الطور الأخير للإمبراطوربة الأمريكية .. بشهاداتهم.

عبدالحي عداربه

كاتب جيد جدا
نهاية وزوال أمريكا .. وشهد شاهد منهم .
1- المؤرخ الأمريكي (موريس بيرمان) توقّع في كتاب له بعنوان: (أمريكا العصور المظلمة، الطور الأخير للإمبراطورية)، مستقبلاً غير سارّ لأمريكا، ودلّل علي ذلك بأن تسلسل الأحداث إلي الأسوأ لابد أن يقود إلي الانهيار، وبعد أن ذكر الورطات الكبري التي وقعت فيها السياسة الأمريكية خلال السنوات الأخيرة، والتي صارت معروفة للجميع، شرع في ذلك الكتاب الذي كان من أكثر الكتب مبيعاً في أمريكا في الرد علي حجة من يقول: إن آليات الديموقراطية كفيلة بإصلاح العيوب وتصحيح المسار، فقال: « إن هذه الآليات نفسها قد دُمّرت، ولاتعمل حالياً بصورة فعالة، وأخشي أن يتسبب تدميرها في جثو أمريكا علي ركبتيها أمام العالم»، وشبّه ذلك المؤرخ الإمبراطورية الأمريكية بالإمبراطورية الرومانية، وركز علي أربعة أشياء في التشابه وهي: انتصار التصورات الدينية الأسطوريّة علي الحقائق العلمية، فقدان الهيبة العسكرية والاقتصادية علي المستوي الدولي، انهيار التربية وغياب نقد الذات، إضفاءً القداسة علي الإجرام!1-
***
2- صفات الرجال التي تُركِّع الباطل وتؤدي إلى إنهيار
من صفات الأكارم .. المنيّة ولا الدنيّة، واستقبال الموت خير من استدباره، ويستطيب الطعن في النحور، أكرم من الطعن في الأعجاز والظهور... بالإضافة إلى الصبر والمصابرة والثبات على الحق حتى الممات، ولم تفتُ من عضدهم ملامة الأصدقاء وشماتة الأعداء، ولم يستوحشوا لقلة السالكين، وما اغتروا بكثرة الهالكين.. يصدق فيهم قول العلامة ابن قيم الجوزي رحمه الله تعالي عندما قال: «عليك بطريق الحق ولاتستوحش لقلة السالكين، وإياك وطريق الباطل ولاتغتر بكثرة الهالكين»..
اللهم يا الله اجعهلنا منهم ..
***
3- وفي كتاب آخر لذلك المؤرخ بعنوان: (غروب الثقافة الأمريكية)، وصف (موريس بيرمان) أمريكا بأنها أرض قاحلة ثقافياً، وأنها تعاني من موات روحي، ومع ذلك فإنها مصممة علي تصدير قيمها الزائفة إلي العالم بفوهة البندقية، مع أنها مجرد جمهورية انقلبت إلي إمبراطورية!
وقال موريس في كتابه ذلك: « إن موارد أمريكا الثقافية مجهدة أو مستهلكة، وما انتعاش الحمية الثقافية في أعقاب أحداث سبتمبر إلا شهقة النفس الأخيرة، شهقة مجتمع يتشظي تشظياً متسارعاً»، ويري موريس في كتابه ذلك أن احتضار أمريكا مرتبط بتوسيع الرأسمالية، ومايرافقه من انعدام المساواة؛ حيث تسود طبقة تكنوقراطية عليها غير متمدنة، فوق طبقة دنيا محرومة من الأمان، لهذا فإن الأفكار والأنماط السياسية للحضارة الغربية في وجهها الأمريكي آخذة في التآكل.
والعجيب أن ( موريس بيرمان) يري أن الانهيار المؤلم لأمريكا لن يتأخر
***
4- انهيار استراتيجية التجنيد:
هرب آلاف الجنود من الجيش إلى كندا بسبب الرعب الذي شاهدوه أو سمعوا عنه في العراق وفي أفغانستان. وفي احصاءات البنتاجون بلغ عدد الهاربين 40 ألف هارب من كل أفرع الجيش. وجاء حصر الرقم من خلال القضايا التي أقيمت على الجنود الهاربين.
والتقارير تفيد بأن الجيش الأمريكي – القائم علي نظام التطوع منذ العام 1973- يعاني قصوراً بنسبة 40 % عن تحقيق هدفه من التجنيد، ونبلور أسباب عدم القدرة علي هذه التعبئة في النقاط التالية:
1-حجم الخسائر في الجيش الأمريكي.
وفقا للإحصاءات الرسمية للعدوّ المحتل، فإن عدد القتلي العسكريين الأمريكيين بلغ 6752 قتيلاً، منهم 4409 قتيلاً في العراق، ومايقارب 4000 قتيلاً في أفغانستان.
وذكرت وزارة شؤون المحاربين القدامى أن عدد القتلي من الجنود الأمريكيين منذ حرب الخليج وحتي عام 2007م، بلغ 73 ألف قتيل. وقالت إن عدد المصابين في العمليات الحربية 1.6 مليون مصاب. وقد قامت الوزارة بحذف هذه الإحصاءات فيما بعد لإخفاء حجم الخسارة البشرية. ولكن الإعلام الأمريكي المعارض للحرب اهتم بهذه الأرقام بالتعليق والتحليل.
