قراءة فى كتاب أسس الحكم في الشريعة الإسلامية

رضا البطاوى

كاتب جيد جدا
قراءة فى كتاب أسس الحكم في الشريعة الإسلامية
المؤلف صالح بن غانم السدلان والكتاب يدور حول ثلاثة من اسس الحكم فى الإسلام وفى هذا قال :
"أما بعد:
فإن الحكم في الإسلام يعني تلك القوة المسيطرة على تصريف شؤون الدولة ولن يتحقق ذلك إلا في ظل أسس راسخة ودعائم قوية، أعانني الله تعالى على الكتابة في ثلاثة منها رئيسة يشملها الكتيب المتواضع
- وأول هذه الأسس والدعائم: الشورى، وقد بينت مكانتها في سياسة وإدارة الدولة
- وثاني هذه الأسس: العدل، وهو أساس التشريع في الإسلام
- الأساس الثالث: المساواة، وهي من الأصول العامة للتشريع في الإسلاملهذا كان من اللازم بيان الأسس التي تعد ركنا أساسيا في بناء الدولة الإسلامية فنؤمن بالأسس التي قام عليها التشريع الإسلامي، ونترجم ذلك إلى تطبيق عملي يحقق الحكمة من مشروعيتها، فيعيش المجتمع الإسلامي في ظلها في أمن ورخاء ومحبة، وتعاون بين الحاكم والمحكوم "
بداية لا يوجد شىء اسمه أسس الإسلام أو اركان الإسلام فكل حكم قاله الله هو أساس لا يمكن للمسلم أن يتخلى عنه أو يستبعده كما قال تعالى:
"وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم "
وثانيا العدل كلمة تطلق على الإسلام نفسه كما قال :
" وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا"
والمتم أى المكمل هو الدين وهو الإسلام كما قال تعالى:
" اليوم اكملت لكم دينكم ورضيت لكم الإسلام دينا "
وقد اختار السدلان ثلاثة أسس من الأسس التى يعتقدها كأصول وفروع وليست قطعا هى كل أحكام الإسلام وإنما بعض منها وتحدث عن الشورة فقال :
"الأساس الأول الشورى
الآيات الواردة في الشورى والتعليق عليها
من الأسس العظيمة والقيم الأخلاقية في الشريعة الإسلامية قاعدة الشورى، وهي من أهم قواعد الشريعة الإسلامية التي نطق بها القرآن الكريم؛ قال تعالى: {فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين}
وقال تعالى: {وأمرهم شورى بينهم ومما رزقناهم ينفقون}
كما كان النبي (ص)على عظيم قدره، ومنزلته وتأييده بوحي السماء، كان كثير المشاورة لأصحابه في كثير من الشؤون التي لم ينص عليها في القرآن وكان النبي (ص)يعمل بما يظهر له أنه صواب"
الأحاديث والآثار الواردة في الشورى
1 - فقد قال (ص)لأصحابه يوم بدر: «أشيروا علي أيها الناس» فأشار عليه الحباب بن المنذر بالنزول على الماء فقبل منه
2 - وأشار عليه السعدان: (سعد بن معاذ، وسعد بن عبادة) يوم الخندق بترك مصالحة العدو على بعض ثمار المدينة لينصرفوا فقبل منهما
3 - كما ثبت أنه (ص)استشار المسلمين قبل أن يخرج لغزوة أحد، وأنهم أشاروا عليه بأن يخرج لقتال أعدائهم، وكان من رأيه أن يبقى في المدينة مدافعا، ولكنه نفذ ما أشاروا عليه به، وخرج وانتهى الأمر بمحنة المسلمين، وفي هذا برهان على أن الله سبحانه وتعالى يريد أن تكون سياسة المسلمين قائمة على مبدأ الشورى، فإذا كان النبي (ص)مأمورا بالشورى، وهو الذي يمتاز بكماله العقلي والروحي واتصاله بالوحي الإلهي؛ فغيره أولى بالأمر بالأخذ بهذا الأساس العظيم
قال ابن عطية : «الشورى بركة، وقد جعل عمر بن الخطاب الخلافة – وهي من أعظم النوازل – شورى»
وقال الحسن: «والله ما تشاور قوم بينهم إلا هداهم الله لأفضل ما بحضرتهم»
وأخرج الشافعي عن أبي هريرة قال: «ما رأيت أحدا أكثر مشاورة لأصحابه من المصطفى (ص)»
ومعلوم أنه (ص)لم يكن في حاجة قط إلى مشاورة أحد منهم، لأنه مؤيد بالوحي: {وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى} ، ومسدد من الله تعالى في اجتهاده، ولم يكن يجتهد إلا فيما لم ينزل عليه فيه وحي، وكان اجتهاده واقعا تحت إقرار الوحي، أخرج البيهقي في الشعب عن أنس وابن عباس رضي الله عنهما لما نزل: {وشاورهم في الأمر}: قال المصطفى (ص)«أما إن الله ورسوله يغنيان عنهما، لكن جعلها الله رحمة لأمتي، فمن استشار منهم لم يعدم رشدا، ومن تركها لم يعدم غيا» قال ابن حجر: غريب
