دير عطية مدينة صغيرة في سورية

walaa yo

كبار الشخصيات
طاقم الإدارة
دير عطية مدينة صغيرة في سوريةة مدينة صغيرة في سورية ، تقع بين جبال القلمون و سلسلة جبال لبنان الشرقية ، تبعد 88 كم إلى الشمال من العاصمة دمشق، على الطريق المؤدي إلى مدينة حمص، تعداد سكانها لعام 2003 يزيد عن 20000 ألف نسمة.

نظراً لطبيعة هذه المنطقة الشبه جافة حيث لا يزيد معدل الأمطار عن 125 ملم سنوياً، مما أدى إلى إغتراب أهلها شرقاً و غرباً ، حيث سافر الكثير منهم في أوائل القرن العشرين إلى الأمريكيتين،و بعد ظهور فرص العمل في دول الخليج وحتى شرق آسيا الأمر الذي أدى إلى نقل تجارب هؤلاء المغتربين الناجحة فيتم تطبيقها في مدينتهم التي لطالما يطلقون عليها الضيعة،آه منها كلمة يتشوق لها كل المغتربين مرددين لها كل حين . تتميز ديرعطية بمتحفها الذي يضم آثاراً من كل العصور التي مرت بها هذه المدينة، و المدينة الرياضية التي تريك مدى تطور و تنظيم و رقي هذه البلدة، كما يوجد بها مركز ثقافي، ونشاطات أخرى متفرقة. تنتشر فيها كروم العنب و أشجار المشمش و الكرز و التين و فواكه كثيرة أخرى لها طعمها الخاص .

افتتحت بدير عطية عام 2003 أول جامعة خاصة في سورية .

عاش سكان ديرعطية مسلمون منهم و مسيحيون جنباً إلى جنب،غلب على طابع علاقاتهم التسامح و المحبة.

تعود أهل هذه المدينة على مشروب يقدم ساخناً يدعى المته حيث استحضرها أهل ديرعطية المغتربين من أميركا الجنوبية، فإذا دعاك أحدهم " تعال نشرب متة" فهي ليست دعوة لشرب المتة فقط ، إنما هي إحدى علامات كرم أهل هذه المنطقة ففي أي وقت تقرع باب أحدهم سيستقبلك بكلمات ترحاب وود .

يشتهر أهل ديرعطية بنسبة المثقفين وخريجي المعاهد والجامعات العالية في مختلف الاختصاصات .

تاريخ ديرعطية


يقرن المؤرخون اسم ديرعطية بالقائد الروماني تيودوس بولس ومعنى ذلك عطاء الله وارتبط هذا الاسم بأذهان الأجيال التي تعاقبت على ديرعطية في مسيرة عمرها الممتدة إلى أكثر من ألف عام على الرغم من عدم وجود مكتشفات أثرية تشير للعمر الحقيقي للبلدة باستثناء القنوات الرومانية القديمة ولهذا اتصف سكان البلدة بأنهم مثالا للحيوية والتجديد والمقدرة على الانتقال من مرحلة إلى مرحلة والتعامل مع الواقع ببساطة شديدة . تقع ديرعطية على المنحدر الشمالي لهضبة القلمون بين جبال لبنان الشرقية غربا وجبل ديرعطية شرقا متوسطة الطريق الدولي الواصل بين دمشق وحمص شمال مدينة النبك 8 كم

إن العوامل الطبيعية لديرعطية ساعدت في تمكين الإنسان من الاستفادة من المياه الجوفية الواقعة في هذا الوادي المحصور بين جبلين ولهذا نجد العديد من الأقنية الرومانية والتي تبدأ في منطقة يبرود القريبة من ديرعطية .

تتمتع ديرعطية بمناخ معتدل صيفا وبارد شتاء إذ أن ديرعطية تقع على ارتفاع1250متر

عن سطح البحر الأمر الذي جعلها تشع حيوية في الصيف وتعاني من صقيع الشتاء إذ يمضي أهلها أوقاتهم بجانب مواقد الحطب يتناولون حديث الذكريات

تدل الشواهد التاريخية الموجودة في ديرعطية أنها ليست اقل قدما من النبك أو قارة المجاورتين لديرعطية حيث إن البلدتين مرّتا بنفس الظروف الطبيعية لديرعطية كما إن تسميتها تعيد للأذهان عهد القرون الأولى للمسيحية وكذلك للفترة البيزنطية التي انتشرت فيها الأديرة على نطاق واسع في القرن الخامس الميلادي او حتى قبل ذلك إلى الفترة الآرامية التي ازدهرت فيها أساليب الري والزراعة والموجود مثيلاتها في ديرعطية كما تشير وثائق الوقف الخاصة بديرعطية والتي تعود إلى أوائل القرن الثامن الهجري الذي شهد نهضة ديرعطية الأولى والتي تضمنت وجود قناة قديمة وارض معتملة وسهل ووعر وصير

