قراءة نقدية لكتاب تجديد الخطاب السلفي

رضا البطاوى

كاتب جيد جدا
قراءة نقدية لكتاب تجديد الخطاب السلفي
مؤلف الكتاب أحمد بن عبد الرحمن القاضي وقد استهل الرجل مقدمة كتابه بكلمة تنقض العنوان فقال:
"فليس ثم شك أنه لن يصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولها، وأن طريقة أهل السنة والجماعة؛ في الاعتقاد، والعمل، والسلوك، والأخلاق، هي الطريقة المثلى، المطابقة لما كان عليه النبي (ص) وأصحابه، وأن اتباع آثار السابقين الأولين من الصحابة، والتابعين، والسلف الصالحين، هو المنهج الرشيد، والمسلك السديد، الموصل إلى النصر، والتمكين، في الدنيا، والنجاة، والفلاح، في الآخرة"
الرجل فى مقدمته ينسف كلمة التجديد بقوله" فليس ثم شك أنه لن يصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولها"
فالصلاح له سبيل واحد للأولين والأخرين فأين التجديد ؟
وزكى الرجل منهج السلف متناسيا قوله تعالى" فلا تزكوا أنفسكم " فقال:
"ويمثل المنهج السلفي، منهج النقاء العقدي، والعملي، للمنتسبين إلى الإسلام ولا ريب أن الانتساب إلى الإسلام، والتسمي به كاف في وصف العبودية التي لأجلها خلق الله الإنس والجن، كما قال تعالى: (ملة أبيكم إبراهيم هو سماكم المسلمين من قبل)"
وقطعا لا يوجد ما يسمى مذهب السلف أو منهجهم فى الإسلام فالموجود هو المنزل الموحى من الله كما قال تعالى:
" اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم"
ومدح الرجل أهل السنة فقال :
"ولكن الأمر كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية (لما أخبر النبي (ص) أن أمته ستفترق على ثلاث وسبعين فرقة؛ كلها في النار؛ إلا واحدة، وهي الجماعة وفي حديث عنه أنه قال: "هم من كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي"، صار المتمسكون بالإسلام المحض، الخالص عن الشوب هم أهل السنة والجماعة) [الواسطية]"
وفى الإسلام لا يوجد أهل سنة ولا شيعة ولا إباضية ولا غيرهم فالموجود هو المسلمون كما تقول الآية التى استشهد به من قبل" ملة أبيكم إبراهيم هو سماكم المسلمين من قبل"
ومن ثم فالتسميات لا أصل لها فى كتاب الله ولا حتى فى الروايات ولا يفد رأى عالم على إيجاد رواية تقول ان الرسول(ص) سمى الفرقة الناجية باسم أهل السنة أو الشيعة أو غيرهم والرواية الوحيدة التى وجدتها رواية موضوعة منكرة والذين أنكروها وانتقدوها هم أهل السنة أنفسهم من خلال أهل الحديث منهم
وكعادة المذهبيين يعدد الرجل أصول مذهبه فيقول:
"والخصائص الجامعة لأهل السنة والجماعة، واضحة، بينة، والعلامات الفارقة للسلفيين عن غيرهم من الفرق المنحرفة، ظاهرة، شهيرة وأبرزها أصلان عظيمان:
1 - التوحيد الخالص لله رب العالمين، بأنواعه الثلاثة؛ الربوبية، والألوهية، والأسماء والصفات
2 - الاتباع الصحيح لسنة خاتم النبيين، والعناية بها رواية، ودراية، ولذلك سموا: (أهل الحديث) و (أهل الأثر) فمن التزم بهذين الأصلين، وبرئ من طرائق المبتدعة؛ من خوارج، وقدرية، ومرجئة، وجهمية، ومعتزلة، وصوفية، وضم إلى ذلك صالح الأعمال، ومكارم الأخلاق، استحق وصف (السلفية) والملتزمون بهذين الأصلين العظيمين، وتوابعهما، جمع كثير في الأمة، أوسع مما قد يتوهمه بعض الناس لمفهوم السلفية، على تفاوت في الأخذ بهما، كما هي سنة الله في عباده المصطفين: (ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله ذلك هو الفضل الكبير) "
الغريب فيما سبق هو أن ما قاله يستبعد تماما كتاب الله الذى هو أصل الإسلام فبدلا من أن يقول حتى الأصل الأول الايمان بكتاب الله جاء باختراع فقهى هو التوحيد بأقسامه التى اخترعها الفقهاء
وتحدث عما سماه البعض الصحوة السلفية فقال :
"وقد جرى في مطلع هذا القرن الخامس عشر الهجري، انتعاش، وإحياء، للمنهج السلفي، بعد عقود من الوهن، والضمور، وبلغ مواطن من العالم الإسلامي لم يبلغها من قبل، واكتسح معاقل عريقة للبدعة، والخرافة، والكلام المذموم وحصل تنوير غير مسبوق، في الأوساط العلمية، والشعبية، وتمحور حول المرجعيات السلفية المعتبرة، وتراجع للمرجعيات البدعية، والطرقية، والكلامية "