وقال الحسن البصري: «ما أمر الله نبيه بالمشاورة لحاجة منه إلى رأيهم، وإنما أراد أن يعلمهم ما في المشاورة من الفضل، ولتقتدي به أمته من بعده»
وقال الحسن أيضا: «كان والله غنيا عن المشاورة، ولكن أراد أن يستن لهم»
وقال علي :«الاستشارة عين الهداية، وقد خاطر من استغنى برأيه، والتدبير قبل العمل يؤمنك من الندم» "
وما نقله السدلان هنا من أقوال كله يخالف كتاب الله فالنبى(ص) لم يكن مستغنيا عن الشورى لأن الوحى لم يكن سوى معرفا له سوى الأحكام وأما تفاصيل حكم كالقتال فى مكان ما فلم يعرفه الله أماكن وضع المقاتلين وأسلحتهم وما شاكل هذا وواحد من الناس مهما بلغ من العقل لن يقدر على الإلمام بكل الأمور ولهذا كان الاعتراف الموجود فى القرآن:
" قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلى"
فممد(ص) بشر والوحى لن يقول له كل شىء فى حياته لأنه فى تلك الساعة سيكون مسيرا ولبيس مخيرا ومن ثم فالنبى(ص)كان محتاجا للشورى
ثم تحدث عن أمره بالمشاورة فقال :
"ولذا كان النبي (ص)كثيرا ما يحض على إقامة الشورى من بعده بما يشعر بوجوبها، عن أبي هريرة قال: «إذا كان أمراؤكم خياركم، وأغنياؤكم سمحاءكم، وأمركم شورى بينكم، فظهر الأرض خير لكم من بطنها وإذا كان أمراؤكم شراركم، وأغنياؤكم بخلاءكم، وأموركم إلى نسائكم، فبطن الأرض خير لكم من ظهرها»
ففي هذا وعد بالخير والبركة في حياة المسلمين ما داموا متمسكين بالشورى، وفيه وعيد شديد وإنذار بما تلقاه الأمة في حياتها من الشدائد والمحن إذا تخلت عن الشورى الجادة
ومن يقرأ حياة الخلفاء الراشدين والصالحين من ولاة الأمر في خير قرون الإسلام، يجد أن الشورى كانت ديدنهم في جميع ما يعرض لهم من الحوادث التي لم يكن فيها نص من كتاب الله أو سنة رسوله (ص)؛ سواء أكان ذلك من قبيل سياسة الأمة، أم من قبيل التشريع الاستنباطي في الأحكام الشرعية، أم كان من قبيل مصالح الحروب وتعيين قوادها، وتجهيز الجيوش، ومعاهدات الصلح، وتحديد علاقات الأمة بغيرها من الأمم في حالتي الحرب والسلم، وإقامة موازين العدل بين الأفراد والجماعات، إلى غير ذلك مما يشمل كل جانب من جوانب حياة الأمة الإسلامية "
وحدثنا عن تعريف الشورى فقال :
"مهمة الشورى وأهميتها في حياة الأمة
إن مهمة الشورى هي: تقليب أوجه الرأي واختيار اتجاه مناسب من الاتجاهات المعروضة، وهي خير وسيلة لتربية الأمم، وإعدادها للقيادة الرشيدة، وتدريبها على تحمل التبعات، وهي الدعامة الأولى التي يقوم عليها نظام الحكم في الإسلام؛ فلا يجوز لحاكم، ولا لمجتمع أن يلغي الشورى من حياته السياسية والاجتماعية، ولا يحل لسلطان أن يقود الناس رغم أنوفهم إلى ما يكرهون بالتسلط والجبروت، كما هو حال كثير من القادة والرؤساء الذين يعميهم التعصب الممقوت والاستبداد بالرأي؛ فينزلقون إلى الشر ويجرون وراءهم الأمم والشعوب إلى مهاوي الهلكة والدمار!! ولكن الشورى في الإسلام ربانية المصدر؛ فلا يجوز لحاكم أن يعطلها ليبسط سلطان طغيانه على الناس: {فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر}، {وأمرهم شورى بينهم}؛ على حين يجوز للحاكم في الدول ذات الدساتير الوضعية أن يعطل الدستور، ويفرض الأحكام العرفية باسم ضرورات الأمن وضبط النظام؛ ومن ثم يكون التسلط والطغيان "
الشورى تكون فى الأحكام التى جعل الله فيها خيارات متعدد فمثلا فى اختيار الحاكم هنا مثلا عشرات او مئات أو آلاف يمكن لكل مسلم أن يختار منهم ومثلا اختيار زوج لابنة هناك عشرات أو مئات يمكن الاختيار منهم وهنا الشورى خاصة تقتصر على الفتاة ووالديها ومن يعيش معهم من الأقارب ومثلا فى القتال هناك اختيار لأماكن متعددة يتخدها المجاهدون للقتال منها
وتحدث عما سماه قاعدة الشورى وهى اختصاص من سماهم أهل الحل والعقد فقال :
"قاعدة الشورى في الإسلام
