لتخرس قصائد الحب يا فلسطين

فارس النور

كاتب جيد جدا
لِتخرسْ قصائدُ الحُبِّ .. يا فلسطين


1434955_l.jpg


blownup.jpg




عذراً يا أحبتي .. فقوافي الحب استحالت دموعاً تبلّلُ خيباتنا من الأندلس إلى غزة ، و الدّماءُ العربية التي تجري في عروقنا كفرت بوعودنا التي طالما تبجّحنا بها أنّنا سنصحو .. لا بدَّ أن نصحو .. و لكن بعد سهرةٍ طويلةٍ بدأناها بعشاءٍ دسمٍ تحكي عنه بطوننا المكورّة تكوّر بطنِ امرأةٍ حملتْ سفّاحاً ، و أنهيناها بفيلمٍ ساخنٍ على قناةٍ كافرةٍ تحتلنا حكومتها و تسبُّ رُسُلنا و تسخرُ ليل نهارٍ من أحلامنا .. قبل أن نسلّم أنفسنا قبل الفجرِ بقليل .. للنوم مغمضي الجفون هذه المرة ، فشعبنا العربيُّ من المحيطِ إلى الخليجِ نائمٌ أو مُنوّمٌ ، في بيتهِ و عملهِ و جِدِّهِ و هزلهِ و في وطنهِ و غربتهِ .. و السّؤال : متى يصحو العرب .. بل السؤال الأصح هو السّؤال الذي طرحه ( نزار قباني ) و هو : متى يعلنون وفاة العرب !؟

نعم .. هناك قسمين من الشعبِ العربي الذي ننتمي إليه لغةً و حضارةً و مصيراً :




القسمُ الأكبر قسمٌ مُطبّلٌ مزمّرٌ ، حِكمتهُ : ( فُخّار يُكسّرْ بعضه ! ) و طعامه اليوميُّ : نساءٌ و نفاقٌ و لعبٌ و لهوٌ و تجارةٌ مشبوهةٌ و رحلاتٌ مشبوهةٌ و تاريخٌ مشبوهٌ و مستقبلٌ مشبوه .. و هذا لا أملْ منه إلا كأملِ إبليس بالجنّة كما يقولون ..

و قسمٌ آخرُ صغير مقسومٌ إلى نصفين :



نصفٌ يهزّه الواقعُ المخزي للعرب ، و تُبكيهِ نشراتُ الأخبار و مشاهدُ المقاومين و خطاباتُ المساجد و دموعُ أمٍّ تودّعُ رضيعها أو ابنها الوحيد و تهنّئه بخلاصهِ من العيش مع العرب ، و تحترقُ أعصابهُ كلّما شاهد مسؤولاً عربياً يقبّلُ ( كونداليزا رايس ) أو ( جورج بوش ) أو ( إيهود أولمرت ) ، و كلّما شاهدَ الرّصاص العربي يتأهّبُ لاختراقِ الصّدرِ العربي ، وشاهدَ رئيسَ حزبٍ أو عصابةٍ عربية يتوعّدُ رئيسَ حِزبٍ أو عِصابةٍ أخرى بإنهائها من الوجودِ و لو كلّفه هذا حياته ..

نصفٌٌ يُحسّ أنّ كرامتهُ تُهان عندما يُشاهدُ عربياً يتآمرُ على عربيٍ بحجّة أنَّ لكلٍّ مصالحهُ ، و عندما يُشاهدُ النّفط العربي يتدفّق بجنونٍ و تزيدُ أسعاره بجنونٍ و أكثرَ من نصفِ العرب تحت خطِّ الفقرِ و أكثرَ من ربعهم يكادون يأكلون بعضهم ، و عندما يُشاهدُ أن حُلمَ دولةِ فلسطين قد تحوّل إلى حلم دولةِ غزة و حلم دولة الضفة ، إلى حلمِ دولةِ عبّاس و حلمِ دولةِ مشعل ، يُحسُّ أنَّ كرامته تُهان و مصيرَهُ يُستباحُ و مستقبلهُ يُتفاوضُ عليه على طاولةِ القمار السياسي عندما يُصرّحُ أحدهم أنّه شخصياً لا مشكلة عنده مع إسرائيل و أنّه تعِبَ من محاربتها و حان الوقتُ لزمنِ الصّلحِ أن يَحُلّ ، و عندما يذهب آخر إلى سيّده في البيتِ الأبيضِ ليُقبّل قَدميه ليُحرّرَ بلداً عربياً من نظامهِ القمعيِّ ، المستبّدِ !!