***
5- الهزيمة النسبية التي تنشر بين الجنود الأمريكيين، بعد أن كانوا يظنون أن جيشهم يقوم بنزهة في بلدان العالم الثالث.
عدم الإيمان بعدالة القضية.
كما تواجه القوات المسلحة مشكلات في الاحتفاظ بجنودها إذ أن نحو 30 % من المجندين الجدد يتركون الخدمة خلال ستة أشهر، وبعض هؤلاء يتركون الخدمة علي الأقل بسبب الهوّة الواسعة بين الخبرات اليومية للشباب قبل التجنيد وبعد الانخراط في حياة المجند أثناء التدريب.
***
5- الانهيار الاقتصادي:
في حلبة مصارعة الثيران لا يستطيع المصارع ضعيف البنية الانتصار على الثور الضخم الهائج في بداية الجولة، وإن وقف أمامه فهو مقتول لا محالة، ولكن النزيف المستمر بسبب السهام الصغيرة يجعل هذا الثور بقرونه الطويلة يخرّ راكعاً في النهاية ثم يموت.
ما حدث لأمريكا أنها اعتادت الدخول في حروب سريعة، وتحقيق انتصارات في وقت أقل على أعداء دبّ فيهم الضعف. حدث هذا في الحربين العالميتين، فأدمنت الحروب وشن العمليات العسكرية الاستعراضية. ولم تؤثر الحروب في قوتها الاقتصادية لانتهائها في فترات قصيرة، وكان لديها فائض مالي ضخم يمول الجهد العسكري.
الجديد في حروبها الأخيرة أنها فوجئت برد فعل غير متوقع، وبمقاومة أفقدتها هيبتها وأحرجتها أمام أصدقائها من دول الغرب التي تورطت معها، ولم يستسلم لها الشعبان العراقي والأفغاني، ففشلت أمريكا والغرب في الحربين، فبدأت إدارة جورج بوش تستنزف الاقتصاد الأمريكي لتمويل الحرب، وزادت عمليات الاقتراض والاستدانة والضغط على الميزانية، ومع طول أمد الحرب ترنح الاقتصاد الأمريكي، وفجأة انهارت القلعة على رأس بوش حتى أجبرته على الخروج الذليل من منصب الرئاسة.
الشعب الأمريكي أيّد الحرب في البداية، ثم انتخب أوباما كأول رجل أسود رئيسا للبلاد عسى أن يسحب الجيش من الخارج ويوقف الانهيار، ولكن أوباما جاء بعد الخراب، وبعد فوات الأوان.
ولم يعد أمام الرئيس الجديد ما يفعله غير الطمع في فترة ثانية، فلم يجد إلا التقرب إلى الفقراء بعلاجهم وتوظيفهم وإعفائهم من الضرائب حتى لو كان ذلك بتعميق العجز في الميزانية
***
6- من يتابع الوضع الاقتصادي في الولايات المتحدة يجد أن استعادة أمريكا لعافيتها مجرد سراب وأضغاث أحلام، وأن اقترابها من الإفلاس قاب قوسين أو أدنى. وأن الانهيار بات وشيكاً جداً ربما أسرع مما نتخيل، وسنجد أنفسنا أمام هذا السقوط المفاجىء مثلما فوجئنا بانهيار الاتحاد السوفيتي المفاجئ والمريع . ارتفاع الديون الأميركية العامة خلال السنوات العشر الماضية من 5.647 ترليون دولار بنسبة 58% من الناتج المحلي الإجمالي عام 2000، إلى أكثر من 13 تريليون دولار في 2010 حسب المعطيات التي نشرتها وزارة الخزانة الأمريكية في يونيو أي حوالي 93% من إجمالي الناتج المحلي للبلاد، ومن المتوقع أن يصل في عام 2015 إلى 19.7 تريليون دولار أي 102.6% من الناتج المحلي الإجمالي، أي أن الولايات المتحدة لا محالة في طريقها إلى الإفلاس.
***
7- إفلاس أكثر من 150 بنك في أمريكا و لازال أكثر من 500 بنك على شفا الإفلاس. وسقوط البنوك يقود البلاد إلى الشلل التام في كل المجالات الاقتصادية.
8_ في قائمة نيوزويك عن أفضل مائة دولة في العالم تراجعت أمريكا عن موقعها الأول في 2000 إلى رقم 11 لعام 2010.
***
9- تراجع التعليم في أمريكا وباعتراف الرئيس الأمريكي أوباما، خاصة التعليم العالي حيث قال إن"نسبة الحاصلين على هذا القدر من التعليم بين مواطنينا تتجاوز بالكاد 50%. كما أن نسبة المتسربين من التعليم الثانوي لدينا تعتبر من أعلى مستويات التسرب في الدول الصناعية. وفي الوقت نفسه، فإن نصف الطلاب الذين يبدأون الدراسة الجامعية لا يستكملونها على الإطلاق". ( أنظر مقال عامرعبدالمنعم بعنوان: انهيار الإمبراطورية الأمريكية).
 

مواضيع مماثلة

أعلى