ليست الشورى في المجتمع الإسلامي على غرار الشورى في المجتمعات الديمقراطية؛ فهذه شورى ابتدعها الإنسان للتشاور في صيغة حكمه نفسه بنفسه؛ ولكن الشورى في الإسلام شرعت للتداول بين أصحاب العقول الراجحة من أهل الحل والعقد؛ للتوصل إلى الصورة المثلى في تطبيق حكم الله على البشر؛ كذلك فإن قاعدة الشورى تمثل أجلى مظاهر اليسر، والسماحة، والتوازن، بين الثبات والمرونة في الشريعة الإسلامية، فإذا كانت الشورى واجبة على المسلمين بمقتضى قوله تعالى: {وشاورهم في الأمر}، وقوله تعالى: {وأمرهم شورى بينهم}، وهذا يمثل عنصر الثبات والدوام، فإن تفصيل النظم الشورية والطرق التي تكون بها – مما يختلف باختلاف الأحوال والزمان والمكان – قد تركت لكل أمة تنظمها حسب الظروف والأحوال، حسبما يتفق ومصلحتها؛ فيستطيع المسلمون في كل عصر أن ينفذوا ما أمر الله به من الشورى بالصورة التي تناسب حالهم وأوضاعهم، وتلائم موقعهم من التطور؛ دون تحديد شكل معين أو قيد يلزمهم بذلك، وهذا يمثل عنصر السعة والمرونة، واليسر والسماحة، والسبيل الأقوم للشورى في الإسلام
أهل الشورى
«إن الشورى التي أوجبها الله سبحانه وتعالى لا يفهم منها أنها لمجموع أفراد الأمة أو الأكثرية المطلقة فيها؛ وإنما لأهل الحل والعقد، قاصرة على علية القوم من ذوي العقول الراجحة، والكفاءات العلمية المتخصصة؛ فهم زعماؤها، ورؤساؤها، وعلماؤها، العالمون بشريعتها، ومصالحها السياسية والاجتماعية، والقضائية، والإدارية» دون الغوغائيين وسفلة القوم من محترفي السياسة وتجارها؛ كما هو الحال في برلمانات اليوم ومجالس الشعب، في كثير من الدول التي تدين بالإسلام!!
وفي القرآن الكريم تكررت آيات كثيرة تنص على أن الرأي لأهل الفضل والعلم، وليس لأكثر الناس على التعميم؛ قال تعالى: {وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله إن يتبعون إلا الظن وإن هم إلا يخرصون} ؛ فإذا كانت طاعة الكثرة الجاهلة تضل عن سبيل الله، فليس من الصواب أن تكون لهم المشورة؛ وإنما ترجع المشورة إلى أهل الرأي والحكمة؛ بدليل قوله تعالى: {وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم}
وقال تعالى: {أم من هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولو الألباب}
ويقول الرسول الكريم (ص)فيما رواه عنه ابن مسعود - رضي الله عنه -: «ليليني منكم أولو الأحلام والنهى، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، وإياكم وهيشات الأسواق» فإشارة النبي (ص)بتقديم أولي الأحلام والنهى ليكونوا خلفه في الصلاة ترشيح لهم ليكونوا من أهل الشورى والحل والعقد في المجتمع الإسلامي، وشتان ما بين شورى تعتمد على السوقة وطغام القوم وسفلتهم، وبين شورى تعتمد على أعيان الفضل، وغرر المجد، وهامة الشرف والتقوى في المجتمع؛ نعم، هناك أمور تتعلق الحقوق فيها برأي العامة الذين تتصل بهم اتصالا مباشرا، ولا يحتاج الرأي فيها إلى كبير تدبير؛ فتكون مشورتهم حينئذ حقا من حقوقهم لا يقضى فيها إلا إذا أخذ رأيهم بطريقة من طرق تعرف الرأي المتاحة في المجتمع"
كل ما استشهد به الرجل من القرآن على أهل الحل والعقد يدل على غير ما ذهب إليه فقوله شاورهم وبينكم عائد إلى كل المسلمين وليس لطائفة منهم ولا يوجد اى دليل على التخصيص لأنه ذكر المؤمنين دون تحديد
ثم حاول أن يلوى حتى عنق الروايات فقال :
"ومثال ذلك ما شرعه النبي (ص)لأمته؛ لتقتدي به من بعده
روى البخاري في صحيحه بسنده أن رسول الله (ص)قام حين جاءه وفد ***** مسلمين؛ فسألوه أن يرد إليهم أموالهم وسبيهم فقال الرسول (ص)«معي من ترون، وأحب الحديث إلي أصدقه، فاختاروا إحدى الطائفتين: إما السبي، وإما المال، وقد كنت أستأنيت بكم»، وكان أنظرهم رسول الله (ص)بضع عشرة ليلة حين قفل من الطائف، فلما تبين لهم أن رسول الله (ص)غير راد إليهم إلا إحدى الطائفتين قالوا: فإنا نختار سبينا فقام رسول الله (ص)في المسلمين فأثنى على الله بما هو أهله ثم قال: «أما بعد: فإن إخوانكم قد جاؤونا تائبين، وإني قد رأيت أن أرد إليهم سبيهم، فمن أحب منكم أن يطيب ذلك، فليفعل، ومن أحب منكم أن يكون على حظه حتى نعطيه إياه من أول ما يفيء الله علينا، فليفعل» فقال الناس: قد طيبنا ذلك يا رسول الله فقال رسول الله (ص)«إنا لا ندري من أذن منكم في ذلك ممن لم يأذن، فارجعوا حتى يرفع إليها عرفاؤكم أمركم»، فرجع الناس، فكلمهم عرفاؤهم، ثم رجعوا إلى رسول الله (ص)فأخبروه أنهم قد طيبوا وأذنوا»
