المعلومات التي كنا نتلقاها في المدرسة اغلبها لم نعد نتذكرها ماهو السبب؟

walaa yo

كبار الشخصيات
طاقم الإدارة

أسيل

كاتب جيد جدا
النسيان مشكلة شائعة لا تقتصر على أشخاص دون أشخاص آخرين، لكنه في نفس الوقت يساعد الإنسان على تصفية الأشياء التافهة التي من شأنها أن تسد الدماغ وتتجاوزعن المعلومات المهمة. تخيل ذاكرتك وكأنها شبكة من خيوط العنكبوت تتمدد وتتوسع وتتشابك بشكل كبير، وأي معلومة مهمة تكون في الخيوط القريبة سهلة التناول والاسترجاع، أما المعلومات غير المهمة أو القديمة المتهالكة فتكون بعيدة جدًا، يتراكم عليها الكثير من الخيوط أو الغبار بحيث لا يمكن الوصول إليها بسهولة. لنقم بجولة الآن داخل ذاكرتنا، أو لنسأل أولادنا أو أخوتنا عن معلومة قد تم تعلمها سابقًا، سنجد أن المعظم لا يتذكر شيئًا، مع أن هذه المعلومات لم يمضِ عليها وقت طويل.

تشير الأبحاث والدراسات أن المتعلمين استطاعوا الاحتفاظ بما تعلموه -بالنسب التالية (تقريبًا)- من خلال:

90٪ مما تعلموه عندما علموا شخصًا آخر / استخدموه على الفور.

75٪ مما تعلموه عند ممارسة ما تعلموه.

50٪ مما تعلموه عند المشاركة في مناقشة جماعية.

30٪ مما تعلموه عندما يرون مناظرة أو شرح بالأدلة.

20٪ مما تعلموه من السمعيات والمرئيات.

10٪ مما تعلموه عندما تعلموه من القراءة.

5٪ مما تعلموه من المحاضرة.

لذا سنذكر هنا بعضًا من أسباب النسيان -وخاصة في المدارس- والتي أشار إليها العلماء في أبحاثهم ودراساتهم المستفيضة ألا وهي:

· الفشل في بناء شيفرات الدماغ: Encoding Failure

ويُعتقد أن هذا السبب هو الأكثر شيوعَا للنسيان، حيث ينشغل دماغ الطالب بالتفكير بأمور أخرى قد تتعلق بالمنزل أو المدرسة أو البيئة. وقد تكون المادة التعليمية المقدمة غير جذابة ومجردة ولا يتم شرحها بطريقة تحفز الفضول أو تثير الاهتمام، أو عند تقديم زخم من المعلومات للطالب دفعة واحدة دون وضع أمثلة عملية حياتية أو تطبيقية تحاكي وتناسب المعلومة الفكرة المطروحة، أو أن المعلومة المقدمة لا تخدم فكر الطالب حيث لا يؤمن بوجود أهمية لتعلمها ومثال على ذلك تعلم الطالب عن معادلات المقذوفات أو قوانين الحركة في مادة العلوم والطالب يود الالتحاق بالفرع الأدبي في الثانوية العامة. كل ما سبق يجعل الدماغ انتقائيًا، فيختارفقط المعلومات التي يود الاحتفاظ بها ويسقط الباقي.
· التداخلات او التشوشات: Interferences

وهذه التدخلات تجعل تذكر المعلومات صعبًا وأحيانًا مستحيلَا، فيحدث التداخل الاستباقي عندما تتداخل الذكريات القديمة مع استرجاع الذكريات الجديدة. نظرًا لأن الذكريات القديمة غالبًا ما يتم التدريب عليها بشكل أفضل وترسيخها بقوة أكبر في الذاكرة طويلة المدى بالتدريب المستمر، فغالبًا ما يكون من الأسهل تذكر المعلومات التي تم تعلمها مسبقًا بدلاً من التعلم الحديث. فعلى سبيل المثال ، إذا انتقلت إلى مدرسة جديدة ، فقد تجد نفسك تكتب اسم مدرستك القديمة عن طريق الخطأ على كتبك ودفاترك. أما في حالة التداخل بأثر رجعي فإن الذكريات الجديدة تتداخل مع استرجاع الذكريات القديمة، وتعلم أشياء جديدة قد يجعل من الصعب تذكر الأشياء التي نعرفها مسبقًا. على سبيل المثال ، قد يتعلم الطالب قصيدة جديدة ، فيجد أن القصيدة الجديدة تجعل من الصعب تذكر قصيدة قديمة تم تعلمها سابقًا.

· المعالجة الضحلة للمعلومات: Shallow processing

عندما يكون التعلم ذو معنى -كما يشير العالم أوزبل في نظريته- يسهل معالجة المعلومات معالجة عميقة وبالتالي تخزينها بشكل ممتاز لاسترجاعها في ما بعد بسهولة، وذلك من خلال ربطها بحاسة أو عدة حواس، أو دمجها بشعورأوعاطفة ما، أو بصورة ذهنية معينة من خلال الصور أو الفيديوهات أوالخرائط الذهنية أو خرائط التفكير. فإذا لم يحدث أي مما سبق، فإن الدماغ يتعامل مع هذه المعلومات بعدم اكتراث وتكون معالجتها ضحلة فتبقى في الدماغ لفترة وجيزة ثم يتم التخلص منها لإفساح المجال لمعلومات يعتبرها الدماغ أكثر أهمية للتخزين.