على الرغم من وجود كل تلك المقومات التاريخية إلا أن اسم ديرعطية لم يرد في كتب ومؤلفات الرحالة والجغرافيين والمؤرخين في العصور الوسطى وبداية العصور الحديثة غير أن الموقع الجغرافي لديرعطية يقدم تعليلا مقنعا لهذا الإغفال الذي لا يدخل الإهمال وإنما لأن الرحالة والباحثين سلكوا الطريق السلطاني الذي يمر على بعد ثلاث كيلو مترات إلى الغرب من ديرعطية وكذلك وجود مجموعة من التلال إلى الغرب من ديرعطية القديمة ولاسيما رابية القاموع قد أدت إلى حجبها عن الأنظار ويزيد من ذلك الاحتجاب وجود البلدة القديمة في المنطقة المنخفضة من منحدرات وادي المجر وسط منظومة من التلال تحيطها من معظم الجهات باستثناء الشرق .

إن اجتياز المنطقة في فصل الشتاء القاسي البرودة قد جعل المسافرين على الطريق السلطاني لايلوون على شيء في حركتهم بين قارة والنبك لما يتعرضون له من تيار ريح بارد مثله من وادي الزمراني في جبال لبنان الشرقية الواقعة للغرب من البلدة.

ومازالت ذكرى البرودة القارسة محفورة في ذهن ذلك الشاعر العاشق عندما قال :

ولما سقتني في الهجير رضابها تذكرت أني بين قارة والنبك

هذا بالإضافة إلى القول المعروف والمتداول بين أهالي المنطقة ما بين قارة والنبك البنات البكر بتبكي .

وتدل الشواهد المتبقية إلى أن السيدة خاتون وفدت إلى دير عطية منذ ما يزيد عن سبعمائة سنة وحطت رحالها على القناة الرومانية المعروفة بعذوبة مائها وبرودته حتى في فصل الصيف وقد أعجبت السيدة خاتون وصحبها بجمال الطبيعة ونقاوة الهواء فطابت لها الإقامة وجعلت دير عطية مقرها الرسمي.

إن الوثيقة التاريخية التي أوصت بها السيدة خاتون وأعطت بها الأراضي لعدد من جنودها ومساعديها جعلها تحرص على إقامة تجمع نموذجي يضم حماماً عاماً يُعتبر من أقدم الحمامات في سورية كذلك أقامت أربع طواحين للحبوب التي تشتهر دير عطية بإنتاجها.

ان السيدة خاتون وهي ابنة أحد القادة الأيوبيين جعلت طواحين الحبوب والحمام العام وقفاً ذرياً يوزع إيراداته على مجموعة من العائلات من أبناء البلدة في وثيقة تاريخية.

كما جعلت السيدة خاتون الوقف للذكور دون الإناث وقد خصصت جزء من موارد أملاكها في دمشق لصيانة القناة الرومانية ولذلك لم تكن أراضي دير عطية تخضع للطابو [التمليك] حتى عهد قريب.

في تنشيط للذاكرة الشعبية من أبناء البلدة والمناطق المجاورة تشير بعض الروايات إلى ان ديرعطية شهدت في أواخر القرن الماضي حدثين هامين أحدهما صحي والآخر اقتصادي ففي المجال الصحي تقول الروايات إن أهالي ديرعطية تعرضوا إلى وباء الكوليرا وأطلقوا عليه الواغش وقد توفي في يوم واحد ما يزيد عن خمس وسبعون شخصا وفي المجال الاقتصادي تشير الروايات الشفهية إلى أن ديرعطية تعرضت شأنها في ذلك شأن أكثر مناطق بلاد الشام إلى مجاعة شديدة مع بداية الحرب العالمية الأولى وذلك بسبب الحروب العثمانية حيث استولت الدولة العثمانية في ذلك الوقت على جميع المحاصيل الزراعية وصادرتها كذلك سلبت الفلاحين ما يمتلكون من حيوانات ولم تكتف بذلك بل جندت شباب البلدة وأخذتهم للحرب وهو ما يُعرف لدى كبار أهالي البلدة بـ [حرب التجمع] وتأكد روايات المعمرين من أهالي البلدة أن عددا من أبناء البلدة قد ذهب للمشاركة في حرب البلقان التي جرت في أواخر القرن الماضي وكذلك حرب اليمن والتي كانت تم بين القوات العثمانية وهذه ونظرا لانعدام القوت اليومي قد اضطروا إلى خبز التمير وهو نبات عشبي درني ينمو تحت سطح التربة مثل ثمار البطاطا ولكن بحجم اصغر بكثير .