وانتقد الرجل الجماعات السلفية مبينا أن تحزبوا وانقسموا فقال :
"ولكن سرعان ما دب في الأوساط السلفية الواعدة، داء الأمم قبلهم؛ من الاختلاف، والنزاع، والانقسامات المتلاحقة، أفسد سرائر العاملين، وأطفأ ألق النقاء، وكدر الصفاء، الذي كانت الأمة ترمقه، وتعلق عليه آمالها فلا تكاد تحل بلدا من بلدان المسلمين، اليوم، بل ولا تجمعا من تجمعات أقلياتهم في الخارج، حتى تجد تحزبا، وانقساما، وفرقة، بين المنتسبين للسلفية، بصورة أشد عنفا، ومقتا، وتشظيا، من الطرائق الأخرى ولا حول ولا قوة إلا بالله "
وأرجع القاضى هذا الانقسام إلى غير طبيعة المنهج السلفى فقال :
"وربما تساءل بعض المراقبين: هل طبيعة المنهج تستدعي ذلك؟ هل الولع العلمي يستلزم هذه الانشطارات؟ هل عقيدة الولاء، والبراء، ونبذ الابتداع يفرض هذه الممارسات؟ والجواب: قطعا لا! وحاشا، وكلا! فمقاصد الشريعة، كما سلف، تدعو، وتؤسس، وتربي، على الوحدة والائتلاف، وتنبذ الفرقة والاختلاف"
وانتقد القاضى الانقسام وأرجع أسبابه للتالى:
"إذا! من أين أتينا؟ لا شك أن ثمة (حزمة) من الأسباب المشاركة في تشكيل هذه الوضعية الشاذة، من أهمها:
1 - قصور العلم، وترؤس أنصاف الفقهاء
2 - قصور العقل، وتصدر حدثاء الأسنان
3 - حظوظ النفس، وتنامي الأثرة، والحسد
4 - الظلم والبغي، وحصول العدوان"
إذا سبب الانقسام هو بعض السلفيين ولكنه يؤكد على وجود سلفيين أنقياء فيقول:
"والواقع القريب، يشهد بوجود قيادات سلفية، تقية، نقية، عاقلة، واعية، أدارت دفة
الدعوة السلفية بمهارة، واعتدال، وتحاشت كثيرا من مزالق الفتن، ومسائل الشغب
ولا أرى من المفيد، الخوض في التجارب السلبية، وتوسيع رقعة السواد، بالقيل والقال، والتلاوم، فضلا عن التنابز، وتسقط الزلات"
ودعا الرجل السلفيين إلى نبذ الخلاف والانقسام فقال :
"بل ثم حاجة ماسة إلى أن يتداعى السلفيون، على وجه البسيطة، إلى كلمة سواء، وأن يتعاونوا على البر والتقوى، وأن يجتمعوا على المحكمات، ويدعوا المتشابهات، وأن يطرحوا الفرقة، وينبذوا الخلاف، ويتسامحوا، ويتغافروا، ويعفوا، ويصفحوا، ويضعوا نصب أعينهم قوله تعالى: (شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه) "
وقد غاب عن القاضى أن المنهج السلفى هو منهج بشرى لأنه ليس منسوب إلى صاحب الدين وهو الله ولكنه منسوب لبشر هم السلف والغريب أن كتب السلف طافحة بالاختلافات بينهم فى معظم مسائل الدين تقريبا ومن هنا انقسموا لمذاهب مختلفة شافعية ومالكية وحنفية وحنبلية وظاهرية وغير هذا ومن ثم فالكلام عن وحدة المنهج السلفى ليست صحيحة فدين الله واحد لا يوجد فيه سوى حكم واحد لكل مسألة ولكن السلف اختلفوا فى كل شىء تقريبا
وحدثنا عن تجديد الخطاب السلفى معترفا بوجود خلافات وأخطاء علمية فقال:
"لابد من تجديد الخطاب السلفي، الذي يحافظ على أصالة المنهج، ويواجه المستجدات، ويتخلص من الآفات وهذا التجديد، ضرورة ملحة، وإلا بقينا نتردى في مهاوي الخلافات، ونجتر مسائل، وأغلوطات، أفرزتها حالة معينة، أو نتجت عن خطأ بشري، لا يجوز أن تبقى الأجيال مرتهنة لها، أو ممتحنة به، فقد خلقنا الله أحرارا، لا نعبد سواه، ولا نتبع غير نبيه ومصطفاه فقد يجد بعض الناس تناقضا بين مدلولي (التجديد) و (السلفية)؛ باعتبار الثاني يدل على القدم المنافي للجديد! والأمر ليس كذلك فالتجديد الذي ننشده ليس انقلابا، أو تغييرا للثوابت، بل هو نوع من إعادة تفعيلها، لتؤدي دورها، وتقتضي آثارها، في الواقع ذلك أن (الجمود) والتشبث برسوم محلية، اقتضتها مرحلة زمنية معينة، يعطل أداء النص، ويحجر على العقل أن يعمله في النوازل، والمستجدات ولهذا صار يعتور الأمر محذوران: أحدهما: الوقوع في أسر الجمود بدعوى المحافظة، والتمسك بالسنة، واتباع السلف والثاني: الانفلات، والتمرد على النقل، وتسييد العقل، بدعوى التجديد فلا بد من ضبط المعادلة، بما يحقق المصالح، ويدرأ المفاسد"
