هل من الممكن ان يتغير الماضي بسبب الحاضر؟

الحل
قد تكون إجابة بعضنا البديهية على هذا السؤال : بالتأكيد لا فهذا جنون! فوفقاً لمنطق نظام السببية أو (The causality)، الذي يؤكد على وجوب حدوث المسبب ثم النتيجة، إذاً لا بد أن تحصل الأحداث بترتيب منطقي وفق التسلسل الزمني المعروف. فمثلاً إذا أردنا صنع فطيرة التفاح يجب قطف التفاحة عن الشجرة أولاً ثم نقوم بعدها بخبز الفطيرة، هذا هو المنطق المتعارف عليه. ولكن، ماذا لو أخبرتك أن حدث قطف التفاحة معتمد على سواء قمت بصنع الفطيرة أو لا. قد جائت الفيزياء الكمية بتجربة عملية بدليل دامغ يؤكد صحة عكس هذا الأمر! ففي عام 1801 قام العالم Thomas Young بإجراء واحدة من أهم التجارب التجارب على الجسيمات دون الذرية (Subatomic particles) ، تجربة الشق المزدوج (The double-slit experiment).استندت هذه التجربة على وجود قاذف جسيمات...

أسيل

كاتب جيد جدا
قد تكون إجابة بعضنا البديهية على هذا السؤال : بالتأكيد لا فهذا جنون! فوفقاً لمنطق نظام السببية أو (The causality)، الذي يؤكد على وجوب حدوث المسبب ثم النتيجة، إذاً لا بد أن تحصل الأحداث بترتيب منطقي وفق التسلسل الزمني المعروف. فمثلاً إذا أردنا صنع فطيرة التفاح يجب قطف التفاحة عن الشجرة أولاً ثم نقوم بعدها بخبز الفطيرة، هذا هو المنطق المتعارف عليه. ولكن، ماذا لو أخبرتك أن حدث قطف التفاحة معتمد على سواء قمت بصنع الفطيرة أو لا. قد جائت الفيزياء الكمية بتجربة عملية بدليل دامغ يؤكد صحة عكس هذا الأمر! ففي عام 1801 قام العالم Thomas Young بإجراء واحدة من أهم التجارب التجارب على الجسيمات دون الذرية (Subatomic particles) ، تجربة الشق المزدوج (The double-slit experiment).استندت هذه التجربة على وجود قاذف جسيمات دون ذرية و وجود حاجز قبالته يحتوي على شقين ، و قبالة ذلك الأخير يوجد حاجز مستشعر. وعندما تم قذف الجسيمات من خلال الشقين لتصل إلى الحاجز المستشعر، شكل ذلك نمط تداخل موجي على الحاجز المستشعر، و يكأن الجسيمات تصرفت كالموجات. مما شكل حيرة بسبب هذه النتيجة، هل الجسيمات هي فعلياً عبارة عن جسيمات أو موجات بالأصل؟ بسبب الأثر الموجي الذي تركته. علل العلماء تلك النتيجة أنها قد تكون بسبب تصادم الجسيمات ببعضها أثناء الخروج مما أثر في مساراتها لتظهر كموجة. فقاموا بإجراء التجربة مرة أخرى و لكن بشكل فردي هذه المرة لاستبعاد تأثير تصادم الجسيمات على النتائج، أي أنهم قاموا بقذف جسيم واحد كل مرة، فماذا حصل يا ترى ؟ الجواب الصادم أن هذا الجسيم المنفرد ( الإلكترون ) ترك أثراً موجياً على الحاجز المستشعر أيضاً ! و كأنه دخل من الشقين سوياً ، إصطدم بنفسه ، وترك أثراً موجياً على الحاجز. أي كأن هذا الإلكترون المقذوف قد تواجد في أكثر من مكان في آن واحد.و ليعرف العلماء ما الذي حصل بالضبط، قاموا بوضع جهاز مراقبة ليراقبوا تصرف هذا الجسيم و ما الذي أدى لحصول النتيجة الموجية تلك. و لكن ما إن وضعوا جهاز المراقبة و أجروا التجربة مرة أخرى تغيرت النتيجة كلياً! إذ أن الجسيم عند وضعهم لجهاز المراقبة و إعادة التجربة قام بترك أثر جسيم و ليس أثر موجة على الحاجز المستشعر! و كأن الجسيم أو الالكترون واعٍ و مدرك أنه تتم مراقبته لذلك غير تصرفه عن طريق اتخاذ مسار واحد و ترك أثر جسيمي على الحاجز.تمت إعادة التجربة عشرات المرات و لم تتغير النتيجة، فكان الإلكترون في كل مرة عند مراقبته يتصرف تصرفاً جسيمياً و عند تركه دون مراقبة يتصرف تصرفاً موجياً. و المراقبة لم تعني بالضرورة وجود وعي ذكي ليقوم بفعل المراقبة،قد يكون ذلك،وقد تكون ببساطة تسليط ضوء مثلاً.و كمحاولة يائسة أخيرة، أعادوا التجربة مرة أخرى ولكن هذه المرة قاموا بوضع جهاز المراقبة بعد حاجز الشقين و ليس قبله، بمعنى أنه لن يرى جهاز المراقبة إلا بعد دخوله من الشقين، إذاً سيتصرف كموجة عند دخوله من الشقين و سنرصده على تلك الحالة بعد مروره من حاجز الشقين. و لكن النتيجة كانت أن هذا الجسيم ترك نمط جسيم و ليس نمط موجي !كأن الإلكترون بعد دخوله كموجه من حاجز الشقين و رؤيته لنظام المراقبه الموضوع بعد الحاجز قد عاد بالزمن ليغير من الماضي و يدخل هذه المرة من شق واحد ليترك نمط جسيمي. هذا كان التفسير الوحيد. فقد قام الإلكترون بالرجوع بالزمن ليغير حالته الأصلية حتى لا يتم رصده موجه تتواجد في أكثر من مكان في آن واحد.هذه كانت واحدة من أهم التجارب في علم الفيزياء الحديث و اللتي ضربت بمبدأ السببية و بسهم الزمن بعرض الحائط، لأن فعل المراقبة غيّر ماضي الجسيم.و بما أن الجسيمات دون الذرية هي المكون الأساسي لكل شيء بما فيه الوعي البشري، فإذا و بتطبيق نتيجة هذه التجربة على تجارب حياتنا اليومية، اكتشفنا أن النتيجة قد تأتي أحياناً قبل حدوث المسبب، أو بعبارة أخرى، يمكن لحدثين أن يؤثرا على بعضهما البعض بصرف النظر عن من حدث فيهما أولاً. فمثلاً يمكن للحدث الذي حدث الساعة الواحدة أن يؤثر على حدث مرتبط به حدث الساعة الثانية عشرة.و بالعودة إلى مثال فطيرة التفاح الذي تطرقنا له في البداية عزيزي القارئ، أحياناً قطف التفاحة يعتمد على ما إذا تم صنع الفطيرة أو لا، و ببساطة الكلام، إذا قمنا بصنع الفطيرة فسوف تقطف بالماضي، و إذا لم نصنع الفطيرة فسوف تبقى معلقة على الشجرة. إن نتائج التجربة عزيزي القارئ تثبت أن الكون قد يكون أحياناً مغايراً للحدس و قد يكون غير عقلاني في بعض الأحيان.
 

مواضيع مماثلة

أعلى