الحلم بألوان مختلفه

osama

مُشَرفْ سَابَق
[align=center]
تاوه بصوت مسموع وهو يتمطى فى فراشة فإرتد إليه الصوت من جنبات المنزل الخاوى . تاكد من احكام الغطاء حول جسده المرتعش . اغلق جفنيه بقوة فشعر بضغطهم على حدقة العين . جاهد للسقوط فى نومه العميق وكله اصرار على ان يكون نومه فى هذه الليلة مختلف عن كل ليلة سابقة وان تكون هذه الليلة هى نهاية المشكله.
فى الصباح ظهر بتوتره المعتاد الظاهر على جنبات وجهه وكأنه جزء من ملامحه يرافقه صمته العميق الذى يواجه به كل شئ ماعدا تلك الثورة المشتعله داخله والسؤال الدائم التردد فى راسه دون ان ينتهى عن كونه لا يستطيع !!.
على الرغم من وصوله إلى الاربعين و ظهور الشعيرات البيضاء المتدافعه فى جنون بين سواد شعره . وحدته القاتله ووصوله لهذا السن دون زوجة او صديق على الرغم من عدم تذكره اشتهاؤه يوما لامرأة ولعله حتى لا يعلم كيف يشتهى الرجل أمرأة إلا ان كل ذلك لم يكن يؤرقه او يمثل مشكله فى حياته . فقط كانت تؤرقه طريقة الحلم التى تلازمه كل يوم منذ مولده فتجعله لا يهنأ بلحظة واحده فى حياته .
أحلام بالابيض والاسود هذه هى مشكلته فى الحياة التى لا يستطيع حلها . دائما تأتى احلامه دون ألوان فقط الابيض والاسود والرمادى وكأنه مخلوق مختلف عن باقى البشر وكانه لا يمتلك سوى تلك الالوان الباهته . وكأنه لا يستطيع ان يكون مثلهم يوما .
فى البدايه لم يكن يهتم . كان يعتبر ما يحدث له شئ يحدث لباقى البشر . وعندما أكتشف اختلافه انتابته حالة من الضيق و الكأبه مع الوقت تحولت إلى حالة من الخوف تتخلل دمائه لتصل إلى القلب مع كل نبض من نبضات قلبه . شعر بأنه انسان منبوذ فتقوقع داخل وحدته الابديه.

حاول كل شئ درس الاحلام وتفسيرها ادمن الاستماع إلى احلام الاخرين وتفسيرها ودائما ما كان يتوقف ليسأل عن الالوان داخل الحلم متعلل بأهميتها فى التفسير لعله يستطيع تخزينها داخله وأجترارها اثناء نومه فأشتهر بمدى عشقه للاحلام ومدى قدرته على التفسير فكانت هى الباب الوحيد الذى يتعامل به مع من حوله . اتجه إلى تتبع اثر السحر والمشعوذين وطرق كل باب للحصول على الالوان المفقوده داخله . اصبح وجها مألوف على أعتاب عيادات الاطباء النفسيين للوصول إلى حل ودائما كانت النتيجة تتوقف بعد عدد قليل جدا من الجلسات لا يتعدى اصابع اليد الواحده وعدد ضخم من الاقراص المهدئة والمنومة التى لا يحتاجها موضوعه بجانب فراشه لان مشاكله تزداد كلما سقط فى النوم ليصتضم بألوانه الباهته.

المهدئات كانت تزيد مشكلته حده لدرجة ان احلامه تحولت إلى معضله عندما تحولت إلى لغات اخرى لا يتقنها لكنه يعلمها فيستيقظ من الحلم وهو لا يعى معظم ما يدور داخلها فتتحول أحلامه إلى طلاسم لا يستطيع فكها فتزيد توتره وتقوقعه ...

فقط طبيب واحد هو من ظل يستمع له كثيرا دون ان يلقى به فى بحر الادويه .. فقط يستمع إلى كل تفاصيل حياته ولا يتحدث ولا يصف علاج فلم يعد يستطيع ان يحصى عدد الجلسات او الشهور التى قضاها معه فأصبح على يقين بأنه طبيب كل ما يبحث عنه هو مبلغ اكثر كلما طال العلاج ... حاول ان يرحل لكنه كعادته لم يستطع اتخاذ مثل هذا القرار فهو لا يهتم بأتخاذها واقنع نفسه بالامل .

