اذا تشابهو كل الناس ما الذي ممكن ان يحصل؟

أسيل

كاتب جيد جدا
قبل أن أبدأ الإجابة عن هذا السؤال أريدك أن تشاركني بتجربة صغيرة ولطيفة لن تأخذ من وقتك الكثير، ولكنها ستجعلك تستنتج الإجابة بنفسك...
إن كان أفراد أسرتك يحبون التفاح الأحمر فضع كمية من التفاح الأحمر في صحن كبير وضع بينهم تفاحة واحدة صفراء، ثم اطلب منهم أن يختار كل واحد منهم تفاحة ليأكلها... ماذا لاحظت؟ هل وجدت أن معظمهم أراد أخذ اللون الأحمر أم الأصفر؟... ستلاحظ غالباً بأن معظم أرادوا أخذ التفاحة الصفراء مع أنهم يحبون التفاح الأحمر، وهذا دليل على ميلنا للاختلاف وحبنا للشيء المختلف أو على الأقل ميلنا له رغبة باكتشافه.

سأقرب لك الفكرة أكثر... هل مر في حياتك أزواج يتصفون بنفس الطباع؟! كيف كانت تسير أمورهم؟! فمثلاً لو كان الزوج متشدداً في تربية الأبناء فلا يسمح لهم بمشاركة زملائهم في المدرسة بالرحلات المدرسية، وقد يستخدم معهم أساليب قاسية في العقاب كالتوبيخ أو حتى الضرب، وكانت الزوجة تتبع نفس الأسلوب... فماذا سيحصل للأبناء؟! ألا تعتقد أنهم سينشؤون غير واثقين من أنفسهم بعيدين عن والديهم؟! بينما عندما تكون الأم متساهلة بعض الشيء والأب متشدد قليلاً سيحصل التوازن وتكون تربيتهما لأبنائهما أفضل بكثير.


في أسرتي كل منا يطلق عليه لقب معين يليق به فأنا مثلاً يطلق علي في أسرتي لقب "جوجل" لأنهم يقولون عني أن لدي جواب مقنع لكل سؤال، وأخي يطلق عليه لقب "الحارس" لأنه يهتم بالجميع ويحرص على التأكد من إجراءات الأمان والسلامة في المنزل والسيارات، ويسعف المريض... وأبي نسميه "لا تتدخل" لأنه مع مبدأ الاستقلالية ولا يحب أن يتدخل أحد بالآخر، أما أمي فنطلق عليها لقب "المحاسب"؛ فهي المسؤولة عن المور المالية ولا تحب أن يصرف قرش في غير موضعه.
تخيلوا لو أننا جميعاً نتصف بصفة واحدة وهي على سبيل المثال الحرص المالي، فكيف ستكون حياتنا؟! بالتأكيد لن نشتري شيئاً في هذه الحالة، فلو لم يكن منا أحد مسرف لما استطعنا شراء ما نريد، ولو كنا كلنا "جوجل" لما احتاج أحد للمعلومة ولرخصت قيمتها لأنها ستكون متاحة ومتوفرة للجميع!

هكذا سيكون الوضع لو كنا كلنا متشابهون؛ فنحن نحتاج للشر لنميز الخير ولنعرف أنه أمر جيد، ونحتاج اللون الأبيض لنميز الأسود وندرك كم هو قاتم، كما نحتاج للون الرمادي كذلك ولكل الألوان الأخرى.

لماذا نحتاج للاختلاف في حياتنا...
- لنتعلم تقبل الآخر مهما اختلف عنا، فلو كنا كلنا متشاهين لما سمعنا بمصطلح التقبل ولما عرفناه واستشعرنا بجماله.
- لو كان التشابه أفضل من الاختلاف لما خلقنا الله تعالى مختلفين، ولما جعلنا ذكراً وأنثى، ولما جعلنا شعوب مختلفة. ففي الذكر خصائص وميزات تميزه عن الأنثى ونحن نحتاج لميزات الذكر وميزات الأنثى للتوازن الكوني.
- قد يكشف لك الاختلاف في الرأي أو المعتقدات أو في الشخصية بينك وبين الآخرين نواقص داخلك أو قد يلفت نظرك لأمور جيدة فيك.
-لو كنا كلنا متشابهين لما كان هناك طعم للحياة ولا مفاجآت لا نعرفها...
- الاختلاف يحفز الإبداع والتفكير بأمور جديدة، ويفتح آفاق لم نكن لنراها لولا الاختلاف.
- المجتمعات التي تحتوي على شرائح مختلفة تكون أكثر ازدهاراً وتنوعاً... فلو أخذنا عمان على سبيل المثال ومن يعيش فيها من جنسيات وأجناس مختلفة من عرب من مختلف الجنسيات والأديان وكذلك الشركس والشيشان والدروز وغيرهم جعلت من هذه المدينة مدينة مزدهرة ومتطورة ومنوعة، فيكفينا عندما ندخل لمطعم ما نستطيع أن نختار من لائحة طعامه بين التبولة اللبنانية والمنسف الأردني والشيبس وباسطة الشركسي... كما أننا نحتفل في الأعياد الإسلامية والمسيحية أيضاً.
 
أعلى