عشية محاكمة مسؤول إيراني بالسويد.. "العربية.نت" توثق شهادات المدعين

تبدأ محاكمة حميد نوري، المسؤول السابق بالسجون الايرانية في محكمة ستوكهولم عاصمة السويد، الثلاثاء، بتهم "الجرائم ضد الإنسانية" و"انتهاك القانون الدولي" و "القتل مع سبق الاصرار" لدوره في تنفيذ الإعدامات الجماعية ضد آلاف السجناء السياسيين بسجون إيران في الثمانينات.

وسيقرأ المدعي العام السويدي مقتطفات من لائحة التهم من 8 آلاف صفحة ضد حميد نوري نائب مدعي عام سجن "غوهردشت" في كرج، غرب طهران، تتضمن تفاصيل دوره كأحد منفذي الإعدامات الجماعية في صيف عام 1988 بحق الآلاف من أعضاء و مناصري منظمة "مجاهدي خلق" ومنظمات أخرى يسارية.

ونفذت الإعدامات بأمر من روح الله الخميني، مرشد النظام الإيراني في حينه بتشكيل لجنة عرفت بـ"لجنة الموت" مكونة من أربعة أعضاء وهم كل من إبراهيم رئيسي (الرئيس الإيراني الحالي والمدعي العام بالإنابة في حينه) ومصطفى بورمحمدي (وزير العدل والداخلية السابق وممثل وزارة الاستخبارات، وحسين علي نيّري (المدعي العام السابق والحاكم الشرعي في حينه) ومرتضى اشراقي (مدعي عام طهران في حينه).

وفي سلسلة لقاءات أجرتها "العربية.نت" مع الشهود والمدعين ضد المسؤول الايراني، قال رضا شميراني الذي اعتقل عام 1981 حين كان طالباً جامعياً بتهمة مناصرة "منظمة مجاهدي خلق" وحكم عليه بالسجن لمدة عشر سنوات، إنه خلال تنقله بين سجني "ايفين" بطهران لمدة خمس سنوات ثم سجن "قزل حصار" في كرج٬ شاهد التعذيب الوحشي للسجناء والمحاكم الصورية والاعدامات الجماعية التي وثقها بكتاب تحت عنوان "أولئك الكرام".

وتابع شميراني: "قبيل الإعدامات كنت بالحبس الانفرادي وتحت التعذيب الشديد لدوري بتأسيس خلايا داخل السجن٬ إلى أن اقتادوني في 30 يوليو/تموز 1988 الساعة الثانية بعد الظهر أمام "لجنة الموت" وشاهدت إشراقي مدعي عام طهران ونيّري الحاكم الشرعي وبجانبهما ابراهيم رئيسي الذي أصبح اليوم رئيساً للجمهورية وبعد أخذ معلوماتي، استجوبوني وسجناء آخرين".

وأضاف: " كل من كان يقول أنه ينتمي لمجاهدي خلق يحكم عليه بالإعدام ويتم نقله الى القسم 209 بسجن إيفين وينفذ بهم الإعدام بنفس الليلة ".

وعن مشاهداته قال شميراني: "أحد الشباب وهو علي سوارة٬ من مناصري مجاهدي خلق، كان اسمه مكتوبا على زنده الأيسر بالحبر الأخضر وعندما سألته عن السبب قال لي إنه قد حكم عليه بالإعدام ولذا كتبوا اسمه على زنده، ليتم التعرف عليّه بعد التنفيذ".

وأضاف: "أمر نيري بإرسال أحد السجناء وهو رجل طاعن في السن إلى قبو القسم 209 بسجن إيفين ليشاهد أجساد المعدومين، وبعدها قال له إذا لم تتعاون معنا فسيصبح مصيرك مثلهم ".

