قراءة فى كتاب يوتوبيا لتوماس مور

رضا البطاوى

كاتب جيد جدا
قراءة فى كتاب يوتوبيا لتوماس مور
عنوان الكتاب الحكومة المثلى للدولة وجزيرة يوتوبيا الجديدة والمؤلف توماس مور كان مسئولا ذو مناصب متنوعة فى انجلترا منها الوزير الأول أى رئيس الوزراء وكبير القضاة والمنصب المكتوب على غلاف الكتاب أنه رئيس الأمن فى لندن والكتاب ترجمة انجيل بطرس سمعان ومن إصدارات الهيئة العامة المصرية للكتاب
ويبدو أن الرجل اتخذ هذا الكتاب لنقد النظام فى انجلترا خاصة الملك والنبلاء ولكنه من أجل ألا يؤذيه أحد كتب فى الكتاب أمرين :
الأول مدح الملك كما فى بداية الكتاب الأول :
"نشأ خلاف بين الملك الذى لا يقهر ملك انجلترا الملك هنرى الثامن الذى يتميز بجميع صفات الملك المثالى " ص89
الثانى أعلن أنه لا يوافق على كل ما قاله هيثلوداى من كلام عن انتقاد النظام الملكى وعيوب النبلاء والنظام الموجود فى بلاد العالم القديمة فقال:
"وحتى ذلك الحين لا أستطيع الموافقة على كل ما قاله بالرغم من أنه فيما عدا ذلك رجل لا يشق له غبار فى علمه "ص231
ومما سبق نجد أن الرجل استعمل خياله فى انتقاد النظام الذى ينتمى له والانتقادات معظمها نابع من دراسة مور للعهدين القديم والجديد وبصفته كرئيس للوزراء وكبير للقضاة وغير ذلك كان ذو منصب فى الكنيسة يستطيع به أن يصلح النظام الكنسى المتبع وقت ذاك ومن ثم ليس من المستبعد أن يكون هذا الكتاب وغيره من كتاباته فى انتقاد النظام سببا فى اعدامه فيما بعد مع أنه خدم النظام
ومور الاشتراكى فى الكتاب هو كاثوليكى محافظ على كبار رجال الدين الذين فى رأى الكتاب لا يحاكمون كباقى الناس وهو عنصرى يؤيد بقاء العبيد والعبودية وهى أمور لا يمكن أن تجتمع معا فى نفس رجل يدعى الإنسانية والتى هى أساسا كلمة لا يفهم معناها من يقولها لأن الإنسانية تعنى خير وشر الإنسان معا وليس كما يتصور البعض خير الإنسان
الكتاب هو حكاية روفائيل هيثلوداى رحلاته ليوتوبيا لتوماس مور من خلال صديقهما المشترك بطرس جايلز الذى يعرفه على روفائيل فى مدينة انتويرب ويجلسون معا فى بيت مور فى تلك المدينة وهم يسمعون حكايات الرجل ويناقشونه فى بعض منها وروفائيل هيثلوداى شخصية خيالية تمثل مور نفسه فيما أراده من إصلاحات عجز أن يقولها علنا للملك والنبلاء والكنيسة وهيثلوداى فى أول الكتاب يقول أنه لم يعمل مستشارا للملوك أو الكبار لأنه فى حالة عمله سيكون خاسرا لو عمل معهم لأنه إما أن ينافقهم وإما أن ينصحهم وينتقدهم ولن يسمع أحد لكلامه فى أحسن الأحوال وفى أسوأ الأحوال سيحاكم ويعاقب ولذا فهو فر من ذلك العمل وهذا الرأى من مور يعلن فيه ندمه على عمله بالمناصب الحكومية لأنه لم يقدر على النصيحة والانتقاد ومن ثم لم يصلح شىء لأن كل الأمور تؤدى إلى سير دائرة الظلم كما هى عليه
الكتاب يناقش قضايا هامة فى النظام السياسى للدولة منها:
- عقوبة جريمة السرقة فى عهده فيقول أن عقوبة اعدام اللص عقوبة غير مناسبة لهذا الجرم فهى قاسية ومع هذا لم يمنع وجودها من وجود السرقة وأن الأولى هو توفير عمل للصوص أولا قبل عقابهم فلا يمكن أن نعاقب إنسان ليس لديه دخل يوفر له الضروريات وهو قوله على لسان هيث لوداى :
