بانياس الساحل محافظة طرطوس،

walaa yo

كبار الشخصيات
طاقم الإدارة
بانياس (أو بانياس الساحل كما تُسمَّى تمييزاً لها عن بانياس الجولان) هي مدينة ساحلية سورية تُطلُّ على البحر الأبيض المتوسط وتتبع محافظة طرطوس، وهي المركز الإداري لمنطقة بانياس. يبلغ عدد سكان المدينة قرابة 50 ألف نسمة، وهي تمتاز بتركيبةٍ طائفيةٍ متنوّعةٍ تشمل المسلمين السنة والعلوية والمسيحية. يجري عبر المدينة نهر بانياس كما يتدفَّق قربها نهر السن، ويوجد فيها عددٌ من المواقع الأثرية الهامة، منها قلعة المرقب وبرج الصبي وخان بيت جبور، ويجعل منها ذلك مدينة سياحية هامة، إذ يتوافد إليها ما يربو على عشرة آلاف سائح سنوياً من مختلف أنحاء العالم. كما حظيت المدينة خلال العقود الأخيرة بأهمية اقتصادية كبيرة، من جهةٍ لموقعها على ساحل البحر المتوسط وأهمية مينائها في استقبال السفن التجارية التي تتوافد إلى المنطقة، ومن جهةٍ أخرى لبناء عددٍ من المنشآت الصناعية البارزة فيها، أهمُّها على الإطلاق مصفاة النفط الأكبر في سوريا ومحطة لتوليد الكهرباء هي واحدةٌ من خمس محطات تمدُّ كامل سوريا بالطاقة الكهربائية، إلا أن المدينة تواجه مشكلةً حادَّة في التلوث المائي والهوائي نتيجةً لعمل هذه المنشآت الصناعية.

ذكرت مدينة بانياس منذ القدم في السجلات التاريخية، وقد اكتشفت فيها العدد من الآثار الهامَّة، ويعتقد أن تاريخها يعود إلى حقبة ما قبل التاريخ. اكتسب موقعها أهمية خلال العصور الوسطى لقربها من قلعة المرقب، إذ دارت في محيطها عدَّة معارك بين المسلمين والصليبيّين للسيطرة على القلعة التي كانت قد سقطت خلال الحملة الصليبية الأولى، ولم يستعدها المسلمون حتى سنة 1285 م عندما فتحها السلطان قلاوون. شهدت المدينة توسعاً كبيراً في العصر الحديث، واكتسبت أهمية اقتصادية كبيرة، وقد كانت أحد المراكز الأولى التي انطلقت منها الاحتجاجات السورية في مطلع سنة 2011، ممَّا أدى إلى حصار واجتياح الجيش النظامي لها فيما بعد، ولا زالت تعيش المدينة تحت طوقٍ أمني مشدد منذ ذلك الحين. وقد شهدت مجزرة كبيرة في الثالث من مايو عام 2013 راح ضحيَّتها مئات القتلى.
1602342305606.png

التاريخ
1602342353815.png

قلعة المرقب، إحدى أهمّ المعالم الأثرية في بانياس.
يعتقد أن تاريخ مدينة بانياس يعود إلى حقبة ما قبل التاريخ.[1] كانت فيما مضى مدينة فينقية تتبع مملكة أرواد، [2][3] حيث مثَّلت في ذلك العصر ميناءً بحرياً هاماً. عُرِفت المدينة في العهد الإغريقي باسم بالانيا، ثم تغيَّر اسمها فميا بعد إلى بلنياس، أي الحمامات (وقد عثر بالفعل على عددٍ من الحمامات الأثرية قرب منبع نهر بانياس).[1] وعرفت بذات الاسمين بعد سيطرة الإمبراطورية الرومانية على الشام، وحظيت في ذلك العهد ببعض الاستقلالية، لكن في عهد الإمبراطورية البيزنطية تغيَّر اسمها إلى ليوكاس.[4] وقد عثر في سنة 1860 الآثاري آرنست رينان على نقشٍ باللغة اليونانية في معبدٍ صغيرٍ بني على ضفة نهر بانياس اليمنى، يقول الآتي: «على شرف أهل بانياس في سورية المستقلين قام أنتيوخوس الملقب بديفيلوس ابن مينودور بتشييد هذا المعبد وإقامة التماثيل على نفقته الخاصة». كما عثر بالمدينة على نقودٍ وميداليات رسم عليها الإلهان الإغريقيَّان جوبيتر وباخوس، ممَّا يدلّ على ديانة أهلها في القدم. وقد حظيت المدينة في العهد الهلنستي بأبنية بلدية ومجلس شيوخ، فمن نقوشها التي تعود إلى القرن الثاني الميلادي: «أصدر مجلس الشيوخ والشعب مرسوماً بإقامة التمثالين تكريماً لفيليب ابن أنتيبا تروس لأبيه أنتيبا تروس ابن فيليب، كشكرٍ لأنتيبا تروس الذي قام بمساهماتٍ طوعيَّة، حيث مارس وظيفة مدير المعهد الرياضي بتألّق».[5]

