نقد كتاب فريضة الحج وجواز النيابة فيها

رضا البطاوى

كاتب جيد جدا
نقد كتاب فريضة الحج وجواز النيابة فيها
الكتاب تأليف محمد عبد المقصود جاب الله وسبب تأليف الكتاب سؤال طرحه أحد طلاب جاب الله عليه حول الاستنابة فى الحج وفى ذلك قال : "وبعد فقد سألني أحد تلاميذي بكلية الدعوة وأصول الدين بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة وهو الطالب (سيد حامد سيد إبراهيم) من سنغافورة عن الحج عن الغير وهل يجوز أو لا؟ وهل يجوز لمن يحج عن الغير أن يحج عن أكثر من واحد في سنة واحدة؟
وإني استخير بالله سبحانه وتعالى في الإجابة وهو حسبي ونعم الوكيل"
وكانت الإجابة قوله:
" فأقول:- وبالله التوفيق-:
الحج هو الركن الرابع من أركان الإسلام بعد شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وهي الصلاة والصيام والزكاة والحج لمن استطاع إليه سبيلا"
والخطأ وجود أركان خمسة للإسلام الحج رابعهم فلا يوجد شىء اسمه الأركان فكل حكم من أحكام الدين هو حكم ثابت شئنا أم أبينا لا يمكن إنكاره والروايات متناقضة فهناك رواية عن كونهم ثلاثة وهى:
روى عن علي بن أبي طالب وجابر بن عبد الله أن النبي (ص)قال : " بني الإسلام على ثلاثة : أهل لا إله إلا الله : لا تُكَفِّروهم بذنب ، ولا تشهدوا عليهم بشرك معرفة المقادير خيرها وشرها من الله والجهاد ماض إلى يوم القيامة مذ بعث الله محمداً إلى آخر عصابة من المسلمين ، لا ينقض ذلك جور جائر ، ولا عدل عادل "
ثم حدثنا جاب الله فقال:
"والأصل في وجوبه قول الله -سبحانه وتعالى:{ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله غني عن العالمين}
وقول النبي (ص) فيما يرويه ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله (ص): "بني الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله واقام الصلاة وإيتاء الزكاة والحج وصوم رمضان" متفق عليه"
أما الآية فلا يمكن لأحد ان ينكر وجوب الحج بها على المستطيع وأما الرواية فهى مخالفة لكتاب الله فى التالى:
-الشهادة أن محمد(ص) رسول الله وحده فهى لا تتفق مع قولها تعالى " لا نفرق بين أحد من رسله" فالمسلمون يشهدون بأن كل رسل الله هم رسله جميعا
-وجوب الحج على المسلمين جميعا بينما الآية أوجبته على القادر فقط بقولها" من استطاع إليه سبيلا"
-أن الزكاة ليست واجبة على كل المسلمين بدليل أن هناك من يدفعها وهناك من يأخذها كما قال تعالى "إنما الصدقات للفقراء والمساكين"
-أن الصوم ليس واجبا على كل المسلمين فليس على المرضى صوم ولا على المسافرين كما قال تعالى " فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر"
ومن ثم لا يوجد من هو ركن إلا الشهادة والصلاة لأنهما فرض على الكل بينما الباقى ليس فرضا على الكل
ثم قال جاب الله:
"وقد اتفق الفقهاء على أن الحج يجب على المسلم البالغ العاقل الحر المستطيع, وشرط الاستطاعة (ملك الزاد والراحلة) وزاد الحنفية أن يكون صحيحا, وفسر عكرمة الاستطاعة بالصحة, وتفسير الاستطاعة بملك الزاد والراحلة هو ما ورد عن النبي (ص) فيما رواه الدارقطني عن جابر وعبد الله بن عمر وعبد الله بن عمرو بن العاص وأنس وعائشة رضي الله عنهم أن النبي (ص) سئل ما السبيل ؟قال: "الزاد والراحلة" وروى ابن عمر رضي الله عنهما قال: "جاء رجل إلى الني (ص) فقال يا رسول الله! ما يوجب الحج ؟ قال: "الزاد والراحلة" رواه الترمذي وقال: "حديث حسن", وروى الإمام أحمد حدثنا هشيم عن يونس عن الحسن قال: لما نزلت هذه الآية {ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا} قال رجل: يا رسول الله! ما السبيل؟ قال: " الزاد والراحلة.
