهم المستقبل ومنهم من يرى أنهم ذريته التى يجب أن يهتم بها فقال :
"على أن من شأن الإنسان أن ينظر إلى الناشئة نظرة خاصة لأن المستقبل إنما ينظر إليه بمنظار هذه الناشئة فبقدر ما تكون هذه الناشئة بخلاف ذلك ينظر إلى المستقبل نظرة تشاؤم ثم من ناحية أخرى فإن الإنسان يرى وجوده في وجود ذريته لأن الذرية إنما هي امتداد لصاحبها فعمر الإنسان في هذه الحياة عمر قصير محدود جدا ولكن يبقى وجوده بوجود ذريته ويحرص كل الحرص على أن يكون كل فرد من أفراد ذريته يمثل الاستقامة ويمثل الخير والصلاح وبسبب هذا التداخل تنتقل الأخلاق في أبناء الجيل الواحد وتسري بينهم"
وتحدث عن الأجيال تكون صالحة عندما يعمل كل واحد منا على وقايتهم من دخول النار بشتى الوسائل الحسنة فقال:
" فعندما تكون هذه المجموعة من أبناء هذا الجيل الناشئة صالحة ومستقيمة ينتقل هذا الخير بين المجموعات بسبب الاحتكاك بين الناس والله سبحانه وتعالى فرض على الناس أن يقوا أنفسهم ويقوا أهليهم الهلكة وقد قال الله سبحانه وتعالى " قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة " وهذه الوقاية إنما يجب أن تتركز فيمن كان أقرب إلى الإنسان ، ولا ريب أن أولاد الإنسان هم أقرب الناس إليه ، فلذلك كان الواجب عليه أن يحرص على تربيتهم التربية الحسنة وتعويدهم مكارم الأخلاق وعلى تنشئتهم على الفضائل من أول الأمر حتى يكونوا ممثلين لقيم الإسلام ، آخذين بحجزه أمر الله "
وتحدث عن الألم والحسرة التى تصيب الآباء الصالحين عندما يرى بعض أولاده في طريق الفساد والانحراف فقال :
"على أن هؤلاء الأولاد هم ثمرة القلب وفلذات أكباد ، فلذلك كل أحد يتألم كل الألم عندما يرى أولاده مصابين بأي ضراء في حياتهم ولئن كان الإنسان يحرص على تجنب أبناؤه أضرار هذه الحياة الدنيا فإنه من الواجب أيضا عليه أن يحرص على تجنبهم مضار الحياة الآخرة وقد صدق الشاعر حين يقول
وإنما أولادنا بيننا أكبادنا تمشي على الأرض
فالإنسان يتألم لما يشهده على ولده من حالة بؤس كل الألم كأنما يقع ذلك الذي يراه على ولده على كبده "
وتحدث عن حقوق الأولاد مبينا أن بعضها يكون قبل وجودهم باختيار الزوجة فقال :
" حق الأولاد :
وهناك حقوق شرعت للأولاد ، هذه الحقوق وتبدأ حتى قبل الميلاد وقبل الارتباط بالرباط الزوجي فإن الإنسان مأمور أن يتخير لأولاده المحصن الصالح وذلك باختياره الزوجة الصالحة لأن تكون شريكة لحياته وأما لأولاده ، ففي الحديث عن النبي (ص)" اختاروا لنطفكم فإن العرق دساس " فقد جاء في الحديث والله أعلم بصحة سنده " إياكم وخضراء الرمس فقيل له وما خضراء الرمس يا رسول الله ؟ قال المرأة الحسناء في المنبت السوء " وقال (ص) " تنكح المرأة لمالها وجمالها وحسبها ودينها فأظفر بذلت الدين تربت يداك " فالإنسان يجب عليه أن يختارا لشريكة الصالحة لحياته لتكون أما صالحة لأولاده تربيتهم على الخير"
والأحاديث السابقة باطلة فلا وجود للعرق الدساس فآدم(ص) وهو اصل البشرية كان مسلما وأكثر ذريته كفار فأين العرق الدساس مثلا آذر كان كافرا وابنه ابراهيم(ص) مسلما نوح(ص) كان مسلما وابنه الغريق كافرا
وتحدث عن دور الأمهات مع الأولاد حيث قال :
"والأم لها تأثير كبير على الأولاد وقد صدق أمير الشعراء حين قال:
الأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعبا طيب الأعراق
فإن استقامة الأم تنعكس على استقامة الذرية وكثيرا ما كان للأم ذلك التأثير البالغ في نفوس أولادها حتى أنها قد تستطيع مع توفيق الله سبحانه وتعالى لها أن تحول هؤلاء الأولاد عن مجرى حياة أسرتهم عندما تكون حياة الأسرة ليست حياة مرضيه"
وحكى لنا الرجل حكاية من حكايات التاريخ المكذوب حيث قال :
" وقد وقع ذلك فعلا في التاريخ فأم عمر بن عبد العزيز كان تأثيرها الكبير في نفسية عمر بن عبد العزيز عندما ربته على سيرة جدها العظيم عمر بن الخطاب فعمر بن عبد العزيز هو ابن ملوك بني أمية الذين تربوا على الترف وتقلبوا في أعطاف النعيم وأستمرأ والظلم وساموا الناس الخسف وانحرفوا بمسلك الحكم في هذه الأمة عن الخلافة الراشدة إلى الملك العطود ولكن أم عمر بن عبد العزيز كانت بنت عاصم بن عمر بن الخطاب وكان لأمها شأن ولذلك اختارها عمر بن الخطاب لتكون قرينة لأبنه عاصم بن الخطاب فقد كان عمر بن الخطاب كشأنه يجوس خلال الديار في الليل لينظر إلى أحوال الناس وليتفقد حال الرعية وليطمئن على أمتهم واستقرار أوضاعهم،فينما هو يمر في أزقة المدينة المنورة إذ سمع صوت أم صوت ينبعث من امرأة تخاطب ابنتها تقول لها امزجي اللبن أو اخلطي اللبن بالماء فردت عليها ابنتها أن أمير المؤمنين نهى عن ذلك فقالت لها الأم ومن أين بأمير المؤمنين أن يدري بحالنا فردت عليها البنت إن كان أمير المؤمنين لا يدري بحالنا فإن الله تعالى هو المطلع على أمرنا فأعجب عمر بن الخطاب بجواب البنت وسأل عن حالها هل هي مشغولة بزواج أم غير مشغولة فرد عليه أنها مشغولة فأرسل إلى ابنه عاصم وأمره أن يتزوجها وقال أرجو أن تلد من يملأ الأرض عدلا بعد أن امتلا جورا وقد وقع ذلك فعلا عندما استسلم عمر بن عبد العزيز أزمة الأمور بعدما أفضى الحكم إليه وعرض الأمر على المسلمين فأختاروه لأن يكون خليفة يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر سلك مسلك عمر أي مسلك جده العظيم من قبل أمه وقد ربته تلك الأم من أول الأمر على مثل على قبل عمر بن الخطاب ومن شأن المرأة أن تعتد بالصالحين من آبائها ولذلك تحرص دائما على تربية أبنائها على تلك السيرة وتحرص على أن يكون أولئك الأبناء امتدادا لهم وفعلا كان عمر بن عبد العزيز امتدادا لعمر بن الخطاب ، ولذلك فإنه عندما وفدت عليه وفود العرب وكان في وفد من تلك الوفود عبد الله بن الأهتم فلم يع عمر بن عبد العزيز إلا وابن الأهتم يلقي خطبته أمامه من غير أن يستأذنه ثم بعد ما ذكر عبد الله ابن الأهتم سيرة الرسول ( (ص)) سيرة من بعده وما أفضى إليه الأمر من بعد ذلك من الانحراف خاطب عمر بقوله ثم إنك يا عمر ابن الدنيا ولدتك ملوكها وألقمتك ثديها فلما وليتها ألفيتها حين ألقاها الله وآثرت ما عند الله ، فالحمد لله الذي جلى بك حوبتها وكشفا بك كربتها فأمض ولا تلتفت ، فإنه لا يغنى عن الحق شيء "
وحكاية أن استقامة الأم والأب تجلب استقامة الذرية دوما تتعارض مع كفر الابن الذى رباه أبواه على الإسلام فكفر كما قال تعالى :
"والذى قال لوالديه أف لكما أتعداننى أن أخرج وقد خلت القرون من قبلى وهما يستغيثان الله ويلك آمن إن وعد الله حق فيقول ما هذا إلا أساطير الأولين أولئك الذين حق عليهم القول فى أمم قد خلت من قبلهم من الجن والإنس إنهم كانوا خاسرين"