مدَحَ أبو الفداء المدينة لكثرة أشجارها وفواكهها، كما تحدَّثَ عنها أسامة بن منقذ.[1] وقد جاء ذكر المدينة في كتاب معجم البلدان لياقوت الحمويّ باسم بُلُنْيَاس، وجاء في وصفها:[6]

«بُلُنْيَاس: كورةٌ ومدينةٌ صغيرةٌ وحصنٌ بسواحل حمص على البحر، ولعلَّها سُمِّيت باسم الحكيم بلنياس صاحب الطلمسات.»
1602342409609.png

سيطر الصليبيون على قلعة المرقب وبانياس، ولم يستعدهما المسلمون حتى سنة 1285.

وفي حقبةٍ ما خلال عهد الحكم الإسلامي لبلاد الشام أو ما سبقه شُيِّدت على مقربةٍ من المدينة - على مسافة 5 كيلومترات إلى الجنوب منها - قلعة المرقب ذائعة الصّيت، للإسهام في حمايتها هي ومنطقة الساحل المحيطة بها، وجاء أوَّل ذكرٍ للقلعة في السجلات والكتابات العربية عام 1047 م.[7][8] لكن بعد الحملة الصليبية الأولى وقعت المدينة - ومعها قلعة المرقب - تحت سيطرة الصليبيين في عام 1098 م (حوالي 492 هـ)، فألحقت بإمارة أنطاكية، [9] وقد أطلقوا على المدينة إذ ذاك اسم فالينيا، وأصبحت في تلك الحقبة مقرَّ أبرشية تابعةٍ لبطريركية أنطاكية.[1][4] بعد السيطرة الصليبية، وضعت بلنياس وقلعة المرقب تحت سلطة عائلة مانسوير، ونُقِلت فيما بعد إلى فرسان القديس يوحنا عام 1186، وقد حاول صلاح الدين الأيوبي أن يفتحها بعد فتحه أغلب الشام، إلا أنَّه فشل في ذلك. ولم يستعد المسلمون المدينة والقلعة حتى سنة 1285، عندما فتحت على يد السلطان قلاوون.[4][5]

عثر في المدينة سنة 1924 على آثار وبقايا أعمدة من الغرانيت وتيجان الأعمدة، كما عثر فيها لاحقاً على آثار مسرح روماني من القرن الأول الميلادي. وقد اكتشف في سنة 1986 مدفنٌ جماعيٌّ بمدرسة ابن خلدون من القرن الأول أيضاً فيه خمس قبورٍ فرديَّة وعددٌ كبيرٌ من الأدوات والقطع الأثرية، تشمل تشمل قناعاً وبضعة خواتم وزوجاً من الأقراط كلّها من الذهب، بالإضافة إلى عددٍ من النفخات الزجاجية والحلقات الحديدية، وعرى وأرجل طاولة وحمَّآلة سرج وأدوات طعامٍ من البرونز، فضلاً عن وريقات ذهبية وبقايا قفل برونزي. كما اكتشف مدفن آخر في سنة 1988 من القرن الأول الميلادي بتلة فارس قرب الطريق العام في بانياس، حفر بشكل قبة في التربة البركانية، فيها ستّ معازب بها توابيتٌ فخارية وخشبية.[5] بالنسبة للعملات النقدية ببانياس، فقد عثر عليها من مختلف الحقب كالرومانية والإسلامية والصليبية، [3] وقد كانت تمثّل بعضها صورة هرقل وقد ارتدى فرو أسد وأمسك بيده دبوساً، وأخرى الإله بعل راكباً عربة وتُحِيط به هالة شعاعية، وفي بعضها إلهة الكون نيمن.[5] وفي سنة 1994 جرت أعمال تنقيبٍ في مزارع على أوتوستراد بانياس - اللاذقية قرب المشفى الوطني، وعثر نتيجةً لها على أرضية فسيفسائية تعود إلى القرنين الثاني والثالث عشر الميلاديَّين. كما عثر في تنقيبات السنة ذاتها على قناة مائية عمقها 3 إلى 4 أمتارٍ كانت تصبُّ في البحر قرب "صخرة المنشحة".[9]