لقد أدى ذلك إلى مجاعة كبيرة وإزاء هذا الواقع المؤلم اضطر كثير من أهالي البلدة للهجرة إلى أمريكا الجنوبية خاصةً الأرجنتين إذ تبلغ نسبـة المهاجرين إلى ما يُقارب 25% - وقد حقق هؤلاء المغتربون نجاحات باهرة في المجال الاقتصادي حيث يؤكد الكثير ممن عادوا إلى الوطن أن عدداً من أبناء دير عطية يمتلكون مزارع كبيرة ومتاجر متميزة ومصانع مشهورة وقد كان للأموال التي يعود بها هؤلاء المغتربون أو يرسلونها لأهاليهم كبير الأثر في تطور القرية وتقدمها مما أدى إلى توفير حياة رغيدة لأبنائها خاصةً في مجال التعليم مما ساعد في القضاء على الأمية بشكلٍ تام بين الرجال والنساء وقد استمرت الهجرة إلى أمريكا الشمالية حتى عام 1930 تقريباً إذ شهدت البلدة موجة جديدة من الهجرة في اتجاهٍ آخر ألا وهو فلسطين وقد عمل أبناء البلدة في المجال العمراني نظراً لما يتمتعون به من كفاءةٍ عالية في هذا المجال خاصةً بناء الحجر والقناطر وقد تأثرت هذه الفترة من الهجرة بما صاحبها من نكبة 1948 حيث عاد الأهالي إلى البلدة غير أن ظروف الحياة الاقتصادية الصعبة في دير عطية وما اتصف به الأهالي من مستوى معيشي عالٍ وقلة الموارد الاقتصادية نظراً لشح الماء الذي أثر على الزراعة دفع الأهالي إلى البحث عن طرق جديدة للهجرة إلى جانب عمل الاهالي في موسم الحصاد فيما عرف بحصيدة شمال التي يشترك فيها الرجال والنساء ويتبارزون ايضا في السرعة والمهارة كانت السعودية هي المحطة الجديدة هذه المرة ثم تبعها أفواج من الشباب إلى الكويت وفي الستينات من القرن الحالي بدأت طلائع المغتربين من الشباب الباحث عن الأمل المُشرق والغد الواعد بالسفر إلى ليبيا ودولة الإمارات مما يدل على مدى اعتماد أهالي البلدة على الهجـرة وحبهم للسفر والسعي إلى تحسين ظروف معيشتهم ولهذا يربو عدد المهاجرين من أبناء البلدة عن 60% من سذكور القرية ممن هم في سن العمل المناسبة.

إن هؤلاء المغتربين وبالرغم مما يتحملونه من مشاق السفر وآلام الغربة كان لهم دور كبير بما تشهده دير عطية اليوم من تطور عمراني ونهضة شاملة ومستوى علمي واجتماعي متقدم يتميز عن كثير من مثيلاتها في قرى ومدن القطر العربي السوري.

يتميز أبناء دير عطية بروح الجماعة وحب التعاون والهوس الثقافي حتى يُمكن القول إن الأمية بين الذكور تكاد تكون معدومة منذ مطلع القرن العشرين كما أن تعليم الإناث قد بدأ في مراحل متقدمة مما يمكن القول أن 50% من الإناث يعرف القراءة منذ مطلع القرن العشرين.

أهالي دير عطية مضيافون ويحبون الغرباء ولهذا فان ديرعطية شهدت موجة من الهجرات إليها ووجد الوافدون إلى ديرعطية كل متطلبات الحياة من أمن وأمان وقد انصهر هؤلاء الناس ضمن أهالي البلدة واصبحوا من أهلها غير أن التسمية التي أطلقت عليهم فإنها وما تزال حتى الآن دلالة حقيقية على المناطق التي وفدوا منها مثل بيت الزحيلي نسبة إلى زحلة وبيت الحمصي نسبة إلى حمص وبيت الفليطاني نسبة إلى فليطة وبيت القرواني نسبة إلى القريتين وبيت الهندي وبيت المصري وبيت البريجاوي إن ما تقدم يعطي انطباعا عن ما تتصف به البلدة من إمكانيات الاستقرار وعوامل الحياة المناسبة .