بالطبع هنا حالات استقامة الوالدين كإبراهيم (ص) وزوجاته جعلت أولادهما صالحين وهم إسماعيل(ص) وإسحق (ص)
وتحدث عن تربية الأولاد على الحق فقال :
"تربية الأبناء
ثم بجانب ذلك أيضا ينشأ من أول الأمر على الصلة بالله سبحانه وتعالى فعندما يبدأ يتحدث يلقي أول ما يلقي معرفة الله ومعرفة نبيه (ص) ومعرفة كتابة القرآن الكريم ومعرفة القبلة التي يتجه إليها ومعرفة الأخوات الذين يرتبط بهم وهم المسلمون ثم بعد ذلك عندما مداركه يلقن أركان الإسلام الخمسة ثم يلقن بعد ذلك أركان الإيمان الستة ثم يعود شيئا فشيئا على المثل "
بالقطع لا وجود لما يسمى بأركان الإسلام الخمس ولا أركان الإيمان الست فكل حكم في الإسلام هو ركن منه فلا يجوز الإيمان أو العمل ببعض وترك البعض الأخر كما قال تعالى :"
" أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض "
وتحدث عن معنى التربية فقال :
"وهذه تربية والتربية لها مفهوم عميق فإن التربية ليست هي مجرد التعليم ، وإنما التربية هي الإصلاح والتنمية والله سبحانه وتعالى يربي عباده تربية تكوينية بخلق أجسادهم وتهيئة ما يصلح هذه الأجساد من الغذاء وغيره فهذه تربية تكوينية ويربى عباده أيضا تربية تشريعية هذه التربية التشريعية هي التي تسمو بروح الإنسان حتى ترتفع إلى الأوج الأعلى وتعيش هذه الروح مع الملأ الأعلى مع ملائكة الله سبحانه وتعالى بإدمان ذكره وبإستشعار خشيته وبحب الله ورجاؤه والرغبة فيما عنده والبعد عن كل ما يكرهه عز وجل من أجل ذلك فإن الله سبحانه وتعالى عندما ذكر وظيفة الرسول (ص) في هذه الحياة ذكر التزكية بجانب التعليم فقد قال تعالى " لقد من الله على المؤمنين إذ بعث منهم رسولا من أنفسهم يتلو آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين " فقبل أن يذكر تعليم الكتاب والحكمة ذكر التزكية التي يكون من الرسول صلى اله عليه وسلم لهؤلاء المؤمنين بتربيتهم على الخير وتعويدهم مكارم الأخلاق وإبعادهم عن سفاسفة الأمور"
والحق أن تفرقة الخليلى بين التربية والتعليم لا مسوغ لها فكلها ألفاظ لها نفس المعنى فلا وجود لتربية بدون علم وأما كون التزكية تدل على ذلك فلو لاحظ ما قبلها لوجد التعليم وهو يتلو آياته
وكرر نفس المعنى عن التفرقة فقال:
"وكذلك قال تعالى " هو الذي بعث في الأمين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين " وحكى الله سبحانه وتعالى أيضا دعاء عبديه الصالحين إبراهيم و إسماعيل (ص) عندما كانا يرفعان قواعد البيت العتيق ومما ذكره الله سبحانه وتعالى عنهما في الدعاء قولهما " ربنا وابعث منهم رسولا منهم يتلو عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم إنك أنت العزيز الحكيم " "
وتحدث عن بعض ما يقع فيه المعلمون من أخطاء كالشتم فقال :
