الطموح اساس النجاح

قيثارة

كاتب جيد جدا
عندما يأتي الانسان الى هذه الدنيا، يفتح الله أمامه فرص النجاح والفلاح ويجعل له قدرات ومواهب خاصة به وتختلف من شخص الى آخر، يستطيع من خلال توظيفها الرقي بنفسه الى سلم النجاح، فخلق الله البشر على فطرة النشاط وجبلهم على التحرك وساوى بينهم في فرص الارتقاء والتقدم مع اختلاف الوسائل المتاحة..

ولكن مع كل هذا نجد ان الكثير من البشر قد أخفقوا في استخدام تلك الوسائل المتاحة ومن ثم لم يستطيعوا تحقيق النجاح المطلوب

وتراهم يلومون حظهم كل يوم وينظرون الى الطرف الآخر بأنهم أناس محظوظون..
في حين انه لا مجال للحظ في هذه الدنيا فإن الله لا يضيع أجر العاملين؛ فيا ترى بماذا يمتاز الناجحون عن الفاشلين ان صح التعبير؟ هل خص الله النجاح بفئة دون أخرى؟ او ان الله كان في خلقه غير عادل ـ حاشا لله ـ في اعطاء فرص لأناس دون آخرين؟

ان عناصر النجاح هي كثيرة وقد أُلَّفَ عن هذا الموضوع مجلدات متعددة، ولعل من افضلها سلسلة النجاح لسماحة آية الله السيد هادي المدرسي؛ ولكن هنالك عنصراً مهماً جداً من بين هذه العناصر وقد يكون هو العنصر المحرك لباقي العناصر وهو عنصر الطموح؛فالطموح يمد الإنسان بالقوة والعزم وهو بحق يعد الوقود الذي يساعد الإنسان على المثابرة والجد والسعي وبذل الجهد، وعلى قدر طموح الإنسان يكون سعيه وعمله، وبقدر تطلعه يكون تنقله من نجاح إلى نجاح؛وقد ركزت أحاديث أهل البيت عليهم أفضل الصلاة والسلام في هذا الجانب، فقد قال امير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام:
(ما رام إمرئ شيئاً إلا ناله أو دونه

فيما قال الإمام الصادق عليه السلام:
(ما عجز بدن عما قويت عليه النية)، وبهذا يتميز الانسان الطَموُح عن سائر الناس، فالطموح قوة داخلية دافعة لا تقف بالمرء عند حد البحث عن الأكل والشرب فقط، ولو كان كذلك لاستغنى عن بذل الجهود الجبارة لبناء تلك الحضارات الكبيرة،ولكن المشكلة التي تعاني منها البشرية على مر الزمن هي في أمرين، إما في فقدان الطموح وما ينتج عنه من الكسل وغيره او الافراط فيه بالشكل الذي يوصل الى حد الطمع المذموم والذي يهلك صاحبة، لأن (الطمع مطية التعب).

محاذير الطموح

عندما ينحرف الطموح عن الأهداف الإلهية ويتجاوز حدوده الطبيعية فإنه ينتقل من قائمة الفضائل ليصبح مرضا يؤذي أصحابه، وإذا تحول الى طمع، فانه يستبيح في طريقه ما لاتبيحه الأخلاق والمبادئ والسلوك الإنساني المستقيم.

فإذا أردنا ان لا نقع في انحراف الطموح علينا ألا نخلط بين الطموح والطمع, فالطموح النبيل هو قوة محركة للاجتهاد من أجل الوصول إلى أهداف سامية، أما الطمع فإنه شعور ينطوي على التدمير والهدم والوصول الى الأهداف عبر الطرق الملتوية والايادي الملوثة والضمائر غير مستقيمة، عندها تصبح الغاية تبرر الوسيلة.ولذلك نجد ان الدين الحنيف يدعو إلى صلاح العمل اكثر مما يدعو للعمل ذاته، لتوجيهه في وجهة التعاون الإيجابي البنّاء، كما في سورة العصر، حيث يقول سبحانه وتعالى:

وَالْعَصْرِ * إِنَّ الإنسان لَفِي خُسْرٍ * إِلاَّ الَّذِينَ ءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ“.

