الوردة الناعمة
كاتب جيد
حين خَفَتَ وتلاشى همس العالم ، وَأَوَتْ مع المساء إلى أعشاشها
أسراب الطيور والحمائم والبلابل؛
كانت خلايا دم الليل الأسود من قمر ، ونجوم ، وكواكب ، وشهب ..
تسود وتنتشر في جسد الزمان والمكان ؛ فتظهر بوضوح في آناءه وأوقاته
صفة الظلام السائدة التي يُوَرِّثُها الليل في كل لحظة ولادةٍ ـ لأفقٍ ـ جديدٍ
يولدُ من رحم أفواجه الحبلى دائما بتوائم اللوعة والحرمان ..
الغادية من كل فج والزاحفة إلى كل صوب .
في وسط هذه الحلكة الباهتة والصمت يحيط بي ؛
كُنْتُ أجلس بجوار نفسي بمطلق سراح رؤايَ وَآمالي ساهية متجردة من
كل شيء إلاَّ من روحي وشجوني .. أفتح ( إيميل ) البوح ؛ أستقبل وأقرأ ما يرسله
إلى علبة الوارد في ذهني من أفكار وأحلام يقظة مرفقة وغير مرفقة ،
وأصغي إلى صخب أصوات ما يفد على دفتر أبجديتي من تراتيل
وهينماتٍ يستصرخها ، ويلح في استدعائها جلاد العشق القائم بسياطه
على قلبي الضعيف ، وإلى جانبه يقف على أنايَ معينا له عليَّ ذلك الشوق الكبير
حاملا سيفه الذي أحل سفك مشاعري وأحاسيسي في هذا الموقف المهيب الذي فيه يُغالب
سهدي نعاسي فيغلبه ، والذي تتسع وتتمدد فيه دائرة ثوانيه ودقائقه و ساعاته حتى
تغدو أضعاف .. أضعاف ما كانت عليه في كل شيء ملموس من حولي و محسوس ؛
فيتسع ويتمدد في غيابك معها همِّي وغمي ، وتعظم وتتغلغل فيها أسقامي وآلامي ؛
فَيفتديني ساعةً من ما أنا فيه إحساسي وحدسي .. ،
ويتركني مصلوبة على أوجاعي لِساعااااتٍ وساعات شكي وظني .
فقد كانت ذاكرتي في تلك الأثناء ـ حبيبي ـ حاضرة معي .. تلملمك بلهفة الملتاع من
هنا وهناك ؛ خوفا من أن تضيع منها مع ما تطاير من
صور مؤطرة وغير مؤطرة ، وأطياف مرئية وغير مرئية ،
وأوهام خيالية ومؤثرات واقعية ، تلم معك آلاف الرسائل التي تَكْتُبُكَ وتبعث بكَ
إليَّ عبر بريد الحب المستعجل مختومة بهداياك ؛
لتحتفظ بها في ملفي السرِّي داخل درج من أدراج مكتب الذاكرة بعيدا
عن متناول أيدي صدمات الفقدان وأمراض النسيان .
بينما كانت وما تزال عينيِ ترسمك بنظرتها إليك كُحْلا أصليا
آسرا بـ ( مسكرة ) جفون ورموش خاصة جدا لا يسيح رسمها أبدا هي
ضد الماء ـ حبيبي ـ ، وضد كل أنواع الدموع التي أذرفها من أجلك سواء
كانت دموع فرحٍ أو حزن ؛ دموع فراق ولقاء كانت أو دموع ما أفزعني عليك وأربكني .
في هذا الوقت أيضا كانت أنفاسي تبحث ...، وتسأل عنك
نسيمات الحياة المارقة في طريقها .. عَلَّها تعلم عنك خبرا ، أو تحمل معها شيئا
من نفحات عطورك التي يضوع أريجها من خمائل ذكرياتك ذات الديباجة السندسية ،
ومن نفحات همسك الذي ينسكب شهدا طيب المذاق ،
ومن ضحكات هي وثيقة الصلة بمداعباتك وانطباعاتك المسلية؛ رغبة منها في
استنشاقك ، وَمَلْئي بك ، وإنعاش رئتيَّ بأكسجين أنفاسك المتحد بذرات هواء هذا
الأفق الذي يظل مكتوما ومخنوقا إلى أن يحين حضورك ؛
فأتنفسك بسهولة حين تهب مصافحا أنفاسي ، ويتعاظم ـ حبيبي ـ اختناقي إن لم تهب .
