الدكتور اس او اس
كاتب جديد
- إنضم
- 6 أكتوبر 2014
- المشاركات
- 95
- النقاط
- 521
صراع الحضارات أم صراع الأخلاق
تقدم الطفل ذو الملامح الغربية إلى المحاسب في البوفِيْه ، وبدأ حديثه باللغة الإنجليزية :
( Excuse me sir,ممكن بطاطس، ولو سمحت عصير فراولة ، الله لا يهينك إبئه حطلي قطعة تلج ، وزجاجة ميه لو سمحت. )
ليتبعه مباشرةً طفلٌ آخر يملي طلباته :
"هي يا ولد يا محمد .... عطنا واحد همبرجر .... و.... واحد بطاط و .... واحد ببس ، هاه"
كنت أقف خلفهما منتظراً دوري ، بل كنت شاهداً على صراع الحضارات الثقافي أعلاه ، الحضارة العربية وحضارة الفلوس .... إلخ .... صراعٌ في مخيلتي فجره طفلان لم يبلغا العاشرة من العمر ، وحتى دون أن يشعرا بذلك ....
أطرقت برهة من الزمن .... و في رأسي عشرات الأسئلة ، لم أكن أبحث عن إجاباتٍ لها بقدر ما كنت أحاول ترتيب عشوائيتها، أسئلةٌ يصب بعضها في التربية وبعضها في الدين ، والآخر في الآداب .
تضمنت كلمات الطفل الأجنبي ( آسف العربي ولكنهم يعتبروه أجنبي ) عباراتٍ مثل: عفواً .... لو سمحت .... في حين لم يكن من الطفل "إبن البلد" إلاّ أن بدأ حديثه بِـ "يا محمد" ، قالها كأسلوب نداءٍ رسمي ومعتبر ، وأتبع ذلك بأوامر عدةٍ كما لو كان العامل مملوكاً له .... لا زلت أجهل السّر وراء استخدام كلمة "محمد" كاسمٍ لكل من هو غير معلومٍ لدينا من العمالة الأجنبية ، مع أن الله سبحانه وتعالى فضل نبيه "محمداً" - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - على العالمين ، ولا أظن أنّ امتهان اسمه بهذا الشكل أمرٌ مقبول ، بل لماذا لا يَعتَبر كل واحدٍ فيناأن العامل يحمل نفس اسمه هو، ألن يعتبر ذلك انتقاصاً لذاته ؟
ربما من الأجدى لنا إضافة تلك الطريقة في النداء إلى اللغة العربية ، ونخصص استخدامها للمنادى النكرة بالنسبة لنا .... ليس تقليلاً من شأن العامل الأجنبي لا سمح الله ، إنما من باب أنها الطريقة المثلى المزعومة لمناداة أي عامل لا نعرف اسمه ، ومن دون الأخذ بعين الاعتبار أصله أو ديانته ... أسلوب الطفل "ابن البلد" المتسم بالفظاظةِ، والتي كانت تكفي لزخرفة العبارة أعلاه بعناصر من الرق والعبودية ، فيه من التهجم والتهديد ما يكفي لعقف حاجبي العامل وغضبه من الطفل ، فلم يكن محتوياً حتى على أقل كلمات الطلب شأناً مثل "ممكن" ، والأدهى من ذلك أن ينهي عبارته بـ "هـــــــاه" والتي لم أجد ما يعادلها في اللغة العربية أو حتى في آداب التحدث مع الناس.
شيءٌ يدعو إلى التأمل حقاً ، أن يكون الطفل الغربي، الأجنبي ، العربي ( سمه ما شئت ) أكثر تأدباً من الطفل الذي يتشدق والده بالعادات والتقاليد وابن الأصل والفصل وابن العائلة الفلانية ، وأن يكون أكثر تمسكاً بتلك الآداب حين الحديث مع الأغراب بغض النظر عن وظائفهم .... وأن يكون الطفل الثاني المتشدق بعاداته وتقاليده مثالاً لنقيض ذلك ....
شيءٌ يبعث على الخجل ، أن يكون لدينا القرآن الكريم وسنة نبيه المصطفى - عليه وعلى آله أفضل الصلاة والتسليم - ولا نتذكر قوله تعالى { وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ } (*) ، أن يُبعثَ الرسول - صلوات الله وسلامه عليه - ليتمم مكارم الأخلاق ، ونحن نستمر في الإعراض عن كل ذلك.
قبل سنواتٍ قليلة فقط، قامت قائمتنا ولم تقعد عندما أساء الغرب لنبينا الكريم ، ولم نحرك ساكناً أمام كل الابتذال الذي يحصل بشكل يومي منا ومن غيرنا ، وأعلنا مقاطعة منتجاتهم ولم نفكر في إصلاح نتاجنا الشخصي و لفكري قبل ذلك ، أحرقنا أعلامهم ولم نعتقد بوجوب التخلص من جهلنا أولاً ....
وصل دوري بينما كنت غارقاً في خضم كل تلك التساؤلات ، فلمحت الطفل الأجنبي يأخذ طلبه و يقول: "Thank you"
رغم أنني لا أحب أن يتكلم أطفالي بالإنجليزية في بلاد عربية. (قلت هالمرة معلش وبلعتها غصباً عني) .
وقبل أن أبدأ التفوه بطلبي سمعت الطفل "إبن البلد" يقول: "وين الكتشب يا خويييييييي ..... شفييييييك انت؟" " هـــــــــــاه"!
ارتسمت على شفتي ابتسامة صفراء ، لُمتُ نفسي قبل أن ألوم الطفل ، لأن من حق الطفل علي، بل من أبسط حقوقه علي هو زرع مكارم الأخلاق فيه ....
