عادات قديمة وغريبة عند الفلسطينين منها لازال ومنها إنتهى

walaa yo

كبار الشخصيات
طاقم الإدارة
كل دولة في هذا العالم الكبير تختلف عن غيرها في كيفية الحفاظ على تسلسل الأجيال فيها، وحماية ما يُتوارث عنهم من عادات وتقاليد يمتد عمرها لآلاف السنين ثبتتهم بالماضي وصنعت معهم الحاضر. ولكن مع تطورات العصر، فمن الدول من يحتفظ بتلك العادات ولا يزال يأخذ بها دون إضافة أو نقصان، ومنهم من استغنى عنها وباتت لا تهمه.

وخلال تصفّح سجل الحياة الفلسطينية، نجد فيه الكثير من العادات والتقاليد التي استمدها من تاريخه الذي تمتد جذوره إلى حقب موغلة في القدم، تلاقحت فيه الموروثات الدينية مع تجارب الأمل والألم كشعب عربي عاصر العديد من الأقوام، ومر بظروف حتّمت عليه التصدي لأعتى جيوش العالم، ما جعله يمجد البطولة ويمقت الجبن والتخاذل.

فلسطين كانت لها "هويتها التقليدية" الخاصة، وهي من الدول التي لا تزال حتى هذه اللحظة تتمسك بعادات وتقاليد أجدادها القدامى، وتحافظ على أقدم وأغرب تلك العادات وتورّثها من جيل إلى جيل، ولعل أبرز تلك العادات هي "تسمية المواليد، والموت، ومعاملة الفتاة، والمرض والولادة، والذبح للكلاب، ووضع رغيف على صدر الأطفال".



- عادات لا يمكن أن تموت

فعند الحديث عن توارث العادات عبر الأجيال الفلسطينية المتتابعة، لا يمكن لهذه الصورة أن تتضح ملامحها إلا مع أناس عايشوا فترة الجيلين "القديم والحديث"، ورأوا بأم أعينهم تناقل تلك العادات وتوارثها والتي لا تزال تنبض بها الحياة رغم أن عمرها يمتد لعشرات القرون.

ولتتضح الصورة أكثر، التقى مراسل "الخليج أونلاين" في غزة، الحاج فهد الخالدي صاحب الـ87 عاماً وله 32 حفيداً، لينقل لنا أبرز وأغرب العادات الفلسطينية التي لا تزال تعيش مع الأجيال، وتلك التي اندثرت واختفت مع مرور الزمن.

فيقول الحاج الخالدي: "العادات والتقاليد بالنسبة للفلسطينيين هي كالسيف الحاد الذي يقطع كل من يقف ويعترض طريقه، فكانت لنا تلك العادات والتقاليد التي توارثناها عن أجداد أجدادنا كالنور في الطريق نهتدي به كلما ضللنا الطريق".

وتطرق الحاج الفلسطيني إلى أهم وأغرب العادات الفلسطينية، وذكر أولاها "تسمية المولود" ويقول: "في قديم الزمان، كان الفلسطينيون يرفضون تسمية أبنائهم على أسماء أجدادهم إذا كانوا على قيد الحياة؛ لأن ذلك في اعتقادهم فألاً سيئاً ينذر بموت الجد، ولكن يجبرون في اليوم السابع من ولادة أبنائهم (البكر) على تسميتهم أسماء آبائهم إذا كانوا أحياءً أو أموات، وهو أمر إجباري".

ويضيف: "في نفس يوم تسمية المولود الجديد (اليوم السابع)، يتم قص شعره بالكامل، وبحسب وزن الشعر المقصوص توزع الصدقة على الفقراء، وتذبح له العقيقة؛ اثنتان للولد وواحدة للفتاة".

وتحدث عن عادة أخرى غريبة لا تزال متوارثة حتى هذه اللحظة وتُطبق ببعض القرى الفلسطينية، وهي أنه في حالة وفاة أي شخص فلا يمكن لأهل المنطقة وأقارب المتوفي أن يصنعوا الأكل أو تغسل الملابس طوال 40 يوماً حداداً.

