هل أصبح صُناع المحتوى الورقة الرابحة لوسائل الإعلام؟

[ad_1]

في مقابل هذا التراجع للإعلام التقليدي، يحرز الإعلام الرقمي تقدمًا ملحوظًا، خاصة مع الارتباط بمواقع التواصل الاجتماعي صاحبة الشعبية الأكبر، بما تملكه من جمهور متعطش للمحتوى، الذي يتفوق صناعه على عديد من المؤسسات الإعلامية الكبرى فيما يعرف بظاهرة المؤثرين.

اليوم، أصبح بمقدور منصة واحدة على مواقع التواصل، التفوق على توزيع الصحف في مصر مجتمعة (70 صحيفة)، إذ انخفض معدل التوزيع السنوي للصحف من 655 مليون في 2014 إلى 547 مليون في 2018، بحسب بيانات الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء في مصر.

وفي الآونة الأخيرة، تستعين كبرى المؤسسات الإعلامية بصناع المحتوى (المؤثرين) ذائعي الصيت على منصات التواصل، بهدف زيادة أرقام المشاهدات والمتابعات لمنصات تلك المؤسسات على مواقع التواصل الاجتماعي.

كان آخر هذه الظواهر، النقلة الكبيرة التي طرأت على منصة إعلامية بعدما انتقل إليها أحد صناع المحتوى الشهيرين على مواقع التواصل الاجتماعي، إذ ارتفع عدد متابعيها على قناة يوتيوب من 10 آلاف إلى أن اقترب من المليون متابع.

ظاهرة قديمة

خالد البرماوي، خبير الإعلام الرقمي يستهل حديثه عن هذه الظاهرة، بالإشارة إلى أن هناك أنواع من المؤثرين، منهم أصحاب التخصص، لافتًا إلى أن تعامل الإعلام مع هذه الفئة ليس أمرًا جديدًا، إذ كانت تستعين وسائل الإعلام في الماضي بالمتخصصين في العلوم والأرصاد وغيرها من التخصصات، وكان الإعلام التقليدي حينها هو من يصنع شهرتهم.

ويضيف البرماوي لموقع سكاي نيوز عربية: “المتغير الذي حدث في حالة المؤثرين على مواقع التواصل الاجتماعي هو أن شهرتهم صنعت خارج أدوات الإعلام التقليدي مشيرًا إلى أن استعانة المؤسسات بالمؤثرين يعد أمرًا محمودًا، ومعادلة رابحة للطرفين.

ويرصد البرماوي مكاسب الطرفين؛ فمن ناحية تعطي المؤسسة الإعلامية للمؤثرين مساحة أكبر من المصداقية، إلى جانب توفر أدوات تنفيذية أعلى تنقلهم من مساحة الهواية إلى الاحتراف، وكذلك تستفيد المؤسسات الإعلامية بالوصول إلى مساحة أكبر وأكثر تنوعًا من الجمهور.

ويضيف خبير الإعلام الرقمي أن المؤثرين ليوا سواء، فكما يوجد محتوى جيد، هناك نماذج تقدم محتوى لا يمكن التعامل معها، وعلى الإعلام خلق نموذج يصنع علاقة جيدة للتعامل مع المؤثرين، فلا يجب التغافل عن هذه الظاهرة، أو الانسياق خلفها دون مراجعة وتدقيق.

مضاعفة الأرباح

وعن طبيعة الأرباح التي يجنيها المؤثرون من وراء التعاون الإعلام، يشير البرماوي إلى أن هدف المؤثرين الوصول للجمهور، وتحقيق أرباح، وهنا يبرز التساؤل ما الاستفادة التي تعود على المؤثرين من العمل في مؤسسات إعلامية؟

يجيب خبير الإعلام الرقمي عن هذا التساؤل قائلًا: “واحدة من المكاسب التي قد يجنيها المؤثرون هي تضاعف الأرباح، لأن الإعلام يعطي وثيقة احترافية للمؤثر، كما أن لديه القدرة على جذب رعاة، وتحسين النموذج الربحي”.

كما يلفت إلى أن المحتوى الذي يتميز فيه المؤثرين هو المحتوى الخدمي والترفيهي، لكن المحتوى الخبري، يأتي في صلب عمل المؤسسات الإعلامية.

أمَّا عن تحقيق المؤسسات الإعلامية للأرباح من اشتراكات متابعة المؤثرين مثلما حدث مع برنامج “متحف الدحيح”، يقول البرماوي إن هذه خطوة جريئة، لكنها تحتاج إلى تنويع أكثر في المحتوى، إلى جانب وجود أكثر من فئة للاشتراك لتشجيع الجمهور على الدفع لمشاهدة هذا النوع من المحتوى.