" وعلى المدرسين الترفع عن الكلمات البذيئة فإن هذا الطفل عندما يسمع أمه أو يسمع أباه أو يسمع مدرسه يقذفه بالشتائم ويسميه بأقبح الأسماء كأن يناديه يا كلب أو يا حمار أو أمثله هذه الكلمات النابية ، فلا ريب أن ذلك يرتسم في ذهن هذا الطالب وتنطبع عليه نفسه حتى يتعود مثل ذلك في مخاطبة لبني جنسه فعندما يخاطب الآخرين يخاطبهم بمثل هذه الكلمات الوقحة كذلك أيضا مما يدخل في تربية الأولاد أن يكون هؤلاء الآباء والأمهات والمدرسين جميعا مثل لهؤلاء في اتباع الصدق وتجنب الكذب فإن في ذلك تأثيرا على نفسية هؤلاء الأولاد فالولد حينما يشاهد والده يخدعه بين حين وآخر بكلمات كاذبة أو يشهد أمه تخدعه بين حين وآخر بكلمات كاذبة أو يسمع مثل هذه الكلمات الكاذبة من أستاذه ينطبع على ذلك ويرى أن هذه شطارة ومهارة فيتعود مثل ذلك "
وتحدث عن الكذب كلاما خاطئا فبدلا من ان يبين أحكام الكذب والصدق ركز على حرمة الكذب جميعه فقال :
""على أن الكذب من أقبح ما يتصف به الإنسان ولذلك جاء في الحديث عن النبي (ص) " يطبع المسلم على الخلال كلها ليست الخيانة والكذب " وعندما سئل الرسول (ص)أيكون المؤمن جبانا ؟ قال نعم قيل له أيكون المؤمن بخيلا محبا للمال بغير أن يؤثر ذلك عليه حتى يمنع الزكاة ؟ قال نعم قيل له أيكون المؤمن كذابا ؟ قال لا " وجاء في الحديث (ص) " ويل للذي يحدث الناس ليضحكوا فيكذب ويل له ويل له" فمعنى ذلك أنه يجب على الإنسان أن ينأى بنفسه عن الكذب وعندما يحرص على مصلحة أولاده عليه أن يربيهم على الصدق وقد سأل النبي (ص)كما جاء في الحديث " امرأة سمعها تقول لأبنها تقال دونك كأنها تعطيه شيئا فقال لها النبي (ص) ما الذي تريدين أن تعطيه ؟ فأخبرته سألها هذا السؤال فأخبرها أنها لو لم تكن تريد أن تعطيه شيئا وأملته لكانت في ذلك في حكم الكذابين الذين يستخفون الوعيد" وحسبكم تنفيرا عن الكذب إن الله تعالى وصف به المنافقين وتوعدهم عليه عندما قال " ولهم عذاب أليم بما كانوا يكذبون " ووصف النبي (ص) " ثلاث من كن فيه فهو المنافق من إذا حدث كذب " فمن مقدمة صفات المنافقين الكذب في الحديث ومن أجل ذلك كان الواجب على هذا الوالد أو هذه الوالدة أو هذا المدرس أو هذه المدرسة الذين ينشئون هذا النشىء أن يبعدوا أنفسهم عن الكذب وأن يبعدوا أيضا الذين يربونهم عن الكذب"
وكل ما استشهد له من روايات على حرمة الكذب يتعارض مع كتاب الله فهناك كذب مباح كما في الإصلاح بين المتخاصمين وهناك صدق محرم كالغيبة والنميمة وفيها قال تعالى :
" ولا يغتب بعضكم بعضا"
وقال :
" ولا تطع كل حلاف مهين هماز مشاء بنميم"
وتحدث عن الكذب في المزاح فقال :
"إن المزاح مهما يكن مباحا فإن هذه الإباحة لا تصل إلى أن يكون هذا المزاح بالكذب ولذلك كان من الكبائر التي يجب على الكل أن يتجنبها ويجب على الأباء والأمهات والمدرسين والمدرسات أن يعظموا أمرها وخطورتها في أذهان الذين يربونهم مثل " كذبة أبريل " هذه العادة السيئة التي انتقلت إلى هذه الأمة بتأثير أعداءها فكيف إذا كان بجانب هذا الكذب تعظيما لأعداء إنما تتم عن طريق الموالاة والموالاة قد حذرنا الله منها في آيات من كتابة فالله سبحانه وتعالى يقول " يأيها الذين أمنوا لا تتخذوا عدوى وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة وقد كفروا بينما جاءكم من الحق يخرجون الرسول وإياكم أن تؤمنوا بالله ربكم إن كنتم خرجتم جهادا في سبيلي وابتغاء مرضاتي تسرون إليهم بالمودة وأنا أعلم ما أخفيتم وما أعلنتم ومن يفعله منكم فقد ضل سواء السبيل إن يثقفوكم يكونوا لكم أعداء ويبسطوا إليكم أيديهم وألسنتهم بالسوء ودوا لو تكفرون " ...