ونلاحظ هنا أن الرجل يبين تنافى التجديد واسم السلفية ومن ثم فهو يحاول خداع نفسه بالقول أن التجديد ليس إلا اعادة تفعيل الثوابت
الأغرب هو مطالبته بالعودة للخطاب القرآنى النبوى وكأن خطابات السلف لم تكن نابعة منه وفى هذا قال مبينا فوائد ذلك:
"حين نتقدم إلى المسلمين خاصة، وإلى الناس كافة، بدعوتنا، لا بد أن نصوغ خطابا يجمع عناصر القبول المختلفة، التي حواها الخطاب القرآني، النبوي، واستعمله المجددون الموفقون من سلف هذه الأمة وإن من شأن هذا الخطاب، إذا اتضحت معالمه، واستبانت مقاصده، أن يثمر ثمرات عظيمة، من أهمها:
1 - وحدة المسلمين، لاجتماع دعاتهم على كلمة سواء
2 - انتشار الإسلام، لكونه يرد الروح إلى الدعوة، ويخلصها من آفاتها المتراكمة، فتعود غضة، طرية، ذات ألق، ووهج، وجاذبية، كما كانت أول مرة"
وهذا الكلام هو اعتراف بأن منهج السلف لم يكن متبعا لخطاب القرآن ومن ثم يجب تعديله وعدد القاضى سمات الخطاب السلفى المتجدد وهو كلام غريب أن يدع القوم اسم الدين فيقول المنهج الإسلامى أو المنهج الإلهى المنزل على النبى(ص) إلى تسمية لم ترد لا فى القرآن ولا فى الروايات حتى وهى تسمية السلفية
والسمات هى:
و"من أبرز السمات التي يجب أن يتسم بها الخطاب السلفي المتجدد، ويتشربه الناطقون به، على اختلاف مواقعهم، وتخصصاتهم:
أولا: الاعتصام بالكتاب والسنة
إن كثيرا من البلى، والآفات في الخطاب الدعوي ناشئة عن البعد فهم مراد الله ورسوله، والاحتفاء بأقوال الرجال، والوقوع في أسر التعصب، من حيث يشعر صاحبه، أو لا يشعر وربما جرى ذلك لبعض من يعيب التقليد، ويذم التعصب، فيقع له شيء من ذلك في حق من يجله، ويعظمه، من المتبوعين الثقات، ويغفل عن كونهم غير معصومين إننا بحاجة ماسة إلى صلة حميمة، وعلاقة لصيقة، وثقة مطلقة بالنص، والدليل، تجعلنا نستهدي به، ونقبس من ضوئه مباشرة، فلا تعشوا أبصارنا أقوال الرجال، وإن عظم مقدارهم، بجنب كلام الله، وكلام نبيه (ص) (قل إن ضللت فإنما أضل على نفسي وإن اهتديت فبما يوحي إلي ربي) وفي الحديث الإلهي: (يا عبادى كلكم ضال إلا من هديته فاستهدونى أهدكم) رواه مسلم
إن من ضرورات صياغة الخطاب السلفي المتجدد، أن يبنى على النص، والدليل، رسما، ومعنى فيستمد تصوراته، وأحكامه من هدي الوحي المعصوم، ..إن للنص سلطانا، وتأثيرا، في القلوب، والمسامع، لا تبلغه فصاحة فصيح، ولا تنظير متكلم فلا بد للخطاب السلفي المعاصر أن يأوي على ركن شديد، فذاك سر قوته، وغلبته، واكتساحه لكافة الطروحات الهزيلة فعلى الدعاة على الله، أن يعتصموا بالوحي المعصوم، ويبتعدوا عن جميع صور الاستزلال، والتأويل، والتجهيل، التي يمارسها دعاة العقلنة، والعصرنة، الذين ينزعون إلى (بشرنة) الدين، ونزع ميزة (الربانية) من خطابه، وهدايته قال - صلى الله عليه وسلم-: (تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به كتاب الله) رواه مسلم، وفي بلاغات مالك، في الموطأ: (وسنة نبيه)"
هنا الرجل كلامه صحيح فهو يدعو الدعاة للتمسك بنصوص الوحى وليس أٌقوال السلف والاعتماد عليها فى خطاب الناس مع أنه هنا ينقل عن ابن تيمية كثيرا والمفروض طبقا للسمة ألأولى أن يتخلى عن كلام السلف عائدا إلى كلام الله كما قال
والسمة الثانية التى طالب بها هى الوضوح فقال :
"ثانيا: الوضوح
إن من أبرز أوصاف القرآن أنه (بيان) و (تبيان) و (مبين)، كما نطقت بذلك آيات كثر:
- كقوله تعالى: (هذا بيان للناس وهدى وموعظة للمتقين)
- وقوله: (ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين) - وقوله: (قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه ويهديهم إلى صراط مستقيم)
وتأمل كيف يرتب الله الهدى في كل من هذه الآيات الثلاث على البيان!