فقول الرسول (ص)«إنا لا ندري – على التفصيل والتعيين – من أذن منكم ممن لم يأذن فارجعوا حتى يرفع إلينا عرفاؤكم أمركم»؛ أي بعد التعرف على رأي كل فرد منكم في حرية وطيب نفس؛ فهذا مسلك يرشدنا إلى أدق ما وصلت إليه السياسة في تعرف رأي العامة فيما يتصل بما يكون للأفراد حق فيه، ويرشدنا كذلك إلى أن سياسة المسلمين مشاركة إيجابية بين الراعي والرعية، وتعاون حقيقي فيما بينهم؛ فالرئيس الأعلى للدولة سلطته محكومة بشريعة الإسلام في أصولها العامة، وقواعدها الكلية، وأحكامها التفصيلية، فإذا وقع من الحوادث ما يتصل بالأفراد في حق من حقوقهم، أو واجب من واجباتهم، بادر إلى طلب الشورى من أهلها، ولزام على الرعية أن يبدوا آراءهم، حتى ولو تعارضت مع رأيه، فما دام الحاكم مسلما تقيا لا يجد غضاضة أن يسمع المعارضة تأتيه من أي فرد من أفراد الرعية، فيتقبلها بطيب خاطر، ويرد عليها بسماحة نفس، كما كان من عمر بن الخطاب حينما اعترضه أحد المعترضين فقال له عمر: «لا خير فيكم إذا لم تقولوها، ولا خير فينا إذا لم نسمعها»"
الغريب فى مناقشته الرواية التى يستدل بها على وجود أهل الحل والعقد أنه قال :
"فهذا مسلك يرشدنا إلى أدق ما وصلت إليه السياسة في تعرف رأي العامة فيما يتصل بما يكون للأفراد حق فيه"
فهنا يقر أن رأى العامة مأخوذ به ومن ثم يكون الأمر على عكس ما ذهب إليه من وجود المزعومين أهل الحل والعقد والذين هو صورة أخرى من الملآ وهو كبار القوم وهى الصورة التى جعلت الأقوام كلها فى جهنم
والحديث لا يصح فلم يكن هناك سبى للإسلام مع قوله تعالى :
"فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق فإما منا بعد وإما فداء حتى تضع الحرب أوزارها"
فهنا ألأسرى يطلق سراحهم بمقابل وهو الفدية أو بالمن وهو إطلاق سراجهم بدون مقابل بينما السبى يعنى عدم إطلاق سراح الأسيرات نهائيا بل واغتصابهن بدعوى كونهم من ملك اليمين ومن اخترعوا الحكم السبى لم يفكروا أن الكفار سيفعلوا فى بناتهم وزوجاتهم وأمهاتهم وغيرهن من المسلمات أفعال الاغتصاب المحرمة
ثم حدثنا فى أى الأمور تكون الشورى فقال:
"فيم تكون الشورى
هذا وكما تكون الشورى في أمور السياسة ويستشار فيها أهل الحل والعقد، والتجربة والخبرة، كذلك تكون في أمور العلم والدين، وفي الأمور المتعلقة بالأسرة وغيرها"
وهذا الكلام بوجودها فى أمور الأسرة يتعارض مع نظرية أهل الحل والعقد والتى تتنافى مع العدالة والمساواة فهى نظرية تقوم على غير العدل والمساواة وهى الأسس التالية التى تكلم فيها
وتحدث عن العدل كأساس وقد سبق القول أن العدل هو الإسلام نفسه ومن ثم لا يمكن أن يكون الشىء جزء منه وفيه قال :
"الأساس الثاني العدل
العدل شعار الدين
إذا كان لكل دين شعار خاص به، وسمة تميزه عن غيره، فإن شعار ديننا الإسلامي الذي يميزه ويعين حقيقته: العدل، وهو الدعامة الوطيدة والمزية الحقيقية للشريعة الإسلامية، ومن القيم الأصيلة الراسخة في المجتمع الإسلامي، وهو ميزان الاجتماع في الإسلام، يقوم به أبناء الجماعة، وإنه لعدل فذ فريد في تاريخ الأمم والشعوب، شهد بذلك كل من سمع به من سيرة الحكام والقضاء المسلمين، أو اطلع على النصوص القاطعة التي أمرت به أمرا لا مجال للترخيص أو الاجتهاد فيه {إن الله يامركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل}
