هاجم سعي الحركة للأمم المتحدة.. هل هدد الظواهري بسحب الشرعية من طالبان؟

[ad_1]

ظهر من جديد أيمن الظواهري زعيم تنظيم القاعدة خلفا لأسامة ابن لادن، في إصدار مرئي بعنوان “نصيحة الأمة الموحدة بحقيقة الأمم المتحدة”، والذي أفرده لاستعراض تاريخ منظمة الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، بالإضافة إلى تاريخ وأنشطة منظمة اليونسكو.

إلا أن الظواهري سرد في كلمته، التي بلغت 39 دقيقة، كان بمعرض الهجوم على المنظمات الدولية والأممية تحديدا، وكل من ينضوي تحت سقف الأمم المتحدة، معتبرا ذلك بمثابة “قبول بالتحاكم لغير شريعة الله”، ومحذرا من أن التوقيع على ميثاق الأمم المتحدة يترتب عليه منع “المجاهدين” من نصرة المسلمين في مختلف البلدان، وما اعتبره مناقضا للشريعة الإسلامية التي “فرضت وأوجبت الجهاد لتحرير بلاد المسلمين وقتال الكفار”.

استهدف الظواهري من خلال هجومه على الأمم المتحدة، انتقاد مطالب حركة طالبان الأخيرة دون تسميتها، بالحصول على مقعد أفغانستان في المنظمة الأممية، بعد سيطرتها على الحكم في أفغانستان.

لكن قصة الشد والجذب بين تنظيم القاعدة وطالبان حول الأمم المتحدة ليست وليدة اليوم بل تمتد جذورها منذ سيطرة حركة طالبان على كابل ومبايعة الملا عمر حاكما وأميرا لإمارة أفغانستان.

في سبتمبر 2000، بدأت حركة طالبان حملة دبلوماسية بهدف الحصول على مقعد أفغانستان في الأمم المتحدة، وأرسلت الحركة وفدا رفيع المستوى إلى نيويورك لإقناع الأطراف المعنية بحقها في شغل هذا المقعد، الذي كانت تمثله في حينه حكومة برهان الدين رباني التي أطاحت بها حركة طالبان.

وظلت الولايات المتحدة تعارض الخطوة. وقالت مادلين أولبرايت وزيرة الخارجية الأميركية وقتذاك: “إن الولايات المتحدة ستعارض فكرة حصول طالبان على مقعد أفغانستان”، مشيرة إلى أن الحركة لا تزال تؤوي أسامة بن لادن وتعارض تسليمه.

وكانت مطالب التسليم هذه قد اشتدت منذ عام 1998 بعد تنفيذ القاعدة تفجيرات سفارتي الولايات المتحدة في نيروبي ودار السلام، وتم رفضها من قبل طالبان تخوفا من الدواعي التي قد تنجم عنها وهي سقوط الحركة.

وبحسب وثائق أميركية غير سرية متعلقة بمحادثات الولايات المتحدة مع حركة طالبان بشأن تسليم أسامة بن لادن، جاء النص التالي: “في نوفمبر 1998 قال وكيل أحمد متوكل وزير خارجية حركة طالبان والمتحدث باسم الملا عمر للسفارة الأميركية في إسلام أباد إن إبعاد أسامة ابن لادن قد ينجم عنه سقوط حركة طالبان”.

 الملا عمر

الملا عمر

اللقاء الأول بين أسامة بن لادن والملا عمر

من جلال أباد إلى قندهار توجه أسامة بن لادن للقاء الملا عمر مصطحبا معه أبو الوليد المصري وسيف العدل وطارق التونسي وأبو زياد الموصلي ومحمد رحيم الأفغاني وفضل الرحمن الباكستاني ومفتي عبد الرحيم الباكستاني، وحضر لاصطحابهم بمروحية من قندهار الملا أختر منصور زعيم حركة طالبان بعد وفاة الملا عمر.