"فإن التى تفرض على اللصوص تتعدى حدود العدالة كما أنها ضارة بالصالح العام فهى عقوبة بالغة القسوة ومع ذلك فليست رادعا كافيا فالسرقة وحدها ليست جرما كبيرا يعاقب عليه بالموت كما انه ليست هناك عقوبة يمكن التفكير فيها كفيلة بأن تمنع من السرقة أولئك الذين يفتقرون إلى حرفة يكسبون منها عيشهم ...فى حين كان من الأفضل تدبير بعض الوسائل ليكسبوا بها عيشهم " ص101
ويبين أن ضياع جزء من مال الشخص لا يمكن أن يكون مقابله ضياع حياة آخذ المال فيقول :
"أنى لا أحسبه من العدل فى شىء ـن يفقد الإنسان حياته لأن شخصا منى بضياع بعض ماله فرأيى الشخصى هو ان جميع متاع الدنيا لا يمكن أن يساوى حياة إنسان "ص110
ويتناول أمورا قضائية أخرى منها وهى تشجيع الناس على الفضيلة بإقامة تماثيل للعظماء منهم وهو قوله:
"ولا يعمل اليوتوبيون على مقاومة الجريمة بالعقوبة فقط بل يحثون الناس على الفضيلة بأنواع من التكريم ومن هنا يكرمون فى السوق عظماء الرجال ممن قاموا بخدمات جليلة لبلادهم لتماثيل تظل شاهدة بأعمالهم النبيلة "ص196
ويستبعد المحامين من القضاء لأنه هذا يفضى للحقيقة بسرعة فيقول:
"ويرون من الخير أن يقوم الشخص بالدفاع عن قضيته ويقول للقاضى ما كان سيقوله للمحامى وهكذا يقل الغموض وتتكشف الحقيقة بسهولة أكثر "ص196
كما تبنى مبدأ عدم محاكمة الكهنة فقال :
"ولا تنال أية فئة اخرى فى يوتوبيا ما يناله الكهنة من تكريم ويبلغ ذلك درجة تجعلهم حتى إذا ارتكبوا جريمة لا يحاكمون أما محكمة بل يتركون لله وحده وأنفسهم "ص220
آخذا ذلك من قول كتاب تعاليم الرسل(الديسقولية) فقال :
" لا تدن الأسقف ولا صاحبك العلمانى إذا دنت أخاك فقد صيرت نفسك دينا ربا وما يصطفيك أحدا لهذا الفعل بل أنت وحدك الذى توجبه على نفسك لأن الكهنة وحدهم هم الذين أمروا أن يدينوا يقول الرب احكموا بالحق وكونوا محسنين فى الوساطة بعدل ص73
-ينعى الرجل على النبلاء تعطلهم عن العمل فهم لا يعملون ويعيشون عالة على غيرهم حلالا وحرما وينعى عليهم أن كل واحد منهم يعطل عشرات الرجال والنساء من خدمه عن العمل حيث لا يعملون عملا منتجا كالحرس واللبيس وفى هذا قال على لسان هيث :
"هناك أولا ذلك العدد الكبير من النبلاء الذين لا يكتفون بأن يعيشوا عاطلين مثل ذكور النحل على عمل الغير وكدهم وأقصد اولئك الذين يؤجرون أراضيهم والذين يسلبونهم كل صغيرة وكبيرة عن طريق رفع الإيجار علما بأن هذه هى الناحية الوحيدة التى يمارسون فيها التقشف أما فيما عدا هذا فهم مسرفون لدرجة أن اسرافهم المفرط يؤدى بهم إلى التسول هؤلاء النبلاء لا يكتفون بان يعيشوا هم انفسهم فقط فى تعطل ولكتهم يجرون وراءهم قطيعا ضخما من الخدم العاطلين ممن لم يتعلموا قط حرفة يكسبون منها عيشهم"ص102
ولعل هذا النقد مأخوذ من مثل العبد الحكيم والعبد الردى فى العهد الجديد وهو :
البقيةhttps://arab-rationalists.yoo7.com/t1009-topic#1209
 
المواضيع المتشابهة

walaa yo

كبار الشخصيات
طاقم الإدارة
موضوع جميل كالعاده كل الشكر
 

مواضيع مماثلة

أعلى