وهو عدل مجرد دقيق خالص، لا يميل ميزانه بالود والشنآن، ولا يؤثر في نصاعته ميل إلى قرابة، أو نسب {يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين إن يكن غنيا أو فقيرا فالله أولى بهما فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا وإن تلووا أو تعرضوا فإن الله كان بما تعملون خبيرا}
وقال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون} "
وما سبق هو كلام عن كن حكم الله هو العدل الذى لا يحيد عنه المسلم بتطبيقه ثم ذكر الرجل أمثلة على العدل فقال :
"أمثلة من العدل في عهد الرسول (ص)
ولقد ضرب رسول الله (ص)أروع الأمثلة في العدل حينما جاءه أسامة بن زيد يستشفع في المرأة المخزومية التي سرقت، وعزم رسول الله (ص)على قطع يدها فقال له: «أتشفع في حد من حدود الله يا أسامة؟ والله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها»
فالعدل في الإسلام عدل مطلق، يطبق على الكبير والصغير، والشريف والوضيع، والأمير والسوقة، والمسلم وغير المسلم، ولا يفلت من قبضته أحد، وهذا مفرق الطريق بين العدل في المجتمع الإسلامي عن غيره من المجتمعات
وكما أن من مقاصد الإسلام رفع الحرج ودفع المشقة ورعاية مصالح الناس وأحوالهم، فإن من أهم مقاصده أيضا تحقيق العدالة، ومنع الظلم بين الأفراد، والتزام العدل، والتوسط في الأمور كلها، وبحسب العادات: قال تعالى: {وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس}
قال القرطبي «المعنى: وكما أن الكعبة وسط الأرض، كذلك جعلناكم دون الأنبياء وفوق الأمم، والوسط: العدل، وأصل هذا أن أحمد الأشياء أوسطها ولما كان الوسط مجانبا للغلو والتقصير، كان محمودا: أي هذه الأمة لم تغل غلو النصارى في أنبيائهم، ولا قصروا تقصير اليهود في أنبيائهم»
...ومن يستعرض آيات القرآن التي تحض على العدل، وتأمر به، وتنفر من الظلم والحيف، وتحذر منه، يجد أن فيها – كلها – مطالبة واضحة بالتزام العدل في كل شيء، ومن كل شخص، ..."
وبعد هذا المثال لا يوجد مثال أخر ذكره الرجل الذى كرر الكلام فى الفقرة التالية:
العدل من صميم التطبيق لأحكام الشريعة الإسلامية
فالعدل في الإسلام من صميم التطبيق لأحكام الشريعة، وليس مبدأ مستقلا عنها؛ لأن مصدره الوحي الإلهي من قرآن أو سنة نبوية أو اجتهاد المجتهدين الذين يستنبطون الأحكام من المصدرين السابقين بالقياس؛ بخلاف القانون الوضعي الذي يعتبر فكرة العدالة مصدرا مستقلا خارجا عنه، يلجأ إليه القاضي أخيرا ليستوحي القاعدة القانونية؛ ثم إن الشريعة مقاصدها تتصف بقوة الإلزام الذي تستمده من الشارع الحكيم بخلاف القانون الوضعي الذي يستمد مقاصده من سمو المباديء التي تحتوي عليها والتي تختلف بسبب الزمان والمكان هذا وإذا كان العدل من السمات الأخلاقية المتميزة للدولة الإسلامية وشريعتها، فإنه لا يقتصر على أفراد الدولة فقط – أعني المسلمين فحسب – بل إن عدالة الإسلام للإنسان بإطلاق أيا كان أصله العرقي أو اللغوي أو طبقته أو عقيدته دون تمييز أو محاباة أو تحامل أو استعلاء"
وحدثنا عن أمثلة العدل فى الإسلام والمفروض أن يقول عدل المسلمين أو العدل فى دولة المسلمين فقال:
"صور وضيئة للعدل في الإسلام
وليس أدل على ذلك مما وعاه التاريخ وبقي صورة وضيئة للعدل عبر القرون من وقفة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب بجانب خصمه النصراني الذي سرق درعه أمام شريح الذي لم يمنعه إكباره وإجلاله لأمير المؤمنين أن يطلب منه البينة على سرقة النصراني درعه، ولما لم يجد أمير المؤمنين البينة حكم القاضي للنصراني على أمير المؤمنين الخ
والتاريخ الإسلامي حافل بأمثال هذه الأخبار الدالة على سيادة الحق والعدل في المجتمع الإسلامي، وحرية القضاء واستقلاله في المحكمة الإسلامية، ورسالة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب إلى أبي موسى الأشعري في القضاء التي حددت معالم الحق والعدل في الخصومات لا تزال كنزا من كنوز دساتير القضاء حتى اليوم يقول عمر «آس بين الناس في خلقك وعدلك، ووجهك ومجلسك؛ حتى لا يطمع شريف في حيفك ولا ييأس ضعيف من عدلك إلخ» ..."
