السيف الدمشقي لغز حير العالم

عمو هتلر

هتلر المنارة
لغز حير العالم

[COLOR=#0]
قال ابن المعتز:‏
ورنا إلى الفرقدان كما رنت‏
زرقاء تنظر من نقاب أسود‏
وروي أن الاسكندر الأكبر ماكان ليقطع عقدة «غورديان» لو لم يمتلك سيفاً دمشقياً، وأن الشهرة التي اكتسبها صلاح الدين الأيوبي وجعلت منه أسطورة في الأدب الغربي لاترجع فقط إلى مهارته في استخدام السيف،‏
وإنما ترجع إلى جوهر النصل الدمشقي الذي صنعت منه السيوف، فكان قادراً أن ينافس به سيوف أوروبا الشرقية وسيوف الإسبان واليابان.‏
24-1.jpg
وإن فيروز لم تمهر في دغدغة أحلامنا لو لم تدمشق ألحانها بجدلية السيف والقلم.‏
وسيف دمشق الذي لاتشهره إلا في وجه الطامعين لايقل زهواً ورقة عن وردها الشامي وعن عطر ياسمينها.‏
دمشق الحقيقة‏
ارتبطت صناعة السيوف بمدينة دمشق وأخذت شهرتها وامتيازها مع بداية القرن العاشر الميلادي، حيث كانت صناعتها تتم وفق أسلوب فني خاص أطلق عليه اسم (دمشق الحقيقة)، ومن هنا انطلق الكندي في وصفه للسيوف الدمشقية ونصالها الحادة قائلاً: إنها أقطع جميع السيوف المولدة، عرفت بجودتها منذ القدم، وامتازت نصالها بقطعها الجيد.‏
24-3.jpg
كما تحدث الكندي بالإضافة إلى المؤرخين العرب عن سيوف شامية اشتهرت في بصرى الشام عاصمة الغساسنة واستمرت رائجة بعد الإسلام ولم يطبعها أحد من صناع بصرى إلا «سليمان» عام 95هـ.‏
ومن السيوف الشامية التي ذكرها أيضاً في رسالته «الشراة، الحنيفية، السيوف الأريحية، والسيوف الديافية»، التي بقيت إلى صدرالإسلام.‏
24-5.jpg
أقدم السيوف‏
وبالعودة للتاريخ: فإن أقدم السيوف الدمشقية المحفوظة في متحف طوب كابي في اسطنبول «سيف يعود إلى نجم الدين الأيوبي توفي 1137م والد صلاح الدين الأيوبي ويمثل هذا السيف الشكل التقليدي للسيف الدمشقي الذي نراه أكثر وضوحاً في سيف السلطان المنصور، سيف الدين قلاوون الذي توفي في 1290م، وهذا السيف ذو مقبض من الأبنوس والنصل من الفولاذ الدمشقي وأشهر السيوف في متحف اسطنبول هو سيف رائع مصنوع نصله المقوس من الفولاذ الدمشقي، صنع للسلطان الظاهر قانصوه الغوري الذي توفي 1516م، ومن أشهر صناع السيوف الدمشقية في تلك الفترة ابراهيم المالكي ويوسف الذي صنع سيفاً خاصا ًبالسلطان العثماني عام 1585م. وحاجي صونقور الذي قدم للسلطان بايزيد عشرة سيوف دمشقية وأربعة خناجر وانتقل من الشام إلى اسطنبول.‏
24-2.jpg
ثمة معلومات كثيرة تتعلق بتاريخ وجوهر السيف الدمشقي زودنا ببعضها السيد فياض سليمان السيوفي أحد أشهر صناع السيوف الدمشقية والذي كان قد توارث المهنة على مدى عدة أجيال في العائلة نفسها قائلاً: «إن عائلته هي الآن الوحيدة التي تصنع السيوف وتقوم بتنزيل الذهب والفضة عليها، ولانعلمها إلا لأولادنا حتى تبقى معزوزة، والسيف الدمشقي كان سيف القادة والأمراء ومن هنا وصلت شهرته إلى العالم وهو سيف فعال جداً وقاطع لأنه مزيج من معدنين: طري وقاس جداً متحدان معاً، مبنياً إن سعر السيف يفوق الـ 300 ألف ليرة سورية، ويزيد سعره بحسب الزينة التي تضاف إليه، حيث اشتهر صناع السيوف الدمشقي إلى جانب صُناع الديباج والزجاج والفولاذ الدمشقي بترصيع وتعشيق ونقش السيوف, مستعملاً لذلك الذهب والفضة والأحجار الكريمة إضافة إلى النحاس والرصاص والحديد.‏
البحث عن الجوهر‏
لايمكن أن يذكر السيف الدمشقي إلا وتذكر معه البطولات والفتوحات العربية.‏
حين انطلق الفارس العربي فاتحاً لم يعرف التاريخ أرحم منه، وبالبحث عن الجوهر يشير الأستاذ وهبة سعيد الصباغ رئيس شعبة المهن التراثية إلى أن السيوف الدمشقية امتازت عن غيرها بظاهرة فنية عرفت باسم «جوهر السيف» أوفرنده وللجوهر أسماء مختلفة منها «الدمشقي» ومنها «الشامي» وتظهر على النصال بأشكال عدة ومن أهم خصائص الجوهر الدمشقي أنه يمتاز بأشكال البقعة المحكمة، وبإشراق مائل إلى البياض مع عدم قابليته للصدأ كسائر أنواع الجوهر، كما يمتاز بلينه ولدانته وثباته ويؤكد بعض صناع السيوف الذين استمروا في المهنة أن النصل الحقيقي للجوهر قد فقد منذ 350 سنة.‏
ويقول جون فيرهوفن في مقالته حول لغز السيف الدمشقي: إنه نوع واحد من السيوف يريده كل إنسان، هذا النوع صنع في دمشق، شاهده الأوروبيون لأول مرة في أيدي المحاربين العرب المسلمين قبل ألف عام، واليوم بقيت نماذج منه معلقة في أقسام الدروع والأسلحة في معظم متاحف العالم وأضخمها.‏