كما أنَّ من آثار المدينة البارزة برج الصبي للحراسة المبنيّ بالقرب من قلعة المرقب، [10] وقلعة القوز التي باتت حياً سكنياً اليوم، [11] وخان بيت جبور الأثري القديم، [12] وقصر تحوف الأثري المهدوم.[13]


العصر الحديث
أصبحت تُعرَف المدينة ابتداءً من العهد العثماني باسمها الحاليّ بانياس، وقد جُعِلت في ظلّه مركز قضاء بانياس الذي امتدَّ من نهر الحصين شمالاً إلى قرية الحويز جنوباً، ومن المتوسط غرباً إلى قرية الدالية غرباً. وقد أقيم فيها خلال نهاية القرن التاسع عشر الميلادي بناء السرايا، تبعه جامع ومدرسة، ومساكن ومحال للمهاجرين من ريف المدينة إليها. وأصبحت المدينة في تلك الفترة مركزاً بارزاً لصناعة الحرير في المنطقة، وأنشأت فيها ثلاثة مخانق لإنتاجه كانت تجتلب شرانق الحرير من كل المناطق المُمتدَّة من أنطاكيا شمالاً إلى صافيتا جنوباً.[4]


قصر تحوف الأثري، كان قبل هدمه أحد أهمّ آثار العهد العثماني في المدينة.
شهدت بانياس في الثمانينيات إضراباً لتجَّار المدينة احتجاجاً على مجزرة حماة والحملات العسكرية الأخرى في مدن البلاد ضدّ المدنيين، إلا أنَّ ذلك أدَّى إلى اعتقال الكثير منهم قسراً على يد الأجهزة الأمنية.[14] وقد ربي في بانياس الشيخ عبد الستار عيروط، الذي كان أحد مشاهير علماء منطقة الساحل بسوريا، وقد أيَّد الانتفاضة ضد حافظ الأسد في الثمانينيات، فاعتقل باللاذقية في سنة 1980، ومنذ ذلك الوقت وهو يُعَدّ مفقوداً، فيما يعدُّه البعض "شهيداً".[15][16]

فُرِضَ في المدينة منذ الثمانينيات - وعلى غير المدن السورية الأخرى - الاختلاط بالمدارس بين الجنسين، فضلاً عن حظر الحجاب بالمدارس. وقد احتجّ أهالي المدينة السنّة كثيراً على هذه القوانين، وقامت بعض الفتيات السنيات رداً عليها بارتداء ستراتٍ طويلةٍ بالمدارس تصل إلى القدمين فوق الزي المدرسي الموحد، وقد أثار الأمر سخط مديري المدارس، فاستدعوا الأمن السياسي بعد رفض الفتيات خلع السترات، والذي اجتمع بدوره مع الأهالي، وفي النهاية كانت التسوية أن تلبس الفتيات منذ ذلك الوقت فصاعداً زياً مدرسياً طويلاً يصل إلى القدمين. وبمبادرة أخرى قامت فتيات في سنة 2000 بدخول مدارسهنّ محجّبات، فطردن من مدارسهن، وحدثت بلبلة كبيرة بالمدينة على إثر ذلك واجتمع الأهالي بالمدرسة للاحتجاج، وانتهى الأمر بإلغاء قانون منع الحجاب بالمدارس، غير أنّ الاختلاط لا زال سارياً حتى اليوم.[14]

كانت الصوفية على الطريقة الشاذلية (وبشكل أقل الطريقة النقشبندية) هي المنهج السائد بين شبان المدينة خلال الثمانينيات والتسعينيات، وحازت حلقاتها إقبالاً كبيراً بين الأهالي، فأصبحت الحلقات الدينية الأساسية بها مع تضييق السلطات على الجماعات المتديِّنة الأخرى. لكن منذ مطلع القرن الواحد والعشرين أخذت أعداد المتصوّفين بالانحدار، على حساب منهج السلفية الذي حلّ محل الصوفية عقب حرب أفغانستان واحتلال العراق، فأصبح المنهج السّائد بالمدينة والأكثر شعبيًّةً وشيوعاً فيها.