ثم حدثنا عن وجوب عدل الأمة فقال :
"الأمة مكلفة بتحقيق العدل وبناء أصول حياتها عليه
نعم: إن الأمة الإسلامية مكلفة بتحقيق العدل في الأرض، وهذا التكليف يوجب على المسلمين أن يكافحوا الظلم والبغي حيث كان، ويزيلوا أسبابه؛ لا ليملكوا الأرض ويستولوا على المرافق، ويستذلوا الأنفس؛ بل لتحقيق كلمة الله في الأرض خالصة من كل غرض، مبرأة من كل هوى ومكلفة أيضا بأن تبني حياتها كلها على أصول العدل حتى تستطيع أن تحيا حياة حرة كريمة، يحظى كل فرد في ظلها بحريتها، وينال جزاء سعيه، ويحصل على فائدة عمله وكده"
وبعد ذلك تحدث عن المساواة وهى مبدأ مخالف للإسلام إلا أن يكون معناه العدل فلا توجد مثلا فى الإسلام حقوق واحدة للذكر والأنثى فى الإسلام ولا توجد حقوق واحدة للصحيح والمريض ولا توجد حقوق واحدة للطفل غير المكلف والرجل المكلف أو المرأة المكلفة .... ومن ثم فأخذ لفظ العدل والمساوة من كلام الكفار هو ضرب من مخالفة الإسلام وتحدث عنها فقال :
"الأساس الثالث المساواة
المساواة هي الأساس للتفاضل بين البشر
إن المساواة بين الناس تعد نتيجة حتمية لسيادة العدل بينهم، وهي ليست وليدة اجتهاد فردي، أو نتاج تفكير فلسفي، وإنما هي مبدأ أصيل، قرره الذي برأ الخلق والكون والحياة؛ قال تعالى: {إن أكرمكم عند الله أتقاكم} وهي قيمة وحيدة يرجح بها وزن الناس، أو يخف، وهي قيمة سماوية بحتة، يستمد منها الناس في الأرض قيمهم وموازينهم، ويضربون صفحا عن القيم الأخرى من نسب وقوة وجاه ومال وغير ذلك من القيم التي يتعاملون بها، ويتفاوتون فيما بينهم في الأرض بسببها
هذا هو الأساس الذي ولد قبل أربعة عشر قرنا على يد الإسلام في بلاد العرب التي كانت تعد أشد الأمم تباهيا بالأنساب "
قطعا ما استدل به الرجل على المساواة لا يوجد فى آيته لفظ على ما ذهب إليه لأن الآية تتحدث عن أصل الخلق وتفرق الناس وعن كون التقوى هى أساس تفاضل الناس والتفاضل لا يدل على المساواة
وحدثنا عن العنصرية والنعرات فقال :
"الإسلام انتشل الناس من وحل التفرقة العنصرية، والنعرات الجنسية فإذا نظرنا إلى ما شرعه الإسلام من المساواة، فسنجد أنه لم يصل أي تشريع سماوي – فضلا عن وضعي – في مبدأ الحرص على المساواة – إلى ما وصل إليه الإسلام؛ فالأمم قبل الإسلام وبعده إلى أواخر القرن الثامن عشر الميلادي، كانت تضع فروقا عظيمة بين طبقات الأمة يقول صاحب كتاب «روح الدين الإسلامي» جاء في موسوعة لاروس في سنة (1798م): كان يوجد عدم مساواة في توزيع المناصب العمومية وعدم رقابة عليها، فبذل وزراء لويس السادس عشر جهدهم لإجراء الإصلاحات التي تتطلبها الأمة، فلم ينجحوا ضد المقاومة العنيفة لرجال الدين والنبلاء، فرأت الأمة أنه لا يجدي في هذا الأمر غير ثورة تضع مكان جماعة قائمة على اعتبار الامتيازات، جماعة أخرى يسودها قانون المساواة بين الجميع، وبعض الأديان تقر نظام الطبقية كالديانة البراهمية التي تقسم الأمة إلى طوائف أربع، ويجعل على هذه الطبقات البراهمية أو الكهنة، وأدناها السفلة، والبراهمي يجب احترامه بسبب نسبه وحده، وأحكامه هي وحدها الحجة، وله يد حين الحاجة أن يمتلك مال الواحد من السفلة؛ لأن العبد وما ملكت يده لسيده، وكان محرما على هذه الطبقة المنكودة أن يتصل أحدهم بشيء من الدين أو العلم، وإلا حل به عذاب غليظ، مثل صب الرصاص المصهور في أذنيه، وشق لسانه، وتقطيع جسمه، واليهود الذين يزعمون أنهم أبناء الله وأحباؤه دون غيرهم – ساء ما يفترون – فرقوا في تشريعاتهم بين اليهود وغيرهم، فحرموا الربا بشدة بينهم، وجعلوه تجارتهم الرابحة الحلال بالنسبة لمن لم يكن منهم، والأمم الديمقراطية التي تدعي – كذبا – أن العالم الإنساني مدين لها بمباديء المساواة، لا تزال في قوانينها وسياستها تأتي بما يخالف هذا المبدأ كما في بعض الولايات الأمريكية، وجنوب أفريقيا، وكثير من المناطق الخاضعة للاستعمار الأوروبي، توجد الفوارق بين الطبقات والتفرقة العنصرية بينهم، ويجرد السود هناك من أبسط الحقوق الإنسانية