ويقول أبو خبيب السوداني في كتابه الذي كان عبارة عن مذكرات خاصة: “همس الشيخ أسامة بن لادن في أذن الشيخ سيف العدل قائلا له لن أملك دموعي عندما أرى أمير المؤمنين وسوف أقبل رأسه.. وبعد دخول الملا عمر عرف بينهما الملا منصور، فرحب الملا عمر بالشيخ أسامة، وعبر له عن سروره باستضافته وتشرفه وتشرف طالبان بالدفاع عنه أولا كضيف عربي كريم وثانيا كمجاهد قاتل معهم في حرب أفغانستان. وبدأ الشيخ أسامة بعرض قضيته على أمير المؤمنين الملا عمر والرجل ينصت باهتمام شديد. وفي نفس اللقاء تحدث أمير المؤمنين عن التحديات الخطيرة التي تواجه طالبان بعد دخول كابل خاصة مواجهة قوات عبد الرشيد دستم، وقال للشيخ أسامة إنه من الأولى تخفيف الحملة الإعلامية وأن ذلك مجرد طلب وليس إلزاميا”.

مشروع بن لادن يحاصر الملا عمر

في 11 نوفمبر 1999، عرض الملا عمر قرار الملالي بدار إفتاء الإمارة بتسليم أسامة بن لادن لسفارة الصين أو إيران (الدولتين اللتين لا تربطهما اتفاقيات ثنائية مع الولايات المتحدة لتسليم المطلوبين)، على اتحاد علماء أفغانستان ورئيسه المولوي عبد الله الذاكري، بهدف توحيد الرأي مع علماء دار الإفتاء للامارة الإسلامية ورفع الرأي الأخير له.

وجاء التوقيع من قبل بعض أعضاء اتحاد علماء أفغانستان على اعتبار أن تسليم بن لادن “مردود شرعا وسياسة وغير جائز، ولا نفعل هذا لأن هذا العمل هو بمثابة إعلان حرب على الله”.

وجاء رد الملا عمر: “نحن وأنتم في هذا العالم قد أحيينا اسم الإسلام إلى قدر ما، ومن جهة أخرى لن تقبل أميركا أي كلام غير تسليم أسامة بن لادن، وفي حال تسليمه ستسقط قلوب المسلمين وستكون ضربة لحيثية وسياسة الإسلام”.

حينها كان ابن لادن قد استكمل نجاحه في استقطاب المؤسسة الدينية (الديوبندية – الهندية) في أفغانستان وباكستان والهند وبنغلادش وكشمير وجمهوريات آسيا الوسطى الإسلامية، في مشروع ” الجبهة الإسلامية العالمية لقتال اليهود والنصارى”.

ومنحت الفتوى ابن لادن العمل بحرية في معسكرات القاعدة بأفغانستان، واستكمال مشروع “الجهاد العالمي”، فنفذ التنظيم بعد 9 أشهر عمليته الانتحارية باستهداف المدمرة الأميركية “يو اس اس كول” في ميناء عدن شهر أكتوبر2000.

وهي العملية التي ضاعفت بسببها الأمم المتحدة عقوباتها السياسية والاقتصادية على حركة طالبان، وأمرت بتقليص أعمالها في نيويورك، بالمقابل قررت الإمارة إغلاق المكاتب السياسية للأمم المتحدة في أفغانستان (قندهار، ننغرهار، هرات، ومزار شريف)، وأعلنت رفضها قبول الوساطة الأممية بين الحركة والأحزاب المعارضة.

وبالإمكان القول إنه في ابريل 2001 استطاع ابن لادن، وخلال تحضيره لتفجيرات 11 سبتمبر، دمج السلفية الجهادية مع حركة طالبان، بعد أن بايع زعيم “تنظيم القاعدة والجهاد” الملا عمر أميرا للمؤمنين في اجتماع علماء ديوبند وأقر الطريقة الديوبندية واعتبرها الإسلام الصحيح وأكد أن بيعتها واجبة، وجاء ذلك في كلمة بمؤتمر علماء الديوبندية والذي عقد في ابريل 2001 بمدينة بيشاور الباكستانية احتفالا بالذكرى 150 على تأسيس المدرسة الديوبندية.