لجغرافيا
تقع مدينة بانياس على خليج صغير يُطِلُّ على البحر الأبيض المتوسط، على ارتفاعٍ يتراوح من 5 إلى 10 أمتارٍ عن مستوى سطح البحر.[43] ومنطقة بانياس هي أكبر المناطق في محافظة طرطوس مساحةً، حيث تبلغ مساحتها الإجمالية 720 كم2. وهي أكثر مناطق طرطوس غنى بالحياة النباتية، [44] إذ تكثر فيها الجبال التي تغطّيها الغابات المتوسطية من أشجار السنديان والخرنوب والغار والزيتون.[44][45] يحدُّ بانياس من جهة الغرب البحر الأبيض المتوسط، ومن الشمال محافظة اللاذقية، ومن الشرق سفوح جبال الساحل، ومن الجنوب منطقة الشيخ بدر.[44] تقع مدينة بانياس في السهل الساحلي السوري الخصب، إلا أنّها تقترب أيضاً من جهة الشرق من جبال الساحل، لذلك فإنّ السهول حولها تستمرّ بالضيق والاتساع بين الحين والآخر محصورة بين الجبال من جهة والبحر المتوسط من جهة أخرى، [4] ويبلغ عرض السهل عند نهر السن شمال المدينة ما لا يزيد عن الكيلومترين، [44] ثم ينقطع انقطاعاً تاماً عندها لتأتي مكانه تلال بركانية.[44][46]

يمرُّ بوسط المدينة نهر بانياس الساحلي الصغير البالغ طوله كيلومتراً واحداً الذي ينبع من منطقة رأس النبع ويصبُّ في البحر المتوسط، [47] ويقطعه في وسط المدينة جسر مشاةٍ قرب جامع الرحمن كانت توجد حوله فيما مضى بعض النواعير، إلا أنّها أزيلت فيما بعد. يوجد مجرى صرف صحيٍّ على جانب النهر، كما يوجد عدد من المطاعم والمحالّ.[48] كما يجري شمال المدينة نهر السن الشهير، [49] ويمرُّ بقربها نهر الجعم الموسميّ، الذي يجفّ في الصيف، وهو يجري قريباً من مدخلها الشماليّ.[50] وتقع جنوبها على طريق بانياس - طرطوس غابة صنوبر وسنديان قرب بلدة تالين.[45][51] من جهة أخرى، تقع على مسافة كيلومترين جنوب بانياس مغارة الباصية، وهي مغارة صغيرة لا يتجاوز حجمها حجم غرفة صغيرة، [52] وتمثّل المغارة مزاراً دينياً للسكان المحليين المسيحيّين الذين يأتون إليها للتبرك، إذ يُعتَقد أن مريم العذراء قد أتت إليها في إحدى الليالي بحثاً عن مكان للرّاحة.[53][54]

المناخ
بانياس هي مدينة ذات مناخ متوسطي جافٍّ في الصيف ممطرٍ في الشتاء.[4] ويُبيِّن الجدول الآتي متوسط درجات الحرارة الدنيا والعليا ومعدلات هطول الأمطار على مرّ السنة في مدينة بانياس:

الشهرينايرفبرايرمارسأبريلمايويونيويوليوأغسطسسبتمبراكتوبرنوفمبرديسمبرالعام
بيانات مناخ Baniyas
العظمى المتوسطة °س (°ف)15.0
(59)
16.1
(61)
18.7
(65.7)
22.3
(72.1)
25.9
(78.6)
29.1
(84.4)
30.7
(87.3)
31.6
(88.9)
30.3
(86.5)
27.5
(81.5)
22.6
(72.7)
16.8
(62.2)
23٫88
(74٫99)
الصغرى المتوسطة °س (°ف)7.6
(45.7)
8.0
(46.4)
9.9
(49.8)
12.5
(54.5)
15.6
(60.1)
19.3
(66.7)
21.9
(71.4)
22.2
(72)
19.9
(67.8)
17.3
(63.1)
12.6
(54.7)
9.2
(48.6)
14٫67
(58٫4)
هطول mm (inches)159
(6.26)
147
(5.79)
123
(4.84)
50
(1.97)
26
(1.02)
2
(0.08)
1
(0.04)
1
(0.04)
12
(0.47)
49
(1.93)
94
(3.7)
198
(7.8)
862
(33٫94)
التقسيمات الادارية
تتبع مدينة بانياس إدرياً محافظة طرطوس الساحلية، إحدى محافظات السورية الأربعة عشرة. وهي المركز الإداري لتقسيمٍ ثانويٍّ (منطقة) هو منطقة بانياس، وتقسيم ثالثي (ناحية) هو ناحية قرى مركز بانياس، التي تضمُّ 35 قرية و46 مزرعة. تحدُّ الناحية من جهة الشمال منطقة جبلة في محافظة اللاذقية، ومن الشرق ناحيتا تالين والعنازة، ومن الجنوب ناحية الروضة ومنطقة الشيخ بدر، ومن الغرب البحر الأبيض المتوسط .وتندرج المدينة تحت إدارة ما يُعرَف بـمجلس مدينة بانياس، الذي يشمل أيضاً بلدة بعمرائيل وجزءاً من أوبين.


الأحياء والمناطق

مدينة بانياس قديماً.
يمثّل مركز بانياس الحاليّ المدينة الأصلية الصّغيرة، التي كانت قائمة على مساحة ضيّقة فيما يُعرَف اليوم باسم حارة القلعة، وقد بدأت بالتطوّر والتوسع حديثاً فقط، وأتى توسّعها - المستمر مع الزيادة السكانية المطّردة - في اتّجاهي الشمال والجنوب مع عرضٍ قليلٍ باتجاه الشرق بالنّظر إلى الطبيعة الجغرافية حولها التي تحصرها بين البحر من جهة والجبال من جهة أخرى.[4] لمدينة بانياس ثلاث مداخل رئيسية، الأول يأتي من جهة الشرق عبر طريق بانياس - القدموس - مصياف ليدخل حيّ القصور، والثاني من جهة الشمال يأتي من طريق بانياس - جبلة - اللاذقية ليمرّ عبر حريصون ومصفاة النفط، والأخير من جهة الجنوب من طريق بانياس - طرطوس يأتي من جهة المحطة الحرارية. وتتألّف المدينة من ثلاثة أقسام، الأول هو القسم الشمالي، وهو مبنيُّ فوق رسوبيات حديثة نسبياً، ويبدأ من قريتي القلوع وحريصون شمال بانياس وعبر حي المروج وصولاً إلى شارعي الباسل والكورنيش الشرقي. وأما القسم الغربي فهو يبدأ من شركة توزيع الغاز ومساكن عمال المصفاة ثم الشركة السورية لنقل النفط فشاليهات نادي مصفاة بانياس حتى المدينة الرياضية، حيث تبدأ الحدود العمرانية للمدينة، ويستمرّ القسم عبر جسر نهر بانياس وصولاً إلى ميناء الصيد وحتى المحطة الحرارية. وأخيراً يأتي القسم الجنوبي، [44] ويبلغ عدد سكانه نحو 20,000 نسمة، ويشمل هذا القسم أحياء رأس النبع والقبيات والميدان والكورنيش والبازار، [كما أنه يضمُّ مستشفى الجمعية.

يُعَدّ سوق الهال أحد أهمّ وأبرز أسواق المدينة، وهو سوق شعبيٌّ كبيرٌ يقع على مدخل بانياس الجنوبي الرئيسي. إلا أنّ السوق يواجه مشكلة بسبب صغر حجمه ووقوعه على طريق رئيسي، لذلك توجد مشاريعٌ تهدف إلى نقله إلى عقدة العنازة حيث يتم بناء سوقٍ حديثٍ أكثر تنظيماً.[59] أثرى وأغنى أحياء المدينة هو حي القصور المشرف على ساحل البحر المتوسّط، وهو حيٌّ قديم يعود بناؤه إلى العهد العثماني، ويقع قريباً من مصفاة النفط. وجلّ سكانه الآن هم من العلويين الذين وفدوا إلى المدينة خلال العقود الأخيرة عقب انقلاب حافظ الأسد والحركة التصحيحية.

