وثائق تكشف جهار "النهضة" السري بتونس.. دولة داخل الدولة

كشفت تقارير إعلامية في تونس عن معطيات خطيرة تتعلق بكيفية عمل الجهاز السري لحركة النهضة في البلاد ومدى تغلغله داخل أجهزة الدولة، وذلك استناداً إلى وثائق تم الإفراج عنها مؤخراً.

وأفادت المجلة الأسبوعية "الأنوار" الصادرة اليوم الجمعة بأن الوثائق التي اعتمدتها في تقريرها خرجت إلى الضوء عندما أفرجت وزارة الداخلية التونسية منذ نحو عامين عن فحوى تحقيقها ما يسمى بـ"الغرفة السوداء" التي تمثل خلاصة أعمال أمنية وتحتوي على مئات القرائن المادية التي تظهر مدى تغلغل التنظيم السري للنهضة في الميدان وفي دفة الحكم معاً بتونس، إلى جانب الترابط العضوي بين هذا الجهاز والتنظيم العالمي للإخوان المسلمين.

ويستفيد الجهاز السري وفق المصدر ذاته، من جهاز استخباراتي داخل الدولة يتألف من 21 ألف عنصر أدمجوا في الإدارة التونسية بمقتضى قانون العفو التشريعي العام وأخذوا موقعا في مصالح حساسة على غرار "مصلحة إدماج المعطيات للمركز الوطني للإعلامية" التي تُعد في قلب منظومة الانتخابات في تونس، إلى جانب مكاتب الضبط المركزي لسائر الوزارات والمؤسسات العمومية.

وقال المصدر ذاته إن وزارة التجارة اضطرت في صيف 2018 إلى تغيير طاقم مكتب الضبط المركزي عندما اكتشفت أن بريد الوزارة يوجه آليا إلى مقر النهضة بـ"مونبليزير" بالعاصمة، قبل أن يطلع عليه الوزير وكاتب الدولة.

كما أوردت أنه تم حجز مراسلات مكثفة بين حركة النهضة في تونس وتنظيم الإخوان المسلمين في مصر تؤكد ضرورة إبعاد كل ما من شأنه أن يعيق انتشار هذه الحركة في تونس. يذكر أن حركة النهضة استقبلت في يونيو 2012 وفداً عن إخوان مصر نظم ورشات تدريب في تقنيات الرصد والتنصت. وقد ادعت النهضة آنذاك أن الوفد المذكور يمثل حماس الفلسطينية.

وفي السياق ذاته، قال التقرير إن لطفي بن جدو وزير الداخلية الأسبق قد اعترف أن النهضة تمتلك أجهزة تنصت تفوق قدرات الجيش والأمن في تونس، وهي تجهيزات في شكل حقائب قادرة على التقاط 4000 مكالمة في نفس الوقت وعادةً ما تنتقل على متن سيارات مغلقة.

وأضاف التقرير أن المدعو مصطفى خذر، الذي يعتبر "القرص الصلب" للتنظيم السري، قد ضُبطت لديه وثائق تتضمن "قوائم تفصيلية لآلاف المنحرفين" في إقليم تونس الكبرى تتضمن هوياتهم وأرقام هواتفهم "وهو ما يبين حصول عمليات تجنيد واسعة للمنحرفين لفائدة التنظيم"، حسب المجلة.

وتثبت الوثائق المحجوزة في السياق ذاته، أن مصطفى خذر، الذي وجه له القضاء رسمياً تهمة القتل العمد لمحمد البراهمي، كان المسؤول عن البريد الخاص لوزير الداخلية الأسبق علي العريض الذي قام بالتغطية على هروب زعيم "أنصار الشريعة" أبو عياض، كما طمس مراسلة وجهتها وكالة الاستخبارات الأميركية يوم 13 يوليو 2013 إلى وزارة الداخلية وتكشف عن مخطط اغتيال البراهمي (12 يوماً قبل واقعة الاغتيال).

كما أفاد التقرير، استناداً إلى الوثائق المضبوطة، بضلوع نحو 17 من قيادات النهضة في عملية اغتيال البراهمي وبتورطهم في التنظيم السري الذي يعتمد على قاعدة مالية ضخمة تتغذى أساساً من "الجباية" المفروضة على الأنشطة الاقتصادية الموازية استناداً إلى قاعدة "الحماية السياسية مقابل الدفع" وكذلك التبرعات الخارجية وعائدات الاستثمارات الضخمة التي يديرها التنظيم العالمي للإخوان المسلمين في عدة أنحاء من العالم.

أما بخصوص نفقات التنظيم، فأكد التقرير الإعلامي أنها لا تختلف كثيراً عن إدارة ميزانية الدولة، حيث أن أغلب العائدات توجّه للإعلام والاستعلام والمنظومة الأمنية التي كانت موضوع عدة تسريبات، منها تلويح القيادي في النهضة عبد الكريم الهاروني مؤخراً بإخراج الأمن الموازي تحت شعار "مساعدة وزارة الداخلية على كبح أعمال العنف والنهب" التي رافقت الحركات الاحتجاجية الأخيرة.

أما على الأرض، فيكتسب التنظيم السري هيكلة عنقودية لا تختلف عن تنظيم المافيا من خلال فرض أتاوات شهرية على التجارة الصغرى تبلغ 2000 دينار. ويدير "جيوش من المخبرين تتألف من المنحرفين وصغار التجار الذين تلقوا مساعدات مالية"، وفق المصدر ذاته.

وخلص التقرير إلى أن التنظيم السري لحركة النهضة في تونس هو "دولة داخل الدولة".
 
أعلى