سيدة مع طفلين بالحبس الانفرادي​


من جهتها، قالت بانو صابري٬ التي تم اعتقالها مع زوجها عام 1986 إنه "أثناء الاعتقال كانت ابنتي تبلغ حينها عامين وخمسة اشهر بينما ابني كان قد أكمل شهره الثالث وبقي الطفلان معي حوالي ثلاثة أشهر في زنزانة الحبس الانفرادي، لكن تم اخذ اولادي مني بعد ثلاثة اشهر وسلموهما الى امي، وانا أيضا تم الافراج عني لاحقا، بينما زوجي حكم عليه بالسجن 6 سنوات لكن بعد عامين أعدموه وابلغوا والده بزيارة السجن وسلموه حقبتين فقط من متعلقاته".

وعن فترة سجنها قالت صابري: "كان اولادي معي ونعاني من قلة الطعام ونذهب للمرحاض ثلاثة مرات فقط يوميا وذلك عند مواعيد الصلاة. لم يكن لدي حليب أطفال ومع وجود قلة الطعام لم يكن ثمة حليب في صدري. كنت اطعم طفلي من كسار الخبز وباقي السجناء كانوا يتركون قطع الخبز الصغيرة لاطفالي فوق جدار الحمام. كنت ابلل قطع الخبز بفمي وأطعم الطفل الصغير ولذلك أصيب باسهال ونزيف".

وتقول صابري إن قريبة لها تدعى منيجة هدايي٬ تم إعدامها مع زوجها وعندما قابلت والدتها أسد الله لاجوردي مدير سجن إيفين والمدعي العام لمحكمة الثورة آنذاك في عام 1988 وقالت له إن ابنتي كانت حاملاً لماذا أعدمتموها، لكنه بدل الاجابة أمر باعتقالها وبقيت هذه الأم في السجن لمدة أربعة الى خمسة اشهر حسبما اتذكر.

ممر الموت​


أحد الناجين من المجزرة هو حسین فارسي٬ الذي سجن 12 عاما من 1980 لغاية 1992 وأعدم شقيقه حسن فارسي خلال مجزرة 1988 قال لـ" العربية.نت" إنه " عندما حدثت جريمة الابادة الجماعية للسجناء السياسيين حسب فتوى اجرامية من قبل الخميني كنت حينها في سجن غوهردشت وقد تم مثولي أمام "لجنة الموت" واقتادني اليهم نوري الذي يحاكم حاليا في السويد و كان يعرف حينها بإسم حميد عباسي وكان يقرأ الاسماء و كان يصف السجناء في وسط "ممر الموت" و يعصب اعينهم و يقودهم الى محل تنفيذ الاعدام ويشنقهم بنفسه".

في 12 أغسطس/آب 1988 جاء نوري غاضبا وبدأ بقراءة قائمة الاسماء، وقال لنا انهضوا اليوم هو يوم عاشوراء لمجاهدي خلق، وكان يقتاد الشباب في طابور الى غرف الاعدام".

وتابع الشاهد: "شقيقي حسن فارسي تم اعدامه في 29 يوليو / تموز 1988 في سجن ايفين٬ وبحسب المعلومات التي لدي كان رئيسي هو من صادق على قرار اعدامه".

وأضاف: "اريد أن أقول إن دور رئيسي كان أكبر من مجرد مدعي عام والدليل على ذلك أن المدعي العام مرتضى اشراقي قد اختفى بعد هذه الاعدامات لكن رئيسي ارتقى في مدارج السلطة حتى وصل اليوم الى منصب رئيس الجمهورية وذلك بسبب خدماته للنظام عبر هذه الاعدامات".

وعن التقارير التي تحدثت عن تنفيذ الإعدام ضد نساء وفتيات قال سحين فارسي: "في سجن غوهردشت بام عيني شاهدت اثنتان من اخواتنا اللواتي تم نقلهن من سجن كرمانشاه وتم تنفيذ الاعدام بهما. وبحسب ما سمعت كان هناك حوالي 19 سيدة أعدمن في سجن غوهردشت والعديدات تم اعدامهن في سجن إيفين".

وحول شهادته في المحكمة السويدية ضد نوري، قال فارسي:" تم تدوين افادتي وأضيف كتاب مذكراتي كوثيقة تدعم هذا الملف حيث وثقت فيه أسماء 440 ضحية ممن تم إعدامهم في سجن غوهردشت فقط".
 
أعلى