وقال ابن لادن: “بهذه المناسبة أحيطكم علما أن بعض علماء الجزيرة العربية وغيرها وعلى رأسهم الشيخ حمود بن عقلاء الشعيبي قد أفتوا بشرعية هذه الإمارة ووجوب نصرتها، وأكدوا أنها الدولة الوحيدة التي تحكم بشرع الله في هذا العصر. وأنني أؤكد لكم أنني أدين الله بوجوب مبايعة أمير المؤمنين الملا محمد عمر، وأنني قد بايعته بالفعل، فهو الحاكم الشرعي الذي يحكم بشريعة الله في هذا العصر”، مطالبا في كلمته بنصرة الإمارة وتحريض الشباب على الجهاد والإعداد في أفغانستان ودفع زكاة المال للملا عمر والاستثمار في أفغانستان.

لكن الشرعية التي منحها ابن لادن للطريقة الصوفية الديوبندية وتوسيع قاعدة المؤيدين للملا عمر من داخل صفوف السلفية الجهادية التي لم تحسم أمرها بعد بشأن طالبان، كان بعد أن وافقت الحركة على طلب ابن لادن في مسألة هدم تماثيل “بوذا” في وادي باميان في 2 مارس 2001 أي قبل شهر واحد من إعلان ابن لادن البيعة العظمى للملا عمر”.

أسامة بن لادن

أسامة بن لادن

رحلة هدم التماثيل

سافر أسامة بن لادن ومعه رفاقه الظواهري وأبو الوليد المصري” واسمه الحقيقي مصطفى حامد، ومعهم خبير القاعدة في هندسة التفجير أبو عبد الرحمن المهاجر، لحضور فعاليات هدم التماثيل، بعد رفض حركة طالبان ومعها تنظيم القاعدة كافة العروض للرجوع عن هذا القرار.

وبحسب ما كشف عنه أبو خبيب السوداني، لم تكن طالبان وحدها المعنية باتخاذ قرار هدم التماثيل، بل شارك تنظيم القاعدة بالتفاوض مع الوفد الذي ترأسه يوسف القرضاوي الأمين العام لاتحاد علماء المسلمين ونائبه علي القرة داغي، رئيس الاتحاد حاليا، مع عدد آخر من الشخصيات، لمناظرة طالبان في محاولة لإثنائهم عن هدم التماثيل.

وبحسب ما كشف عنه أبو خبيب السوداني فإن “أبو حفص الكومندان وأحمد حسن أبو الخير وأبو الوليد المصري وأبو حفص الموريتاني، الذين حضروا جلسة المناظرة، التي أمّها بعض من علماء طالبان، كانوا يريدون توثيق هذه المناظرة بالصوت والصورة، غير أن الإخوة الطالبان رفضوا ذلك وقالوا إن التسجيل الصوتي يكفي”.

وأضاف: “وفي الجلسة تكلم علماء الطالبان وتكلم الإخوة من بعدهم، وكانت خلاصة الكلام أن هدم الأصنام هو ملة إبراهيم التي ما ينبغى أن يختلف اثنان على هدمها، وفي المقابل تكلم الفريق المعارض وقالوا إنهم لا يعترضون على هدم الأصنام، وإنما يعترضون على توقيت هدمها، فرد أبو حفص الموريتاني قائلا: “الإخوة الطالبان وعلماؤهم والشعب الأفغاني يقولون إنهم سيتحملون التبعات، فإذا كانوا سيتحملون التبعات ومحتسبين كل ذلك لله، فجزاهم الله خيرا”.