الاقتصاد
المهن الأساسية التي يعتمد عليها سكان بانياس هي صيد السّمك والزراعة. يوجد تمييز طائفي في الوظائف الرسمية بالمدينة كالبلدية والمالية ودئرتي النفوس والعقارات، إذ أنها لا تُمنَح إلا لأبناء الطائفة العلوية، ويشمل ذلك مصفاة النفط والمحطة الحرارية اللّتين تشغّلان آلاف الموظفين.[14][35] وأما أبناء المدينة السنة فيعمل معظمهم بالزراعة والصيد، [14] كما يعمل الكثير منهم ممَّن لا يكملون تعليمهم بالبواخر التجارية[35] التي تقضي سنواتٍ في رحلات إلى موانئ أجنبية، وأحياناً بالحرف اليدوية والصناعات المختلفة.[14] وأما الطّبقة المثقّفة والمتعلّمة من أمثال المهندسين والأطباء فأغلب المنتمين إليها يهاجرون إلى دول الخليج العربي وأوروبا سعياً وراء فرص عمل.[35]

اكتسبت المدينة أهميَّة اقتصادية كبيرة نتيجة بناء عدَّة منشآت صناعية بارزة فيها، أهمُّها المحطة الحرارية لتوليد الطاقة الكهربائية، ومصفاة النفط لتكرير النفط المستخرج بالبلاد، والشركة السورية لنقل النفط، وشركة الغاز.[64]

الزراعة
تنتشر الزراعة في محيط بانياس وأريافها بفضل خصوبة التربة والمناخ المتوسطي السَّائد بالمنطقة، ومن بين المحاصيل الشّائعة فيها الحمضيات واللوزيات والزيتون، كما تشيع فيها الزراعة المحمية وزراعة الخضراوات الموسمية.[4] كثرت مع مطلع القرن الواحد والعشرين زراعة البندورة المحمية بالخيم البلاستيكية في منطقة بانياس لمردودها الكبير، فأصبحت مصدر دخل آلاف السكّان، [14] وباتت المحصول الأساسي المزروع بالمنطقة بأكملها ومورداً أساسياً لدخلها، [35] بل وأصبحت تفيض كثيراً عن حاجة المنطقة، فتُصدَّر إلى دول الخارج.[68] وقد بلغ عدد البيوت البلاستيكية المُخصَّصة لها في منطقة بانياس 43,273 بيت في سنة 2011.[69] لكن ابتداءً من سنة 2006 بدأت عائدات زراعة البندورة في بانياس بالانخفاض، بل وبدأت تجارتها تتحوَّل إلى خسارة، ففي سنة 2008 كان سعر بيع الكيلوغرام الواحد 5 ليرات مقابل تكلفة 20 ليرة لزراعته، وتفاقمت المشكلة مع ارتفاع أسعار النايلون والسماد وتكاليف النقل.[70] وفضلاً عن ذلك جاءت مشكلة حشرة حفار أوراق البندورة ابتداءً من موسم سنة 2010، التي تسبَّبت بخسارات بلغت ملايين الليرات السورية لمزارعي وتجار المنطقة. فقد بلغ عدد البيوت المصابة بالحشرة سنة 2011 في منطقة بانياس 40,617 من أصل 43,273 بيتاً، أي أكثر من 90% من إجماليّ البيوت الحمية في المنطقة، مُسبِّبة خسائر اقتصاديَّةً هائلة.[69]