وإني لأرى وجهي بك يزيد على جماله جمالا حتي أني
لا أكاد أعرفه من بين الوجوه .. وذلك حين يعلِّقك ـ قِرْطا ـ ثمينا يضفي عليه لمسة ساحرة يروقُ
لي بعدها منظري ويؤنسني بها حضوري في مرآتي ؛ يتدلى من أذني لينسدل على
كتفيِ ؛ عازفا نغمات وترانيم تناسب وتلائم سمعي .. توشوش لي ، وتريحني
حين تُصْدِرُها بلوراتك أيها القرط المشغول بأنفس ألماس ؛
فما تلك الموسيقى الهادئة إلا أصداء صوتك المختزلة في ممرات أذني .
أجْمِلْ بها حين تتبلج لرؤياك ـ حبيبي ـ ابتسامتي ، وتسترخي شفاهي .. ؛
لترسمك عليها أحمر قُبُلات لامعا بلون صارخ ونكهة مختلفة لذيذة ،
أوتضعك ( كريمات ) مرطبة ترطبها وتمنحها النداوة كلما
أوشكت على الجفاف وأعلنت تشققها .
( دِبْلَةٌ ) ـ أنت ـ بفقدك ترتعش خوفا أصابعي .. ، وأساور تبقى عارية تتوارى خجلا من دونك يدي .
أجل ـ حبيبي ـ فما أنا من بين يديك ومن خلفك إلا ..
حسناءٌ غضة كالنرد ، وحبيبة حافظة للود ، وملكة حاكمة فوق عرشي ؛
أظلك بظلي وأحفظك بذاكرتي وحواسي وقلبي ...
ما ابتغيتَ ـ حبيبي ـ إلى قلبي وعقلي وكياني سبيلا ..
ما دمت لا ينازعني عليك منازع ، ولا يصاحبني إليك مصاحب ، ولا يشاركني فيك مشارك ..
ما دمت لا تغادر صغيرة ولا كبيرة من ـ عواطفي ـ
إلا أنزلتها من نفسك منزلة الكرام فحفظتها ،
وأطعمتها من ثمار أعذاق حبك المتدلية فأشبعتها ،
وسقيتها من جداول دفئك وحنانك النقية فرويتها .
بقلم /
سوزان محمد عبدالرحمن اليوسف
أسراب الطيور والحمائم والبلابل؛
كانت خلايا دم الليل الأسود من قمر ، ونجوم ، وكواكب ، وشهب ..
تسود وتنتشر في جسد الزمان والمكان ؛ فتظهر بوضوح في آناءه وأوقاته
صفة الظلام السائدة التي يُوَرِّثُها الليل في كل لحظة ولادةٍ ـ لأفقٍ ـ جديدٍ
يولدُ من رحم أفواجه الحبلى دائما بتوائم اللوعة والحرمان ..
الغادية من كل فج والزاحفة إلى كل صوب .
في وسط هذه الحلكة الباهتة والصمت يحيط بي ؛
كُنْتُ أجلس بجوار نفسي بمطلق سراح رؤايَ وَآمالي ساهية متجردة من
كل شيء إلاَّ من روحي وشجوني .. أفتح ( إيميل ) البوح ؛ أستقبل وأقرأ ما يرسله
إلى علبة الوارد في ذهني من أفكار وأحلام يقظة مرفقة وغير مرفقة ،
وأصغي إلى صخب أصوات ما يفد على دفتر أبجديتي من تراتيل
وهينماتٍ يستصرخها ، ويلح في استدعائها جلاد العشق القائم بسياطه
على قلبي الضعيف ، وإلى جانبه يقف على أنايَ معينا له عليَّ ذلك الشوق الكبير
حاملا سيفه الذي أحل سفك مشاعري وأحاسيسي في هذا الموقف المهيب الذي فيه يُغالب
سهدي نعاسي فيغلبه ، والذي تتسع وتتمدد فيه دائرة ثوانيه ودقائقه و ساعاته حتى
تغدو أضعاف .. أضعاف ما كانت عليه في كل شيء ملموس من حولي و محسوس ؛
فيتسع ويتمدد في غيابك معها همِّي وغمي ، وتعظم وتتغلغل فيها أسقامي وآلامي ؛
فَيفتديني ساعةً من ما أنا فيه إحساسي وحدسي .. ،
ويتركني مصلوبة على أوجاعي لِساعااااتٍ وساعات شكي وظني .