فالله سبحانه وتعالى في هذه الآية والآية التي قبلها يحذرنا من موالاة أعدائه من اليهود والنصارى ويبين لنا أن هذه الموالاة لا تنشأ إلا عن مرض نفساني ثم يبين لنا الله تعالى أثر ذلك أن هذه الموالاة قد تفضى والعياذ بالله إلى الردة عن الإسلام عندما قال إثر ذلك " يأيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين " فالله تعالى هنا حذر من موالاة أعداءه ثم اتبع هذا التحذير أنه سبحانه وتعالى يبين أن هذه الموالاة قد تفضى إلى الردة إذا أتبعها هذا التحذير من الوقوع من الردة وما ذلك إلا لأن الموالاة نجد الإنسان شيئا فشيئا إلى مسكه الأعداء حتى ينتهي بهم الأمر إلى التملص من الإسلام "
وتحدث عن القدوة الحسنة فقال :
" فإذن على الأباء وعلى الأمهات وعلى المدرسين وعلى المدرسات أن يكونوا قدوة لأبنائهم وقدوة لتلاميذهم في اتباع النهج السوي وغرس الاعتزاز بقيم الدين وفضائله والاستعانة بها عند إعداد الحق فكم من أمور أثرت من قبل المسلمين في نفوس الأوربيين في العهود القديمة حتى أن الأوربيين تخلو عن كثير من العادات ففي القرن الثالث الهجري الثامن الميلادي شاعت في أوروبا عادات إسلامية متصلة بعقيدة الإسلام من بين هذه العادات التي شاعت الاستعانة بالتماثيل حتى خرجت مراسم في ذلك الوقت باعتبار هذه التماثيل ضربا من ضروب الوثنية كل ذلك إنما كان تأثرا بعقيدة المسلمين وتأثرا بمسلك المسلمين وأدى الأمر أيضا إلى اعتبار كلمات الإسلام والمسلمين كلمات تتم عن فكر وتتم عن الوعي وعن الإدراك ن ولذلك فقد كان النصارى يعتزون بتقليد المسلمين في كثير من كلماتهم التي يتحدثون بها من غير أن يدرك أولئك المقلدون لهم فيها معانيها وأبعادها فقد قال الشاب النصراني " عندما يريد أن يظهر أمام إخوانه نفسه بمظهر الحضارة ومظهر الرقي والتمدن كان يقول له السلام عليكم أو مع السلامة أو نحو هذه الكلمات " وكذلك كانت الفتاة النصرانية تفعل ذلك ولكن الأمر انقلب الآن بالعكس فعندما يريد الرجل المسلم أو الفتاة المسلمة أن يظهروا أنفسهم بمظهر الحضارة والرقي يرددان الكلمات الأجنبية نحو ( هوكي ) أو أمثال هذه الكلمات كل ذلك بسبب ما أصاب هذه النفوس من الهزيمة النفسية وهذا كما هو معروف عند علماء النفس ليسمى ( بمركب النقعى ) أما عندما كان المسلمون أقوياء كانوا يفرضون ذلك على أعدائهم "
وتحدث عن حرمة الاقتداء بالكفار مع أنه تحدث عن إباحة الكفار للاقتداء بالمسلمين فقال :
"والنبي (ص)) حرص على أن ينشىء هذه الأمة كل الحرص بعيدة عن التأثر بأي مظهر من مظاهر أعدائها وكثيرا ما كان (ص) عندما يأمر المسلمين بشيء أو يحذرهم من شيء يقول لهم خالفوا اليهود والنصارى أو خالفوا المجوس أو خالفوا المشركين هكذا كان الرسول (ص) بل وروى عنه (ص)ما يدل على أنه حتى في الأمور العادية كان حساس جدا ألا يتأثر المسلمون بما عليه أعداء الدين فقد روى عنه إنه كان في حالة دفن ميت وكان (ص)واقفا وكان أصحابه وقوفا فمر بهم يهودي فقال هكذا كان أحبارنا فعقد (ص) وأمر أصحابه بالعقود لأجل مخالفة مسلك اليهود وقد أجاب كل الإجابة في هذا المجال الأستاذ الشاعر الإسلامي " محمد إقبال" عندما كتب كلمات ذهبية ينبغي لهذه الكلمات أن نحولها إلى منهج تسير عليه في سيرنا بأنفسنا في تربيتنا لأولادنا فقد قال إن المسلم لم يخلق ليندفع مع التيار ويساير الركب البشري حيث اتجه وسار بل خلق ليوجه العالم والمجتمع والمدينة ويفرض على البشرية اتجاهه ويملي عليها إرادته لأنه صاحب الرسالة وصاحب الحق اليقين ولأنه مسئول عن هذا العالم وسيره واتجاهه فليس مقامه مقام التقليد والإتباع وإنما مقامه الإمامة والقيادة مقام الإرشاد والتوجيه مقام الآمر والناهي وإذا تنكر له الزمان وعصاه المجتمع وانحرف عن الجادة لم يكن له ليخضع ويضع أوزاره ويسانده الدهر بل عليه أن يثور عليه ويثأر له ويظل في صراع معه وعراك حتى يقضي الله في أمره " "