الصناعة
بُنِيت حديثاً في بانياس منطقة صناعية بمساحة 11.7 هكتار وطاقة استيعابية تبلغ أكثر من 350 مقسماً، لتصبح مركز المحالّ الصناعية بالمدينة.[71] كان قد بدأ مشروع منطقة بانياس الصناعية في سنة 2009، وكان يُفتَرض أن تستوعب 150 مقسماً فحسب، ثمّ رفع العدد فيما بعد إلى 350، لإبعاد أكبر عددٍ ممكن من الصناعيّين عن المناطق السكنية تجنّباً لإزعاج الأهالي، ووضعت لتنفيذ المشروع فترة 1,200 يوم.[72] أعلنَ أسامة محمَّد مدير المنطقة الصناعية في شهر حزيران من سنة 2012 عن استكمال 90% من المنطقة وانتهاء بناء جميع بناها التحتيّة بكلفة إجمالية تبلغ 123 مليون ليرة سورية، إلا أنّ إقبال صناعيّي المدينة على اكتتاب محالٍّ جديدة بالمنطقة لا زال منخفضاً، إذ لم يُكتَتب حتى الآن سوى 70 مقسماً بالمنطقة الصناعية من أصل 350، أي نحو خمس العدد الإجمالي، [73] وقد برَّر بعض الصناعيّين ذلك بغلاء الأمتار المربعة التي بلغ سعر الواحد منها 7,500 ليرة، وتحاول إدارة المنطقة التنسيق مع اتحاد الحرفيين في طرطوس لمحاولة تشجيعهم على اكتتاب المحالّ في المنطقة الصناعية وإقناعهم بضرورة الانتقال إليها.[74]

صيد السمك
يعتمد عددٌ كبيرٌ من أهالي المدينة على مهنة صيد السمك لكسب رزقهم، خصوصاً سكان المناطق القريبة من الشاطئ، مثل الرملة وقصر تحوف والقبيات. إلا أنّ الكثير من الصيّادين لا يعتمدون على هذه المهنة وحدها، بل يقومون بجانبها بعدّة مهنٍ أخرى، لأن غلاء الأسعار جعلها غير كافية لسدّ احتياجات الأسرة. وتواجه مهنة صيد السمك ببانياس عدّة مشكلات، من أبرزها انخفاض أعداد الأسماك بسبب كثرة الصيد، وصدور قرار في سنة 2008 بمنع الصيد في المياه الإقليمية.[75] يُبَاع أغلب السّمك المُصطَاد بالمدينة بالمزاد العلني في سوقٍ قديمٍ جداً يُعرَف بـسوق السمك أو ساحة السمك، وهو يبعد مساحة 50 متراً فحسب عن شاطئ البحر، ونحو 1,000 متر عن مرفأ الصيد والنزهة.[76] تتعدَّد وتتنوَّع طرق صيد السمك المستخدمة في شواطئ مدينة بانياس، فهي تشمل الصيد بالشّباك، [75] والصيد بالسنارات، [77] والصيد بتفجير أصابع الديناميت.[78]

المنشآت الاقتصادية
صناعة النفط
1602342747936.png

آثار الهجوم على خطوط مرابط النفط في بانياس – سانا.
Crystal Clear app kdict.png مقالات مفصلة: مصفاة بانياس خط أنابيب كركوك-بانياس
مصفاة بانياس هي واحدة من مصفاتي النفط الوحيدتين في سوريا، إلى جانب مصفاة حمص، ومصفاة بانياس هي الأكبر إنتاجاً من بينهما، إذ تنتج 130,000 برميل يومياً، فيما تنتج نظيرتها بحمص 110,000 برميل يومياً.[79] كما يُمكِن للمصفاة تكرير 6 ملايين طنٍّ متريّ من النفط الخام سنوياً، مغطية جزءاً بارزاً من الحاجة المحلية للمشتقات النفطية من المازوت والوقود والغاز والأسفلت.[80] تأسَّست مصفاة بانياس بموجب العقد رقم 20 لعام 1974، حيث أقيمت شركة مصفاة بانياس العامة التابعة لوزارة النفط والثروة المعدنية التي تعاقدت للعمل على المشروع مع شركة إندستريال إكسبورت إمبورت الرومانية. بدأ العمل على إقامة المصفاة في شهر أيلول من سنة 1975، وافتتحت في 21 من آذار سنة 1982. وقد تمكَّنت بالواقع من العمل بنسبة 102% -117.08% من طاقة تكريرها المفترضة بالأصل، والبالغة 6 ملايين طن سنوياً.[81] تخضع المصفاة لعملية إصلاح سنوية تُسمَّى العمرة السنوية، تتوقف خلالها عن العمل بالكامل، ويبلغ طولها عدة أسابيع تكون في شهري أيلول وتشرين.[79]