و عندما يشاهِدُ الحوّاماتِ الصهيونية و الأمريكية تحلُّ محل فراشاتِ الزمان الآفلِ ، و عندما يرى القواعد العسكرية تزداد يوماً بعد يوم ازدياد أوجاعنا و هزائمنا ..

و عندما يرى أن الدول العربية تسقطُ واحدةً تلو الأخرى من فلسطين مروراً بالعراق و ليس انتهاءً بالصومال ..

نصفٌ يحيا بوعودِ الله و رسولهِ بالنصر ، و يموتُ ألف ميتةٍ بسلوكياتٍ حكام العرّب الذي تآمروا علينا .. و أخرسونا .. و سجنونا .. و قتّلونا .. حتى لا يبقى رجلٌ يسبّحُ إلا بحمد حاكمه و سيّدهِ !!



هذا النصفُ .. و للأسف ، يعودُ لحياتهِ الطبيعية ، لحياتهِ الطبيعية بلهوها وهمومها و أوجاعها في سبيل الحصول على لقمةِ العيش ، يعود عندما تنتهي نشرة الأخبار و يبدأ المسلسلُ اليومي أو مباراة فريقهِ المفضل ، أو عندما تنتهي خِطبةٌ حماسيّةٌ لمجاهدٍ أو لشيخِ مسجد قبل أن يُقاتل ذلك الذي حجز على سيّارته بسيارتهِ و أخّره قليلاً عن موعدِ العودةِ إلى البيت ! ، أو عندما يضرب ابنهُ ابن الجيران فيذهبُ ليحُلَّ المشكلة بطريقته ، أو عندما يعودُ إلى البيت ولا يجدُ طعام الغذاءِ جاهزاً ، أو عندما يُطلُّ علينا ( عمرو موسى ) مبتسماً و متفائلاً و مقسماً أن كل مشاكل الأمّة العربية ستحلُّ قريباً و .. قريباً جداً ( و بالطبع يقصد عندما يموت العرب ! ) ..



أما النّصف الآخر من هذا القسم من العرب .. فيعيشُ دموعهُ و وجعهُ من حالِ العربِ المزري في أكلهِ و شربهِ و نومهِ و صحوه و مرضهِ و عافيتهِ ، في أنفاسه يبكي ، في ابتساماته يبكي .. حتى عندما يشاهد مسؤولاً عربياً يعانق أخيهِ المسؤول العربي يبكي لإيمانه أنّهما أنهيا للتّو اتفاقاً جديداً لزيادة أوجاعهِ بالتآمر عليه و على مستقبل أولادهِ و شعبهِ بتآمرهم عليهم ، بالمزيد من الذلّ و الاستسلام و التسليم و البيع لأعداء الأمة بثمن استبقاء كراسيهم ، بيع الوطن و كرامة أهله !

لكنّهم للأسف عاجزون – هؤلاء القلّة - عن شيءٍ إلا .. وهبُ الدّموع و الدُّعاءُ ليلَ نهار على أعداءِ الأمّة .. و على حكّامها المتآمرين عليها !!



أيُّ ضميرٍٍ ضميرهم .. إنهُ ضميرٌ منفصلٌ كلياً عن أيّةِ ذرّةِ إنسانية و كرامة عربية و متصلٌ كلياً بكل مؤامرات الغرب و الإمبرياليةِ العالمية و الصهيونية اليهودية ، متصلٌ بوعدِ بلفور و إتفاقياتِ سايكس بيكو و صلح ( تسليم ) كامب ديفيد و معاهدة ( مبايعة ) وادي عربة حتى مؤتمر أنابوليس الذي خُصّص للضحك على ذقون العربِ من كبيرهم إلى صغيرهم !!