فمن وجب عليه الحج بعد تحقق شروط الوجوب وشروط الأداء حسب ما فصله الفقهاء وجب عليه أداء الحج، لقوله عليه الصلاة والسلام: "من ملك زادا وراحلة تبلغه إلى بيت الله تعالى ولم يحج بيت الله فلا عليه أن يموت يهوديا أو نصرانيا"
والروايات عن كون الاستطاعة تعنى الزاد والراحلة خطأ لم يقلها النبى(ص) فقد يملك المسلم الاثنان و لكن الحج لا يكون فرض عليه وقد يكون المسلم مستطيعا ماليا وجسديا ولكن لا حج عليه لعدم معرفته مكان الكعبة فقد كان إبراهيم (ص) جاهلا بمكانها حتى عرفه الله مكانها فقال " وإذ بوأنا إبراهيم مكان البيت"وقد يكون المسلم مستطيعا ولكن الكفار يسيطرون على مكة فيمنعون حج المسلمين كما حدث وقال تعالى فيه" هم الذين كفروا وصدوكم عن المسجد الحرام"
ومن ثم الاستطاعة تعنى تيسير كل الأسباب للحج سواء لمن يريد الحج أو للبيت الحرام نفسه وللطريق
والاستطاعة المالية ليسن مجرد الزاد والراحلة فقط فلابد أن يكون الحاج معه نفقة أسرته كاملة طوال فترة سفره وإلا فلا يكون قادرا ماليا
زد على هذا أن الله بين أن الراحلة ليست واجبة بدليل حج البعض راجلا أى ماشيا كما قال تعالى "وأذن فى الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر"
ثم قال:
"الحج عن الغير:
اتفق العلماء على أن من عليه حجة الإسلام وهو قادر على أن يحج لا يجزئ أن يحج غيره عنه أما إذا كان مريضا مرضا لا يرجى برؤه أو كان شيخا فانيا ووجد من ينوب عنه في الحج ومالا يستنيبه به لزمه ذلك- عن أبي حنيفة وأحمد والشافعي وقال مالك: لا حج عليه إلا أن يستطيع بنفسه لقوله تعالى: {من استطاع إليه سبيلا} وهذا غير مستطيع- ولأن هذه العبادة لا تدخلها النيابة مع القدرة فلا تدخلها مع العجز كالصوم والصلاة.
واستدل أبو حنيفة وأحمد والشافعي بحديث ابن عباس "أن امرأة من خثعم قالت يا رسول الله إن فريضة الله على عباده في الحج أدركت أبي شيخا كبيرا لا يستطيع أن يثبت على الراحلة أفأحج عنه؟ قال: "نعم" وذلك في حجة الوداع متفق عليه.
وفى رواية عن ابن عباس أن امرأة من جهينة جاءت إلى النبي (ص) فقالت: إن أمي نذرت أن تحج ولم تحج حتى ماتت أفأحج عنها؟ قال: "نعم حجي عنها، أرأيت لو كان على أمك دين أكنت قاضيته، اقضوا الله فالله أحق بالوفاء" رواه البخاري. وهذا دليل على أن الناذر بالحج إذا مات ولم يحج أجزأه أن يحج عنه ولده وقريبه ويجزئه عنه.
واختلف الفقهاء هل من شرط من يحج عن الغير أن يحج عن نفسه أولا؟ جمهور الأمة يرون أنه لا يصح أن يحج عن غيره من لم يحج عن نفسه لحديث ابن عباس الذي خرجه أبو داود وابن ماجة وصححه ابن حبان " أن النبي (ص) سمع رجلا يقول لبيك عن شبرمة قال: "ومن شبرمة ؟" قال أخ لي أو قريب لي فقال: "حججت عن نفسك"؟ قال: لا، قال: "حج عن نفسك ثم حج عن شبرمة" وجوز ذلك الحنفية محتجين بحديث الخثعمية من غير أن يسألها هل حجت عن نفسها أو لا ؟ .
هذا على خلاف بين الفقهاء في جواز الاستئجار على الحج والطاعات كالأذان وتعليم القرآن ونحوه مما يختص فاعله أن يكون من أهل القربة ويتعدى نفعه فعلى حين يرى الإمامان أبو حنيفة وأحمد وإسحاق وابن حزم وعطاء والضحاك وابن قيس والزهري أنه لا يجوز ذلك وحرموا أخذ الأجرة وبه قال ابن مسعود محتجين بما روي عن عثمان بن أبي العاص قال: قال رسول الله (ص): "اتخذ مؤذنا لا يأخذ على أذانه أجرأ" خرجه أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة وأحمد وصححه الحاكم وأجاز الإمامان مالك والشافعي وكذلك ابن المنذر الاستئجار على الطاعات محتجين بحديث ابن عباس الذي خرجه البخاري وفيه "إن أحق ما أخذتم عليه أجرا كتاب الله" وأخذ أصحاب النبي (ص) الجعل على الرقية.