وعلى هامش هذه المهمة التي حضر من أجلها الوفد، سعى زعيم القاعدة إلى لقاء القرضاوي إلا أنه رفض وأرسل نيابة عنه نائبه ورئيس الاتحاد العالمي حاليا داغي، وقال أبو خبيب عن ذلك: “كان الشيخ أسامة على هامش هذه المهمة التي جاء من أجلها هذا الوفد قد حاول مقابلة الشيخ يوسف القرضاوي لكنه اعتذر وأرسل نيابة عنه الشيخ القرة داغي، فقابله الشيخ أسامة في مجمع ستة بقندهار وعاتبهم عتابا شديدا على عدم شرعية مهمتهم التي جاؤوا من أجلها، واقتنع الشيخ القرة داغي بحجة الشيخ أسامة رحمه الله، وقال إنه سينقل كل ذلك للشيخ القرضاوي”، مضيفا: “بعد المؤتمر انتقل رجال طالبان إلى الموقع ومعهم قيادات القاعدة لهدم الأصنام في رحلة أسموها “رحلة التوحيد” وفي نفس التوقيت كانت خلايا عمليات 11 سبتمبر في طريقها لهدم أصنام أميركا”.

عناصر من طالبان

عناصر من طالبان

طالبان والسلفية الجهادية

لم تكن مآخذ السلفية الجهادية على طالبان محصورة في التوجهات المنهجية والعقدية لرموز الحركة وللمدرسة الديوبندية الصوفية، التي سعت الحركة بنفيها بهدم تماثيل بوذا” .

بل كانت أيضا مسألة إلحاح الحركة المبكر على شغل مقعد في الأمم المتحدة، قضية جوهرية لدى الجهادية السلفية، ولم يغب عن أسامة بن لادن التطرق لها في كلمته أمام علماء المدرسة الديوبندية في بيشاور قائلا: “يا أصحاب الفضيلة، أبعث إليكم هذا النداء في وقت تستباح فيه الدماء، حتى دماء الأطفال الأبرياء، وتنتهك فيه الحرمات الإسلامية في أكثر من مكان تحت إشراف النظام العالمي الجديد ورعاية الأمم المتحدة، التي أصبحت أداة مكشوفة لتنفيذ مخططات الكفر العالمي ضد المسلمين، هذه المنظمة التي تشرف بكل كفاءة على إبادة وحصار ملايين المسلمين، ثم لا تستحي أن تتحدث عن حقوق الإنسان”.

وتتضح المسألة من خلال أبو محمد المقدسي منظر السلفية الجهادية لدى سؤاله في حوار أجري معه في مجلة العصر سنة 1423 عن رأيه في حركة طالبان وأجاب فيه: “كانت النقولات متباينة بين المؤيدين والمعارضين سواء في مجال محاربة شركيات القبور المنتشرة في أفغانستان أو محاربة تجارة المخدرات أو نحوها. أما أكثر تحفظاتنا فكانت تتعلق بسياسات وعلاقات الدولة الخارجية مع الأنظمة غير الشرعية سواء منها العربية أو غير العربية، وكذلك استماتة نظام طالبان في سعيه للحصول على الاعتراف به من تلك الأنظمة ومن الأمم المتحدة، وسعيهم للحصول على مقعد فيها، والنموذج الراشد الذي نعرفه من ديننا يجب أن يبادر هو بالبراءة من هذه الأنظمة، ويعلن جهرة براءته وكفره بالأمم الملحدة وهيئاتها ليكون فعلا نموذجا راشدا مقبولا عندنا، لذلك لم نكن متحمسين لنظام طالبان في بداية أمره”.

بالمقابل نعت أبو مصعب السوري في كتابه ” أفغانستان والطالبان ومعركة الإسلام”، الذي نشر في مطلع 2001، حركة طالبان بالجهل السياسي بعد مناقشته قيادات من الحركة لهذه المسألة، من بينهم وزير إعلام طالبان قبل سقوط الإمارة، أمير خان متقي، والذي يتولى حاليا ملف المحادثات مع الأمم المتحدة. ويقول أبو مصعب: “سألته عن طلب الإمارة الدخول في الأمم المتحدة باعتبار أنها مسألة مقلقة لمن يؤيد الحركة من الجماعات الجهادية، لأنه أمر شرعي كبير، وهو دخول مؤسسة كفرية لا يمكن دخولها إلا بالتوقيع على تعهدات ومبادئ تناقض الإسلام، وتوقيع المقدم على هذا رضى بعمل من أعمال الكفر”.