وتطرق إلى عادة "القتل"، فقال: "بعض العادات التي توارثناها تقول: يجوز لأهل القتيل أن يختار أي شخص من أهل أو قبيلة القاتل وقتله، أو يأخذوا عدداً كبيراً من الأموال أو المواشي، أو طلب (العطوة) للهدنة بين القبيلتين".

وأضاف الحاج الخالدي، أن هناك عادات وتقاليد أخرى؛ منها: " تربية الفتاة، فيجب عليها أن تسير في الشارع متجهمة الوجه، وأن تتحاشى الضحك والابتسام، وأن تعتاد المكوث بالبيت وعدم الخروج منه إلا لحاجة ماسة أو القضاء حوائج البيت، كنقل الماء والحطب مثلاً".



وخلال بحثنا عن عادات وتقاليد أخرى غفل عنها الحاج "الخالدي"، وجدنا أن من أبرزها، "للشفاء من الأمراض"، فكان الأجداد يقومون بالعديد من الطرق الغريبة للشفاء من الأمراض، مثلاً: كانوا يعالجون "التواليل" بإحضار حبة شعير يغرزونها بمكان التالول، ثم يقومون بغرس حبة الشعير بحبة باذنجان وتدفن بالزبل ليموت التالول مع حبة الشعير والباذنجان من حرارة الزبل.

وكذلك، عادة "الذبح للكلاب"، عند الزواج كانت العادة أن يشتري العريس جحشاً أو حماراً، فيذبحه ثم يقطعه قطعاً صغيرة ويضعها لكلاب القرية، فالكلاب لها الحق في أن تحصل على الطعام عند خروج العروس إلى دار الغربة.

وكانت المرأة عندما تحمل شيئاً ثقيلاً على رأسها (كالحطب أو جرة الماء) تصنع إكليلاً لحماية رأسها من الاحتكاك، فكانوا يقولون فلانة تكللت؛ أي وضعت إكليلاً على رأسها لحمل شيء ما.

وعند التحية، كانت تستخدم عبارات معينة عند التحية مثل: "ياهلا"، والرد "بالمهلي"، "العواف ياغانمين"، والرد "الله يعافيك"؛ وصح بدنه (أي قَوِي بدنُه) والرد "وبدنه ويسلمه". و"قوكو يا ربع" (أي قواكم الله) والرد "قويت وعفيت".

ومن أجمل العادات، كانت عادة أهل البادية في فلسطين "حدو الإبل" والغناء في المناسبات المختلفة وخاصة الأعراس، فيجتمع الرجال والنساء وينقسمون إلى صفين متقابلين والنار بالوسط، ويرددون الأغاني الشعبية، من بينها "يا حلالي يا مالي".

ومن العادات التي تزال قائمة حتى اللحظة، عدم إخراج الطفل من المنزل قبل أن يتم الأربعين يوماً، وإذا اضطروا إلى إخراجه يضعون على صدره رغيفاً من الخبز، لاعتقادهم أنه إذا خرج دون هذا الرغيف فإن النجم سيخرّ في ظهره، وتغطية الطفل بثياب والده؛ لأنها تحميه من الحسد.

وكان الناس قديماً يعزون المرض أو الوفاة إلى الحسد أو الجن والشياطين، وكانت تحرص الأم على عدم إظهار ابنها بشكل جميل فكانت تلبسه ملابس متسخة وعدم غسله دفعاً لأذى العين الحاسدة، وأحياناً تقوم بتغيير اسمه لتضليل الروح الشريرة.

وتمثل دورة الحياة اليومية (الميلاد - الزواج - الوفاة) مسرحاً ولدت العادات والتقاليد الشعبية في ثنايا مناسباته، كما تعززت قوة هذه العادات في نفوس أبناء المجتمع مع تكرار هذه المناسبات حتى غدت أنماطاً تمثل قوة وقانوناً اجتماعياً مترسخاً في النفوس يصعب الخروج عليها والانفكاك منها؛ بل إن الشريعة الإسلامية أيدت العديد منها وحضت عليه، ليبقى من تلك العادات من بقي وعاش عبر الأجيال، وسينسى من تاه مع مر السنوات.
 

مواضيع مماثلة

أعلى