ما هي علامات ضعف الإيمان

مالك محمد

كاتب محترف
علامات ضعف الإيمان

الإيمان


يُعرّف الإيمان لغةً بالتصديق والاعتقاد،[١] وقيل إن أصل الإيمان مشتق من الأمن وهو عكس الخوف، وقال الراغب: "أصل الأمن طمأنينة النفس وزوال الخوف"، وبيّن شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- أن الإيمان مشتق من الأمن الذي هو الطمأنينة والقرار، ويتحقق ذلك إذا استقر التصديق والانقياد في القلب، ويمكن تعريف الإيمان لغة على أنه الإقرار القلبي كذلك، ويتم الإقرار من خلال اعتقاد القلب، أي تصديقه بالأخبار، وأما عمل القلب فهو إذعانه وانقياده للأوامر.[٢]

أما شرعاً فيُعرّف الإيمان على أنه الإقرار الكامل، والاعتراف التام، والتصديق الجازم بربوبية الله تعالى، وألوهيته، وأسمائه وصفاته، واطمئنان القلب بذلك بحيث يُرى أثره في سلوك العبد، والتزامه بأوامر الله -تعالى- واجتناب نواهيه، بالإضافة إلى التصديق والإقرار بأن محمداً -صلى الله عليه وسلم- نبي الله ورسوله، وخاتم الأنبياء والمرسلين، والانقياد للنبي -عليه الصلاة والسلام- بالطاعة المطلقة فيما أمر به، واجتناب ما نهى عنه، وقبول كل ما أخبر به عليه الصلاة والسلام من الأحكام الشرعية، والأمور الغيبية، وبما أخبر به عن ربه عز وجل، وإظهار الخضوع والطمأنينة لكل ذلك.[٣]

ومن الجدير بالذكر أن أهل العلم قد أجمعوا على أن الإيمان تصديق بالجنان، وقول باللسان، وعمل بالجوارح والأركان، حيث قال الإمام البغوي رحمه الله: "اتفق الصحابة والتابعون فمن بعدهم من علماء السنة على أن الأعمال من الإيمان.. وقالوا: إن الإيمان قول وعمل وعقيدة"، ونقل الإمام الشافعي -رحمه الله- في كتاب الأم إجماع الصحابة -رضي الله عنهم- والتابعين من بعدهم على أن الإيمان قول، وعمل، ونية، وأنه لا يجزئ واحد من الثلاثة عن الآخر،[٣] وفي الحقيقة أن الإيمان في القلب يزيد وينقص، مما يجعل القلب عرضة لضعف الإيمان، مصداقاً لما رُوي عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (إنَّ الإيمانَ لَيَخْلَقُ في جَوْفِ أحدِكُمْ كَما يَخلَقُ الثّوبُ، فاسْألُوا اللهَ تعالَى: أنْ يُجَدِّدَ الإيمانَ في قُلوبِكمْ).[٤][٥]

علامات ضعف الإيمان


سمّي القلب بهذا الاسم لكثرة تقلبه، مما يجعله عرضة لمرض ضعف الإيمان في أي وقت، مصداقاً لما رُوي عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن قال: (إنَّما سُمِّيَ القلبَ من تَقَلُّبِه، إِنَّما مَثلُ القلبِ مَثَلُ رِيشَةٍ بالفلاةِ، تَعَلَّقَتْ في أصْلِ شجرةٍ، يُقَلِّبُها الرّيحُ ظَهْرًا لِبَطْنٍ)،[٦] ولأن ضعف الإيمان أساس كل مصيبة وسبب كل بلية ونقص، ينبغي للمسلم تفقد قلبه دائماً، ويكون ذلك من خلال معرفة علامات ضعف الإيمان، وأسبابها، وطريقة علاجها، و فيما يأتي بيان لبعض علامات ضعف الإيمان بشكل مفصّل:[٧]