فقد كانت ذاكرتي في تلك الأثناء ـ حبيبي ـ حاضرة معي .. تلملمك بلهفة الملتاع من
هنا وهناك ؛ خوفا من أن تضيع منها مع ما تطاير من
صور مؤطرة وغير مؤطرة ، وأطياف مرئية وغير مرئية ،
وأوهام خيالية ومؤثرات واقعية ، تلم معك آلاف الرسائل التي تَكْتُبُكَ وتبعث بكَ
إليَّ عبر بريد الحب المستعجل مختومة بهداياك ؛
لتحتفظ بها في ملفي السرِّي داخل درج من أدراج مكتب الذاكرة بعيدا
عن متناول أيدي صدمات الفقدان وأمراض النسيان .
بينما كانت وما تزال عينيِ ترسمك بنظرتها إليك كُحْلا أصليا
آسرا بـ ( مسكرة ) جفون ورموش خاصة جدا لا يسيح رسمها أبدا هي
ضد الماء ـ حبيبي ـ ، وضد كل أنواع الدموع التي أذرفها من أجلك سواء
كانت دموع فرحٍ أو حزن ؛ دموع فراق ولقاء كانت أو دموع ما أفزعني عليك وأربكني .
في هذا الوقت أيضا كانت أنفاسي تبحث ...، وتسأل عنك
نسيمات الحياة المارقة في طريقها .. عَلَّها تعلم عنك خبرا ، أو تحمل معها شيئا
من نفحات عطورك التي يضوع أريجها من خمائل ذكرياتك ذات الديباجة السندسية ،
ومن نفحات همسك الذي ينسكب شهدا طيب المذاق ،
ومن ضحكات هي وثيقة الصلة بمداعباتك وانطباعاتك المسلية؛ رغبة منها في
استنشاقك ، وَمَلْئي بك ، وإنعاش رئتيَّ بأكسجين أنفاسك المتحد بذرات هواء هذا
الأفق الذي يظل مكتوما ومخنوقا إلى أن يحين حضورك ؛
فأتنفسك بسهولة حين تهب مصافحا أنفاسي ، ويتعاظم ـ حبيبي ـ اختناقي إن لم تهب .
وإني لأرى وجهي بك يزيد على جماله جمالا حتي أني
لا أكاد أعرفه من بين الوجوه .. وذلك حين يعلِّقك ـ قِرْطا ـ ثمينا يضفي عليه لمسة ساحرة يروقُ
لي بعدها منظري ويؤنسني بها حضوري في مرآتي ؛ يتدلى من أذني لينسدل على
كتفيِ ؛ عازفا نغمات وترانيم تناسب وتلائم سمعي .. توشوش لي ، وتريحني
حين تُصْدِرُها بلوراتك أيها القرط المشغول بأنفس ألماس ؛
فما تلك الموسيقى الهادئة إلا أصداء صوتك المختزلة في ممرات أذني .
أجْمِلْ بها حين تتبلج لرؤياك ـ حبيبي ـ ابتسامتي ، وتسترخي شفاهي .. ؛
لترسمك عليها أحمر قُبُلات لامعا بلون صارخ ونكهة مختلفة لذيذة ،
أوتضعك ( كريمات ) مرطبة ترطبها وتمنحها النداوة كلما
أوشكت على الجفاف وأعلنت تشققها .
( دِبْلَةٌ ) ـ أنت ـ بفقدك ترتعش خوفا أصابعي .. ، وأساور تبقى عارية تتوارى خجلا من دونك يدي .
أجل ـ حبيبي ـ فما أنا من بين يديك ومن خلفك إلا ..
حسناءٌ غضة كالنرد ، وحبيبة حافظة للود ، وملكة حاكمة فوق عرشي ؛
أظلك بظلي وأحفظك بذاكرتي وحواسي وقلبي ...
ما ابتغيتَ ـ حبيبي ـ إلى قلبي وعقلي وكياني سبيلا ..
ما دمت لا ينازعني عليك منازع ، ولا يصاحبني إليك مصاحب ، ولا يشاركني فيك مشارك ..
ما دمت لا تغادر صغيرة ولا كبيرة من ـ عواطفي ـ
إلا أنزلتها من نفسك منزلة الكرام فحفظتها ،
وأطعمتها من ثمار أعذاق حبك المتدلية فأشبعتها ،
وسقيتها من جداول دفئك وحنانك النقية فرويتها .
بقلم /
سوزان محمد عبدالرحمن اليوسف