وأرى أنه يجوز الاستنابة في الحج إذا كان من وجب عليه الحج مريضا مرضا لا يرجى برؤه أو مات بعد أن وجب عليه الحج وأوصى به ولا يجوز إلا عن هذين فقط أي من مات بعد الوجوب عليه ومن عجز عجزا مستمرا إلى الموت ويكون ما يتقاضاه النائب عنه من باب النفقة لا من باب الأجرة- لأنه إذا وقع بأجرة لم يكن قربة ولا عبادة والحج عبادة ولا يجوز الاشتراك في العبادة- فمتى فعله من أجل الأجرة خرج عن كونه عبادة فلم يصح- وإنما يصح على أنه نائب عمن وجب عليه الحج وما يدفع إليه من المال يكون نفقة لطريقه- فلو مات أو أحصر أو مرض أو ضل الطريق لم يلزمه الضمان- نص عليه أحمد لأنه إنفاق بإذن صاحب المال
هل يجوز لمن يحج عن الغير أن ينوب عن أكثر من واحد في عام واحد
بعد أن عرفنا أنه يجوز الاستنابة في الحج للعاجز عن أدائه بالموت أو بالعجز بسبب المرض الذي لا يرجى برؤه نقرر أنه يجوز أن ينوب الرجل عن الرجل والمرأة, والمرأة عن الرجل والمرأة باتفاق عامة العلماء- لم يخالف في ذلك إلا الحسن بن صالح- فإنه كره حج المرأة عن الرجل ويرد عليه بحديث الخثعمية التي قالت للنبي (ص) "إن فريضة الله على عباده في الحج قد أدركت أبي شيخا كبيرا لا يستطيع أن يستملك على الراحلة أفأحج عنه ؟ قال: "نعم" متفق عليه.
ولا يجوز أن ينوب عن أكثر من واحد في عام واحد بالنسبة لنسك الحج لأن الحج أشهر معلومات شوال وذو القعدة وعشر من ذي الحجة. والوقوف بعرفات من ظهر اليوم التاسع من ذي الحجة إلى فجر اليوم العاشر هو الركن الأعظم. لقوله عليه الصلاة والسلام: "الحج عرفة فمن وقف بها ليلا أو نهارا فقد تم حجه ومن فاته عرفة بليل فاته الحج فليحل بعمرة وعليه الحج من قابل"وامتداد الوقوف إلى غروب الشمس واجب- فمن أفاض قبل ذلك وجب عليه دم عند أكثر أهل العلم- أبي حنيفة وأحمد وعطاء والثوري وأبي ثور وإبراهيم النخعي وعلقمة بن قيس والشافعي في رواية
ويرى الإمام مالك أن استمرار الوقوف إلى ما بعد غروب الشمس ركن, فإذا دفع قبل الغروب فلا حج له عنده وحجته ما روى ابن عمر أن النبي (ص) قال: "من أدرك عرفات بليل فقد أدرك الحج ومن فاته عرفات بليل فقد فاته الحج فليحل بعمرة وعليه الحج من قابل", قال ابن عبد البر: "لا نعلم أحدا من العلماء قال بقول مالك"
فكيف لمن أراد أن يحج عن أكثر من واحد أن يأتي بالواجب على قول جمهور الفقهاء أو يأتي بالركن على قول مالك
وقبل هذا كله كيف يأتي بالإحرام والنية عنهم جميعا في وقت واحد وهي شرط أو ركن على اختلاف بين الفقهاء بشرط أن يكون الإحرام من الميقات. وقد نص الحنفية على أن "من أحرم على آمريه ضمن النفقة ومعناه أن رجلا أمره رجلان أن يحج عن كل واحد منهما حجة- فأهل بحجة عنهما فهي عن الحاج ويضمن النفقة، لأنه خالفهما، والمسألة على ثلاثة أوجه: 1- إما أن يكون أحرم عنهما جميعا .2- أو عن أحدهما غير معين 30- أو أطلق, فإن نواهما جميعا وهي مسألة الكتاب فقد خالفهما، لأن كل واحد منهما أمره أن يخلص له الحج وأن ينويه بعينه عند الإحرام فإن لم يفعل صار مخالفا ولا يكون عن أحدهما إذ ليس أحدهما بأولى من الآخر فوقع عن المأمور
ونص الحنابلة على أنه " إذا استنابه اثنان في نسك فأحرم به عنهما وقع عن نفسه دونهما لأنه لا يمكن وقوعه عنهما وليس أحدهما بأولى من صاحبه، وإن أحرم عن نفسه وغيره وقع عن نفسه، لأنه إذا وقع عن نفسه ولم ينوها فمع نية أولى 000"
ولا أعتقد هذا إلا قول سائر الفقهاء لحديث ابن عباس "أن النبي (ص) سمع رجلا يقول لبيك عن شبرمة قال: "من شبرمة؟" قال: أخ لي أو قريب لي، فقال:" حججت عن نفسك؟" قال: لا، قال: "حج عن نفسك ثم حج عن شبرمة" خرجه أبو داود وابن ماجه وصححه ابن حبان.
