انا مدمن للعمل هل يجب علي ان اقوم بالحد من هذا الادمان ولماذا؟

الحل
طوال حياتي المهنية كنت مدمنة على العمل وأعطيه كل وقتي ومجهودي وتفكيري تقريباً؛ فكنت أقضي في مكان عملي ساعات طويلة وأحياناً يكون هذا بإرادتي، وحتى عندما كنت أعود للمنزل كنت أتحدث عن العمل وزملائي وزميلاتي وماذا حدث معنا. كان أهلي دائماً ينتقدونني وينصحونني أن أتخلص من إدماني للعمل وأن أعطي كل شيء وقته وحقه، فأخصص لنفسي وقتاً للراحة، ولكنني لم أكن أستمع لهم، حتى مررت بموقف اضطررت بعده ألا أعطي للعمل وقتاً أكثر مما يجب، وأصبحت عندما أعود للمنزل أخرج العمل وكل ما يتعلق به من رأسي.

فقد عملت معلمة في عدد من المدارس الخاصة فور تخرجي من الجامعة ومن ثم أصبحت أعطي دروساً خصوصية في اللغة الانجليزية لطلاب التوجيهي في مركز تعليمي تملكه صديقتي، وبعد فترة استلمت إدارته بالإضافة للتدريس فيه فكنت أقضي في هذا المركز يومياً ما لا يقل عن 10 ساعات، وتصل...

أسيل

كاتب جيد جدا
طوال حياتي المهنية كنت مدمنة على العمل وأعطيه كل وقتي ومجهودي وتفكيري تقريباً؛ فكنت أقضي في مكان عملي ساعات طويلة وأحياناً يكون هذا بإرادتي، وحتى عندما كنت أعود للمنزل كنت أتحدث عن العمل وزملائي وزميلاتي وماذا حدث معنا. كان أهلي دائماً ينتقدونني وينصحونني أن أتخلص من إدماني للعمل وأن أعطي كل شيء وقته وحقه، فأخصص لنفسي وقتاً للراحة، ولكنني لم أكن أستمع لهم، حتى مررت بموقف اضطررت بعده ألا أعطي للعمل وقتاً أكثر مما يجب، وأصبحت عندما أعود للمنزل أخرج العمل وكل ما يتعلق به من رأسي.

فقد عملت معلمة في عدد من المدارس الخاصة فور تخرجي من الجامعة ومن ثم أصبحت أعطي دروساً خصوصية في اللغة الانجليزية لطلاب التوجيهي في مركز تعليمي تملكه صديقتي، وبعد فترة استلمت إدارته بالإضافة للتدريس فيه فكنت أقضي في هذا المركز يومياً ما لا يقل عن 10 ساعات، وتصل أحياناً إلى 17 ساعة في فترة الامتحانات والفترة التي تسبقها بقليل.

ومن ثم عملت في مجال الكتابة والإعداد والإعلام وكنت مدمنة على العمل أيضاً، فأداوم حوالي 9 ساعات وأعمل حوالي 4 ساعات أخرى في المنزل، وعندما أجلس مع أهلي أجد نفسي لا أستمتع إلا بسيرة العمل.

وفي آخر مكان عملت به كان الوضع صعباً جداً، فكان يجب علي أن أعمل لـ 6 ساعات فقط حسب العقد، ولكنني كنت أداوم ما لا يقل عن 9 ساعات، وأعمل من المنزل حوالي ساعتين يومياً دون أن أتفوه بكلمة واحدة لأن الوضع كان يستدعي ذلك، ولو لم أكن أفعل هذا لما استطعنا أن ننجز في القسم لقلة عدد الموظفين وكذلك لقلة كفاءة بعضهم ونقص خبراتهم. ولكنني عندما طلبت من مديري أن أداوم 6 ساعات (حسب العقد) وأن أنهي كل العمل المتبقي في المنزل؛ أي أنني سأعمل يومياً ما لا يقل عن 10 ساعات رفض ذلك وطلب من مسؤول الموارد البشرية محاسبتي لأنني أصبحت أداوم 6 ساعات، علماً بأنني كنت أتم في المنزل كل ما تبقى من أعمال لا تستدعي وجودي في المكتب... بعدها قررت أن أداوم 6 ساعات فقط بحسب ما تم الاتفاق عليه في العقد عند تعييني، ولم أعد أكمل العمل المتبقي في المنزل، وطلبت من الإدارة تعيين موظفين أكفاء ليتوزع العمل بدل أن أقوم به لوحدي لعدم وجود أحد يقوم به مع أنني كنت رئيسة القسم وكان الاتفاق منذ البداية هو أن أشرف فقط على الأعمال وليس إنجازها بنفسي ولا تحمل جميع الأعمال التي تحتاج لأكثر من موظف لإنجازها . ولكن لم ألق استجابة لهذا الأمر فقررت الانسحاب من العمل بتقديم استقالتي لأنني لم أتلق حتى كلمة شكر على تعبي وتحملي نتائج عدم رغبة صاحب الشركة تعيين موظفين جدد لاعتماده علي في كل شيء.

للأسف... أنني انتبهت على نفسي بأنني كنت مدمنة على العمل بعد فوات الأوان... فقد ضيعت سنوات عمري وأنا أعمل، وأهملت صحتي الجسدية والنفسية، وعلاقاتي الاجتماعية، وأهملت عائلتي... فلم أقضِ معهم الوقت اللازم، وكنت أتناول الطعام الجاهز والوجبات السريعة لضيق الوقت فتراكمت السموم في جسدي وكنت أقضي ساعات وساعات وأنا أمام اللابتوب فتعب ظهري ورقبتي وعيني، حتى أنني لم أدخر قرشاً واحداً من عملي طوال هذه السنوات، بل خرجت مديونة حتى.

لذلك أنصحك عزيزي أن تتخلص من إدمانك للعمل، وأن تعطي كل شيء حقه... فحتى لو كنت مستمتعاً بهذا الإدمان ولم تكن تحس بالتعب مثل ما حدث معي، فلا داعي أن تصحو فجأة من غفلتك بسبب صدمة تتعرض لها، أو اكتشافك بأن عملك غير مقدر أو حتى اكتشافك أنك أضعت سنين عمرك دون أن تعتني بنفسك وبأسرتك وبعلاقاتك، ودون أن تعرف ما الذي يدور خارج دائرة عملك.

وحتى أقنعك أكثر سأروي لك قصة أخرى حدثت مع أحد أصدقاء والدي الذي كان يذهب لعمله الساعة 6 صباحاً ويعود منهكاً حوالي الساعة 8 مساء... في يوم من الأيام هربت ابنته التي تبلغ من العمر 17 عاماً من المنزل مع رجل يكبرها بحوالي 20 عاماً كان قد ضحك عليها وجعلها تصدق أنه يحبها ويريد أن يتزوجها، ولكنه اعتدى عليها وهرب... أذكر وقتها أنه كان يخبر أبي بالقصة ويبكي، وقال له أنه هو المذنب لأنه لم يكن قريباً من أسرته، ولم يكن يعرف عنهم شيئاً لانشغاله بالعمل دائماً، وعندما كانت زوجته تخبره بأن أبناءه قد كبروا الآن وأنها بحاجة لوجوده بجانبها لتربيتهم كان يقول لها أن تتولى الأمر لوحدها بينما هو مشغول في عمله طوال الوقت... ها هي الفتاة كبرت وتعرفت على رجل غريب وهربت معه لأنها لم تجد من يرشدها، وربما لأنها وجدت فيه حنية الأب الغائب فصدقته.


بالملخص... فعلياً "العمر بخلص والشغل ما بخلص"
 
أعلى