ومالنا غيرك يا رب
الدكتور ا س او اس
( Excuse me sir,ممكن بطاطس، ولو سمحت عصير فراولة ، الله لا يهينك إبئه حطلي قطعة تلج ، وزجاجة ميه لو سمحت. )
ليتبعه مباشرةً طفلٌ آخر يملي طلباته :
"هي يا ولد يا محمد .... عطنا واحد همبرجر .... و.... واحد بطاط و .... واحد ببس ، هاه"
كنت أقف خلفهما منتظراً دوري ، بل كنت شاهداً على صراع الحضارات الثقافي أعلاه ، الحضارة العربية وحضارة الفلوس .... إلخ .... صراعٌ في مخيلتي فجره طفلان لم يبلغا العاشرة من العمر ، وحتى دون أن يشعرا بذلك ....
أطرقت برهة من الزمن .... و في رأسي عشرات الأسئلة ، لم أكن أبحث عن إجاباتٍ لها بقدر ما كنت أحاول ترتيب عشوائيتها، أسئلةٌ يصب بعضها في التربية وبعضها في الدين ، والآخر في الآداب .
تضمنت كلمات الطفل الأجنبي ( آسف العربي ولكنهم يعتبروه أجنبي ) عباراتٍ مثل: عفواً .... لو سمحت .... في حين لم يكن من الطفل "إبن البلد" إلاّ أن بدأ حديثه بِـ "يا محمد" ، قالها كأسلوب نداءٍ رسمي ومعتبر ، وأتبع ذلك بأوامر عدةٍ كما لو كان العامل مملوكاً له .... لا زلت أجهل السّر وراء استخدام كلمة "محمد" كاسمٍ لكل من هو غير معلومٍ لدينا من العمالة الأجنبية ، مع أن الله سبحانه وتعالى فضل نبيه "محمداً" - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - على العالمين ، ولا أظن أنّ امتهان اسمه بهذا الشكل أمرٌ مقبول ، بل لماذا لا يَعتَبر كل واحدٍ فيناأن العامل يحمل نفس اسمه هو، ألن يعتبر ذلك انتقاصاً لذاته ؟
ربما من الأجدى لنا إضافة تلك الطريقة في النداء إلى اللغة العربية ، ونخصص استخدامها للمنادى النكرة بالنسبة لنا .... ليس تقليلاً من شأن العامل الأجنبي لا سمح الله ، إنما من باب أنها الطريقة المثلى المزعومة لمناداة أي عامل لا نعرف اسمه ، ومن دون الأخذ بعين الاعتبار أصله أو ديانته ... أسلوب الطفل "ابن البلد" المتسم بالفظاظةِ، والتي كانت تكفي لزخرفة العبارة أعلاه بعناصر من الرق والعبودية ، فيه من التهجم والتهديد ما يكفي لعقف حاجبي العامل وغضبه من الطفل ، فلم يكن محتوياً حتى على أقل كلمات الطلب شأناً مثل "ممكن" ، والأدهى من ذلك أن ينهي عبارته بـ "هـــــــاه" والتي لم أجد ما يعادلها في اللغة العربية أو حتى في آداب التحدث مع الناس.
شيءٌ يدعو إلى التأمل حقاً ، أن يكون الطفل الغربي، الأجنبي ، العربي ( سمه ما شئت ) أكثر تأدباً من الطفل الذي يتشدق والده بالعادات والتقاليد وابن الأصل والفصل وابن العائلة الفلانية ، وأن يكون أكثر تمسكاً بتلك الآداب حين الحديث مع الأغراب بغض النظر عن وظائفهم .... وأن يكون الطفل الثاني المتشدق بعاداته وتقاليده مثالاً لنقيض ذلك ....
شيءٌ يبعث على الخجل ، أن يكون لدينا القرآن الكريم وسنة نبيه المصطفى - عليه وعلى آله أفضل الصلاة والتسليم - ولا نتذكر قوله تعالى { وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ } (*) ، أن يُبعثَ الرسول - صلوات الله وسلامه عليه - ليتمم مكارم الأخلاق ، ونحن نستمر في الإعراض عن كل ذلك.
قبل سنواتٍ قليلة فقط، قامت قائمتنا ولم تقعد عندما أساء الغرب لنبينا الكريم ، ولم نحرك ساكناً أمام كل الابتذال الذي يحصل بشكل يومي منا ومن غيرنا ، وأعلنا مقاطعة منتجاتهم ولم نفكر في إصلاح نتاجنا الشخصي و لفكري قبل ذلك ، أحرقنا أعلامهم ولم نعتقد بوجوب التخلص من جهلنا أولاً ....
وصل دوري بينما كنت غارقاً في خضم كل تلك التساؤلات ، فلمحت الطفل الأجنبي يأخذ طلبه و يقول: "Thank you"
رغم أنني لا أحب أن يتكلم أطفالي بالإنجليزية في بلاد عربية. (قلت هالمرة معلش وبلعتها غصباً عني) .
وقبل أن أبدأ التفوه بطلبي سمعت الطفل "إبن البلد" يقول: "وين الكتشب يا خويييييييي ..... شفييييييك انت؟" " هـــــــــــاه"!
ارتسمت على شفتي ابتسامة صفراء ، لُمتُ نفسي قبل أن ألوم الطفل ، لأن من حق الطفل علي، بل من أبسط حقوقه علي هو زرع مكارم الأخلاق فيه ....
ومالنا غيرك يا رب
الدكتور ا س او اس