عبادة بن سعد الأنصاري

مالك محمد

كاتب محترف
عبادة بن سعد الأنصاري






  1. عبادة بن سعد بن عثمان الزرقي الخزرجي الأنصاري، له صحبة ورواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويقال: مسح النبي صلى الله عليه وسلم على رأسه، فمات وهو ابن ثمانين سنة وما شاب.
    عبادة بن سعد اسمه ونسبه
    عبادة بن سعد بن عثمان بن خَلْدَة بن مُخَلَّدِ بن عامر بن زُرَيْقٍ بن عامر بن زريق بن عبد حارثة بن مالك بن غَضْبِ بن جُشَمَ بن الخزرج بن حارثة بن ثعلبة بن عمرو مزيقياء بن عامر ماء السماء بن حارثة الغطريف ابن امرئ القيس بن ثعلبة بن مازن بن الأزد بن الغوث بن نبت بن مالك بن زيد بن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان، الزرقي الخزرجي الأنصاري. قال ابن الأثير: خلدة: بسكون اللام وآخره هاء، ومخلد: بضم الميم وفتح الخاء وباللام المشددة، أخرجه الثلاثة (أي ابن منده وأبو نعيم وابن عبد البر)[1]. ويذكر الواقدي والده باسم: سعيد بن عثمان بن خالد بن مخلد، وأفرد ابن الأثير لأبيه ترجمة باسم "سعيد بن عثمان الأنصاري الزرقي [2]، والصحيح المشهور "أبو عبادة سعد بن عثمان بن خلدة".

    كما ورد بلفظ "عبَّاد"، قال أبو نعيم: عبادة الزرقي وقيل: عبَّاد [3]. وهو تحريف، وقد خلط ابن أبي عاصم بين عبادة الزرقي وأبيه سعد بن عثمان، وجعلهما في ترجمة واحدة، قال في الآحاد والمثاني: عبادة الزرقي، وقالوا: أبو عبادة، واسمه سعيد بن عثمان بن خالد بن مخلد .. بدري رضي الله عنه [4]، وعنه نقل الطبراني في المعجم الكبير وأبو نعيم وابن الأثير [5]، وهذا وهم، وإنما هما ترجمتان مختلفتان للأب وابنه.

    أسرة عبادة بن سعد
    والده الصحابي سعد بن عثمان بن خلدة رضي الله عنه، آخى النبي صلى الله عليه وسلم بينه وبين عثمان بن عفان رضي الله عنه في أحد الأقوال، وشهد غزوة بدر وأُحد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم[6]. وأمه الصحابية سُنْبُلَةُ بنت ماعص بن قيس بن خلدة بن عامر بن زريق الزرقية الأنصارية، أسلمت وبايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم[7]، وعمه الصحابي عقبة بن عثمان الزرقي، شهد بدرًا وأُحدًا[8].

    وإخوته: فروة وعبد الله وعبد الله الأصغر وعقبة وميمونة وأم البنين[9]. وله من الأبناء: مسعود، وأمه أم ولد، وقُتل مسعود مع عمَّيْه فروة وعقبة وابن عمه عثمان بن فروة في موقعة يوم الحرة التي كانت بين أهل المدينة وجيش يزيد بن معاوية سنة 63هـ[10]. ومن أبنائه: عبد الله وسعد، وكلاهما حدَّثا عن أبيهما[11]، كما سيتبين بعد قليل.

    صحبة عبادة بن سعد للنبي صلى الله عليه وسلم
    جزم الحافظ ابن حبان بصحبته، وقال: عبادة الزرقي له صحبة، وكذلك الحافظ ابن أبي حاتم، وذكره الحافظ ابن منده في الصحابة وقال: عبادة الزرقي، عداده في أهل الحجاز. وذكره كذلك ابن أبي عاصم، وذكر البخاري في تاريخه: وكان عبادة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم. وأورده ابن قانع في معجم الصحابة، وكذلك أبو نعيم في معرفة الصحابة وابن الأثير في أسد الغابة، وجزم بصحبته الحافظ المزي، ورجح ابن حجر في الإصابة قول من قال بصحبته[12]، بينما قال ابن عبد البر: لا ترفع صحبته، أو: لا ندفع صحبته[13].

