كتاب ملائكة وشياطين

عطر الجنه

كاتب محترف
winged-goat-head-baphomet.jpg





عندما بدأت بقراءة هذه الرواية قبل 3 سنوات، انبهرت بها جداً. فقد كنت مهووسة وقتها -ولا زلت- بروايات أغاثا كريستي وأسلوبها المُبهر، وعلمت بأن هناك روائياً يسمّى دان براون، صاحب أسلوب مُدهش ومثير وقد انتشرت رواياته في كل العالم انتشار النار في الهشيم. وبالفعل، قمت بقراءة جميع أعماله، وهذه الرواية إحدى أفضل ما كتب. قد يسألني البعض، كيف أعيد قراءة رواية كهذه وقد علمت مسبقاً تفصيلاتها المُهمّة. وأجيب: برأيي، يملك دان براون قدرة خاصة مدهشة على جعلك تشعر بالإثارة والتشويق في كل مرة تعيد بها رواياته، وكنت أودّ السفر إلى الفاتيكان وهذه الرواية كانت أرخص تذكرة سفر توفّرت لدي.

نصيحة: قبل أن تبدأ بقراءة هذه الرواية تأكد من وجود هاتفك النقال أو حاسوبك الشخصي المشبوك بالإنترنت لتتمكّن من رؤية كل كنيسة وتمثال وضريح ولوحة وشارع تدور بها أحداث الرواية.

ملائكة وشياطين، الرواية الأولى التي يظهر بها روبرت لانغدون، البروفيسور في جامعة هارفرد والمتخصص في دراسة الرموز الدينية. لانغدون الذي أجاد دان براون رسم شخصيته بحيث أصبح القارئ قريباً جداً من هذا الرجل، الذي لوهلة شعرت بأنه حقيقي وبأنه هو الذي كتب هذه الرواية، وبأني أريد أن أحضر محاضراته واقرأ كتبه! وهذه ميّزة أخرى يتمتّع بها براون في قدرته على رسم الشخصيات بدقة وما يختلج بداخلها من تساؤلات، فيشعر القارئ بأنها حقيقية تماماً.
إن العلم والدين ليسا في نزاع أو خصام مع بعضهما البعض، ولكن كل ما في الأمر هو أن العلم لا يزال حديثاً جداً لكي يفهم.
- ملائكة وشياطين
رواية تدور فكرتها الرئيسية حول الصراع الأزلي بين الدين والعلم، الدين المتمثّل بالكنيسة التي حاربت غاليليو الذي أعلن عن إيمانه بمركزية الشمس وبأن الأرض تدور حولها. عندما درست في الجامعة مادة عن تاريخ الأدب والفن في العصور الوسطى، تكلّمنا كثيراً عن رفض الكنيسة الحاسم لكل تصريح علمي بكروية الأرض وعدم مركزيتها، والذي اعتبرته تشكيكاً في الدين، لأنه -بنظر الكنيسة- خلق الله الإنسان وجعله يستوطن الأرض التي هي مركز الكون، فكيف بالتالي يأتي عالم كغاليليو أو كوبرنيكوس أو جوردانو برونو، ليعلن للناس بأن الأرض ليست سوى جُرم صغير يسبح في فلك عظيم من ملايين الأجرام وبأن الإنسان ليس سوى كائن صغير في هذا الكون اللامتناهي! وبالتالي حاربتهم الكنيسة، مما اضطر هؤلاء العلماء للتخلّي العلني عن هذه المعتقدات الجديدة، ولكنهم -حسب الأساطير والروايات- اجتمعوا سرّاً وشكلّوا ما يعرف بالطبقة المستنيرة، ليشاركوا أبحاثهم وما توصّلوا إليه بعيداً عن أنظار الكنيسة التي كانت قوة تملك نفوذاً طاغياً. وحتى بعد مرور كل هذه القرون والسنوات، يبقى الصراع قائماً بين العلم والدين، ونستشعره في كل لحظة.

تأخذنا الرواية إلى عالم هذه الطبقة وعلمائها وطريق الدرب التنويري الذي يقود إلى مخبأها السري، وألغاز التماثيل والمنحوتات والكنائس التي تدل عليها ورموزها وشاراتها الخفيّة. وإلى المركز الأوروبي للأبحاث النووية (سيرن) وآخر ما توصّل إليه العلم هناك. والمؤامرة المُحاكة ضد الفاتيكان والكنيسة والدين عموماً، وجرائم قتل فظيعة بالجملة، بأسلوب مليء بالإثارة والتشويق، يصعب معه أن تتنبأ بما يمكن أن يحصل بعد ذلك. رحلة شيّقة إلى زمن برنيني ومايكل أنجلو وغاليليو، ونظرة بعيدة مليئة بالتساؤلات عن مستقبل الأبحاث النووية والمادة المضادة.
بالمناسبة، شاهدت الفيلم المأخوذ عن الرواية وبرأيي الرواية أجمل بكثير.


 

مواضيع مماثلة

أعلى