والعملية ليست عملية اقتداء بأفراد وإنما هى الاقتداء بالهدى وهو وحى الله المنزل على النبيين(ص) كما قال تعالى :
" فبهداهم اقتده"
وكرر التحدث عن دور الكبار كقدوة للصغار فقال :
"إن الخضوع والاستكانة للأحوال القاصرة والأوضاع القاهرة والاعتذار بالقضاء والقدر من شأن الأقزام والضعفاء أما المؤمن القوي فهو نفسه قضاء الله غالب وقدره الذي لا يرد ولعلنا تكلمنا في هذا المجال لأجل التحذير من أن يكون الآباء والأمهات أو المدرسون والمدرسات قدوة للأولاد والطلبة في التأثر بمسالك الآخرين وفي نقل عادات الآخرين إلى المجتمع الإسلامي إلى الأمة الإسلامية الطاهرة النظيفة هذا"
وتحدث عن وجوب تعليم الأطفال أحكام الإسلام فقال :
" ومما يجب أيضا على الآباء والأمهات وهم ينشئون أولادهم على هذا الدين الحنيف أن يعودهم في مرحلة الصغر تعظيم ما عظم الله تعالى من شعائره بحيث يلقنونهم أحكام الدين ومن ذلك تعليمهم الصلاة فإن النبي (ص)يقول " أمروهم بالصلاة لسبع اضربوهم عليها لعشر وفرقوا بينهم في المضاجع " فالنبي (ص)يأمر في هذه المرحلة المبكرة والولد عمره سبع سنوات أن يعلم الصلاة حتى ترتسم صورة الصلاة في ذهنه ويتعود على أدائها ولكن إن تهاون بها في هذه الفترة لا يعاقب حتى يصلب عوده بأن يبلغ عشر سنوات وظهر أنه يتهاون بالصلاة أدب عليها بالضرب وليس ذلك فحسب بل علينا إتباع سنة رسول الله (ص) والعمل بها"
وتحدث عن التفرقة بين الأولاد في أماكن النوم فقال :
"ونحن نرى أن الحديث الشريف يلفت التفافا وانتباهنا ويشد أعيننا إلى قضية مهمة طالما تساهل فيها الناس وهي التفريق بين الأولاد في المضاجع ففي هذه المرحلة من العمر عندما يصل أول الولد إلى عشر سنوات يفرق في المضجع ما بينه وبين أخته بحيث لا ينامان في غرفة واحدة وقد تساهل الناس في هذا الأمر فكثيرا ما يتركون أولادهم وهم في هذه المرحلة ، مرحلة المراهقة والقرب من البلوغ والقرب من استبعاد الشهوات في النفوس وتأجج الغرائز في الأجساد يتركونهم وشأنهم يبيتون معا في غرفة واحدة لا فرق بين ذكر وأنثى وأثار ذلك السلبية ظهرت وفي هذه الآثار قبل نحو عامين فإن أخا وأخته كانا في مرحلة البلوغ وهما نائمان في غرفة واحدة فلم ينتبه الأهل عليهم إلا وقد حملت البنت من أخيها ابنا فماذا عسى أن تكون حالة الأم النفسية التي تربي حفيدا لها هو من ابنها لأبنتها فإن سئلت عنه قالت هو ابن ابني وابن ابنتي إن هذه المصيبة ليست بعدها مصيبة فعلا عن الحكم الشرعي في الولد وأخته وهو أن تضرب رقابهما فالقضية مؤلمة جدا ولكن التهاون بأمور الله وبما أرشد إليه رسوله (ص)أوصى بالناس إلى مثل هذه الأمور "
وهو حديث صحيح ولكن أحيان ضيق البيوت يؤدى إلى نوم البنين والبنات معا
" وتحدث عن وجوب العدل بين الأولاد في كل شىء فقال :
هذا ومن الأمور التي تجب على الأباء في تربيتهم لأولادهم ويجب أيضا على رأي كثيرا من العلماء على الأمهات العدالة فإن العدالة مطلوبة مابين الأولاد بحيث لا يؤثر الوالد ولدا على آخر ولا يقدم ذكرا على أنثى في العطاء بل عليه أن يعدل بينهم حسب الميراث
هكذا جاءت السنة عن رسول الله (ص) " فعندما جاء إلى النبي (ص)أحدا من الصحابة وقال له إني نحلت ولدي هذا شيئا وأريدك أن تشهد على ذلك فقال له النبي (ص)أكل ولدك نحلت مثله ؟ قال لا فقال له النبي (ص)لا تشهدني على جور " فجعل ذلك من الجور فجعل ذلك من الجور "
وتحدث عن كراهية بعض الناس للبنات فقال :
