ليبيا.. ساحة "غنية" للشركات التركية وأقرباء أردوغان

تشكل الساحة التركية ملعباً واسعاً قد يدر الكثير من الأموال على تركيا وشركاتها، بحسب ما أكده عدة مسؤولون ليبيون سابقا لـ"العربية.نت" .

فقد وجد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في النزاع الليبي فرصة للحصول على صفقات تجارية مربحة تحال إلى الشركات التركية، ومن ضمنها ما يمتلكها أفراد عائلته ورجال الأعمال المقرّبين منه.

وتسعى أنقرة عبر اتفاقيات مع حكومة الوفاق في طرابلس إلى جعل الشركات التركية تستحوذ على الجزء الأكبر من المشاريع في ليبيا خاصة في مجالات الإنشاء والطاقة.

وآخر التحركات في هذا المجال، كانت يوم الثلاثاء الماضي، عندما عقد رئيس حكومة الوفاق فايز السراج، اجتماعا بحث فيه إعادة الشركات والاستثمارات التركية إلى ليبيا، لاستئناف العمل في المشروعات المتوقفة بين البلدين، وأن تكون هذه العودة منطلقا لعملية شراكة مدروسة ومتوازنة، بحسب بيان حكومة السراج.

وتبعا لذلك، أعلنت بعض الشركات التركية عزمها على التوجه إلى ليبيا للبدء في أعمالها، من بينها شركة "كاراداينيز" القابضة التي قالت إنها سترسل فريقها إلى ليبيا خلال أسابيع لإمداد غرب ليبيا بالكهرباء عن طريق ميناءي غرب طرابلس الخمس ومصراتة، كما عبرت شركة "كرباورشيب" التركية عن استعدادها لإرسال محطات عائمة للمساعدة في توفير التيار الكهربائي والحد من انقطاعاته المتكررة.

إلا أن بحثا معمقا حول هويّة أكبر الشركات التي تعمل أو تخطط للعمل في ليبيا، يظهر أن ملكيتها تعود لعائلة أردوغان أو رجال أعمال مقربين منه، ومنتمين لحزب العدالة والتنمية.

صهرا أردوغان

فلأردوغان صهران يتنافسان داخل الميدان الليبي، أحدهما هو وزير المالية الحالي والطاقة السابق "بيرات البيرق"، والآخر هو "سلجوق بيرقدار"، صاحب الشركة التي تنتج طائرات من دون طيار وتصدّرها إلى ليبيا، ويلقب بـ "عراب الدرونز".

واستغلّ بيرقدار الصراع الليبي لتعزيز مبيعاته والحصول على صفقات ضخمة بالمليارات مع حكومة الوفاق لتصدير التكنولوجيا القاتلة، حصلت بمقتضاها على عشرات الطائرات المسيرة من طراز "بيرقدار تي بي2" التي تمّ تصنيعها من قبل شركة "بيكار"، كأهم سلاح استخدمته في معركتها ضد الجيش الليبي، ولا تزال تستمرّ في التزوّد به، رغم إخفاقاتها المتتالية وأدائها المتعثّر في ساحات القتال.

أما الصهر الثاني لأردوغان وهو "بيرات البيرق" نجل السياسي التركي صادق البيرق، العضو في حزب العدالة والتنمية، وأحد أصدقاء أردوغان المقربين، وهو وزير المالية الحالي الذي شغل سابقا منصب وزير الطاقة، فقد كشفت زيارته الأخيرة إلى ليبيا، أنه سيقود المفاوضات في مشاريع الطاقة مع حكومة الوفاق وينسق أنشطة التنقيب عن النفط والغاز وكذلك إعادة الإعمار في البلاد.

ظِل أردوغان

وسبق لـ"بيرات" الذي يصفه البعض بأنه ظِل أردوغان السياسي، وأحد الأوراق التي يثق فيها ثقة مطلقة، أن ترأس شركة "تشاليك القابضة" التي تضم شركات للنسيج والطاقة، ويتولاها الآن شقيقه يافوز، وهي شركة مرشحة للفوز بعقود في ليبيا بمجال اختصاصاتها.

وفي عام 2016، وجهت اتهامات لصهر أردوغان بالاتجار بالنفط المنتج في مناطق تنظيم داعش، حيث كشفت صحيفة "الاندبندنت" البريطانية في حينه، أن هناك أدلة قوية على علاقة بيرات بشركة تركية متهمة بشراء النفط من تنظيم داعش الذي كان يسيطر على عدد كبير من آبار النفط في سوريا والعراق خلال عامي 2015 و2016.

رجال أعمال مقربون من أردوغان

وفي السياق ذاته، تتقدم الشركات التركية المملوكة لرجال الأعمال المقربين من أردوغان، الشركات الراغبة في العمل بليبيا الحصول على حصة من مشاريع إعادة الإعمار والطاقة.

ومن أبرز تلك الشركات التي تطمح إلى زيادة استثماراتها والحصول على صفقات جديدة في ليبيا، شركة "جنكيز إنسات"، التي يملكها محمد جنكيز رجل الأعمال المقرب من أردوغان والعضو في حزب العدالة والتنمية، والتي تمكنت قبل عام من الحصول على حكم قانوني ضد دولة ليبيا في غرفة التجارة التابعة للمحكمة الجنائية الدولية في باريس، يقضي بأن تدفع الدولة الليبية 50 مليون يورو مقابل عقود أنجزتها المجموعة قبل عام 2011.

وعملت هذه الشركة المتخصصة في بناء المرافق السياحية والموانئ والسدود والمطارات والجسور والطرقات والطاقة، في العديد من مشاريع البنية التحتية خاصة في مدن الجنوب الليبي، كما قامت ببناء سدّ للمياه ومشروعات سكنية وعقارية أخرى، وتطمع اليوم للحصول على تعويضات من الدولة الليبية ومناقصات ضخمة للمشاركة في بناء المنشآت المتهالكة من مؤسسات عامة ومطارات وشبكات طرقات.

جلب المرتزقة

كما استثمرت شركة "سادات" للاستشارات الدفاعية الدولية التي يديرها عدنان تانري فيردي، هو أحد اللواءات المتقاعدين الذي كانت تربطه علاقات قوية مع أردوغان في السابق ويعمل حاليا أحد مستشاريه العسكريين، كثيرا في الحرب الليبية، حيث تتولى عمليات جلب المرتزقة السوريين والمقاتلين الأجانب إلى ليبيا وتسليحهم بعد تدريبهم عسكريا، ومرافقة الميليشيات المسلّحة التابعة لقوات الوفاق، كما تلعب دور الوسيط لإتمام صفقات بيع وشراء السلاح والمعدات العسكرية بين الشركات المختصة في تركيا وحكومة الوفاق مقابل الحصول على نسبة من الأرباح.

وتطمح هذه الشركة في الفترة المقبلة إلى توسيع أعمالها في ليبيا والحصول على عقود أخرى في مجال التسليح و الاستشارات العسكرية والتدريب وكذلك الأمن والحراسة لصالح قوات حكومة الوفاق، من أجل ضمان تواجد تركي دائم في ليبيا.
 
أعلى