  • ارتكاب المعاصي والمحرمات: حيث إن ضعف الإيمان يؤدي إلى الوقوع في المعصية وتكرارها، والإصرار عليها، إلى أن يعتادها القلب ويزول قبحها من النفس فتصبح عادةً، ثم ينتقل صاحب المعصية إلى مرحلة أخرى وهي المجاهرة بالمعصية، فيدخل في من ينطبق عليه قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كُلُّ أُمَّتي مُعافًى إلَّا المُجاهِرِينَ).[٨]
  • ضيق الصدر وقسوة القلب: حيث يشعر الإنسان بقسوة قلبه، إذ لا يتأثر بموعظة الأموات، ولا بمشاهدة الموت، ولا حتى بحمل الأموات ودفنهم في القبور، كما في قول الله تعالى: (ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُم مِّن بَعْدِ ذَٰلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً)،[٩] بالإضافة إلى ضيق الصدر، وتقلب المزاج، وكثرة التأفف، وسرعة الضجر، والغضب من أتفه الأمور.
  • التكاسل عن العبادات والطاعات وإضاعتها: حيث إن ضعف الإيمان يدفع صاحبه إلى التهاون في الطاعات، وفي حال أدائها يقوم بها على شكل حركات جوفاء لا روح فيها، فيُضيّع أوقات العبادة ومواسم الخير؛ لأنه لا يكترث لتحصيل الأجر.
  • الخوف والفزع عند المصائب: حيث إن ضعف الإيمان بالله تعالى، يمنع صاحبه من إرجاع الأحداث لمشيئة الله تعالى، فتجده عند المصيبة أو المشكلة شارد الذهن، مرتعد الأطراف، شاخص البصر، يتخبط في أمره عند وقوع البليّة، فتسيطر عليه الهموم، وتُسدّ في وجهه الطرق، ولا يتمكن من مواجهة الواقع بقلب قوي ثابت.
  • عدم التأثر بآيات القرآن الكريم: حيث إن ضعف الإيمان يؤدي إلى الملل من سماع القرآن الكريم، وعدم التأثر بكلام الله تعالى ووعده ووعيده، ولا باليوم الآخر، ولا الجنة، ولا النار، ولا أمر الله، ولا نهيه.[١٠]
  • عدم الغضب لانتهاك حرمات الله تعالى: حيث إن ضعف الإيمان يزيل من القلب كراهية المنكر وحب المعروف، حتى يستوي المعروف والمنكر فيه، فتنطفئ فيه الغيرة، وتتعطل الجوارح عن إنكار المنكر، والأمر بالمعروف، وتزول القوة الدافعة للأمر والنهي.[١٠]
  • الغفلة عن ذكر الله تعالى والدعاء: حيث يصبح الذكر والدعاء ثقيلاً على قلب المريض بضعف الإيمان، فلا يرفع يديه بالدعاء، ولا يذكر الله إلا نادراً، كما قال -تعالى- عن المنافقين: (وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا).[١١][١٠]

أسباب ضعف الإيمان


هناك العديد من الأسباب التي تؤدي إلى ضعف الإيمان، ويمكن بيان بعضها فيما يأتي:[١٢]

  • العزلة عن الأجواء الإيمانية لفترة زمنية طويلة، مصداقاً لقول الله تعالى: (أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ).[١٣]
  • ترك الصحبة الصالحة، والابتعاد عن مجالس العلم.
  • الانهماك في أمور الدنيا، والانشغال بالمال، والزوجة، والأولاد.
  • الإكثار من الأكل والشرب، والسهر، والكلام، والخلطة، فقد رُوي عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (لاَ تُكثروا الضَّحِكَ، فإنَّ كثرةَ الضَّحِكِ تميتُ القلبَ).[١٤]
  • الانغماس في بيئة مليئة بالمعاصي والذنوب.

علاج ضعف الإيمان


هناك الكثير من وسائل علاج ضعف الإيمان، ويمكن بيان بعضها فيما يأتي:[١٥]

  • تدبر آيات القرآن الكريم: فقد قال الله تعالى: (وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ).[١٦]
  • المداومة على الأعمال الصالحة: فقد كان السلف الصالح رحمهم الله -تعالى- يداومون على الأعمال الصالحة، حيث كانوا يقومون الليل وهم في الغزو والقتال، وتمر السنوات الطويلة على أحدهم من غير أن تفوته تكبيرة إحرام.
  • تعظيم الله تعالى: ويتم من خلال معرفة أسماء الله -تعالى- وصفاته وفهم معانيها.
 

walaa yo

كبار الشخصيات
طاقم الإدارة
جزاك الله خيرا
 

مواضيع مماثلة

أعلى