ضياع الطموح

صحيح ان الانسان مفطور على العمل والنشاط، وان هناك وقودا يحرك هذا الانسان في هذا الاتجاه وينقله من نجاح الى نجاح وهو الطموح، ولكن ماذا لو ضاع هذا الطموح؟ فالنتيجة واضحة هي فقدان النجاحات واللجوء الى الكسل والقبول بسفاسف الامور.. أليس كذلك؟!

ولعل السؤال الذي يدور الآن هو كيف يفقد الانسان الطموح؟

هنالك مشكلة مهمة يعاني منها البشر وهي وجود الأغلال الكثيرة أمام العمل الايجابي والحركة الهادفة، وهذه الأغلال تؤدي بطبيعة الحال الى فقدان الطموح، فان الاغلال الاجتماعية والتي تتحول إلى أغلال نفسية وفكرية تجمّد الانسان وتعرقل حركته. ولقد جاء في سورة الأعراف من القرآن الحكيم:

وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالاَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِم،

وتأخذ هذه الأغلال أشكال عدة ولكن نتيجتها واحدة وهي فقدان الطموح؛ وعندما نتأمل الآيات القرآنية والاحاديث الشريفة نجد كثيراً من الآيات والنصوص تسعى من أجل تحطيم الاغلال بأشكالها كافة، ومنها:

1- الخشية من السلطة أو أصحاب القوة التي تؤدي إلى سيطرة الدكتاتورية، ولذلك يقول القرآن مخاطباً المؤمنين في سورة المائدة: “فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ“، وهكذا فهو يهدف إلى ازالة خشية العباد التي تقيد البشر وتكبله، والإبقاء على خشية الخالق التي تدفعه في طريق الجد والعمل.
2- الخوف من الأخطار المستقبلية والحزن على الخسائر الماضية مما يحطم معنويات الإنسان، ولذلك يقول الله سبحانه وتعالى عنها: إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ، ويقول تعالى لكي لاتاسوا على مافاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم“.
3- التأثر بالإعلام المضلل والافكار الخاطئة التي يقول القرآن عنها: يَآ أَيُّهـَا الَّذِيـنَ ءَامَنـُوا إن جَآءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا، فبدل أن نقرأ كتب الماركسيين والماديين الغربيين وصحفهم، دعنا نقرأ كتب وصحف علماء الإسلام المجاهدين الذين ينقلون لنا الثقافة الإسلامية من معينها الصافي.
4- الاستحياء من الحق الذي هو غل اجتماعي ثقيل يكبل طاقات الافراد، ويمنعهم من أداء كثير من الاعمال الضرورية أو المفيدة. فعندما يريد شخص أن يقوم بعمل بنّاء، فانه يحسب الف حساب لكلام الناس عنه ونظراتهم اليه، فاذا ما أحس أنهم سيسخرون منه. وإن كان عن جهل منهم، فإنه يُحجم عن العمل.
5- اليأس والقنوط، فعندما يرتكب الإنسان ذنوبا كبيرة وكثيرة في حق الله والناس، أو عندما تكون الظروف صعبة ومعاكسة، والظغوط شديدة فإن قنوطه من رحمة الله، ويأسه من انفراج الامور وتحسّن الاحوال يدفعانه إلى التقاعس والقعود عن العمل، ولكن القرآن يرفع هذه العقبات ويفتح طريق العمل من جديد بالأمل فيقول:قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُوا مِن رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً (الزُّمر /53).

وهكذا نرى إن الإسلام لا يقول للناس: إعملوا فقط. بل ويقوم برفع الموانع والعقبات من طريقهم ويفك عنهم الأغلال، فتتحرك طبيعتهم البشرية المحبة للعمل والنشاط، وإذا بهم يندفعون إندفاعاً شديداً.
 

nothing else matters

كاتب جيد جدا
يا قيثارة كل الشكر والامتنان على روعهـ بوحـكـ
..
وروعهـ مانــثرت .. وجماليهـ طرحك
 

مواضيع مماثلة

أعلى