والحج هو القصد إلى معظم وهو البيت الحرام، ولو كان الجمع بين النيتين جائزا لقال له (ص): "انو عن نفسك وشبرمة" ولكنه عليه الصلاة والسلام قال له: " حج عن نفسك ثم حج عن شبرمة" فدل هذا على أنه لا يجوز الجمع بين نسك واحد وهو الحج عن اثنين في عام واحد.
وإن أفرد الإحرام من الميقات عن واحد ثم أتى بالأركان عنه فكيف يتسنى أن يحرم عن آخر وآخر وآخر قبل التحلل من الإحرام الأول. ولا يكون التحلل إلا برمي جمرة العقبة الأولى ثم الذبح فالحلق الذي يكون به التحلل وهذا قطعا يكون بعد طلوع فجر يوم النحر وبعد شروق الشمس على ما هو الراجع من أقوال الفقهاء.
وإذا أحرم قبل التحلل يكون رافضا للإحرام الأول كما إذا كان محرما بالعمرة ثم نوى الحج يكون رافضا للعمرة ولابد للإحرام لأهل مكة ومن في حكمهم للحج من الحرم أي أنه يجب عليه أن يترك عرفات ويخرج إلى الحرم الذي حده التنعيم ثم يعود مرة أخرى إلى عرفات فيقف بها ثم يعود مرة أخرى ليحرم عن الآخر وهكذا يكون حجا مكوكيا لا إخلاص فيه ولا تفرغ فيه للدعاء وكل همه أن يحصل الإحرام عمن قبض منهم الذين يزيدون في بعض الأحيان على العشرة كما أخبرني السائل بذلك.
ثم إن الدماء التي تجب عليه لمجاوزة الميقات وهو ميقات أهل اليمن بالنسبة للهند وسنغافوره وهو (يلملم) ودم لتركه الوقوف بعرفات والإفاضة قبل الغروب على من تجب ؟ إنها تجب على النائب لأنه هو الذي تسبب في ذلك فليتق الله من يفتي بجواز الحج والاستنابة عن أكثر من واحد في عام واحد حيث لا دليل له لا من كتاب ولا من سنة ولا إجماع ولا قياس صحيح أو فاسد. ولا يقال إنه اجتهاد منه، لأنه لا اجتهاد مع النص كما قرر ذلك العلماء وما يفعله إنما هو أكل لأموال الناس بالباطل وتضليل للسذج من عوام المسلمين وتغرير بهم."
قطعا لا يجوز نيابة أحد عن أحد لقوله تعالى :
" وأن ليس للإنسان إلا ما سعى"
فالحج عن الغير ليست من سعى المحجوج عنه ومن ثم لا يجوز الحج أو الصوم عن الغير وكذلك باقى الأحكام
وأيضا لقوله تعالى حسب ما نقل جاب الله عن مالك :
" من استطاع إليه سبيلا"
فالمحجوج عنه وهو المستنيب ليس مستطيعا ومن ثم سقط عنه الحج سواء للمرض أو لغير ذلك
وكل روايات جواز العمل عن الغير لا تنفع لأنها لم تحدث فى عهد النبى (ص) ,غنما اخترعت فيما بعد وروايات كل حديث متناقضة ففى حديث الخثعمية نجد تناقض فى روايات الحديث فيمن ركب خلف النبى(ص) وفيمن نظر الخثعمية والفضل معا أم الفضل وحده فضلا عن ارتكاب جريمة النظر المحرم فى الكعبة وهو أمر لا يمكن حدوثه دون هلاك الناظر لقوله تعالى " ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم"
ومن ثم إذا كانت الاستنابة لا تجوز عن الواحد فى الحج فهى لا تجوز عن أكثر من الواحد
 

مواضيع مماثلة

أعلى