ومن خلاصة ماورد في مصادرعربية حول صناعة الدمشقة «عند الجلدكي الطرسوسي، وأبي الريحان البيروني» أن السيف الدمشقي يصنع من الفولاذ الدمشقي المصنوع محلياً عن طريق تحمية الحديد في كور وسكبه في بواتق، ويضاف إلى البوتقة مواد معدنية كالمنغنيز لزيادة لمعانه ومنع أكسدته، ثم يضاف مواد عضوية نباتية كالإهليلج أو قشر الرمان أو قش الرز أو الخشب وأوراق الأشجار إلى الحديد المحمى اللين، هذه المواد تصبح فحماً يختلط بالحديد ليصبح فولاذاً يطلق عليه اسم الجوهر أو (الفرند) ومن هنا يعرف الفرند بأنه اللون المائل إلى السواد، توضع عليه الرسوم والنقوش وتكتب الأسماء بإشراقٍ مائل إلى البياض».‏
فيصح به قول أبو الهول الحميري:‏
وكأن الفرند والجوهر الجاري‏
على صفحتيه ماء معين‏
ولكن وكما هو الحال مع كل مافي دمشق فإن سيوفها لم تبح بعد بكل أسرارها، وبقيت الأنصال الدمشقية الأصلية كنوزاً ليس هناك من ينتج مثلها.‏
السيف السحري‏
لم تكن هذه السيوف حادة وجميلة فقط، بل شكلت عبر القرون الماضية لغزاً مستعصياً على الحل، فرويت حول صناعته الأساطير والقصص، وقيل إن الشعرة كانت تنشطر إلى نصفين لدى سقوطها على حده، وأنه كان الأساس في انتصارات صلاح الدين الأيوبي على الصليبيين، فكان القادة الأوروبيون يرسلون التجار إلى دمشق لشراء السيوف المميزة بأغلى الأثمان للتباهي بها.‏
ولكن من أشهر الأساطير التي رويت: أن هذه السيوف ورثها الدمشقيون عن الإله السوري الشهير «حدد» إله الصاعقة، حيث كان صناع السلاح الدمشقيون ينتظرون أن يشق البرق رحم الأرض ويزرع فيها شيئاً من وميضه محدثاً فيها عروقاً معدنية كبيرة يأخذونها ويعجنونها ويلقونها بالنار ويطرقونها، ثم يضعونها في خليط من الماء والزيت ليصنعوا منها تلك السيوف السحرية.‏
ومن الروايات: أن فولاذ هذه السيوف يفتت إلى قطع صغيرة تطعم للدجاج مع الحبوب بعد حرق الدجاج يجمع المعدن من جديد ويصار السيف الصلب.‏
ولعله ليس غريباً أن يختلق العرب هذه الروايات الخرافية لسيوف طافت العالم وردت الأذى والعدوان عن دمشق وبلاد الشام كلها، وبعد أن فشل أفضل الحرفيين والعلماء الغربيين تقليدها عبر العصور.‏
حملت بعض السيوف أسماء صانعيها نظراً لشهرتها الواسعة، وعن سر الانتشار يقول السيد وهبة: كان أسد الله الدمشقي من أشهر الصناع للسيوف الدمشقية حتى أصبح اسمه أشبه بالماركة التي استمر استعمالها خلال قرنين. ولاننسى ابراهيم المالكي، صانع السيف الشهير في العصر المملوكي الذي انتقل إلى اسطنبول عام 1517، والصانع المملوكي الشهير حاجي صونقور الذي ترك أكثر من أربعين سيفاً تحمل اسمه.‏
ويضيف: تفاخرت الشام بصنع السيوف الممتازة التي تنقش على نصالها الآيات الكريمة، والأشعار والدعوات، وكانت مقابضها ترصع بالحجارة الكريمة وتصنع لها الأغماد المزخرفة.‏
وقد صنعت السيوف في الشوير ودومة واشتهرت أسر السلاحين في دمشق منهم «بنو السيوفي، جوهر، جوهري، مسابكي، حداد، نحاس، وحفار وطباع.‏
ولكن الفترة الزمنية الأكثر انتشاراً للسيف الدمشقي هي انتقاله إلى الغرب عن طريق الصليبيين حيث كلمة damasc تعني السيف الدمشقي واستمرت هذه الصناعة تحت اسم damasc inoge حتى القرن الماضي وبعدها بدأت تميل إلى الانقراض لأسباب كثيرة يتحدث عنها الصناع الحاليون والمؤرخون ولامجال لذكرها الآن.‏
أشــــرف الأسـلحـــة‏
لم يشهر السيف العربي بشكل عام والسيف‏
الدمشقي إلا للدفاع عن النفس وقتال الأعداء الطامعين، فبقي أشرف الأسلحة على الإطلاق وأبلغ من الكتب، له صدارة البيوت وفخر الأنساب ويحمل أسماء ومعاني الكبرياء والرفعة والأصالة.‏
***‏
24-4.jpg
جدلية السيف والتاريخ‏
لم يكن مصادفة أن تغني فيروز الشام وتاريخها من ثلاثة أماكن في قلب عاصمة الأمويين التي دانت له الدنيا ولم تدن لأحد لأن من أبرز السيوف تلك التي كانت للخلفاء الأمويين وهي سيوف متميزة صنعها العمال الدمشقيون، ومازال بعضها محفوظاً في متحف طوب كابي سراي استنبول.‏
وفي هذه الأماكن التي كانت فيما مضى ميداناً أموياً يبرز مجد دمشق التليد، فعلى الضفة اليسرى من نهر بردى وأنت تتجه غرباً إلى الربوة يقع ميدان الخيول التي طالما تدرب لتشد للفتح، في حين يقع على الضفة اليمنى بستان هشام بن عبد الملك بن مروان.‏
من هنا كانت دمشق ومازالت بوابة التاريخ وقلب العروبة النابض، وبر الشام الذي امتشق مجده بالقلم والسيف ليسجل شطراً من أسطر التاريخ..‏
شام ياذا السيف لم يغب‏
ياكلام المجد في الكتب‏
قبلك التاريخ في ظلمته‏
بعدك استولى على الشهب‏
ورفع الدمشقيون نصباً لسيفهم في ساحة الأمويين وسط العاصمة دمشق كرمز لقوة المدينة ومنعتها ينتصب حاملاً إرثها الحضاري ومختزلاً تاريخاً من الانتصارات والانجازات ودليلاً على مهارة الحرفي الدمشقي
[/COLOR]
 

