ما هو حكم الرهن في البيع

مالك محمد

كاتب محترف


download-29.jpg



حكم الرهن
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
فقد تحدثنا في الحلقة الماضية عن حكم السلم، وفي هذه الحلقة فإننا سوف نتحدث بإذن الله تعالى عن أحكام الرهن.
أخرج البخاري ومسلم رحمهما الله في صحيحيهما (واللفظ للبخاري) عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اشْتَرَى طَعَامًا مِنْ يَهُودِيٍّ إِلَى أَجَلٍ وَرَهَنَهُ دِرْعًا مِنْ حَدِيدٍ.
وَالرَّهْنُ بِفَتْح أَوَّله وَسُكُون الْهَاءِ: فِي اللُّغَةِ الِاحْتِبَاس مِنْ قَوْلِهِمْ: رَهَنَ الشَّيْء إِذَا دَامَ وَثَبَتَ, وَمِنْهُ: ( كُلّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَة). وَفِي الشَّرْعِ: جَعْل مَال وَثِيقَة عَلَى دَيْن. وَيُطْلَقُ أَيْضًا عَلَى الْعَيْنِ الْمَرْهُونَةِ تَسْمِيَةً لِلْمَفْعُولِ بِاسْمِ الْمَصْدَرِ.
وقد عقد البخاري في صحيحه: بَاب الرَّهْنِ فِي الْحَضَرِ وَقَوْلِهِ تَعَالَى: (وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ) وعقد النووي بابا في صحيح مسلم قال فيه: بَاب الرَّهْنِ وَجَوَازِهِ فِي الْحَضَرِ كَالسَّفَرِ.
وقال في شرحه على صحيح مسلم: فِي الْبَاب حَدِيث عَائِشَة – رَضِيَ اللَّه عَنْهَا – : (أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اِشْتَرَى مِنْ يَهُودِيّ طَعَامًا إِلَى أَجَل وَرَهَنَهُ دِرْعًا لَهُ مِنْ حَدِيد) فِيهِ : جَوَاز مُعَامَلَة أَهْل الذِّمَّة, وَالْحُكْم بِثُبُوتِ أَمْلَاكهمْ عَلَى مَا فِي أَيْدِيهمْ. وَفِيهِ: بَيَان مَا كَانَ عَلَيْهِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِن التَّقَلُّل مِن الدُّنْيَا, وَمُلَازَمَة الْفَقْر. وَفِيهِ: جَوَاز الرَّهْن, وَجَوَاز رَهْن آلَة الْحَرْب عِنْد أَهْل الذِّمَّة, وَجَوَاز الرَّهْن فِي الْحَضَر, وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيّ وَمَالِك وَأَبُو حَنِيفَة وَأَحْمَد وَالْعُلَمَاء كَافَّة إِلَّا مُجَاهِدًا وَدَاوُد فَقَالا: لا يَجُوز إِلا فِي السَّفَر تَعَلُّقًا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: (وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَر وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَان مَقْبُوضَة) وَاحْتَجَّ الْجُمْهُور بِهَذَا الْحَدِيث, وَهُوَ مُقَدَّم عَلَى دَلِيل خِطَاب الآيَة.
وَأَمَّا اِشْتِرَاء النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الطَّعَام مِنْ الْيَهُودِيّ وَرَهْنه عِنْده دُون الصَّحَابَة, فَقِيلَ: فَعَلَهُ بَيَانًا لِجَوَازِ ذَلِكَ, وَقِيلَ : لأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ طَعَام فَاضِل عَنْ حَاجَة صَاحِبه إِلا عِنْده, وَقِيلَ: لأَنَّ الصَّحَابَة لا يَأْخُذُونَ رَهْنه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, وَلا يَقْبِضُونَ مِنْهُ الثَّمَن, فَعَدَلَ إِلَى مُعَامَلَة الْيَهُودِيّ لِئَلا يُضَيِّق عَلَى أَحَد مِنْ أَصْحَابه. وَقَدْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى جَوَاز مُعَامَلَة أَهْل الذِّمَّة وَغَيْرهمْ مِن الْكُفَّار إِذَا لَمْ يَتَحَقَّق مَا مَعَهُ, لَكِنْ لَا يَجُوز لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَبِيع أَهْل الْحَرْب سِلاحًا وَآلَة حَرْب, وَلا مَا يَسْتَعِينُونَ بِهِ فِي إِقَامَة دِينهمْ, وَلا بَيْع مُصْحَف, وَلا الْعَبْد الْمُسْلِم لِكَافِرٍ مُطْلَقًا. وَاللَّهُ أَعْلَم .
والرهن جائز في الشرع في الحضر والسفر عند جمهور أهل العلم، وهو كما بينه سماحة الشيخ ابن باز رحمه الله: وثيقة لحفظ الدين الذي على الراهن كما قال الله -جل وعلا-: (وَإِن كُنتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُواْ كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَّقْبُوضَةٌ) [سورة البقرة283]. يعني بدل الشهود وبدل الكتابة الرهن، ولهذا يقول سبحانه: (وَإِن كُنتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُواْ كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَّقْبُوضَةٌ) فالرهان مالٌ يوضع عند صاحب الدين حتى إذا تأخر الراهن عن قضاء الحق يباع هذا الرهن ويأخذ منه الدين بواسطة المحكمة أو بالتراضي بينه وبين الراهن، فيجعل عنده -مثلاً سيارة- رهان، يجعل عنده ملابس رهان، يجعل عنده حلي رهانة، يعطيه بيت رهان أرض رهان، لا بأس، فالرهان والرهن مالٌ يقبضه صاحب الدين وثيقة في دينه حتى إذا تأخر المدين وهو الراهن عن قضاء الدين طالبه ببيع الرهن فيما بينهما أو من طريق المحكمة حتى يوفى دينه.جزاكم الله خيراً.
والأصل في الرهون أن تكون بالأعيان، سواء كانت ثابتة كالعقار، والدور، والمزارع.. أو منقولة كالآلات، والسيارات.
 

walaa yo

كبار الشخصيات
طاقم الإدارة
جزاك الله عنا كل خير بارك الله فيك
 

مواضيع مماثلة

أعلى