إن ذلك يدل دلالة جلية على أن الخطاب الدعوي، يجب أن يتسم بالوضوح، ويجتنب التلبيس، والإجمال، والإبهام إن مقام الإيمان، والتوحيد العبادة، لا يحتمل باطنية الخطاب الصوفي، ولا غموض الخطاب الفلسفي ولا تعقيد الخطاب الكلامي لا بد أن يمتح الخطاب السلفي المعاصر من بيان القرآن، ويرتشف وضوح السنة حين قرظ سعد زغلول، كتاب (وحي القلم) لمصطفى صادق الرافعي صاحب (الجملة القرآنية)، وصفه بأنه: (تنزيل من التنزيل، أو قبس من نور الذكر الحكيم)وهكذا ينبغي أن تكون لغة الدعاة؛ فلا يستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير، ولا يستعيضون عن بيان القرآن، ووضوح السنة، بأنماط من الأساليب المولدة، الرمزية، الغامضة، يجارون بها بلدييهم، أو معاصريهم، معتقدين بذلك أنهم يمارسون (تجديدا) في الأداء، أو يحدثون القوم بما يعرفون، كلا! إنهم، في الحقيقة، ينخلعون من ثوب قشيب، ويلتفعون بمرط تنكري غريب ولو ساغ ذلك في بعض أبواب الشعر، الأدب، لما ساغ في أبواب الاعتقاد، والعبادة، والعمل"
ونحن معه فى وجوب وضوح الخطاب ولكننا لسنا معه فى الاستشهاد على ذلك بكتاب وحى القلم وكلمة سعد التى تعتبر كفرا" تنزيل من التنزيل"فوحى القلم ككتاب ليس وحيا منزلا وبه أخطاء كثيرة جدا ومخالفات لكتاب الله
وحدثنا عن العدل كسمة ثالثة وهو أمر غريب لأن السمة الأولى وهو العودة لنصوص الوحى تتضمن كل السمات بعدها فنصوص الوحى هى العدل كما قال تعالى" وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا" وفى العدل قال :
ثالثا: العدل
العدل (قيمة) و (خلق) لأهل الإسلام قيمة؛ من حيث هو، وخلق من حيث التطبيق؛ في القول، والعمل، والحكم قال تعالى: (إن الله يامر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون) وقال: (وإذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربى) وقال: (ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى) وقال: (وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل)
لا بد أن يتحلى الخطاب السلفي المعاصر بالعدل، والإنصاف، ويتحاشى جميع صور الحيف، والظلم ومن العدل أن يعترف لأهل الفضل بفضلهم، ويثني بالخير على باذليه، دون أن يكون ذلك منافيا للشهادة لله، والقيام بالقسط، أو القيام لله، والشهادة بالقسط، كما قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين) وقال: (يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط) "
وانتقد القاضى الخطاب السلفى الحالى لأنه يظلم الأخرين فقال:
"يجنح الخطاب السلفي، في كثير من بياناته، ونقده للمخالفين، بسبب حماسه للحق، إلى نوع من الظلم، والإجحاف، وإهدار فضائل الآخرين وليس ذلك من أصل المنهج.. وقد جرى في مطاوي التاريخ العقدي شيء من ذلك، ويجري الآن بين الجماعات المنتسبة إلى أهل السنة عموما أكثر من ذلك، بل ويجري بين الجماعات المنتمية إلى السلفية أكثر من ذلك! وما ذاك إلا لغياب عنصر (العدل)، ودخول الهوى، والمواقف الشخصية في الميزان، أو مقابلة الخطأ بخطأ مثله، وقد قال نبي الله شعيب، (ص): (وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب) "
وبين القاضى بعض أشكال ظلم الخطاب السلفى الحالى فقال:
"ومن صور الظلم المنافي للعدل، الجاري على بعض ألسنة المتحدثين، أو الكاتبين:
1 - بخس الناس حقوقهم: فيقول عن عالم ما، إنه لم يأت بجديد! وربما كان من كبار المحدثين! أو عن طائفة ما: إنها أفسدت الدين! وربما كانوا من عظماء الفاتحين، أو عن جماعة ما: ما صنعت للإسلام شيئا! وربما كانت من أبلغ الدعوات تأثيرا، وإنتاجا، ولو مع شائبة وكان يسعه أن يقول في هذا، وذاك، وتلك: فيه تفصيل