بيد أن الإسلام بمثله العليا لا يقيم لهذه القيم الهزيلة وزنا، ولا يهتم بهذه النعرات السخيفة والاعتبارات الصغيرة، الواهية، إنه يجعل مقياس التفاضل وميزان العدل الذي توزن به جميع الأعمال والقيم {إن أكرمكم عند الله أتقاكم} بغض النظر عن جميع الملابسات والاعتبارات والقيم الأخرى؛ فالأكرم عند الله هو الذي يستحق الرعاية والاهتمام، ولو تجرد من كل المقومات والاعتبارات الأخرى التي يتعارف عليها الناس من النسب والجاه والقوة والمال إلخ، وسائر القيم الأخرى لا وزن لها حين تتعرى عن الإيمان والتقوى، والحالة الوحيدة التي يصح لها فيها وزن واعتبار هي حالة ما إذا انقضت لحساب الإيمان والتقوى "
وهذا الحديث عن التساوى هو حديث عن بعض العدل وما عند الأمم هو الذى اختص به اهل الحل والعقد أنفسهم دون سائر الناس وقد جاء الإسلام لهدم سيطرة الكبار أهل الحل والعقد فى كل أمة من خلال اختراعاهم الأديان المختلفة سواء سميت أديان أو مذاهب أو داساتير أو عقد اجتماعى لتكريس السيطرة
وحدثنا عن كون التقوى مقياس التفاضل في الإسلام فقال :
التقوى مقياس التفاضل في الإسلام
نعم: لقد قرر الإسلام – باعتباره التقوى مقياسا للتفاضل بين البشر – أبرع صورة للمساواة بينهم، وأمتن دعامة للإخاء والمودة،وهذا كله يدل دلالة قاطعة على مزيد شرف النوع الإنساني وإظهار فضيلة اصطفائه لخلافة الله في الأرض؛ فالإنسان – كل الإنسان – مطالب أولا بأن يفرد الله بالعبادة، ...."
وكما سبق القول الحديث عن التفاضل وهو تفاضل أخروى هو خروج عن المساواة التى يريد الرجل الكتابة عنها ثم حدثنا عن عناية القرآن بمبدأ المساواة فقال :
"عناية القرآن بمبدأ المساواة
قد عنى القرآن الكريم بإبراز مبدأ المساواة بين أبناء الإنسانية عامة، على نسق يوقظ الشعور الإنساني، ويهزه هزا إلى التعاطف الأخوي الإنساني، ووشائج الترابط النسبي بين كافة أفراد الإنسان في شتى الأزمنة والأوطان قال تعالى: {من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا} وقال تعالى: {ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به ولا يجد له من دون الله وليا ولا نصيرا * ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون نقيرا}
وهذا يشمل كل إنسان في الوجود، لا يخص فردا دون فرد، ولا أمة دون أمة، ولا طبقة دون طبقة؛ فالناس في الواقع سواسية في حقيقة الإنسانية، ولا يقع التفاوت بينهم إلا بسبب الانحراف عن هذه الحقيقة التي تجمعهم"
والآيات التى استدل بها حسب التفسير المعروف هى ضد المساواة فالعبد يقتل إن قتل حرا ولكن الحر لا يقتل إن قتل عبدا وأما تفسيرها الصحيح فهو أن العبد هو نفسه الحر فكلنا عبيد لله كما قال" إن كل من فى السموات والأرض إلا آتى الرحمن عبدا" وكلنا فى نفس الوقت أحرار للاختيار بين الكفر والإسلام كما قال " فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر"
ثم حدثنا عن التطبيق العملى للمساواة وهى تطبيق للعدل وليس للمساواة التى تختلف عن العدل فقال :
"التطبيق العملي لمبدأ المساواة الإنسانية
كان أول تطبيق عملي لحقيقة هذه الآية العليا في الوجود الإنساني، هو ما صنعه في الإسلام محمد بن عبد الله (ص)أنموذج الإنسانية الأعلى في حجة الوداع: «يا أيها الناس ألا إن ربكم واحد، وإن أباكم واحد، ألا لا فضل لعربي على عجمي، ولا لعجمي على عربي، ولا لأحمر على أسود، ولا لأسود على أحمر، إلا بالتقوى، أبلغت؟» قالوا: بلغ رسول الله (ص)