أيُّ دمٍ عربيٍّ هذا .. الذي لا يكفُّ عن السيرِ في عُروقِ ذلك الحاكم العربي أو ذاك ، و في بلادهِ قواعد عسكريةٌ تُؤمّنُ الدّعم و الحماية لطائرات و دباباتِ الإسرائيليين في حربهم المفتوحة على الشّعب الفلسطيني في غزة و غيرها ، و أعلامُ إسرائيل ترفرفُ في عاصماتها تحت حُجّةِ ( لا نستطيع أن نُخِلّ بالمواثيق الدولية ! ) ، أيُّ دمٍ عربي ذاك الذي لا يتوقفُ عن الحركةِ في جسدِ حاكمٍ عربي حدودُ دولتهِ مجاورةٌ لقطاع غزة المحاصر و المستباحِ عسكرياً ليلَ نهار و بشتى أنواع الأسلحة و هو يظهرُ مبتسماً على شاشاتِ التّلفاز و عبر مجموعةِ تصريحات :

( سنكسرُ أرجلَ الفلسطينيين إذا لم يحترموا أرضنا ) ، ( سنحضرُ مؤتمر القمة العربية بدمشق إذا سمحت أجندتنا بذلك ! ) ، ( سنمنعُ تهريب السّلاح إلى قطاع غزة عبر الأنفاق ) ، و التصريح الذي لم يصرّح به ( إذا سبّني التاريخ و ذكر أنّي عميلٌ وريثٌ لعميل و أني .... ابن .... فسأقول أنني لم أكنْ بوعيي يومها فعقلي أعطيته للأمريكان ليريحوني منه و ضميري طعنته و أعطيته حبّة مخدرٍ لكي لا يزعجني صراخه ، أمّا الدم العربيُّ الذي ولدتُ و هو في عروقي ، فقد استبدلتهُ بالنفط و بعائدات السياحة القادمة إلى جيوبنا بالشيكل الإسرائيلي ، فضلاً عن الدولارات التي أتقاضاها عند كل صفقةٍ يعقدها مع ضميري أسياد البيت الأبيض و أورشليم ، هذا عدا عن كوني مستعدٌّ أن أبيع الوطن كلّ الوطن بساكنيه مقابلّ أن أبقى على هذا الكرسي أو أن أورّثه لابني من بعدي بعدَ عمرٍ طويلٍ من الخيانةِ و العمالةِ و التبعية !! ) .

26460.jpg



نعم .. فنحنُ لا نستحقُ الحياة يا فلسطين ، و مشاهدُ الدّم تلوّث كراماتنا و تزيّنُ خيباتنا و هزائمنا ، نعم يا غزّة .. لتلبسي الحداد على العرب فموعدُ الموتِ الحقيقي قد أقبل مذْ وطئتْ المدمّرة ( كول ) السواحل اللبنانية لتنضم إلى أخواتها في الخليجِ العربي وهي تردد جواباً واحداً لكلِّ من يسأل عنها ( كول ... و اخرس ) !..


نعم .. يا غزّة ، صبركِ على البلوى .. فنصر الله آت ، أمّا العرب و وعود العرب و صراخ العرب و دموع العرب كذِبٌ بكذبٍ .. فو الله لو لم يكن كذلك .. لنزلوا عن كراسيهم عند مَشهدِ رضيعٍ مضرّجٍ بالدّماء .. و أمٍّ مقطعةٌ جثّة ابنها الشاب و هم تتمتم ( اللهم انصر المجاهدين و ثبّتهم ) بدون دمعةٍ واحدة ، و عند مَشهدِ أشلاءِ أطفالٍ يلعبون بكرتهم قبل أن تقدّمهم طائراتُ العدو قرابينَ للأوطان .. و وجبةً مسليةً للحكّام العرب يخرجون فيها قليلاً عن روتينهم الضاحك المبكي ، بمشاهدةِ فيلمٍ مرعبٍ مُعاشٍ حقّاً ، و كلّ شخوصه حقيقيون .. و أرض المعركة هي الأرض التي ورثناها عن رسول الله و صلاح الدين الأيوبي ..






نعم يا غزّة .. نعم يا فلسطين .. نعم يا بغداد .. نعم يا مقديشو .. نعم يا بيروت .. نعم يا دارفور .. نعم يا أرض العرب ، اكفري بالعرب و بخلفاء و أحفادِ صلاح الدين ( الكردي ! ) و توكلي على الله .. فأمّةُ العربِ مشغولةٌ بعدِّ براميل النفط التي تنتجها آباراتها ، و بعدّ الطائراتِ التي تحوم في أجوائها ، و بعدّ المجاهدين الذين في سجونها ، و بعدِّ النساء اللواتي في أسرّتِها ، و عدّ الهزائم التي في تاريخها ، و توقعِ الهزائم التي .. في مستقبلها !!

