روسيا تلوي ذراع الأسد بشروط: لا اشتباك مع الأتراك!

مع ظهور أزمة تفشي فيروس كورونا المستجد حول العالم، انشغلت الدول بمحاولات درء الجائحة، وهو ما غيّب بعض الملفات عن الساحة، بينها الملف السوري.


وفي محاولات لإعادة التنسيق، أجريت الأسبوع الماضي اتصالات مكثفة مع الأطراف المعنية بمفاوضات أستانا لاستعادة الجهود الثلاثية.

وبحسب تقرير نشرته صحيفة "الشرق الأوسط"، فإن التطورات الأخيرة دفعت موسكو للكشف عن مسائل هامة حول استراتيجيتها في سوريا، أولها أن على دمشق تنفيذ الأوامر، فلا معركة مع الأتراك، أي أنها مسألة سياسية - عسكرية، ترتبط بالزيارة الأخيرة لوزير الدفاع سيرغي شويغو، وتتعلق بضرورة التزام النظام بالاتفاقات العسكرية الموقعة بين الرئيسين فلاديمير بوتين ورجب طيب أردوغان، وألا تستجيب قواته لتشجيع على فتح معركة مع الأتراك وفصائل موالية لهم في شمال غربي سوريا، لأن موسكو ترى علاقتها بأنقرة أكبر استراتيجياً بكثير من إدلب، وأن معارك شمال غربي سوريا قرارها روسي يخص ملفات كبرى.

أما ثانيا، فهي مسألة إيرانية - إسرائيلية، أراد فيها الكرملين تذكير النظام بالتفاهمات الروسية - الإسرائيلية - الأميركية، ورغبة موسكو بتقييد دور إيران في سوريا وتحديد ملامحه، خصوصاً فيما يخص وجود تنظيمات تابعة لإيران في الجنوب السوري، خاصة في الجولان.


وللمصادفة، تلتقي هنا المصالح الروسية الإسرائيلية بإبعاد ميليشيا إيران عن تلك المنطقة، خصوصا بعد استهداف مسؤول في حزب الله على طريق دمشق - بيروت.

أما ثالثا، محور اقتصادي، يتعلق بتنامي اعتراض شركات روسية، مكمنه عدم توفر عائدات مالية موازية للتدخل العسكري، خصوصاً في قطاعات حصص النفط والغاز والصفقات الاقتصادية.

3 محاور قلق إيرانية


ولإيران حصة بالكعكة السورية، فبعد أن حددت موسكو حدود العلاقة، وصل وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف إلى دمشق، والتقى رئيس النظام بشار الأسد، ثم اتصل الرئيس حسن روحاني بنظيره الروسي. وتكمن نقاط القلق الإيراني بنقطتين أيضا:

الأولى، إيران بعيدة تماما عن التفاهمات الروسية- التركية الخاصة بإدلب، والمبرمة في 5 مارس/أذار الماضي حول المحافظة ووقف النار.


لا وجود لقوات إيرانية بين الدوريات المشتركة، فإيران بالاسم فقط ضمن مسار أستانا، ولا الترتيبات العسكرية.

حتى اتفاق موسكو الأخير الذي سمح لتركيا بتعزيز قواتها العسكرية إلى نحو 16 ألف عنصر، وآلاف الآليات والدبابات، في شمال غربي سوريا، لم يمر مرور الكرام، فقد نقلت طهران إلى دمشق ضرورة أن يكون اتفاق إدلب مؤقتاً لا يسمح بوجود تركي دائم.

ثانيا، الغارات الإسرائيلية، واستمرار تل أبيب باستهداف مواقع إيرانية في سوريا، بما في ذلك في البوكمال، قرب حدود العراق وقرب دمشق. واستهداف مسؤول حزب الله قبل أيام.

وحتى تركيا


ولتركيا أيضا رأي آخر، فأنقرة من جهتها لديها ما يقلقها في تقسيم الكعكة، فقد التمست جهود أطراف عدة تحاول إيجاد شرعنة سياسية لعدوتها وحدات حماية الشعب الكردية التي تعدها أنقرة إرهابية، تقصد بها الداعم الأكبر للأكراد وهي واشنطن من جهة، وحتى النظام في دمشق والذي على علاقة معها، أو حتى إشارة إلى موسكو التي وسعت وجودها العسكري في القامشلي، وتقيم علاقة طيبة مع الأكراد.


ثانياً، تريد تركيا استعجال موافقة روسيا لتنفيذ البنود الأخرى المتعلقة باتفاق موسكو، خصوصاً ما يتعلق بعودة النازحين إلى بيوتهم في شمال غربي سوريا.

وبعد سنوات طويلة من الحرب السورية، ما زال تقسيم الكعكة غير واضح بين الأطراف، فكل هذه التطورات استدعت اتصالات بين بوتين وأردوغان وروحاني، ثم اجتماعاً عن بعد لوزراء خارجيتهم، وذلك للحفاظ على نقاط التقاطع التي أضحت معرضة للتفكك أو التصادم بأن يقترب طرف من نصيب الآخر من الكعكة.
 
أعلى