"ومن أجل أن الناس كانوا في جاهليتهم يخشون من البنات ويرونهن عارا عليهم بسبب تلك الأحداث التي وقعت في الحروب الدامية بينهم فقد كانت أحيانا البنات تعرض للسبي ويعود عارهن على آبائهن لأجل ذلك انزل الله سبحانه وتعالى في كتابه ما يغسل ما علق بنفوس هؤلاء من هذا التأثر تجاه بناتهم فالله تعالى أمتن على عباده بالإناث قبل الامتنان عليهم بالذكر عندما قال عز من قائل " يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذكور أو يزوجهم ذكرانا وإناثا ويجعل من يشاء عقيما " فأهتم هنا بالإناث قبل أن يمتن بالذكور ونعى على أهل الجاهلية على الحالة التي هم فيها وعليها حينما قال" وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسودا وهو كظيم يتوارى من القوم من سوء ما بشر به أيمسكه على هون أم يدسه في التراب أساء ما يحكمون " "
وتحدث عن وجوي تزويج البنات من أفراد اصحاب دين فقال :
" وقد جاء في الأحاديث عن النبي (ص)ما يدل على أن حسن التربية للبنات إلى أن يتزوجن مما يجعل الإنسان يوقي يوم القيامة من النار ومنه حديث عائشة رضي الله عنها أن رسول الله عليه وسلم قال في حديث " من ابتلى من هذه البنات فأحسن إليهن كن له سترا من النار " متفق عليه
ومن الحديث عن النبي (ص)يقول " إذا جاءكم من ترضون دينه وعدالته فزوجوه إن لم تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير " فمن الأمور التي يجب على الأباء أن يرعوها حق رعايتها وأن يهموا بها أيما اهتمام هذا الأمر لما يؤدي إليه من الفساد إن لم يكن هنالك رعاية له وإن لم يتبع فيه ما أرشد إليه الرسول (ص) كذلك تزويج الأبناء في مرحلة مبكرة عندما يشعرون بالواجب تجاه هذا الأمر وهو ارتباط مصيرهم بمصير زوجاتهم وارتباط مصيرهن بمصيرهم مما يجب لأجله المسارعة على الفساد فكثيرا ما يقع الأولاد في الفساد ، وكثيرا ما تقع الفتيات أيضا في الفساد نتيجة تأخير الزواج وهذا أمر لمسته بنفس نتيجية الإتصالات الهاتفية التي أطلقت بسببها على الكثير من المخازي من جراء استهانة الآباء بهذا الأمر "
وتحدث عن حالة الترف التى يعيش بعض الناس وانها تجر للكفر دوما فقال :
"لم يذكر الله تعالى الترف إلا مقرونا بالشر فإنه عندما ذكر الله تعالى عذاب الأخرة قرنه بالترف في قوله بعد ما ذكر أصحاب الشمال ( أنهم كانوا قبل ذلك مترفين ) وذكر أيضا عذاب الدنيا وقرنه بالترف عندما قال " وكم قصمنا من قرية كانت ظالمة وأنشأنا بعدها قوما آخرين فلما أحسسوا بأسنا إذا هم منها يركضون لا تركضوا وأرجعوا إلى ما أترفتم فيه ومساكنكم وقال " حتى إذا أخذنا مترفيهم بالعذاب إذا هم يجأرون " وذكر الله سبحانه وتعالى شيوع العذاب بحيث يعم البريء وغيرهم وذكر أن منشأة المترفين فقد قال اله تعالى " وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فحق عليها القول فدمرناها تدميرا " وذكر تكذيب المرسلين فبين أنه كثيرا ما ينشأ عن الترف
من مساوي الترف
من ذلك قوله سبحانه " وقال الملأ من قومه الذين كفروا وكذبوا بلقاء الآخرة وأثرفناهم في الحياة الدنيا ما هذا إلا بشرا مثلكم يأكل مما تأكلون منه ويشرب مما تشربون " وقال عزوجل " وكذلك ما أرسلنا في قرية من نذير إلا قال مترفوها إنا بما أرسلتم به كافرون " وذكر معارضة المصلحين الذين يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر فبين أنها أيضا ينشأ عن الترف وتصدر عن المترفين عندما قال " فلولا كان من القرون من قبلكم أولو بقية يذهبون عن الفساد في الأرض لإلا قليل فمن أنجينا منهم واتبع الذين ظلموا ما أترفوا فيه وكانوا مجرمين " فإذن الترف هو مصدر البلاء على الناس ولذلك عندما فتح المسلمون بلاد الفرس كان من نصيحة عمر بن الخطاب لهم أن يبتعدوا كل البعد عن الترف وعن التأثر فيما كان عليه الفرس من قبل "
وحكى الرجل حكاية تبين أن المسلمين الأوائل كانت مهمتهم اخراج الناس من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد فقال :