    وقال الحافظ السخاوي: عبادة الزرقي صحابي، ذكره مسلم في الطبقة الأولى من المدنيين، وجزم بصحبته أبو حاتم وابن حبان وموسى بن هارون وقال: من زعم أنه عبادة بن الصامت فقد وهم. وقال ابن عبد البر: لا ندفع صحبته، وقال ابن السكن: يقال له صحبة وليس له غير حديث واحد، وساقه من طريق عبد الله بن عبادة الزرقي أنه كان يصيد العصافير, وهو عند البخاري في تاريخه وموسى بن هارون وأبي نعيم، لكن قال ابن مندة: إن دحيمًا وغيره رووه فقالوا: عباد، وهكذا هو في مسند أحمد، وإن ما أشار إليه موسى بن هارون وقع في المسند أيضًا، ورجح شيخنا (أي ابن حجر) في إصابته الأول، برواية عند ابن السكن وبأن لسعد بن عثمان الزرقي ابنا يقال له: عبادة، صحابي ذكر ابن سعد أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح رأسه فهو هذا وأوضح شيخنا ذلك [14].

    وقال العلامة مغلطاي: وذكره في الصحابة من غير تردد الترمذي، والباوردي، وابن زبر، وابن منده فيما ذكره ابن الأثير ويعقوب بن سفيان الفسوي وقال: كان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، والبرقي وغيرهم، فكان الأولى بالمتأخر البحث عن حاله وترجيح أحد القولين على الآخر [15].

    رواية عبادة بن سعد
    قال الحافظ المزي: عبادة الزرقي الأنصاري، والد سعد بن عبادة، وعبد الله بن عبادة، له صحبة، روى عن: عبد الله بن سلام. روى عنه: ابناه: سعد بن عبادة، وعبد الله بن عبادة، وقيل: سعد بن عمرو بن عبادة[16]. وقال الحافظ ابن منده: روى عنه ابناه: عبد الله وسعد، حديثه في صيد العصافير بالمدينة[17]، وكذلك حديث سعد بن عبادة الزرقي في البر والصلة كما عند ابن المبارك والبخاري[18]. وقال الحافظ المقدسي: عبد الله بن عباد، وقيل ابن عبادة الزرقي عن عبادة، إسناده لا بأس به[19]. وقال ابن الجوزي: سعد بن عبادة اثنان أنصاريان: أحدهما سعد بن عبادة بن دليم الخزرجي أحد النقباء، والثاني سعد بن عبادة الزرقي روى عن أبيه عن عبد الله بن سلام[20]. وقال ابن حجر في التهذيب: عبادة الزرقي الأنصاري له صحبة، روى عن عبد الله بن سلام وعنه ابناه سعد وعبد الله[21].
    أحاديث عبادة بن سعد ومواقفه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم
    قال ابن حجر: وقد تقدَّم في ترجمة سعد بن عثمان الزرقي أن له ابنًا يقال له عبادة، له صحبة، فهو هذا. وقد ذكر ابن سعد أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح رأس عبادة بن سعد بن عثمان الزرقي.
    قلت: وله في هذا قصة ذكرتها في ترجمة والده أبي عبادة سعد بن عثمان الزرقي. والله أعلم[22].

    وهذه القصة أوردها الزبير بن بكار في "أخبار المدينة" وابن زبالة في "أخبار المدينة" من طريق محمد بن سعد أنه: كان لأبي عبادة سعد بن عثمان رضي الله عنه بئر إهاب بالحرة في المدينة، فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم يومًا، وكان سعد بن عثمان قد ترك عليها ابنه عبادة يسقي، فلم يعرفه عبادة، فلم يلبث سعد أن جاء، فقال لابنه: هل جاءك أحد؟ قال: نعم، ووصف له صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ذاك رسول الله صلى الله عليه وسلم، الْحقْ به، فلحقه، فمسح رسول الله صلى الله عليه وسلم على رأس عبادة رضي الله تعالى عنه، وبرّك فيه، ودعا له. يقال: فمات وهو ابن ثمانين سنة وما شاب، قال: وبصق رسول الله صلى الله عليه وسلم في بئرها[23].

    وروى البيهقي وابن أبي عاصم ويعقوب بن يوسف الفسوي وابن قانع والطبراني وأبو نعيم الأصبهاني والضياء المقدسي وابن الأثير كل بسنده عن عبد الرحمن بن حرملة، عن يعلى بن عبد الرحمن بن هرمز، أن عبد الله بن عباد الزرقي أخبره أنه: كان يصيد العصافير في بئر إهاب -وكانت لهم- قال: فرآني عبادة، وقد أخذت عصفورًا، فانتزعه مني وقال: "إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَرَّمَ مَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا كَمَا حَرَّمَ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَكَّةَ" وكان عبادة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقال الضياء المقدسي: إسناده لا بأس به[24].