مخاطر الانتقال

من جهته يرى الصحفي المصري فتحي أبو حطب، المتخصص في الإعلام الرقمي، أن انتقال المؤثرين من مواقع التواصل إلى الإعلام التقليدي، هو فعل محفوف بالمخاطر، لأن معايير النجاح في بيئة مواقع التواصل، تختلف عن نظيرتها في وسائل الإعلام.

ويشرح أبو حطب في حديثه لموقع سكاي نيوز عربية الأسباب التي تقود بدورها إلى هذا الوضع، مرجعًا سبب لجوء المؤسسات للاعتماد على أفراد من خارجها إلى معاناة هذه المؤسسات بالضرورة من غياب التأثير.

ويضيف أن التحاق صناع محتوى التواصل الاجتماعي بمؤسسات إعلامية يحملهم مسؤوليات أكبر بكثير من العمل بشكل فردي، لأن حكم الجمهور يرتبط في هذه الحالة بعدد من العوامل منها خلفية المؤسسة وطرق تمويلها.

ويفضل أبو حطب إطلاق تسمية “قادة الرأي” بدلًا من المؤثرين، خاصة عند الانتقال إلى الإعلام التقليدي، لافتًا إلى أن هناك أنواع عديدة من المؤثرين على مواقع التواصل، منهم من لا يصنع محتوى بالأساس، مثل: الفنانين ولاعبي كرة قدم، “هؤلاء يعتمدون على شهرتهم فقط”.

وينصح المتخصص في الإعلام الرقمي المؤسسات الإعلامية بعدم التعجل في الاستعانة بالمؤثرين، واصفًا بناء المجتمع المتابع للمؤثر بالمسألة شديدة التعقيد والخصوصية، فليس بالضرورة أن يتابع الجمهور الأشخاص الذين ينتقلون إلى جهة إعلامية، فربما تكون أحد أسباب المتابعة هي أن هذا المؤثر شخص بسيط لا ينتمي إلى أي مؤسسة.

البحث عن منقذ

يقول أبو حطب إن ولاء جمهور المؤثرين لا ينتقل إلى الوسيلة الإعلامية بمجرد انتقال المؤثر إليها، فهذا الولاء يبقى مرتبطًا بالمؤثرين، فيجب أن نعرف أننا هنا أمام بيئتين مختلفتين تمامًا، قائلًا: “إذا غاب تأثير المؤسسات الإعلامية فمن المستحيل أن يمنحها لها أي مؤثر”.

كما يلفت إلى أن المؤسسات الإعلامية دأبت على البحث عن منقذ؛ حدث ذلك في أحداث الربيع العربي في 2011 عندما كان يتم إفساح مجال كبير للنشطاء حينها، ثم اختفى هؤلاء مع خفوت الأحداث، ويتكرر نفس النهج مع المؤثرين.

ولا يخفي المتخصص في الإعلام الرقمي قلقه من التصاق كثير من وسائل الإعلام بالأحداث للدرجة التي لا تستطيع معها ممارسة دورها الأصيل في النقد والتوثيق، “فماذا يحدث إذا أيّدت أي وسيلة إعلامية موقف سياسي ما، ثم تغيّر الوضع وتغير موقفنا؟ بالتأكيد ستفقد مصداقيتها”.

تهديد جديد

يذهب أبو حطب إلى أن نماذج الربح الجديدة التي تتيحها مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت تهدد عملية استعانة الإعلام التقليدي بالمؤثرين؛ مستشهدًا بالخطوة الأخيرة التي اتخذها موقع “فيسبوك”، إذ أتاح منصات تقوم بتأهيل المؤثرين لتحقيق أرباح بطرق أخرى لا تعتمد على الإعلانات، مثل الاشتراكات.

“الآن بإمكان صانع المحتوى على موقع فيسبوك أن ينتج نشرة بريدية تُباع للجمهور بقيمة معينة، وهو الأمر الذي تعجز عنه أغلب المؤسسات الإعلامية الآن، حيث لم تكن لديها القدرة على إتقان نموذج الاشتراكات المدفوعة، نظرًا تشابه المحتوى”.

 في ختام حديثه لموقع سكاي نيوز عربية يرجع المتخصص في الإعلام الرقمي هذا الوضع إلى استسهال المؤسسات الإعلامية استقدام صناع المحتوى من الخارج، وهو ما يفقدها قدرتها على معرفة الجمهور والتواصل معه وتحسينه بالأرقام الواضحة، “لكن للأسف لا توجد أرقام واضحة تخص الإعلام في العالم العربي”.



[ad_2]