صحيفة أميركية تفند أسباب تأجيج المواجهات والدفع بغزة لحافة الهاوية

تواجه حركة "حماس" حاليًا تداعيات سياسية واقتصادية بسبب الاشتباكات المتكررة مع إسرائيل، والتي أعاقت مسيرة التنمية في قطاع غزة، الذي يعيش فيه أكثر من مليوني فلسطيني، نصفهم يعيشون تحت خط الفقر، وفقًا لإحصائيات الأمم المتحدة.

عقبة أمام إعادة الإعمار​


بحسب ما نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال"، فإن ما يزيد الأمور تعقيدًا هو أن الولايات المتحدة وإسرائيل تصران على أن أي مساعٍ للمساعدة في إعادة بناء غزة لن تشمل حركة "حماس" التي تحكم القطاع، والتي تصنف من قبلهما كمنظمة إرهابية.

وأعربت الولايات المتحدة ومصر وقطر عن استعدادهم لتقديم أكثر من مليار دولار للفلسطينيين، عبر كيانات تابعة للأمم المتحدة إلى حد كبير. وفي مؤتمرات صحافية الأسبوع الماضي، قال يحيى السنوار، الذي يرأس الجناح السياسي لحركة "حماس" في غزة، إن الحركة لن تأخذ أموالا مخصصة للاحتياجات الإنسانية، ودعا إلى إنهاء القيود التي تم فرضها منذ أكثر من عقد والتي أدت إلى إضعاف اقتصاد غزة.

تمويل من طهران وضرائب​


وأضاف السنوار أن "حماس" لديها وسائل أخرى لجمع الأموال. يتم تمويل قوات حماس بواسطة إيران، فيما تفرض حماس ضرائب على المواطنين والشركات في غزة لتمويل الشرطة والخدمات الحكومية الأخرى.

هدنة طويلة الأمد​


وشهدت الأيام الأخيرة زيارات من مسؤولين مصريين إلى غزة وإسرائيل بهدف صياغة خطة إعادة الإعمار ومناقشة كيفية التوصل إلى هدنة طويلة الأمد.

يقول المسؤولون الإسرائيليون إن أي اتفاق لإعادة إعمار غزة لا يمكن المضي قدمًا فيه إلا بعد أن تسلم حماس أسرى إسرائيليين وتعيد جثتي جنديين قتلا على يد حماس في عام 2014، فيما تقول حماس إن هذه المفاوضات يجب أن لا تؤثر على إعادة الإعمار الإنساني.

وبينما يقوم الفلسطينيون في غزة برفع أنقاض وآثار دمار خلفتها المواجهات الأخيرة، حذر السنوار من احتمال حدوث المزيد من الصراعات إذا استمرت القوات الإسرائيلية في الاشتباك مع الفلسطينيين في المسجد الأقصى، إحدى النقاط المحورية في التوترات الأخيرة.

وقال السنوار في مؤتمره الصحافي: إن "على العدو أن يعرف أن كل ما حدث حتى الآن كان تدريبات عسكرية صغيرة مقارنة بما سيحدث".

وأسفرت الهجمات الإسرائيلية الأخيرة ضد غزة عن تدمير آلاف المنازل والشركات، وتشريد أكثر من 100 ألف شخص. ووفقا لما ذكره مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية لقي 242 فلسطينيا حتفهم خلال 11 يوما من القتال مقابل 12 قتيلا في إسرائيل.

يأس رجل الشارع​


ألقى يحيى سامي (44 عامًا)، فلسطيني يقطن بشارع الوحدة، حيث دمرت الغارات الإسرائيلية مباني بأكملها مما أسفر عن مقتل العشرات، باللوم على الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني، مشيرًا إلى أن السنوار مسؤول عن التحول إلى ما أسماه أسلوب المواجهة. وقال سامي إنه يريد الآن الانتقال إلى كندا، موضحًا أن "الوضع في غزة عاما بعد عام يزداد سوءا" ومؤكدًا أن اليأس بلغ مداه مع سكان قطاع غزة.

براغماتية السنوار​


ووصف بيان صادر عن الخارجية الأميركية السنوار بأنه إرهابي، ويقول مسؤولون إسرائيليون إن السنوار ساعد في تأسيس جهاز الأمن لحركة حماس، وتم اعتقاله وإدانته بقتل جنود إسرائيليين، وحكم عليه بأربعة أحكام بالسجن مدى الحياة في عام 1988.

خلال سنوات الاعتقال، أمضى السنوار ساعات في التحدث إلى الإسرائيليين، وتعلم اللغة العبرية بطلاقة، ومشاهدة التلفزيون المحلي، وفقًا لما ذكره مسؤول سابق في خدمة السجون الإسرائيلية.

تم إطلاق سراح السنوار عام 2011 في صفقة تبادل 1027 فلسطينيا مقابل الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط. وعاد السنوار إلى صفوف قيادة حماس، ثم تولى رئاسة المكتب السياسي للحركة في عام 2017. وعمل السنوار على تحسين ظروف الفلسطينيين في قطاع غزة، حيث حصل على تبرعات من قطر مباشرة إلى حماس، أي عن طريق السلطة الفلسطينية، مما ساعد السنوار على اكتساب سمعته باعتباره براغماتيًا يرغب في تعزيز اقتصاد غزة.

قال السنوار لصحيفة "لاريبوبليكا" الإيطالية في مقابلة عام 2018: "الحقيقة هي أن حربًا جديدة ليست في مصلحة أحد".

تضحية بأرواح الفلسطينيين​


أدلى السنوار بهذه التصريحات حتى في الوقت الذي ساعدت فيه حماس في الترويج لحملة احتجاج أسبوعية في ذلك العام على السياج الحدودي مع غزة. هدفت الاحتجاجات إلى رفع الوعي بحصار إسرائيل لقطاع غزة، مع اندفاع فلسطينيين بشكل متقطع للجدار الحدودي، قامت القوات الإسرائيلية بالرد بالرصاص المطاطي والذخيرة. وبحسب إحصائيات الأمم المتحدة، لقي 214 فلسطينيًا، من بينهم 46 طفلاً، مصرعهم خلال المظاهرات التي استمرت على مدار أكثر من عام.

التهدئة مقابل الأموال​


في أعقاب الاشتباكات، قام السنوار بتهدئة التوترات بما يكفي لأن إسرائيل استمرت في السماح للأموال القطرية بدخول قطاع غزة، واقترحت قطر والاتحاد الأوروبي تمويل خط أنابيب الغاز إلى غزة.

كسب النفوذ بتعزيز المقاومة​


وأعرب مايكل ميلستين، رئيس منتدى الدراسات الفلسطينية في مركز موشيه ديان للأبحاث، عن اعتقاده بأن السنوار يسعى لكسب النفوذ من خلال تعزيز المقاومة المستمرة ضد إسرائيل.

وقال ميلستين: "منذ عام 2017، توقع الكثيرون أنه سيكون قياديًا أقل تشددًا وأكثر سياسيًا، لكنه كان كليهما".
 
أعلى