2 - التسوية بين المختلفات: بأن يحشد المخالفين في خندق واحد، ويصمهم بتهمة سواء! كأن يقول عن فرقة ما: إنهم أضر على الإسلام من اليهود، والنصارى، والمشركين! "
ويدعو الرجل دعاة الخطاب السلفى للانصاف مع المخالفين فيقول:
لا بد للخطاب السلفي من التجرد للحق، وقول الحق، والحكم على الذوات، والأحداث، بالحق ولا بد أن يكف بعض دعاة السلفية عن إهدار حقوق مخالفيهم، والضرب على فضائلهم، ومنجزاتهم لا بد أن نقول للمحسن: أحسنت، وللمسيء أسأت ولا يمنعنا ذلك أن نقول للمحسن: أحسنت في كذا، وأسأت في كذا، وللمسيء: أسأت في كذا، وأحسنت في كذا فذلك أدعى أن يقبل منا ...ومن تتبع أقوال شيخ الإسلام ابن تيمية وحكمه على كثير ممن حاد عن السنة المحضة؛ من أهل الأهواء، والبدع، على اختلاف مراتبهم؛ من أمراء، وعلماء،ومصنفين، وجد ميزانا عادلا.."
وأما الصفة الرابعة التى يطالب بها السلفية فهى الرحمة والمراد اللين فى القول والمعاملة فيقول:
"رابعا: الرحمة
وصف الله إرسال نبيه (ص) بالرحمة:فقال: (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين) وقال (ص): (إني لم أبعث لعانا، وإنما بعثت رحمة) [انفرد بإخراجه مسلم]
قال ابن كثير (أي: أرسله رحمة لهم كلهم، فمن قبل هذه الرحمة، وشكر هذه النعمة، سعد في الدنيا، والآخرة، ومن ردها، وجحدها، خسر في الدنيا والآخرة) [تفسير القرآن العظيم]
وبناء على هذا الأصل الأصيل، فلا بد أن يصطبغ الخطاب السلفي بصبغة الرفق، وأن تسكنه الرحمة، وأن يشعر المخاطبين بروح النصح، والشفقة، وينأى عن الشدة، والغلظة وهكذا كان خلقه (ص)قال تعالى: (فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر) وبهذا وصى؛ فعن عائشة : قالت: استاذن رهط من اليهود على النبي (ص)فقالوا: السام عليك فقلت: بل عليكم السام، واللعنة فقال: (يا عائشة! إن الله رفيق، يحب الرفق في الأمر كله)قلت: أولم تسمع ما قالوا؟قال: (قلت: وعليكم) [متفق عليه]وفي رواية: (ويعطى على الرفق ما لا يعطى على العنف وما لا يعطى على ما سواه)
فيجب أن يراعي الخطاب المعاصر استعمال الرفق (في الأمر كله)؛ في القول، والفعل، مع النفس، ومع الآخرين، مع كافة المدعوين؛ من المؤمنين، والمبتدعة، والكفار، إلا أن يكونوا محاربين، أو متمحضين لبدعتهم، لقوله تعالى في صفة الصحابة: (أشداء على الكفار رحماء بينهم) وتلك قضية يدل عليها العقل، كما يدل عليها النقل؛ إذ لا يمكن القبول من غليظ، معنف ويلاحظ كثيرا على الخطاب السلفي المعاصر نوع شدة، ..وربما حصل تشنيع زائد، لأسباب وقتية، تقدر بقدرها، وتقرأ في سياقها، كما وقع من السجزي في رده على الأشاعرة وهذا تفسير، لا تبرير، فخير الهدي هدي محمد (ص) فهو الإنسان الكامل، والمعيار المعصوم "
والخطأ هنا هو عصمة النبى(ص) فلا عصمة لأحد من الذنوب ونصص الوحى التى طالب الرجل الالتزام بها كررت وقوع النبى(ص) فى الذنوب فقالت" واستغفر لذنبك" وقالت" " إنا فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تاخر" وعصمة النبى(ص) الثابتة بالقرآن هى عصمته أى حمايته من الناس بقوله تعالى" والله يعصمك من الناس"
وتحدث عن أن الدعاة السلفيين المتشددين ذوو فظاظة تتنافى مع كلام الله وأن من اتبع الرفق منهم وجد انتشار دعوى له فقال :
"وقد آل الحال لدى بعض السلفيين المعاصرين إلى فضاضة شديدة، في تعامله مع من يراهم حائدين عن منهج السلف، فاستعمل أقذع السباب، وكال أشد التهم، ..وقد أثبت التاريخ، والواقع، أن الله كتب القبول لذوي الرفق، واللطف، والتودد ...كما أن من اعتبر بسيرة بعض أهل العنف، والجفاء، وجد أنهم أفسدوا مشروعهم العلمي، والإصلاحي، بافتعال الشغب، والتحريش بين الناس، باسم الجرح، والتعديل، وتنزيل طريقة السلف في معاملة المبتدع تنزيلا غير حكيم .."