1434952_l.jpg




نعم يا غزّة .. أخجلُ من نفسي إذا كتبتُ الحبّ و أهلوكِ ينتحبون و يُجوّعون و يُقتّلون و يُسجنونَ ، أخجلُ من نفسي إذا كتبتُ الحبّ و الشّعر و الجّمال و أعيُنكم تذرِفُ على أحبابكم و أولادكم ، أخجلُ من نفسي كلما بكتْ أمٌّ .. و وُريَ رضيعٌ مثواه الأخير رحمةً من ربّهِ أن يعيشَ و يموتَ دونَ أن يسمعَ اسمَ حاكمٍ عربيٍّ يُحلفُ به و بحياتهِ ، و دون أن يرى ضحكاتِ أميرٍ عربيٍ و هو يقسمُ أنّه مصمّم على دعمِ الشعب الفلسطيني المجاهد بكلِّ الوسائلِ ، و دون أن يُشاهِدَ جَولةً واحدةً من المفاوضات بين العرب و الإسرائيليين بخصوص قرارات الأمم المتحدة و مرجعية مدريد و الأرض مقابل السلام و عودة الأراضي المحتلة عام 1967 و إقامة الدّولة الفلسطينية المستقلة و عاصمتها القدس ، و عودة المهجّرين و اللاجئين الفلسطينيين .. !!

و دون أن يُشاهد قبلة حارةً بين حاكم عربيٍّ و آخر أمريكي أو صهيوني .. و دون أن يُشاهد في نشرةِ الأخبار أهلهُ يتزاحمون على اقتناص رغيفِ خبزٍ واحدٍ أو يتساقطون واحداً تلو الآخر أمام طائراتِ العدو أو يتظاهرون مطالبين بصحوة الضمير العربي ، و يُشاهد في قناةٍ أخرى مسابقةً لمن تهزّ خصرها أكثر ، و من تتعرّى أكثر !

استشهد .. دون أن يَسمعَ حاكماً عربياً يصرّح بأهمية الوحدة العربية و التّضامن العربي و التكامل العربي سياسياً و اقتصادياً و فكرياً .. و إذا لَزِمَ الأمر جغرافياً ، و يُشاهد في قناةٍ أخرى ما يُكذِّبه و بالوثائق و بالشهود !!



عذراً .. منكم يا أحبائي ، فالدّمُ الفلسطيني و العربي يذرفُ على صفحاتي و احتراماً لهُ سأُخرِسُ قصائدَ الحبِّ و قوافيه ، على أملِ أنْ يُبعث العربُ من جديدٍ !






pal11.2006-1.jpg






zaitoun14052004.jpg





1383670_l.jpg





1434953_l.jpg

سنغـنّي للحــيــاة رغــم أنـــوفكم
و إنْ كانت " الشهادة "
سيبقى الوطن
سيبقى
الوطن

1434954_l.jpg


تحياتي للجميع
 

فارس النور

كاتب جيد جدا
رد: لتخرس قصائد الحب يا فلسطين

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
 

دمع العيون

(حكاية وطـن )
رد: لتخرس قصائد الحب يا فلسطين

[align=center]
آآآآه ٍ فلسطيــــــــن ,, كم شربت ِ من كأس المـــرار
ولكـــن النصـــر آت بإذن الله ,,

فــارس النـــّور
الله يعطيك ألف عافيـــه
على الطرح ,,
تقبّل مروري ,, ودمت بحريّـــــه
[/align]
 

بقايا إنسان

كاتب جديد
رد: لتخرس قصائد الحب يا فلسطين

موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .
والله يا اخي معك حق
فالتخرس تلك القصائد
لاننا في زمن يقاس بالأفعال ولبس بالأقوال
غريبة وين التفاعل من الاخوة والله موضوع احسن من الموضة والعب وغيروا
معافى اخي لك جزيل الشكر
 

مواضيع مماثلة

أعلى