ترانيم العشق

كبار الشخصيات
رد: السيف الدمشقي لغز حير العالم

معلومات قيمة وهامة اخي
هتلر
بينت فيها اهمية السيف الدمشقي وطريقة انتقاله الى الغرب
وعرفتنا على صناعته ومن مهر فيها
من الحرفيين
سلمت يمينك
وامنياتي بدوام العزة لسورية ولكل وطننا العربي
ومن لك اعطر التحايا
 

روح المطر

كاتب جيد جدا
رد: السيف الدمشقي لغز حير العالم

[align=center][table1="width:95%;"][cell="filter:;"][align=center]
دمتَ بعزة وشموخ السيف الدمشقي
وهبتنا معلومات هي كنز بالنسبة لنا
السيف الدمشقي كان وسيبقى لغز
يحير العالم
كلي شكر لموضوعك الرائع
دمتَ بسعادة لا تنضب
تحيتي
[/align]
[/cell][/table1][/align]
 

عمو هتلر

هتلر المنارة
رد: السيف الدمشقي لغز حير العالم

أختي فراشة الشام

أختي البنت المجنونة

شكراً لمروركن

دمتم بكل الخير لكم تحياتي
 

دموع اليآسمين

كبار الشخصيات
رد: السيف الدمشقي لغز حير العالم

طرح من اروع ما يكون
دائما رائع ومميز بكل طروحاتك وتواجدك ومواضيعك
الف الحمد لله ع سلامتك اخي هتلر
منور المنارة بوجودك ورجعتك لالنا سالم
الف تحيه لالك
 

نجم سهيل

كاتب جديد
رد: السيف الدمشقي لغز حير العالم

[align=center][table1="width:95%;background-color:blue;"][cell="filter:;"][align=center]
رائع أخي هتلر

أنت الغز وليس السيف الدمشقي

لبس الابداع بنص

الابداع بمن يختار
[/align]
[/cell][/table1][/align]
 

LEGENDS

كاتب محترف
رد: السيف الدمشقي لغز حير العالم

[align=center]
موضوع رائع عن السيف الدمشقي

الذي حير العالم بأصالته و قوته و كلنا فخر بأن صلاح الدين كان يمتلك هذا السيف والاجمل انه ما زال يصنع في دمشق

جميل جداً حيث انه يتم زخرفته بأجمل المجوهرات والأحجار الجميلة


شكراً لك اخي هتلر العزيز، دمت لنا
[/align]
 

مواضيع مماثلة

أعلى