وجاء جواب متقي: إن كل رغبتنا في هذا الأمر مردها أولا إلى أن مقعد أفغانستان في الأمم المتحدة مازال يجلس عليه ممثل حكومة الأحزاب رباني، ورغبتنا بأخذ مقعد الأمم المتحدة هو إنزال رباني من فوقه أكثر من رغبتنا بجلوسنا عليه، وثانيا أن ملف الأمم المتحدة عندنا في أرشيف وزارة الخارجية لم يفتحه أحد بعد، وليس عند طالبان تفاصيل عن شروط الدخول ولا مبادئ الأمم المتحدة التي تتكلم عنها، وعندما يُفتح هذا الملف، فإننا لا نقدم إن شاء الله على ما يعاكس الشريعة التي خرجنا من أجلها”.

وأضاف أبو مصعب السوري: “نبهته للمزالق الشرعية والأفخاخ السياسية التي سيقعون بها لو دخلوا، وتركته وانصرفت”.

أما القيادي الثاني فهو المولوي إحسان الله إحسان، ثاني رجل في حركة طالبان والمقرب من الملا عمر واحد منظري الحركة الأوائل، وجاء رده على أبو مصعب السوري: “نحن مسلمون ونطبق الشريعة ونتحرك بهوية الإسلام ولا يضيرنا ولا يؤثر علينا أن نحضر أي محفل إسلامي أو دولي، ولو علمنا أن هناك بندا في ميثاق الأمم المتحدة أن من حق أي دولة عضو ألا تطبق قرارا يتناقض مع قانونها هي، ونحن قانون الشريعة يتناقض مع كل قوانينهم، فلا نطبق منها شيء”. وقال: “نحن نريد هذا الاعتراف من أجل حاجتنا ولا يهمنا عمليا منه شيء، هي مؤسسة فاسدة، ولذا نبحث عن أحد الأفغان الفاسدين مثلها ونرسله يأخذ مقعد أفغانستان، ويجلس هناك، هو فاسد وهم فاسدون”.

وانتهى أبو مصعب بخلاصة مفادها: “اقتنعت حينها أن الطالبان يحكم نظرهم لهذه القضية عاملان أولهما الجهل السياسي بواقع المنظمة وتبعاتها، ومن عرف الطالبان والأفغان يفهم ما معنى الجهل بما يدور في الدنيا والعلاقات الدولية، هم جاهلون بها إلى حد بعيد، والثاني الحاجة إلى إزالة الاعتراف بخصمهم من أجل الرأي العام في الداخل والحاجة إلى خدمات الأمم المتحدة وبرامج المساعدات والغذاء. يجب علينا وعلى من معهم من المسلمين أن يزيلوا جهلهم بالاتصال المباشر والتوضيح الدائم والتوعية والنصيحة”.

أما يوسف العييري القيادي والمنظر الشرعي لتنظيم القاعدة فسعى من خلال كتابه “الميزان لحركة طالبان”، نشر في نوفمبر 2001، أي بعد شهرين من أحداث 11 سبتمبر، جامعا فيه سلسلة مقابلات أجرى عددا منها مع “أعيان الطلبة والوزراء والعلماء المعتمدين عندهم” ما بين عامي 2001-2002، إلى الرد على موقف أبو مصعب السوري.

وقال في أحد هوامش الكتاب إن “مقابلات أبو مصعب جاءت قبل 9 أشهر من تغيير حركة طالبان قرارها بشأن الانضمام إلى الأمم المتحدة”، مستشهدا بلقائه مع المفتي نظام الدين شامزاي، عميد كلية الحديث بجامعة العلوم الإسلامية في كراتشي وكان من بين من حضروا زفاف نجل زعيم القاعدة في أفغانستان. وقال شامزاي في معرض سؤاله عن طلب طالبان الانضمام إلى الأمم المتحدة: “نعم هذا صحيح، وقد ذهبت أنا وبعض العلماء وناصرنا أمير المؤمنين، وأنا لا أريد سوى الاعتراف ونطبق ما يوافق الشرع من قوانينهم” فقلنا له إن هذا لا يتأتى على أرض الواقع، ومجرد الدخول فيها كفر لما يفرضونه من الأنظمة الكفرية فذهبنا عنه وبقي مترددا ثم هذه السنة لما زرناه وجدنا الفكرة قد زالت من رأسه”.