لقد استمرء أهالي البلدة هذه الصفة الحميدة وساروا عليها ولهذا فإنك لا تجد في دير عطية وحتى وقت قريب أي فندق أو مطعم لأن أي عابر سبيل يفد إلى دير عطية لابد وأن يجد من يوفر له حسن الضيافة وطيب الإقامة ومعروف أن بيوت أهالي دير عطية مفتوحة الأبواب مُرحبة بالضيوف سواء من أهالي البلدة أو من خارجها ولعل ما اشتهر به أهالي دير عطية أنهم في الماضي كانوا يُكثرون من تجهيز العروس بالفرش والمخدات تحسباً لقدوم هؤلاء الضيوف مما يجعل منازل القرية في استعداد دائم. إن دير عطية مازالت حتى اليوم بدون فندق مع كثرة الوافدين إليها خاصةً في فصـل الصيف الذين لا يجدون صعوبة في إيجاد أصدقاء ومعارف يُحسنون ضيافتهم ويكرمون إقامتهم.


الاقتصاد
كانت بلدة دير عطية حتى عهدٍ قريب تعتمد في حياتها الاقتصادية على موردين أساسيين هما الزراعة والصناعة. ففي المجال الزراعي: اشتهرت دير عطية بزراعة الأشجار المُثمرة كالعنب والمشمش والجوز والإجاص، وقد أدت هذه المحاصيل الزراعية إلى ازدهار صناعة الدبس وشهدت دير عطية في وقت من الأوقات وجود خمس معاصر للدبس تصدر منتجاتها إلى القُرى المجاورة وبعض المدن ولم يقتصر إنتاج دير عطيـة على الدبس فقط بل أصبح القمردين من المنتجات الصناعية المعروفة في دير عطية والمتميزة بطعمٍ لذيذ لا يتصف به غيره.

كذلك اشتهرت دير عطية بزراعة الجزر والبطاطا واللفت نظراً لطبيعة أراضيها وعذوبة مائها حتى أن الباعة المتجولون في مدينة دمشق ينادون لترويج بضاعتهم باللفت الدير عطاني المشهور في صناعة المخلل إلى جانب الجزر أيضاً.

كما اشتهرت دير عطية بإنتاج أصناف عديدة من القمح الأبيض والأسمر المروي والبعلي نظراً لطبيعة مناخ البلدة ووجود زراعة السقي والبعل وكان القمح مصدراً هاماً للدخل ووسيلة هامة يُحدد على أساسها المستوى الاقتصادي للعائلة وذلك لقيمته الاقتصادية والغذائية ولهذا تجد تجارا كثيرون يتجولون في البلدة يشترون القمح والبرغل والكشك ومن هنا احتل القمح مكانة الصدارة في المجال الاقتصادي ويُقام على إيراداته مشاريع الزواج والبناء ولهذا فإن مادة القمح في دير عطية رمزاً أساسياً ومادة مُقدسة لهم فهي مصدر قوتهم اليومي سواءً بالخبز أو البُرغل أو مشتقاته من المأكولات اليومية.

لم يقتصر نشاط الأهالي على المجال الزراعي فقط بل امتد إلى المجال الصناعي أيضاً: وكانت دير عطية تشتهر بصناعة البسط والعبي المصنوع من صوف الغنم وشعر الماعز ووبر الجمال وحتى وقت قريب تضم ديرعطية سوقاً يُسمى بسوق الحدادين وهذا السوق يضم في جنباته صُنَّاعاً مهرة يُنتجون ما يحتاج إليه الفلاحون من معدات تُستخدم في الزراعـة وفي حياتهم اليومية وكانت صادرات هذا السوق تصل إلى القرى المجاورة بل وتُنافس صناعات أخرى.

لقد اشتهرت دير عطية أيضاً بصناعة تراثية أخرى ألا وهي صناعة جران القهوة التي كانت مطلوبة في ذلك الوقت وكانت أشجار الجوز المنتشرة في دير عطية مصدراً أساسياً لهذه الصناعة إلى جانب صناعة النوارج والأبواب والعديد من الصناعات الأخرى.

لقد عرف أهالي دير عطية في بناء القناطر وبناء أحجار النحيت ولهذا فإن العديد من هؤلاء الصُناع المهرة كانوا يُغادرون البلدة مع بداية فصل الشتاء القارس البرودة إلى دمشـق للمساهمة في مشاريع البناء لتوفير مصـدر للرزق لعائلاتهم وقد أدى ذلك إلى وجـود أعداد كبيرة من أبناء البلدة في مدينة دمشق وأقاموا أحياء بكاملها أدت فيما بعد إلى استقرارٍ تام فيها.
 

المرفقات

  • 1601924254919.png
    1601924254919.png
    31.6 KB · المشاهدات: 65

مواضيع مماثلة

أعلى