"كلمة قالها أحد القادة الإسلاميين في عهد الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه عندما كان المسلمون يكتسحون الممالك الكسراوية الفارسية قال هذه الكلمة لرستم القائد الفارسي وهو ربيعي بن عامر رضي الله عنه عندما قالله رستم مالذي جاء بكم فرد عليه بقوله إن الله قد ابتعثنا لنخرج من شاء من عباده العباد إلى عبادة الله ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام ومن ضيق الدنيا إلى سعتها وفي رواية أخرى ومن ضيق الدنيا إلى سعة الآخرة
وكانت المحاضرة بأسرها تدور حول قوله " إن الله قد ابتعثنا لنخرج من شاء من عباده العباد إلى عبادة الله " فإن من المعلوم أمن أولئك الفرس الذين وقعوا تحت نير الجبارين من الأكاسرة كانوا يجلون أولئك ويعظموهم ويقدسونهم ويعظمونهم تعظيما لا يليق إلا بمقام الألوهية ولا أعجب أيضا من قوله ( من جور الأديان إلى عدل الإسلام ) فإن والحديث عن النبي صلى اله عليه وسلم يقول " موضع صوت أحدكم من الجنة خير من الدنيا وما فيها" فلا يستغرب أن يقول ربيعي بن عامر مثل هذا ولكن كيف يقول له " من ضيق الدنيا إلى سعتها مع أن أولئك العرب الفاتحين الأولين جاءوا من هذه الجزيرة العربية القاحلة الجرداء في وقت لم يكن فيه يتدفق شيئا من النفط يتفيأون ظلال هذا النعيم الذي يتفيأونه الآن في ذلك الوقت إنما كان العربي يخرج من جزيرة العرب إلا ماشيا على قدميه حافيتين وربما راكب على ظهر ناقته ليقطع هذه المسافات الطويلة تحت لفح الشمس اللاهب وقال هذه الكلمة لو وضعت على البحر لتبخر ولو وضعت على الجبال لدكت قال نعم إن ربعي بن عامر ما كان ينظر إلى ما كان عليه الفرس من النعيم والترف إلا نظرة التقزز والاستهزاء ولم يجلب لسان ولم يسل لعابه على ما يشاهد من نظرة الحضارة عندما جاء إلى رستم ووجد الكراسي الذهبيه مصفقة وقد فرش رستم ببساطة الذهبي المحلى بالأحجار الكريمة وصففت النمارق فما كان من ربعي بن عامر إلا أن جاء وربط جواده ببعض تلك النمارق ثم جلس بجنب رستم وعندما سأله رستم ما لذي جاء بكم ؟ رد عليه بهذا الرد فلم يتجلب لسانه ولم يسيل لعابه على ما شاهد قال بأنه كان ينظر إلى رستم وإلى من حول رستم كما ينظر أحدنا إلى الكلب المربوط بالسلسلة الذهبية الذي يأكل في آنية الذهب والفضة
ومع ذلك كان لا يمكنه أن يأكل أو يشرب إلا مع أغنية وقال إن العرب الذين خرجوا من الجزيرة العربية كان أحدهم يشرب الماء يكفيه ويأكل وهو على ظهر جواده أو ظهر راحلته ويطوي هذه المسافات تحت لفح الشمس من غير أن يجد ظلا كان هو المتحرر من أمثال هذه الأشياء فهو جدير بأن ينقل هذه السعة التي فيها وعليها هؤلاء الفرس "
وتحدث عن انحراف الناس عن الإسلام فيما بعد حيث عادوا لعبادة العباد فقال :
"ولكن بعد ذلك تساءل هل المحاضر هل ثبتت العرب على مثل هذه الحالة وهل المسلمون الآن على ما كان عليه سلهم وجه السؤال إلى ما كان حضر هذه المحاضرة من رجال الدولة ومن رجال التربية وغيرهم وقال منكر اليوم يستطيع أن يقف أمام أوروبي أو قام أمريكي ليقول له ( إن الله قد ابتعثنا لنخرجكم من الضيق الذي أنتم عليه إلى السعة التي نحن فيها مع أن كل واحد منكم يحرص كل الحرص أن يجمع أنماطا من حياة الترف بحيث لا يدخر وسعا في تعويد نفسه وتربية أولاده على مظاهر الترف في الحياة الدنيا فعندما يسمع عن نوع جديد من السيارات يذهب إلى البنوك ليقترض القروض الربوية من أجل توفير سيارة ضخمة من هذا الطراز الجديد المستورد وكذلك يحرص على أن يبني بيته بتصميم من التصميمات المستخدمة الجديدة وأن يزوده بأحسن الأثاث ولا يبالي بعد ذلك أن تتراكم القروض الربوية وتتراكم الديون على عنقه وتنمو هذه الديون بطريقة ربوية شيئا فشيئا قال إذن لا يوجد الآن من يستطيع أن يتحدى أمة الكفر يقف أمامهم ويقول هذه الكلمة ( إن الله قد ابتعثنا لنخرجكم من الضيق الذي أنتم فيه وعليه إلى السعة التي نحن فيها "