الظواهري.. ناصحاً أم محذراً؟

جاء إصدار الظواهري “نصيحة الأمة الموحدة بحقيقة الأمم المتحدة”، ليجسد قلق تيار السلفية الجهادية بشكل عام، و”تنظيم القاعدة والجهاد” بشكل خاص من احتمالية تراجع وردة طالبان، عن مشروع “الجهاد العالمي”، وإرجاف الحركة عن مبادئ السلفية الجهادية، كقضايا الحاكمية و”جهاد الدفع”، والموقف من الدولة الوطنية والأنظمة العربية، والحرب على اتفاقية “سايكس بيكو”، التي جميعها تتأتى، بحسب السلفية الجهادية، من خلال الاعتراف بالأمم المتحدة، فموقفها من الجماعات والحركات الإسلامية يتحدد بالنظر إلى تفاعلها سلبا أو إيجابا مع ما أنتجته “سايكس بيكو” من مؤسسات وأنظمة وقوانين وايديولوجيات ومفاهيم.

قلق الظواهري على مستقبل السلفية الجهادية في صفوف القيادات الحالية لطالبان، كان قد تحدث عنه أبو مصعب السوري في كتابه السابق ذكره قائلا: “من الواضح لنا بحسب معيشتنا أن في طالبان تيارين: الأول صالح قوي حاكم نحسبهم على خير من حيث غيرتهم على الدين والشريعة ومصالح المسلمين، ومن حيث إيواؤنا وإحسان جوارنا وتعاونهم معنا ومع المسلمين في حمل راية الجهاد ضد النظام العالمي الظالم، ومن هؤلاء الصالحين نحسبهم أمير المؤمنين وكثير من شيوخ ومسؤولي الطالبان اليوم، وتيار ضعيف، ولكنه موجود في الطالبان، من بعض الضعفاء الموالين لبعض القوى الإقليمية أو الدولية بغية مصالح شخصية، وهؤلاء خطرهم هو استعدادهم للتخلي عن العرب والمهاجرين من المسلمين ومشروع جهاد الأمة لتفكيرهم بالمصالح الأفغانية الذاتية، وهؤلاء تيار فاسد مستضعف حاليا، ومن الحكمة أن ندعم التيار القوي الصالح الممثل في الملا عمر ومن معه”.

أبو مصعب السوري

أبو مصعب السوري

وكلام رمز الجماعات “الجهادية” ومنظرها أبو مصعب السوري يكشف السبب العملي بعيدا عن اللغة الدينية من انضمام طالبان للأمم المتحدة، وهو الانضمام الذي سيجعل أفغانستان تحت قيادة طالبان عضوا في المجتمع الدولي وسيفرض عليها التزامات قانونية وأمنية، وسيكونون هم أول ضحايا هذه الالتزامات مثلهم مثل تجار المخدرات في أفغانستان المعروفة بنشاطها في زراعة وتجارة الأفيون والخشخاش.

يشار إلى أن أسامة بن لادن كان قد طلب في رسالة وجهها إلى الظواهري عام 2008 أن يولي”اهتماما خاصا لما وصفها بمؤامرة اغتيال الملا داد الله، أحد أبرز القادة العسكريين لحركة طالبان، لأن مقتله سيؤدي إلى تراجع ما وصفه بـ “التيار الجهادي الصادق في طالبان وسيبقى التيار المداهن الذي لا يتورع عن سفك الدماء، ويمكن أن يقضي على أتباع القاعدة في خراسان”.

ويبقى السؤال هل تُضاعف كلمة الظواهري من زيادة التصدعات بين أجنحة حركة طالبان السياسية والعسكرية والشرعية، وإحداث انشقاقات تتوالد معها ايديولوجيات جديدة يتهاوي معها منصب “أمير المؤمنين” وشرعيته؟

[ad_2]