وعندما طالب الطبيب بأى نوع من العلاج فاجاءه الطبيب بالرفض ليواجهه بحقيقته وسبب هروب ألوانه لكونه انسان من فراغ لاوجود له لا يؤثر ولا يتأثر بما حوله محايد لا سالب ولا موجب نتيجة مستمرة للاشئ.
توترت ملامحه فى شدة حاول ان يصرخ يرفض يرحل بعيدا عن الطبيب . لكنه لم يستطع ، تحداه الطبيب ان يذكر اى موقف فى حياته تمرد فيه او رفض أو غضب أو مشاجرة أو حتى محاولة للتغيير فلم يجد إجابه .
رحل يبحث عن الوانه يبحث عن رفض عن تمرد لم يستطع اكتشف ان حياته خاويه وانه لا يوجد بين وحدته ما يرفضه او من يواجهه أويحاول التمرد عليه لا يوجد حتى موضوع واحد يستحق النقاش . أو هدف يستطيع العيش من أجله . اكتشف أنه لايملك رغبات أو أحلام مثل باقى البشر.

اصابته حالة من الكآبه أقترب لحالة من القناعة بعدم وجوده ووجود أحلامة الهارب منها الالوان .. فى الطريق كالعاده اوقفه بائع الفاكهة أمام منزله يعرض عليه ما لا يحتاجه فيأخذه دون نقاش ....كعادته دفع بيده داخل جيبه مستعدا لاخراج الثمن الذى سوف يطلبه البائع دون نقاش ودون ان يعلم ما الذى يحتويه الكيس فى يد البائع الممتده إليه .... إحتدت معالم وجهه تسمرت يده داخل جيبه انطلق الغضب من داخله يحمل معه كلمة لا فأعتلت الدهشة وجه البائع وهو لا يفهم ما يحدث ... لا ... قالها بقوة هذه المرة فأزدادت دهشة البائع ... لا الاخيرة قالها وهو يندفع فى اتجاه البائع محاولا مهاجمته فأوقفته نظرت الغضب الشرسه المنطلقه من عين البائع والمرتسمه على جميع ملامح وجهه.
إنطلق مسرعا فى طريقه إلى المنزل يحمل فى يده كيس الفاكهة الذى لا يعلم محتواه مع اصابات طفيفة فى الوجه وينقص من جيبه مبلغ من المال ضعف ما طلبه البائع .... لكنه على الرغم من كل ذلك كان لا يستطيع ان يخفى ابتسامته الواضحة على وجهه . وهذا الشعور بتدفق الدم فى انحاء جسده.

لم يكترث بأى شئ .. فقط انطلق إلى فراشه مسرعا باحثا عن ألوان احلامه المفقوده وهو تنتابه سعاده غامرة بعد أول (لا) قالها فى حياته . والشعور بأن كل شئ بدأ ان يتغير .

عندما استيقظ كان توتر ملامحه يصل إلى ذروته ليختلط مع همهمات غير مفهومة منطلقه من داخله عندما اكتشف مدى تعملق مشكلته ... فهذه المرة جاءه الحلم بنفس ألوانه الابيض والاسود لكن بلغه لا يفقها ولم يسمع بها على الاطلاق و مع الحلم ظهر شريط واضح المعالم جدا وضعت عليه كلمات الترجمه للغة التى لا يفقها على الاطلاق .[/align]
 

ريما

كاتب جيد
رد: الحلم بألوان مختلفه

بارك الله بك , شكراً أخي الكريم
 

osama

مُشَرفْ سَابَق
رد: الحلم بألوان مختلفه

مشكورين على الردود
 

ahmad

مدير المنتدى
طاقم الإدارة
رد: الحلم بألوان مختلفه

لي عوده
الف شكر ياغالي
 

osama

مُشَرفْ سَابَق
رد: الحلم بألوان مختلفه

528.png
 

osama

مُشَرفْ سَابَق
رد: الحلم بألوان مختلفه

$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$
 

P!nk G!rl

كاتب جيد
رد: الحلم بألوان مختلفه

يسلووو على الموضوع الجميل
 

osama

مُشَرفْ سَابَق
رد: الحلم بألوان مختلفه

مشكورين على الردود
 

مواضيع مماثلة

أعلى