والسمة الخامسة التى قال بها سماها الشمول فقال :
"خامسا: السعة والشمول
لا بد أن يكون الخطاب بحجم المشروع دين الإسلام مشروع الحياة الدنيا، المستوعب لكافة مناشطها، المنتظم لجميع تفاصيلها قال تعالى: (قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين) ورسالة نبينا محمد (ص)لجميع الناس، قال تعالى: (قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا) وقال: (وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيرا ونذيرا) وقال: (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين) "
وبين الرجل أن من الخطأ تناول جزء أو أجزاء فقط من الإسلام فقال :
فلا يصح، بحال، اختزال هذا الخطاب، ليكون مشروعا علميا؛ فقهيا، أو حديثيا، أو أصوليا، وحسب، ولا أن يستحيل خطة إصلاح أسري، مجتمعي، فقط، ولا أن يصاغ مرافعة حقوقية، وبرنامجا سياسيا، وكفى، فضلا عن أن يقصر على التهذيب الروحي، والسلوك الشخصي إنه كل ذلك!
لا بد من التفريق بين (التخصص) الشخصي لفرد ما، ومضمون الدعوة التي ينخرط فيها ذلك الفرد لا حرج أن يشتغل عالم، أو فقيه، أو مرب، أو مصلح اجتماعي، فيما فتح له فيه من أنواع التخصصات كما لا يصح اختزال هذا المشروع، في خطاب حزبي لـ (جماعة)، أو بيان مناقبي لـ (طريقة)، أو تقريظ متعصب لـ (مذهب)، ولا أن يحمل الكافة على نسق واحد، ويساقون في سياق واحد، ويصبون في قالب واحد، ويستنسخون من شخصية واحدة، يعتريها القصور والتقصير"
وبين أن سبب نفور الناس من الكثير من دعاة السلفية ه اقتصارهم على بعض موضوعات الإسلام كاللحية واللباس فقال :
"وربما وقع من بعض الدعاة ضيق أفق، فقصروا مفهوم السلفية على بعض الممارسات، والأعمال التي هي منها، وليست كلها، وفاصلوا عليه، ووالوا، وعادوا، وأحبوا، وأبغضوا، فضيقوا واسعا وربما وقع من بعض الدعاة ضيق عطن، فلم يحتملوا المخالف، دون تمييز بين درجات المخالفة، وضاقوا به ذرعا، وطلبوا مواصفات دقيقة، ربما كان مبناها على الذوق، والمزاج، أكثر من العدل، والإحسان..."
وبين أن الجماعات السلفية بعضها يصد الناس عن الإسلام فحكلا الحكاية التالية"
"حدثت عن رجل استرالي، قصد أحد بلاد المسلمين، ليعتنق الإسلام، فتنازعته جماعتان؛ شافعية، وأحناف، كلتاهما تلح عليه أن يكون على مذهبها! ولا تعليق "
كما بين أن الجماعات السلفية الحزبية تقوم هى الأخرى لاتباع منهج حزبى خاص بها وليس منج الإسلام فقال:
"تتصدى جماعة إسلامية، مجاهدة، لقضية من قضايا المسلمين الكبرى، التي تهم عامتهم، وخاصتهم، فلا تكاد تتخلص من الخطاب الحزبي الخاص، في أدبياتها، وبياناتها، وبرامجها، فضلا عن تشكيلاتها،وقياداتها، مما يسلبها كثيرا من الامتداد، والقبول
ينشطر كثير من المنتسبين للتيار السلفي، في مناطق كثيرة، إلى شطرين متناحرين، وربما أكثر، تبعا لفلان، أو علان، أو اتباعا لبعض المتشابه من المسائل المحدثات، وينسون ما تلقوه من الأصول السلفية العظيمة؛ في توحيد القصد، وتوحيد الاتباع..."
