أسباب نزول سورة الفتح

مالك محمد

كاتب محترف

أسباب نزول سورة الفتح

“إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا”

إنا فتحنا لك فتحًا مبينا


لمَّا انْصرَفْنا مِن غَزْوةِ الحُدَيبيَةِ، قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: “مَن يحرُسُنا اللَّيلةَ؟”، قال عبدُ اللهِ: فقُلْتُ: أنا، فقال: “إنَّكَ تنامُ”، ثُمَّ أعادَ: “مَن يحرُسُنا اللَّيلةَ؟”، فقُلْتُ: أنا، حتى عاد مِرارًا، قُلْتُ: أنا يا رسولَ اللهِ، قال: “فأنتَ إذًا”، قال: فحرَسْتُهم، حتى إذا كان وَجهُ الصُّبحِ، أدرَكَني قَولُ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: “إنَّكَ تنامُ”، فنِمتُ، فما أَيقَظَنا إلَّا حَرُّ الشَّمسِ في ظُهورِنا.


فقام رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وصنَعَ كما كان يصنَعُ مِن الوُضوءِ، ورَكعتَيِ الفَجرِ، ثُمَّ صلَّى بنا الصُّبحَ، فلمَّا انْصرَفَ، قال: “إنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ لو أرادَ ألَّا تَناموا عنها، لم تَناموا، ولكنْ أرادَ أنْ تكونوا لمَن بعدَكم، فهكذا لمَن نام أو نَسِيَ”.

قال: ثُمَّ إنَّ ناقةَ رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وإبلَ القَومِ تفرَّقَتْ، فخرَجَ النَّاسُ في طَلبِها، فجاؤوا بإبلِهم، إلَّا ناقةَ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فقال عبدُ اللهِ: قال لي رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: “خُذْ هاهنا”، فأخَذتُ حيث قال لي، فوجَدتُ زِمامَها قد الْتوَى على شَجرةٍ، ما كانتْ لتَحُلَّها إلَّا يدٌ، قال: فجِئْتُ بها النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فقُلْتُ: يا رسولَ اللهِ، والذي بعَثَكَ بالحقِّ نبيًّا، لقد وجَدتُ زِمامَها مُلتَويًا على شَجرةٍ، ما كانتْ لتَحُلَّها إلَّا يدٌ، قال: ونزَلَتْ على رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ الآيات الأولى من سورةُ الفَتحِ. [1]

“لِّيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَيُكَفِّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ ۚ وَكَانَ ذَٰلِكَ عِندَ اللَّهِ فَوْزًا عَظِيمًا”

ليدخل المؤمنين والمؤمنات


عَنْ أنَسِ بنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عنْه، {إنَّا فَتَحْنَا لكَ فَتْحًا مُبِينًا} قالَ: الحُدَيْبِيَةُ قالَ أصْحَابُهُ: هَنِيئًا مَرِيئًا، فَما لَنَا؟ فأنْزَلَ اللَّهُ: {لِيُدْخِلَ المُؤْمِنِينَ والمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأنْهَارُ} قالَ شُعْبَةُ: فَقَدِمْتُ الكُوفَةَ، فَحَدَّثْتُ بهذا كُلِّهِ عن قَتَادَةَ، ثُمَّ رَجَعْتُ فَذَكَرْتُ له فَقالَ أمَّا: {إنَّا فَتَحْنَا لَكَ} فَعَنْ أنَسٍ وأَمَّا هَنِيئًا مَرِيئًا، فَعَنْ عِكْرِمَةَ. [2]

“وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُم بِبَطْنِ مَكَّةَ مِن بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ ۚ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا”

ورد في سبب نزول هذه الآية أنّ ثمانين رجلًا وقيل ثلاثين من أهل مكة هبطوا على النبي صلى الله عليه وسلم من جبل التنعيم معهم سلاحهم يريدون غزو النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فأخذهم المسلمون أسرى، وقد كان ذلك في فترةٍ كان السفراء يمشون بالصُّلح بين المسلمين وقريش، فأطلقهم رسول الله فنزلت هذه الآية. [3]

هل سورة الفتح مكية أم مدنية؟

تُعدّ سورة الفتح من السور المدنية؛ إذ إنّها نزلت على النبي -عليه الصلاة والسلام- حينما رجع مع أصحابه من الحديبية، وقد بلغ عدد آياتها تسعاً وعشرين آية، أمّا كلماتها فبلغت خمسمئةٍ وثلاثين كلمة، وحروفها ألفين وأربعمئةٍ وثمانٍ وثلاثين حرفاً.

كان نزول سورة الفتح قبل نزول سورة التوبة وبعد نزول سورة الصف، أمّا موضع نزولها فكان في المنطقة الواقعة بين مكة والمدينة والتي يُطلق عليها كُراع الغميم، وتقع سورة الفتح في الترتيب الثامن والأربعين في المصحف العثماني.

سبب تسمية سورة الفتح

سبب تسمية سورة الفتح


سمّيت سورة الفتح بهذا الاسم لِما تضمّنته من ذكر الفتح الذي تحقّق للنبي -عليه الصلاة والسلام- والمسلمين بعد الذي اعتراهم يوم الحديبية من منع المشركين لهم من أداء المناسك.


وردت تسمية سورة الفتح على لسان الصحابة رضي الله عنهم، ولم يُعرف لها اسمٌ آخرٌ، وتعدّدت الروايات والأحاديث التي ورد فيها ذكر سورة الفتح، منها ما رواه الصحابي عبد الله بن مغفل -رضي الله عنه- أنّه قال: “رَأَيْتُ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَومَ فَتْحِ مَكَّةَ علَى ناقَتِهِ، وهو يَقْرَأُ سُورَةَ الفَتْحِ يُرَجِّعُ، وقالَ: لَوْلا أنْ يَجْتَمِعَ النَّاسُ حَوْلِي لَرَجَّعْتُ كما رَجَّعَ”. [4
 

walaa yo

كبار الشخصيات
طاقم الإدارة
جزاك الله عنا كل خير
 
مواضيع مماثلة

مواضيع مماثلة

أعلى