· ماذا مقابل كيف: What versus How

لنفترض أنك تعلم طالبًا طريقة عمل المجهر. يمكنك ذلك من خلال جدارية أو صورة للمجهر ثم شرح ماهية الأجزاء المختلفة التي يتركب منها أو يمكنك وضع مجهر أمام كل مجموعة وجعلهم يجربون تلك الأجزاء وطريقة عملها ثم يجهزون شريحة مخبرية يختبرون فيها ما تعلموا. من المرجح أن يتذكر الطالب الطريقة الثانية لأن الدماغ أكثر حرصًا على فهم كيف ولماذا تعمل الأشياء بدلاً من مجرد قبول ماهيتها والتسليم بالمادة النظرية التي يتم شرحها. فمن خلال مساعدة الطالب على فهم الأسباب الكامنة وراء المفهوم أو الدور الذي يلعبه المفهوم في الموضوع ككل ، يتحفز الدماغ على تشفير ومعالجة المادة بطريقة عميقة مما يجعلها مهمة ويجب تذكرها والاحتفاظ بها.

· الاضمحلال أو الإهمال: Decay or Disuse

يميل الدماغ إلى إزالة المعلومات التي لا يتم استخدامها بانتظام واستبدالها بمعلومات يعتقد أنها الأجدر بالتذكر والاستخدام. فلو رجعنا إلى الوراء إلى ما تعلمناه في الرياضيات عن الهندسة، فإنك ستجد أن القوانين الرياضية الهندسية قد مُحيت من ذاكرتك- إلا لو كنت مهندسًا أو مساحًا أو شخصًا يحتاج إلى استخدام الزوايا الدقيقة وما شابه في عمله-، فأنت لا تتذكر كل تلك القوانين والمبرهنات الهندسية لمعرفة المجالات المختلفة للأشكال والزوايا. لذلك يحتاج عقلك إلى مراجعة المعلومات التي تم تعلمها مسبقًا بشكل منتظم أو يضع المعلومات غير المهمة في سلة المهملات ويغلقها بعيدًا عن الذاكرة السهلة أو قريبة المدى. وكلما زاد عدد الطرق التي انتهى بها شيء ما، زاد بقائه في الذاكرة، فمن المهم عمل مراجعات للوحدات وتقديم الاختبارات القصيرة والشهرية والفصلية وربط المواد بشكل تكاملي مع بعضها البعض بحيث يتم إخراج المعلومات من أماكنها في الذاكرة بعيدة المدى ليتأكد الدماغ أنك تريد الاحتفاظ بهذه المعلومات.
· التفكير السلبي: Negative Thinking

تشير الدراسات والأبحاث أن الطلاب الذين يعتقدون ان ذاكرتهم ضعيفة أو لا يستطيعون التذكر، يكونون اكثر عرضة للنسيان. يجب أن تؤمن أنه يمكنك التذكر من خلال إعادة برمجة عقلك بالحديث الذاتي الإيجابي مثل ، "سأتذكر هذا" و "لدي ذاكرة جيدة". إذا كان من الصعب عليك الإيمان بقدرتك على التذكر ، فاستشر مستشارًا أو متخصصًا في مهارات التعلم.

· القرائن المتغيرة:Changed Clues

قد يكون لديك معلومات مخزنة بعيدًا في ذاكرتك ولكنك غير قادر على تذكرها لأنك خزنتها بشكل معين، فإذا درست المادة بطريقة ما وطرح سؤال الاختبارعن جزء منها بطريقة أخرى ، فقد لا تتمكن من تذكر المعلومة المرتبطة بهذا السؤال. لمنع هذا ، عليك أن تتعلم المواد باستخدام أكبر عدد ممكن من الكلمات الخاصة والمفتاحية بك. عندما يمكنك وضع معلومة ما بعدة قوالب متنوعة وبشكل كامل ودقيق بكلماتك الخاصة ، فهذا يزيد بشكل كبير من قدرتك على التذكر.
· التأجيل أو التسويف:postponement or Procrastination

في العصر الحديث ومع كثرة المشتتات التكنولوجية وسهولة الحصول عليها بأثمان معتدلة، أصبح التأجيل والتسويف أمرًا متكررًا وعاديًا لدى معظم الطلبة. ومع تحول التعلم من النمط الوجاهي إلى نمط التعلم عن بعد، واختصار زمن الحصة الدراسية لاقتصارها على التعلم من المنزل، فكان من السهل على الطلبة ملء بقية يومهم بهذه المشتتات بعد حضور دروسهم على المنصة وحل الواجبات سراعًا، فتم إهمال المواد الدراسية و تأجيل دراستها ومتابعتها من قبلهم ، مع اضطرارهم للحفظ السريع والدراسة السطحية عند تقديم الامتحانات والواجبات ذات المهارات العليا، فيجبرون عندها على تخزين المعلومات التي يحفظونها عن غير فهم في الذاكرة قصيرة المدى، ليقوم الدماغ بحذفها ظنًا منه بأنها غيرذات أهمية ويتم نسيانها نهاية العام الدراسي.

وإذا عرف السبب، بطُل العجب! لنتأمل فيما سبق ونفكر: ما السبب الأكثر تأثيرًا في ذاكرتنا، والذي أدى لتعامل دماغنا مع معلوماتنا المدرسية بعدم الاكتراث؟ وما هي الحلول والاستراتيجيات المناسبة والقيمة لمعالجة ذاك الفقد في المعلومات؟
 
أعلى