وأما السمة السادسة فهى الاجتماع وفيها قال :
"سادسا: الائتلاف، والاجتماع
من أصول أهل السنة والجماعة، الدعوة إلى الوحدة، والائتلاف، ونبذ الفرقة، والاختلاف وقد جاء بذلك ناطق الكتاب، وصحيح السنة:
- قال تعالى: (واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا)ثم أردفه بقوله: (ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم)
- وقال: (شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه)
- وقال نبيه (ص): (لا تباغضوا، ولا تحاسدوا، ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخوانا، ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال) متفق عليه وأمثال هذه النصوص كثير
وتأسيسا على هذه الأصول، وسعيا نحو هذه المقاصد، لا بد أن يكون الخطاب السلفي التجديدي، مسكونا بروح الوحدة، والتأليف، بريئا من لوثة الفرقة، والتحزيب فلا بد أن ينعتق دعاة السلفية من كل ولاء، وانتماء، يتنافى مع الولاء لله، ولرسوله،وللمؤمنين قال تعالى: (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون) "
وبين أن المذهب السلفى كان قائما على طاة ولاة الأمور سواء أبرار أو فجار فقال :
"لقد كان مذهب أهل السنة والجماعة مستقرا على طاعة ولاة الأمر؛ أبرارا، كانوا أم فجارا، وعلى ترك الخروج على السلاطين، والسمع، والطاعة بالمعروف، والصبر على جور الولاة، حقنا للدماء، وتسكينا للدهماء والتزم أهل السنة، من بعد فتنة ابن الأشعث، بهذا المبدأ الصارم، وأثبتوه في متونهم العقدية، واعتصموا بوصية النبي (ص): (وأن لا ننازع الأمر أهله، إلا أن تروا كفرا بواحا، عندكم من الله فيه برهان) متفق عليه
وحين انفرط نظام الخلافة الإسلامية الشاملة، وتكونت الدول المدنية الحديثة، اختلط الأمر، وصار الدعاة في حيص بيص، مع أنفسهم، ومع الأنظمة الحاكمة، بسبب الاختلاف في تكييف الأوضاع الجديدة فنشأت خصومة، وقطيعة بين (الإسلاميين) والأنظمة، من جهة، وبين التوجهات الإسلامية، من جهة أخرى وأعقب ذلك قلاقل، وفتن، وضعف، وفشل، واحتراب داخلي، استنفذ الطاقات، والتهم المقدرات قال تعالى: (ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم) وتكونت (أدبيات) مشحونة، متوترة، في الخطاب الدعوي، سواء مع الأنظمة، أو مع المخالفين من الدعاة ولا زالت الأمة تجتر هذه الويلات، وتهدر الأرواح، والطاقات، ويغذي ذلك أطراف خارجية متربصة، وجهات داخلية مندسة
لابد من الخروج من (عنق الزجاجة)، والتخلص من هذه الدوامة التي تلف في إعصارها كثيرا من شباب الأمة، وعلماءها أحيانا ولا ريب أن الاتجاه السلفي جزء في هذه المعضلة، يشارك بعض أفراده في تعقيدها، من حيث يشعر، أو لا يشعر قال شيخ الإسلام، ابن تيمية
(قال (ص) في الحديث المشهور في السنن، من رواية فقيهي الصحابة: عبد الله بن مسعود، وزيد بن ثابت: " ثلاث لا يغل عليهن قلب مسلم إخلاص العمل لله، ومناصحة ولاة الأمر، ولزوم جماعة المسلمين؛ فإن دعوتهم تحيط من ورائهم" وفي حديث أبي هريرة المحفوظ: "إن الله يرضى لكم ثلاثا: أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا، وأن تعتصموا بحبل الله جميعا، ولا تفرقوا، وأن تناصحوا من ولاه الله أمركم"
فقد جمع في هذه الأحاديث بين الخصال الثلاث:
1 - إخلاص العمل لله،
2 - ومناصحة أولي الأمر،
3 - ولزوم جماعة المسلمين
وهذه الثلاث تجمع أصول الدين، وقواعده، وتجمع الحقوق التي لله ولعباده، وتنتظم مصالح الدنيا والآخرة "
وما استنتجه الرجل من الحديث غير صحيح فلم يقل الحديث بلزم جماعة المسلمين وإنما بلزوم الاعتصام بحبل وهو دين الله والحديث لا يصح لأن عبادة الله وحده هى نفسها عدم الشرك به هى الاعتصام بحبل الله وعدم التفرق فيه ومن ثم ما قاله باعتبار المعنى اثنين وليس ثلاثة باعتبار مناصحة ولاة ألأمور الثانى
وحدثنا الرجل عن أنواع الحقوق فقال :
"وبيان ذلك أن الحقوق قسمان: حق لله وحق لعباده،فحق الله أن نعبده، ولا نشرك به شيئا، كما جاء لفظه في أحد الحديثين؛ وهذا معنى إخلاص العمل لله، كما جاء في الحديث الآخر"