    أما الإمام أحمد فقد أخرجه من حديث عبادة بن الصامت من هذا الوجه، مما أوقع البعض في الوهم، فقالوا بأن عبادة الزرقي هو عبادة بن الصامت، وليس كذلك بل هما اثنان [25]، فقد رواه الإمام أحمد في مسند عبادة بن الصامت رضي الله عنه، بلفظين، الأول: صرح فيه بنسب عبادة فقال: فرآني عبادة بن الصامت وقد أخذت العصفور فينزعه مني .. [حديث رقم 22708]، والثاني بلفظ عبادة فقط، قال: فرآني عبادة وقد أخذت العصفور فانتزعه مني [حديث رقم 22789]، بلفظ: "أَيْ بُنَيَّ، إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: حَرَّمَ مَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا كَمَا حَرَّمَ إِبْرَاهِيمُ مَكَّةَ"[26]. والصواب ما ذهب إليه موسى بن هارون -كما عند أبي نعيم وابن الأثير وابن حجر- قال: من قال: إن هذا عبادة بن الصامت فقد وهم، هذا عبادة الزرقي، صحابي[27].

    قال ابن حجر: "عبادة الزرقي: قال موسى بن هارون: له صحبة، ومن زعم أنه عبادة بن الصّامت فقد وهم ..، وقال ابن السكن: يقال له صحبة، وليس له غير حديث واحد، ثم أخرجه من طريق عبد الرحمن بن حرملة، عن يعلى عن (بن) عبد الرحمن بن هرمز، أن عبد الله بن عبادة الزرقي أخبره: أنه كان يصيد العصافير، قال: فرآني أبي عبادة، وقد أخذت عصفورًا فنزعه مني، وقال: "إن رسول الله صلى الله عليه وسلم حرَّم ما بين لابتيها". قال: وكان عبادة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم. وهكذا أخرجه البخاريّ في تاريخه، وموسى بن هارون، وأبو نعيم. وذكر ابن منده أن دحيما وغيره رووه عن أبي ضمرة، فقالوا عباد. قلت: وكذا قال عبد الرحمن بن أحمد في زيادات المسند، عن محمد بن عبادة، وغيره، عن أبي ضمرة. ووجدت الذي أشار إليه موسى بن هارون عن أحمد في مسنده، فإنه خرَّج الحديث عن علي بن المديني، عن أنس بن عياض، وهو أبي ضمرة، فقال فيه: إن عبد الله بن عباد الزّرقي أخبره أنه كان يصيد العصافير، قال: فرآني عبادة بن الصامت، وترجَّح قول من قال فيه عبادة الزرقيّ رواية ابن وهب التي أخرجها ابن السكن من طريقه، عن يحيى بن عبد الله بن سالم عن عبد الرحمن بن حرملة" ا.هـ [28].

    وروى عبد الله بن المبارك، قال: أخبرنا عبد الله بن لاحق، قال: أخبرني سعد بن عبادة الزرقي، أن أباه أخبره, قال: كنت جالسا في مسجد المدينة مع عمرو بن عثمان بن عفان، فمر بنا عبد الله بن سلام مُتَّكِئًا على ابن أخيه، فَبَعُدَ عن المجلس ثم عطف فرجع إليهم فقال: مَاشَئْتُ عَمْرَو بْنَ عُثْمَانَ مرتين أو ثلاثا، فوالذي بعث محمدًا بالحق إن لفي كتاب الله -أو قال: في بعض كتب الله- أو نحوه، قال الحسين: أنا أشك: "لَا تَقْطَعْ مَنْ كَانَ يَصِلُ أَبَاكَ فَيُطْفَأْ بِذَلِكَ نُورُكَ"، ورواه بهذا السند البخاري في الأدب المفرد والتاريخ الكبير، وقال الألباني: رجاله ثقات، إلا أن ابن عبادة هذا لم يوثقه غير ابن حبان، وفي موضع آخر قال الألباني: ضعيف، كما في تخريجه للأدب المفرد[29].

    وفاة عبادة بن سعد
    لم يرد تاريخ محدد لوفاة عبادة بن سعد بن عثمان الزرقي رضي الله عنه، إلا أنه ورد في قصة بئر إهاب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مسح على رأس عبادة رضي الله تعالى عنه، وبرّك فيه، ودعا له. يقال: فمات وهو ابن ثمانين سنة وما شاب، فإن كان عبادة الزرقي لم يعرف النبي صلى الله عليه وسلم لصغر سنه، فيكون عمره آنذاك في حدود العاشرة، أي أنه ولد تقريبًا في العام الأول بعد الهجرة النبوية، فتكون سنة وفاته تقربيًا سنة 80هـ =699م، أي في خلافة عبد الملك بن مروان الأموي (73 - 86هـ = 692 - 705م)، وهو في الثمانين من عمره رضي الله عنه.
 

walaa yo

كبار الشخصيات
طاقم الإدارة
يعطيك العافيه على كل ماتقدميه
 

مواضيع مماثلة

أعلى