يتصل بمدينة بانياس خط أنابيب كركوك–بانياس لنقل النفط، الذي تشغله الشركة السورية لنقل النفط (سكوت)، [49] وقد كان ينقل 300,000 برميلٍ من النفط يومياً إلى سوريا قبل أن يتعطل إبان الاحتلال الأمريكي للعراق، وبدأت سوريا والعراق يبحثان إعادة افتتاحه ابتداءً من سنة 2010.[82][83] ينتهي خط الأنابيب هذا في مصبّ نفطيّ يُعرَف بـمصبّ بانياس يتبع الشركة السورية لنقل النفط (سكوت)، حيث يُنقَل منه النفط عبر البحر ليُصدَّر إلى الخارج، [84] ويتسبَّب المصبّ بقدرٍ كبيرٍ من التلوّث في المدينة والبيئة المحيطة بها.[85]

في 24 يونيو 2019، وقعت تفجيرات تحت الماء لثلاث مرابط وست خطوط تصدير النفط السوري في بانياس.[86]


المحطة الحرارية
الجهة المسؤولة عن تزويد المدينة بالطاقة هي الشركة العامة لتوليد الطاقة الكهربائية في بانياس، [87] التابعة بدورها للشركة العامة لكهرباء محافظة طرطوس، التي كانت مُلحَقَة بها منذ سنة 1968 وحتى أوائل الثمانينيات.[88] استقلّت شركة توليد الطاقة الكهربائية في بانياس ودُشِّنت بمرحلتها الأولى في 21 تشرين الثاني سنة 1982، وبمرحلتها الثانية في 23 آب سنة 1989، بحضور الرئيس السابق حافظ الأسد.[87] تدير الشركة محطة توليد طاقة المدينة المعروفة باسم المحطة الحرارية[14] الواقعة على مسافة 3 كيلومترات جنوب بانياس، ويبلغ عدد موظفيها 877 موظّف، وهي تتألّف من أربع عنفٍ غازية، استطاعة كل واحدة منها 170 ميغاواط، [87] وقد كانت تعمل كلّها فيما مضى على الوقود، [87] غير أن استحدامه قلّ حديثاً على حساب الغاز الطبيعي من أجل مشكلة تلوث البيئة.[87][89] وقد صنِّعت العنف الغازية الأربع بالتعاقد مع شركة طاقة إيطاليَّة (TurboCare) وأخرى سورية (T.O.E.C).[89][90]
1602342811945.png

إطلالة بانياس من فوق قلعة المرقب، ويظهر في الخلفية المرفأ وكذلك بعض أجزاء المحطة الحرارية.
كما توجد في بانياس محطة تحويل باستطاعة 60 ميغا فولت أمبير، [91] ومحطة كهرباء

المرفأ
يقع في بانياس أحد المرافئ الثلاث الوحيدة الموجودة في سوريا، إذ لا يوجد غيره سوى مرفأ اللاذقية ومرفأ طرطوس.[93] لمرفأ بانياس أهمية كبيرة في تصدير النّفط، إذ ينتهي إليه خط أنابيب كركوك–بانياس لنقل النّفط من العراق وتصديره إلى الخارج عبر البحر المتوسط إلى الأسواق الأوروبية، وتبلغ طاقة الخط التي تُنقَل إلى المرفأ 2,5 مليون برميل يومياً.[94][95] يحظى المرفأ بإدارة وإشراف المديرية العامة للموانئ، وهو يؤوي الكثير من زوارق الصيد والنزهة والزوارق الرياضية واليخوت السياحية. تبلغ طاقة المرفأ الاستيعابية نحو 600 زورق، وهو يستوعب السفن الصغيرة البالغ غاطسها 4.5 أمتار.[96] يبلغ طول أرصفة المرفأ الإجمالي 1,455 متراً، ومساحتها 5,125 متراً مربعاً، وأما مساحة خلف الأرصفة فنحو 14,200 متر مربع.[97]
 

المرفقات

  • 1602342294005.png
    1602342294005.png
    83.8 KB · المشاهدات: 64

مواضيع مماثلة

أعلى