أم الزوج وتدخلها في حياة الزوجة

قيثارة

كاتب جيد جدا




بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد الأولين والآخرين. أما بعد:


مقدمة توضيحية:
نظرًا لورود عدد من المواقف والمشاكل الأسرية بين بعض الأمهات وأبنائهن، وتدخلاتهن في حياتهم الزوجية، أحببتُ التعريج على هذا الموضوع، مجتهدًا متلمسًا الحلول المناسبة له، ومن الله التوفيق.


الأصل في الأمهات العقل والحب لأبنائهنَّ، وأن الأم مصدر عظيم للسعادة لأبنائها؛ لحُنوها وحسن خُلقها ورعايتها، وببر أولادها لها، ولكن قد يشذ عن ذلك مَن يشذ لأسباب؛ منها:
أ- سوء طبع وراثي.
ب- أو غيرة من زوجة الابن.
ج- أو لأي سبب خارجي من حسد وغيره.


وقد وصلني العديد من الشكاوى من الأمهات للأسباب التالية:
أ- قوة شخصية الأم المتجاوزة للحدود إلى حد الرعونة والعنف اللفظي وربما البدني.


ب- ونتج عنها ضَعف شخصية الأبناء والبنات بسبب تربيتهم على الخوف، والتسليم المطلق لآراء الأم، وعدم فتحها باب الحوار.


ج- تدخُّلات مثل هؤلاء الأمهات في خصوصيات الأولاد والبنات حتى بعد الزواج، وهذا مما يوتر العلاقات الزوجية.


أحدهم اتَّصل عليَّ يشكو من كثرة تدخلات أمه إذا زارتهم؛ حيث تقلب البيت جحيمًا بتدخلاتها في كل شيء حتى الطبخ، وسبها لزوجته، واتهامها بالكسل وعدم النظافة، مع أن هذه الأمور غير موجودة.


وشخص آخر شكا من أن أمه تُطالبه بتطليق زوجته المؤدبة الوفية بسبب الغيرة منها، وتقول له: الطلاق ليس عيبًا، بنات عمك مطلقات، وتخطُب له زوجة غيرها، فحذَّرتُه تحذيرًا شديدًا من طاعة أمه في ذلك.


ورأت أمي في حملة الحج في منى أُمًّا أخرجتْ ملابس وأغراض زوجة ولدها ونثرتْها على الأرض، لماذا؟! لتضع مكانها في الحقيبة هدايا أطفال، ثم تلطَّفت قليلًا، كيف؟! قامت بوضع أغراض الزوجة في الأكياس، والزوجة المسكينة تنظر من طرف خفي وهي خائفة من سطوة هذه الأم.


والسؤال المهم هنا: ما التعامل الصحيح مع مثل أولاء الأمهات؟!
يُخطئ البعض فيتركهنَّ يعبثنَ بالحياة الزوجية بسبب الخوف من العقوق، ومن دعوات الأمهات المتسلطات، فيقول بكل سلبية قاتلة وبكل ضَعف: هذي أمي وهذا طبعها، والصحيح مع التوصية بحُسن التعامل معهنَّ، ألا يفسح لهنَّ المجال أبدًا لإفساد الحياة الزوجية، إذًا ما العمل؟
أولًا يدعو لهنَّ كثيرًا، ويُناصحنَّ برفق ويُبين لهنَّ بكل حزمٍ وحكمة الخطوطَ الحمراء في الحياة الزوجية.


فإن كانت هذه أمَّك، فيجب عليك الإحسان إليها وبرُّها، وإن من برها والإحسان إليها - أن تؤمر بالمعروف وتنهى عن المنكر والإفساد والظلم، وهذه زوجتك لها حقُّ حسن الخلق وإبعاد الظلم عنها، ولوكان من أمِّك، وتذكَّر قوله سبحانه: ﴿وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ [البقرة: 228].


وقوله صلى الله عليه وسلم: ((خيرُكم خيركم لأهله، وأنا خيرُكم لأهلي))؛ رواه الترمذي وابن ماجه، وقوله صلى الله عليه وسلم: ((...استوصوا بالنساء خيرًا ...))؛ متفق عليه.


ولا تأخذك العجلة فتظلم إحداهنَّ، وتذكَّر قوله سبحانه: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ [الحجرات: 6].


وأنت كنْ حكيمًا، ولا تُظهر أمام أمِّك الغيورة الحفاوةَ البالغة بزوجتك والمدح لها؛ حتى لا تغار منها.


وانتَبه لأسباب شرعية مهمة جدًّا للمشاكل والاختلافات، سواء مع الأم أو الزوجة؛ منها: المعاصي، والظلم، والكسب الحرام.


لذا عليكم بأهم العلاجات وأقواها، وهي: الدعاء، والاستغفار، والاسترجاع، والصدقة، ومحاسبة النفس على الأخطاء، سواء من قبل الزوج مع زوجته، أو مِن قِبَل الزوجة مع زوجها أو مع أمه.


وإن وجدت نفرةً شديدة بين أمك وزوجتك بدون أسباب واضحة، أو على أسباب تافهة لا تستحق، فهنا يوجد احتمال وجود سبب خارجي من حسد أو غيره، فارْقوا أنفسكم ووالدتكم بالرُّقية الشرعية.


حفِظكم الله ورزَقكم برَّ والديكم، والإحسان إلى زوجاتكم، وعدم ظُلم أيٍّ منهم، وصلِّ اللهم على نبينا محمد ومن والاه.


 
أعلى