ولا يوجد هذا التقسيم فكل الحقوق حتى فيما بين البشر هى حقوق الله لكونه من شرعه
ثم قسم حقوق العباد فقال:
"وحقوق العباد قسمان: خاص، وعام أما الخاص، فمثل بر كل إنسان والديه، وحق زوجته وجاره؛ فهذه من فروع الدين؛ لأن المكلف قد يخلو عن وجوبها عليه؛ ولأن مصلحتها خاصة فردية وأما الحقوق العامة فالناس نوعان: رعاة ورعية؛فحقوق الرعاة مناصحتهم؛ وحقوق الرعية لزوم جماعتهم؛ فإن مصلحتهم لا تتم إلا باجتماعهم، وهم لا يجتمعون على ضلالة؛ بل مصلحة دينهم، ودنياهم في اجتماعهم، واعتصامهم بحبل الله جميعا) [مجموع الفتاوى (1/ 18 - 19)]"
والرجل بهذا الكلام لم يعالج مشكلة السلفيين مع ولاة ألأمر وإنما قال كلاما غامضا وترك المسألة عائمة بلغتنا
وطالب بالمصالحة بين الناس فقال :
"يجب صياغة خطاب (مصالحة) بين المؤمنين، والكف عن الشجار، والدعوة إلى الوحدة والائتلاف، ونبذ التفرق والاختلاف، على ثلاث مستويات:
الأول: مع أنفسهم: فيكفوا عن التنقير، وتلقط الزلات، وافتعال الخصومات، ويستعيذوا بالله من شرور أنفسهم، وسيئات أعمالهم، ويحذروا من (الشهوة الخفية)، وهي (حب الترؤس)، و (تكثير الأتباع) ومن لازم ذلك، الكف عن السجال الكلامي، وتدبيج الردود، ذات العناوين المسجوعة، التي تعج بها رفوف المكتبات، وغرف الصوتيات ومن لازم ذلك، التلاقي، والتغافر، والتعافي، وتوحيد المواقف، وترتيب الأولويات، وعدم التشاغل بالمتشابهات، والتعاون على إقامة الدين، وعدم التفرق فيه: (أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه)
الثاني: مع المخالفين، من المشمولين بوصف السنة: بالتناصح، والتعاون على البر والتقوى، والرد إلى الله والرسول في قضايا النزاع، كما أمر الله: (فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تاويلا)
ومن لازم ذلك، أن ينأى الخطاب السلفي عن المخاشنة، ويتخفف من العبارات الحادة، ويضبط معادلة (القوة في الحق، والرفق بالخلق) ومن لازم ذلك، أن يميز الخطاب السلفي بين ألوان الطيف، بدقة، ولا يحشر المخالفين في خندق واحد، ولا يستعدي المسالمين، ولا يستكثر من الخصوم
الثالث: مع الحكومات والأنظمة القائمة: بالتقارب، والتناصح، والانخراط في الهم المجتمعي العام، وعدم الاقتصار على (أجندة) معينة، بل المساهمة مع أجهزة الدولة الحديثة في إصلاح المجتمع، وتقويته، لننهض جميعا، فنحن من البداية، وحتى النهاية، شركاء في الدين، واللغة، والتاريخ، والجغرافيا ولا يمكن أن يتم هذا الالتحام المنشود مع بقاء روح الشك، والتربص، بين الطرفين ومن لازم ذلك، البعد عن المصادمة، والعمل في وضح النهار، وتجنب تكوين التنظيمات السرية، التي تحمل أولي السلطان على الإيقاع بها، واعتقال أفرادها، وخسران الأمة لمكون مميز من مكوناتها ومن لازم ذلك، الصبر على ما يقع من منكرات، ومكروهات، مع دوام بذل النصيحة، والإصلاح، والنظر في عواقب الأمور، ومآلاتها، كما قال شعيب،(ص): (إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب)"
والرجل هنا يطالب السلفية بالاندماج فى المجتمع وهو أمر محال لهم لأن معناه ضياع الشرع وضياعهم من بعده لأن المجتمع خاصة ولاة أمره يحكمون بغير الشرع ثم نقل التالى عن ابن تيمية:
"قال ابن تيمية
(فظهر أن سبب الاجتماع والألفة: جمع الدين والعمل به كله، وهو عبادة الله وحده لا شريك له، كما أمر به باطنا، وظاهرا وسبب الفرقة: ترك حظ مما أمر العبد به، والبغي بينهم ونتيجة الجماعة: رحمة الله، ورضوانه، وصلواته، وسعادة الدنيا والآخرة، وبياض الوجوه ونتيجة الفرقة: عذاب الله، ولعنته، وسواد الوجوه، وبراءة الرسول (ص) منهم) [مجموع الفتاوى (1/ 17)]"
وهنا الرجل طالب بالتجديد ولكنه لم يجدد شيئا لأن الدين ثابت لا يمكن تجديده فهو كما قال فى أول الكتاب الاصلاح طريقه واحد وكل ما تحدث عنه فى الكتاب هو مخالفات السلفيين لكتاب الله فى الدعوة
 
المواضيع المتشابهة

مواضيع مماثلة

أعلى