وجعل (ص)نفسه الكريمة وأقرب الناس إليه مثلا أعلى لتطبيق دعامة المساواة الإنسانية تطبيقا عمليا، ليبين عن معقد الفضل بالعمل الصالح، ليتنافس فيه المتنافسون، فقد زوج مولاه زيدا بن حارثة ابنة عمته زينب بنت جحش، ثم تزوجها (ص)بعد أن طلقها زيد؛ ليكون ذلك أساسا لتشريع المساواة في أعلى ذروتها، وأفضل صورها، وليقتلع به جذور الجاهلية من أصلها ....ولما لغطت ألسنة بشأن سلمان الفارسي، وتحدثوا عن العربية والفارسية، بحكم إيحاءات القوم الضيقة، ضرب رسول الله (ص)ضربته الحاسمة في هذا الأمر فقال: «سلمان منا أهل البيت» فتجاوز (ص)كل آفاق النسب الذي يعتزون به، وكل حدود القومية الضيقة التي يتحمسون لها، وجعله من أهل البيت رأسا!!
وقد سار المسلمون على سيرة نبيهم، فعاشروا غيرهم من أهل الملل والنحل الأخرى بصفاء ووئام، ...ولم يمنعوا غير المسلم أن يقاضي أرفع رأس في المسلمين وينتصف منه، وعلى سبيل المثال لا الحصر: يطالعنا التاريخ الإسلامي: أن ابن عمرو بن العاص والي مصر في زمن الخليفة العادل عمر بن الخطاب لطم قبطيا؛ لأنه سابقه فسبقه، فاشتكى القبطي عند الخليفة عمر - رضي الله عنه -، فأرسل عمر إلى عمرو بن العاص وابنه؛ فلما حضرا أحضر الخليفة القبطي وقال له: أهذا الذي ضربك؟ قال: نعم، قال: اضربه فأخذ يضربه حتى اشتفى له، ثم قال له عمر: زد ابن الأكرمين!! ثم التفت إلى عمرو بن العاص وقال له: «منذ كم يا عمرو!! استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا؟»!!
فهذا لون من العدالة والإنسانية لا يعرفه الناس في غير الإسلام...
ثم حدثنا عن صور من المساواة في تشريعات الإسلام فقال:
"صور من المساواة في تشريعات الإسلام
نعم، إن الإسلام ساوى بين طبقات الخلق في العدل في كل شيء {إن الله يامر بالعدل والإحسان} ، وساوى بين طبقات العباد، في الحقوق والواجبات، تبعا لقدرتهم، واستطاعتهم قال تعالى: {فاتقوا الله ما استطعتم} ، وقال تعالى: {لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله} ، وقال تعالى: {لا يكلف الله نفسا إلا وسعها} ، وقال تعالى: {لا يكلف الله نفسا إلا ما آتاها}
وساوى بينهم في وجوب إيتاء الحق الذي عليهم، وفي إيصال الحق إليهم، قال تعالى: {وإن تبتم فلكم رءوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون}
وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله (ص)«من كانت له مظلمة لأحد من عرضه أو شيء، فليتحلله منه اليوم قبل أن لا يكون دينار ولا درهم، وإن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته، وإن لم يكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فطرح عليه» "
والحديث لا يصح فلا أحد يأخذ حسنات ولا سيئات أحد كما قال تعالى:
" كل نفس بما كسبت رهينة" ثم قال :
كما ساوى الإسلام بين المسلمين في إيجاب العبادات، وتحريم المحرمات، ساوى بينهم في الفضل والثواب، بحسب أعمالهم، {من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون}
وكما ساوى بينهم في العبادات: ساوى بينهم في المعاملات العوضية، والتبرعات والإحسان، وجعل الرضا شرطا لصحة العقود ونفوذها، وإن من أكره على شيء منها لا ينفذ له معاملة ولا يستقيم له تبرع والخلاصة أن الإسلام ساوى بين الناس في كل حق ديني أو دنيوي، ولم يجعل لأحد ميزة في شيء إلا بما قدم، وبهذا يعرف كمال حكمة الله، وشمول رحمته، وحسن أحكامه {ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون} "
وهذا الحديث هو حديث قاصر وهى خلاصة الكلام
 
المواضيع المتشابهة

مواضيع مماثلة

أعلى